قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحببت فاطمة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث والعشرون

رواية أحببت فاطمة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث والعشرون

رواية أحببت فاطمة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث والعشرون

تجهمت ملامحها بشدة وقد ظهرت الصدمة جلية على قسماتها، ثم جلست بتهالك على أقرب مقعد وهي تعيد قراءة الرسالة مرة ثانية وثالثة!.
هي لم تشك في زوجها من قبل ولو للحظة واحدة، وحتي الآن لم تشعر بذرة شك واحدة تجاهه، ولكن من هذه التي بعثت الرسالة وماذا تريد؟!
وعقلها أخبرها على الفور أنها هي، هي مُني ومن غيرها سيفعل ذلك؟! هي هادمة اللذات دائمًا هي من تريد إفشال علاقتها بزوجها..

ضغطت إتصال فورًا على الرقم المرسل منه الرسالة ولكن هيهات لتجده مغلق، فزفرت بعنف ولمعت نظرة شرسة بعينيها الواسعتين وهي تتوعدها بغضب: والله لو أنتي اللي بتعملي كده ما هرحمك!

نهضت تستكمل طهي طعامها بشرود، من المستحيل أن يخونها زوجها فهي تثق به ثقة عمياء ولن تتزحزح هذه الثقة مهما حاول الآخرين..
مرت ساعة أخري حتى إنتهت من إعداد الطعام وآتي الصغار أيضًا من المدرسة، إنتظرت زوجها لكنه تأخر وليس من عادته التأخير..
إشتعلت نيران الغيرة بداخلها وبدأ عقلها يصور لها الأوهام ليأتيها رسالة أخري تزيدها غيظا وجنون عندما فتحتها وشاهدت محتوها بعيون متسعة...

إتأخر جوزك عليكِ؟ مش قولتلك مدتلوش الأمان!
صرت على أسنانها بشدة وهي تمسح على رأسها بغضب جلي، نظرت إلى الرقم لتجده رقم آخر غير الأول..!
أسرعت تتصل به لكنه مغلق أيضًا! من الذي يراوغها ياتري..
ألقت الهاتف بقوة على الأريكة لتحاول جاهدة ضبط أعصابها وقد مسحت بكفها على وجهها الذي إحتقن بالدماء وتعرق جبينها أثر إنفعالها..

لتتفاجئ بالباب يُفتح وهو يدلف إلى الداخل، فنظرت له بشرود وهي تتذكر محتوي الرسالتان المتتاليتان..
بينما قطب كريم ما بين حاجباها وهو يقترب منها بإستغراب: مالك؟
إبتلعت ريقها بتوتر وهي تحرك رأسها نافية: مافيش حاجة إنت إتأخرت ليه النهاردة كده؟
أجابها وهي ينظر لها بنظرات متفرسة وقد رفع يده يمسح حبات العرق عن جبينها:
كان عندي شغل زيادة، إنتي فيكي ايه؟ ومالك كده بتنهجي ووشك أصفر في حاجة مضيقاكي؟

أردفت بنفي: لا لا مافيش بس تعبت من شغل البيت وكده..
أومأ بإرتياح وقد إبتسم قائلًا:
طيب يا بطتي بلاش تجهدي نفسك كتير يا حبيبي وخلي بالك من صحتك تمام؟
أومأت بإيجاب وقالت: حاضر، أنا هحضر الغدا بقي، وإنت غير هدومك..
أنهت كلامها وإتجهت صوب المطبخ وهي تفرك كلتي يديها في بعضهما محاولة ضبط أعصابها، بينما ضيق كريم عينيه وقد رفع حاجب:
تؤ، مش طبيعية أكيد عاملة مصيبة..
إتجه خلفها هاتفا: بطتي تعالي هنا..

إلتفتت له بهدوء، فإقترب يردف بجدية: في إيه، إنتي مش طبيعية نهائي، عملتي مصيبة جديدة؟
ضحكت وردت عليه:
بطلت مصايب من ساعة العقاب القاسي بتاعك ده، انا مش حمل خصامك تاني..
تنهد وهو يرفع كفوفه ليحتضن وجهها بينهما قائلًا بنبرة هادئة:
طب مالك، مين زعلك؟ أنا؟!
حركت رأسها نافية وتابعت بإبتسامة: لا يا كيمو، أنا مش زعلانة صدقني أنا تعبانة بس من شغل البيت..
مط شفتيه بعدم إقتناع وتابع مازحا:.

هعمل نفسي مصدقك يا بطتي..
ضحكت بخفوت، فإبتسم وراح يقبل جبينها بشغف، وتركها ليتجه نحو الغرفه، فتابعته بعينيها وفي داخلها صوت يتردد أنه أبدًا لن يخونها، كيف يخون إنه كريم!

كانت تطعمه بيدها وهو يتناول منها بصمت وعينيه مصوبه نحوها بوجوم رغم أنه لا يراها، وكأنه ينظر إليها بقلبه..
كانت تطالعه بحزن وهي تري عينيه الحزينتين تتطلعان إليها بنظرة إمتنان لإهتمامها به إلى هذا الحد..
كان يتنهد بثقل وعلامات الضيق تظهر على وجهه بين الحين والآخر، وهي تعلم ما يشعر به ولكنها ستحاول جاهدة مساعدته ومنحه القوة ليعبرا معا هذه المحنة..

توقف عن الطعام وأرجع ظهره للخلف، فأسرعت جميلة تقول:
إيه يا إسلام إنت مأكلتش كويس يا حبيبي.
أجابها بنبرة هادئة تحمل الحزن إلى حد ما:
شبعت يا جميلة، الحمدلله..
وضعت يدها على كف يده وقد ضغطت عليها برفق لتخبره بنبرة حانية:
إسلام دي أزمة وهتعدي ولازم ترجع لحياتك الطبيعية عادي جدا، لازم تبقي قوي وقد المحنة دي..
هز رأسه موافقًا: هحاول..
تابعت جميلة:
أنا خلاص مش هروح الشركة تاني وهبقي معاك على طول آآ...

قاطعها بنبرة حازمة:
لا، هتروحي شغلك زي ما إنتي، أنا مش عاوز أحس إني بقيت عاجز وعبئ عليكي.
حاولت معارضته فأسكتها صارما:
جميلة كلامي يتسمع..!
تنهدت بصوت مسموع وتابعت مُلحة:
شغلي هو إنت، إهتمامي ليك إنت، مش هبعد عنك بعد النهاردة براضك أو لا يا إسلام..!
عاد يصوب عينيه نحوها وقد إرتسمت على ثغره إبتسامة هادئة فشل في إختبائها، ضغط على يدها بقوة وهمس مازحا: يعني كلامي مش هيتسمع؟
ضحكت بخفوت وأخبرته بثبات:.

أنا جنبك وفي ضهرك بس ومش هعمل غير الصالح ليك حتى ولو ده ضد رغبتك سامحني بقي.
رفع كف يدها إلى فمه يطبع عليه قبلة هادئة، أودعها شكره فيها، ثم تكلم بإمتنان: ربنا يباركلي فيكِ يا جميلتي.

- كلامه في الأول كان زي السكينة اللي بتطعن قلبي، وشوية شوية بقي زي المسكن اللي بيخفف من الم قلبي..
أردفت فجر بتلك الكلمات في حين ردت نور بعدم فهم:
وده اسمه ايه؟ يعني اقتنعتي بكلامه وهتطلعيه اخيرا من دماغك؟!
تنهدت طويلا بعمقٍ قبل أن تردف بهدوء:.

أكيد إقتنعت لانه حطلي النقط على الحروف ووضحلي اللي مكنتش شيفاه، أنا ازاي كنت متعشمة انه هيحبني في يوم من الأيام وهو اصلا متزوج وبيحب مراته جدا، أنا غلطانة هو صحيح كلامه وجعني أوي لكن فوقني جدا والحمدلله اني فوقت في الوقت المناسب.
تمعنتها نور بنظرات إعجاب واضحة:.

براڤو يا فجر، انتي كده بتفكري صح، وبصراحة حسام طلع راجل بجد لانه كان ممكن يستغلك ويخون مراته معاكي بصراحة متوقعتش رد فعله انا قولت ما هيصدق وكده بس هو خيب ظنوني..
فجر بنبرة جادة:
انا هجتهد وهركز في دراستي يا نور ومش هفكر في المواضيع دي تاني لحد ما ربنا يرزقني بالزوج الصالح اللي اكون الأولي والأخيرة في حياته زي ما فهمني حسام..

إستغلت فاطمة إنشغال زوجها على الحاسوب الخاص به، وراحت تهاتف صديقتها نوارة حيث دلفت إلى الشرفة بحذر وهي تضع الهاتف على اذنها..
ليأتيها بعد قليل صوت نوارة وهي تقول: ازيك يا فطوم؟
ردت عليها سريعا ؛:
الحمدلله يا نوارة كنت عاوزة أحكيلك على حاجة عشان مش عارفه أعمل إيه!
نوارة بإهتمام: قولي يا فاطمة خير،؟

قصت عليها فاطمة بإيجاز ما حدث، ومحتوي الرسالتين بحكم أنها صديقتها المقربة والتي تبوح لها بكل شئ يؤلمها أو حتى يُسعدها..
وتلك الأخيرة تساندها بالكلام وتفكر معها بإيجاد حل كما تعتقد فاطمة..
قالت نوارة بجدية: طب وانتي ناوية تقولي لجوزك على الرسايل دي؟
فاطمة بتردد: مش عارفه يا نوارة خايفة أقوله وأنكد عليه وفي نفس الوقت مش عاوزة أخبي عليه حاجة..
نوارة بتفهم:.

فهماكي، طيب انتي واثقة فيه يعني عارفة انه فعلا مش بيخونك..
فاطمة وقد عقدت ما بين حاجباها وتابعت بحزم:
طبعا واثقة فيه انتي بتتكلمي في ايه، أنا متأكدة إن مني هي صاحبة الرسايل ومش هديها فرصة توقع بينا..
تابعت نوارة: وممكن أوي متكنش هي يا فاطمة بلاش تظلميها، بصي انتي متقوليش لجوزك وكبري دماغك ولو عرفتي ان مني فعلا هي اللي بتعمل كده ابقي كلميها وحذريها وشهدي أهلها عليها بس لازم تتأكدي انها هي..

فاطمة متنهدة: ماشي يا نوارة، آسفة اني كلمتك وأزعجتك بس أنا بثق فيكي أوي وفي رأيك..
أردف نوارة ضاحكة: حبيبتي انتي تتصلي في أي وقت..
أنهت فاطمة المكالمة بعد أن شكرتها بود، وإلتفتت حتى تخرج فإصطدمت بجسده وهو يسد عليها الطريق فتراجعت للخلف وقد شحب وجهها خوفا من أن يكون إستمع إلى حديثها..
أردف بصوت جهوري:
بتعملي ايه وبتكلمي مين ومااالك مش على بعضك ليه؟
أجابته متلعثمة: م مافيش حاجة، كنت بكلم نوارة..

بتكلميها ليه؟
سألها وهو يقترب منها، فأجابته بتوتر: عادي صاحبتي وبكلمها!
رفع أحد حاجباه متابعا بجدية:
فاطمة أنتي مخبية عليا ايه، انتي عاملة مصيبة لو عاملة مصيبة قوليلي متخافيش مش هعملك حاجة بس نحلها مع بعض!
حركت رأسها نافية وأجابته:
لا والله مش عاملة مصيبة خالص..
أردف متنهدا:
ماشي، طالما مش عاوزة تقوليلي براحتك يا بطتي، بس يارب تكوني انتي مرتاحة وبخير..
إبتسمت له بإتساع وراحت تعانقه بحنان وأخبرته هامسة:.

أنا مرتاحة طول ما إنت جنبي ومعايا يا كيمو، ربنا يخليك ليا..
قال مشاكسا: لا وكمان رومانسية، أنتي سخنة وريني كده
وضع يده على جبهتها فضحكت بشدة قائلة من بين ضحكاتها ؛: والله انا كويسة...
شاركها الضحكات، وأغرقها بكلماته العاشقة ليجعلها تتيقن أن ظنونها في محلها وتلك الرسائل ما هي إلا خرافات من حاقدين يستفزونها لتهدم حياتها بنفسها..

بعد مرور إسبوع كامل، وبعد إقناع وإلحاح من جميلة عاد إسلام إلى عمله مجددًا بصحبتها وقد تركت عملها من أجل مساعدته..
كان يزداد إحتراما لها يوما بعد آخر فقد كان مدرك أن حياته إنتهت ولكنه على قيد الحياة فحياته لم تنتهي بعد، لابد أن يعمل ويجتهد ويواصل حياته من جديد..
بعد أن بحثت جميلة عن كيفية العمل للمكفوفين قامت بتحميل تطبيق إبصار حيث أنه قارئ آلي للمستندات الإلكترونية والملفات وهذا لفاقدي البصر..

شعر إسلام بالهدوء النفسي من جديد وهو يجلس على كرسيه في شركة أبيه ويواصل عمله من جديد، لا يوجد مستحيل، لا يوجد يأس، أنت تتنفس فيجب عليك أن تعيش، أن تعمل وتجتهد وتكافح، وذاك الاستسلام هو تدمير وتحطيم، حارب، إنهض، لا تستسلم..
كانت تجلس إلى جواره تتابعه بإعجاب ولسانها يتردد بالحمد فلقد إستطاعت في وقت قصير جدا إسترداد ثقته بنفسه وسلامه الداخلي..

كان يعطيها الملفات وكانت هي تقوم بترتيبهم والتوقيع عليهم بدلا منه وكل ما لا يستطيع فعله كانت تقوم هي بفعله بدلا منه..
وتلك هي الزوجة التي إذا مال ظهر زوجها جاهدت في إستقامته من جديد..

قد إصطحبت جميلة أمها وتركتها في شقتها حتى تطمئن على إبنتٙها وهي معها نظرا لساعات العمل الجديدة التي تقضيها مع زوجها وأيضا حتى تكون بجانب شقيقاتها ربما تتصل القلوب مرة أخري ويغفرا لها كما غفرت هي..
كانت أنهار سعيدة بذلك وفخورة بإبنتها جميلة فأفعالها كانت ترضيها وبشدة..
كانت ترعي إبنتها حتى إن الصغيرة تعلقت بها وأصبحت تناديها ب تيته..

وبعد أن أحضرت لها وجبة الغداء شعرت بدوار خفيف فجلست بإنهاك على الأريكة تحاول ضبط توازنها، فأسرعت سارة الصغيرة تسألها بهلع: تيته مالك في ايه؟
أجابتها أنهار بأنفاس غير منتظمة: مش عارفه حاسه إني تعبانه أوي يا سارة..
في ثوانِ تذكرت الصغيرة جملة والدتها حين قالت لو تيته تعبت إطلعي بسرعة إندهي لخالتو سارة..

ركضت الصغيرة خارج الشقة وصعدت السلالم بسرعة شديدة حتى وصلت إلى شقة خالتها وتركت الباب، ففتحت سارة وقد إنتابها القلق وهي تنحني لمستواها:
سارة حبيبتي مالك في إيه؟
أجابتها وهي تلتقط أنفاسها: خالتو تيته تعبانة أوي ممكن تيجي تشوفيها مالها..
سارة وقد خفق قلبها: تعبانة ازاي؟
سارة بإيجاز: مش عارفه تعالي شوفيها..
أومأت سارة وخرجت معها بتردد، فمهما كان هي إنسانه لديها قلب يشعر بمن حولها حتى وإن كانت والدتها..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة