قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحببت فاطمة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث والثلاثون

رواية أحببت فاطمة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث والثلاثون

رواية أحببت فاطمة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث والثلاثون

مر يومان وهم جميعا بجانب سارة، يومان وهم لا يتركونها، بينما حسام ظل ملازمها ليلا ونهارا، يُحاكيها كأنها تسمعه، يُذكرها بأيامٍ كانت سعيدة بينهما علها تستجيب وتعود إليه من جديد..
قال إبراهيم موجها حديثه لكلا من فاطمة وجميلة:.

لازم ترحوا ترتاحوا يا بنات مش معقول هتفضلوا هنا على طول، حتى وجودكم مالوش لازمة هو حسام بس اللي هيفضل جنبها وإنتوا إبقوا تعالوا زروها كل يوم، لكن مينفعش تباتوا هنا وتسيبوا اولادكم كده..
بينما قالت العمة رجاء بتأكيد:
صح يا بنات عمكم معاه حق، إحنا نبقي نيجي كل يوم بإذن الله..
ردت جميلة بتردد:
بس أنا خايفة عليها أوي يا عمي، مش هبقي مطمنة لو سبتها ومشيت..
إبراهيم بجدية:.

طب وأنتي دلوقتي عاملة ليها إيه..؟ وكمان جوزك المسكين لوحده في البيت وإنتي عارفه هو محتاجلك قد إيه!
أغلقت عينيها بحزن، وقد تذكرت زوجها الوحيد بدونها، حسمت أمرها ووافقت، في حين ربتت فاطمة على كتفها قائلة بهدوء: روحي إنتي لجوزك يا جميلة، وأنا هفضل هنا وهبقي أطمنك..
أردف إبراهيم بنفاذ صبر:.

بس يا فاطمة، إنتي كمان هتروحي مع جوزك، وأنا كمان وكلنا، مسمعتيش الدكتور وهو بيقول انها مش عاوزة غير جوزها بس..؟ يبقي وجودنا ممنوش فايدة، يلا قومي عشان عيالك اللي قاعدين من غيرك دول..
نهضت موافقة على كلامه، ثم تحركوا جميعا عازمين على الخروج من المستشفى بعد إن ودعوا حسام، وتركوه بجوار زوجته، في حين إقترب إبراهيم من ولده وهمس له بحزم هادئ:.

إنتوا هتيجوا معانا يا كريم، ماينفعش في الظروف دي فاطمة تبعد عن أختها، هما محتاجين بعض دلوقتي..
إعترض كريم بجدية:
أنا مش عاوز أروح هناك لاني لو شوفت مني ممكن أرتكب جريمة وكمان مش عاوزها تتواجه بفاطمة..
إبراهيم بإستفسار:
ليه، هو في حاجة حصلت؟
أجابه كريم بوضوح:
شوفت البنت اللي قالت ان ريهام هي اللي قالتلها تبعت الرسايل وتحط المنديل؟
أومأ إبراهيم قائلا:
أيوة..
تابع كريم بغضب:.

أهي الست مني هانم هي اللي عملت كده ودورت على ريهام ودفعتلها فلوس عشان تعمل كده!
صُدم إبراهيم بل صُعق من وقاحة إبنة شقيقته، ألهذا الحد وصل بها الشر، وصل للخراب وهدم البيوت والتطفل على الآخرين وإفساد حياتهم بتلك الطريقة المُنحطة!.
صمت إبراهيم طويلا في محاولة منه لإستيعاب ما قاله ولده، إلى أن قال بحزم:.

وليه مش عاوز تشوفها، اللي عملته لازم أمها وأخوها يعرفوه، لازم بجد تتربي البنت دي وأنا ليا معاها تصرف تاني خالص..
إستقل كريم سيارته بصحبة زوجته ووالده وجميلة أيضًا، بينما إستقلت هالة في سيارة زوجها بصحبته هو وعمتها وأنهار..
وصلوا بعد مرور نصف ساعة إلى البيت، ترجلوا من السيارتان، وتوجهوا إلى الأعلي، حيث الأطفال كانوا يجلسون مع إسلام..
أسرعت جميلة إلى زوجها تحضتنه بإشتياق:.

إسلام حبيبي، سامحني إني سبتك كده، غصب عني والله..
بادلها إسلام العناق وهو يشتدد عليها:
أنا كويس وبخير، متقلقيش عليا، المهم تكون سارة بخير...!
تنهدت قبل أن تقول بخفوت:
الحمدلله..
أخبرهم إبراهيم بحزم أنه يريدهم جميعا في شقته بالأعلي، صعدوا معه، حتى مُني التي لم تتوقع على الإطلاق ما سيقوله، بل كانت تنظر إلى فاطمة بنظراتها الساخرة كعادتها غير مبالية بأي شيء يحدث حولها..
سألته رجاء في قلق:.

خير يا إبراهيم في إيه..؟
نظر إبراهيم إلى مُني بغضب، وقال بصرامة:
يا رجاء، بنتك عيارها فلت خلاص، قولته فاطمة بتستفزها اهي فاطمة مشيت هي وجوزها وبعدت عنها نهائي، وانا كنت فاكر ان بنتك طايشة ولسه مش راكزة وهيجي يوم وتعقل، بس طلعت خرابة بيوت يا رجاء ولازم ليها واقفة بجد يا إما هتضيع منك في يوم من الأيام..

شعرت مني بالقلق من نظرات خالها الغير مريحة الحادة، فيما نظر أحمد إلى شقيقته وهو يصر على أسنانه بشدة وقد علم أنها فعلت مصيبة، ليقول بنبرة حازمة:
هي عملت إيه..
قص إبراهيم عليهم ما حدث بالتفصيل وبدون تردد، مما جعل مني تتصبب عرقا وأطرقت برأسها للأسفل حرجا منهم جميعا..

وإشتعلت نيران الغضب بداخل فاطمة التي توسعت عينيها بوميض غاضب مقتربة منها فأسرع كريم يمسكها قبل أن تنقض عليها، فنزعت يدها منه وهي تقول بشراسة: من فضلك يا كريم، استني أنا هكلمها بس!.
تركته وإتجهت إليها مرة أخرى وكأنها تحولت إلى نمرة شرسة وهي تسألها:
إنتي بتعملي فيا كده ليه؟ عاوزة تخربي بيتي؟ عاوزاني أطلق، عاوزة تفسدي حياتي؟ طب أنا أذيتك في إيه؟ بتكرهيني كده ليه..؟

رمقتها الأخيرة بنظرات حادة ظهر الكُره فيها بوضوح، لتتابع بثبات رغم الخوف البادي على وجهها:
ومين قالك إني عملت كل ده، ده أكيد جوزك بيتبلي عليا كالعادة يعني، أنتي أساسا متهمنيش في حاجة، إنتي حشرة بالنسبة لي..!

ولم تتلقي منها كلمات، بل تلقت صفعة مدوية منها تليها أخري لتجذبها من شعرها بعنف، أسرعوا يخلصوها من بين أيديها ولكنها أبدًا لم تتركها، كانت مني تصرخ بإستغاثة والأخيرة لم تكف عن ضربها وإحكام يدها الأخري على شعرها..
وبالكاد أبعدها كريم بقوة، فتراجعت وهي تلهث بشدة، كاد أن ينفعل عليها كعادته ولكنها لم تعطيه الفرصة حيث صاحت بحرقة:.

هي، زعقلها هي، هي عاوزة تاخدك مني ليه، وكلهم عاوزين ياخدوك مني، ليه مستكترينك عليا، ليه انت بالذات، ليه عاوزينك، ليه بيكرهوني عشان انت بتحبني ليه ليه
سعلت بشدة من فرط إنفعالها، حتى إن وجهها إحمر بشدة وبرزت عروقها بشكل ملحوظ..
خاف عليها كريم فجذبها نحوه محاولا تهدئتها، إلا إنها كانت في حالة إنهيار تام، فأخذت تبكي بصوت عالِ، لتقول من بين شهقاتها: أنت ليا أنا بس، فاهم ليا وبس مش لحد تاني..

هز رأسه موافقها وهو يقول محاولا تخفيف نوبة البكاء الهستيرية تلك:
ليكي وبس، والله ليكي إنتي وبس، إهدي..
هدأت بين ذراعيه قليلًا ومازال بكاؤها متواصل، فقال إبراهيم بصوت جادي:
إنزل إنت شقتك يا كريم وخليها ترتاح وسبلي العيال..
إصطحبها كريم معه بالفعل مبتعدا عن الصراع والصراخ وتلك الأجواء التي أصبحت فوق طاقته وطاقة زوجته..

لم تكف مني عن سبها ولا عن الصراخ المتتالي، ليسكتها أحمد بصفعة قوية ويجذبها من يدها دافعا إياها داخل غرفتها وهو يقول في وعيد:
أقسم بالله لتتربي، إصبري عليا..
هدئه إبراهيم وجلس معه بصحبة أمها بعد إن أصرف الجميع وتوجهوا كلا منهم إلى شقته في حالة من التوتر والضيق..
ألقي إبراهيم جملته فجأة بدون مقدمات:
البنت دي مش هينفع معاها حل غير الجواز يا أحمد صدقني مش هتتعدل غير كده! وأنا بقي عندي العريس..

مازالت تبكي بألم بين ذراعيه، حاول بكل الطرق تهدئتها إلا إنها ترفض ولم تستجيب، فصرخ بها بغضب ونفاذ صبر:
بااااس، بس يا فاطمة كفاااااية كفاية حرام عليكي أنا أعصابي باظت!
وضعت كف يدها على فمها لتكتم شهقاتها رغمًا عنها لتتحول إلى شهقات مكتومة..
زفر كريم أنفاسه بقوة، وعاد ينظر إليها ومسح عبراتها قائلًا بهمس هادئ:
ششش كفاية، كفاية عشان خاطري..
أبعدت يده عنها، ثم قالت من بين دموعها ببرائتها المعهودة:.

بطل تزعقلي بقي، عاوزني أرقص وأضحك لما أعرف إنها بتسعي لخراب بيتي..؟!
حرك رأسه نفيا وأجابها:
لا مش كده، بس متبكيش خلاص العياط مش هيعمل حاجة دلوقتي، وبعدين أخدتي حقك منها وخلصنا..
-ده أنا عاوزة أكلها بسناني، لسه مأخدتش حقي منها الحيوانة البجحة..
- طب معلش إستهدي بالله، وكفاية بقي إنتي تعبانة وحامل..
مسحت دموعها بظهر يدها وهي ترمقه بعتاب ثم تراجعت للخلف، فإقترب منها مبتسما: وليه النظرة دي؟ عملت ايه أنا؟

إنفجرت باكية مرة أخرى:
عشان إنت ليا أنا وبس مش لحد تاني..
قهقه ضاحكا بشدة وهو يحاوطها بذراعيه ضاما إياها إليه هامسًا بمرح:
ما قولنا ليكي لوحدك هي شغلانه يا بطتي..
وكزته في صدره بغيظ، ثم هتفت بنبرة متحشرجة:
إنت، على طول كنت بتغلطتني وعلي طول بتزعقلي، شوفت إن كان معايا حق أغير عليك؟، أخفضت صوتها وتابعت: وكمان حبيبتك القديمة رجعت! إوعي تكون حنتلها تاني!؟

تحولت قسماته للقتامة والغضب وقد لمعت عينيه بوحشية، ليهتف محذرًا:
مش عاوز أسمع التخاريف دي عشان أيامك تعدي معايا على خير! سمعاني ولا أسبيلك البيت وأمشي؟
رفعت حاجباها بدهشة وتابعت:
أنا بهزر على فكرة، مالك بتقفش كده بسرعة ليه، إنت ما بتصدق!
تأفف ونهض متجها إلى الشرفة آخذا أكبر قدر من الهواء ثم زفره دفعه واحدة، وقفت هي جواره وسألته بقلق:
مالك طيب، خلاص يا كريم ماتبقاش حمقي كده بقي!
كريم بجدية:.

إنتي مش متخيلة لما سمعت صوتها إيه اللي حصلي، حسيت إني بنهار، بكرهها وبكرهم كلهم، بكره الستات مابطقش اتعامل مع واحدة ست بحس إني بتخنق..
إقتربت منه هامسة بدلال ؛: حتى أنا..؟
نظر لها بطرف عينه وهو يخبرها بصدق ؛:
إنتي حاجة والباقي حاجة تانية، إنتي حبيبتي يا بطتي..
إبتسمت بعفوية، لكنها قالت بعتاب: بس يا كريم في ستات كويسة كتير إنت غلطان في دي مش كل الستات زي البلاوي دي..!

أومأ برأسه قائلًا بإيجاز: عارف بس الاغلب مش كويسين وبعدين حتى لو كويسين، يبقي بعيد عني كويسين لنفسهم، أنا مش بحبهم!
أومأت موافقة بمشاكسه: أحسن أحسن، براڤو عليك يا كيمو، بس أنا زعلانة منك جدا عشان خلتني أشك في نوارة، عرفت بقي إنها بريئة..؟
تنحنح كريم بحرج:.

إحم إحم، خلاص بقي يا بطتي إستري عليا، وبعدين تعاليلي هنا ده أنا اللي زعلان منك، إنتي إزاي يا هانم تشكي فيا وتقوليلي كل شئ جايز وتتهميني بالخيانة كده عيني عينك؟!
أغلقت عينيها بحركة عفوية وأجابته ببساطة: زلة لسان يا حبيبي سامحني وقدر موقفي ما أنا كنت هموت من الغيرة!
قرص وجنتها بخفة وقال مشاكسا:
بعد الشر عليكي يا تاعبة قلبي..

تساءل أحمد بإندهاش:
تتجوز؟ وكمان عندك العريس؟ مين ده يا خال؟
أجابه إبراهيم بهدوء:
مراتي الله يرحمها ليها قرايب من بعيد في البلد، وكانوا بيزرونا ديما ولحد الان بيتواصلوا معايا، ومنهم شاب جدع وراجل كان سألني على عروسه في مرة، وأنا قولتله لو لقيت حد مناسب هعرفك، ودلوقتي معتقدتش في أنسب من مني، منها تشيل مسؤلية شوية ومنها تنشغل بحياتها وتسيب الناس في حالها.
رجاء بضيق:.

بس ميكنش وحش يا إبراهيم، دي برضو بنتي يا أخويا..
تابع إبراهيم بصرامة: متخافيش يا رجاء، ما أنا عارف إنها بنتك وأنا مش هرميها يعني، بس ده الحل الوحيد ليها وبعدين بنتك عمالة ترفض ف العرسان لحد ما سنها كبر وكده ماينفعش..
تنهد أحمد وسأله مجددًا:
طيب وهو بيشتغل إيه وعنده كام سنة؟
رد هادئا:
بيشتغل مع أبوه في مصنعهم، هو صحيح مش متعلم بس جدع وراجل وماتقلقش على ضمانتي، قولي موافق وأنا أكلمهم يجوا من بكرة..

لم يجد أحمد حل أنسب من هذا الحل، لذا وافق بدون تردد:
انا موافق جداااا..
فيما قال إبراهيم: وإنتي يا رجاء؟
رجاء بتردد: اللي تشوفه يا إبراهيم..
إبتسم إبراهيم وقال: على بركة الله..

تمدد حسام إلى جوارها وضمها إليه، ثم إستنشق عبير شعرها ومسح عليه برفق، محاولا بث الأمان داخلها، يريد أن تشعر به، يريد أن تعود إليه..
لم يجد إستجابة ولكنه لم ييأس، فبداخله الأمل إنها ستنهض عن قريب وسيبدأ معها صفحة أخري بيضاء..
تنهد بعمقٍ وهمس لها بنبرة دافئة:
يلا بقي يا سارة، فوقي يا حبيبتي، فوقي وتعالي نبدأ من جديد..
صمت ليستكمل:.

تعرفي لما بعتيلي الرسالة سبت كل اللي في إيدي وجريت، خوفت وأول مرة أخاف، مش باقيلي غيرك في الدنيا ومش عاوز أفقدك، أنا عاوزك يا سارة إرجعي بقي...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة