قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحببت فاطمة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل التاسع والثلاثون

رواية أحببت فاطمة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل التاسع والثلاثون

رواية أحببت فاطمة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل التاسع والثلاثون

- فاطمة إزيك، إيه الصدفة الجميلة دي..؟
قالها ذلك الشخص الذي دخل عليهم فجأة دون مقدمات، ليقترب كريم منه وهو يبعده عنها للخلف ويقف حاجز بينهما قائلا بصوت جهوري:
- إنت مين إنت وعاوز إيه..؟
إستغرب قليلًا من إسلوبه العنيف نوعا ما، ثم قال بجدية:
أنا باهر، زميلها بالمدرسة!
فاطمة وقد إبتسمت بإحراج:
آآ أهلا وسهلا بيك يا أستاذ باهر إزي الصحة..؟

إلتفت إليها كريم وحدجها بنظرات نارية متوعدة، ثم عاد ينظر إلى باهر قائلا بصوت أجش صارم:
ويا أستاذ باهر يا اللي بتعلم أجيال، هل ينفع تنده على واحدة ست كده في الشارع بصوت عالي وكمان عاوز تسلم عليها..؟ إيه ماتعرفش الأصول؟
تنحنح باهر بإحراج وأجاب بصوت خافت:
أنا آسف بس أنا إتفاجئت بيها لأنها إنقطعت عن الشغل بدون أسباب فكنت عاوز أسألها مابتجيش ليه بس، على العموم آسف للأزعاج، عن إذنكم..

أنهي كلامه وسار مبتعدا عنهم، في حين زمجرت فاطمة بضيق:
إنت إيه اللي عملته ده..؟
برقت عينيه بوميض غاضب وهو يضغط على ذراعها بقوة هادرا:
نعم؟ أنا اللي بعمل..؟ ده إنتي نهارك مش فايت معايا النهاردة، إزاي أصلا ينادي عليكي كده وإزاي تسمحي لنفسك تتكلمي معاه وأنا واقف!
تدخل والده يبعده عن زوجته التي إنفجرت باكية، ثم عنفه قائلا بصرامة:.

جري إيه يا كريم إحنا في الشارع، هي عملت إيه لكل ده؟ الراجل هو اللي نده عليها هي مالها بقي!
كريم بحدة:
دي بتقوله إزي الصحة! مالها هي بصحته بتتكلم ليه معاه أصلا..!
إبراهيم بهدوء:
يابني ما إنت أحرجت الراجل وهي حبت تلطف الجو عديها طيب عشان خاطري إهدي..
تمتمت فاطمة من بين بكاؤها بتذمر طفولي:
ما هو على طول عايشلي دور سي السيد كده، حاحة تخنق!
إقترب منها مجددًا وقد كز على أسنانه محذرا:.

ماتبرطميش وعدي ليلتك معايا، مش عاوز أتغابي عليكي فاهمة؟
نظرت إلى والده وهي تمسح دموعها بظهر يدها قائلة:
شايف إبنك يا عمي كمان عاوز يتغابي.
إنفجرت هالة ضاحكة ليضحك والده هو الاخر قائلا من بين ضحكاته:
طيب معلش وبطلي عياط وبعدين ده كريم حبيبك شوية كده وهيصالحك..
ثم جذب إبنته هالة وهو يقول بمرح: تعالي يا لولو نمشي ونسيبهم عشان السكر عِلي عليا بسببهم..

بالفعل توجهت هالة مع أبيها وهما يضحكان بمرح، في حين كتفت فاطمة ذراعيها أمام صدرها وهي ترمقه بنظرات مغتاظة، ليقول هو بخشونة:
يلا إمشي قدامي..
حركت رأسها نافية، ثم قالت بعناد:
مش همشي معاك!
تجمدت ملامحه بغضب، لتقول بخوف:
غير لما تجبلي شوكولاته، الحجم الكبير..
رفع حاجبيه بإندهاش من تصرفاتها العفوية، أيضحك أم يواصل تعنيفها لها، أم يعانقها بمحبة لطفولتها تلك!؟.

وما كان منه إلا أن جذبها من ذراعها وهو يدفعها أمامه بغيظ قائلا:
طب إمشي قبل ما أتغابي بجد!
سارت معه وهي تتمتم بضيق، وتجولا بصحبة هالة ووالده إلى أن إنتقت فستانها أخيرا ونال إعجابه أيضا بعد مُعاناة، ولكن...
قال بنبرة جادة لا تحمل من اللين أو الرفق:
بس ده لونه موف، مش هينفع خالص!
نظرت له بتعجب وأردفت بضيق:
طب ما إنت بتحب الموف في إيييه..؟
رد وقد رفع أحد حاجبيه:.

ماحدش يشوف اللون ده عليكي غيري، يعني قدام الناس ماينفعش فهمتي؟
تأففت وهي تضرب الأرض بقدمها بغيظ شديد، ثم قالت بعصبية:
بس ده ظلم..
-نقي أي لون تاني غير الموف والاحمر والروز، واي لون ملفت بلاش..
- أجيبه إسود عشان ترتاح؟
- بطتي يلا نروح أحسن...
كادت تبكي مرة ثانية وهي تنظر له بتوسل وإستعطاف، تعلم أن تلك النظرات لها تأثير قوي عليه..
بالفعل تنهد بنفاذ صبر وقال متذمرا:
طيب خلاص هاتيه وأمري لله!

بعد مرور إسبوع..
في شقة العمة رجاء
جلست رجاء بصحبة إبنتها في غرفتها لتقص عليها بعد النصائح للحياة الزوجية المُقبلة عليها..
أنصتت مني إليها، حيث قالت رجاء بجدية:
دلوقتي يا بنتي إنتي داخلة على حياة تانية خالص، مشوار طويل، ومعاكي رسالة لازم تقضيها، كل اللي فات ده كوم واللي جاي كوم تاني وقبل ما أتكلم معاكي لازم أعرفك ان الجواز يا إما بيفشل فشل تام. يا إما بينجح نجاح باهر، مافيش وسط ولا نص ونص..

هيبقي عندك بيت وزوج وأولاد كل ده في مسؤليتك، إسمعي كلام جوزك ديما طول ما هو بيقولك على الصح بلاش تمرد وخلاص، اما لو بيقول غلط ده كلام تاني وبرضو هتناقشيه بكل إحترام، أهله تحسني معاملتهم هيشيلك في عنيه وإعرفي إنك عمرك ما هتبقي عنده أحسن من أمه فإوعي في مرة تيجي تقارني نفسك بيها، إحترميها هتلاقي معزتك عنده بتزيد، هيحبك أكتر كل لما يلاقي علاقتك بيها كويسة، خليكي صريحة وواضحة معاه إن غلطتي إعتذري مش عيب الإعتذار ده إحترام وأخلاق، تمام يا بنتي؟

هزت مني رأسها بالموافقة، لتستكمل رجاء بهدوء:.

كل الدلع اللي كنتي فيه ده تحطيه على جنب شوية، وخليكي راسية وعاقلة عشان ماحدش يعدل عليكي ولا تدي فرصة لحد يقلل منك، الكلمة الطيبة وإحترامك لنفسك قبل إحترامك للناس مش هيكلفك حاجة بالعكس هيفيدك جدا وهتلاقي الكل بيحبك وبيحترمك، دلوقتي إنتي هتسافري وهتتنقلي مع ناس تانية خالص لازم تحببيهم فيكي وتعيش بما يرضي الله لان انا يا بنتي مش عيشالك الموت علينا حق وحكما هموت وهسيبك ويعز عليا يكون الكل مضايق منك نفسي اشوف الناس كلها بتحبك وانتي كمان كده، فهمتي يا بنتي؟

أومأت مني برأسها، ثم قالت بعينين دامعتين:
ربنا يخليكي ليا يا ماما ويطول في عمرك...
ربتت رجاء على كتفها وتابعت مبتسمة:
أهم حاجة تنفذي اللي أنا قولته وكمان توعديني تتغيري للأحسن، ماشي؟
مني بإيجاب ؛ إن شاء الله..
رجاء بتساؤل: إنتي مرتاحة لعواد؟ حاسة إنك هتقدري تعيشي معاه؟
أومأت مني مجددًا وقد تورد وجهها خجلا، في حين قالت رجاء بجدية:
بس إنتي ماكنتيش موافقة عليه وكان مش عاجبك إيه اللي حصل...؟

أجابتها مني بصوت خافت:
هو غيرني كتير في الفترة القصيرة دي خلاني أبص للدنيا بمنظور تاني، إنتقاده ليا وتوجيه ليا للصح كبره أوي في عنيا، لدرجة إني بحس ساعات إنه يستاهل واحدة أحسن مني بكتير..
تنهدت رجاء بإرتياح وراحت تعانقها بحنان بالغ وهي تمسح على ظهرها برفق:
ربنا يتتم ليكي على خير يا بنتي ويسعد قلبك..
ثم أبعدتها عنها لتقول بهدوء: بس أنا ليا عندك طلب يا مني..
مني بإهتمام:
خير يا ماما..
قالت رجاء بجدية:.

خلينا نتكلم بصراحة كده وأقولك إنك غلطتي في حق فاطمة بنت خالك كتير أوي وأخر حاجة كنتي هتخربي بيتها، مش عارفة إنتي ليه بتعملي كده يا مني معاها واخر مرة أحرجتيها خالص كمان، عاوزاكي تتصافي معاها وتبقوا اخوات كده وتحبوا بعض.
صمتت قليلًا، ثم تنهدت بعمق وقالت:
أنا كنت هعمل كده فعلا..
ذهلت رجاء قبل إن تردف:
لوحدك كده..؟
مني بنفي: لا مش لوحدي، بصراحة عواد هو اللي قالي..
رجاء بإستفسار:.

وعواد يعرف منين إن علاقتك بيها كده..؟
أجابتها مني:
أنا حكيتله مرة عنها وأنا بكلمه في الموبايل وعاتبني وقالي أصالحها..
رجاء بإنبهار:
إبن حلال يا عواد والله، ربنا يباركله..

في المستشفي التخصصي لعلاج العُقم بدولة سويسرا
تمت عملية سارة بنجاح منذ يومان مرا، وقد تحسنت قليلًا ولكنها لم تسترد كامل عافيتها بعد...
كان حسام يجلس إلى جوارها يمسح حبات العرق النابعة فوق جبينها بين الحين والآخر، يساعدها على الإعتدال في نومتها تارة، ويساعدها على الدخول إلى الحمام تارة أخري..

تستند عليه وكان خير سند لها، إزداد إحتراما في عينيها وإزداد حبا داخل قلبها، رغم ما مرت به وما سببت له من آلام لم يتخلي عنها، بل ساهم في علاجها لطالما كان الحُب المخلص، لابد أن يغفر..
تواصلتا شقيقاتها معها عبر الهاتف وإطمئنتا على سلامتها وأخبرهم حسام أنها في أفضل حال، وأصبح الأمور جميعها على ما يُرام، ولكن هناك شئ صغير لابد أن يحدث حتى تكتمل الأمور، فقط طفله الصغير الذي يتمناه..

طرقت مُني باب الشقة وإنتظرت حتى تفتح الباب، طال الإنتظار، فعادت تطرق الباب مرة ثانية بنفاذ صبر، لتستمع إلى صوتها الحانق من الداخل:
يوووه، ما طيب يا هالة إصبري شوية الله!
وما إن فتحت حتى تفاجئت بها وهي ترمقها بإستغراب، كتفت الأخيرة ذراعيها أمامها وهي تقول بضيق مصطنع:
كل ده عشان تفتحي، فاضيالك أنا؟
عقدت فاطمة ما بين حاجبيها وهي تسألها بإندهاش:
إنتي عاوزة مني إيه؟!
أردفت مني بغرورها المعتاد:.

يعني هعوز منك إيه يا بطة إنتي..!
تأففت فاطمة ثم قالت بضيق:
إنتي عاوزة إيه خلصي عشان أنا ماليش خلق أوف..
تابعت مني وقد رفعت أحد حاجبيها:
عاوزة أصفي حساباتي معاكي، وأخد حقي منك..
فاطمة بغضب:
نعم يا ختي..؟! حق إيه ده بقي إن شاء الله
دفعتها مني برفق وتوجهت إلى داخل الشقة وهي تقول بجدية:
إوعي كده خليني أقعد أخد نفسي أنا فرحي بكرة ومش حمل تعب يا ختي..

تعجبت فاطمة لإسلوبها الغريب والجديد عليها أيضا، جلست قبالتها وقالت بنفاذ صبر:
خير إن شاء الله؟
إرتبكت مني وتوترت بشدة لا تعرف من أين تبدأ حديثها، مسحت على وجهها وحسمت أمرها ثم قالت بتلعثم:
آآ، أنا، بصي يا بنت الناس، أنا جاية عشان أعتذرلك..
فاطمة بذهول:
تعتذري؟
أومأت مني برأسها وقالت بثبات:.

أيوة، بعتذرلك على كل حاجة حصلت مني وضايقتك، يعني أنا غلطت فيكي كتير وإستفزيتك وحاولت أبوظ علاقتك بجوزك، فأنا جايلك عشان أقولك أنا آسفة وآسفة إني أحرجتك المرة اللي فاتت أنا كنت مش عارفة بعمل إيه كنت تايهه ومحتاجة حد يحبني بجد ويحاول يصلح مني، مش هكدب عليكي كان كل أملي إن كريم هو الحد ده وقلت يمكن يبصلي ويحبني بجد لكن فشلت وطلعتي أنتي الأولي والأخيرة في حياته، بس ربنا عوضني بعواد عشان ياخد بإيدي ويفهمني الصح والحمدلله إنه جه ودخل حياتي في الوقت المناسب وغيرني وخلاني أحب كل الناس، ياريت يا فاطمة تسامحيني، أنا مسافرة بكرة ومش عاوزاكي تكوني زعلانة مني ولا شايلة في نفسك..

لم تصدق فاطمة أنها مُني، تلك التي أمامها، التي تتحدث بكل إحترام، ما الذي حدث لها..؟ هل يتغير الإنسان بهذه السرعة، نعم حين يشاء الله له بالهداية...
أردفت فاطمة بعدم تصديق:
إنتي بتتكلمي بجد، ?
مني بمرح: جد الجد يا فاطمة، ها سامحتيني بقي..؟
إبتسمت فاطمة بعفوية لترد ببساطة:
عمو إبراهيم كان ديما يقولي مثل شعبي قديم من جه بيتك جاب الحق عليك وأنا مسامحاكي يا مني..
مني بتساؤل: من قلبك؟
فاطمة بتأكيد: من قلبي..

نهضت مني وعانقتها ولأول مرة يتجسد ذلك المشهد، فاطمة ومُني متعانقتان بمحبة وود!، وتصالحتا الإثنتين في غمضة عين..!

مرت الساعات ساعة تلو الأخري حتى آتي اليوم التالي بكل ما يحمل..
تزينت مُني وتألقت في فستانها الأبيض الشاهي والحجاب الذي إنسدل عليه مُغطيا ما يجب أن يغطي، لقد جعلها عواد ترتديه وهي لم تعترض فلقد كانت تفعل ما يقول بالحرف، وإن إعترضت لديه القدرة الكافية على إقناعها..

تم عقد القران في أحد المساجد الكبيرة لتُصبح مُني زوجة لعواد شرعا على سنة الله والرسول وأخيرا لمسها عواد أخيرا وهو يأخذ يدها بين راحة يده، فخفق قلبها وضرب بعنف أثر لمسته الحانية وتملكها شعور غريب لكنه رائع أرضاها وبشدة...
إنتهت الزفة التي وعدها بها عواد ليتغير المسار وتتجه السيارات إلى محافظة المنوفية حيث ستقطن مني هناك بصحبة زوجها..

قررت رجاء البقاء مع إبنتها ليومان على الأقل حتى يطمئن قلبها عليها أكثر وقد ذهب البقية كلا منهم إلى منزله..

وفي السيارة..
قال عواد وهو يميل عليها قليلًا بنبرة جادة لا تحمل أي نوع من أنواع الرومانسية:
مبروك يا مدام عواد..
ردت بخجل وهي تنظر له بشئ من الإستغراب:
الله يبارك فيك..
منحها إبتسامة جذابة وهو يسألها:
مالك مندهشة ليه؟
مطت شفتيها وأخبرته:
مش عارفة بس طريقتك محيراني شوية!
أخبرها ضاحكا بخفوت:
لكل مقام مقال يا عروسة، ماتستعجليش على رزقك إومال!..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة