قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وواحد

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وواحد

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وواحد

وقفت جيهان تحدق بابتسامة فخورة الى الحديقة الواسعة لقصر المالكي، الى قطعة فنية جمالية ما يعجبها في عمل شقيقتها، أنه بعيد تماما عن التكلف والبذخ، اللون الأبيض يكسوا المكان من حولها والالوان الهادئة مع الحان موسيقية هادئة تطرب القلب ونسيم المساء هادئا الا من اصوات مزعجة كانطلاق ضحكات صاخبة من بعض الرجال المتصابين هناك في الطاولة التي بالقرب من المسبح، تأففت بضجر وهي تتقدم بفستانها ليلكي غامق محتشم تجاه شادية التي تشرف على بعض اللمسات النهائية لتقترب منها قارصة خصرها قائلة بمشاكسة.

-مين كان يصدق البودي جارد يتجوز من سليلة المالكي
شهقت شادية بتفاجئ قبل أن تحدجها بنظرات قاسية وهي تتابع عملها بعينين ثاقبتين لتقول بضجر
- جيهان، مش وقته كلامك، خليني اشوف شغلي
زفرت جيهان بحده وهي تراقب بعينيها أي شعر اشقر يمر في الجوار، لكن دون فائدة، يبدو أن يجيد التخفي جيدا، غمغمت بحنق
- يا ستي مبنقرش الله، بس خليني اشوف شغلي.

صمتت جيهان وهي ترى أن شقيقتها متغيرة بعض الشيء منذ أيام، في البداية توقعته ضغط عمل، لكن مع اختفاء اتصالات سرمد الصباحية التي دائما ما تفسدها والمسائية، جعلها تميل منها قائلة بمكر
- الجو متصلش بيكي ولا ايه.

عضت شادية على شفتها السفلى بتردد بعد شجار ذلك اليوم، لقد توقعت ان الشجار طفيف ككل مرة، لكن يبدو انه يرغب ان تمد يدها للمصالحة تلك المرة، لكن ماذا تفعل وهي متأكدة أنها لم تفعل شيئا خاطئا في معتقداتها؟!
زفرت بيأس وكل ما هو صحيح وخطأ يختلطان معا حتى تبهت صورة الصواب والخطأ، لتقول
- لأ بعد اللي حصل يومها قفل تليفونه.

كسر الصمت بينهما صوت مزمار شعبي قوي جعل جيهان تتسع عيناها بدهشة قبل أن تنفرج شفتاها عن ابتسامة رائقة
- ايه ده! زفة صعيدي
تواصلت شادية سريعا عبر سماعة البلوتوث محدثة أحد العاملين الذين يبلغوها بوجود إحدى الفرق الصعيدية داخل باحة القصر
- انا محدش بلغني انه هيكون فيه زفة
صفقت جيهان يديها بجزل لتتقدم نحو مصدر الصوت بعد أن تحرك عددا ليس قليل من الحفلة ليري العرض الذين لم يشاهدونه سوى في الدراما.

- واضح ان جميلة هانم هتطق، أما الحق اشترك
وعلى الجانب الآخر وقفت جميلة برأس شامخ تتابع تلك المهزلة على الشرفة بعد ان ترك الحاضرين الحديقة ليصوروا الفرقة التي تعزف، اشمأزت ملامحها نفورا وهي ترى تلك العجوز المتصابية
أليست مريضة منذ عدة أيام وعلى فراش الموت، من التي الآن ترقص على إيقاع النغمات الصاخبة تلك ولا كأنها صبية في العشرين من عمرها.

هزت رأسها بيأس وهي تتمسك في الحاجز المعدني لتشعر بوجود وسيم بالقرب منها وهو ينظر باستمتاع إلى المشهد لتلتفت اليه قائلة بحنق
- عجبك اللي هي عملته ده قدام الناس
احتضن وسيم جميلة وقال لها بمكر
- اهدي يا ماجي مش مستاهلة عصبية، غالب باشا هيعلقنا انا وانتي على بوابة القصر.

عيناها هبطت تلقائيا الى غالب الذي ينظر من على بعد معين إلى الفرقة وبجواره صديقه معتصم السويسري، لتأخذها عيناها تجاه وجد التي تصفق يديها بمرح ليتابع وسيم هامسا
- وجد فرحانة، سبيها تفرح اليوم ده، اكيد مش عايزة تكسري بفرحتها، وبعدين اي ست مجتمع هتيجي تسألك قوليلها ان دي موضة الشباب اليومين دول.

هزت جميلة رأسها بلا معنى وهي تراقب سعادة وجد الجمة وهي تري اقتراب من أصبح زوجها بالشرع يقترب منها لتتأبط ذراعه بتملك شديد، همست بفتور
- براحتها لطالما اختارته
ربت وسيم على ظهرها وهو يتابع قائلا بنصيحة
- اهم حاجة هي عايزة مساندتك، دي عندها بالدنيا
عينيها تابعت دون وعي منها تجاه شعلة الصاخبة الحركة تقترب من العجوز المتصابية وقررت أن تجاريها في رقصها، لتهز رأسها يائسة
- شوف اللي عايز تتجوزها بتعمل ايه.

وقعت عينا وسيم بجمود على جيهان قبل أن تشتعل حدقتيه وهو يهز رأسه بأسى
- مفيش فايدة فيها
استأذن مغادرا، لتحدق جميلة تجاه العجوز المتصابية التي شعرت ان احدا يراقبها، وثوانٍ تقابلت أعينهما وملامح الأخرى تحمل ظفرا وانتصارا
جعل جميلة تستشيط غضبا وهي تقبض بعنف على الحاجز المعدني قبل أن ترقص تحية بشقاوة وقد انضممن لها عدة فتيات صغيرات السن في حلقة دائرية صغيرة مقلدين خطواتها.

خطوات وسيم التي يتحرك نحو مصدر هدفه، حذرة، بطيئة
استدراج الفريسة يتطلب الصبر، بل الكثير من الصبر، والروية!
عيناه تحدي نحوها وهي تتمايل بخصرها بدلال يمينا ويسارا يناسبها دائما، فغر وسيم شفتيه بذهول قبل أن تندفع الحمية في أوردته
وتخطيطات استدراج الفريسة، تطايرت في مهب الرياح، سارع بالتوجه نحو الحلقة الدائرية الراقصة ليسحبها من عضدها دون أدنى تردد في مظهره أو مظهرها!

غير عابئا أنه يكرر خطأه مرة أخرى بعد تلك الليلة المثيرة التي كاد يفقد فيها سيطرة جسده وألغي عقله للتفكير
تأوهت جيهان بنعومة مثيرة وجسدها يجر كالبهيمة حرفيا وهو يتوجه بها داخل القصر لتمد يدها الأخرى تحاول منع يده من جرها كالشاة لتتأفف بحنق وهي تستسلم منتظرة نهاية غضبه لتشهق حينما دفعها بعنف لتتحطم عظام ظهرها وهو يصيح بحنق
-خلصتي المهزلة.

جسدها رغم عنه ارتجف باثارة وهي تتذكر أن مراحل فقدان سيطرته كالمرة السابقة، لولا أن المرة السابقة كان أخيها هو من رأي المهزلة التي حدثت، الأمور مرت بأقل الخسائر الممكنة
مسدت موضع ظهرها وهي تأن بتوجع قبل أن ترفرف بأهدابها هامسة بإغواء
- يووه يا وسيم، سيبني بجد الرقص ده تحفة اووي وبقالي سنين مرقصتهوش
زمجر وسيم بوحشية.

ليقابلها رفرفة أهداب من جيهان التي تنظر اليه بعينيها الناعستين، ازدرد وسيم ريقه بحنق وهو يلتفت يمينا ويسارا يشد على خصلات شعره بقسوة ليصيح بسخط
- اتلمي شوية
اقتربت خطوة منه وهي تهمس بإغواء ينحر أي عرق رجل حار الدماء
- ما تيجي تلمني انت
جذبت ربطة عنقه الزرقاء، لترفع عينيها نحو حلقه الذي يجليه بصعوبة لتتسع ابتسامتها الماكرة وهو يسحب ربطة عنقه منها قائلا.

- يا بنت الناس اعقلي، احمدي ربك المرة اللي فاتت قفشنا اخوكي
اقتربت خطوة منه مرة اخري، لتمرر عيناها نحو كدمة وجهه التي ما زالت تحمل آثار ضرب ماهر له مما فعله
تعترف ان الليلة كانت مجنونة جدا، و الوحيدة الناجية من كل العقاب هي شقيقتها التي لا تعلم ماذا كان يفعل الايطالي معها!
رفعت أناملها تهم بلمس كدمته لتسأل باهتمام
- الضربة لسه بتوجعك؟

انفجر يضحك بسخرية وهو يبعد اناملها ان تلمس انشا واحدًا من جسده، لن يضمن سلامة عقله وهو يري ثوبها الناعم يحتضن قدها بكل نعومة، ليحوقل وهو يشيح بعينيه عنها قائلا بسخرية
- وانتي بتسألي سؤال اهتمام، ولا غرض تاني؟
ابتأست ملامح جيهان وهي تقترب منها بدوره تتأمل الحلة السوداء التي ارتداها، تناسبه جميع الثياب بملامحه الوسيمة وعضلات جسده البارزة أسفل الحلة، لتهمس بامتعاض.

- اخص عليكي يا بيبي انا غرضي حاجة تاني، ما تيجي تتشجع وتتجوزني يا وسيم انا عندي كمية طاقة كبت رهيبة
رفع وسيم عينيه نحوها بحدة، يحدجها بنظرات صلبة قبل أن يمد يده يلمس زندها ليجرها مرة أخرى بحدة قائلا
- تعالي
صاحت بدهشة وهي تواكب خطوات قدميه الواسعة
- انت ما صدقت ياراجل، اهدي يا وي وي انا لابسة كعب عالي.

ضغط بعنف على زندها لتتأوه بوجع وهو يخترق بعد الضيوف ليتوجه نحو جده ووالدها وبعينيه الخبيرتين يرى أن المياه قد عادت لمجاريها، ليسخر منها بحدة
- كعب عالي ليه، انتِ برجليك اللي زي الزرافة مش محتاجة كعب، اومال سبتي ايه للقصيرين.

شهقت بحدة وهي تري سخريته اللاذعة يهين من طولها الممشوق الذي يحسدن الكثير من الفتيات عليها، ثم هذا شرط اخر لأن تأخذ رجلا أطول منها بعضلات جسد صخرية وعينين باردتين كالتي تخص من يجرها بعنف كهذا، لتهتف بلا اكتراث
- والله دي مشكلتهم وده طولي وفخورة فيه، افتكر اني اتطلب مني البس heels مع بكيني.

تخشب جسد وسيم وهو يعتصر زندها بقسوة تشعر بتحطم عظام يدها لتعض طرف شفتها السفلى وهي تتحمل التألم وكله يعود بفضل لسانها، لتشعر به يقترب منها وعينيه مدججتين بالنيران ليهدر في وجهها بغضب
- امتي ده
ابتسمت بتوتر وهي تهز رأسها محاولة جلب ضحكة شقية، إلا ان نظرة الموت في عينيه جعلها تنطق بصعوبة
- في الاعلانات يا بيبي، كان حتة طقم اسود انما ايه، Sexy.

مجرد تخيل ما تقوله جعله يجذب كلتا ذراعيها لتسقط اسيرة ذراعيه، ضاربا بكل العادات والتقاليد في عرض الحائط، ويديه تحاولان دق عنقها ليهز جسدها بعنف قائلا
- فين صور الاعلان ده، انا مفتكرش انك صورتي مايوه في الاعلانات
رغم ان العقل يخبرها ان تتوقف عما تفعله، والا تزيد من جنونه الا انها بكل فقد عقل همست
- ما ده كان من وراك.

فغر وسيم عينيه بدهشة وهو يترك ذراعيها ليرتد عدة خطوات للخلف، يقرأ في عينيها أي مزحة او خدعة كعادتها
لكن النظرة الواثقة والهادئة التي ترمقه بها تخبره انها فعلت شيئا مشينا هكذا بحقها
يقسم أنه سيقتل ناجي الحقير هذا ليهدر اسمها بصراخ
- جيهااااااان
جذب صراخه انتباه عدد من المدعوين لتحتقن وجنتي جيهان هامسة
- هوريك الصور بس لما تبقي جوزي، واوعدك اني هلبسهولك مخصوص.

رأت زحف اللون الأحمر لوجه وسيم وعينيه مظلمتين، داكنتين ليقترب منها وهي تتراجع بخوف، قبض على ذراعها بهمجية لتهمس جيهان بتأوه
- اييي يا متوحش
سار وسيم بخطوات مصممة حتى وصل إلى جده وحماه المستقبلي، قاطعهم عن الحديث قائلا
- عمي
حدجه معتصم بنظرات ممتعضة قبل أن تسقط عيناه تجاه يده التي وضعت على جيهان ليتنحنح وسيم بحرج وهو يترك يدها دون أن يمنعها من ان تكون محاصرة جواره ليهمس معتصم بأسي
- اهو مش بخلص منه.

انتظر وسيم نظرات الدعم من جده الا انه كان يبتسم نحوه بمكر شديد جعله يهمس بصعوبة بالغة وعينيه محدقتان تجاه التي تلونت وجنتيها بالحرج تجاه نظرات العجوز
-غالب باشا ويا معتصم باشا، انا جاي اتقدم لأيد كريمتك المصون جيهان
عضت جيهان على باطن خدها وهي تعلم أن تلك المرة قد نفذ صبر وسيم، صاح معتصم بسخرية
- كلاكيت كام مرة ده يا ولد.

تلك المرة لم يجد وسيم الحرج في ان يتوسل المساعدة من جده، الذي هتف إلى صديق عمره قائلا
- عايزين نجوز العيال يا معتصم، خلينا نشوف احفادنا قبل ما نموت
اتسعت عينا معتصم بجحوظ قبل ان يجذب صغيرته من يد هذا الاشقر، ليضع يده خلف ظهرها قائلا بحنق
- انت بتفول في وشي يا غالب
هز غالب رأسه وهو يلقي نظرة تجاه حفيدته الصغيرة الملتصقة بجسد زوجها يتبادلان حديثا خافتا في الطاولة التي تجاورهما ليقول.

- بنتك في مقام وجد بالضبط، وصدقني مفيش انسب من بنتك زي حفيدي
انشرحت أسارير وسيم ليميل تجاه جده يقبل رأسه ليهتف بسعادة
- ايوا يا حبيبي، وافق بقي يا حمايا
غمغم معتصم بحنق وهو يحدق تجاه نظرات جيهان المتهربة من النظر لوسيم ليقول بنبرة ذات مغزى
- طبعا مش محتاجين رأي العروسة، ولا ايه
اطرقت راسها للأسفل بخجل لتهمس بصوت أبح خجول
- اللي تشوفه يا بابا
صاح وسيم متسرعا وهو يهم بالتحرك.

- طيب على بركة الله، اجيب المأذون دلوقتي ونتجوز
هدر صوت معتصم بخشونة
- مأذون ايه يا ولد انت، الشهر الجاي الخطوبة وبعدين يبقى نفكر في موضوع الجواز ده
نظر وسيم نحو جده يتطلب عونه، الا ان غالب اكتفي بهذا الدعم ليقول بنبرة بائسة وهو يعلم ان الشهر القادم لن تكون هناك خطبة
- يا عمي
قاطعه معتصم بصرامة
- ده اخر كلامى يا ولد، ولو مش عجبك شوفلك بنت تانية تتجوزها
هز غالب رأسه باطمئنان، لتتهدل كتفا وسيم بيأس قائلا.

- ماشي يا عمي اللي تشوفه
..

سارت تحية ب تبختر وهي تتلقي التهاني من بعض سيدات الحي السكني بعد قيامها بليلة سيظل يتحاكى عنها الحي لسنوات قادمة منذ عودتها من المشفى لتقيم احتفالا من أول الحي لآخره بمناسبة عقد قرانه، وقد اشترطت في الحفلة التي تقام اليوم أن يمنع مصاحبة اطفال الشياطين، لولا انها كانت تريد جلبهم لتزيد من سخط تلك التي تحدجها بنظرات مميتة، لكن لم ترد إفساد تلك الاجواء واكتفت بجلب فرقة صعيدية كلفها الكثير من الأموال.

ربتت على مصوغاتها الذهبية بفرحة ثم تتأكد من لفة حجابها لتقترب من حفيدها وعروسه التي تألقت بفستان أحمر ناري
رأت علامات الضيق تكسو ملامح وجه عاصي، يبدو كما لو انه لم يعجبه ما قامت به لتتقدم نحوهما وحال ما رأتها وجد اشرقت ملامحها على الفور ليبادر عاصي بنبرة ممتعضة
-ايه اللي عملتيه ده يا توحة
ضحكت تحية بصبيانية وهي تقترب منه تلكزه في مرفقه
-مش بزمتك عملت حس بدل جو الكئيب ده.

هزت وجد رأسها ايجابا وهي تربت على ذراع عاصي تطلب منه ان ينزع عبوس ملامح وجهه لتهمس بامتنان
- عندك حق يا توحة، شكرا بجد علي اللي عملتيه
تنهدت تحية براحة، علي الأقل لم يذهب مالها هدرا واعجبت به العروس لتقترب منها محتضنة اياها
- شايف يا واااد، اهي هي دي زينة البنات اللي مش عايزة تعبني ولا ترفع ضغطي، تعالي في حضني يا بنت
استشعرت تحية اسفل يداها عظام وجد البارزة لتضيق عيناها بعبوس شديد وهي تقول لها بحنق.

- يا بنت اتغذي شوية، انتي مش هتبقي قده
اتسعت عينا عاصي بحدة وهو يلزمها بالصمت لياتي سؤال وجد المهتم
- مش فاهمة يا توحة تقصدي ايه؟!
اصابتها تحية الخيبة وهي تري علامات الفضول في وجه العروس لتقترب منها قائلا
- هفهمك يا عيون توحة
وضع عاصي نفسه حائلا بينهما ليقول بحدة
- توحاا
رفعت تحية حاجبها بتحدي لتشيح بيدها قائلة
- متزغرش بعينك ياولد، مش هخاف منك.

انفجرت وجد ضاحكة وهي ترى علامات الاجرام على وجه تحية، واليأس علي عاصي لتقترب منها متسائلة باهتمام
- اخدتي الدوا يا توحة
ابتسمت تحية وهي تزيح جسد عاصي عنهما لتميل طابعة قبلتين على كلتا وجنتيها مربتة على ظهرها
- اخدته يا قلب توحة انتي، يلا هسيبكم تتكلموا مع بعض شوية وبعد ساعة كدا هنفض الليلة عشان تتعشوا برا.

هزت وجد رأسها بتفهم لتتحرك هي بخطواتها تنظر إلى الوسط الذي غابت عنه لسنين، الوجه الأرستقراطية كما هي، بنفس غطرستهم وعنجيتهم، الفارق الوحيد بين الزمنين أن الجميع يعري جسده!
أطلقت بعض الشتائم وهي تحاول ان لا تنظر إلى النساء الحمقاوات هنا العاريات، لتنتبه على صوت حانق
- بتصغريني يا هانم وسط الناس
رفعت عيناها لتقابل جميلة وجها لوجه، ربتت تحية على حليها الذهبي قبل أن تجيبها ببرود.

- مش مشكلتي ان عينك وحشة ومش عايزة تبصي لنص الكوباية المليانة، شوفتي حد قالك ايه شغل البيئة ده، التي متعرفيش دفعت قد ايه عشان اجيبهم من بلدهم في وقت قياسي مش عايزة اقول الرقم عشان متتخضيش
رمقت وجهها المحتقن لتقترب منها وهي تربت على ذراعها بمكر
- ثم احمدي ربك اني مجبتش البلطجية عشان يدوا الواجب لابن حتتهم
فغرت جميلة شفتيها بدهشة قبل ان يرتجف جسدها بذعر متمتمة
- بلطجية!

هزت تحية رأسها وهي تتابع بصوت خبيث
- شوفي بقي هيطلعوا بايه في الطلعة دي من مجوهرات و موبايلات و عربيات
تركتها وهي تتابع بسيرها الى البوفيه المفتوح، نظرت باستحسان إلى الأصناف المعروضة على الطاولة ليجذب انتباهها امراة شابة ترتدي رقعة قماش اسود يعري أكثر مما يستر، لتحوقل تحية وقد نفرها المشهد وصاحبة الرقعة السوداء لتغمغم بسخط.

- ايه اللي هما مش لابسينه ده، بنات اخر زمن تعري عشان تجيب عرسان، ده المرحوم مرضاش البس لبس زي ده في البيت.

تنهدت بحسرة شديدة على ايامها القديمة، لتبتسم بحنين وهي تحاول نفض ذلك المشهد امامها، لتمر من جوارها وهي ترمقها بازدراء شديد، لتأخذ طبقا وهي تضع بعض اصناف الطعام النباتي، رفعت عيناها حينما سمعت جلبة من صاحبة الرقعة السوداء وبجوارها أسد ضخم يبدو على معالم وجهه الغضب، ابتسمت حينما رأته يجرها حرفيا بعنف تجاه القصر لتهز تحية رأسها باستياء
-رجالة اخر زمن
ثم هبطت بانظارها تجاه طبقها لتقول باستياء.

-ادي اخرتي أكل سلطة في الليلة دي.

حينما يعود الماضي ينبش في الحاضر، فلا سبيل للتخلص منه سوى بادعاء النسيان
أو حرقه
وهو قرر الحرق، مشكلته الوحيدة انه لا ينسي عدوه ابدا..!
تحرك سرمد بخطوات متمهلة الى مخزن المنزل العائلة الذين يقيمون فيه، ليشعر بيد سامر تتمسك به قائلا برجاء
-سرمد ارجوك يكفي المرة السابقة
وهل يتركه بعد المرة السابقة التي حفرت به الكثير من الاسئلة، لقد كان شيطانا معه بكل ما للكلمة من معنى.

يستفزه ويخرج أسوأ ما به، ويتحرش بامرأته بفحش القول متغزلا بجسدها وفتنتها وعن ندمه لتركها..
حقا لم يتحمل كل هذا وحميته ورجولته كان يطالبان بالثأر، ومنعه سامر المرة السابقة من قتله
لكن تلك المرة هو يريد نسيانه، حرقه بالمعني الحرفي
صاح بغلظة شديدة وهو يزيح يده
-ذلك القذر لن أتركه يتنعم بالراحة.

توجه نحو المخزن ليري المسخ يجاهد لأبقاء عينيه مفتوحتين وعلامات الضرب مزينة وجهه، ابتسم بتشفي ليسمع سامر يقول بسخط
- لسنا في موطنا يا رجل، أنت لا تعلم أن والده رجل صاحب منصب هام وجعل جواسيسه يبحثون في كل شبر في مصر بأكملها
ابتسم سرمد بشر والجنون يتراقص في حدقتي ليقول بنبرة متسلية
- لننقله إلى موطنا ونريه ماذا تقوم عائلة النجم بمن يقترب من نسائهم.

لمعت عينا سامر بخبث شديد تشابه عينا شقيقه، ليجلي معاذ حلقه وهو يرى أنه وقع بين يدي مختلين، لكن هذا لا يمنعه انه معه البطاقة الحمراء التي ستحرق هذا المختل
يعلم أنه إن بقي هنا لأيام وأسابيع، فسيخرج
لكن سيتحقق من عدم جعل هذا الرجل يضع إصبعه على سمراءه ليقول
- خلصتوا المسلسل التركي بتاعكم ده ولا لسه
احتدت عينا سرمد بجنون ليقترب منه بخطوات سريعة وهو يلكم وجهه بحدة ليهدر بلغته الشامية الركيكة.

- اخراااااس ولك حقير، لو كنت ببلدي مارحمتك ياكلب
لم يكن مقدار الألم أكبر من جحوظ عينا معاذ الذي رآه يتحدث بالعربية، تدارك نفسه سريعا وهو يقول بسخرية
- انا قولت تركي مدبلج محدش صدقني
حدق معاذ نحو بتسلية وهو يراقب صعود وهبوط صدر الرجل الغاضب بجنون ليهمس باستفزاز
- انا عارف بعد اخر مرة جيت وانا فتحتلك ابواب الشك
ضم سرمد قبضة يده ليقترب منه يفتك بوجه ذلك العديم الشعور
-لك اخرررررررس.

توجه سامر سريعا يمسك بقبضة يده، متوسلا اياه بالهدوء والصبر، لكن سرمد لم يري سوي القصاص بعينيه
اندفع كثور هائج للهتك بالأحمق هذا، الا ان جسد سامر وقف حائلا بينهما لينفجر معاذ ضاحكا مصحوبا ببعض الألم لجسده الذي يأن بتوجع
- متنكرش ان ده صح، وده السبب اللي يخليك تجيلي تاني، ها قولي حابب تسمع مني وهو معانا ولا لوحدك.

حاول سامر ان لا ينجر لفخه، الا ان معاذ كان خبيث جدا رغم قلة حيلته، وضعف موقفه ليهمس باستفزاز
- صدقني دي فيها سمعة السمرا
زفر سرمد بحدة وهو يمرر أنامله في لحيته ليقول بصوت أجش
- سامر اطلع لبرا، بدي احكي معه كلمتين على انفراد
اومأ معاذ موافقا حينما رأى تشبث سامر بالوقوف، امره سرمد بالخروج وهو يشعر ان الحقير لم يخرج كل ما جعبته
وان ما سيسمعه سيخص أنثاه، ليقول معاذ باستفزاز.

-والنبي اسمع كلامه دي فيها قطع رقاب، احنا بتتكلم عن اعراض ناس هنا
تلك المرة لم يمنع سامر سوي للتقرب منه ولكم وجهه الآخر، لينفجر معاذ صارخا من الألم، وهو يخرج من المكان مضطرا ليقترب سرمد منه وهو يهبط بجذعه نحو مستواه
يتأمله بتقزز ونفور شديدين، صاح بجفاء
- يلا احكي بقي البحصة يلي بتمك وخلصني أخرج ما جعبتك
ابتسم معاذ بتشفي وهو يسيطر على ألم جسده الذي بدأ يعتاد عليه ليهمس بجنون.

- شادية بتاعتي انا لوحدي، انا اللي بملكها
وانهي كلمته بلفظ فاحش، اخرجت شياطين سرمد الذي هجم عليه ممسكا بحنقه ليهدر سرمد بصراخ وقد احمر وجهه انفعالا من الغضب
- يا حقيييير، لسانك هاد عرفان لو نطق اسمها مرة تانية بحسب الله ماخلقك فهمان
شحب وجه معاذ ويدا سرمد عازمة على ازهاق روحه، ليهمس بصوت مختنق
- صدقني شادية بتاعتي، انت متعرفش ان احنا اتجوزنا ولا ايه.

رفع سرمد عينيه نحو خاصته ليقرأ لغزا آن أوانه ليكشف بعد تلك السنوات
سرا سيجعل المتشبث بها يلفظها كنفاية!
تابع معاذ قائلا بسرعة قبل أن يقتله ذلك المجنون
- جوازنا كان حقيقي، حتى سرير شقتي يشهد على الكلام ده.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة