قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وستة وأربعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وستة وأربعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وستة وأربعون

واقفًا بطوله المهيب ومعالم وجهه السوداوية تمنع مجرد أى نوع انثى من الأقتراب، إلا بالطبع إذا لم يسمح لهن..
وحاجته لأنثى اللعنة تزداد ضراوة
هو لم يكن ناسكًا او قديسًا لكى يبتعد عن ملذات الدنيا بإختياره، بل أجبر كى يصبح صورة رجل أفضل أمام عيني شمس صغيرته
الطفلة تعانى بصمت بسبب حاجة أم لها طوال الوقت، هذا لا يعنى انها مهملة من الأم او أسرار او حتى شقيقته وزوجة أخيه.

الجميع يلبون طلباتها المدللة بصدر رحب وخاصة اخيه، اللعنة اخيه يفسدها دلالا فوق دلالها وحينما يرفض طلبًا تسرع بالقفز فوق صدر اخيه متمرغة فى احضانه كقطيطة صغيرة ملقية عليها طلباتها، كما لو ان عمها وقاص جنى يحقق طلباتها اللانهائية فى دقائق معدودة..

حتى أن والدتها وبرغم الجدول الغريب الذى طالبت به بقوة لتمكث معها طفلتها، كان يستطيع ان يرفض كل ذلك، ما منعه شمس، يرى بعينيها حاجتها لأم خاصة لها، ام تستطيع ان تبث شكواها حينما تخجل من الاعتراف به امامه..
لكن اللعنة هو يحتاج الى ام لها متاحة على مدار الساعة، ليس مجرد عدة ايام وساعات النهار الكاملة التى تقضيها معه تاركة اياها بمفردها عند النوم ان كانت الايام الخاصة به..

يحتاج لامرأة ك فرح، اللعنة عليها أيجب أن تصر على الطلاق لتلك الدرجة
ربما لو كانت معه لأنجب طفلين كالشقين الخاصين بغالية
و بالحديث عن غالية، وجدها متباعدة عن الجميع بقامتها الهيفاء وانوثتها المزدهرة بعد الحمل
يعترف انه لم يجرب مطلقًا ان يكون بصحبة امرأة سبق لها الانجاب لكن كنوع جديد لم يجربه
غريزته تدفعه خلفها
لايقاعها فى شباكه، ويتغذى عليها حد الانتشاء.

ارتسمت ابتسامة ماكرة على شفتيه وهو يلاحظ شرودها الكلى عن الجميع، الا ان يقظتها الانثوية نبئها بوجود مقتحم لخلوتها، رفعت رأسها لتنظر نحوه، عبس وجهها وهى تهمس اسمه
-نضال!
تقدم بخطوات مدروسة وبعناية تامة، عيناه لم تبتعد عن فرح ولا حتى عن ضحكاتها ولا حتى لابتساماتها الحقيقية وهى تلتقط صورًا مع بعض معجباتها الصغيرات..
لبرهة توقف
نسى سبب قدومه، وترك عينيه تنقاد الى ما هو أبعد عن مخططات عقله.

تحكم فى مقدار انفعالاته وهو يشعر بشاب لزج يقترب منها بدافع التصوير، عيناه بسرعة ذهبت الى حارسه ليجده يتقدم نحوهما ساحبًا اللزج معه، ولم تكن الاخرى واعية لأن تتلقى عروضًا من الفتيات كل ثانية للتصوير، ابتسم تلك المرة بمكر وهو يضع عينيه نحو غالية التى راقبته بشغف تام وابتسامة متسلية ليغمغم بتسلية
-غالية بدون العفاريت بتوعها يكونوا جمبها لأول مرة غريب!

ابتسامتها كانت شبه حقيقية وهى تهز رأسها بيأس قائلة بصلابة
- ده شئ ميخصكش
اقترب نحوها لمسافة امنه يسطو عليها بطوله قائلاً ببرود واضعًا كفيه فى جيب بنطاله
- واضح ان ابوهم اخدهم عنده الفترة دى
اغمضت غالية جفنيها بيأس لتدخله السافر بحياتها، الامر ليس صعب كى تتعامل مع نضال، لقد استطاعت التعامل مع امثاله واكثرهم وضاعة ونذالة بكل سهولة.

الا انه قدم فى وقت سئ، الا يكفى معها تلك المجنونة المدعوة بجيجي، ليأتي ذلك الأخر!
رفعت ذقنها بشموخ وجدت طريقه اعجابه بواسطة عينيه لتقول بحدة
-نضال! واضح انك بتدخل فى حياتي بطريقة انا مقبلهاش
غمز تلك المرة بمكر، جعلها تجحظ عيناها وهو يقول ببساطة
- عارف، ورغم كدا جزء منك متقبل انى حاشر نفسى فى حياتك
فغرت شفتيها لفترة، ووجدت انها لبرهة من الوقت لا تجد كلام يسعفها للخروج من حلقها هتفت بيأس تام.

- على فكرة انت مجنون رسمى
ابتسم نضال بمكر وعينيه لم تحيدان عن حارس طليقها، ما يثير تعجبه ان طليقها يخبرها صراحة انه يتتبع اثرها فى كل مكان أمام مرآى عينيها، لا يعلم بدافع الآمان
ام بدافع آخر؟!
ولو انه يرجح الدافع الآخر اقترب منها هامسًا
- قوليلى جوزك السابق ردة فعله اي لما عرضت عليكى الجواز.

اغمضت غالية جفنيها بيأس، لتضع اصبعي السبابة والابهام على مقدمة انفها محاولة تخفيف الصداع الذى يزداد ضراوة لتهمس بحنق
- ده انت مُصر بقى
صب نضال اهتمامه على الجاحدة التى لم تشعر بذبذبات وجوده، هل لتلك الدرجة تخطته؟
أم تتصنع التجاهل، ام فى غمرة سعادتها نسته؟!
تجهم وجهه سريعًا وهو يأكل تفاصيلها بعينيه، لم تكن بتلك الحيوية والاشراق معه.

تلك الضحكة المطولة التى اخرجتها من شفتيها جراء تعليق احدى الفتيات اللاتي التفتن حولها لم يسمعها مطلقًا وهي بجواره..
ترى أى فرح هو لم يعلمها؟!
انتبه على عينين كلجتين الليل تتفرس تعابير وجهه ليقول بغرور
-مش هتلاقى انسب منى
ثم عدد محاسن علاقتهما معًا قائلاً
- ده غير اننا مش محتاجين اطفال تانيين
تلك المرة انمحت اى علامة سخرية عن وجه غالية، لتلتف إليه بكليتها قائلة بجدية.

- اعتقد كفاية هزارك التقيل لحد دلوقتى، صدقنى النتيجة مش هتعجبك نهائى انا مش زي اللي متخيلها او اللى فاكرها
إلا أنه لم يكن معها، جوارحه وحواسه مع الأخرى، يقسم لو كانت على ذمته لمنعها من تلك الضحكات، ألا ترى تلك المخبولة نظرات الرجال؟!
غمغم بسخرية وهو يرى نظرات غالية المتمعنة له ولها
- عشان كدا محتاج اعرفك عن قرب، مش معقولة فقدت سحرى على الستات للدرجة دى.

تلك المرة انفرجت عن شفتيها ابتسامة جعل نضال يغمغم بجدية
- صدقيني انا لسه عند عرضى، اتجوزيني
ألقت غالية نظرة سريعة نحوه ونحو فرح، لولا انها تعلم انه يختبر اعصابها بل ويثير اعصاب الآخر لتوقعت انه يتحدث بجدية، غمغمت بحنق وهى تلك تحرك ساقيها مبتعدة عنه
- سخافتك زادت عن حدها
اعاقها بطول جسده وهو يحدق فى عينيها قائلا بتصميم
- انا بتكلم بجد، انا وانتى مناسبين لبعض فى كل حاجة، اتجوزيني يا غالية
المجنون لا يمزح.

انه يعرض عليها الزواج
شلتها الصدمة، وهي ترى الجديدة والعزيمة الملتمعة في حدقتيه الذهبيتين لتهز رأسها بنفي تام
- انت مجنون
ارتسمت ابتسامة جذابة على شفتيه، بعيدًا عن سخريته المعتادة، مما زاد يقينها
الرجل يعرض عليها الزواج امام طليقته!
- صدقيني الجنان الحقيقي هتشوفيه معايا.

وما زاد الطين بلة هو ظهور فرح فى الصورة بينهما، بابتسامتها المشرقة لولا بعض التعجب الذي سكن حدقتيها من قربهما في الحديث، تمتمت فرح بتعجب وهي تحدق الى كلاهما خاصة وجه غالية الذى شحب وابتسامة نضال الظافرة
-نضال؟! انت بتعمل ايه هنا
ونضال كان يغمغم بتلكؤ تام ملقيًا قنبلته امامهما
-جيت للعروسة بأكد عرضى للجواز، فاكرانى بهزر.

انحسرت ابتسامة فرح لولا أن الريبة خالطتها وهي توجه انظارها تجاه غالية، منتظرة منها رد فعل إلا أن الأخرى لم تجد رد تستطيع اخراجه من شفتيها!
اللعنة على ذلك الرجل!
من أين خرج هذا ليظهر فى حياتها؟!

نظرت شادية بتعجب الى هاتفها بعد ان انهت مكالمتها مع والدها، طالبًا اياها على وجه السرعة دون تأخير العودة الى المنزل
نظرت شادية بحيرة وهى ترى العاملين ومساعدتها نجوى تشرف على قاعة الزفاف، لتسارع بوضع كافة مسؤولياتها على عاتق نجوى قبل ان تتوجه نحو سيارتها منطلقة صوب منزلها فى أقرب وقت..
ترجلت من سيارتها لتجد جيهان ترجلت هى الاخرى من سيارتها، توجهت شادية قائلة
-انتى بتعملى اي هنا؟

هزت جيهان رأسها بنفى تام قائلة
-بابا اتصل بيا قالى تعالى، فيه موضوع مهم مش محتاج تأجيل
ضيقت شادية عينيها قائلة بتشكك
- جيهااان مش عليا الحركات دى
غمغمت جيهان بصدق
- صدقيني معنديش أى خلفية، بس يا خبر بفلوس بعد شوية ببلاش
زفرت شادية بيأس تام، وهى تتقدم تجاه المنزل مغمغمة بوعيد
- لو فى مقلب سخيف بتعمليه يا جيهان، صدقيني هتندمي
لوت جيهان شفتيها ساخرة قائلة.

- اعرفى الاول تدى تهديد يخليني اترعب، انا مش فاهمة انتى سيدة اعمال على ايه
صاحت شادية فى وجهها بحدة
- جيهاااااان
تنهدت جيهان بحنق تجاهعصبية شقيقتها المبالغة لتقول
- والله ما اعرف، بابا مجاش الشغل النهاردة ومش عارفة الشقي ده مخبي ايه، ليكون بيفكر يتجوز بعد العمر كل ده
اتسعت عينا شادية لتفكير شقيقتها المجنونة، لتسترسل شقيقتها بمكر
- تخيلي كدا انا وهو نتجوز وحضرتك يا هانم قررتي تبقي راهبة عن الجواز.

طرقت شادية على باب غرفة والدها الذى سمح لها بالدخول، دخلت الغرفة بقلب وجل وهى تهمس
- خير يا بابا، حضرتك طلبتنى
ابتسم معتصم و ابتسامته لم تعلم لما لم يكن وقعها جيدًا لها، توجست خيفة من مفاجأته
ليقترب معتصم محتضنا اياها قائلاً بنبرة رخيمة
- مبروك يا حبيبتي، هفرح بيكي مع جيهان
عقدت شادية حاجبيها بريبة، لتحدق نحو شقيقتها التى نظرت بعدم فهم واستفسار، تابع معتصم قائلاً بنبرة لا نقاش بها.

- جالك عريس موافق عليه.

أنا وأنت
وبيننا أميال
أنا وأنت
وحوائط منيعة تفصل بيننا
أخبرنى أهو القدر؟
هل علىّ الاستسلام أم المحاربة؟
وإن حاربت هل سأظل مثابرة لنيل ما ابتغاه كحالك؟
أم سأفقد كامل قوتى أطاحن بدون جدوى؟!
أخبرني..
هل بعد تلك المعاناة، راحة أم سيظل الشقاء ينخر بين أوردتى حتى الموت؟!
الأجساد وقفت بتصلب بعدما ألقي معتصم قنبلته أمام صغيرتيه
ورغم جمود ملامح وجه شادية، إلا أن روحها داخلها تثأر
تطالبها بالرفض.

عدم الخنوع مرة اخرى
لقد سئمت من معاملتها كدمية قابلة للكسر؟
إلا أن صوت عقلها أوقف اجراس انذار القلب
والدها خائف
تشعر بيه بين نظرات عينيه الخاوية من اى تفاعل او عاطفة؟!
لقد كسرته، كسرت هامته وشموخه وكبريائه
أى تصرف يقوم به، فهو ل لملمة بقايا كرامته الجريحة!
لكن القلب
اللعنة على صوت القلب، وما سبب لها من أذى كاد أن يودى بحياتها لمرتين، لمرتين لكن، بئسًا، جوارحها منصبة على الإيطالي!

أى حالة بائسة وصلت إليها هى؟
وأى تعويذة قيدتها به؟
انتفضت على صوت جيهان التى خرجت عن صدمتها تباغتهما بصياح مستنكر
-بابا تقصد ايه انك موافق عليه
الأب عينيه معلقة على صغيرته
يرى التيه المرسوم في عينيها، والشرود الذي اكتنفها، لم يفت عنه تهدل كتفيها بيأس ولا حتى شعوره بالنفور للفكرة.
غمغم بجدية وهو يخرس ثورة جيهان بعينيه
-يعنى مفيش رفض، ده قرار نهائي.

الا ان جيهان اتخذت دور المدافع الحامى لشقيقتها، وقفت تجادله قائلة
-بابا انت مش هتجبر شادية تتجوز بالطريقة دى
جز معتصم على اسنانه وعينيه تنتقل بين ملامح شادية الساكنة وثورة البلوة الخاصة به أمامه ليقول بنبرة حادة لا نقاش بها
-جيهان متتدخليش فى قرارى، بنتى وأنا أدرى بمصلحتها، ولا ايه رأيك يا شادية
ألقى معتصم الكرة فى ملعبها، ليراها ترمش بعينيها منتبهة على سؤاله، لوهلة شعرت شادية بالعجز عن تحريك لسانها.

وألم طاعن يستقر فى منتصف صدرها، افترت شفتيها تجيبه بهمس خافت كان وقعه فى اذنيها كتهشيم قلبها بيديها
-قرارى من قرارك يا بابا
اتسعت عينا جيهان بذهول، و لبرهة عجزت عن الرد، ماذا عن الآخر الذى سافرت من أجله منذ عدة أشهر؟

تتذكر حديثها مع فريال، لقد اخبرتها فريال صراحة ان شقيقتها واقعة حد اليأس فى حب الرجل وحينما استدرجت شقيقها علمت أنها زارته فى مشفاه، المجنونة ذهبت إليه بقدميها وهي من كانت تتمنى له الموت وقت مصيبتها..
رباااااه، ستجن، حتما ستجن وهى المقبلة على الزواج خلال أسابيع قليلة، رأت نظرة استحسان والدها وهو يقترب منها مربتًا على ظهرها.

-ربنا يكملك بعقلك، هتتفق فى يوم تقابليه وتحكوا مع بعض، انا متأكد انه الشخص المناسب
انتظرت جيهان ان تنتفض تلك المخبولة من مغبة ما تقحم نفسها به، عادت بعينيها تحدق فى شادية، شقيقتها ليست فى حالتها الطبيعية بالمرة نظرًا لملامح وجهها كالرخام
كادت تجذب خصلات شعرها وهى تجادل بعزيمة.

-بابا انت اكيد بتهزر، انت عمرك ما عملت كدا، ازاي تجبر شادية تتجوز واحد هى متعرفهوش بالطريقة دى، ولأ كمان عايزها متعترضش على قرارك
انتفخت أوداج معتصم ضيقًا، وضاق به ذرعًا لمجادلته، صاحبة الشأن وافقت ما فائدة الشجار والمجادلة، صاح بصوت مرتفع محاولا انهاء جدال عقيم لا طائل منه
-جيهان لتانى مرة بقولك متتدخليش فى قرارى.

عادت جيهان تنظر بيأس تجاه شادية، ترجوها للتحدث، تحاول يائسة إنعاش قلبها الميت هذا للحياة، غمغمت بيأس
-بابا انت عارف شادية لسه بتحب سرمد، استحالة تقدر تفكر فى شخص تانى، تقولى تتجوز واحد دى هتظلمه معاها
تجمعت الدموع فى مقلتى شادية، ولسانها عاجز عن الرد
هل عادت لنقطة الصفر مرة أخرى؟!
كلا، كلا، حاولت يائسة اخراج صوتها لكن أبى لسانها عن التحدث
دمعة واحدة سقطت من جفنها، لتنكس رأسها بتخاذل.

تسمع الى اصوات شجارهم كصدى صوت بعيد، شعرت بيد والدها تعيدها إلى واقعهما وهو يقول
-ايه رأيك فى الكلام ده يا شادية
نظرت الي كليهما بصمت، ملامح جيهان المتحفزة والمتوسلة لها للاعتراض، تشجعها للتحدث وبوح ما بداخل صدرها
غمغمت جيهان بيأس وهي تمسك زندها مشجعة إياها للتحدث أمام والدها
- اتكلمى يا شادية، انطقي وقولي انك معترضة
ران الصمت بين الجميع لبرهة، قبل ان تقول شادية بجدية اصابت الجميع بدهشة.

-لو انت شايف يا بابا ان اللى هتعمله ليا صح، انا مش هعترض على قرارك
تصلب جسد معتصم لكلماتها المتوارية،
لاحت شبه ابتسامة على ثغره، حتما لم يتوقع بحياته ان تجعله عاجزًا عن الرد لمغزى المبطن لمعاني كلماتها
ببساطة تركت له القيادة، لتخبره أنه الوحيد الذى سيكون المتحكم فى سبب تعاستها او فرحها، إلا ان جيهان لم تصدر سوى شهقة مستنكرة تاركة اى منطق يحلل كلماتها لتهدر فى وجه شقيقتها.

- انتى مجنونة يا شادية، تتجوزى واحد انتى متعرفيهوش، طب و اللى بتحبيه، ده انتى روحتيله المستشفى برجليكى لعنده
اتسعت عينا شادية وهى تحدق فى وجه جيهان، تبًا حتما علمت من فريال، جزت جيهان على اسنانها وهى تنظر الى معالم وجه أبيها المتهجمة لكن ليست غاضبة، حتما علم هو الآخر بزيارتها السرية التى لم تعد سرية على الإطلاق
- ايه فاكرانى مش عارفاكى، ولا هعرف انك هتروحيله حتى لو مقولتليش.

قالتها جيهان بتهكم وهى ترشق شادية بنظرات لائمة، اجابت شادية بصلابة وهى ترفع عيناها محدقة فى عيني والدها باعتذار صامت
- ايوا انا روحتله فعلا مش هكدب، غصب عنى يا بابا والله
هل بسبب علم والدها أصابه غضب بالغ؟! فقرر وضع حد لمسمى تلك العلاقة بتزويجها لغريب؟!
هزت جيهان رأسها رافضة منحنى تفكيرها الشاذ، والدها لن يلقي بابنته إلى التهلكة، هو الى حد واثق يعلم بهذا.

يعلم انه لن يدفع ابنته الى الهاوية، لكن عقلها الخبيث عاودها للتفكير، ربما هو مجرد تأديب لفترة مؤقتة، بالطبع شقيقتها تعتبر العانس الأكثر تطلبًا فى عالم الأعمال والعديد من العائلات تتمنى مصاهرتهم، أى حظ تعس تعيشه شقيقتها؟!
انتبهت من مجرى افكارها على صوت والدها الهادئ إلى حد البرود، يكاد يصيبها بالجنون وهو يربت على ظهر ابنته بمودة
- فى يوم هخليكى تستعدى عشان تقابليه و تتكلموا مع بعض.

اومأت شادية برأسها لتستأذن مغادرة تاركة اياهما، همت بالتحدث الى والدها الا ان رنين هاتفه بتر أى محاولة نقاش بينهما واتخذ باب مكتبه كعزلة عن الجميع، توجهت تلقائيا نحو المخبولة الاخرى صائحة بجنون
- انتى مجنونة يا بت انتى، و الراجل المسكين ده اللي عشمتيه فيكي
زفرت شادية وهى تهمس بشرود
-جيهان من فضلك سبيني، محتاجة افكر
جذبت جسد شقيقها لتصبح فى مواجهتها، امسكتها من عضديها قائلة بيأس.

-بتفكرى فى ايه يا بنت المجنونة انتى، انتى ازاى موافقة على الجنان ده، احنا فى عصر ايه عشان توافقي تتجوزي بالطريقة دى، سيبك من نفسك، اللى هيجي ده ذنبه ايه انه يعرف فى قلبك حد شاغله وأنه مهما عمل مش هيقدر يوصل لنفس مكانة حبيبك
رأت الدموع فى عيني شقيقتها، لتزفر بيأس وهى تزيح يديها عن عضديها، مررت يدها على وجهها بيأس، لقد حذرتها.

حسنًا هذا ما تفعله الأشقاء، ليس من حقها أن تجبرها على شئ تعتقد الأخرى بصحته!
لقد أدت رسالتها على أكمل وجه، تصاعد رنين هاتفها بنغمة مميزة لزوجها المستقبلى جعلها تتراجع قائلة بحدة
- فكرى كويس، واضح انك لما رجعتى اتجننتى
غادرت غرفتها صافعة الباب خلفها بقوة، تاركة شادية تغمض جفنيها وتأوه خافت خرج من شفتيها، ألقت بجسدها على الفراش وطلب يائس خرج من شفتيها، تتمنى من الإيطالى غزو حياتها مرة أخرى!

داخل مؤسسة المالكى،
فترة الطلاق لم تكن صعبة كما تخيلت
الأمر فقط احتاج إغراق نفسها حد النخاع فى العمل لتمر أشهر عدتها بسرعة البرق؟!
اين طليقها؟
لا تعلم
هل تشعر بالفضول؟
فى البداية نعم، لكن منذ مدة فقدت الشغف للمعرفة
ترى هل تفكر إن كان يواعد إحدى النساء؟
ربما، من الصعب جدًا أن لا تلاحقه النساء، فالرجل امتلك جاذبيتين
جاذبية الخطورة والمال، وهو بارع فيهما حتمًا...

غالب يشركها فى جميع اعمال العائلة، واضعًا ثقة لا تستطيع الإفراط بها لإثبات كفاءتها، فرجله الرئيسي غائب إلى وقت غير معلوم
وسيم ووجد وشقيقتها رفعا ايديهم عن عمل المؤسسة وهذا لن يترك لها الخيار
دفعت بقوة نحو سوق العمل، وبجوارها غالب، داعم اساسى وهو يوجهها نحو السوق المصرى.

الأمر لم يكن صعبًا، فعالم التجارة لم تتغير مبادئه كالتى فى امريكا، وان كانت تلعب ببعض الخبث والمكر مستخدمة عدة حيل حتى تستطيع مقارعة المنافسين
فالأمر هنا سيان...
وجهها كعلامة تجارية للمؤسسة، تأبطها ذراع غالب في كافة الاحتفالات كان أمر اشتقات له اسيا منذ فترة
فاللعب بقذارة كان هوايتها المفضلة، وبفضله استعادت تلك الهواية منه..

لكن غالب منع أي ذكر محاولا الاقتراب منها، وهذا الأمر لم يكن يضايقها، فلم تكن ترغب برجل يسيل لعابه من حلوى مستوردة ويظن أنها ستستجيب لفراشه لمجرد تسلية
أو كما سمعتها صراحة، لا يوجد حاجز لإكتشاف أى رجل أنها تنتقل بين فراش الرجال
اغبياء، يتوقعون العذرية مجرد سبب يمنع المرأة من الإنزلاق لشهواتهم..

انتبهت آسيا على نقرات لباب مكتبها وبجوارها غالب يناقشان سياسات الموظفين، سمح غالب بدخول الزائر، ليتبين الطارق ما هو إلا زاهر!
وبالحديث عن زاهر
فالرجل لا يبدو كاشباه الرجال الذين عرضوا عليها طلباتهم
عيناها عادت تتفحصه مرة آخرى، جسد عضلى متناسق، طوله مناسب يتعداها بكعب حذائها المرتفع عدة انشات، ذو لحية مهذبة بها شعيرات فضية اكسبته نضج لعينيه العميقتين كليل سرمدى!

قابلته أول مرة حينما عقدا شراكة معًا داخل طاولة الاجتماعات، مهذبًا، انيقًا وكل تلك رايات حمراء
لا يوجد رجل مهذب انيق أمام امرأة كمثلها
تعلم أن ما يقبع بداخله، رجل بربرى اسفل بذلته الفخمة برهن اشارتها للتحرر
وهذا جل ما تريده
عاصفة تقتلع جذورها كليًا
رسمت خط ابتسامة لطيفة على شفتيها، لتجده يومأ برأسه بتحية لغالب الذي حدق به بصلابة وآسيا الذى خرج اسمها بخفوت
-آسيا
ابتسامة لطيفة وبشاشة ردت عليه بغنج متعمد.

-نعم
رأت اختلاجة عضلات فكيه، ونظرة غالب التى تزداد قتامة وما بداخله يعلمه
نظرته لا تخطئ
نظرته، نظرة رجل لأنثى، رجل اشتهى انثى، وما كان يملكه سابقًا كحائط حماية رُفع الآن بكونها أنثى حرة!
غمغم قائلا بصوت أجش
-من فضلك محتاج دقيقتين معاكى
راوغته قائلة بصوت ناعم يخفى الكثير من المكر وداهية انثوية جعل غالب يرفع عينيه بتحذير نحوها.

-تقدر تتكلم هنا يا زاهر، انت عارف مفيش حاجة بتستخبى على غالب، كل صغيرة وكبيرة فى الشغل بيعرفها
رأت وقفته المتصلبة تزداد تخشبًا ليغمغم بنبرة خشنة يدل بها على نفاذ صبره، ليس منها ولا منه، ولكن من الأمر برمته الذي جاء لأجله
استأذن غالب قائلا
- استأذنك خمس دقايق معاها
القى غالب نظرة ذات مغزى تجاههما، هى بكل وداعة تجلس على كرسيها وابتسامة لطيفة، الا ان اللطف لا يلتصق ب آسيا.

ف آسيا حفيدته، داهية صغيرة ستودى بعقل الرجال كما أودعت بعقل حفيده نحو الجنون..
وذلك الأسلوب المراوغ يعلمه، ليستقيم من مجلسه مستندًا على عكازه قائلا بحدة
- سايبلكم الاوضة احسن
انطلق صوت آسيا تخبره بمكر
-مش كانوا دقيقتين، زودتهم ليه؟
القى غالب نظرة محذرة تجاه زاهر الذى فهم معنى نظراته ثم التفت مغادرًا ليترك الأسد بجانب انثى الأسد
اختفت التسلية التى تبرق فى زرقة عينيها لتواجهه بصلابة قائلة بنبرة ثابتة.

-اتفضل، خلص بسرعة عشان معنديش وقت
جلس زاهر على المقعد مقابلا اياها، لينظر الي عينيها بثقة قائلا
- اسيا خلال الفترة اللى اتعاملت فيها معاكى، او بمعني اصح من اول ما شوفتك فى فرح بنت عمك وانا حاسس انا مشدود ليكي بطريقة غريبة
قاطعته آسيا بلهجة حادة وهى تنظر اليه بشرز
- متكملش يا زاهر، طلبك مرفوض
إلا أنه كمثل باقى جنسه
لم يقبل لا من أنثى كعرض لطلبه، غمغم بنبرة هادئة أثارت حفيظتها
- اسمعيني من فضلك.

انتفضت من مجلسها بحدة، وكل حواسها تنفر نفور عجيب حينما يحوم رجل حولها بعكس زوجها
-اسمع ايه يا مخبول انت، انت عارف وقت فرح وجد انا كنت ست متجوزة
لكنها لم تعد متزوجة، تداركت هذا اخيرًا وهى تنظر اليه يحدثها بهدوء وتعقل مثيرين
- انا صريح معاكي يا اسيا، و منكرش انى حسيت بالكره الشديد لنفسي من طريقة تفكيرى لناحيتك، بس صدقيني عمرى ما فكرت فيكي بطريقة مش كويسة.

رفعت حاجبها بسخرية، لتنظر اليه بتفكهه شديد، كيف لم ينظر نحوها بطريقة غير لائقة؟! هذا بحد ذاته كذب ليتنحنح زاهر معدلاً ياقة قميصه واحمرت أذنيه جراء نظرتها المتفحصة التي تخبره ببساطة كون كاذب مدّعى
وهو بصراحة لم يكذب، بل بالغ قليلاً، ولن ينكر انه استرق بعض النظرات، غمغمت آسيا بتهكم.

- هو انت خليت فيها كويسة حتى، اسمع يا زاهر، عيلة المالكى مش بتاخد حد أقل منها، انا لما اتجوزت لؤي واطلقت منه اوعى تفتكر ان مستوايا هيتتحدر وهاخد واحد اقل منى
لمعت عيناها حينما انتفخت أوداجه غضبًا
اووه كم تعشق الكبرياء الشرقى فى الرجل
لا يوجد ذكر شرقى يسمح لأى انثى حتى وان كانت زوجته ان تتعدى على كبريائه..

عينيه التى ناظرتها بغموض قبل أن ترتسم ابتسامة على شفتيه سرعان ما تحولت الى ضحكة خافتة جعلت اسيا تنظر إليه ببلاهة لوهلة
لم تكن تتوقع ردة فعله هكذا مطلقًا
بحق الجحيم لقد إهانته، كيف يضحك هذا المخبول؟!
زمجرت مهسهسة بعصبية
- انت بتضحك على ايه.

رمقها زاهر من رأسها حتى ما استطاع المكتب أن يظهر بثوبها الكحلى العملى، اللون على بشرتها الشاحبة وحمرة شفاهها الأحمر الفاقع كان كالقنبلة الموقوتة زرعت بين جنبات المؤسسة
لا شئ من ثيابها يدعو إلى الخطيئة أو الاغواء، لكن جسدها، تلكئت عينيه نحو بعض مناطق لم تستطيع ثيابها ولا حتى بنطالها العملى اخفاءه ليغمغم بنبرة خشنة
- كنت عارف انك هتاخدى وسيلة الهجوم عشان تبعدينى عنك.

نظرته له أوقفت هجومها، وبلعت أى اعتراض يخرج من شفتيها
لن تنكر أن جزء داخلى اشتاق لتلهف رجل نحوها
عادت تجلس على مقعدها، ومغناطيس السواد فى حدقتيه جعلتها تسكن تدريجيًا وهى تسمع الى نبرة الصدق فى صوته
- اسيا انا مش عيل صغير، انا واحد عندي ٤٢ سنة، يعني مش عيل ساذج، وانا انتظرت فترة العدة ومحاولتش حتى اني المح بحاجة عشان ميحصلش اى حرج ما بينا
اقترب بجسده نحو المكتب الفاصل بينهما وهو يغمغم بصلابة.

- انا راجل واعى جدًا انا عايز ايه يا اسيا، وانا قضيت فترة طويلة عازب، ودلوقتي مشتاق لست تكون معايا، محتاج أكون أسرة وسكن
ران الصمت بينهما وحل بينهما السكينة
دواخلها هاجت لعرض طلبه
تقسم انه رمى الكرة في الشباك، لعب على وتر حساس للغاية وستعترف أنه أخذ نقطة لصالحه
هى بحاجة لعائلة، بحاجة ماسة لأن تستجيب لرجل
رأته عينيه المتفرسة باهتمام لملامح وجهها الرخامية ليسمعها تخرج صوتها حاد.

- لو فاكر انى هكون ست بيت يبقي بتحلم
اتسعت ابتسامة زاهر وهو يسألها بنبرة ذات مغزى
يعلم انها لن تخرج إجابة شافية لطلبه، لكن مراوغتها يستطيع فهمها، تلك الأشهر التي قضاها بجانبها استطاع أن يلم بجميع سكناتها قبل حركاتها!
- يعنى اعتبرها موافقة مبدئية؟
ولكون اسيا لن تجعل رجل يظفر بكامل انتشاءه بفوزه في الجولة الأولى، غمغمت بنبرة جادة
- اثبتلى انك احسن منه، اثبتلى انك تستحقني.

تلك النيران، نيران رجل شرقى لأمر يخص رجولته تعشقها، ابتسمت عيناها وهى ترى استقامته من مجلسه واضعا كفى يديه على طاولتها ليقترب منها قائلاً بهيمنة رجولية
- اعتقد احنا كبرنا على الكلام ده، مش كفاية جرى لحد كدا ولا ايه؟
لم تبتعد مقدار انش، بل رحبت لأول غازى لإرضها وهي تنظر نحوه ببراءة مخادعة وهمس مستنكر
- بمعنى؟
اجابها بغلظة لم تكن موجهه لها، ليجذب عينيها فى تواصل بصرى لأكثر فترة ممكنة، قائلاً بصوت خشن.

- ببساطة انا مش بتحط فى مقارنة مع حد، وزي ما قولتلك انا راجل واعي جدًا لقراراتي عايز أسرة وزوجة وأولاد، انا مستعد ناخد فرصة نقدر نعرف بعض اكتر بعيد عن الشغل، واثبتلك يا ستي انى عندى جدية فى طلبى، بس هى لفترة واحدة بس المقارنة دى، مرة واحدة بس يا آسيا
لم يفتها نبرة التحذير فى صوته، فالأمر لم يكن سهلاً بالنسبة لها.

يفرض ذكوريته امامها، كارهًا مقارنته بأي رجل آخر امام انثى، وحتى ان لم تكن الأنثى تخصه، بل امراة غريبة عنه، حسنا كل هذا نوعها المفضل
غمغمت آسيا تسأله بهدوء مثير لإعصاب الرجل أمامها
- غالب عارف بطلبك ده
ابتسم وهو يجيبها
- انا برضو بتاع اصول داخل البيت من بابه
اعتدل بجلسته وهو ينظر اليها قائلاً بنبرة رجل يعرف كيف يأسر اهتمام انثى التى امامه.

- هنتظر رأيك بعد اسبوع، موافقة مبدئية وتقدرى تحطى فى مقارنة زى ما انتى حابة بس لفترة مؤقتة
العرض مغرى، يصعب عليها أن ترفضه، لكنها لم تكترث لعرضه بالمرة، ما إن أغلق باب المكتب حتى انفتح الباب مرة اخرى وصوت شقيقتها المتسلية تقول
- مين المز ده
هزت آسيا كتفيها بلا مبالاة مجيبة اياها
-عريس
شهقت مارية بتفاجئ سرعان ما ارتسمت ابتسامة ماكرة على شفتيها قائلة
-آسيا انتى اكيد بتهزرى
لوت شفتيها بعدم اكتراث قائلة.

-مبهزرش
لمعت عينا مارية بوميض وهى تقترب منها جالسة على المقعد كما لو أنها صاحبته
-بالسرعة دى، حقيقي منبهرة، حد يعرف؟
اغلقت اسيا الملفات امامها بحدة، ف مسامرة شقيقتها ستستمر لساعات ولن تنهى أى ملف أمامها في الوقت الراهن، أولت اهتمام لشقيقتها التي باتت كضيف متوقع زيارته لمؤسسة
- قال لغالب.

هزت مارية رأسها باستحسان بالغ، رغم انها لم ترغب بالحديث عن الماضي، وآسيا أعلنتها صراحة، ان انتهى لؤى دوره الفعال كزوجها فهو بالنهاية ابن عمها
وابن العم له حقوق قرابة فقط، غمغمت مارية بإعجاب لم تستطيع اخفاءه تجاه المدعو بجدهما
-واضح أنه عند وعده ليكي، مش كدا ولا ايه؟ بعد طليقك عن الصورة واستجاب لرغبتك ودلوقتي اهو جايبلك عريس.

حتى تلك اللحظة لم تنطق كلتاهما لفظ جدى ولن ينطقا بها مطلقًا، لكن سماحة مارية المثيرة للتعجب لآسيا بمكوث صغيرتها شمس بين أحضان جديها وعائلة والدتها، بل وتقبلها له فى حياتها، قالت آسيا بشك
-سيبك منى دلوقتى، قوليلى خير بقى سبب الزيارة السعيدة دى، واخدة بالى انك رجلك اتعودت على الدخول هنا وبيت العيلة.

كلمة بيت العيلة كان لها وقع مختلف على أذن مارية، فهى لم تحظى مطلقًا ببيت عائلة، حتى ذكرياتها مع والدها شبة منعدمة
الدفء الحقيقى الذى استشعرت به كان فى بيت زوجها ماهر بين شقيقاته وحماها، وبالمثل فى منزل المالكي
أجابت آسيا بصراحة
- ليا نصيب فى المكان ده زيك، وان كنت عضو غير فعال، ثم البيت اللي بتحكي عنه ده بروحه عشان شمس تعرف عيلتها ويبقى ليها عزوة وسند.

اختفت معالم التهكم من على وجه اسيا لتسأل شقيقتها بشك
- قررتى فجأة تتخلى عن حقدك يا مارية؟
هزت مارية رأسها وهي تبتسم قائلة
- قررت فعلاً، لأنى استوعبت الحقد ده مش هيدمر غير صاحبه، شمس علمتنى انضج فكريًا و استوعب ان غلطة الكبار مش هنشيل احنا ذنبه
استشعرت اسيا مدى جدية حديث مارية، مارية لم تتحدث بهذا التعقل والجدية من قبل
حتمًا شئ جديد زعزع الفكرة المسيطرة على عقلها.

فمنذ شهور كانت لا تطيق سماع اسم عائلة والدها، اما الآن فأصبحت تكثر الزيارة مصطحبة صغيرتها بل وكونت علاقة مريحة نوعًا ما مع وجد التى تنتظر مولودها لقدومه للحياة بفارغ الصبر..
استقامت آسيا من مقعدها لتستدير حول المكتب متخذة المقعد الشاغر أمامها قائلة
- ايه اللى حصل يا مارية عشان تغيرى تفكيرك
لمعة عيني مارية والدموع التى طفقت تخرج من مقلتيها، جعل اسيا تتوجس خيفة..

لكن الابتسامة الساطعة على وجهها ويدها التي وضعت على بطنها جعلت اسيا تشهق بذهول وعينيها جاحظة بعدم تصديق، إلا أن مارية أكدت لها قائلة
- انا حامل
مسحت مارية الدموع من عينيها سريعًا وهى تهمس
- يدوب لسه عارفة، ماهر مش هيصدق وهيطير من الفرحة زى ما انا حاسه بكده
غصة مريرة كانت كالعلقم ابتلعتها آسيا
فى داخلها تسب ذلك الذى امتنع عن جلب الفرحة لقلبها
لربما انضمت مع الفتيات لكن ذلك اللعين.

سبته بكل افظع الشتائم التى تعلمها، الا ان هذا لم يمنع أن تضم شقيقتها فى عناق كانت هى فى أمس الحاجة اليه
دمعة حارة سقطت من جفنها لتزيحها سريعًا وهي ترسم بسمة حقيقة على شفتيها قائلة لشقيقتها
-مبروك يا مارية
امسكت مارية بكفى شقيقتها قائلة بنضج لم تراه مسبقًا، فلطاما تعاملت كونها هى الشقيقة الكبرى، الأم الفعلية لها.

- صدقيني هيجي اليوم اللى هتقررى فيه تنسى الماضى وتبدأي من جديد، الموضوع مش مخيف زي ما كنت متصورة
اكتفت بهز رأسها مغمغة بحنق
- منك لله يا زاهر، مكنش وقتك تيجى خالص
ستفكر فى عرض ذلك ال زاهر بجدية الآن
تبًا له!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة