قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وستة عشر

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وستة عشر

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وستة عشر

غمغمت ببعض البلاهة وهي تشعر بالغضب واندفاعها للثأر من ذلك الوقح الهيركليز خاصتها فى اقرب وقت
-اقتراح!
استقامت من مجلسها وحاولت أن تمثل انها كادت ان تقع ارضًا وهذا ما شعرته حينما تحفز جسد الذي بجوارها لتقديم المساعدة لتهمس بنبرة متعبة وهي تتمسك بذراع لؤي بقوة
-لا بجد مش قادرة، حبيبي حاسة بهبوط من الصبح ومش عارفة مالي بقالي اسبوع على الموضوع ده.

اتسعت عينا لؤي لثواني وكاد ان يسقط في شباكها، إلا أن ابتسامة ماكرة من شفتي غالب علم أنها تمثل و المعنى المستتر ظهر جليا امام الرجال
رفعت اسيا رأسها لتنظر الى عيني لؤي بخبث شديد ثم تراجعت بعدو خطوات للخلف، لتضع يدها علي رأسها وهي تهمس باعتذار ووهن في صوتها أجادت تمثيله
-انا هستأذنكم للحظات كملوا اجتماعكم.

تحركت بخطوات متأنية حتى غادرت الغرفة، بقي لؤي واقفًا وهو ينظر الي اثرها الراحل، بقي لفترة يحاول التغلب علي فضوله والانتظار حتي عودته، إلا أنه قال ببرود وهو عازم على المغادرة
- هستأذن انا كمان
تنحنح مدير الحسابات بحرج قائلا
- بس حضرتك عمرك ما أجلت علي اجتماع يا استاذ لؤي
ابتسم لؤي ببرود وهو يغلق زر سترته قائلا وعينيه تنظر إلى جده بنظرة ذات مغزى
-واجبات الزوج.

خرج والشياطين تلاحقه ليسأل مديرة مكتبه عن زوجته واخبرته انها تنتظره في غرفته، سارع بالتحرك وهو يفتح باب غرفته وأغلق خلفه بعنف موصدًا اياه لينظر الى امرأته المشتعلة تواجهه ببرود شديد وهي جالسه علي مقعده الضخم تدور بالمقعد بمتعة لترفع كلتا ساقيها ببرود علي سطح المكتب بوقاحة قائلة
-فاكر هتغلبني
ابتسم لؤي ببرود وهو يتقدم منها بتؤدة
-استحالة حد يغلب شيطانة.

ضحكت بملء فيها وهي تتذكر وضعها المزري منذ دقائق لتضع ساقيها أرضا وتقوم من المقعد وهي تقترب هي الأخرى منه قائلة
-بس الخبيث يقدر
رفع حاجبيه بتعجب ليجدها فجأة تضربه علي صدره بوحشية لتصرخ هادرة
-يا متوحش ايدك بقت تقيلة على جسمي
ابتسامة طفيفة زينت وجهه وهو يهدئ من جموح جسدها ليعقد كلتا ذراعيها خلف ظهرها ليهمس بخشونة
- ايدي بس!، ما انتي شغالة ٢٤ ساعة عروض اغراء استحملي.

نظرت الي عينيه وعاطفة عينيه اذابتها لتهدأ من ثورتها وهي تهمس ببرود
- وياريت فالح، هتخلينا نجيب بيبي بالطريقة الطبيعية ولا نروح عند دكتور نعمل تلقيح صناعي
اشتعل الجنون في عيني لؤي جراء كلماتها ليمسك فكها بقسوة جعلتها تتأوه متألمة، وجحيم عينيه اخافتها وهي تسمعه يهدر بتملك وغضب
-مفيش مخلوق علي وش الدنيا هسمحله انك تكشفي جسمك عليه.

فغرت شفتيها لبرهة وهي تري اختلاج عضله فكه، والعرق النابض في صدغه لتحاول استعادة برودتها كي تحبطه هو الآخر وتريه صنيع أفعاله منذ أن حبسها داخل جدران منزله
-اومال لما اولد هتولدني حضرتك ولا اموت انا بتحكماتك يا سي لؤي
عقد حاجبيه لبرهة وهو يترك ذقنها مرددًا كلمتها
- سي لؤي! انتي سمعتي الكلمة دي فين
اجابته ببؤس شديد وهي تراه يعتصر جسدها بوحشية بين ذراعيه، لتأن بتوجع مثير هامسة بحنق.

-في التلفزيون يا متوحش، بطل توجع
جسمي بالطريقة دي
سألها بحدة والظلمة في عينيه علمت ان جليده قد ذاب بعد معاناة عاشتها معه
-عايزة بيبي!
جرأته في طرح السؤال جعلها تهز رأسها ايجابا وتجيبه بهمس خطير
-بطريقة متوحشة
همت برفع جسدها لتبادر بخطوتها الأولى إلا أنه منعها قائلا بجدية
- يبقى مكانا في البيت.

كادت ان تصرخ بيأس أن هذا لا ترغبه، سيعود آخر النهار ويتعامل معها ببرود وكأنه لم يعرض خطته بالحمل منذ قليل كما فعل الا انه فاجأها شخصيا حينما شد ذراعها لتغادر معه مكتبه لتسأله بدهشة وهي تنساق خلفه تحاول مداركة خطواته المهرولة
-دلوقتي!
رفع لؤي عينيه نحوها يرشقها بسهام نارية، ووعيد لذيذ اشعل جسدها باثارة لتسمعه يهمس بخفوت مثير
-اومال بكرا، مش بجحتي قدام أعضاء الإدارة انك حامل مني.

ابتسمت بتألق وبدأت الحمرة تزحف نحو وجنتيها وهي تجده يضم جسدها بتملك امام الموظفين دون حرج، لتهمس بتردد وهي تشعر ان لؤي فقد سيطرته لتهمس بانزعاج
-انا، كنت بنتقم منك، مش اكتر
زفر لؤي بسخط لينظر اليها قائلا بحدة
-اخرسي يا آسيا.

وخرست آسيا، للأبد في تلك الليلة أمام انفلات أعصاب لؤي وشوقه المستعر لتسقط بين احضانه برغبة باحثة عن الأمن الذي تجده بين ذراعيه فقط، ليعلن لؤي استسلامه رافعًا راياته البيضاء لشيطانته لتلك الليلة والشيطانة لم تكن سوى أنثى استعادت رجلها الليلة.

فى قرية الغانم،
وتحديدا فى الروضة التي انضمت لها شمس الغانم منذ شهر، رغما عن أنف المديرة التي لم تتوانى عن تعبيرها الصامت بالرفض، لكن دائما النفوذ هي الحل السحري لعالم الدنيا، هو لم يكن يرغب أن يبدأ بشئ خاص لشمس ببعض القذارة فى أعماله لكن المرأة الأربعينية تستحق، كي تعلم أن بعض العالم لا يدور حولها ويكون حسب إرادتها!

واقفًا فى المنطقة المخصصة للألعاب وعينيه تمر بكل تفصيلة معينة ويحدد مناطق القوة والضعف لمنطقة الألعاب بل أكثر الألعاب خطورة لسن صغيرته كي ينبهها بعدم اللعب! ابتسم باتساع حينما وجد صغيرته تتقدم بخطوات عثرة مهرولة فاتحة ذراعيها
-بابي.

اخفض نضال جذعه وهبط علي ركبتيه وهو يفتح ذراعيه لتلقي شمس بين ذراعيه ونضال يقبل جبينها بأبوة وحب، عيناه تمرر علي خصلات شعرها الثائرة من كثرة الركض، وعينيها الذهبيتين وامضة بطريقة خلبت لبه، يرى حيويتها تزدهر في الروضة كل يوم عن سابقه، بل أصبحت ثرثارة، كلماتها تحسنت مكونة جمل قصيرة مفهومة، دفن وجهه في عنقها يحكها بذقنه الخشن لتنفجر شمس ضاحكة بسعادة ليهمس نضال بصوت أجش
-يا روح بابي انتي.

رأي عيناها ترغبان ببوح شئ، عبث بخصلات شعرها بقوة لتزمجر فى وجهه بحدة وهي تبعد يده عنها محاولة اعادة ترتيب خصلات شعرها لينظر اليها نضال بيأس قائلا
-عملتي ايه النهاردة يا مصيبة
زفرت شمس وهي تلتفت بعينيها باحثة عن شيء فى الأرجاء مما جعل نضال بتعجب بعض الشئ لكن عينيه تركزت عليها ليراها ترفع كلتا ذراعيها هامسة بتطلب
- بابا kiss.

اقترب نضال وهو يقبل كلتا وجنتيها كما طلبت، لتبتسم شمس بعذوبة قبل ان تنجذب عيناها تجاه ركن ما لتمسك سترته وهي تشير إلى اتجاه خلفه قائلة
-يوسف اهو.

اختفت الابتسامة من على وجه نضال ليحل محله التهجم اشتعلت عيناه بغضب والغيرة تدفعه ليفتك بالمدعو يوسف، سارع بأن ينظر إلى اتجاه المدعو يوسف ليراه طفلا ازعر يكاد يصل في طول صغيرته ينظر الي ابنته بخجل ويفرك كلتا يديه بتوتر أمامه، عاد بانظاره تجاه ابنته ليراها هي الأخرى تضحك بخجل وقد توردت وجنتيها بخجل؟!
هل توردت وجنتيها أم عقله الغبي يهيئ له تلك الأمر؟!

إن كان عقله يهيئ له ذلك الأمر، مستحيل أن صغيرته ترفع بيدها كتحية خجلة صغيرة قبل ان يراها تداري بجسدها لتسقط بين احضانه!
فغر شفتاه بصدمة وهو يحاول الافاقة من ذلك الكابوس؟!
حتما يجب عليه أن يفق؟! لماذا لا يفق؟ اللعنة لماذا يجب عليه إخراج وحشه الداخلي؟
امسكها نضال من مقدمة ملابسها لينظر اليها بغضب حقيقي جعل شمس تخفض نظراتها ارضا لينفجر فى وجهها صارخًا كما لو أنه كشف ابنته المراهقة تحب ابن الجيران!

-يوسف مين يا يخربيتك هو انا ببعتك التعليم عشان تتشقطي
ابتسمت شمس ببلاهة لتغطي كلتا وجنتيها بخجل وهي تهمس بصوت ناعم
-اداني kiss
انتفض جسد نضال لينظر الي ابنته بعدم تصديق، يهز رأسه نفيا وهو لا يصدق ما سمعه
إنها الطامة الأخرى، وهو كان يفكر كيف سيقوم بلجامها في فترة مراهقتها التي ستتعبه لتلقي أمامه بالحقير الذي قبلها وهما فى الروضة!
هل تشوهت البراءة فى ذلك العمر أم أنه يتخيل؟!

زمجر بهدر وصدره يغلي كالمرجل، يحاول ان لا يقتل ابنته، مفكرا ان الحق عاره يجب أن يقتل اليوم، ذلك الحقير يوسف سيكون في عداد الموتي اليوم
-نهاركم مش فايت، مش هيطلعله نهار
عاد يجذبها من مقدمة ملابسها ليسألها بجنون وعينيه تتفحصان كافة ثيابها
-اداكي بوسة فين
وضعت يدها على وجنتها اليسرى لتخفض عيناها أرضا، ويزداد الطين بلة حينما رفعت يدها مرة اخرى ووضعتها علي وجنتها اليمني، زأر نضال بوحشية.

-الله يخربيتكم، الله يخربيته
التفت كثور ثائر باحثا عن ضحيته اليوم، سيقوم بفتك ذلك الزئرد الصغير، وسيفتك بأبنته ليلا، صاح بسخط حينما لم يجده فى موضوعه الذي أشار له
-راح فين سي روميو
نظرت شمس الي ابيها بعدم فهم الي غضبه لتصحح له قائلة
-يوسف بابي مش روميو
امسكها من يدها وسار عدة خطوات باحثًا عن ذلك المجرم الذي قبل كلتا وجنتي ابنته ليسألها بحدة
-فينه سي زفت.

وضعت شمس يدها على ذقنها بتفكير وبحثت بعينها عنه لتصرخ بحماس وهي تشير بذراعها إلى الشجرة الضخمة قائلا
-هناك بابي
ربت نضال علي ظهرها بابتسامة شيطانية
لقد وقع فريسته فى مصيدته
ثم سيقوم بهدم تلك المدرسة فوق رؤوس الجميع وأولهم تلك الناظرة الاربعينية المستفزة
نهب الارض نهبا وحاولت شمس ان تجاري خطواته، الا انها تعثرت قليلا ونضال لم يكن يري سوي رقعة حمراء علي وشك تمزيقها شر تمزيق.

وجد الطفل جالسا أسفل الشجرة وامامه أقلام تلوين وكراسة للتلوين، امسك نضال الطفل من مقدمة ثيابه ليرفعه مما جعل الطفل الصغير يذعر قليلا وهو يقابل عينا شبيهة للطفلة الحلوة التي أصبحت صديقته ليواجه غضب الأب الذي هدر فى وجهه بغضب أرعب فرائصه
- انت اللي اديت بنتي بوسة ولا لأ
اختض جسد الطفل بخوف كبير وهو يومئ برأسه مقرًا باعتراف خجل
-ايوا
يا لوقاحة الجيل الحديث!

جز نضال علي اسنانه بسخط جعل الطفل ينظر اليه بخشية وخوف كبيرين، الدموع بدأت تغالبه ليسمع صراخ الأب
-يا روح امك، وانت اتزفت بوستها ليه
عض الطفل على شفته السفلى محاولا التغلب على دموعه، كابحًا أي دموع لكن لم يستطع وهو ينظر الى عيني كالجحيم في اشتعالهما ليبكي ناطقًا بتعثر
-بابي قال اني كل ما اشوف حاجة حلوة لازم اقول انها حلوة، وبنتك حلوة يا عمو
-عم ايه الله يخربيتك، فين امك يا ولااا.

قالها وهو يجز على اسنانه بعصبيه، وكاد يصاب بذبحة صدرية حينما استمع إلى جرأته فى الحديث معه، اطبق على ثيابه الانيقة وبدي من حالة ثيابه النظيفة رغم يوم الدراسة ليس من مفرطي الحركة، وقعت عيناه على خصلات شعره المصففة بعناية ليرتفع حاجبيه بدهشة
هل الطفل يقوم بتلك الحركات المكشوفة لينال اعجاب ابنته؟! ومع رؤيته إلى كراسة التلوين ودقته في التلوين مع اختياره للألوان الملائمة خمن انه فتى مرهف المشاعر.

اشمأزت معالم وجهه، ماذا سيصبح ذلك الطفل فى المستقبل؟ رسام!
انتبه على صوت طفولي غاضب
-نزل ايدك من علي اخويا
التفت الى مصدر الصوت ليجد إلى صورة مطابقة لنسخة منه لكن بهيئة فوضوية عنه، نظر نضال الي التوأمين ليهمس نضال بسخرية
-الله ده انتو ربطية بقى، ومين انت الاخر
قال الطفل الآخر بحمائية شديدة وهو يزيل يده نضال بجرأة شديدة من ثياب اخيه ليلتفت اليه بتحدي
-انا يحيي اخوه.

تابع نضال بشغف نحو يحيي الذي يطمئن على أخيه بكلمات قصيرة خافتة، يبدو أنها لغتهم الخاصة كتوأم متشابه! لم يمنع نفسه من الابتسام وهو ينظر إلى ابنته التي أصبحت مجاورة له ترفع عيناها بلوم اليه كونه اخاف صديقها، لكنه تجاهلها حاليًا في حسابها في البيت معه، سأل بخشونة قاسية
-وفين بقي الوالدة العظيمة
رفع يحيي رأسه فجأة ليحدق نحو عيني الرجل المستعرتين دون خوف وهو يجيبه بصوت حانق.

-مامي هتيجي في اي وقت، بس مش من حقك تمسك اخويا بالطريقة دي
نظرة عيني الطفل كانت حمائية، متطرفة بعض الشئ وهو يربت على ظهر أخيه، ليهبط بجذعه وهو يهمس الى ابنته
-طب كنتي اخدتي اخوه، مالك انتي بالناعم ده
لكن شمس كشرت ملامحها علي الفور حالما نظرت الي يحيي لتجيبه
-يحيي شرير، يوسف طيب.

أصاب نضال بالاندهاش وهو يرى دفاع ابنته عن ذلك مرهف المشاعر، ليزفر بحدة وهو يستقيم من مجلسه راغبًا فى تقديم شكوى للمكان برمته، مثيرا بهما فضائح أن يتغلبوا على اخمادها، انتبه من بين زخم افكاره الي صوت انثوي حاد
-فيه حاجة لو سمحت
رفع عينيه نحو المرأة، تبدو كأنثى الأسد تحمي ابنائها ولو من صياد ماهر يرغب فى اختطاف أبنائها، ليست فائقة الجمال ولا تلك التي تثير زوبعة من جمالها الحاد.

لكن لن ينكر انها تحمل سحر تجعل الرجال يخرون أسفلها!
اقترب الطفلين منها كل طفل منهما متعلق بساقها لتهبط بجذعها تضمهم بحماية وهي تسمع بانصات شديد تجاه يوسف الذى تحشرج صوته ببكاء
-مامي، عمو الشرير ده شدني من التي شيرت بتاعي
رفعت الأم عيناها بشراسة لتشد بقامتها وهي تهمس بحدة
-وانت فاكر نفسك في سويقة يا حضرت
اتسعت عينا نضال بدهشة، هل هذا اسلوب قلب الطاولة أم يتخيل؟!
وجدها فجأة تصرخ منادية
-فين ميس الهااام.

حدجها بنظرة باردة ليقول بصوت ممتعض
-لا حته خدوهم بالصوت دي مش هتاكل معايا
لمعت عينا المرأة بمكر وهي تلاحظ اقتراب المشرفة الهام نحوهما لتهمس بنبرة تحمل الكثير من المكر والوعيد
-هو انت شوفت حاجة
نظر نضال بسخط تجاه شمس وهو لا يصدق أنه سيتورط في مشاكل الآباء والأبناء وخاصة مع امرأة مختلة، لكن الشقية ارسلت له قبلة فى الهواء ليزفر بيأس وهو يحملها على كتفه وهو يستعد للشجار الذي ربما سيصيبه بصداع يفتك رأسه!

..

مرت ساعة على تلك الجلسة المملة وبعد أن وجدت المشرفة الهام أن كلا الطرفان لا يتنازلان وإنهاء الشجار الذي لا داعي له بنظرها، ارسلتهم للناظرة المدعوة ب ألفت، ولكون ألفت لا تطيق والد الطفلة التي انضمت حديثا أرغمتها على الجلوس فى الشجار الذي لم ينتهي مطلقًا وكلا الطرفان يتراشقان بالكلام غير تاركين فرصة لأحد بالتدخل، القت ألفت نظرة مطمئنة تجاه المرأة وهي تحدج نضال بعدم رضا ليبتسم بجفاء وهو يستمع الى المرأة التي قالت بحدة.

-انا عايزة حق ابني يا مدام ألفت
زفر نضال بسخط وهو ينظر الي كلتا المرأتين بعدم اهتمام حقيقي ليقول بنبرة مرتفعة غاضبة
-وانا عايز حق بنتي، هو انا مدخل بنتي عشان تتعلم ولا عشان المسخرة وقلة الادب، ايه بنتي تتباس عادي كدا
صمتت المرأة لعدة ثواني وهي تنظر الى ابنها يوسف الذي أطرق برأسه للأرض خجلا، لتجادله بقوة
-وهو انت عقلك صغير عشان تدخل مع طفل قد عمر بنتك
-عشان يحرم يقرب لحاجة مش بتاعته.

زمجر نضال بخشونة وهو يربت على ظهر ابنته التي لم تكترث لشجارهم بل اقتربت من يوسف محاولة التحدث معه، لكن الفتى ينظر الي ابيها بخوف ثم اليها بتردد لتمسك يده بجرأة جعل كلتاها يصابا بالخرس..

ابتسمت المرأة بحنان شديد وهي تطمئن ابنها بعينيها ليتجرأ الطفل وهو يتجاوب مع الفتاة اللطيفة التي لا تشبه شيئا من أبيها، استقامت ألفت وهي تشعر بالصداع وطلبت بتهذيب للطفلان الخروج من الغرفة ثم طلبت من الهام متابعة الأمر وخرجت تاركة الهام بين ثورين يتناطحان بدون هدف!
-الطفل اللي عايز تعاقبه بهمجيتك ده قد سن بنتك، وبعدين محاولتش تفهمه ليه ان اللي عمله غلط بالنسبالك وشرحتله.

قالتها المرأة بتقريع بالغ الحدة، ليرتفع حاجبا نضال بدهشة وهو يشعر أن المرأة تهينه
انها تهينه حرفيا بعد جميع اعوامه تلك فى عالم السوق والمناقصات يكون غير قادرا على الرد ببذائة امام والدة طفل، لكن هذا لم يمنعه من الهمس بسخرية
-وانتي دوركي فين يا مدام فى تربية عيالك
اجفلت المرأة لثواني، قبل ان تستعيد سيطرتها وهي ترد عليه ببرود
-موجودة الرك بقي على الشخص التاني للي بيسمحله انه يتعدي حدوده.

تجهمت ملامحه وحدق داخل لجة عينيها السوداوين ليسألها بحذر
-تقصدي ايه
تناولت حقيبتها واستقامت ببرود قائلة بعدم اكتراث
-اللي فهمته
استقامت الهام وهي تتنفس الصعداء لتقول بابتسامة عملية
-نورتي يا مدام غالية
هزت غالية رأسها بعدم اكتراث، لتتقدم تجاه نضال وهي تنظر الي عينيه بجرأة استعجبها من امرأة مثلها، لا تخشي شخصا مثله!

شخص تتفاداه الناظرة لتأتي تلك السمراء بملامحها بعينيها الكحيلتين وثيابها المحتشمة تقول بتهكم
-المرة الجاية يبقى تعلمى بنتك انه لما يجي حد يبوسها تضربه بالقلم
اتسعت عينا نضال بتفاجئ ليهبط بعينه الي اناملها ليراها خالية من أي خاتم زواج، من تلك المرأة الداهية؟!
ومن أين داهية أتت لتسبب بداخله فضول، وروح صياد اشتهي لروح المغامرة!

فى المشفى،
مر ثلاثة أيام على يوم الحادثة، وقد تم تضميد كامل جسد المريض ووضعه فى العناية المركزة، وقفت شادية أمام النافذة الزجاجية وداخلها يرقد محطم قلبها
حالة من الزعزعة وعدم استقرار النفس تكتنفها، وهي لا تعلم لماذا أتت؟
أتريد اشباع الجزء الفاسد داخلها أنه استحق عقاب كهذا؟!
أم متلهفة لرؤيته حي يرزق، يفيق من غيبوبته لإسكات ضميرها الذي يوخزها؟!
أغمضت جفنيها بيأس وأصبحت تشعر ب
روحها محتضرة.

وجسدها كغصن لين قابل للتحطم
وقلبها، يا ويلها ويا ويل من دخل دائرة العشق بقدميه
الحقير لا يستحق دمعة واحدة
ودمعة خائنة سقطت دون إرادتها
أسندت رأسها على الزجاج تحدق بعينين خاويتين إلى جسده الساكن وأسلاك تحيط كامل جسده تعلن أن ما زال حي يرزق
حالته خطرة، بل مروعة، والطبيب أخبرهم صراحة أن نسبة حياته معلقة بين يدي الرحمن
-متستحقش أي دمعة مني يا خاين.

غمغمت بها بقهر وطفقت الدموع تنهمر دون أدني مقاومة تلك المرة، خبطت برأسها علي الزجاج عدة مرات متمتمة
-خاين، حقير، عاهر
ونياط فؤادها يعزف لحنًا على أوتار مبتورة تسيل منها الدماء، رفعت عيناها بحدة تحدق اليه تخاطبه ومسافة أمتار تفصل بينهما
عيناها الخاويتين تلمعان بقسوة لم تغلف قلبها الطيب قبلاً، تخاطبه كما لو أنه يستطيع سماعها ورؤيتها.

-استحالة تفتكر باللي حصلك اني هسامحك، عمري ما هسامحك انك كسرت قلبي يا سرمد
اختض جسدها بعنف حينما استمعت الى صوت شقيقتها الساخر التي اقتربت من نطاق بؤرتها العازلة
-اعتقد انه بين ايدين ربنا دلوقتى يا شادية، يقوم بالسلامة واعملي اللي انتي عايزة تعمليه قدامه
رفعت عيناها تنظر اليه وهي تراقب الي جهاز نبضات القلب معلنة عن بقاء جسده حيًا، عضت على طرف شفتها السفلى لتهمس باختناق
-انا مش عارفة بيحصلي كل ده ليه.

مررت أناملها بحدة على خصلات شعرها، تبتعد بجسدها عن نطاق رؤيته التي تسبب فى زعزعة جمودها وصلابتها لتهمس
-عشان كده مكنتش عايزة احب من تاني، وخصوصا هو
اقتربت جيهان منها تشدد من أزرها قائلة بتعقل
-اهدي كلامك ده لا هيقدم ولا هيأخر
التفت شادية تصرخ بعجز لسؤال ينخر رأسها دون جدوى من معرفة الاجابة
-ليه رمي نفسه وسطهم، ليه قرر يعمل كدا
صمتت جيهان وقد اختارت في الاجابة لتهز كتفيها بلا مبالاة قائلة.

-يمكن اكتشف غلطته واللي عمله عشانك
ثم تشبثت تمسك بكلتا ذراعيها تسألها باهتمام قلق
-شادية ارجوكي احكيلي عملك ايه، ورحمة ماما ما هجيب سيرة لحد
تراجعت شادية بخطواتها وهي تهز رأسها نافية بصلابة
-لا
حدقت جيهان بقلق لتغمغم
- شادية
رفعت عيناها بصلابة لتجيبها بحدة
-مش هخلي حد يقرر عني بعد كدا، انا الوحيدة اللي هقرر حياتي بمزاجي
هزت جيهان رأسها بايماءة خافتة لتهمس بخشية
-انا خايفة عليكي.

رفعت شادية عيناها لتحدجها بنظرات صلبة لتقول
-مش عيلة صغيرة عشان تخافي عليها، انا كويسة
عضت جيهان على طرف شفتيها بحرج، لترمش بأهدابها عدة مرات قائلة ببرود
-امشي يا شادية
اتسعت عينا شادية بتفاجئ لتتابع جيهان بحدة
-وجودك هنا ملهوش لازمة، انتي لا مراته ولا خطيبته عشان تكوني هنا
عضت شادية علي باطن خدها وهي تلقي نظرة سريعة تجاه النافذة الزجاجية لتلتفت الي جيهان قائلة.

-انا جاية لطنط غيداء، من حقها تحس اني مهتمة بيا زي ما هي اهتمت بيا، مش جاية عشانه
اضطربت الحركة في الرواق الهادئ لترى اندفاع طاقم التمريض بسرعة تجاه غرفته واتبعهم الطبيب، لم يحاول الاجابة على اسئلة جيهان..
اسرعت شادية التوجه نحو النافذة الزجاجية واضعة كلتا يديها على النافذة وهي تري الجهاز الوحيد الذي يعلن عن كونه حي يتنفس قد تحول إلى خط مستقيم، معلنًا عن فراقه لحياتهم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة