قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وسبعة

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وسبعة

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وسبعة

القت تحية نظرة خاصة لكلاهما، لتتيح لهما بعض الوقت الخاص وهي تقول
-عاصي يقولك بقي الموضوع، هلحق ارجع الحتة عشان تعبت من الوقفة
رفرفت وجد باهدابها وهي تري تحية تخرج من باب المنزل، لتقول بتعجل وهي تبحث عن حقيبتها
-طيب انا هجيب شنطتي وهمشي
اهتدت وجد اخيرا لحقيبتها لتسارع بحملها وما ان استدرات علي عقبيها تراجعت خطوة واحدة حينما رأته امامها لا يفصل بينهما سوي بضعة انشات.

رجفة عنيفة مرت علي اطراف جسدها حينما لف ذراعه حول خصرها لترتطم بعضلات جسده، شهقة منفلتة خرجت منها لتهمس باضطراب
- عاصي
لف ذراعه الاخر حول خصرها ليحتضنها بتملك شديد منه لم تعتاده وجد التي تورد وجنتيها وألجم لسانها حينما همس بشوق فضحته عيناه
- وحشتيني
فغرت وجد شفتيها بصدمة قبل أن ترفع عيناها لتري باب المنزل مفتوح، تحركت تنوي الفكاك من حصاره لتهمس باضطراب
-يا مجنون الباب مفتوح.

مال عاصي واضعا جبينه علي خاصتها، ليزفر بحرارة محاولا كبح انفاسه الثائرة وجنون قلبه، والجام مشاعره المنفلتة ليقول بهمس خافت
-خلتيي اتجن علي ايدك يا بنت المالكي
كهرباء سرت من أسفلها حتي شلت جميع أطرافها، لينفرج شفتيها بلهاث حار وعينها تتسعان بوجل لتهمس
- انا!

لكن القلق يطرق ابوابها، وهي بين الحين والاخر تخشي أني يقتحم احدهما باب المنزل شهقت بذهول حينما مال يطبع قبلة عميقة علي خدها الأيسر لتنصهر بين يديه وهي تهمس بضعف
- عاصي
ابتسم عاصي بأسي وهو يسيطر علي مشاعره قبل أن تنفلت ويحدث ما لا يحمد عقابه
فالشيطان كما يقولون، شاطر
وهي مستسلمة بوداعة بين ذراعيه، فكبت احباطه وآنين حاجته بقبلة علي الخد، ليهمس بخشونة
-بقولك وحشتيني، ايه انتي مش بتحسي.

اتبعها بقرصة خفيفة على ذراعها، لتتأوه وجد بتوجع، هم عاصي بالزهور لكن تحية من حيث لا يدري
واقفة له بالمرصاد
ليعلو صوتها الجهوري منادية اسمه
-عااااصي
رمق عاصي وجد بعتب لتنكس وجد رأسها بخجل، ليحك عاصي مؤخرة رأسه قائلا بصوت مرتفع
-جايلك يا ست الكل
ثم فر خارجًا من المنزل لتضع وجد اناملها علي موضع قبلته وأثرها ما زال مخدرًا
اغمضت جفنيها بابتسامة ناعمة، وشعور بالفراشات تداعب معدتها لتناجي بتوسل.

-احفظهولي ياربي، ومشوفش منه شر أبدًا.

فى المشفى،
جرح غائر، لم يبرأ
استعادة كوابيسها الماضية، التي ظنت أنها دفنتها فى قاع ذكريات مطموسة، لتصدم أنها ما زالت حية قريبة من أنفاسها!
نكست شادية رأسها أرضًا، والصفعة التي تلقتها منه، كسرتها..
لكن منذ متي الملكة ينكسر تاج كبريائها وعنفوانها أمام هزيمتها في المعركة!
ترفع رأسها بأنفه وحاجتها لتلمس شئ صلب وقوي، بعيدة عن كافة ذكرياتها به، صعبة!
كيف يكون الحامي وبطلها المغوار، من يقولها بدم بارد!

لما قرر أن يمارس طقوس مهشمة لأنوثتها، ماذا استفاد من إعادة الذكريات؟
هل أرادها عذراء؟، عذراء الجسد والروح؟!
اتسعت عيناها بجحوظ مخيف، لتنكس رأسها مرة آخري والدموع قد عرفت طريقها للخروج
ألم تخبره مرارًا؟ أكانت فى حاجة صريحة لقولها؟
غضب عميق متعاظم يتدفق في شرايين جسدها، لتتبدل ملامحها للقسوة..
ومن أعلي قمة للحب تمكن قلبها من عشق كل ذرة منه إلي سفح الغضب والجنون!

ومضات ذكرياتها القديمة وهي معراة الروح والجسد، تتخالط مع ذكريات حية قريبة، نابضة بألم
تأوهت بوهن، ومكوثها لأسبوع في المشفى كان على قرارها الكثير من زيارات فريال ونجوى ووالدها الذي أصبح شبه ملتصق به
حتى أنه أخذ غرفة مجاورة لها كي لا يتركها في بداية وجودها هنا، قبل أن يطلب ماهر منه الرجوع للمنزل، ورغم رفضه إلا أنه وافق علي مضض لكونه يمتلك بلوة آخرى عقدت قرانها مع وسيم الحي!

أفاقت من شرودها علي ربتة حانية على ظهرها لتبتسم شادية بضعف، والسواد أسفل عينيها يكشف عن كذبها لمحاولتها الحثيثية للمقاومة والوقوف على أرض صلبة!
علي الأقل هذا ما تحاول فعله، والطبيبة النفسية تمتلك صبر طويل وانتظار لإخراج ما في جعبتها!
التفت إلى والدها الذي بلغه الكبر والهوان، لتشفق على الفور وهي تتسع ابتسامتها بحبور شديد لتميل طابعة قبلة على رأسه هامسة
-انا كويسة يا حبيبي.

ونظرة التردد والشك، نحرتها عميقا
خصوصا لمعة الحزن في عينيه، وقيود الذنب التي يلفها حول عنقه، جعلها تغمغم باطمئنان
- انا والله بقيت كويسة، متقلقش عليا
والأب فى حالة عجز، مكبل الأطراف، ليرفع يده الخشنة يمرر بها على وجهها الشاحب، لقد خذلها مرة آخري
هذا ذنب لن يغتفر فى حقها، ولن تغفره ثريا على حق تفريطه في بنتيه
تحشرج صوت الأب والدموع تغالبت عليه ليقول
-مش عايز اخسرك من تاني.

اتسعت عينا شادية وهي تري انكسار والدها، تمسكت بساعديه بقوة وهي تهز راسها بنفي لتقول بابتسامة حلوة جاهدت فى ظهورها
-ربنا يديك الصحة يا حبيبي، بعدين انا هكون جنبك لحد لما تزهق مني
ضم رأسها إلى صدره ليميل طابعا قبلة على رأسها، لتتنهد شادية وهي تضم جسدها داخل حضن أبيها وابتسامة ناعمة تحتل ثغرها..
مهما خذلها العالم
فلن تخذلها عائلتها أبدًا
قاعدة ثابتة، تعلمتها من أمها، والأمر حقيقي.

لقد خذلها رجل فى المرة الأولي، حينما كان اهتمامه يصب فى اقتناص الفتيات عديمات الخبرة إلى فخ الزواج
والثاني..!
حريق هائل يتشعب كل ركن فى جسدها، وقلبها يئن بحرقة ووجع شديدين
سمعت غمغمة والدها المحترقة
-انا عارف انك مش هتتكلمي غير وقت ما تعوزي، بس قوليلي يا شادية هو خذلك؟
لقد خذلني
صاحت بها بضياع شديد أسرتها في نفسها، ولم تبدها له، رفعت عيناها إليه وهي تهمس بجمود.

-بابا ارجوك ملوش داعي نعيد اللي فات، انا كويسة
وهذا أكبر كذبة علي ما قالته، لو يعلم مقدار جرحه لها، يقسم أنه لن يطلع عليه نهار سوي وهو يقتص منه! رغم محاولات عائلته الحثيثة للإطمئنان عليها، وللحق يقال والديه أكثر إحترامًا منه، سألها بنبرة ذات مغزى
-لسه بتحامي عليه؟
سؤاله أخذها علي حين غرة، لكنها لم تهتم به أكثر من اهتمامها به هو
تخشى فقدان عكازها الوحيد فى الحياة، غمغمت باضطراب
-انا.

وصله اجابتها دون الحاجة لقولها، لا يعلم ما فعله الأحمق، لكن يبدو أنه أذاها
بل وتخشى عليه منه!
اندفعت جيهان تقتحم الغرفة وهي تقترب منهما قائلة بمرح
-ايه يا ست شادية، الدكتور قالوا صحتها زي البومب وبتتدلع ومش عايزة تمشي من المستشفى
ابتسمت شادية بوهن وساقيها بلغهما الوهن لتعود جالسة على الفراش وهي تتمعن فى ملامح شقيقتها المتحفزة برغم ابتسامتها الواسعة الكبيرة، والتي تفضح متى زيفها؟!

اعتصر قلبها آلما لحال عائلتها الصغيرة، ومدي إصرارها على الوقوف مرة أخرى جعلها تغمغم بصوت خفيض
-قوليلي كتبتوا الكتاب
انفجرت جيهان ضاحكة وهي تتذكر وسيم الذي كان يردد خلف المأذون بتعجل، متمسكا بيد والدها وعينيه تحكي عن عذاب رجل، وصل إلى باب جنة محبوبته وقد طاله الشوق.

اقتربت من والدها لتطبع قبلة على وجنته، وذكريات الأسبوع مر كلمح البصر، مع انشغالها صباحا فى الشركة، ووسيم الذي اكتفي فقط بمبادلة الرسائل يوميًا، وقد انتقل من منزله المقابل لهما لمنزل عائلته
وحينما سألته لما كل ذلك الاحتياط، أجابها الوقح
-أخاف أجي أوضتك من الشباك وأنا عارف أنك بقيتي حلالي
توردت وجنتيها من الخجل، لتعض على طرف شفتها السفلى، وجرأته بلغت منتهاها حتى يخبرها صراحة!

هزت رأسها محاولة نفض أغبرة الرومانسية عنها، لتقول بشقاوة
-علي اخر لحظة، والله كنت حاسة ان الجوازة مش هتكمل على خير، كنت مستنية بابا ياخدني ويقوله معنديش بنات الجواز
زم معتصم شفتيه بحزم شديد ليقول
-بنت
انفجرت جيهان ضاحكة بضحكة رنانة، جلبت ابتسامة واهنة لشفتي شادية التي تشعر بأن ابتسامتها أصبحت مكلفة وباهتة.

رفعت جيهان حاجبيها بشقاوة، ورغم الغصة المؤلمة في حلقها لصمت شادية عن إخبارها بما جرى، يزيد من خوف الجميع، وتكتفي أنهما لم يتفقان معًا وانتهي الأمر!
اندفعت جيهان تطبع قبلة على خد والدها لتقول
-والنبي يا عصوم انت، ما يجي معاك الا الإجبار
ابتسم معتصم ببهوت ومحاولات ابنته الحثيثة لدحض الغضب والقلق قد آتي بثماره، لينتبه على صوت جيهان التي قالت بصلابة.

- يلا يا سيد الكل كفاينا قاعدة في المستشفي، الشغل بيناديك وانا مش عارفة حاجة فى الشركة
هم الأب بالرفض وملامح وجهه قد أظهرت ما ينوي قوله لكن جيهان قاطعته بصرامة
-متحاولش هتيجي معايا البيت عشان تفهمني
انتبهت شادية من شرودها على ثياب جيهان العملية!
هل هذه سترتها؟!، وبنطالها الواسع العملي؟!
اتسعت عينا شادية بجحوظ لتنظر الى جيهان التي لعبت بخصلات شعرها مغمغة ببرود
-ايوا بتاعك على فكرا، واخدت كام طقم من عندك.

فغرت شادية شفتيها بذهول وهي تري بلوزتها الخضراء التي لم ترتديها بعد، وسترتها المفضلة، تجهمت ملامح وجهها وهي تدمدم بسخط
- انتي
قاطعتها جيهان بلا مبالاة وبغمزة عين مشاكسة
-مستنية هدومي توصل، فجيت ليكي يا حبيبة قلبي عارفاكي مش هتكسري بخاطري
زفرت شادية بيأس وهي تلعن فكرة بقائها في المشفى، متأكدة حين عودتها ستكون قد قضت علي نصف خزانتها، اقتربت جيهان منها وهي تطبع قبلة على خدها لتهمس.

-لو احتجتي اي حاجة اتصلي بيا
هزت شادية رأسها بإيماءة خفيفة، ليتبع الأب بقبلة دافئة على الجبين أثلجت صدرها ليهمس
-خلي بالك من نفسك
كبحت الدموع من الانهيار وهمست بتحشرج
-حاضر
وقف سرمد أمام الغرفة الخاصة بها مترددًا
إن سألتموه عن سرمد السابق وسرمد الحالي
في السابق لا يتردد أبدًا، لا يفكر في ما يقتحم نفسه به إلا بعد أن يدرك فداحة أمره
وفداحته هي...!

خسرها وما فعله فى لحظة جنونه، ضم قبضة يده بقوة حتى أبيضت سلاميات يديه وصرخة صوتها المعذب كلكم شبه بعض
ترددت الجملة فى أرجاء جسده بوقع مخيف علي قلبه، يشعر بانسلاخ روحه عن جسده كلما ترددت العبارة مرارًا!
نكس رأسه وتهدل كتفيه وصوت خبيث يسأله
هل تريد أن تقضي على المتبقي منها يا مغفل؟
ماذا ستفعل حينما كنت تتقلب علي صفيح ساخن وذلك الجرذ يتفوه بأقذر العبارات عنها، متغزلا فى مفاتنها بوحشية.

بل ويخبرك بكل غرور، أنه سبقك إليها!
جدران شيدت بينه وبينها بعد أن كان ظن أنه وصل لحجرتها فى القلعة الحصينة، جاءه جنود مجندة ذو بأس شديد جروه إلى منفى بعيد عنها!
يراقبها تذبل يوم عن اليوم الذي يليه، ويصله أخبارها من ممرضة تعتني بها، وقد اكتسب تعاطفها حينما رأته مجنون عليها!
هل أصبح مجنون بها؟! رفع رأسه والإجابة تصله صريحة دون أدني تفكير وتردد..

هو مجنون لأدق تفاصيلها التي هي تغفل عنها، كاميرته عملته أن ينظر إلى الناس بزاوية مختلفة وهو كان مصدق لزواياه
ما اخطأ يومًا في الحكم على أحد سواها هي!
تلك اللعنة الخاصة به.
اندفع لا إراديا داخل الغرفة وجسده ينتفض برهبة لقدسية مكان يطئه، كسارق يخشى أن يعثر عليه أصحاب المنزل كي لا يزج به إلى السجن!

ألقي نظرة سريعة نحو الفراش ليراه خاليا، مرتبًا لم يمسه أحد منذ فترة، ارتفع عيناه لا إراديا نحو صوت ساخر مشبع بالمرارة
- جيت عشان تعتذر ولا جيت تتطمن أني لسة عايشة
رفع عيناه ليحدق بظهرها المتصلب ووجهها مقابل النافذة الزجاجية، وقفتها تنبئه أنها كانت فى انتظاره!
انتظار مواجهة آخري
معركة نهائية بينهما، تكون الفيصل!
نسيم الليل يلفح هواءه فى وجهها، ينثر عبق سحره فى جنح الليل
حيث هو ملجئ للعاشقين!

غمغم بخشونة، ولسانه لا يجد عذرًا واحدا لما قام به
-شادياااه
استدرات شادية على عقبيها وهي تصرخ في وجهه بصرامة
-اخرسس
رفع وجهه وقد اخذه صراخها علي حين غرة، نبرتها المشبعة بالقسوة، تفرس ملامح وجهها التي قدت من حجر، ولهيب أنفاسها الذي يصله ليداعب صفحات وجهه لتقترب إليه بعنفوان أنثي لم تعلم معنى الكسر مطلقا لتتفنن في حرقه حيًا.

-واحد زيك ماشي ورا كل ست وجرب ستات أشكال وأنواع، عايز فى الأخر تتجوز واحدة محدش لمسها، طلعت قذر
بصقت آخر كلمة وهي تنظر اليه مشمئزة من ملامح وجهه الوسيمة، غضب الكرامة، ونيران الأنثى بداخلها تتفنن في جلده كما جلدها دون رحمة!
كم مرة استنجدت به، وتوسلته، اقتربت منه وهي تجذب ياقة قميصه لتهدر فى وجهه
-حرقك موضوع انك مكنتش أول راجل بالنسبالي، جسمي كان أهم من مشاعري وقلبي مش كدا!

صمت وهو يضم يديه بجانب جسده، لا يملك جرأة على لمسها، ولا امساك يدها، كما تفنن به سابقًا
هل لو أخبرها ذلك اليوم انه كان يعاملها كزوجة، ويشهد الله على كل كلمة تخرج من شفتيه، ستصدقه؟
تراجع خطوة حينما دفعته بكل يأس منها لتصرخ بغضب جم
-رد عليااا كان جسمي مهم، عشان يرضي خيالاتك القذرة، بس اول ما عرفت ان غيرك لمسها، اتجننت.

عض سرمد على نواجذه، وهو يزفر بحدة، ليضغط على يديه بعنف وداخله يموج بالغضب والحزن لتتسع عيناه بجحوظ حينما ذبحته بكلماتها
-انت ومعاذ واحد، جنس قذر وللأسف انت مش راجل
ران الصمت بينهما ليحدق بها بعينين مستعرة كالجحيم، جعل شادية تنظر بتشفي
لنيرانها الهائجة التي ما زالت تشتعل بعظمة وجنون، دون سبيل للنجاة!
فليحترق بنيرانه كما أحرقها بكلمات لسانه.

تتذكر حينما قال له ذات مرة سأقولها لمرة واحدة، وأحفظيها لأنني أكررها لك، عاطفتي محرقة وغضبي انتقام أهوج، ستؤلمك كثيرًا عزيزتي
صدق في كلامه، عاطفته وخشونته وتفننه بتدليلها أشعل أنوثتها التي اندثرت، وانتقامه كان وقود غضبه، ليخسر نفسه ويخسرها هي!
مرارة كالعلقم تكاد تقضي عليها، وهي تدير بوجهها للجهة الأخيرة، متفننة بتعذيبه وإخراج اسوأ ما بها له، ولتحرقه، لن تنظر إلى وجهه.

ستستخدم نفس الكأس الذي تجرعت منه، لتقسو بكلماتها وهي تنطق باحتقار
-ايوا مش راجل، انت مسخ، عديم الرجولة والإنسانية، مفيش أي ذرة رجولة جواك، لو حد مكانك وراجل كان ببساطة قرر يسبني، بهدوء وبدون شوشرة لو كان موضوع العذرية يهمه في الست اللي ناوي يتجوزها
أطبقهما الصمت، والجسدان اللذان في كل مرة لم يعترفا بالبعد.

انسلخ كل منهما في جهة مخالفة، وزفير أنفاسه الساخنة تصلها بوضوح، اغرورقت عيناها بالدموع لتزيح دموعها بعنف استدارت علي عقبيها لتقف مواجهة له والغشاوة تعمي عينيها
-بس انت عملت ايه، بكل بجاحة وأحقية انت أصلا متملكهاش جيت تقضي عليا، حطمت ثباتي الأخير
جميع أسلحتها على وشك النفاذ، وهي ما عادت تستطيع الوقوف على أرض صلبة بل تشعر بأن الأرض تكاد تميد بها، لتشعر بحركة خفيفة منه.

ابتعدت كالملسوعة تحذره من مغبة الأقتراب واللمس، لترفع عيناها تلك المرة تنظر الى عينيه التي تلونت بلون الدماء وبقت هوته السحيقة مدمرة
رعشة مرت على أطراف جسدها، وهي تسقط على الفراش بهون شديد، لتهمس بصوت جامد
-بس تعرف، كنت فى الأول بقول خليك تحترق مع خيالاتك الخصبة اللي عرف معاذ ينميها، بس عشان أقطع كل حاجة بيك نهائيا هقولك حاجة واحدة.

رفعت عيناها مرة اخرى اليه، تخترق هوته السحيقة لترى بها خرابًا. ابتسمت بشماتة والقلب يدعس بقسوة في سبيل الكرامة
تري الشحوب الذي يتدفق فى كل عضلة من جسده، لتقول بخواء
- تخيل أن ليك أخت اكتشفت ان خطيبها في مقام جوزها قبل الفرح بكام يوم جرها الي بيت الزوجية وخدرها عشان يملك حاجة كانت هتبقي ليه لو صبر، عذرية أنا مش فاهمة انتوا ازاي بتهتموا بيها للدرجة دي، وتحكموا الست الشريفة من غيرها بيها.

اختنقت انفاسه ليسقط على ركبتيه أرضًا، لتشيح شادية رأسها بلا مبالاة وداخلها يهمس
تجلدي
تجلدي
ما بقي القليل، جاءك يستمع إلى حكمه الأخير
وسترسليه إلى المقصلة!
انتبهت على صوته المرتجف يهمس خافت
-شاديااه
لمعت عيناها بقسوة، وهي لا تصدق بجاحته في نطق اسمها بأريحية شديدة، وكأنه ليس من قتلها؟
حاول سرمد التقاط أنفاسه، وقبضات خانقة تعتصر صدره تمنعه عن التنفس جعله يجاهد باخراج صوته ليقول.

-لا يوجد شئ أستطيع أن أعبرلك له عن مدى ندمي لما اقترفته، لكن يشهد الله أنني عاملتك كزوجة لي، جزء مني يعاملك كزوجة
صرخت بسخط شديد، وتمرد لتهب من على الفراش وهي تقترب منه لتكسر رجولته وتجعله ذليلا وهي تحدق به من علياء لتهدر
- زوجة! انت صدقت نفسك بدبلة خطوبة حتي بابا أجبر عليها
رفع رأسه نحوها وهي تتابع بإطلاق رصاصاتها الطائشة في صدره.

- معاذ باللي عمله كان جوزي شرعا، كل الناس كانت عارفة اني بقيت مراته، الفرح بس كان مجرد مظهر، انت بأي أحقية تجردني وتهيني بالشكل ده
استقام بضعف وقد علم اجابتها، هم بشد رجاله والمغادرة، كي لا ينتهي الأمر بها فاقدة للوعي
يراها تستهلك كل طاقتها الصراخ في وجهه، وإحراق جسده بكلماتها الحية، دون الحاجة لأي مادة حادة لقتله!
صاحت شادية بنبرة قاسية عليه.

- اتمني تعيش في عذاب قد اللي عيشتهوني، تكون عاجز ومتكتف وقليل الحيلة زي ما خلتني أعيش التجربة دي معاك
رجف عينيه لقسوة كلماتها، ليجلي حلقه بقسوة وهو يبتلع الحنظل فى سبيل فقط شفاء غليلها، ليهمس بصوت خاوي
-هل هذا فى سبيل مسامحتك لي؟
رفعت حاجبيها بذهول، وما زال يفاجئها ببرودة أعصابه
هل ما زال جاحدًا ويتمنى مسامحتها؟!
انطلقت ضحكات متواصلة من شفتيها وكلما ارتفع صخب ضحكاتها يئن قلبها بتمزق علي حالها.

حدق سرمد بها بتيه شديد، والتخبطات بحياته كانت أشد وعرة من تخبطاته معها!
تحولت ملامحها الضاحكة لأخري شيطانية، لتبصق كل حرف من جوفها في وجهه
- فلتحترق فى الجحيم، لا أكترث بك ولن تحصل على مسامحتي أبدًا، لتعيش في صراع مع الذنب إن كان هذا سيشفي بعض غليلي منك، ولن أتشفي كاملا إلا أن أراك ذليلا مكسورًا.

ران بينهما الصمت قبل ان تتسع عينا شادية وهي تتفاجأ انها عادت تحدثه بلغتهما الخاصة، منذ متي توقفت بالتحدث بالإنجليزية؟!
أشاحت بوجهها علي الفور لتتوجه نحو النافذة الزجاجية، تريد الشعور بنسائم الليل علّه يهدأ من احتراقها المتعاظم!
سألها بهمس خافت، وقد خسر امرأة مثلها في حياته ليعض أنامله بندم
-هل أمنية أخرى تودين اضافتها؟
تنفست شادية بإرهاق، لتغمض جفناها وهي تتمتع بالنسيم لتقول بجفاء.

-متظهرش تاني في حياتي
سألتني حبيبتي ذات مرة
ما أكثر شئ يجرح العاشقون
فأخبرتها أن يعودا غرباء كما كانوا قبلاً
لتعيد سؤالها وماذا بعد؟
فأجبتها ببساطة يمضى كلا منهما في حال سبيله!
لتهمس بإحباط، ألن تتلقيا دروبهم يومًا؟
أخذت بيدها وقلت: سيكونا غرباء رغم عن أنوفهم، حتى وإن عاد الحين يتغلف أوتار قلوبهم.
غادر سرمد الغرفة وهيئته تحكي لأعين الجميع عن هزيمة عاشق ذبحته حبيبته بإنفصال.

لكن ما لن يعلمه سواهما، أنها أستخدمت أداة طعنه كما تفنن هو سابقًا!

ربما لقاءات الليل تحتفظ بقدسية الأسرار، لكن زوج من العيون التي اختبأت خلف احدي الأبواب قبل أن تعود تنظر الى باب غرفة شادية بعجز شديد لقد وصلت ككل يوم في ميعادها، تدفع بعض الأموال للممرضة ثم تدخل الغرفة لتقرأ بعض الأيات ليطمئن نفس شادية وتنام قريرة العين، انفجرت تبكي بمرارة ولوعة قلبها ممزق بين امرأة اعتبرتها ابنة لها وشخص ظنت أنها ربته رجلاً!

فى منزل النجم،
ظلت غيداء تجوب الصالة ذهابا وإيابا وقد جذب هذا انتباه زوجها الذي قرر قطع مكالمته، وهم بسؤالها عن حالة الغضب المتشبع في عينيها، هم بسؤالها لكن ما جذب انتباه صوت المفاتيح ليعلن عن عودة ابن لم يعد يعلمه الآن
اندفعت غيداء بكل حدة وهي ترفع يدها وبدون تردد صفعته بقوة على خده، مما جعل سرمد تجحظ عيناه لتهمس غيداء بخيبة أمل.

-ظننت أنني أنشأت رجلا، لتصدمني بعد كل تلك السنوات عمري الذي ضاع هدرًا في تربيتك انت وشقيقك
فغر سرمد شفتيها صامتًا، واستقبل صفعتها برحابة صدر، لا يعلم كيف علمت، لكنه توقع شئ كهذا منها!
لكن لم يتوقع أن تصفعه، بحياتها لم تمد يدها عليه أوشقيقه، تاركة أمور الرجال مع والدهما الذي اتسعت عيناه بصدمة، ليسأله عما اقترفه
ووحدها هي من ستفشي بسر صغير، وجرم كبير له، غمغم بنبرة متحشرجة
-أمي.

انضم سامر الذي استيقظ من نومه مفزوعًا ليري حالة التوتر تجلف عائلته، دعك عينيه لكي يطرد النعاس ووالدته تصيح بنبرة قاطعة وقسوة
-إياك أن تنطق كلمة امي على لسانك، هل هكذا تعامل الأمانات؟ هل هذه كانت وصيتي عليك لها؟
ليس مستعد لخسارتها هي الآن، من بين كل تشتته ليس مستعد توجه الأب وهو يحاول أن يزيح جسد غيداء عن ولدها الذي همس بضعف
- أمي.

نداء الأمومة يستجيب له رغم جرائمه، أشاحت بوجهها للجهة الأخرى لتقول بجفاء
-انسي كلمة أمي، أنا غاضبة عليك، غادر
اهتزت عيني سرمد وهو يرى والدته، تقسو عليه بعقابها، همس بتحشرج وتهدلت كتفاه بألم من مرارة النبذ
-سأغادر أمي
هم بالتحرك إلا أن خبطات عنيفة على باب المنزل، جذب انتباه سامر الذي تحرك من فوره تجاه الباب الذي على وشك السقوط ليفتحه لتتسع عيناه بجحوظ وهو يري الشرطة أمام منزله.

صاح سامر ببرودة أعصاب وعينيه تحدقان نحو الضابط الشرطي بجمود
-شو في؟
ارتفع حاجبا الضابط الذي غمغم ببعض السخرية المهينة
-شو في! هتعرف دلوقتي شو في!
دفع بالعساكر لتقتحم المنزل، ليقف سامر ببلاهة وهو يري حشد يقتحم المنزل دون وجهه حق، جعل ملامح وجهه تتقدان شررًا وهو يقول
-لك فهمني ولاااااا كيف بتتجرا وبتتهجم عبيتي بهالوقت هااااد
لوي الضابط شفتيه بسخرية ليمرر يده على خصلات شعره قائلا ببرود.

-واضح ليلتنا هتكون طويلة
صدح صوت صرخة والدته لينتبه من فتره وقدماه تسمرتا تجاه الرجلين اللذان قبضا علي سرمد بكل دونية واحتقار، ليقول إحداهما بظفر
-لقيناه يا فندم
ابتسم الضابط ببرود ورفع بعينيه بتحدي تجاه سامر، ليقول ببرودة أعصابه
-هاتوه ورايا علي البوكس
تمسك الأب بذراعي غيداء التي تصرخ بلون لحال بكرها، ليواجه الضابط بجمود.

-لوين بدو يتفضل ياحضرة الظابط؟وبشو متهمينو انتو مابتعرفو انه معو الجنسية الاوروبية، وبهالتهمة عم تتعدو علييييه انا مارح اسكت علي هالأهانة هي ورح اشتكي للسفارة
ابتسم الضابط بتشفي وهو يري نفسه سقط فى احدى المسلسلات التركية المدبلجة، ليخرج صوتًا جافًا
-الاستاذ حامل الجنسية الأوربية متهم فى جريمة قتل.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة