قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وخمسة وعشرون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وخمسة وعشرون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وخمسة وعشرون

اقتربت منها وهي تفرد خصلات شعرها القصيرة لتقول لها بوقاحة
- تخيليني جوزك دلوقتي بتبصيله ازاي
لكن يبدو ان الفتاة بريئة الي حد الغباء او او تدعي السذاجة، لتجيب وجد بهدوء
- هبصله عادي يا آسيا
حملقت بها اسيا بدهشة لتتوقف عن تصويرها وهي ترفع عيناها للسقف تدعي الثبات وعدم انهيار اعصابها، لتقترب منها قائلة
- مفيش فايدة فيكي، انا عايزة بصة كده اللي منها دي.

ثم غمزت لها عينيها بوقاحة وهي تعض على شفتها السفلية بحسية جعل وجد تتسع عيناها بذعر ودهشة لتنفي برأسها قائلة
- لا مقدرش، استحالة
همت اسيا أن تلين رأسها اليابس الا ان وجد دفعتها ببعض الحدة خارج الغرفة وهي تقول بتوتر مشبوب بالخجل
- كفاية كده هغير الدريس، خايفة يكونوا قاموا بحرب
اغلقت وجد الغرفة وبدات تنزع الشرائط المعقودة اولا وهي تسمع اسيا تقول ببساطة
-مكنش ينفع تحطيهم جنب بعض، صدقيني مفيش فايدة فيها.

اومأت وجد برأسها وهي تجيبها بوجهة نظر مختلفة
- صدقيني احلي علاقات بتبدأ بعد عداوة، عمتو ممكن تكون عنيدة ومنشفة دماغها بس لما العناد يركبها بتبقي صعبة، وانا عايزة اكون متأكدة ان هما الاتنين يكونوا كويسين مع بعض عشان متتأثرش علاقتي بعاصي بعد كدا
عاد رنين هاتف وجد بعاصي يعلن، لتنفجر آسيا ضاحكة وهي تنظر الى اسم المتصل الذي يعلن عن مدى نفاذ صبره لتقول بمشاكسة
- واضح انه مش قادر يصبر، هستناكي برا يا قطة.

ثم بهدوء شديد انها المكالمة وفتحت الهاتف بتبحث عن اسمه في دردشاتهما الخاصة، وبهدوء شديد بعثت له بالصور التي التقطتها ثم اغلقت الهاتف بهدوء ووضعته في حقيبة وجد لتلتفت مغادرة، وهي تبتسم بمكر..

تأففت وجد حينما نزعت الفستان، تفكر حتما فى ترك هذا الفستان والبحث عن فستان يسهل ارتداؤه، عادت ترتدي ثيابها وبعد أن صففت خصلات شعرها بأناملها خرجت وهي تناول الفستان لاحدي العاملات ثم تلتقط هاتفها الذي لم يكف عن الرنين، مما دفعها للرد عليه بصوت هادئ
- ايوا يا عاصي
صدر صوت خشن جعل جسدها يقشعر حينما صاح بخشونة
-انتي عايزة تقتليني صح
فغرت شفتيها بصدمة ثم عادت تضم حاجبيها بريبة لتسأله.

-اقتلك ليه، انا معملتش حاجة
ضحكة خافتة خرجت منه قبل ان يستحكم صوته الغير مسيطر يضرب اوتار انوثتها
-كل اللي عملتيه فيا ده ومعملتيش حاجة، انتى عايزة تجننيني يا وجد، انا مش عارف اركز في شغلي بسببك
حدقت فى المرآة أمامها بتيه، ورغم عدم استيعابها لما قامت به، الا انها بادرت بالاعتذار مطالبة بتفسير
-انا اسفه، بس انا عملت ايه لكل ده.

سمعت صوت اغلاق باب حاد، أعقبه صوت صرير قوي حاولت أن تخمن ما هو، إلا أنه صاح بحدة
- كل اللي عملتيه واللي بعتيه وتقوليلي عملتي ايه
اجفلت من صياحه الخشن لتعقد حاجبيها بحدة وضيق وهي تهمس بحدة
- بعت ايه يا عاصي؟
سمعت صوت صرير قوي جعلها تبعد الهاتف من اذنها ثم اعادتها ثانية، وهي تسمع صوت انفاسه المتبارية تلون وجنتيها بالحمرة أتاها صوته المعذب
-صورك فى الفستان الاحمر وانتي كلك اغراءات، ارحميني بقى.

شهقت وجد بذهول لتسارع بوضع كف يدها على ثغرها، لتسارع بابعاد هاتفها عن اذنها لتنظر إلى رسائلهما، شهقت
بذعر حينما رأت تلك الشيطانة اسيا بعثت بالصور اليه مع تركيز شديد لعري ظهرها عضت على شفتيها بخجل
وظلت لثواني تحملق في الصور بدهشة وغضب ممزوج بالخجل الشديد
ماذا سيقول عنها الآن؟
أسيصدقها ان قالت انها ليس لها يد بالأمر!
أجلت حلقها بتوتر وهي تغمغم بأسف بالغ.

- انا مبعتهوش، دي اسيا والله اللي قالتلي اتصور واحتفظ بيه ليا
صوت انفاسه الخشنة تأتيها عبر الأثير تقوم بالافاعيل بجسدها، تعض على شفتها السفلى بخجل وهي تسمعه ينطق اسمها ببعض الاثارة
- وجد
اكتفت بهز رأسها وكأنه يشاهدها ليقول بعدها بهمس خشن
- متحاوليش تغيري هدومك فى مكان غير بيتك
لمعت عيناها بعشق سرمدي لهذا الرجل، لتهمس بتحشرج
- بس صدقني الاتيلية ده انا عارفة صاحبته كويس وسمعتها حلوة.

قاطعها بحدة وهي تسمع صوت تهدج انفاسه، لتضع يدها على ثغرها شاهقة
رجلا مثله يتأثر بصور كتلك لها؟!
اللعنة تود ان تنشق الارض وتبلعها في التو واللحظة
- ارجوكي، متقلعيش هدومك فى أي محل هدوم، دلوقتي النوايا وحشة وبتطلع من ارقى الاماكن مش شرط محل فى وسط البلد
مسحت دموعها التي طرفت من عينيها بسعادة، لتهمس بنعومة
- عيوني
شهقة أخرى كتمتها وهي لا تصدق
أقالت كلمته؟

هل من كثرة ما اعتادت سماعها منه، أصبحت تقولها، حتى هو اصابه الصدمة ليقول بعدها بزمجرة محببة لها
- يا بنت الحلال لمي نفسك بقي، كفايكي حلاوة، شهر رمضان هعفيكي من شغل توحة
جادلته بيأس
- بس يا عاصي
قاطعها للمرة الثانية بصراحة ألجمتها لفترة
- هفطر بسببك، يرضيكي تفطري شاب متشوق لحلاله وهي هتبقي قدامه طول رمضان
رفعت عيناها تنظر الى وجنتيها الحمراوين من الخجل، غمغمت بهمس معاتب
- يا عاصي مش معقول اللي بتقوله ده.

تنهدت بحرارة وهي تسأله بهدوء
- ولما يجى رمضان واحنا متجوزين، هفطرك برضو؟!
لكنه يبدو وكأنه وضع خططه ليخبرها بصراحة
- مش هكون قاعد فى البيت، هجيلك وقت الفطار
فغرت شفتيها بصدمة بتحاول تدارك صدمتها وهي تسأله بخجل
- عاصي انت بتهزر صح
ضحكة سريعة أصابها بالهذيان، ليغمغم بعدها ببساطة
- مبهزرش، جيبي فساتين زي دي، بس ده مش هيطلع بره اوضة النوم طويل كان أو قصير.

علمت انها ما ان ذكر الفساتين فقد وصلت للخطوط الحمراء معه، غمغمت بحدة
- بينادوا عليا دلوقتي، هنتكلم بعدين
سارعت بإغلاق المكالمة وهي تخرج من غرفة التبديل لتتفاجأ بوجود سيليا واسيا امامها، تطلعت نحو آسيا بنظرات قاتلة لتغمز لها الاخري بمكر وتسلية
اقتربت سيليا قائلة بابتسامة ناعمة
- تحبي تجربي فساتين تانية يا انسة وجد
كادت اسيا تنفجر ضاحكة، الفتاة من مكالمة يبدو أنها خرجت من معركة حب.

ما ان طبق الأمر عملي؟! قالت اسيا بوقاحة شديدة اخجلت العاملات فى الاتيلية بجوار سيليا
- ده فيه فساتين اؤكد لك، شهر لحاله مش هتطلعي برا اوضة النوم
زمجرت وجد بعصبية وهي تقترب منها بشر واضح، جعل اسيا تنفجر ضاحكة
- اسياااااااا
لكزتها آسيا بحدة وهي تخبرها ببرود
- بطلي كسوف، ده انت كلها كام يوم وتبقي خبرة
استمعت وجد إلى شهقة مصدومة من إحدى العاملات، لتمسكها من زندها قائلة بحدة مشبوب بالخجل.

- آسيا لمي لسانك، ميصحش اللي تقوليه ده
رفعت آسيا عينيها تجاه سيليا التي تبتسم بحرج لتقول ببساطة
- مدام سيليا موافقاني، انتي مش بتعملي حاجة غلط، ده هيبقي جوزك فاهمة يعني ايه جوزك، يعني هيشوف كل...
وضعت وجد كف يدها على فم آسيا تصمت تلك الوقحة عن متابعة حديثها، رباااه ماذا تقول تلك الوقحة أمام العامة هكذا؟
أين زوجها؟
سحبت آسيا بحدة تجاه غرف تبديل الملابس لتلتفت إليها وجد باهتمام قائلة
- آسيا.

دارت آسيا عينيها بملل قائلة
-خير، ما سكت اهو
امسكت وجد بذقنها لتنظر نحو عينيها الزرقاوين التي تجيد اخفاء المها، سألتها بقلق
-انتي مخبية عني حاجة؟
اشاحت اسيا وجهها بحدة وهي تحاول ان تجيبها ببرودة اعصاب، لكن واللعنة لم تستطيع، بدأت الدموع تأخذ طريقها للخروج وهي تهتف بعصبية
-كنت متأملة اني احمل الشهر ده، بس واضح مفيش نصيب.

ابتسمت وجد بتوتر، وهي تري تحرك اسيا العصبي، لتدفع بجسدها معانقة اياها مربتة على ظهرها لتخبرها بابتسامة ناعمة
- صدقيني محتاج صبر، وربنا هيرزقك
دفنت اسيا وجهها في كتف وجد التي تحتضنها بقوة ودعم حقيقي، لتهمس بتمني ورجاء
- يارب
ظلت الفتاتان لبعض الوقت صامتتين، لتندفع وجد تخبرها بتسلية
-تعالي نشوف بيعملوا ايه لحسن تتقلب لحرب اهلية.

اومات اسيا برأسها موافقة، لتتركها وجد فى الغرفة تستجمع شتاتها قبل مواجهة الجميع، لترى تحية استقامت من مجلسها وهي تقول بنزق
- انا رجلي وجعتني من القعدة، انا عايزة ارجع البيت
ابتسمت وجد بقلق وهي ترى علامات الترفع والكبرياء من جهة عمتها وهي تدير رأسها للجهة الأخرى، لتقول بهدوء
- عنيا يا توحة
نظرت وجد للوضع الراهن، يبدو ان خططها الفاشلة تحتاج إلى خطة بديلة بدلا عن محاولاتها الحثيثة التي تنتهي بالفشل!

فى قرية الغانم،
ترجلت مارية من سيارتها بعد نصائح جمة من زوجها وشقيقتها آسيا، تكاد تلعن نضال في كل مرة تضطر اسفة لمقابلته من أجل ابنتها، الأحمق يظن أن ابنته حق حصري له فقط
لا مواعيد معها
لا مبيت ليلي معها
حتى مواعيد الضيقة التي يحددها تكاد تثير سخطها، ربما رضيت سابقا كي لا تخسر رؤية ابنتها.

لكنها الآن تعبت، أن تسافر كل مرة إلى هنا لرؤيتها، ابتسمت بخفة تجاه إحدى الموظفات في المدرسة وقدميها تتوجهان تجاه ساحة الملعب، رفعت ساعدها لترى ساعة يديها التي تشير إلى أن الوقت الدراسي انتهى
جيد أنها لم تتأخر، اليوم ستأخذ ابنتها معها وليخبط رأسه في أقرب حائط
اتسعت ابتسامتها من أن أبصرت وجودها وهي تلهو مع اصدقائها لتبتسم بارتجاف وهي ترى بريق الحياة المتلألأ في عينيها.

تبدو مشرقة، بل أشد اشراقا منذ دخولها للروضة
تتفاجئ من تحسن مستواها الدراسي واستجاباتها مع المعلمين، كما قالت المشرفة المدرسية لملفها، حتى ان الناظرة غيرت رأيها بتحسن مستواها الدراسي ومشاركتها التفاعلية مع الأطفال فى الفصل!
نادت بصوت مرتفع تجذب انتباه صغيرتها
- شمس
رفعت شمس عيناها فورا لتقع عيناها على والدتها، ابتسمت باشراق وهي تتقدم نحوها قائلة
-مامي.

نغزة عميقة تتسلل إلى قلب مارية وهي ترفع جسد الصغيرة لتحتضنها بقوة واسف
تعتذر بصمت على اهمالها فى حقها
وتعتذر عن المشاعر السيئة التي جعلتها ترفض ابنة مثلها وتنبذها عنها بقسوة
كان هناك يقين داخلي، انها ما كانت ستصبح بذلك الإشراق والحيوية وهي معها
ربما كانت ستقتلها، طبعت عدة قبلات على وجهها والأخرى تنفجر ضاحكة لتهمس مارية بنعومة
-ياروح مامي انتي، وحشتيني.

الدموع لا اراديا اتخذت مسلك خاص بها، لتغمغم مارية باعتذار صادق
-اعذريني يا حبيبتي، انا ام فاشلة بس بحاول معاكي ابقي كويسة
رفعت شمس يداها تزيل دموع والدتها لتبتسم مارية من بكائها الصامت وهي تمسك بيدها وتطبع عدة قبلات ناعمة وسريعة تدغدغ شمس التي انفجرت صارخة بضحكات مرتفعة.

ضمت مارية الصغيرة فى احضانها بقوة، والصغيرة لم تعترض، بل شعرت أنها تفهمها، تفهم ما يجول بداخلها، تحركت مغادرة وقد وجدت أنها فرصة لتنفرد بصغيرتها بمفردها لبعض الوقت قبل مجئ احد من عائلته أو هو شخصيا
الا ان صوت متعجب صدح من خلفها لتهز رأسها بيأس، وهي تستدير على عقبيها لتري رهف التي تلمع عيناها ويبدو أن تأثير الحب طغى على وجهها.

عيناها لامعتين، ووجنتيها متوردتين وثيابها مليئة بألوان ناعمة تعبر عن مزاجها الايجابي اليوم
- مارية
ابتسمت مارية بسمة بسيطة وهي تغمغم باعتذار
-اسفه جيت بدون ما أدى خبر، بس نضال خانقني بمواعيده وانا كنت فى الاول براضيه عشان ميمنعنيش منها
ابتسمت رهف و غمغمت قائلة بنصح
-نضال استحالة يمنعك منها، انتي عارفة نضال، مينفعش معاه العناد.

رفعت مارية حاجبيها وهي تري الدفاع الخفي من اخته له، بالطبع الصياد كيف لا يسحر عائلته!
جزت مارية على اسنانها بحدة مجيبة اياها
-نضال اللي اعرفه حاجة وانه معاكم حاجة تانية
تفهمت رهف مزاجها الناري لتتراجع بحديثها عن تلك المنطقة الشائكة، وتقدمت تجاه الصغيرة الساكنة بين ذراعي والدتها لتداعب خدها قائلة للصغيرة
- اديتي التشوكليت كيك ليوسف
رفعت شمس عيناها بذنب تجاه رهف لتشيح بعينها قائلة بنفي تام
-لا.

رفعت رهف عيناها متعجبة من رفض الصغيرة اليوم بأعطاء الصغير حصته من الكيك اليومي الذي يقوم نزل بصنعه خصيصا من أجل شمس التي بدأت تتعلق به بطريقة أثارت دهشتها
فى أي زيارة تزورها لمطعمه، ترغب الصغيرة الذهاب معهما
وما أن تأتي بها داخل المطعم، تنفرد الصغيرة به، وتستجلب اهتمامه ونزار اللعنة
يداعبها بكلماته الشامية
لكنته التي تطير بعقول النساء هنا، جعلت شمس الصغيرة تثمل منها.

وهو لا يتوقف عن التغزل بها، وإطعامها بيده رغم أن الفتاة تستطيع تناول الطعام بيديها
وتصر نزار أن يأتي صباح كل يوم أمام بوابة المدرسة بجلب الكعك لها ولصديقها يوسف
وهو يوافق على كل طلب منها، كأميرة مدللة لم تعتاد على سوي على الترف!
ابتسمت بشر تجاه شمس التي غمغمت بنبرة حزينة
-جعت فأكلته
رفعت رهف حاجبيها بدهشة وقد تعجبت مارية حينما سألتها رهف بصدمة
-كله؟
اومأت شمس وهي تقر باعتراف وعينيها تنخفض أرضا
كله.

وضعت رهف يدها على شفتيها فارغة فمها بصدمة، هل تستكثر الكعك على الصغير؟ تراه من حقها بمفردها
تقسم أنها ستربي تلك الشقية إن كان جميع العائلة يفسدونها دلالا، ستكون لها بالمرصاد
سألتها بتحفز وهي ترفع ذقن الصغيرة لتنظر تجاه عمتها الرقيقة التي انقلبت إلى ساحرة شريرة
-والمسكين عمل ايه لما لاقاكي اكلتي كله.

تهربت الصغيرة بعينيها عنها الا ان رهف ثبتت عيني الصغيرة الذهبيتين على زرقة عينيها الثائرتين لتهمس شمس بضعف
- معايا orange juice
قررت مارية التدخل تلك المرة وقد شعرت ان هناك بعض الاشياء ليست على دراية بها، لتسأل الصغيرة تلك المرة
-ومين اللي ادهولك
ابتسمت شمس وقد عاد تورد وجنتيها حالما تنطق اسم الطفل المرهف الاحساس
-يوسف.

اتسعت عينا مارية بذهول تام وهي ترفع بصرها تجاه رهف، تطلب تأكيدا أن ما رأته منذ قليل كان حقيقا، هي تعلم بأصدقاء شمس فى الروضة، لكن لا تعلم أن لها صديق حميم؟
اللعنة أيعلم والدها؟
ويشجعها؟
بالطبع إن كان والدها صياد، فأبنته ستكون الطعم ليقبض على الفريسة!
غمغمت رهف بتوضيح تجاه مارية
- مامته لما عرفت ان الكيك صحي ومش مضر ليهم بقت تعمل لشمس نصيب من عصير برتقال زي ما بتعمل لعيالها.

رفعت مارية حاجبيها بريبة، وبعض الفضول تسلل لمعرفة تلك المرأة، غمغمت بهدوء
- محتاجه اقابلها مامته دي، واشوف ايه حكاية يوسف بالضبط
ابتسمت رهف بتوتر وهي تجيبها بيأس
-احسنلك بلاش، صدقيني مش لطيفة نهائي
اعترضت شمس تلك المرة قائلة
- بس يوسف لطيف
وافقتها رهف وهي تتحدث تجاه مارية
- ابنها يجنن
زاد فضول مارية لمعرفة ذلك الصغير، فجأة صاح صوت شمس منادية باسم ذلك الصغير
-يوسف.

نظرت المرأتين تجاه مرمى بصر الصغيرة، لتراه طفل يحمل ملامح طفولية بريئة، كثيف الشعر، مهندم الملابس ويحمل لوحة بيضاء بين يديه وينظر بخجل وأدب تجاه رهف ومارية التي تتفحصه بدقة، طالبت شمس والدتها ان تلعب مع يوسف قبل مجئ والدته
اضطرت مارية ان تستجيب لها، لتري ركض الصغيرة تجاه يوسف الذي يقف بارتباك وخجل وهو يرى نظرة مارية الحذرة والغاضبة، أشبه بنظرة والدها له.

لكن شمس جذبت يده واندفعا ليجلسا اسفل بقعتهم المفضلة، اسفل الشجرة!
ابتسمت رهف بسعادة وهي تري الصغيرة تنظر بشغف تجاه يوسف الذي بدأ يرسم فى لوحته البيضاء وشمس تمد له بالالوان التي يحتاجها، التفتت رهف تجاه مارية قائلة
- لو حابة تتكلمي مع نضال فى المواعيد انا شايفة...
قاطعتها مارية وهي تنظر الي صغيرتها
اتحرمها من كل هذا؟

لن تحرم الصغيرة من طفولة مثالية كتلك، لكن ستحتاج لاعادة النظر لبعض الشروط المجحفة من قبل والدها
-شمس حياتها هنا يا رهف، عكس المرات اللي فاتت بشوفها، بتعبر عن نفسها بطريقة شخص عاقل، وذكية ولماحة واهم من كل ده انها بتمارس طفولتها بشكل طبيعي، كل ده مخليني صابرة وراضية بالوضع الحالي
اقتربت منها رهف وهي تربت على ذراعها قائلة بهمس خافت.

-لازم يكون ليكي تأثير اقوى من كدا يا مارية، انتي ليكي حق لبنتك زيه بالضبط، متخافيش كلنا معاكي
عينا مارية تعلقت بالصغيرة التي تضع كلتا يديها على وجهها وتنظر بانبهار صادق الي لوحة يوسف لتغمغم برجاء
-اتمنى.

فى قرية الغانم،
منزل نزار الشامي،
تمسك غسان بحجر صغير والقاه بلا مبالاة أمامه وعينيه تتعلقان على سيد الذي فقد هو الآخر شغف الحياة بعد ما أصاب صديقه.

ابتسم بمرارة وهو يحاول تهدئة أعصابه كي لا يخسر صديقه الذي يتصرف بغرابة بعد زيارة والد المرأة التي عشقها، طلب منه أن يتوقف عن الحديث عن علاجه حتى يفك ضمادة ذراعيه، طلب فقط من والدته أن تكون مجاورة له الأيام السابقة ومنع أي زيارة لأي شخص كان سواء كان قريب ام غريب
حتى المدعوة بشادية حاولت مرة اخرى زيارته لكنه نبذها ببساطة.

وطلب منه هو الآخر أن يتوقف عن التردد لزيارته حين يشفي، لكنه لم يكترث يزوره كل يوم ويكتفي بالتحدث عن عامة الأمور وجلب الطعام الذي تعده والدته خصيصا ثم يرحل..
تعلقت عيناه بعيني سيد الذي ينظر اليه متسائلا بصمت عن صديقه الذي توقف عن زيارته، لا ينكر أن سيد أصبح قليل الحركة وتوقف عن مشاكساته واصبح بالكاد يتناول طعامه وقد نحف جسده، غمغم غسان وهو يربت على جسد سيد قائلا بنبرة شاحبة
-هل اشتقت إلى صديقك؟

نباح ضعيف خرج من سيد الذي عاد مرة أخرى ينظر بضعف الي غسان، يسأله عن سرمد؟ وعن غيابه الذي طال لأشهر بعيدا عنه، غمغم غسان بأسف
-هو أحمق، بل مغفل كبير
عاد الكلب ينبح مرة أخرى لكن بزمجرة، مدافعا عن صديقه لينفجر غسان ضاحكا بيأس، حتي الكلاب يا أحمق لا تستطيع أن تغضب منك لفترة طويلة!
تنهد غسان بيأس وهو يعده بهمس خافت
-اعدك، حينما يسترد بعض من روحه سأجعلك تزوره.

رفع سيد بجسده ينظر بحماس يتلألأ حدقتي عينيه، وينبح بحماس عدة مرات متتالية قبل أن يخفض بجسده وصوته يتحول لانين وهو يسند رأسه على ساقيه، اقترب غسان يداعب فرو راسه قائلا بحماس زائف
-لا تحزن يا احمق
انتبه على صوت نزار المازح
- ولك اهبل عم تحكي مع الكلب شو صايرلك
زمجر كلا من سيد وغسان بانزعاج وقد قطع ذلك الاحمق جلستهما الهادئة، يتبادلان همومهما ليقول غسان بحدة.

-ليك حل عني هلا هااا، خليك بحالك وبحبييبتك يا روميو زماننك
هل يحقد عليه شقيقه الأكبر؟
رفع نزار عينيه بتسلية وهو يغمغم بمكر
- مو ناوي تعقل ونفرح فيك ياعيني
انفجر غسان ضاحكا بسخرية وهو ينظر تجاه سيد الذي يهز ذيله بحماس شديد وقد بدأ شجار الشقيقين هو ما يثير اهتمامه في الوقت الحالي ليغمغم غسان بسخرية
- لك شايفني اهبل، حدا بجيب الدب لكرمه قال اتجوز قال.

رفع نزار حاجبيه بتسلية شديدة تجاه غسان الذي بدا كاذب فاشل امامه، صاح به بحدة قائلا
- قوم ولك دب علق معي هالزينة، عيوشة مارح تتركنا بحالنا قووم خلصني قبل مايجيو ولووو
استقام غسان من مجلسه منفضا التراب، وقد أصبح نزل مزعجا حقًا بذكر زيارة خطيبته وخالته، ليندفع تساؤل خبيث أيعقل تلك المزعجة صاحبة العينين الدباحتين ستزور والدته أخيرا بعد انقطاع لأسابيع مكتفية لمكالمات هاتفية؟!

عقد حاجبيه بحدة واجابه بفظاظة
- ضيوووف مين ياعيني هني خالتي وخطيبتك مافي حدا يعني
أبتسم نزار بتسلية ويبدو أن الأحمق لا يعلم بالمستجدات الجديدة، اجابه بغموض
- لك لاااا يادب في حدا كمات يلا يلا خلصني شه
ولكن يبدو ان الاخر لم ينتبه لكلماته، بل أولى اهتمامه بالكلب الذي يربت على رأسه ويتابع الحديث معه تلك المرة بحزم
- سيد كن مهذب فى الارجاء، لا تفزع أي امرأة جميلة تمر هنا.

وبالنظر لحالة الكلب المتأثر بغياب صديقه، اندفع نزار يتسائل باهتمام
- طمني رفييقك صار احسن ما؟
تنهد غسان بحدة وقد أولى اهتمامه تجاه شقيقه ليقول بحزن على حال صديقه الوحيد
- والله مابعرف شو قلك يانزار هالزلمة جحش وراسه يااابس متغير مع الكل
ربت نزار على ظهر غسان مؤازرا ليترفع تلك المرة صوت عايشة قائلة بحنق
- يا شبااااااب، تعالو ساعدوني، خلصوووووني ليش جاييبة رجال انااااا ااااه يلااااااا.

دفعه نزار بحدة تجاه والدته التي تتوسط يديها في خصرها، ليتقدم غسان قائلا بمرح مصطنع
- اجييييت يااااااا عمرري اناااا
تتبع والدته التي عادت تجاه المطبخ، لينظر بجوع حقيقي تجاه الأطباق العامرة التي جهزتها والدته لتغمغم عايشة بحدة وهي ترى نظرات غسان الجائعة تجاه الطعام
- قوووم ودي الصحون عالسفرة يلا ئدامي.

انفجر غسان ضاحكا تلك المرة واقترب خلسة تجاه طبق ورق العنب والتقط واحدة يتناولها بتلذذ ثم سارع بوضع الاطباق على الطاولة ليعود وهو يضم جسد والدته طابعا قبلة سريعة على وجنتها قائلا
-ياااامي ياروحي ياااقلبي انت وحئ الله رمضان الاسبوع الجايي يعني لازمة هالعزيمة وهالاكل يلي عم يخلي عصافير بطني عم تزئزئ، هيك هيك رح ترجعي تطبخيه مرة تانية.

ابتسمت عايشة بحيادية وهي تنظر الى الفرن منتظرة شواء الدجاج لتقول بنبرة غامضة
- لا الاسبوع الجاي عند خالتك لانو عندها مناسبة المهم هلا حط باقي الصحون عالسفرة وليك هااا استرجي تمد ايدك عاليبرقات فهمممت
اشارت بيدها على الأطباق الجديدة التي وضعتها على الرخام ليقول بوداعة وقد التقطته حينما تناول ورق العنب
- يا ست الكل طلباتك اوااامر يا روحي وعمري انت
تنهدت عايشة بيأس وهي تغمغم بضيق.

-اخخخخ لو بس تبطل نشافية رااسك بس شو بدي ئول الله يهديك، اييي صح لاتنسى تودي صحن لرفيئك وقلو بتسلم عليك عيوش وعم تستناك عسفرة رمضاااان
ابتسم غسان بشحوب ولم يستطيع سوي ان يبتسم متمنيا شفاء صديقه وعودته كالسابق، رن جرس المنزل لتقول عايشة بتعجل وهي تنزع مريولها وتطفئ الفرن قائلة
- اجو الضيووف
تقدمت بخفة شديدة خارج المطبخ، إلا أنها التفتت الى غسان الذي ضبطته يلتقط ورق العنب لتقول بانزعاج.

-يلا يلا خف ايدك وحط الصحون الباقية لوقت ماشوفن
ابتسم غسان بعبث وهو يتناول الطبق ليضعه على الطاولة، كي لا يثير غضب والدته، انتبه على خروجه الي صوت والدته التي تقول بحزن بالغ
- ولو اني ماخدة عخاطري منك يا بيسان
تيقظت جميع اوردته ليضع الطبق سريعا على الطاولة ويلحق بتلك الغائبة عنهما ليسمعها تقول بأسف بالغ
-متزعليش مني ابدا، بس صدقيني انا كده مرتاحه.

عقد حاجبيه بدهشة ليسأل بعدم فهم وهو يلاحظ ان هناك شئ مفقود لا يعلمه
- عن شوووو عم تحكووو ااااه
رفعت بيسان عينيها بتحدي تجاه غسان الذي عقد حاجبيه بريبة وهو يراها ترفع يدها اليمني مبرزة الخاتم فى بنصرها ليتبعه صوت والدته التي غمغمت بحزن بالغ لم تستطيع اخفاؤه
- بيسان انخطبت للعريس يلي تقدملها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة