قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وخمسة وأربعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وخمسة وأربعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وخمسة وأربعون

فى حى عاصى،
فى بيت توحة تحديدًا، الجميع يعمل على قدم وساق لزيارة عائلة زوجة حفيدها، توحة تحديدًا كانت تشرف على السيدات فى المطبخ تحديدًا أسماء التي تصب عليها كافة العمل، ليس لسبب الا فقط تنديمها على تأجيل الزفاف لفترة من الوقت، لم تجد توحة انتقام افضل من المطبخ.

وقفت بعباءتها السوداء الثمينة ومجوهراتها التى لا تقدر بثمن فى الوقت الحالى، لا ترتدي الطقم الا لماما او لمناسبة خاصة، وحضور حفيدها مع عائلة زوجه يستحق كافة التحضيرات المناسبة، كى لا تشمت لها عمتها جميلة..
غمغمت توحة بحدة و عينيها كالصقر على كل امرأة فى المطبخ
-شهلى ايدك يا اسماء، عايزين نلحق نخلص قبل ما يجيوا.

تذمرت أسماء، ليس بسبب انها منعتها من السفر لمسابقة مدرستها والتى كانت تشرف عليها، ولا حتى بسبب إيقاظها من نومها مبكرًا
بل بسببها حرمت من الذهاب للصالة الرياضية، وكل ذلك بسبب تأجيلها للزفاف
تعلم ان أسابيع صغيرة مرت على زواج عاصى، لكن ما الداعي للتعجل والزواج؟!
غمغمت بسخط وهى تقطف أوراق الجرجير
-الله يا توحة شايفانى اخطبوط بمية دراع ما بعمل اهو
لوت توحة شفتيها بحنق وهى تضع يديها على خصرها قائلة.

-هيجيلك يوم يا خايبة اصبري بس، بعدين مش كفاياكي كدا لا إكمنك مخطوبة ولا حتى متجوزة، ده فرح ابني داخله على ال شهور وانتى محلك سر
هل مرت ثلاثة أشهر؟!
جحظت اسماء عينيها، اللعنة لقد توقعت أسابيع، متى اصبحت ثلاثة أشهر؟!
قطفت اوراق الجرجير بعنف يائس وهى تغمغم بأول شئ خطر على بالها
-يووه، ما الاسعار ولعت نار، واللي بحوشه عشان اجيبه الاقيه زاد شئ وشويات.

أصدرت توحة صوت ساخر من شفتيها قبل ان تقترب منها قائلة بتهكم
- عيني في عينك ايه الحاجات اللي ناقصة
عبست اسماء وهى تترك ما بيدها ناظرة فى عيني تحية لتجيبها بيأس قائلة
-معدات الرياضة يا خالتي اسعارها بقت نار
جزت تحية على اسنانها حتى انها رفعت كلتا يديها نحو السماء قائلة
- مش هقول غير حسبي الله ونعم الوكيل يا اللي فى بالي.

ضربت توحة كلتا يديها على فخذيها وعلامات الغضب بادية على قسماتها لتقترب منها أسماء قائلة محاولة تهوين الأمر
-يا خالتي
اشاحت تحية يدها بلا مبالاة قائلة بإصرار
-انا هطلقه منك لانك متستاهليش اصلا
تجهمت ملامح اسماء وقالت محاولة استرضاءها
- يا توحة صلى على النبى بس، خليكي محضر خير
امسكتها تحية من عضدها وجرتها حرفيًا خارج المطبخ متوجهتان نحو الصالة قائلة بحدة.

- محضر ايه يا خايبة، وجد كام شهر وهتجيب عيل وانتى راكنه الراجل جمبك لحد امتى، اسمعي يا خايبة الراجل لو سبتيله الحبل على الغارب ابقي قابليني لو عرفتي تلميه
لفترة لم تجد اسماء ردًا على كلامها، خاصة انها ربما بدون وعى تسبب عادل بالملل، غمغمت بخشية
- يعني اعمل ايه يا توحة
اجابتها بنصح علّها آخر مرة تفكر فى شئ بعيد عن معدات الرياضية الثمينة، لولا انها فقط تعلم أنها غارقة في حب الآخر لما اهتمت بالأمر.

-النهاردة تكلميه لا النهاردة ايه، تتصلي بيه حالا تجبيه هنا وامك هتيجي ونتفق على الفرح، انا سبتك براحتك بس انتى سوقتي فى العوق
عضت اسماء على باطن خدها، حسنًا كيف تخبرها انهما تشاجرًا ليلة أمس الماضية؟

الأمر لم يكن يحتاج الى كل هذا الشجار، كل ما طلبته أن يستعلم عن بعض اسعار معداتها فهى ترغب بإنشاء صالة رياضية نسائية فقط يستطعن أن يحظين براحة تامة بعيدًا عن مواعيد مقيدة كالصالات الأخرى وثاني الأمر أن لا يكون سعر الاشتراك بأسعار فلكية.

لكن الاخر تضايق ورأى انها بدلا من انهاء مستلزمات شقتهما تبحث فقط عن معدات رياضية! متهمًا اياها انها لا تفكر بالزواج وأن الأمر مجرد لعبة حينما استشعرت مدى جديتها قررت التخلى عنها.
انتبهت على صوت تحية قائلة بغضب
- قومي يلا انتى قاعدة بتعملي ايه هنا، انزلى تحت ضبطى نفسك و البسى فستان وشوفيه.

نظرت اسماء تجاه ثوبها الرياضى النسائى بعدم فهم، لونه وردى والوشاح الذي ترتديه ابيض، ما الحاجة لإرتداء فستان؟ أنها لن تقابله فى هذا الوقت تحديدًا
سألتها بعدم فهم
-والاكل يا توحة نعمل فيه ايه؟
اغمضت تحية جفنيها بيأس وهى تضع يدها على راسها هادرة
- امشي من وشي عشان معملش فيكي جناية دلوقتي يا اسماء
صدر صوت نسائى رقيق تجاه الباب المفتوح قائلا
- براحة على اعصابك يا توحة.

انفرجت أسارير تحية وهى تسحب وجد من بين ذراعي زوجها المتملكتين لتستدير تجاه اسماء قائلة
- اي ده انتوا وصلتوا مش تقولي يا منيلة انهم جم
تبرمت أسماء من بين اسنانها
- هو انتي سيباني يا توحة اتكلم حتى
اشاحت بيدها قائلة بنبرة محذرة، وذراعها تحتضن وجد
-روحي اعملي اللي طلبته منك، وبعدين هنتكلم
استحوذت على وجد لنفسها تحت نظرات عاصى الغير راضية تمامًا لتجلسها بالقرب منها على الأريكة قائلة.

- تعالي يا حلوة قوليلي بقي مفيش حاجة كدا ولا كدا
تدخل عاصى تلك المرة حينما همت وجد بالرد عليها
- مستعجلة على ايه بس يا توحة، تعالى ريحي وسيبينا نحضر الاكل وهحكيلك على كل حاجة
عينيها لم تفت عن نظرات عاصى المسترقة لها، ولاحتى لحديثهما الصامت لتجد نفسها محاصرة بين ذراعي حفيدها العضلتين سارقًا زوجته منها لتزم شفتيها بعبوس قائلة
- ماشي يا عاصي.

اقترب منها طابعًا قبلة على رأسها وهو يهمس لها بعبث حينما اختفت وجد عن انظاره داخل المطبخ
- تفتكرى هتيجي
امتعضت ملامح تحية تهجنًا قائلة
- جميلة هانم وفي حي شعبي! حقيقي هيبقي خبر الموسم فى ناديها
رنين الجرس قطع حديثهما مما جعلها تنهض حينما وجدت غالب امامهما حاملاً علبة حلوى فاخرة لتتسع ابتسامتها قائلة
- نورتنا يا غالب، اتفضلوا المنطقة كلها نورت بوجودك
- بنورك يا تحية هانم.

ركضت وجد فى الرواق الفاصل بين المطبخ والصالة لتقترب من جدها محتضنة اياها تحت ضحكات كلا من تحية وغالب الذى ربت على ظهرها
-جدو وحشتني
دعته تحية للدخول ليتقدم وهو ما زال محتضن وجد تبعه دخول عدة شباب توصيل حاملين هدايا فخمة وضعت على الطاولة، اتسعت عيون النسوة فى المطبخ وبدأت الهمسات فى التصاعد لتشعر تحية بالحرج لما تكلف به الرجل، غمغمت تحية بنبرة دافئة
-مكانش ليه لزوم كل التعب ده حقيقي.

اتسعت ابتسامة غالب حينما تقدمت جميلة بباقة ورد وهو يشعر بها تقدم رجل وتؤخر الأخرى ليقول بابتسامة هادئة
- عارف يا تحية هانم اننا داخلين بيت معروف عنه بيت الكرم، ودى حاجة بسيطة، هتردينا بالهدية، ده النبى معروف عنه انه مردش هدية ابدًا
سمحت لهم بالدخول قائلة
- اتفضلوا نورتونا
ألقى غالب نظرة ذات مغزى لجميلة التى تقدمت بباقة الورد معطيًا اياها دون ان تنبس ببنت شفة، لتكظم تحية غيظها قائلة بابتسامة فاترة.

- نورتي يا جميلة
سارعت بجلب النسوة لوضع الهدايا داخل احدى الغرف وتجهيز طاولة الطعام بينما جلس الجميع فى غرفة الضيافة وامرأة قدمت بجلب الحلوى وبعض المرطبات..
- وحشتيني يا حبيبة جدو
غمغم بها غالب وهو يطبع قبلة على جبين وجد التي استكانت بين ذراعيه، عيناه ابتسمتا برضا تام وهو يرى البريق في عينيها، حتى نظرات عينيها المختلسة لزوجها الذى كان يساعد جدته مستئذنًا منهم لبضع دقائق..

اجابته وجد بصدق وهى تشعر بالسكينة لوجودها بين احضانه مرة آخرى
-وانت اكتر والله
تلك المرة ناغشها غالب قائلاً
- يا بكاشة مكنتيش قدرتى على بعدى كل الشهور دى.

احتقنت وجنتى وجد وهى تود لو اخبرته ان الأمر ليس بسببها، بل بسبب ذلك الآخر الذي فر من استجواب جدها متعلالاً بمساعدة جدته، لن تنكر أن الشهور مرت كسرعة الزيبق وهي أرادت فترة ان تشعر بمعنى الحياة الزوجية، بالطبع لم تمتنع عن زيارتهما لكن ارادت تلك الخصوصية بمفردها مع عاصى حتى ان عاصى لم يبدى اى رأى مخالف لها..
استمعت الى صوت جدها يخرجها من فقاعة شرودها قائلاً.

- قوليلي بقي خلال الفترة اللي فاتت لما سبتك معاه زعلك الواد ده
اقتربت من جدها مشاكسة إياه قائلة
- هو يتجرأ يزعلني وانت موجود
لم يغب ذلك المشهد عن عيني جميلة التى التمعت عيناها بالدموع
لقد اشتاقت لصغيرتها
إلا أنها تعلم أن الصغيرة لا تستطيع منح غفرانها بعد..
انتبهت على صوت صغيرتها مقتربة منها قائلة بابتسامة لهوفة
- وحشتيني يا مماه.

شهقة حادة خرجت منها سرعان ما كتمتها وهى تضمها بين ذراعيها بقوة، هطلت الدموع منها لا اراديا شاركتها وجد وهى تزيل دموع عالقة بيدها لتنظر جميلة فى وجه وجد، تتمعن النظر لها، سألتها بقلب أُم وَجِل
- مبسوطة يا وجد
هزت وجد رأسها قائلة
- متقلقيش عليا، صدقيني صعب الاقي حد زي عاصي
اطمأنت سريرتها وسكنت هواجسها وهي ترى وجه اخر لصغيرتها الذى تعلمه، همت بالقاء عدة اسئلة الا ان صوت تحية صدح مقاطعًا.

- اتفضلوا على السفرة
تقدم الجميع نحو الطاولة العامرة بما لذ وطاب للنفس، صعقت جميلة ما ان سقط بصرها نحو عدة اطباق سبق لها بالسماع عنهما، هذا عداك عن كمية السعرات الحرارية فى كل طبق فخار يتربع على الطاولة غمغمت قائلة
- اي الاكل ده
اتسعت ابتسامة تحية وهى ترى ملامح الامتعاض وبعض التقزز يرتسم على وجهها، اجابتها بابتسامة واسعة
- زي ما انتى شايفة، اكل يفتح النفس اتفضلوا.

حاولت جميلة النظر لأى طبق يحتوى على سعرات حرارية منخفضة، او حتى شئ مشوى إلا أنها لم تجد سوى اطباق صغيرة يتيمة للسلطة، غمغمت جميلة بصدمة
- مين هياكل كل ده
اتسعت ابتسامة تحية وهى تدفع الجميع للجلوس، لقد قامت بإعداد معظم ما تتناوله العائلات المصرية بالعزيمة، متركزة ان يكون السمن بلدى لتقول
- يختي صلي على النبي، ومتخافيش كل الاكل ده بالسمنة الفلاحي، يعني كله طبيعي.

جلس غالب وهو ينظر بحيرة الى اطباق الطعام لتتقدم نحوه ممسكة بطاجن مخصوص علمته جميلة فور رؤيتها لتقول تحية بابتسامة واسعة
- عاملة طاجن كوارع مخصوص، اكيد بقالك فترة يا غالب مكلتهوش
رددت جميلة بصدمة وهى تنظر الى الطعام ثم إلى جسدها الذي تحافظ عليه بشق الانفس
- كوارع!
تقبله غالب بترحاب بالغ وهو يتناول او قضمة قائلاً
- تسلم ايدك يا تحية هانم، الواحد بقاله سنين مش بيقرب من الاكل ده على كلام الدكاترة.

لوت تحية شفتيها بسأم وهى تضع أجواز الحمام والفراخ على أطباق الجميع
- يا راجل انت بتصدق كلام الدكاترة، كل وسمي متقلقش
غمغمت جميلة بصدمة
- انتى عايزة تموتيه
شهقت تحية بصدمة ضاربة بكفها على صدرها قائلة
-اموته مين، كلي وانتي ساكته احسن.

تابعت جميلة بعينين مرتابتين للجميع وهم يتناولون الطعام بشهية مفتوحة، حتى وجد كانت تتقبل كل شئ تضعه تحية أمام طبقها، عادت تنظر الى الحمام المحشى بيأس لتتناول قطعة من محشى ورق العنب ثم تبعتها بسلطة..
همس عاصي بالقرب من أذن وجد
- شكلها كده ناوية تجلط عمتك
ابتسمت وجد وهى تتلذذ من طاجن البطاطس والملوخية قائلة
- مش ناوية هى اكيد.

طرقات على باب المنزل تبعها دخول أسماء بثوب نهارى عملى لتبتسم بحرج وهي تلقي سلام خافت قبل ان تجلس على اقرب كرسى شاغر، تولت تحية التعريف عنها قائلة
-اعرفكم ب اسماء، حفيدتي اللى مخلفتهاش، غلاوتها من غلاوة عاصى
ألقى غالب سلام دافئ أما جميلة فاكتفت بالنظر لتحية بصدمة حينما قامت بفتح الحمام وأمرتها بتناول الأرز بداخله كاد الجميع ينفجر ضاحكين لولا دخول عادل الذى يفرك بكلتا يديه قائلاً.

- واضح ان امى دعيالى النهاردة
اقترب عادل ملقيًا سلام للجميع ثم سلام خاص بتقبيل يد تحية لتربت على كتفه برضا قائلة
- عادل برضو يعتبر حفيدي اللي مخلفتهوش، يبقي شريك عاصي في الجيم وخطيب الهانم اللى هتنقطني
شعرت اسماء بغصة فى حلقها ليسارع عادل بتقديم كوب من الماء لها، تجرعته على عجالة وهي تهمس برجاء
- يا توحة مش قدام الناس
جلس عادل بجوارها وهو يتناول باذنجان محشي بتلذذ لتسأل تحية موجهه حديثها نحو عادل.

- شقتك خلصت يا عادل
القى نظرة خاصة تجاه أسماء التي توردت وجنتيها حرجًا، ليغمغم بنبرة ذات مغزى
-جاهزة يا ست الكل، ناقص بس تنور العروسة
تلك المرة اكتفت اسماء بالصمت لتوجه كامل جسدها امام عادل قائلة
- انت مش قولتلي من كام يوم ان فيه مشكلة فى السباكة وهتاخد وقت وتتصلح
هز رأسه مجيبًا وهو يتناول المعكرونة بالبشاميل المفضلة لديه
- واتصلحت.

زمت اسماء شفتيها بحدة وهى تزيح طبق المعكرونة من امامه، لينظر إليها بتسلية وهو يقترب من طبقها متناولاً البامية بالارز لتسأل تحية مرة اخرى
- تحب الفرح امتي يا عادل
اجابها عادل ببساطة تحت نظرات الجميع المتسلية حتى جميلة لم تشعر أنها تتناول من طبقها رغم تركيزها على الزوجين المشاكسين أمامها
- النهاردة لو حابة يا ست الكل.

تأوه عادل بتوجع حينما دعست اسماء بكعب حذائها على قدم عادل، تلك المرة انفجرت وجد بالضحك وغالب مكتفى بالابتسامة الرزينة التي يجاهد فى الحفاظ عليها
غمغمت اسماء اسمه ناهرة عن التمادى أمام الغرباء
- عادل
الا ان عادل اكتفى من لا مبالاتها به، ليقول ببرود
- الله ما انتى عارفانى طول عمري صريح
غمغمت تحية بتفكير قبل أن تصدر فرمانها أمام الجميع
- النهاردة صعب، زي النهاردة الاسبوع الجاي فرحك عليها.

تلك المرة استقام عادل مصفقًا بكلتا يديه ليقترب مقبلا رأس تحية زافرًا براحة
-اخيرا يا ولاد، سمعينى زغروطه يا حاجة!
ولفظ الحاجة هنا لم تعد لتوحة، بل الى جميلة التى اتسعت عيناها وهى تكرر كلمته مبدية امتعاض وبغض
- حاجة!
هز عادل رأسه مؤكدًا لها ليجيبها
- ايوا حاجة مالك في ايه!، سمعوني زغروطه يا جدعااان هتجوز خلاص يا صبر ايوووب
أطلقت تحية زغروطة مرتفعة، تحت نظرات أسماء التي لو كانت تحرق لحولته إلى رمادًا.

جزت اسماء على اسنانها وهى تنظر تجاه تحية وكأنها طعنتها بسكين غدر
- عادل
أشاح عادل بيده وهو يتناول الطعام بشهية مفتوحة قائلاً
- يا شيخة ده انا نسيت انى خاطب
شعرت بيد وجد علي كفها لتعبس مغمغة بحنق زائف
- عجبك التدبيسة اللي دبستهاني دي
هزت وجد رأسها مجيبة اياها بابتسامة واسعة
-الصراحة تستاهلي، احمدي ربنا انها جت على قد كدا
لوت شفتيها بضيق زائف وتصنعت الحزن قائلة
- حتى انتى يا وجد.

ربتت وجد على يدها قائلة بمشاكسة
- مبروك يا عروسة
غمغمت اسماء بحنق لل التدبيسة التي قامت بها توحة لتغمغم بقهر
- طب يستني اجيب الجهاز اللي بحوشه
هزت وجد رأسها بيأس، تعلم أن قائمة مشتريات المعدات الرياضية التى وعدتها قبل زفافها ستقوم بشرائها كحد أقصى منذ شهرين منصرمين، إلا أنها تعلم أسماء جيدًا، قائمة مشترياتها لن تنتهى ابدًا
غمغمت ببساطة
- ابقوا حوشوها مع بعض وجيبوها.

شعرت اسماء بطعنة الغدر الثانية أتت من وجد، لتزم شفتيها بحنق مكتفية بعدم الرد تحت استفزازات عادل وتوحة..
انتبهت على صوت عاصى الذى صدر لأول مرة بعد الهرج الذى حدث منذ قليل
- بمناسبة السعيدة دي فيه خبر سعيد حابب اقوله
هدأ الضجيج ليمسك عاصى كفى وجد التى تخضبت وجنتيها خجلاً، تسلل بعض الأمل داخل تحية التى حدقت تجاههما بأمل هامسة
- اللى فى بالي يا ابني مش كده.

هز عاصى رأسه وهو يميل طابعًا قبلة على رأس وجد التى تحولت لثمرة طماطم طازجة تحت أنظار الجميع
- هو يا توحة
تلك المرة استقامت تحية من مجلسها مطلقة زغروطة من قلبها لتقترب من وجد مقبلة إياها من خديها وعيناها تذرفان الدمع، استقام غالب هو الآخر مباركًا وفي عينيه دموع الفرح أبى أن يطلقها، إلا أن جميلة لم تستوعب الأمر أو دعت بالجهل لتسأل
- بتزغرط ليه؟
ابتسم غالب براحة وهو يغمغم بهدوء.

- استعدي عشان تستقبلي الجيل التاني من أحفاد المالكي
ولم يكن ردها سوى انها غصت فى طعامها!

الحب لم يكن من نصيبها
حتمًا، لم تجنى من الحب سوى الألم والغدر.
لكن ما هى أكيدة منه حتى الآن وإن لم تحظى بحب حقيقى من رجل، إلا انها حظت بما هو أقرب من عائلة، تظل تشكر ترتيب القدر على لقائها بالعم حمزة وعائلته، لقد ساعدوها بقدر كبير على تخطى ازماتها وعقباتها حتى أصبحت على ما هى عليه فى الوضع الحالى..

فرح التى أصبحت شهيرة على مواقع التواصل الاجتماعى بمقاطع الفيديو التى تتعدى العشر دقائق، تعترف ان المدة طويلة بعض الشئ، الا انها تقضيها امام المرآة بوضع مساحيق التجميل وتسرد بشكل خفيف واسلوب شيق عن طرائفها أو قصص وهمية ذات عبرة بالنهاية، معظم شريحة متابعيها هن الفتيات المراهقات لذلك تحاول بذل كافة جهدها ألا تسقطن فى نفس خطيئها، ألا تستقطب اهتماما من الجنس الآخر.

فببساطة شديدة، الجنس الآخر عبارة عن وحوش تنتظر فرصة وقوعك فى شباكهم..
التفكير المنطقى يدفعها، إذا لم يستطيع الوالدين تقديم رعاية وعاطفة مناسبين لاطفالهم، فكيف بغريب يستطيع تقديمه؟!
هوجمت من عدة نواحى
من طليقها
ومن نظرة المجتمع حينما علمن انها مطلقة، وكأنها بها شئ مشين..
ومن النساء اللاتي تخشين ان تسلبهن من ازواجهم
ومن نفسها هى تحديدًا.

الأمر لم يكن سهلاً، لكن بالنهاية استطاعت أن تنجح ولو كان النجاح كمقدار ذرة
لكن يكفى انها استطاعت ان تجد ملاذها.
وها هى الآن تحقق خطوة نجاح لكل الأشهر السابقة التى قضتها تعمل بكد وشغف لم تعلم انها تملكه لنشر كتاب، يحوى الكتاب على رسومات كارتيرية وقصص كالتى تقوم به امام الكاميرا لكن بإسلوب سردى مختلف وعبرة ذات مغزى من نهاية كل قصة..

ورغم كل التعليقات الايجابية بل وحماس متابعيها لاقتناء نسخة من كتابها، الا ان هناك هاجس لعين يجعلها تشعر بالخوف من الفشل
بالكاد تحملت فشل اعوام سابقة من سذاجتها وعدم نضوجها، لكن الان تقسم انها يكاد يغمى عليها من الرعب والقلق
انتبهت نحو سؤال جيهان المهتم
- مالك قلقانة ليه.

سقطت عينا فرح على جيهان، التى تعتبر من اقرب اصدقاءها بجانب غالية، الفتاة على الرغم من مظهرها الفوضوى الخارجى وجراءتها، لكن بالداخل تملك قوة عاطفة اذهلتها، وانها ليست بالسذاجة التى تخيلتها، اتسعت ابتسامتها ونحرت الخوف داخلها لتنظر نحوها بامتنان، كانت من أول الداعمات لها سابقًا ولم تتركها مطلقًا حتى الآن، الأولى التى جعلتها تعى جيدًا ماذا تعنى الصداقة الحقيقية، وان الحب لا يشترى بل يكتسب ويتبادل.

اعطتها أمل للحب مرة آخرى، ما زال شق داخلى لم يهدىء حتى تجد رجلها، مؤمنة انها ستجده حتى ولو تخطت الخمسون عامًا، الا انها صبورة ومتريثة لهذا الأمر، لديها قائمة طويلة بالصفات التى تحتاجها به
لكنها تتعجل كالسابق، ستختبر معه كل ما تاقت به انوثتها التى ستكون حصرية له فقط كما هو الآخر..
انتبهت من شرودها على صوت فرقعة اصابع جيهان التى أعادتها الى ارض الواقع، لتنظر فرح تجاه مبنى دار النشر بقلق.

مدير الدار على علاقة صداقة بالعم صلاح، ولولا تشجيع حمزة وغالية لما قدمت عملها مطلقًا ولن يظهر للنور، بل كان سيظل حبيس دفتر مذكراتها..
بالأمس هاتفها المدير قائلاً انه انتهى من طباعة النسخة الأولى وبالغد سينشر على كافة المكتبات والمعارض، وهى بالفعل نشرت فيديو قصير للمتابعين عن كتابها وكيفية اقتناؤه سواء عبر الانترنت او من المكتبات..

لم تطيق صبرًا حتى صباح اليوم التالى، لتهاتف جيهان وتطلب منها ايصالها الى الدار لتستعلم الى اين وصل الأمر بكتابها، هل بدأ أحد باقتنائه ام عليها الانتظار حتى حفلة التوقيع الذى سيقام بالدار!
عادت بملامح وجهها المتوترة تجاه جيهان لتقول
-خايفة من رد فعل الناس يا جيهان لما ينزل الكتاب
ابتسمت جيهان لتربت على فخذها قائلة باطمئنان.

- الكتاب هيكسر الدنيا، متقلقيش وراكي رجالة، واكبر دعاية، صدقيني هيكون اعلى مبيعات فى الدار كلها
وهذا لا ترغبه تحديدًا، لا يهمها عدد النسخ بقدر ما يهمها ردود الافعال أو الأثر الذى تلقاه القارئ بعد انتهاءه من قراءته!
عبست ملامحها لتغمغم فرح بصدق
- مش عايزة يا جيجي مجرد كتاب يتشهر لفترة وبعدين يتنسي، عايزة احس اللي كتبته وتعبت فيه ليه تأثير على الناس.

هزت جيهان رأسها بتفهم، لا تنكر ان بادئ الأمر انها تفاجئت حينما اخبرتها انها تحتاج الى وسيلة دعاية متقنة للكتاب الذى سيطلق فى الأسواق، ظنت انها تمزح او ان الكتاب لإحدى زملاءها، لكن الصدمة تمثلتها حينما اخبرتها ستنشر كتاب خاص لها حتى انها ارسلت بضع النصوص للكتاب، غمغمت جيهان.

- انا لو كنت اعرف انك بتعرفي تكتبي كنت وديتك لاكبر دار نشر فى البلد، بس مش مشكلة الدار اللي اتعاملتي معاها بتهتم بنوعية الكاتبين اللي معاهم، بس مش هنكر انك هترفعي من اسمهم
تنهدت جيهان ونظرة القلق ما زالت تحتل عيني فرح، لتربت على ساعدها وهى تحاورها بعينيها كي تترجل من السيارة، هزت فرح رأسها وهى تترجل من سيارة جيهان متوجهتان داخل بوابة الدار لتهمس فرح بالقرب من اذنها
- ممتنة انك جيتي يا جيجي.

ارتسمت ابتسامة عريضة على شفتي جيهان لتوكزها قائلة بخفة
- اخرسي انا هنا بس عشان الفانز مش اكتر، ويعرفوا اني مصاحبة عبقرية
هزت فرح رأسها يائسة لتغمغم
- مفيش فايدة فيكي
اندفعت كتلة شعواء تعيث فى ارض المكان فسادًا يصدح بصوته الطفولى المرتفع
- فرح فرح، بيدوروا عليكي
توقفتا الفتاتان حالما سمعن نداء فرح، لتلتف فرح بكليتها تجاه طفل يكاد يصل الى خصرها، اتسعت عينا جيهان بتفاجؤ وهى تجد الطفل متشبث في كفى صديقتها.

هل انجبت فرح طفلاً وهى لم تدرى؟! ام تبنت شخصًا؟!
كيف لم تدرى بهذا الطفل، لكن ملامح الطفل تشبه شخصًا تعلمه، اللعنة شخصًا رأته وتعاملت معه بالطبع
لذلك استبعدت ان يكون طفلاً لفرح، يجب ان تتذكر الاسم كي لا يتهمها احد بالخرف الآن، ما زالت امرأة مقبلة على زواج وحياة جديدة ولن يكون الأمر جيدًا حينما يعلم احد انها اصابت بالخرف فى هذا العمر!

ابتسمت فرح تجاه يحيي، هذا الصغير يوقظ بها غريزة امومة لعينة، ستظل يؤرق مضجعها حتى تحقق حلم امومتها، عبثت بخصلات شعره الثائرة، بعكس يوسف المهذب لطيف المعشر الذى لا يسمح لأحد للأقتراب من شعره او ثيابه لتسأله باهتمام
- هما مين؟

لهثت الطفل من فرط الركض، ليجذبها معه بقوة عضلاته، حسنًا تعترف فرح ان الأطفال برغم من بنية عضلاتهم واجسادهم الا انهما حينما يريدان الحصول على شئ، لا تستطيع الأم نزعه منهم الا بالقوة المفرطة، تكاد تشعر انه يوجد لديهم مخالب خفية يستخدمونها عند الحاجة!
حسنًا، مجرد تفكير ابداعى واسع، ليس الأمر حقيقي!
تقدمت فرح عدة خطوات مبتعدة عن جيهان مرغمة لتسمع يحيي يقول بنبرة لاهثة وتصميم.

- جدو قالي اني ادور عليكي لانهم عايزينك جوا
اعترضت جيهان طريقهما لتنظر تجاه الطفل بامعان وتفحص لتسأل فرح
- استني هنا مين المز ده
تجهمت ملامح الطفل لعبوس، العبوس الطفولى بدا مضحكًا لجيهان حتى كادت ان تنفلت منها ضحكة الا انها تحكمت بها حينما سمعت نبرة الجدية تخرج من شفتي الصغير
- مسميش مز ده اولا، واسمي هو يحيي
لمعت عينا جيهان باعجاب وهى تنظر تجاه فرح عنه، الا ان فرح هزت رأسها بيأس، غمغمت جيهان بهدوء.

- يحيي، اسمك جميل ولايق عليك
غمغم الطفل بفظاظة شديدة، وهو يحكم حصاره حول فرح بجدية قائلاً وهو يزيح جيهان عن طريقه
- عارف، كفاية كدا احنا اتأخرنا، جدو عايزنا
تلك المرة انفجرت جيهان ضاحكة وبريق المكر مختلط بالاعجاب مركزتات على هذا الصغير، اقتربت بهدوء تجاه فرح قائلة
- ده انت لمض بقي، اقتربت بهمس تجاه فرح مين الخطير ده
اجابتها فرح ببساطة
- ابن غالية.

انتظرت جيهان ان تسهب فرح بتحديد هوية المدعوة غالية، فرح بالتأكيد تمزح ان تذكرت أى اسماء شخصيات وهى فى الوقت الحالى للاستعداد لزيجتها، ربما سمعت اسمها او تحدثت عن عدة مواقف
لكن تعرفها
حتمًا لا تعتقد!
سألت بفضول
-ومين غالية؟
غمغمت فرح
- دي قصة هحكيهالك بعدين
زمجر الطفل وهويلاحظ تباطئهما فى السير ليشحذ همة فرح قائلاً
- يا فرح بسرعاا
هزت جيهان رأسها بيأس لتشعر بفرح تمسك كفها وهى تخبرها قائلة.

- تعالي احكيلك على السريع
على الرغم ان ما تحدثت به فرح عنها لم يكن سوى القليل، لكن حتمًا لم يثيرها الأمر سوى الفضول
توقفتا عند تجمع شباب وامرأة بثيابها الانثوية تقف بالقرب من نسخة اخرى من المدعو ب يحيي، اتسعت عينا جيهان جحوظًا لتهمس
- هى الدنيا صغيرة ولا انا متهيألي
التفتت تجاه فرح هامسة
- هى دي غالية
اومأت فرح بايجاب
- هى
اقتربت غالية بابتسامتها البسيطة لتقول بنبرة متسلية.

- الطبعة الاولي خلصت يا هانم، تعالي صبرى الحشد ده علشان مدير الدار مش عارف يصبرهم
جحظت عينا الفتاتين تحت وقع الخبر، الا ان جيهان سريعًا ما افاقت من صدمتها بعكس فرح التى همست بنفى
- الطبعة الاولي! استحالة.

ابتسمت غالية وهى تمسك ساعدها تحثها للدخول داخل الجمع، طالبة منهم الصبر والتريث، الامر كان مفاجئًا للجميع، خاصة مدير النشر الذى لم يكن يتوقع ان يأتى جمع غفير للدار بعد بيع جميع النسخ في الاسواق، برغم ان المدير قال انه احتفظ بعدة نسخ داخل الدار الا ان العدد لن يكفى المتطلبين، وهذا الأمر لم يستوعبه الحاضرون، ربما صاحبة الكتاب هى من ستهدأ ثائرتهم!
ابتسمت غالية بشئ من الفخر وهى تقول.

- مش وقت ذهول دلوقتي، تعالي شوفي هتصبري معجبينك ازاي
نظرت فرح مليًا تجاه غالية وجيهان، التمعت عينيها وهي تجذبهن نحوها فى عناق سريع، تشكرهن فى صمت لتربت غالية على ظهرها اما جيهان فاكتفت بالقاء دعابات سخيفة، ساعد على تعديل مزاجها قبل ان تتوجه تجاه متابعاتها العزيزات،
توقفت جيهان بالقرب من غالية، تعترف ان المرأة تغيرت بعض الشئ بعد الزواج، من يصدق انها ستقابلها هنا بعد تلك الاعوام وهنا!

هى ليست على معرفة وطيدة، او حتى جمعهما حديث بعيد عن العمل، لكن بالطبع هذا الوجه لن تنساه ابدًا
لقد كانت حديث الصحف لسنوات عديدة قبل ان تسلك مجال اخر بعيدًا عن عالم الاضواء، وايضًا زواجها الذى كان بمثابة صدمة للكثيرين، لا تعلم عن الأمر الكثير الا انها لم تهتم حتمًا، خاصة ان نقوذ عائلة زوجها كانت تستطيع ان تبتر اى خبر عنها وعن زوجها، ليتوارى خلف الظلال!
دفعها فضولها لتقترب منها قائلة بنبرة ساخرة.

- الطبعة الاولي خلصت! انتي مصدقة الكلام ده
ربتت غالية على ظهر صغيرها يوسف ملقية على اذنيه تعليمات له ولتوأمه، والطفل حسنًا مراعى للغاية لوالدته، لم يرفض لها طلبًا او يصدر حتى تذمرًا ليتوجه تجاه مسلك فرح ليقف بالقرب من توأمه وجده وفرح، لترفع غالية رأسها بشموخ مثير لعينى جيهان لتسألها بهدوء
- وده تعجب ولا استنكار؟!
هزت كتفيها بعدم المعرفة لتمد يدها قائلة معرفة عن نفسها بنبرة مغناجة
- جيجي السويسري.

ابتسمت غالية بعملية هادئة وهى تصافحها قائلة
- ومين ميعرفش النجمة الدهبية، غالية..
قاطعتها جيهان سريعًا عن حديثها قائلة بظفر
- عارفة وفاكراكي انتي مرات.
ارتفع صوت غالية مخرسة اياها قائلة بنبرة باردة
- كنت مراته
الكره والغضب الذى ارتسم على ملامح غالية جراء ذكرها لاسم زوجها السابق او طليقها، لا تعلم ايهما اقرب، خاصة ان الصحافة ما زالت لم تجد الحقيقة بعد!
تهكمت جيهان ساخرة بفضول لتعلم ما سبب نفورها منه.

- غريبة سمعت انكم انفصلتوا، او هو اللي قال
اتسعت ابتسامة غالية ببرود تام لتنظر تجاه فرح وهى تسألها بفتور
- عرفتي ازاي
حسنا الاجابة سهلة للغاية لمعرفتها لتلك المرأة وزوجها، ليست غبية لذلك الحد كي لا تعلم ان اطفالها يشبهون كنسخة كربونية من ملامح والدهم لتقول بأسف
- عياله نسخة منه، للاسف واخدين ملامحه جدا.

هزت غالية رأسها واكتنفها الغموض لتنظر اليها بعمق تلك المرة، دكنة عينيها تحدق في ذلك اللهيب المشتعل فى عيني جيهان لتهمس
- مش ساهلة يا جيجي ابدا
اتسعت ابتسامة جيهان بخفر لتزيج تراب وهمي عن كتفيها قائلة
- اطلاقا
لتميل تلك المرة بشقاوة نحوها
- وانتى طبعا عارفة ان النسخ دي اشتراها شخص واحد
تلك المرة كانت ابتسامة غالية صادقة، الأمر لم يكن يحتاج لشخص ذكى ليعلم ان ما وراء ذلك الأمر سوى شخص واحد.

تنهدت غالية قائلة
- عارفة
عقدت جيهان ساعديها على صدرها وكلتاهما ينظرن تجاه فرح
ابتسامة مطمئنة لاحت على شفتي جيهان وهى تعلم ان هذا هو مسار صديقتها الذى ضلت عنه لفترة
ربما لم يأتى زوج المستقبل، لكن مستقبلها واعتمادها على ذاتها تستطيع ان تبني اساس ثابت لحياتها المستقبلية، شتان بين بقايا امرأة التى قابلتها والمرأة التى أصبحت عليها الآن!
سألت غالية باهتمام
- تفتكري بيعمل كدا ليه؟

ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتى غالية لتجيبها بجفاء
- فاكر كدا انه هيقدر يرجعها لصفه، او بيكسبها، بيستخدم نفوذه وسلطته عشان يرجعها بس للاسف ميعرفش انها مش هيفرق معاها
جادلتها تلك المرة جيهان قائلة
- متقوليش ليه انه عايز يساعدها
رفعت غالية احدى حاجبيها تهكما على تفكيرها الساذج للمرأة، غمغمت باحتقار تام.

- مفيش مطلق راجل، هيسيب الست اللى قررت تنهي العلاقة قبل ما هو يقرر بالساهل، صدقيني طول ما هو محسش بالملل عمره ما هيسيبها حتى لو وصل للسبعين سنة
لمعت عينا جيهان بخبث استطاعت خلال دقيقتين معرفة سبب النزاع بين الزوجين، او بمعني ادق من طلب الانفصال، لكن السبب يظل مجهول، مجهول حتى تنبش هى فى الأمر، ومن يعلم؟ ربما تكون غالية هى صديقتها القادمة!
سألتها بنبرة ماكرة
- ودي السياسة اللي بتعمليها مع طليقك!

رغم ان غالية لم تكن تحتاج لتبرير أى أمر امام شخص غريب، لكن الغضب الوحشى الذى بداخلها بعد تعديه حدود السلام بينهما جعلها اشبه بقنبلة موقوتة توشك على الانفجار
واستفزاز جيهان كان أكثر شئ رحبت به للانفجار امام وجهها، رقت ملامحها حالما سقطا على طفليها، لولاهما لربما قتلته او حتى القته فى جب الظلمات، لكن ما يمنعها ولديها، غمغمت وهى تجز على اسنانها حانقة.

- الفرق بيني وبينها اني مخلفة منه طفلين، ومضطرة بشكل غير مباشر يكون موجود فى حياة الاولاد، بس حياتى انا لأ
هزت جيهان رأسها وهى تستعجب حالة النفور والكره الصريحين امامها
ماذا فعل الرجل لتكرهه الى تلك الدرجة؟
الامر ليس مجرد زوجين فى سنة اولى من زواجهما، بل المرأة معها طفلين منه، كيف وصل بهما الأمر الى ذلك الوضع، غمغمت جيهان
- غريبة انك بتكرهيه للدرجة دي.

رفعت غالية عينيها لتبتسم بوحشية وهى تصر على اسنانها هامسة
- انا مش بكرهه بس، انا مش بطيقه
تلك المرة لم تجد جيهان سوى صراحتها المعتادة لتنفجر فى وجهها بحدة
- مش بتطيقه، اومال خلفتي منه ازاي
بهت وجه غالية وسكنت حركاتها، حتى باتت اقرب لتمثال رخامى بارد، استوجت جيهان خيفة وهى ترى عينيها اللتين كانتا مشتعلتين تحولت الى جوف كهف سحيق، ظلمة عينيها بث الرجفة فى جسدها لتجدها غادرت دون كلمة آخرى.

لوت جيهان شفتيها حانقة مغمغمة
- نسوان فارغة، عنيها فيه وتقول اخيه
جاءها صوت رجولى مقتحم لسبابها يغمغم بتسلية
- بتكلمي نفسك
التفتت جيهان برأسها دون ان تبتعد مقدار انش عنه، اتسعت ابتسامتها حالما رأته ينظر اليها بافتتان ككل مرة عينيه تسقط عليها
لن تنكر انه اصبح متلهف لدرجة مثيرة للأعجاب لتعجيل الزفاف
حجتها الوحيدة لسفر شادية وتجهيز المنزل قد بطلت، ولم يعد حتى فستان زفافها مشكلة عويصة.

بقدر كرهها للانتظار، الا انها تقوم بذلك نكاية به
تستمع بغضبه وفقدان طور صوابه
هى لن تمر كل تلك السنوات التى تعذبت بها بمفردها، ستجعله فقط يتجرع فقط جرعات حيرتها ويأسها..
اكتفت من سؤاله كيف يعلم مكانها فى كل مرة تجده امامها، لتسأله ببساطة
- انت من هنا امتى.

اقترب منها وهو يضم جسدها حول ذراعه لتكون اقرب له، توردت وجنتيها وقد حشرت حشرًا بين اضلع جسده لتشعر به يطبع قبلة على مقدمة رأسها وهى تسمعه يغمغم بصوت اجش
- من بدري بس مرضتش اقاطع كلامك مع اللي كانت جمبك
استدارت له بكامل جسدها وهى تطبق ذراعيها حول عنقه، بقدر ما يثيره هذا الأمر لرجولته وتجعله يكاد يفقد رشده امامها الا انه يكاد ينفجر غاضبًا اذا قامت به امام الملأ، مالت بعينيها ترى تلك الزرقة فى عينيه.

امواج بحر صافية لم تصادف أى موج عاصف، همست تسأله بتفكير
- قولي بصراحة، انت كدا طول عمرك ولا الحالة دي لغاية لما نتجوز
غمزة ماكرة زينت شفتيه، وهو ينزع ذراعيها من حول عنقه بتهديد خفى يرسله من عينيه ليغمغم بصوت أجش
- مفيش غير طريق واحد عشان تعرفى
اتسعت ابتسامتها وهى تسأله مدعية عدم معرفة الأجابة
- واللى هو؟
اجابها بنفاذ صبر وهو يمسك عضدها بقوة غير غاشمة، لكن قوة تستشعر بها مدى يأسه
- نتجوز.

همست اسمه بنبرة مغناجة
- وسيم
زمجر بوحشية جعلتها تنفجر ضاحكة وهو يغمغم بيأس
- ما بقولك الطريقة الوحيدة، عندك طريقة تانية غير دى
ما زالت ابتسامتها البلهاء مثبتة على شفتيها لتقترب منه بخبث تلعب باناملها فى فتحة قميصه باغواء تام، ضاربة الجميع والمجتمع بل ونظرات الجميع فى عرض الحائط
- عندى
لاحظت اختلاجة عضلة فكه، لتقترب منه اكثر هامسة
- نحط بابا قدام الامر الواقع.

تتبع وسيم اناملها التى تعبث بفتحتى قميصه، واللعنة ان لم يبتر تلك الانامل يومًا ما، حتمًا سيقتلها يومًا على ما تفعله، سيقتلها عشقًا، سيودع بها جميع غضبه وكبته وهى لن تجد سوى الاستسلام بين ذراعيه، امسك اناملها بقوة غاشمة جعلتها تفلت انين خافت ليزمجر تلك المرة بغضب
- بنت اتلمي احنا قدام الناس
نظرت نحوه بعبوس شديد لتلمع عيناها بتصميم قائلة بنفى
- ابدًا.

بدأت حرب النظرات، والقاعدة بسيطة ليست معقدة، من يشح بنظره عن نظر الأخر فهو خاسر، وهو يعلمها انها سيدة تلك اللعبة لذلك قرر الانسحاب فى الوقت الحالى ليقول بيأس
- مفيش فايدة فيكى ابدًا
دفنت رأسها فى تجويف عنقه وهو يسحبها معه للمغادرة والجلوس فى مكان أكثر خصوصية لهما ليسمعها تهمس بتلاعب
-ابدًا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة