قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وخمسة عشر

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وخمسة عشر

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وخمسة عشر

بدأ الليل يسدل ستائره السوداء، ورغم الأجواء المشتعلة بأثاره كانت جيهان رغما عنها تراه بنظرة عاشقة متيمة فى حبه
لم تنحرج مطلقًا وهي تعبر عما يجيش بصدرها من نظرات عينيها وهي تراه يتفق مع الرجل الذي سيؤجر منه دراجته النارية، التفت لها وعينيه تبتسم لعينيها لتلقي له قبلة فى الهواء.

ليست عابثة، ولا ماكرة، لكنها كانت ممتنة، ليبتسم وسيم وهو يهز راسه بلا معنى وقبل ان يهم بقول شيء لطيف وجدها تنزع فجاة سترتها لتتسع عيناه بجحوظ حينما رأى أن ثيابها العملية، ليست عملية على الإطلاق
بل انثوية، وناعم للغاية، ومثير للأعصاب، وما زاد تعجبه انها نزعت رباطة شعرها واطلقت خصلات شعرها حرة وصعدت برشاقة على الدراجة تاركا مجال له للأمام، اسودت تعابير وجهه قتامة وهو يقترب منها صائحا بحدة
-بتعملي ايه.

طوت السترة العزيزة بحرص وهي تجيبه
-قلعت البليزر عشان بتاع شادية لو حصلت حاجة هتقتلني وراه
مرر عيناه علي ظهرها لتندلع الحرائق فى جوفه، اللعنة، البنطال ليس عملي، ليس عملي مطلقًا، صاح بخشونة وهو ينزع السترة من يديها بعنف
- لمي شعرك
اجابته بنفي وهي تعبث بخصلة من شعرها ببرود
-انسي.

واجهته بتحدي ليبتسم وسيم بجفاء قبل أن يتقدم منها وهو يمسك خصلات شعرها بقسوة جعلتها تتأوه بتوجع وهو يأخذ منها رباطة شعرها ويقوم بعمل كعكعة مهملة لكن افضل من ان يترك خصلات شعرها طليقة! نظرت نحوه بعبوس وتكاد عينيها تذرف دموعا لتهمس بحزن
-لا يا وسيم
لم تقاومه حينما وجدت الاصرار فى عينيه، وهو يجعلها ترتدي السترة قسرًا لتبتئس ملامحها وهي تراه ضيع المشهد الرومانسي الذي يدور في خلدها.

حيث هي وهو الهواء الطلق يضرب وجوههم تنعم بدفء جسده وصلابة صدره، وجدته يرفع ذقنها ليهمس بنبرة حانقة
-حركات صايعة منك يا جيهان هحلف انك مش هتركبيه معايا تاني
طالعته بنظرات بائسة حزينة، لتشيح بوجهها عنه قائلة
-اوعدك
عقدت ذراعيها على صدرها ببؤس شديد جعله يود لو يضحك ليميل مقتربا منها مقبلا جبهتها مربتا علي ذراعيها بحنو جعلها ترفع عيناها نحو وهو يخبرها عن اسباب خشونته.

لم يتردد ان يخبرها انه يغار وهذا كفيل للغاية لجعلها تتوقف عن بؤسها المصطنع لتخبره بتعجل
-يلا
أومأ برأسه موافقًا وهو يرتدي الخوذة على رأسه ويضع الخوذة الاخري بين يديها ليقول بنبرة هادئة
-البسيه
أخرجت صوتا ممتعض لتصيح بيأس
-يا وسيم حرام عليك
لم يمنع نفسه تلك المرة أن يقول بغيرة حقيقة تتجلى من عينيه
-وانا بغير عليكي
نظرت نحوه بعبوس لثواني قبل ان تستسلم بيأس وهي تضع الخوذة على رأسها قائلة
- ماشي يا عنتر باشا.

تنهد بيأس لتراه يتخذ جانبه رافعًا ، مال براسه للخلف قائلا
-جاهزة
صاحت بحماس شديد وهى تلف ذراعها حول خصره
-يلااا
انطلق بسرعة مجنونة يشق زحام الطريق، ليسمعها تصرخ بحماس شديد وذراعها تشتد حول خصره ليهز رأسه بيأس مغمغا
- مجنونة.

في المشفى،
يدور معتصم الردهة جيئة وذهابا، عينيه لا تغادر شادية التي انضمت لغيداء، فى الواقع لم تتحرك من مكانها مقدار انش حتى عندما جاء بعد اتصال عاجل من ابنه يخبره بالأمر الجلل الذي جعله يغادر عمله ويلزم مكانه في المشفى، رغم كرهه للشاب، وضيقه أنه ما زال يؤثر على ابنته إلا أنه لا يملك سوى التعاطف مع حالة الشاب الحرجة التي جاء بها للمشفى، وبتعاطف مع اهله الذين تتوالي عليهم المصائب بتوالي.

لكن هذا لا يمنع ان الشاب احمق، ومتهور ليقوم بتصرفات رعناء يلحق الأذي لعائلته، وما زاد الامر عنده سوءا هو غلق جيهان لهاتفها وهاتف وسيم ليلتفت الي ابنه الذي هز رأسه بيأس قائلا واسوأ الخيالات تنبثق فى عقله
-مش بترد قافلة تلفونها.

زادت خيالاته السوداء سوءً، الا انه يعود يستغفر الله سريعا، يعلم وسيم لقد رباه كأبن ثاني له لكن هذا لم يمنع من ان لا قد يغوي الشيطان شخص عاني من الحرمان وفي ليلة وضحاها أصبحت المرأة حلال له هز راسه بنفي وهو يعتصر كف يده وهو يلعن موافقته لفكرة وسيم للذهاب الي الحفل، وقد بدي وسيم راجيا متوسلا لموافقته للحفل الموسيقي
-الغبي ده انا استحالة اوافق علي حاجة تاني يطلبها مني.

اقترب ماهر من ابيه وهو يهدأ من افكاره الجامحة التي بدأت تنتقل إليه هو الآخر بقلق، يعلم وسيم، وذكرى يوم الذي ضبطتهم مقتربين بدرجة أثارت الحمية بداخله جعلته يوسعه ضربا ووبخ جيهان علي رعونتها، لكن الحمقاء اخبرته ان وسيم آخر رجل من الممكن ان يفكر فى ايذائها ولو على حسابه شخصيًا، لا يعلم ما مدى ثقتها من ذلك الأشقر؟!
لكن القلوب لا نستطيع السيطرة عليها؟ واختيار احبائنا!

-اهدي يا بابا، وسيم عارف هيحافظ عليها ازاي
هدر معتصم بتعب وهو ينظر بنظرة اب يخشى أن يفقد ابنته التي تتشبث بالحياة كطوق نجاة من الطوفان الذي يكتسح شاطئها الآمن
-يا ولد انت متجننيش، مش كفاية المصيبة بتاعت النهاردة دي، مش عارفين نخلص منه ده.

رفع ماهر عيناه تجاه شادية التي يراها تربت على ذراع غيداء التي انهارت فى بكاء حار، وزوجها يحاول تهدئتها والابن الأصغر يحاول هو الآخر استجماع شتاتها، لكن ما وصلهم من خبر عن وجوده في المستشفى بين الحياة والموت كانت القشة الاخيرة التي قسمت ظهر البعير!
ابتسم ماهر بهدوء وهو يتعجب من صلابة فتاته الصغيرة التي تتعامل الأمر برسمية رغم أنه يعلم حد اليقين انها ترغب ان يضمها احدهم بين ذراعيه، غمغم بهدوء.

-بابا اهدي ارجوك، بنتك نفسها فاجأتني بصلابتها
انحنى ظهر معتصم وهو يرفع رأسه تجاه ابنه هامسا بعجز حقيقي
-لو اعرف بس عمل فيها ايه
هز ماهر رأسه قائلا بأسف حقيقي، متذكرا محاولاته الحثيثة لمعرفة الحقيقة منها لكنها كانت عنيدة رافضة على نطق حرف واحد
-مش هتعترف، حاولت معاها كتير
القي شتيمة وقحة وهو يزمجر بغضب
- غبية طول عمرها، عشان عارفة اني هكسره.

تنهد ماهر بأسف على الحال الذي أصبح به الشاب بعد ان علم من الطبيب بوجود كسر لجسده خاشيا أن يكون هناك نزيف داخلي، غمغم ماهر بأسي
-هو لوحده جيه فى شوال ومتكسر، راضي باشا رضي غرورك ولا لسه.

استغفر معتصم سريعا، هو لم يأتي شامتا بالمريض، هو حالما سأل عن حالته وعلم أن الطبيب سيقوم بتضميد كامل جسده بالجبيرة من الكسور التي حصل عليها حالما تذكر ذلك الحقير راضي سبه بكل قوة حينما قرر الدفاع لصف ابنه واستخدم كامل نفوذه لإخفائه عن متناول يديه ليهمس بغضب
-لو بأيدي ارجع الحياة لأبنه واموته بأيديا
أومأ ماهر موافقا، ربما موته كان رحيما لهما، ليغمغم ماهر بحدة
- هو فى ايدين ربنا دلوقتى.

صمت اطبق عليهما ليسأل معتصم بقلق حقيقي وهو يرى تقارب ابنته بوالدته، يخشى فى أشد حالات ضعف المرأة تجرح ابنته بكلامها، يخشى أن تلقي كامل اللوم على ابنته على ما حدث لابنها
- تفتكر هي هتأثر عليها
زفر ماهر باختناق حقيقي
- بابا
غمغم ماهر ببؤس شديد
-اهدي، الحالة مش مبشرة اطلاقا زي ما الدكتور قال الكسور اللى فى جسمه ممكن تخليه مشلول طول عمره.

اغمض معتصم جفنيه وهو لا يصدق ما يحدث لهم، لو ما وافق عليه لما حلت بهم الشدائد
و لو هنا فى محل ماضي وموضع التمني هنا على شئ غير قادرين على تحقيقه
التفت إلى ابنه متسائلا بخشية
- والميديا وصلهم خبر للي حصله؟

لا يستطيع أن يخبر اباه ان الخبر لم يصل للصحافة، ولا يستطيع ان يجزم ان السفارة ستتجاهل تلك المرة ما حدث، ألقي نظرة قلقة تجاه العائلة التي يبدو برغم ما حدث لابنهم لن يتورعوا ثانية واحدة دون الانتقام تجاه الذى اذي ابنهم، ليهز رأسه قائلا
-الايام الجاية هتكون صعبة علينا
عبس معتصم وهو يلاحظ ادراج نا فى الجملة، ليهمس بحدة ويأس
- واحنا مالنا.

مال ماهر برأسه قائلا بهدوء وهو يتفحص ملامح ابيه الشاحبة، يرفع القبعة تجاه والد الشاب وأخيه للصدمة التي استقبلوها صباح اليوم
- اعترف بينك وبين نفسك انك قلقان عليه
رغم كرهه إلا أنه لا يتمنى ما حدث للشاب لألد أعدائه، زمجر بقسوة
- ده حيوان، ميستحقش قلقي عليه، انا خايف على المتهورة دي تضيع نفسها.

يعلم أباه، لو أراد استخدام القوة على كلتا ابنتيه لفعلها ونجح، لكنه لا يشد اللجام بشدة، يفضل أن تقوما بما ترغبن لكن امامه وتحت انظاره، همس ماهر بنبرة ذات مغزى
-يعني عايز تقنعني انك مش قادر تخليها تبعد عنه
عقد معتصم حاجبيه بضيق وهو لا يصدق متى أصبح ابنه مزعجا لتلك الدرجة مثل ابنته الاخرى؟!
-بابا.

همس ناعم أبح جعل عيناه تركزان على صغيرته التي اقتربت منه واندست بين ذراعيه بوهن، عقلها لا يتوقف على التفكير لثانية
تتذكر انهيارها وسقوطها أرضا وهو امامها مضرج بدمائه
تتذكر صراخها وتوسلاتها بماهر أن يحملاه إلى أقرب مشفي، لكن ماهر خشي أن يسبب فى أذيته إن حمله وأضطر اسفًا أن تأتي عربة الإسعاف كونهم أدرى بحالته..

كابوس، كابوس بشع وهي تراه لثاني مرة، بل تلك المرة أشد قسوة علي قلبها النازف، تراه يعرض نفسه للقتل لشئ أسره فى نفسه
لما قام بهذا؟!
لما؟
لتسامحه؟!
هي ابدا لن تسامحه، لم يكن من حقه نبش شئ من ماضيها الأليم، ليس من حقه أن يعاملها كزوجة اكتشف الزوج فاجعتها الكبرى كونها لم تكن عذراء الجسد فى ليلة زفافهم!

شعرت بابيها يشدد من عناقها له حالما شعر بارتجاف جسدها، لتستكين بتنهيدة حارة والدموع طفقت تظهر، لتعبر عن مدى هشاشتها
مازلت ضعيفة وغبية وحمقاء كبيرة يا شادية
لا فائدة ترجى منك!
انتبهت على صوت والدها المعاتب
-مستنياه يطلع يا شادية، هو ده اللي بتقوليلي انك مش عايزاه
عضت على طرف شفتها السفلى وشعور بالذنب يجتاحها رغما عن كل شئ قام به
لا تعلم أتحزن لحالته الحرجة، أم تحزن لأنها اقحمته في مشاكلها!

رفعت عيناها ليقرأ الأب الشعور بالذنب فى عينيها لتهمس بألم
-ابدا، بس هو اتحط في كل المشاكل دي بسببي، ومقدرش اديله ضهري بسبب كل اللي عمله، مقيدني يا بابا
اختنقت انفاسها وشعورها بشئ يطبق على انفاسها جعلها تحاول ان تسحب نفسا عميقا وتزفره على مهل، اللعين يستطيع حتى وهو على فراش الموت أن تشعر تجاهه بالشفقة
اللعنة على قلبها المريض وايقاعها من شباك رجل مختل الى رجل مجنون.

تجذبين الرجال المختلين يا شادية، كأنك قوة مغناطيسية تجذب المتنافر عنك رغمًا عنك!
استنكر الأب وهو يسمع ما يدور في خلد ابنته ليغمغم باستنكار
-مقيديك اسمع يا ماهر اختك بتقول ايه
امسكت شادية يدي أبيها مطالبة اياه بالهدوء، لن تتحمل ان يصاب ابيها بنوبة قلبية جراء كلماتها المبعثرة، وفكرها المشتت فى هذا الوقت الحالي لتغمغم بيأس.

-يا بابا ارجوك، عيلته علي اعصابها والدكتور قال ان تقريبا جسمه كله متكسر وده كله بسببي انا
نزع الاب يديه سريعا عن يديها وهو لا يصدق، هذا ما خشاه
ذلك الشعور بالذنب الذي يدفع الشخص الاخر الى التضحية أو التهلكة!
صاح الأب باستنكار واضح، وحديثها الأحمق يزيده هلعا من شئ يخشاه مستقبلا!
-بسببك.

هزت شادية رأسها لتقر باعتراف وعينيها سقطت على غيداء، المرأة التي ضمتها بذراعيها الحنونتين، لا تصدق أن المرأة لم تتحدث عن حالة اختطاف ابنها وجاءت فقط لتطمئن عليها فقط، بل ولم تحاول ان تنصف ابنها
من تلك المرأة؟! وأي قوة تتحملها داخلها؟!
-ايوا بسببي، هو بطريقة اتورط مع عيلة معاذ، وانا بصراحة تعبت
-خايفة عليه؟
سألها الأب بقلق وهو يدقق النظر الى فرك يديها بتوتر وعينيها التي تنظر إليه بذنب لتهمس باختناق.

-هتحمل ذنبه وانا مش قادرة اتحمل ذنوبي لوحدها
ازالت الدموع التي طفقت رغما عن ارادتها لتسمع نبرة والدها الساخرة بمرارة
-هو اللي قرر يعمل فيها سوبر مان ويخوض المعارك عشانك
همست بأول شئ يدور فى خلد والدها ويجعله هكذا متحفز كأسد على وشك الانقاض من يحاول اقتحام عرينه
-مش هسامحه
ضم ماهر جسد شقيقته وود ان ينهي ذلك الحوار إلى هذا الحد، لكن والدها قال بنبرة ذات مغزى.

-مش لازم تسامحيه، مش كل الحكايات بتنتهي بعريس وعروسة علي الكوشة
همست اسمه بيأس وهي لا تتحمل أي شئ آخر، يكفي عقلها الذى ككرة مطاطية تتخبط في الأرجاء دون هوادة ودون توقف
-بابا
سحب ماهر جسد شقيقته من امام والدها، انصاعت شادية وهي تسير بدون ارادة لترفع عينيها تحاول هي الأخرى تبرر تصرفاتها، لما لا يشعرون بها؟!
همت بقول شئ، الا ان شقيقها فاجئها حينما اجلسها بهدوء على مقعد بعيد عن تجمع العائلة وابيها.

-خلي ايمانك اقوي يا شادية
انهارت شادية باكية ليضمها ماهر بين ذراعيه، لتنتحب بمرارة
-بيعمل معايا كدا ليه، محدش قاله يعمل كدا، ليه عايزني اشيل ذنبه دلوقتي
مرر يديه على ظهرها هامسا باطمئنان
-اهدي كل حاجة هتبقي كويسة
همت بقول شئ لكنها خشيت أن يفهم شقيقها بطريقة خاطئة كوالدها، إلا أن تشجيع ماهر جعلها تقر بأعتراف وغصة مؤلمة لا تستطيع القضاء عليها
-ادمر بسببي، خسر حياته بسببي
ضم يديها بين يديه واخبرها بتعقل.

-هو كان عارف اخرة الطريق ده يا شادية، اكيد مش مجنون عشان يعرض حياته للموت مرتين ومترددش
فغرت شفتيها بصدمة، اللعنة ماذا يتفوه به شقيقها الان؟!
هل تتحمل مصيبة آخرها وتعاقد افكارها كالتي تحملها فى عقلها، هزت رأسها نافية وهي تهمس بألم
-مامته ملهاش ذنب، ملهاش ذنب انه يدبحها ببرود.

لم يضيف ماهر كلمة أخرى وهو يرى شادية تهدأ من انفعالات جسدها، تحاول ان تقوم بتمرينات سريعة تساعدها على الاسترخاء كما اخبرتها الطبيبة النفسية، وما ان شعرت أنها أصبحت أهدأ، طلبت من شقيقها بهدوء
-عايزة امشي.

اومأ رأسه موافقا وهو يسير بجوارها ليهم بامساك ذراعيها إلا أنها أمرته بدون كلمة عن عدم لمسها، وتقدمت خطوات باردة عملية تسير على الرواق لتتوجه نحو المصعد، ابتسم ماهر بأسي وهو يرسل رسالة قصيرة لوالدها عن إيصاله لشقيقته، وضع هاتفه داخل سترته ليهمس
-واضح ان نصيبنا كدا فى الحب، ندوق مرارته ووجعه.

فى مؤسسة المالكي،
عينا لؤي تمر على جميع اعضاء مجلس الادارة بعد الاجتماع الطارئ الذي قام به غالب فى الصباح، ارتشف قهوته المرة بملل شديد وهو يري غالب ينقر بقلمه المذهب على سطح الطاولة، رفع عيناه يمر بعينيه على جميع الاشخاص الموجودين ليميل إلى جده قائلا بهدوء
-اعتقد أعضاء الإدارة كلها اتجمعت يا غالب باشا، حضرتك مستني ايه.

ابتسم غالب بهدوء ورزانة شديدة وعينيه تمسح سريعا الفضول فى عيون الجميع واولهم حفيده الذي يرى الملل يلوح فى عينيه، قال غالب بنبرة لعوب لحفيده
-لسه فيه أهم فرد مجاش
ضحكة خشنة نادرة وقلما تخرج فى مناسبة وهو يهز رأسه بيأس شديد قائلا باستنكار شديد
-أهم فرد؟ ايه قرر وسيم فجأة يرمي شغل الاذاعة والميديا ويشتغل
هز غالب رأسه نافيا جعل لؤي تتجهم ملامحه حينما قال غالب بغموض.

-منافس يقدر يخليك يا لؤي تتشجع فى شغلك اكتر
لن ينكر لؤي انه اشتعل بالفضول، شئ يدفعه للتخلص من آسيا التي لا تغادر عقله بثيابها التي تذهب بالمتبقي من عقله، تتفنن في إشعاله وتركه يحترق في سعير اشواقه، لا تتقرب ولا تتذلل لقربه، ترتدي أصغر القطع الانثوية بحجة انها تشعر بالحرارة عكس بلادها الباردة
حافظ على برودة أعصابه وهو يقول
-ومين اللي ناوي تجيبه، حد من مؤسسة منافسه.

نقر غالب بقلمه على سطح المكتب وعينيه علي الباب ليقول بابتسامة رزينة
-حاجة زي كدا
مرت ثواني قليلة قبل أن يطرق باب الاجتماع والرؤوس ارتفعت لرؤية الطارق، والفرد الجديد الذي انضم للمؤسسة..!
انفتح الباب بهدوء شديد واسيا تتقدم بأنوثة طاغية تبرع في اجادتها، لتجعل الرؤوس تنحني مع منحنيات جسدها، ابتسمت بتالق وابتسامة حلوة تزين ثغرها المطلي بحمرة خفيفة لتمرر أناملها في خصلات شعرها السوداء لتهمس باعتذار.

-مساء الخير، اسفه علي التأخير بس بجد مبعرفش ابدأ يومي بدون coffee drink بتاعي.

ابتسم غالب بهدوء وهو يستقيم من مجلسه ليتقدم تجاه حفيدته وهو يتذكر الصفقة التي عرضها عليها للعمل، يعلم أن حفيده احمق يحتجزها بين حوائط المنزل الجديد، لا ضير إذا حرك المياة الراكدة قليلا مع حفيده البارد لتحسين علاقتهم، هذا عداك أن المرأة ماكرة فى عملها، حققت العديد من الصفقات الناجحة في بلادها، وسيتسفاد منها كثيرا في المؤسسة، وستكون له خير معين وتخفف من حمل الثقيل على ذراعي لؤي..

بابتسامة هادئة أحاطها دون أن يلمسها وهو يقدمها الى اعضاء مجلس الادارة
-اقدملكم آسيا المالكي، العضو الغائب من عشر سنين لمؤسستنا
لم تعلق آسيا بحرف واحد وهو يركز بأسم العائلة بجوار اسمها، لتضحك بحلاوة وهي تري بعض عيون الرجال المعجبة لكن عينيها سقطت علي الجلمود هركليز خاصتها، الذي يرمقها ببرود دون أي عاطفة أو اشتعال عينيه، ضحكت بحلاوة وهي تنظر إلى الطاولة التي تفتقر إلى بعض المقبلات لتسأل.

-تحبوا تاكلوا حاجة، انا مش شايفة غير شوية ازايز ماية و كوبايات شاي وقهوة.

رات تجهم ملامح لؤي وهو يحذرها بنطق أي كلمة خرقاء لكنها لم تكترث مطلقًا، تقدمت نحوه وهو يتأملها كاسد متربص، عيناه مشطتها من منابت رأسها حتى قدميها، ترتدي سروال عملى وهذا هدأ من تحفزه أو الأحري انقضاضه عليها وهو يراها قد تخلت عن ثيابها الوقحة التي تجعله يرغب في صفعها ثم حبسها داخل جدران منزلها، كي لا تستعرض مفاتن جسدها أمام رجال غرباء!

طلبت بتهذيب من الشخص الذي بجواره أن تجلس على المقعد و لدهشته وجد الشخص يوافق دون تردد لتبتسم له بلطف ليس من عاداتها، جلست على المقعد وألصقت المقعد بالقرب منه، وانحنت تمسك كوب قهوته لتحتسيها إلا أنها غصت حينما تذوقتها، اشمئزت معالم وجهها بقرف حقيقي وهي تبتلع الرشفة بقوة لتهمس بقرف
-طعم القهوة مر يا لؤي، مكنش ده ذوقك.

ضم قبضة يده بعنف وهو يحاول السيطرة على أعصابه المتلفة، وهو لا يصدق أنها ستطبق على أنفاسه فى العمل، بالكاد يعد الساعات التي سيفر بها خارجًا من المنزل لينكب بين الاوراق، ينساها أو يتناساها.

لولا حذره الشديد تجاه خطواتها، بعد تلك الليلة التي انهارت بين ذراعيه اصبحت هادئة، لم تعد تسب عائلته أو تقلل من شأن عائلته، جل هما كان يتركز علي اشعاله ثم تنام فى غرفتهما، بل غرفتها التي تبيت بها بمفردها موصدة الباب خلفها، ترسل له رسالة واضحة انها لا ترغبه كما فعل هو سابقًا!

مال بهمس خشن ولهيب انفاسه جعل جسدها يقشعر من اللفتة الأولى التي قام بها منذ فترة، الأحمق البارد الجلمود يبدو أنه ليس جلمودًا كما توقعت
-اخرسي
لم تعبأ بتحذيره المغلف بالوعيد، ان كان سيعاقبها فمرحبا بالعقاب لو أصبح مشتعل كأشتعال جسده الذي تستشعر حرارته بقربها رغم مكيف الهواء البارد!
ابتسمت بهدوء وعينيها تمر سريعا على الرجال فى الطاولة واولهم غالب الذي ينظر إليها بأمل جديد، يتشعب فى صدره.

الرجل مجنون حقًا
لم تصدق منذ ايام هاتفها وطالبها لن تعمل فى المؤسسة
وقتها أخبرته بوقاحة انها ستفلس شركته إذا خطت بقدميها داخل المؤسسة، وهو اخبرها بكل برود اذا ارادت ان تقضي وقتا أطول مع زوجها عليها بالعمل معه وبجواره، الفكرة كانت مسلية حقًا ولم تجد بدًا سوي الموافقة لتجلس بجواره وهي تشعر انه كطنجرة ضغط على وشك الانفجار فى اقرب وقت، قالت بهدوء شديد موجهه حديثها لغالب.

-نسيت انك تقول ان اسيا المالكي تبقي
مرات لؤي يا غالب باشا
اتسعت عينا الرجال بدهشة وهما يراقبان الثنائي المناقض بردات فعلهم، الاولي مبتسمة بشقاوة والثاني ينظر بتجهم وتحذير وعينيه تحلل كل رجل على الاجتماع إذا تجرأ بنظراته علي زوجته وطالعها بأكثر من نظرة وقتها لن يتردد فى الفتك به ليكون عبرة للجميع، انتبه على صوت غالب الذي عاد لمجلسه قائلا للجميع
-نبدأ الاجتماع.

خرج صوت لؤي الخشن وهو ينظر إلى جده بعتاب شديد، لكن الجد لم يكترث به وهو يبتسم ببرود للجميع
-نبدأ.

ساد الصمت وأظلمت الغرفة الا من لوح عرض الشاشة البروجكتور و مدير الحسابات بدأ يعرض تقارير المالية خلال الستة الأشهر المنصرمة و وضع الشركة المالي، تأففت آسيا بملل شديد وهي تلف خصلة حول شعرها تعبث بها بملل، غير مكترثة علي الاطلاق بذلك الفم الثرثار، رفعت عيناها تجاه زوجها لتجد ما زال جسده متصلب و متحفزا لكل رجل يتجرأ برفع عينه نحوها، ابتسامة بلهاء زينت ثغرها وهي ترى زوجها الغيور حار الدماء ستتسلي الأيام القادمة مؤكد، مالت فجأة تهمس في أذنه بوقاحة.

-وحشتني
رفع لؤي عيناه تجاه زرقة عينيها اللامعتين بمكر ليبتسم بحدة وهو يضع كف يده الخشنة علي فخذها، اجفلت اسيا وهي تشعر بيده يمررها بهدوء علي فخذها، اجلت حلقها بتوتر ومعدتها تشعر بالالاف من تلك الفراشات تدغدغها، خشت أن يرى أحد ما يقوم به، اللعنة.

كادت تغمض جفنيها او أن تهجم عليه ترسل له العديد من القبلات وليحترق الاخرون، خرج تأوه مؤلم من حنجرتها حينما قرصها بقوة من فخذها ليتوقف الجميع عن الحديث وببساطة سحب لؤي يده عن فخذها
-ايييي
تساءل الرجل الثرثار بفضول
-فيه حاجة يا مدام آسيا
زحفت الحمرة الي وجنتيها، خجلا وغضبا وهي ترمي نظرة ساخطة تجاه الجلمود، بارد المشاعر والتعابير لتهمس بحدة
-الهيلز وجع رجلي، او يمكن فيه حشرة قرصتني.

ورغم أن حجتها سخيفة واولهم غالب الذي رفع حاجباه بتسلية واضحة وهو يرمق الثنائي بهدوء، ليقول بجمود
-نرجع لاجتماعنا يا سادة
حدجته اسيا بنظرة ساخطة وعاد الرجال للاجتماع وإن كان بعض النظرات المختلسة ينظرون بها للثنائي، شعرت ب لؤي يميل بالقرب منها وقبل ان تقوم بأي فعل أحمق وضع كف يده علي فخذها مرة اخري لكن تلك المرة بهدف تهدئة جسدها المشتعل للانقضاض عليه
-يعني مجبتيش سيرة انك هتيجي الشركة.

وضعت أناملها على كف يده الكبيرة لتمررها على عروق يده النافرة بهدوء هامسة هي الأخرى
- ليا نصيب منها ولا انت ناسي، عموما اتفقت مع المحامي يرجع اسهمك، ومارية ادتني عقد توكيل لأسهمها
قرصة اخرى جعل جسدها يجفل ويرتعد بإثارة لترفع رأسها بخشية إلى الرجال الذين وجدتهم انسجموا مع عرض التقارير المتتالية على لوحة العرض، همست اسمه بتوسل
-لؤي
مرر يده على فخذها بأعصاب مهلكة لها وله ليهمس بخفوت.

-اللي يلعب بالنار يا شاطرة يستحمل
سكنت آسيا بهدوء لفترة وهي تنظر الى الجميع، يود اللعب بقذارة أمام الجميع إذا، رفعت ساقها تحك بها ساقه باثارة شديدة لتميل هامسة بصوت لا يسمعه سوى كلاهما
-قد لعبتك معايا دي
اشتعل فتيل الاثارة بين جسديهما ويد لؤي توقفت عن مداعبتها ليسألها بهمس أجش خطير
-عندك ايه يا مدام آسيا
اتكأت بيديها على مسند مقعده وهي تعض طرف شفتها السفلى هامسة باغواء.

-اللي عندي ميصحش قدام الناس، والا صدقني شكلك هيبقى وحش فى الاخر
قرصها بقوة فى حين غفلة كادت ان تصرخ بألم الا التحذير من عينيه رغم الظلام الذي يغلفهما الا من ضوء الشاشة جعلها تعض باطن خدها بقسوة وهي تسمعه يهمس بخطورة
-بتهدديني
اتكأت بيدها على فخذه الصلب ومالت تهمس بهدوء
-ابدا، انا بس بخليك واعي انك بتلعب مع الشخص الغلط.

ارتفعت الحرارة فى الأجواء، وآسيا بدأت تزيد من جرأة ألعابها وإن كان هذا سيفضحهم إلا أن الجد شعر أن الاحمقان على وشك تقديم عرض إغراء مثير لاعضاء مجلس الادارة، صاح بخشونة
-آسيا
اجفلت اسيا بارتباك وهي تنفلت سريعا من جسد لؤي لتعود الجلوس علي مقعدها الا ان انفاسها اللاهثة وعينيها الداكنتين جعلها تجلي حلقها هامسة
-نعم
سألها بجفاء شديد وهو يأمر الرجل باشعال الأضواء في غرفة الاجتماع.

-ايه رأيك في الاقتراح اللي قاله الأستاذ
توترت ولأول مرة تشعر بالتوتر وهي ترى العيون مسلطة عليها، القت نظرة سريعة تجاه لؤي الذي تراه يبتسم ابتسامة خبيثة، الخبيث
الوقح
اللعين
هل تعمد فعلها؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة