قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وثمانية وثلاثون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وثمانية وثلاثون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وثمانية وثلاثون

وللحب تأثيره
مزلزل
مدمر
يسحق جوارحي برهن انتظار شارة الموافقة
وللحب،
عتاب
وحزن
وجراح للعاشقين
وللحب،
غيامات هادئة
ونسيم بارد يهدئ من ثورات العاشقين
وللحب،
براكين ثائرة ملقاة بحمم الغضب والغيرة لا تبقى شيئًا ولا تذر!
يوم زفاف عاصي ووجد،
تطالع المرآة وارتسم ثغرها ابتسامة عاشقة، متوترة، وجلة بخوف
تخشى الفرح والضحك، تخشى الاطالة ليقف الحياة كبشرى ساخر شاهدًا على ما يحدث.

يخبرها بكل بساطة أن ما تتمناه يتحقق، لكن المبالغة به، تنسف جميعها!
عضت وجد باطن خدها وارتعاش يديها بات مصاحبًا لها فى الاونة الأخيرة، تضم كفى يديها بقوة وحدة تسيطر على كافة اختلاجات قلبها وروحها
السكن لن يكون سواه
والحب لن يكون لسواه
هذا ما اكتشفته
قلبها هذا لن يستطيع إعطاء الحب بقدر ما تمنحه له
ذلك الوسيم الجذاب عضلى الجثة ذو عيون خضراء يفتح لها بوابات الربيع فقط فى حضرتها
لقد تاهت فى مدارات عشقه.

وعشقت كل أثر يخلفه حولها
وباتت عاشقة
بل على شفا يأس أن تدير عقلها ليوازي دفات العلاقة بينهما
بقدر حبه
بقدر عشقه
لكن العقل يخبرها بمدى ضرورته فى حياتهما الزوجية، بقدر جنونه وعبثه ووقاحته، الا انه يخبرها ببساطة أن حياة النعيم والجنة تلك فى شهر العسل وما يبقى هو الود والرحمة كى تتعاضد أواصر علاقتهما
فالحب فقط واجهة، بل طعم كالسكر والملح فى الطعام..

رفت بعينيها تجاه فستانها الملوكى، كما اختاره واشتراه خصيصا بمبلغ لا يستهان به من مصمم عالمى، تعلم مدى اعتزازه وفخره بنفسه، رجلها عصامي من الدرجة الأولى
رمقت فستانها الأبيض كاميرات ديزني بتموجاته وضيق الخصر وجسدها المثالي بأكتاف متساقطة عدلها هو ليغطيها حتى الكمين، ذلك الزوج الغيور ضحكت بخفر وهى تنظر الى بداية نحرها العارى
سيجن جنونه، تعلم
لكن ستهدأ ثورات قلبه بقبلة قرب شفتيه سينسيه اسمه!

عقلها بدون وعى عاد لليلة الماضية حينما حضر مباغتة الى قصر منزلها وساور بها الشك لحضوره المباغت...
هبطت السلالم وتوجهت نحو مكتب جدها و عينها تقع على جدها برهبة وخوف
اعصابها المتلفة لا تتحملها لكى يأتى هو ويزيد من تلف اعصابها، من فرط توترها تحلم بكوابيس ليلة زفافها سرعان ما يطمئنها جدها انها مجرد اضغاث احلام
وأنه لا يوجد شىء يستدعى كل القلق والتوتر.

شعرت بقرصة قوية اسفل معدتها، جراء توترها لتفتح باب المكتب وهى تنظر اليه بوجل لتهمس اسمه بخشية فسخ اقترانه بها
-عاصي
استقام عاصى من مجلسه وهو يقترب منها، توتره لا يقل عن توترها، امسك بكفى يديها الباردتين، يبث بهما دفئًا جعل جسدها يرتعد سرعان ما استجاب لدفئه لترفع عينيها الزائغتين محدقة في خضرة عينيه
وعينيه كفيلتين لدحر اى خوف يساور قلبها..

ارتجف قلبها بوهن وعينيها تهبط من عينيه الدافئتين الى شفتيه المغويتين
أيعلم رجلها ان شفتيه مغويتين ام تخبره بهما
أ تخبره انها تود قبلة منه، قبلة حياة حتى يستكين جسدها المرتعد بين جنبات صدره!
لعنت أفكارها المنحرفة التى بدأت تتوارد فى عقل الآخر، كونها شفافة امامه جعلها تخجل وهى تهبط بناظريها لتسمع صوته الدافئ
-اهدى متتوتريش، عارف انا توتر العروسة قبل الفرح
هزت رأسها تحاول نفض تاثيراته الباقية لتهمس له.

-انا اتفاجئت، طمنى توحة كويسة
ضغط على ساعديها تلك المرة ليجعلها تنظر له، ابتسمت وهى تسمعه يقول بصوت هادئ
-توحة مية فل وعشرة اهدى
تسارعت انفاسها وبدأ شبح ماضيها يلاحقها لتنظر اليه بخشية لتغمغم بقلق
-طب ايه، لما قالولى انك هنا اتخضيت
تلك المرة ازداد قربه ليسحب جسدها بين أضلعه، استكانت على قلبه الهادر ووعوده المقدسة تتلو بلحن ناعم يتسرسب فى اذنيها لتسمع صوته المنادى بإسمها
-وجد.

امسك ذقنها لترفع رأسها محدقة فى عينيه بوجل، واشباح ماضيها تقتات من روحها ليضم وجهها بكفيه الخشنتين قائلا باطمئنان
-اهدى، اهدى، اتنفسى كويس
مع رؤية لمعة عيونها استعدادها للبكاء، تنهد مبتسمًا بيأس ليقول بمشاغبة حلوة
-الواحد مش هيعرف يتكلم معاكى جد بعد كدا
ابتسمت وجد وهى تزيل عبراتها المهددة بالسقوط لتهمس له بيأس
-انت عارف كام سيناريو وحش بيدور فى دماغى.

ووعده الناطق كان كسيف بتار نحر أي مخاوف أو أشباح تحاول الظهور
-سكتيه وقوليله انى مش هخذلك ابدًا
مع رؤيته تبدلت ملامح وجهها الى سكينة حتى ابتسم فى وجهها، قائلا وهو يهبط بذراعه الى خصرها
-اقعدى
انكمشت وجد لا اراديا متشبثة بعناقه الدافئ، ورائحة عطره لها الأفاعيل لطمئنتها
-لأ، خلينى فى حضنك
اجلى عاصي حلقه وعينيه ارتفعت تجاه الباب المغلق، ولولا المتبقى من عقله، لربما ارتكب فضيحة شنعاء هنا، سألها بمشاكسة.

-حضنى عاجبك
رفعت رأسها محدقة فى خضرة عينيه، ربما هما داكنتين، لكن ما بثته أمام وجهه جعلتها ترى اومضة بارقة تتلألأ تلك الحدقتين
-بحس انى مطمنة يا عاصى، احساس مجربتهوش مع راجل قبل كدا غير جدو، عارف يعنى ايه من مجرد حضن الاقى فيه أمان
ضغط عاصى بكفيه على ساعديها وهو يميل رأسه مختطفًا ثغرها، ضاربًا بكل بنوده ووعوده فى عرض الحائط.

شهقة منفلتة اخرست تماما حينما اكتسح شفتيها ويديه تعيثان فسادًا فى جسدها، مستقبلا اشواقه وحممه اللاهبة
تربت على موضع قلبه وهى ترى تشدد ذراعيه حول خصرها، لكن فعلتها ما زادته سوى جنونًا، مطيحا بها التثبت والتروي لتركب مع سفح جنونه..
انفصل عنها بأنفاس لاهثة، و جحيم مستعر يتأجج في صدره تجاه قرب أوشك على الوصول له، لكن يلزمه التروى!

حدق بوجهها الكفيل بفضحه امام عائلتها مما كانا يقومان به عبثا فى غرفة جدها المغلقة، ارتعاشة شفتيها وهى تحدق نحوه بعاطفة جعلته يقترب منها ثانية يسكت ارتعاشة شفتيها بخاصته طابعًا عدة قبلات سريعة ليهمس فى وجهها بحدة
- انتى بتصعبى الكلام اللى هقوله
وضعت كف يدها على شفتيه، وحمرة وجنتيها وارتعاشة جسدها نتيجة استقبالها لاشواقه جعلها تمسك بالطرف الضعيف المتبقى من تعقلها، لتهمس بارتجاف أسفل عينيه النهمتين.

-سمعاك
زفر عدة مرات محاولا طرد أى تأثير خبيث لإشباع تلك المرأة جموحه، امسك بوجنتيها لينظر الى عينيها الدائختين من استقبالها لاشواقه
جزء ذكوري منه، سعيد، كطاووس منتفش بريشه البهى، غمغم بخشونة
-وجد انتى عارفة انى عصبى صح
هزت رأسها بإيماءة واضحة وهي تحدق به بعبوس محاولة امساك طرف خيط للذى يريد الوصول اليه
-ومش بحب الشغل المايل
تنهد عاصى بحرارة، والنيران المستعرة في جوفه لم تخمد ليزمجر بوحشية.

-الحياة اللى هنعيشها مش هتكون طول الوقت قلوب ودباديب، ومش هكون جنى علاء الدين اللى ينفذ طلباتك كلها
التمست وجد جدية حديثه، لتحدق في وجهه للحظات، لتهمس بخجل
-عارفة
الصرامة والجدية التي اعتلت وجهه أغفلتها وهي تسمعه يتمتم بصلابة
-فلوسى انا من تعبى وشقايا هتبقى لينا احنا يا وجد، للبيت وللعيال انا مليش علاقة بفلوس توحة.

تنهدت براحة، حسنًا هل هذا ما جاء ليقوله، لقد ظنت أسوأ من هذا، رفعت يداها لتمسك كفيه المحتضنة وجنتيها لتهمس
-وانا عمرى ما هسأل عن ده نهائى
تعلم مدى حساسيته لهذا الأمر، وما يعززه هو عمتها، هى فخورة به وبما يحققه وما يقدمه لها، وآخر ما تفكر به المال
تنهد عاصى براحة ليبتسم قائلا بمشاكسة
-متقلقيش مش لدرجة فى يوم مش هنقدر ناكل عشا، بس هتبقى كل حاجة بالمعقول، وفلوسك الحلوة دى تخليها ليكى ولنفسك بس.

ارتسمت ابتسامة ناعمة على ثغرها لتهز برأسها قائلة
- تمام يا عاصى انا مش عارفة فين المشكلة احنا اتكلمنا فى الموضوع ده قبل كده
شاركها مخاوفه قائلا
-انا خايف، بعد كده نتغير بسبب الفلوس
تجمدت ملامحها لتشرس بعدائية قائلة بحدة
-وانت فاكرنى بنت هايفة كل همها الفسح والخروجات وهنسافر فين فى الصيف وهنقضى ال honeymoon فين
هم بالرد عليها، إلا أنها تابعت بحدة وهي تضع إصبع السبابة على صدره قائلا بهجوم مندفع.

-انا لو كنت عايزة العيشة دى كنت اخترتها من بدرى يا عاصى، انا عايزة راجل فى حياتى، فاهم يعنى ايه راجل
دفعته تلك المرة بكلتا كفيها ليرتد خطوة للخلف أثر دهشته، غمغم منادى اسمها بهدوء
-وجد
تصلبت ملامح وجهها وهى تجز على اسنانها بعصبية لتهدر فى وجهه
-فاكرنى عبيطة ومندفعة بتهور الحب عشان لقيت واحد مختلف عنى وقولت هو ده اللي اتجوزه ولا قصص الروايات مش كدا.

اندفعت تلك المرة تمسكه من قميصه بقوة ترفع بجسدها لتصبح موازية لطوله لتهمس بحدة
- اياك تستقل بنفسك تانى فاهم، أنا حطاك فى مكانة لو تعرفها مش هتستجرأ تقول وضعى الاجتماعى ووضعك، ولما اختارتك اختارتك عشان انت، عاصي الرجل الشهم الجدع الحنين الغيور العصبى شويتين، لقيتك عوض مستنياه من سنين
حدق بها مندهشا، وهو يرى وجد، انثاه التى تدافع عن نفسه بكل جسارة ووحشية، تقاتله هو، ما بالك بالآخرين.

ابتسامة واسعة زينت شفتيه وهو ينظر الى جنونها وعصبيتها التي ستنافسه للأعوام القادمة لينتفض من شروده على هزه عنيفة من جسده جراء يديها ليسمعها تصرخ فى وجهه
- وانا مش هسمح لمجرد هواجس فى دماغك تبعدك عني، انت فاهم
ومكافئته كان مائلا برأسه مخرسًا شفتيها، مدحضًا مقاومتها، ساكنًا جسدها، مربتًا على قلبها.

فوجئت بمباغتته، ورغمًا عنها استسلمت يبثها اشواقه ومكافئته على ما تفوهت به، استفاقت من غمرتها حينما اصطدم ظهرها بشئ بارد لتنظر الى حالتها بين ذراعيه والحائط خلفها، قالت بنبرة لاهثة
-عاصي أعقل أرجوك، جدو ممكن يدخل
رفع رأسه محدقًا نحو عينيها وعلى شفتيها التى انتهكهما بعشقه ليغمغم بجنون
-اسيبك ازاى بعد كل اللى قولتيه ده
وضعت يديها بقوة على صدره الصلب لتهمس
-استنى شوية لبكرا، مش ههرب منك.

عاد الادراك لوعيه قليلا لينتبهان انهما داخل غرفة جدها، اللعنة ماذا سيقول جدها الان عنهما؟!
حاول تعديل هيئتها التي ستفضحهما، الا ان وجهها المحمر وأثره على شفتيها سيخبره لا محالة
تريث قليلا وهو ياذنها بالخروج، لتتقدم وجد عدة خطوات تجاه الباب، إلا أنها عادت مرة اخرى محتضنة إياه من خلف ظهره هامسة
-بحبك.

عودة فى الوقت الحالى،
تقدمت آسيا بثوبها الأزرق منافسًا زمرد عينيها باحتشامه الهادئ الذي اختارته وجد لها كوصيفة للعروس، رغم عدم اقتناعها به تماما الا انها لم تستطيع رفض طلب الفتاة
ارتشفت عصير التفاح على مهل وهي ترى لمعة عينا وجد العاشقة، تنهدت متحسرة على حالها السابق
كانت مثلها
بنفس شغف العشق المتلألأ فى حدقتى وجد
بنفس حالة الرهبة، والترقب كحالها
الا شئ واحد.

فستان زفاف ابيض لم ترتديه واكتفت فقط بفستان ليلى ابيض بناء على رغبته هو
أكثر ما تكرهه في فساتين الزفاف كونها جالب للشؤوم ولم ترغب بارتداءه
الا ان وجد لاق عليها جدًا
شعرت بالغبطة تكتنفها وهى تراها كأقرب من أميرة الحكايات خرجت من قصة لتتجسد على الواقع، انتبهت على صوت مصففة الشعر التى تسأل وجد مما جعل اسيا تقترب منها مقرصة إياها من كتفها قائلة بمشاكسة
-واضح ان العروسة واقعة بشوشتها فى العريس
-آسيا.

ابتسمت اسيا وهى تقول بمشاكسة
-ايه اسيا دى، من الصبح الست بتقولك style شعرك مضبوط ولا تحبى تعدليه، وانتى ولا بتردى
ضيقت آسيا عينيها وهى تقترب منها هامسة بخبث
-شكلك كده يا خبيثة بتفكرى فى ليلة الدخلة
اتسعت عينا وجد هلعًا من جرأتها العلنية أمام الفتيات، لتلكزها قائلة بنبرة ناهرة
-بطلى قلة ادب، انتى عارفة افكارى مبتوصلش لافكارك المنحرفة دى نهائيًا.

ضيقت عينا اسيا بتشكك خاصة أنها رأت حالتها امس حينما جاء عريسها المتلهف لزيارتها، لتهز رأسها قائلة بنبرة ذات مغزى
-عادى وان كنتى انتى مبتفكريش، فيه واحد بيفكر
عضت وجد على شفتها السفلى بقوة، تعلم أن اسيا لن تنهى وصلة وقاحتها تلك، منذ أمس امسكتها بالجرم المشهود حينما خرجت كالمجنونة من غرفة جدها، صاحت بنفاذ صبر
- هتبطلى قلة ادب دى امتى
هزت آسيا رأسها نافية قائلة بجدية شديدة
-خلى بالك دى حاجة بتميزنى.

حدقت وجد باستنكار لتقول لها
-بتميزك فى ايه يا مدام آسيا
حركت آسيا خصلات شعرها بتباه فاخر قائلة
-انى جريئة عن ستات كتير هنا، بعرف كويس انا عايزة ايه، انتو اللى عندكم جهل
حدقت وجد باستنكار لتهز رأسها بيأس قائلة
- جهل فى قلة الادب! لا شكرا خليهالك
طرقات صاخبة على باب غرفة الفندق المخصص لحفل زفافها، اتبعها دخول جيهان الصاخب بابتسامة متسعة مرتدية ثياب باللون الازرق مشابه لأسيا لتتقدم تجاه وجد قائلة بعبوس.

- ايه عروستنا الحلوة مكشرة ليه
لوت آسيا شفتيها بلا مبالاة قائلة
- اتكسفت من مجرد انى بفكرها بليلة الدخلة
احتقنت وجنتى وجد حرجا وهي ترى تلون وجنتى مصففة الشعر وخبيرة التجميل التي تلملم أشياءها لتكون جيهان بالقرب من آسيا قائلة بوقاحة شديدة
- والله انا خايفة عليكى ليكسرك من غباوته، وترقدى في المستشفى.

ضحكة شامتة خرجت من شفتى آسيا، عداك عن مصففة الشعر التى تحاول كتم ضحكاتها، لتعبس وجد بقهر وهي ترى تجمع الوقحتين معًا، دلالة على خسارتها فى أى معركة ستخوضها، جزت على اسنانها قائلة بعنف مخرسة كلتاهما
-مين ده اللى يكسرنى يا جيجى، لا اطلعوا انتوا الاتنين برا مش عايزة حد فيكم
عينين ماكرتين لا تجتمع سوى فى الوقاحة بادلتها كلا من آسيا وجيهان لتقول آسيا ببرود
-انتى اللى خسرانة.

طرقة هادئة جعلت وجد ترفع رأسها تجاه الباب عالمة أن القادم هو جدها، دليل على اقتراب الوقت، عاد التوتر يرعد فرائصها، تقدم الجد وهو يبتسم تجاه جيهان التى فتحت الباب، رفع رأسه تجاه حفيدته وهى عروس ولاحت الصدمة على محياه
لحظة صمت يدرسه وهو يتأمل ملامح صغيرته وهو يراها اليوم قد شبت وغدت عروس
شريط عمرها مر كالبرق وعينيه دمعت متقدمًا تجاهها، محتفظا بتلك الذكرى تحديدا داخل دهاليز عقله..

فركت وجد كفيها بقلق، وصمت جدها حسنا كان سيئا جدًا، سألته بقلق
- طالعة حلوة؟
هبطت دمعة ازالها سريعًا ليقترب منها محيطا بكلتا وجنتيها طابعا قبلة على جبهتها، مما جعل وجد تبتسم فى وجهه حالما نطق بهمس خشن
-زى ما كنت متخيلك يا بنتى.

تجمعت الدموع فى مآقيها مستفزة اياها للخروج مما جعل جدها يزيل دمعة عابرة ستفسد زينتها، نحنحة صدرت من انثى جعل وجد تنتبه لوجود عمتها مما جعلها تقترب منها محتضنا اياها بقوة اجفل جميلة، التى سرعان ما استقبلت أحضانها بدموع صامتة
تشبثت وجد بقوة فى احضان عمتها التى اعتبرتها كابنة، انفصلت عن عناقها وهى تبكى بصمت مما جعل جميلة تهمس بحذر
- لا متعيطيش، مش عايزين نبوظ الميك اب.

امسكت كفى عمتها بقوة وهى تنتظر دعم قوى منها، رغم كل شئ الا ان دعم عمتها ومباركتها هو ما ترغبه، غمغمت وجد قائلة بهمس خافت تسمعه فقط عمتها
- سعادتى معاه هو وبس، ارجوكى تفهمى ده
اومأت جميلة رأسها بتفهم، رغم كل شئ وتحذيراتها إلا أنها لا تملك حقا سوى النصيحة لتهمس لها
-فاهمة يا وجد فاهمة، مش عايزاكى تندمى فى يوم
تنهدت وجد قائلة بيأس من محاولاتها التى تنتهى بالفشل لإقناع عمتها.

- مش صغيرة انا، حاسبة كل حاجة بعقلى وقلبى
رفعت عيناها تجاه غالب الذى استشعر شئ خاطئ مما جعله يحدجها بنظرات قاتلة، جعلها تزدرد ريقها محتضنة وجنتى وجد مرتسمة ابتسامة ناعمة على شفتيها قائلة بابتسامة
-ربنا يسعدك يا حبيبتى، انا مش عايزة اشوف غير سعادتك
ارتسمت ابتسامة على شفتي وجد، يكفي انها اخذت مباركة عمتها، والأيام القادمة كفيلة باقناعها بأن عاصى هو افضل رجل لها
تنحنح الجد قائلا بمشاكسة محببة.

-وجدو ملهوش حضن يا وجد
ابتسمت وجد بمرح وهى تركض لتعانقه بقوة ليربت غالب على ظهرها هامسا
- كبرتى يا روح جدو وبقيتى عروسة
نظرت الى عيني جدها قائلة بتساؤل
- طالعة قمر يا جدو
أومأ الجد موافقا ليغمغم بصدق
- زى البدر فى ليلة كماله
انفرجت شفتيها عن ابتسامة متسعة لتضحك بمرح قائلة بمشاكسة
- يا سيدى يا سيدى، هعمل ايه من غير غزلك.

تنهد الجد وهو يشعر بالوحشة لمغادرة منزلهم، هو لا يصدق ان الصغيرة لن تكون فى منزله وتحت رعايته، بل مشاركتها على طاولة الطعام، بلع غصة مختنقة وهو يغمغم بمرح مصطنع
-عندك جوزك يبقى يتغزل براحته
استشعرت وجد نبرة جدها المختنقة، لترسم ابتسامة شاحبة على شفتيها وهى تهز رأسها نافية
-لا يا جدو مش هيوصل زيك برضو.

رفعت عيناها سريعا تجاه آسيا التي تتابعهما بوجوم وملامح منغلقة، تعلم انها مازالت مصرة على الطلاق، ولؤي حسنا اختفى من الساحة تلك الايام السابقة، لا تعلم أبسبب طلب جدها أم هو ترك لآسيا وقت للتفكير!
طرقات هادئة اعلمها ان الوقت قد حان، وما ان دخلت شادية بابتسامة عملية رزينة بفستانها الأسود الكلاسيكي حتى ابتسمت ما أن رأت الجد والعروس لتغمغم
- مساء الخير
اومأ غالب برأسه قائلا بنبرة دافئة
-اهلا يا بنتى.

هزت شادية رأسها بتحية وهى تقول بعملية شديدة قبل أن تنسحب من الغرفة بهدوء
- خمس دقايق حضرتك تنزل مع العروسة، كل حاجة جاهزة منتظرين بس تشريف العروسة
ترددت وجد قليلا لكنها تحكمت سريعا ان تقول بنبرة مرتفعة بعض الشئ وهي ترى انصراف شادية
- شكرا يا شادية
توقفت شادية عن السير، لتلتفت بجسدها وهي ترفع كفيها قائلة
-مبعملش غير شغلى يا وجد، مبارك ليكى.

ارتسمت وجد ابتسامة ناعمة على شفتيها، وهى تشعر ان صفحة جديدة بيضاء بينهما فتحت لتبتسم قائلة
- عقبالك
تجمدت الابتسامة على وجنتى شادية، بل ماتت تمامًا مما جعل جيهان تقلق وهى ترى انسحاب شادية الهادئ
- عن اذنكم
شعرت وجد بالقلق وهى ترى انسحاب كلتا الشقيقتين مما جعلها تنظر الى جدها الذى طمئنها بربتة على ظهره ليقول لها بهدوء
-جاهزة يا وجد.

وتلك المرة كانت وجد شمخت برأسها عاليًا، والاميرة على أهبة الاستعداد لمقابلة أميرها!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة