قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وثمانية وأربعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وثمانية وأربعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وثمانية وأربعون

دقت ساعة الصفر..
ستذهب لمقابلة العريس كما أخبرها والدها صباح اليوم، مخبرًا إياها أن تستعد بعد الظهيرة لأنه سيصطحبها نحو مكان مقابلتهم
ذلك الغموض، وعدم إخراج أي معلومة مفيدة من شفتيه جعلتها تعقد حاجبيها ريبة
ذلك الرجل الغامض لن يكون شخصًا غريبا فى الوسط، والا لكان والدها اخبرها بتفاصيل صغيرة عنه..
أحكمت وثاق حجابها وهي تنظر بتوتر الى المرآة العاكسة.

الشعور بالخيانة يكتنفها، وهى كالحمقاء تشعر انها موشومة بالآخر
لا يحق لها التزين وابراز جمالها امام عيني آخر غيره
اللعنة عليها! لقد فسدت تمامًا بفضله..
لقد رمت الكرة فى ملعب والدها، فى انتظار حكمه، وهو لم يجور عليها مطلقًا
أسيبدأ الآن؟!
انتبهت على صوت جيهان المتذمر
-انتى لسة مصممة عند رأيك
رفعت شادية عينيها أمام المرآة لتبصر شقيقتها الحانقة الرافضة للأمر، كحالها تمامًا
لكنها لن تكسر بهامة والدها مطلقًا.

ستذهب معه كما رغب، لن تمرغ اسم والدها فى الوحل حينما يحتاجها، سحبت حقيبتها وهى تجيبها بصلابة
- جيجي مش وراكي ترتيبات فرحك، ابعدى عنى دلوقتى
رفعت جيهان حاجبها بشك تجاه تعاملها البارد تجاه الأمر، شقيقتها تخطط لأمر ما
يقين داخلى يجعلها تؤمن بهذا، لكن لما اصبحت متباعدة مفضلة تعامل الأمر بمفردها؟!
لم تمنع أن تصدر غمغمة متذمرة
- والله لو كملتى الهبل ده، لاروحله واقوله انك كنتى مراته ولسه على ذمته.

تركت شادية ما بيدها والتفتت تنظر إلى شقيقتها بشك، لتهز جيهان رأسها قائلة بصلابة
- مجنونة واعملها
لكن دخول الأب في تلك اللحظة قطع مجادلة على وشك الحدوث، لينظر معتصم نحو ساعة يده ثم قال بتعجل
- يلا يا شادية، العريس مستنينا مش عايزين نتأخر
هزت شادية رأسها بطاعة تحت نظرات جيهان الحانقة منهما، ومن ما يدور فى عقل كليهما، فقط لو تعلم ماذا يدور فى عقل والدها الآن.

لقد علمت تفاصيل من فريال، وتحدثها مع والدها كى يقوم بعلاج مسألة شقيقتها والإيطالى
ليحل الوالد المسألة ببساطة بتزويجها من إحدى معارفه، كما صرح آخر مرة حاولت أن تستعلم عن العريس وخلفيته...
وما زاد الأمر حيرة هو عدم إبداء رأى من شقيقها ماهر، فقط وثق ببساطة برأي والده، قائلا انه لن يتدخل ما دام لم يجد طرف متذمر رافضًا للوضع...

نظرت شادية عبر نافذة السيارة وهي توصلهما نحو وجهتهم المنشودة، الطريق كان صامتًا، لم يتجاذب معها أى حديث مما جعلها تلتفت نحوه متسائلة بشك
- بابا انت تعرفه من فين، وامتى اتقدملى؟
اغلق معتصم هاتفه والتفت اليها قائلا بجمود
- اعرفه من فترة، اما امتى اتقدملك، فده من فترة بس طلبت منه يستنى لحد الوقت المناسب
عضت شادية باطن خدها، لتشبك اناملها وهي تهمس برهبة.

- بابا انا خايفة، انا قولتلك انى مستعدة متجوزش وابقى معاك طول عمرى
ضحكة ساخرة خرجت من شفتى معتصم قبل أن يقول بحدة
- متأكدة مش عايزة تتجوزي عشانى ولا عشان حبيب القلب، انا مش فاهم الحيوان ده عمل ايه عشان تبقى لدرجة اليأس بتزحفى وراه
عضت شادية باطن خدها ونكست وجهها خجلاً، تعلم ان والدها يكبح ثورة عارمة لكنها غمغمت ببسالة وهى ترفع رأسها تنظر في عيني والدها.

- اثبتلي انه اتغير، انا اسفه انى روحتله ومقولتش لحضرتك، بس يا بابا حاول تفهمني
اشاح معتصم يده بحدة وهو يقاطعها قائلاً بجمود
- رغم الأذى لسه بتحبيه، الوقت عدى ولسه بتفكري فيه، يا بنتى افهمى الحب مش هو اللى هيكمل، الود والرحمة هما اللى هيكملوا فى الحياة الزوجية
لا فائدة ترجى للحديث معه الآن، ستؤجل الأمر حتى عودتهما، يجب ان تضع كافة مبرراتها وما التمسته من صدق لذلك الإيطالى.

جذبت اهتمامه مشيرة بحديثها نحو الرجل القادم
- هو زيك يا بابا؟
ارتسمت على الاب ابتسامة واثقة وهو يجيبها بأنفة
- بت قولتلك مفيش غير واحد معتصم السويسري والباقين كلهم نسخ باهتة
انفجرت ضاحكة وهى ترتمى برأسها على صدرة بغتة، مما جعل الاب يتنهد وهو يربت على ظهرها متمنيًا صلاحها وارشادها للطريق المستقيم.

ترجلت شادية وهى تنظر نحو بوابة الفندق بوجوم، لن يكسب نقطة بحجز طاولة في فندق فاخر، تأبطت ذراع والدها وهما يدلفان تجاه الفندق، لم تهتم شادية بالانتباه لحديث والدها مع الموظف الذى ابتسم بعملية مرحبًا
- مساء الخير يا فندم
غمغم معتصم بجمود
- حجز بإسم السويسرى
اتسعت عينا الرجل بإدراك ليغمغم وهو يشير نحو عامل آخر لايصالهم نحو وجهتهم
- اتفضل يا فندم، المكان كله تحت امرك.

انتبهت شادية على تربيتة والدها لظهرها جاذبًا انتباهها لتبتسم بعملية وداخلها يكفى توتر يكاد يحطم ثباتها وتماسكها...
طريق المصعد لم يكن يخلو من التوتر خاصة أن الأجواء كانت كئيبة، صامتة، جعلت شادية تعض باطن خدها محاولة التماسك..
لن تضعف، يجب عليها أن تتماسك
لأجلها ولأجل سبب قيامها بهذا الأمر.

انتبهت على صوت المصعد وهو يفتح أبوابه لتتفاجئ حينما خطت بقدمها داخل المطعم، لقد جاءت الى هنا عدة مرات نظرًا لمقابلة عملاءها ولم يكن ابدًا شاغرًا حتى فى أوقات الذروة، سألت والدها بتعجب
- انت حجزت مطعم الفندق كله ليه
لوى معتصم شفتيه ساخرًا ليجيبها
- مش انا، هو اللى حجز
رفعت شادية حاجبها بعدم فهم، ليتابع معتصم وهو يخرج هاتفه قائلاً
- هعمل كام مكالمة لحد لما تخلصى كلامك معاه.

لا لا مستحيل ان يتركها هكذا أمام الرجل، على الاقل يكسر التوتر فى بادئ الأمر
اسيتركها أمام عرين الأسد هكذا دون حماية، زمت شفتيها وهى تنظر الى ارجاء المطعم و واجهته الزجاجية المطلة على النيل من على ارتفاع عشرين طابق، زفرت بحنق مغمغمة
- فاكر هيبهرنى بفلوسه وقت ما يحجز المطعم كله
انتبهت على صوت نادلة وهى تجذب اهتمام المرأة التي ترغي وتزبد
- انسة شادية.

رفعت شادية حاجبها وهى ترى العاملة تبتسم لها ببشاشة تشير بيدها قائلة
- اتفضلى معايا
عقدت شادية حاجبيها بريبة قائلة
- هو هناك؟
وجهت العاملة الى ركن أكثر خصوصية، دائمًا تكون للأعضاء المهمين فى المطعم، لتبتسم وهى ترى طاولة المعدة بإتقان لتواجه شادية قائلة
- دقايق وهيكون موجود
تركتها لتشعر شادية بالحيرة، والشك بدأ يأخذ دوره.

اللعنة هل تورط والدها مع احدى العصابات؟! لتتزوج من شخصية هامة، غامضة كما أحب إيصال رسالته!
لم تستطيع الجلوس بل ظلت تنظر نحو النافذة الزجاجية وعينيها شردت نحو نقطة فى الفراغ
تحاول تهدئة انفاسها، ولملمة بعثرتها التى حدثت بفضل الغريب، لقد جاءت الى هنا لهدف واحد ولن تحيد عنه
لن تتزوجه وإن عنى هذا موتها!
والدها لن يجبرها على هذا الأمر..
قلبها معلق نحو الآخر فى انتظار رهن إشارته.

ستخبره انها تحب رجل آخر، وستنهى تلك المهزلة فورًا، تعلم مدى كبرياء الرجال الشرقيين ولن يقبلو بإمرأة حواسها كلها متجهة نحو رجل آخر
فببساطة أما يرحلون، وأما يصبحوا غازيين!
اشمئزت معالم وجهها نفورًا وبدأت تشعر بالإعياء تجاه مجرى افكارها، أغمضت جفنيها وهى تعد للعاشرة، سترفض وسترحل
ستخبره أنها شاكرة لعرض زواجه لكنها تحب رجل آخر، ثم ستعتذر لوالدها..

اقشعر جسدها حينما استمعت الى صوت معذب فؤادها يغمغم بخشونة تفعل الأفاعيل فى قلبها العليل به
- أخبروني أن العاشق حين غياب معشوقته يستصرخ ناجيًا إياها يعد الليالي حتى موعد مقابلتهما، وحينما يعد لمقابلتها لا يعلم أتزداد بهائًا كل يوم أم قلبه المتيم لا يرى سوى أنها أجمل نساء الكون
استدارت على حين بغتة، وشفتيها انفرجتا بصدمة، اتساع حدقتي عينيها وهى تمرها على الكائن الرجولى أمامها...
انفلتت اعصابها.

وخذلها جسدها لتقترب خطوة واحدة محاولة تأكيد حواسها أن ما تراه حقيقي
حواسها لا تخونها بالتأكيد، عينيها وأذنيها حتى انفها الذي التقط عطره الرجولي الفج كظهوره من عدم لا يخونوها بالتأكيد، همست اسمه بالكاد الحروف خرجت من شفتيها
- س، سرمد
اتسعت ابتسامته مقتربًا منها قائلاً بصوت أثخن من العاطفة
- ويل لقلب سرمد المسكين لنطقك لإسمك بين شفتيك المناجيتين لى.

انهار جهازها العصبى لتشعر بتخاذل ساقيها منهارة ارضًا وهى تغمض جفنيها واضعة يديها على وجهها هامسة بحدة
- انا فى حلم مش كده، مش معقول كبرت وخرفت فى السن ده
تحاول الافاقة من ذلك الحلم، الأمر سيصبح كابوسًا بعد قليل
الا إن جسدها الانثوي استشعر جسد حرارى مقتربًا منها، وصوته المتلاعب يغمغم
- أتريدين تأكيدًا مني؟
رفعت رأسها نحو الحلم ولا تعلم كيف اتتها الجرأة لتهز رأسها.

رغم جميع إنذارات عقلها بالرفض، خاصة تلك النظرة الداكنة فى عينيه، ذلك الاشتهاء الخاص من رجل مثله نحوها
ذلك التوحش والجموح فى عينيه تشعر بهما، وهى، تبًا لها ترغب بهم جميعًا.
احمر وجهه وازدادت عينيه رغبًا محدقًا نحو شفتيها ليضع اصبع الابهام نحو شفتيها متحسسًا مدى اكتنازهما قائلاً
- احذرى مما تتمنيه يا برتقالية، فجل ما أفكر به هو ارتشاف تلك البتلات الندية من بين شفتيك.

تلك اللمسة منه كثورة بركان ألقى حمومه، مسببًا فى اجفالها وابتعادها عن مرمى يديه، عيناها جاحظتان وصدرها يرتفع ويهبط بجنون جراء لمسته لشفتيها
لمسة شجعته عليها، اللعنة، هو هنا
عينيها تتأمله وهى تلاحظ انها لم تنتبه ابدًا لكرسيه المتحرك الجالس عليه!
لا تعلم كيف عيناها محت أى شئ يقلل من سطوته وجاذبيته حتى بعجزه المؤقت
كرسيه المتحرك لم يقلل منه، تبًا له.

غمغمت بصدمة جلية وهي ترى ابتسامته الماكرة تزين ثغره المغوى
- انت، انت بتعمل ايه هنا، عرفت ازاى ان انا هنا ازاى
عيناه تأكلها حية كما لم تشعر به قبلاً
تشعر بعينيه تلمسان جميع مواضع جسدها كما لم يفعل قبلاً
لم تستطيع اخفاء تورد وجنتيها تحت وطء نظراته لتسمعه يجيبها
- لم اتحمل البقاء فى المشفى دون حافز كافى، عدت رغم عن انوفهم لمقابلتك.

شعرت بتحرك عجلات كرسيه مقتربًا منها، لتنتبه أنها ما زالت ارضًا، حاولت دفع جسدها للاستقامة ورفع الهوان إلا انه لم يستجيب، غمغمت وهى تنظر يمينا ويسارًا خشية أن يأتي الرجل الغامض لتهمس
- سرمد، صدقني مش وقتك دلوقتي، انت جيت هنا ازاي، فين طنط غيداء، فين اخوك
ضحك ملء شدقيه، والتماع عينيه بالحياة والإصرار اجفلها، لم يكن هكذا حينما زارته منذ أشهر في مشفاه.

تلك اللمعة فى عينيه كالتى سبق ورأتها أول مرة حينما قابلته
ما الذي تغير به؟ سمعته يغمغم بابتسامة ماكرة
- جلبت غسان معى، تعلمين أن زواج شقيقه اقترب، فأخذتها فرصة للقدوم ورؤيتك
عيناها حطت على ساقيه لتتغضن ملامحها بألم، ترى كم سيستغرق الأمر لرؤيته مرة أخرى على قدميه، الأمر يؤلمها بطريقة لم تكن تتخيلها، رغمًا عنها سألته
- كيف حال ساقيك، هل انت بخير؟ اخبرنى ولا تكذب علىّ رجاء.

اختفى المرح من ملامح وجهه وحل محله الجمود، حتى تلك اللمعة فى عينيه انطفئت لترى جمود وتصلب وجهه وهو يغمغم
- انهما بخير رغم انى لا ابذل جهدًا كثيرًا فى التنقل
هطلت الدموع لا اراديًا وهي تهمس بأسف
- انا اسفه، اسفه بجد انا السبب
اختلج قلبه لرؤيته لدموعها، ألم يخبرها انه ضعيف تجاه دموع النساء، خاصة دموعها هى
دموعها غالية كحالها هى عنده، غمغم بنبرة اذابت اعصابها.

- حياتى كلها فداء لعينيك يا برتقالية، انا لست عاجز لتلك الدرجة ما زلت اتعالج
هزت راسها بنفي وهي تهمس برجاء
- اريد رؤيتك مرة اخرى تقف على ساقيك
كان يحاول تهدئتها ولملمة تبعثرها خاصة وهو يراها تبكى عليه، لكن الأمر جعله يسألها بحدة خرجت غير مسيطرة
- هل يأكلك الذنب لتلك الدرجة؟ أهي مجرد ساقى؟ وحينما اشفى تكفين عن السؤال.

انفرجت شفتاها تجاه مسار تفكيره، ذلك المجنون ما زال يشكك بنواياها حتى بعد اصابته، تعلم ان الأمر ما زال حساس خاصة رجلاً بكبريائه، سمعت صوته اليائس هادرًا فى وجهها
- أجيبي يا شادياااه
هزت رأسها نافية عدة مرات مغمغمة
- لا
ابتسامة بسيطة زينت محياه، وعاد ذلك البريق يلمع فى حدقتيه المظلمتين ليهمس بتطلب
- تزوجيني
حطت عينها عليه والصدمة ا فقدتها القدرة حتى على رمش عينيها لتنظر اليه وهو يطلب بيأس.

- لم أعد أتحمل فراقك عني، طيفك يؤرقيني فى مضجعى يا شاديااه، ألاحق طيفك فى احلامى وها انتى هنا امامى أجمل من الحلم ألف مرة وقلبى يسألك الخلاص
كل ما قدرت عليه هو همسها باسمه
- سرمد
اقترب منها وهو يميل برأسه تجاه موضع جلوسها ليهمس بإلحاح
- تزوجيني، لقد كرهت المشفى، كرهت كل شئ عداكِ انتِ
وهى كالمغيبة لا تأتي بشيء يخرج من حلقها سوى مناجاتها بإسمه
- سرمد.

ابتسم سرمد وهى ترى تلك الشعلة فى عينيه تزداد رغبة ليهمس في وجهها ولفح أنفاسه يضرب وجهها
- رفقًا بى يا امرأة، مناجتك بإسمي ليس سوى فتيل يحرق قلبي
حدق الى عينيها وهو يرى صدمتها المتجلية فى وجهها، يعذرها ألف مرة على هذا الصمت
لكنه بحاجة إلى تأكيد، شئ يحفزه أنه لم يفقدها كليًا
استجابات جسدها الفطرية له جعله يستبشر خيرًا، ينتظر فقط إرضاء عقلها حتى يستطيع غزوها برضا تام.

- اعتذاري لن يفي بحقك، لو ظللت كل يوم كل ساعة اعتذر عما اجرمته فى حق نفسى يا شادياااه، لو تعلمين يا شادياااه كم مرة تمنيت أن تبتر يداى
صاح بها بغضب ليسمع شهقتها الخافتة قبل أن تزمجر بغضب
- بعد الشر يا مجنون، اياك تقول الكلام ده تانى
ارتسمت ابتسامة على شفتيه رغم حالته ليهمس
- أتخشين علىّ حقًا؟
لكن اجابتها على سؤاله لم يقابلها سوى انها سألته بإدراك
- انت العريس؟

يبدو أن عقل برتقاليته بدأ يعمل بعد افاقتها من الصدمة، ليجيبها بغمزة ماكرة
- يبدو انه لا يوجد سوانا يا برتقالية
تأكيده جعلها تسأله بإصرار
- روحت اتقدمت لبابا
هز رأسه موافقًا تحت دهشتها وهى تسأله بإصرار رهيب
- وبابا وافق؟
تلك المرة تنهد وهو يجيبها بصراحة عهدتها منه
- حسنًا، ليس كليًا، لكن الموافقة المبدئية موجودة، والدك يكرهنى لانى أذوب بك عشقًا.

تنهد من وضعها اليائس على الأرض، ماذا ستكون ردة فعل والدها حينما يقتحم جلستهما ويرى ابنته جالسة ارضًا
ايخبره من صدمتها لم تستجيب كحاله!
غمغم ببرود وهو يحاول الحفاظ على مسافة بينهما كما وعد والدته، تلك المرة تستحق شادية الكثير منه
- انهضى واجلسى على مقعدك، يكفى هكذا والدك لن يعجبه الوضع إن رآك هكذا.

نظرت الى حالها لتستقيم من مجلسها وتحمد ربها ان تلك المرة لم تخذلها ساقيها لتجلس على مقعد طاولتهما ليسمعها تهمس
- بس، بس ازاى، ده قالى العريس طلب ايدى من فترة
اجابها بصراحة وهو يبعثر خصلات شعره التى استطالت كثيرًا عن آخر مرة رأته بها
- طلبت الزواج قبل رحيلى من مصر، وفوجئت بصفعة تستقر على خدى منه قائلاً انه لو ظللت الرجل الوحيد لن يزوجنى إياكِ
تنهد وهو يضع يديه على ساقيه قائلاً بإصرار.

- لكنني أصررت قائلاً أن العجز لن يبقى حائلاً بيني وبينك، وان ما بيننا لم ينتهي لقد استشعرت به، استشعرت بوجود امل بيننا
ذلك الأحمق دائما يجلب امر عجزه كما انه لن يستطيع الوقوف على قدميه قط، الأمر صعب لكن ليس مستحيل وما رأته من اصراره على العلاج الفيزيائى جدد الأمل بداخلها
همست شادية بيأس وهي تنظر الي عينيه المتيمتين بها
- انت مجنون
هز رأسه ضاحكًا
- اعلم.

ثم سرعان ما نزع رداء العبث، ليطالبها تلك المرة بعشق
- تزوجيني
حدقت به مليًا وهى لا تصدق أن والدها ترك لها الكرة في ملعبه، نظرت نحو عينيه هامسة
- بس علاجك يا سرمد، مش معقول بعد ما قطعت شوط طويل فى العلاج توقفه
غمغم محاولا نحر أى خوف او قلق سيبعده عنها
- لن اوقفه، سنتتم زفافنا وانا احملك على ذراعي هذا وعدى لك
زفرت بيأس نحو معانيه المستترة الوقحة لتهمس
- لسه زي ما انت وقح.

لمعت عيناه بشغف وهو يهمس لها بألف قصيدة عشق
- وقح لأجلك فقط يا كهرمانية العينين.

فى قصر المالكى،
تحديدًا داخل غرفة آسيا،
ليست غرفتها الزوجية، بل غرفتها المستقلة، الغرفة الأخرى كانت بالأساس ملك طليقها
وضعت اسيا احمر شفاه المفضل لديها وظلت تنظر الى تبرجها الذى لم يكن مبتذلا تحت تصورها، عيناها حطت على وجد التى تتناول احدى المقرمشات فوق اريكتها المفضلة التى غمغمت برفض تجاه فكرة العريس الغامض
-تفكيرك غلط يا آسيا
لوت آسيا شفتيها ساخرة لتقول.

- العيلة كلها بقت حامل، وانا فكرت ادى لنفسى فرصة اتعرف عليه
إن كانت ابنة عمها تبحث عن زوج لمجرد الحمل والأطفال، فحتما هى غبية بتفكيرها هذا...
هزت وجد رأسها قائلة بعدم رضا
- آسيا انتى لسه متخطتيش لؤى، لؤى لسه عايش جواكى، تصرفاتك الشهور اللى فاتت وصدك للرجالة بتوضح انك ست منتمية لراجل
دائمًا يلجمها لسانها قبل التحدث مع وجد، وجد استطاعت ببراعة وخلال فترة قصيرة أن تقرأها.

ربما هى تعجلت، لكن تبًا، ليست صبية صغيرة لتؤجل أمر الزواج
تحتاج لعائلة وهذا الأمر يرغبه زاهر كحالها تمامًا
لما الانتظار، ستحتاج لفترة لدراسته ثم الأمر لن يكون صعبًا
ربما هي تحاول يائسة عدم التفكير بأن جسد اخر سيمتلكها، لكن لكل رغبة وحلم كتبت التضحيات
وإن كانت ستضحي بكل ما تملك للظفر بطفل ينمو بين احشائها ستفعلها، به أو مع غيره
ابتسمت اسيا بمرارة قائلة وهى تزيح دمعة كى لا تفسد تبرجها.

- لؤى كان الحاجة الوحيدة الحلوة فى حياتى، عارفة بعد ما بابا مشى اضطريت اشيل حمل المسؤولية بدرى اووى، غلفت نفسي بمية غلاف عشان امنع نفسي اني اقع فى اى زلة، كلام بابا لسه معلق فى ودانى، انى جوهرة والجوهرة تبقى متصانة لحد لما يجي اللى هيحافظ عليها.

صمتت وجد وهى تستشعر المرارة فى صوت ابنة عمها، حديثها وشغفها عن والدها يجلب الغصة فى حلقها هى الآخرى، ربما لم تستطيع تذكر والديها، لكن الشعور بالفقدان اختبرته، غمغمت آسيا قائلة ببؤس
- مع لؤي بقيت ست، انثى بكل ما للكلمة من معنى بس...
بترت آسيا باقى عبارتها لتحفزها وجد قائلة
-بس ايه اللى حصل
هزت اسيا راسها بيأس قائلة
-مبقناش زي الاول، كل واحد فينا مستنى من التاني غلطة عشان يعلق كل الغلطات عليه.

زمت وجد شفتيها وهى تشعر بألمها، لو تعلم فقط اين اختفى هذا الآخر
ليس بعادته أن يختفي دون سبب أو مدة معلومة، لكن بصمت الجد تعلم جيدًا أنه يعلم اختفاءه
تنهدت متسائلة بخشية
- وزاهر ده مجرد لعبة جديدة
هزت اسيا راسها نافية لتهمس بصدق
- لأ، زاهر مش فى لعبة جديدة، المرة دي مفيش خطط ولا افكار ولا العاب، المرة دي هسيب نفسى
وتلك طامة أخرى.

ماذا لو تبين انه سيجرحها، او يهينها، اسيا رغم صلابتها الخارجية إلا أنها ضعيفة جدًا تجاه لمن تهتم بأمرهم، وماذا ان تحقق حلم آسيا وكانت تعيسة بزواجها، او الأفظع أن طلبت الطلاق وساومها هو على الطفل!
هزت وجد رأسها محاولة ازاحة تلك الافكار الخبيثة من عقلها، من الافضل لها ان تخشي علي الرجل وليس منه، اسيا استطاعت أن تطلب الطلاق من حبيبها و حاربت بضراوة لنيل الطلب، غمغمت بتساؤل
- هتعملى ايه لو لؤى عرف.

رفعت اسيا حاجبها بشك وهى تغمغم بسخرية
-كأنى خنته يا وجد!، مالك فيه اي، لو عايز يرجعلى كان رجعنى ليه
قلبت وجد عينيها بملل مجيبة اياها
-على اساس لو رجعك، كنتى هتوافقى وتسيبيه يحدد حياتك
هزت رأسها بنفى تام لتجيبها بصراحة
- للأسف لأ، كنت هندمه انه رجعنى ليه بدون اذنى
طرقات على باب غرفتها، جعل وجد تبتلع أي حديث يمر على خاطرها سامحة آسيا بالدخول، لتنتبه إلى صوت الخادمة تقول بصوت حيادى.

- غالب بيه منتظر حضرتك فى المكتب
هزت اسيا راسها لتستأذن مغادرة، وآسيا تستقيم من مجلسها لتستمع الى صوت وجد المتذمر
- مطوليش عشان لسه ورانا مشاوير للبيبي
لمعت عينا اسيا بشقاوة وهى تسحب منها المقرمشات كى لا تزداد وزنا غير طبيعي في تلك الفترة خاصة مع اشتهاءها للطعام الغير مبرر لحاجة الجسد، غمزت بعبث
- مطلعش سهل الدكتور بتاعك.

القت وجد وسادة امام وجه اسيا التى تفادتها بمرح، لتتأفف وجد تجاه معانى اسيا المبطنة بوقاحة تجاه حملها، اللعنة هل اصبح الحمل الآن جريمة تعاقب عليه، ربما اتى مبكرًا لكنها لن تجرم على هذا!
طرقت آسيا باب مكتب غالب، لتبتسم بعملية وهى ترى زاهر جالس على مقعد جلدي وفى مواجهته غالب، أشار غالب لها للجلوس قائلاً
- اتفضلى يا آسيا
التفت آسيا بكليتها جالسة على المقعد لتقول بصراحة دون الحاجة لأى انتظار.

- انا موافقة ناخد فرصة
غمغم الجد بتحذير
-آسيا
نظرت الى غالب نظرة واحدة وهى تهمس
- من فضلك، عادت بكامل جديتها تحدق فى وجه الآخر قائلة
- انا موافقة تديني سبب يقنعني اني اتجوزك، بدون ما تديني سبب مقنع كأن مفيش حاجة ما بينا حصلت
ارتسمت ابتسامة على وجه زاهر وهو يهز رأسه موافقًا
- وانا موافق
حسنًا الأمر لم يكن سيئًا، سيتم الأمر وفق إرادتها
إلا أنها لا تعلم لما تشعر بغصة في حلقها!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة