قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وتسعة وأربعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وتسعة وأربعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وتسعة وأربعون

نظرت إلى عينيها
فاجأتني بطلب الغرام
فقلت لها ما أنا سوى عابد زاهد، والغرام لم أطرق بابه قط
فتوسلت إلى
ضعف اجتاحني، والنظر إلى عينيها المتوسلين أخرس صوت العقل
فتحت كلتا ذراعى واستسلمت بعينين مغمضتين إلى السقوط فى بئر عينيها ارتوى منه لحد الشبع
لكننى لم أكف الحاجة عن الأرتواء قط!
فى حى عاصي،.

وقفت وجد أمام السطح العاكس تنظر يمينًا ويسارًا تحدد المواضع التي ازدادت نتيجة شهيتها المفتوحة، وإصرار توحة على اطعامها كما لو أنها طفلة صغيرة تحتاج للتغذية!
زمت شفتيها وهى تضع كف يدها على موضع جنينها لترتسم ابتسامة سعيدة محدثة بخفوت نحو صغيرها الذى ينمو بين احشائها، كشفت عن بطنها امام المرآة لتنظر الى التكور الصغير كدليل حى عن تكليل عشقهما بطفل من صلبه..

تجمعت الدموع داخل مآقيها وشتان حالها قبل مقابلته وحتى الآن
بحياتها لم تتصور انها ستحب رجلاً إلى هذا الحد، حب بدرجة يائسة قابلها هو عشق جنونى منه
مررت يديها على اردافها وبدأت تشعر انها ازدادت عن الشهر السابق، لفت بجسمها يسارًا تنظر نحو اكتساب وزنها بابتسامة متألقة
عمتها جميلة تكاد ستصاب بنوبة قلبية إن رأتها الآن!

لقد ازدادت خمس كيلوجرامات، ورغم حرص عاصى على الذهاب الى صالته الرياضية، إلا أنها سعيدة بهذا الوزن الضئيل الزائد، بالنهاية ستصبح أم وتحتاج الى زيادة بعض الوزن، مررت يديها نحو ثدييها لتنظر بحيرة امام المرآة..

معظم فتيات مجتمعها بعد الحمل يقمن بالكثير من عمليات التجميل لعودة أجسادهن كما لو لم ينجبن حينما سألت زوجها، أخبرها ببساطة انه جسدها وان كانت لا تشعر بالراحة مع اكتساب الوزن يستطيع أن يساعدها على فقده وحرصه على تناول طعام صحي خلال الحمل ممتنعة عن المقرمشات التى بدأت تدمنها مع توحة..
عضت طرف شفتها السفلى وهى تنظر الى المرآة نحو جسدها، ثم الى وجهها الذى ازداد نضارة كما علقت توحة بعد حملها.

شعرت بيد خشنة وضعت على بطنها وانفاس رجولية خشنة لفحتها من خلف عنقها جعل شعيرات جسدها تتصلب حينما طبع قبلة على فكها وكف يده ازدادت تملكًا حينما وضعها فوق كفها على موضع جنينها جاءه همسه الأجش يداعب انوثتها التى تستجيب سريعًا نحو أى مبادرة منه
-الجميل لوحده بيعمل ايه؟

يديه تعبثان نحو المنطقة المكشوفة من بطنها ليزيل الجزء العلوى منامتها الحريرية لتقع عيناه نحو تلك القطعة الصغيرة من الدانتيل الأسود، تأوه ضعيف خرج منها حينما قبض على خصرها ببعض الحزم لتصطدم بصدره العضلى، يديه وشفتيه تعيث فسادًا فى جسدها وشفتيه تطبع قبلات متفرقة على ما تطاله من بشرتها العارية ليدير بجسدها لتقع أمام عينيه.

عينيها السوداوين متسعتان بظلمة أثر لمساته الجريئة، وانفراج شفتيها اللاهث أفقد طور عقله ليندفع مقبلاً إياها بشغف.
حاول السيطرة على جماح عقله، متذكرًا انه ما زال فى جدته، وجدته بالأسفل مع أسماء، والليلة يجب إبعاد يديه عن زوجته كونها فى بداية شهور حملها، إلا أنها أحاطت ذراعيها حول عنقه مما جعله يحملها بين ساقيه واضعًا إياها على الفراش شعر بيديها توضع على صدره مبتعدة عنها قائلة بصوت لاهث.

- بطل قلة ادب بتاعتك دي احنا فى بيت توحة
اعتراضها الضعيف كان كمثل تعلقه الذى انفلت حينما وضعت كف يدها الناعمة على صدره، يشعر بنفس تلك الطاقة الكهربائية حينما تضع يدها على جسده
أفهمتهم إلى أى درجة يائسة أوقعته أميرته فى سحرها؟!
أجابها بابتسامة ماكرة والخضرة فى عينيها داكنة لأثر عناقهما مما جعله يغمغم بعبث
-توحة مش هنا، توحة تحت مع اسماء، بتلحقها قبل ما تهرب من البيت.

عاد مرة اخرى يدفن رأسه فى تجويف عنقها يعبث قبلات خفيفة على طول جيدها، لتضغط وجد بكف يدها الحرة على خصلات شعره، لا تعلم أتشجعه على الأقدام أم من المفترض أن تزيحه عنها
همست بصوت ضعيف
- عاصي
رفع عاصى وجهه وهو ينظر نحو مقلتيها، يرى أثر انعكاس صورته عليها، وجنتيها توردت وانفاسها اللاهثة الضعيفة جعلته يجيبها طابعًا قبلة نحو شفتيها
-عيون عاصي.

اغمضت وجد جفنيها بيأس تجاه ضعفها أثر كلمته تلك، لم تشعر سوى أنها نقلت نحو عالم آخر
عالم يسرده كل مرة حينما يتقابلان، يحكى لها عن أميرة تبحث عن الحب وعن مزراع سقط فى عشقها منذ النظرة الأولى
يسرد لها بشغف عن لقاءاتهما، عن غيرته وتملكه تجاهها حينما كادت تتزوج من رجل آخر
كانت تستمع له بشغف نحو كل كلمة، ثم سرد لها عن تحدى المزارع لذلك الذي تقدم ليديها، مبارزة كانت الحد الفاصل بينهما.

ورغم قلق الأميرة، كون أن حبيبها المسكين المزارع لا يعلم كيفية استخدام سيف، إلا أن إصراره على الفوز والظفر بأميرته جعلته يتحدى أى عوائق تفصل بينهما، لكن ببساطة لم يستطيع المزارع البسيط أن يغلب براعة الفارس، استفاقت من شرودها على صوت يديه التى تنزع قطعة الدانتيل الوحيدة لتزيح يديه قائلة بخشية
-عاصي، لأ
ابتسم عاصى وهو يدفن وجهه فى تجويف صدرها، واضعًا كلتا يديه حول ظهرها قائلاً ببراءة.

- انا كل تفكيري بس احضنك
انفجرت ضاحكة وهى تميل رأسها للخلف قبل أن تلكزه في كتفه قائلة
- وفاكرنى عبيطة عشان اصدق ان اخرك معايا حضن.

رفع وجهه عن صدرها لينظر نحو عينيها بنظرة ثبتتها وهى ترى تلك اللمعة المتلألئة في حدقتيه الخضراوين، بحياتها لم ترى تباين واندماج اللونين العسلى والأخضر معًا ليشكلا وحدهما لوحة بديعة تتأملها لمدة قد تستمر لعدة ساعات ولن تشعر بالملل منها، شعرت بيده وضعت مرة أخرى على رحمها ليجيبها بجدية
- ما انتى اللى بتضعفيني اعملك ايه، كل ما ابعد الاقيكي بتكلبشي فيا ومش بتسبيني غير وانا.

تلك المرة كانت لكزتها أقوى لتزيح يديه الجريئتين عنها باحثة عن جزء منامتها العلوية قائلة بغضب مصطنع
- كل مرة بتثبلتي انك قليل الادب
انفجر عاصى ضاحكًا من خجلها الذى تداريه بغضب وحنق مزيف، ليغمز بعينيه قائلاً بعبث محبب لقلبها
- وعايزة المحترم يعمل معاكي ايه يا روحى، مكنتيش هتشيلي ابنى اللى فى بطنك.

تذكرت تعليقات الجميع، بداية من تعليقات جيهان وآسيا الوقحتين، وصدمة عمتها التى لم تشفى منها حتى الآن، قائلة انها لم تتصور أنها ستحمل منه سريعًا، توقعت انها على الأقل ستنتظر عامًا قبل ان يفكران بالحمل، الا انها لم تفكر بالأمر خاصة مع رحابة صدر عاصى لأى قرار تتخذه تجاه الحمل، فقررت امتناع تناول الحبوب وتركت الأمر يسير على سجيته، والنهاية أصبحت تحمل بذرة عشقهما!

تمتمت بغيظ تجاه عبثه اللامحدود له خاصة فى منزل توحة
- بمناسبة ابنك او بنتك، العيلة كلها بترمي تعليقات اني حامل من اول كام شهر جواز
ابتسم عاصى بخفر وهو يستند برأسه على الوسادة واضعا كلتا كفيه خلف رأسه قائلاً بغرور
- وده يضايقك فى ايه، بالعكس تحسي بالفخر لجوزك
تحت كلماته المبطنة بالوقاحة لم تستطيع وجد من جذب احدى الوسادات وقذفها فى وجهه بعنف لتصيح بحدة
- انت طلعت اوحش من آسيا بجد.

تأوه بصوت خفيض تجاه المقذوفة النارية التى أتته على حين غفلة، أزاح الوسادة جانبًا وانتفض من فراشه مقتربًا منها قائلاً بمشاكسة
- قوليلي بقي فين البدلة بتاعتي
عضت وجد باطن خدها تمنع تلك الذكريات الوقحة تجاه هذا الرجل، فرغم اصراره انها تجاهلت صنع بذلته فى وقت سابق، استسلمت تجاه حزنه الذى سرعان ما كان فخًا بالنسبة لها، وحينما وقفت تأخذ مقاسات جسده لا تعلم ما يحدث تاليا سوى انها تغرق فى بحور عشقه!

غمغمت بسخط إلا أن هذا لم يمنع تورد خديها حمرة أثر سيالات الذكريات العابثة
- وانت بتخليني الحق اخد مقاساتك، انا حرمت خلاص
ابتسامة جانبية تحتل ثغره ليدفن وجهه طابعًا قبلة على جيدها، متنفسًا رائحة جسدها بانتشاء صار رائحتها الأنثوية شغفًا آخر ينضم إلى جوانب شغفه المتعددة.

ربت على صغيره وحس بالتملك والمسؤولية يزداد نحو أميرته، فهناك طفل صغير سينير عالمهم ويجب أن يكثف جهوده كى لا يقصر فى حق أى منهما، خاصة وجد، يعلم فترة الحمل الأول وما يتبعها من الرضاعة ستكون مرهقة على كليهما ويجب عليه أن يمسك بزمام الأمور كى لا تنفرط حبات العقد!
غمغم متسائلا باهتمام
- مقولتليش نفسك فى ايه على العشا.

اتسعت عينا وجد ذهولا، تبًا ليس هو الآخر، يكفى الوزن الزائد الذى اكتسبته والذي اعجبت به، هزت رأسها بيأس قائلة
- حرام عليك يا عاصى مش انت وتوحة، انت مش شايف انى وزنى زاد خمسة كيلو خلال فترة دي
دقق عاصى النظر نحو جسدها بحميمة جعل وجد تزدرد ريقها شاعرة بجفاف حلقها تحت وطئ نظرات زوجها ليجيبها بإعجاب
- والنبى على قلبي زي العسل، ولو بقيتي زي الدرفيل بعد الحمل مش هتفرق معايا.

ضاقت وجد حدقتيها وهي تنظر نحو جسدها الأنثوي الذى تراه مثاليًا منذ دقائق، إلا الآن استشعرت ان حجم جسدها ازداد ثلاثة أضعاف، غمغمت مستنكرة
- درفيل؟!

كأى زوج مصرى أصيل كان حتمًا عليه أن يسارع بتبرير كلمته والقاء محاسنها لجسدها الذى لا يشوبه زائدة حتى لو ازدادت بضع كليو جرامات، فالنساء وقت الحمل تصبحن حساسات لأى كلمة تسبب فى تعكر مزاجهن، ورغم أن نيته خيرًا وقصده الإعجاب لكنها تركت جميع عبارته واستوقفت نحو كلمة درفيل، ورغم ذلك لم يهز رأسه سوى ايجابًا
وتلك اللحظة، أخرج الثور من مخدعه!

التمعت عيناها بشرر نارى متراقص جعله يتوجس خيفة حينما شعر بها تكيل الضربات فى جسده من كل جانب ولم تكتفى بذلك بل حاولت البحث على أى شئ تلقيه فوق رأسه هذا الجلف، إلا أنها لم تجد سوى ذراعين قويتين تكبلان جسدها
محكمًا وثاقها
داحضًا أى مقاومة يائسة للفرار
ظلت انفاسهما تتبارى وذراعيه تزداد احكامًا حول خصرها حتى تهدأ من نوبة ثورتها النارية
تبًا لم يعلم أبدًا أن أميرته يختبئ خلفها كل تلك الثورة والغضب.

حينما علمت أنه لا فائدة من فك حصارها، استسلمت لذراعيه يائسة قائلة بغضب
- اطلع برا، مش طايقة اشوفك دلوقتي
طبع قبلة معتذرة على جبهتها، إلا أن هذا لم يطفئ غضبها، ليهمس ماكرًا فى أذنها
- الله! وانتى تزعلى من خلقة ربنا ليه، ماله الدرفيل دلوقتى
تلك المرة تأوه بتوجع حقيقى حينما لكمته فى معدته، ليخفف من وطئ حصاره تحت ألسنة اللهب التى تخرج من شفتى أميرته الوديعة، التي ليست بوديعة فى الوقت الحالى!

-عاصى، متخلنيش اطلع جناني عليك، اطلع دلوقتي خليني اجهز عشان فرح أسماء بليل
عاد يطبع عدة قبلات متفرقة على وجهها، ممتصًا الغضب الكامن بداخلها، ليقول بعبث حقيقى
- ما تسيبك منهم، ونرجع شقتنا
بحياتها لم تتصور الرجل أن يكون وقحًا داخل منزل جدته، بل يتعمد اخجالها وان تمسكهما توحة بالجرم المشهود طاردة اياه خارج المنزل، لتستوحذ عليها فى دردشة نسائية حتى بزوغ النهار.

زفرت بحدة وهي تتخلص من ضمه العنيف لجسدها قائلة
- شقتنا لا، انا وعدت توحة هنبات معاها النهاردة
تجهم ملامح عاصى وهو يعلم ضعف وجد لكلمة لا أمام توحة، فالمرأة تمتلك قدرة رهيبة فى تنفيذ كافة متطلباتها بصدر رحب وابتسامة عريضة عبس امام وجهها قائلاً بجدية زائفة
- متخلنيش احلف عليكى انتى مش طالعة من البيت
هل سيتحول الآن لزوج متحكم عصبى، وضعت كلتا يديها على خصرها كما ترى توحة تفعلها مرارًا لتصيح بسخط.

- هتستخدم سلطتك عليا يا عاصى
ارتفع حاجبا عاصى وهو يرى وضعية يديها على خصرها، ليغمغم داخله
بركاتك يا توحة، علمتى مراتى الردح من دلوقتي
غمغم قائلا نحوها بصدق
- انتى عارفة يا وجد انك الوحيدة اللى
ماسكة سلطة قلبى وروحى من اول مرة شوفتك بتهربى برا القصر
وتلك الجملة تحديدًا كانت وجد بحاجة ماسة لسماعها، رفعت جميع حصونها أمامه ليبدأ فى غزو عقلها ببطء لإقناعها للعودة إلى منزلهما بعد حفل الزفاف.

لكن توحة توقفت به بالمرصاد ليسمع صوتها من خلف الباب تصيح بتهكم
- والله يا واد اكلت عقلها بكلمتين
يستطيع الآن ان يبكى على مخططاته التي تحطمت على صخرة واقعه، ليغمغم من بين أنفاسه
- مش وقتك خالص
تقدمت توحة داخل غرفته قائلة بصوت حاد
- بتبرطم بتقول ايه يا ابن بنت بطنى
ألقى نظرة حانقة تجاه زوجته التي يسمع ضحكتها ليغمغم ببؤس
- مش ببرطم حاجة
تأملته توحة فترة وجيزة قبل أن تغمغم ببرود.

- اه يا خويا بحسب، يلا يا حبيبي كدا ورينا عرض كتافك وانزل مع صحابك شوفلك اي حلاق، دي مكنتش جوازة
رأى التماع عيني زوجته المتسلية، وتضحك ايضًا بتلك الابتسامة البلهاء التي يريد إشباعها تقبيلاً ليقول بحذر
- و اسيب ابنى ومراتي ازاي بس يا توحة.

رمقت تحية الزوجان ببعض الشك، لقد تركتها لعدة دقائق وكان لا أثر لحفيدها، هل أصبح يتسلل للدخول الى شقتها فى عدم وجودها، منزلها طاهر لن يدنسه ذلك الأحمق حتى بعد زواجه، له منزله يتصرف به كيفما يشاء، وليس فى منزلها
منزلها له قوانين أدب واحترام
اما العبث والقبلات المسروقة من خلف ظهرها لن تسمح به مطلقًا!
رفعت حاجبها ساخرة لتقول بحدة.

- ايوا خش عليا بقى بالبوقين دول، انجر يا واااد خلينا نخلص فى يومنا اللى مش فايت
تحرك عاصى مرغمًا للخروج من المنزل، يفكر جديًا بعدم المبيت اليوم، كيف يقنع جدته أنها امرأته حلاله
بالله المرأة حامل، كيف تطلب منه إبعاد يديه عنها كما لو أنهما في فترة خطبة!
التفتت تلك المرة تحية تخفى ابتسامتها المتسلية تجاه حنق حفيدها، فرغم علمها انها تقسو عليه قليلاً لكن جيد.

ليكثر شوقه تجاه زوجته الحمقاء، اقتربت منها موبخة إياها بحدة
- وانتى يا بت، مش اى كلمتين حلوين يوقعك بيهم، انشفى كدا، ده انتى هتشوفي الويل
ابتسمت وجد وهى تقترب منها قائلة بمشاكسة لطيفة
- عايزة تقولي الحاج مكنش بيقول كلمتين حلوين
لمعت عينا تحية بالحنين نحو زوجها الراحل لتهمس بنبرة خجلة لا تخلو من النصيحة.

- يووه ده كان بيقول كلام يدوب الجبال، بس توحة ناصحة، بتعرف امتى ترخي وتشد معاه، وانتى شاطرة وعاقلة هتعرفي امتي تشدي وترخي معاه
عضت وجد باطن خدها لتجيبها بصراحة اعتادت عليها معها فى أحاديثهم
-اعمل ايه يا توحة بس، غصب عنى والهرمونات بتلعب فى اعصابي
دفعتها للجلوس على الاريكة لتقول تحية بحزم
-يابت متبقيش خايبة، وكويس انى جمبك، وقت ما تحتاجيني شاوريلي بس وهتلاقيني واقفة على رأسه.

قهقهت وجد متذكرة عبوس وغضب حبيبها منذ قليل مضطرًا للمغادرة من منزله، انتبهت على سؤال تحية
- تحبى اعملك ايه تاكليه على السريع قبل ما ننزل للإعصار اللى تحت
اغمضت وجد جفنيها بيأس قائلة بنفى
- يا توحة حرام بجد، انا لسة واكلة الغدا
مررت تحية عينيها بعدم رضا تجاه نحافة زوجة حفيدها، بالكاد ترى أى اكتساب وزن طبيعى يحدث مع الحمل، لولا فقط المقرمشات السريعة لما رأت أى تحسن نسبى ملحوظ، اجابتها سريعًا.

- يختي اسكتي، هو اكل العصافير بتاعك ده يبقي اكل، انتى مبقتيش لوحدك، فيه قرد قاعد جوا بيشفط منك كل الغذا من جسمك، استني هعملك سندوتشات على السريع كدا عقبال عشا الفرح
ولم تنتظر اعتراض وجد، لتنطلق بخفة كفتاة عشرينية تجاه المطبخ تعلم أن الفتاة لن تكسر بخاطرها تجاه شئ صنعته خصيصًا بيدها، أما وجد فأغضمت جفنيها بيأس بين ألقاب طفلها القادم ما بين قرد ودرفيل لتربت على صغيرها قائلة بعبوس.

- مفيش فايدة، هتخلونى درفيل فى الاخر.

وإن كان لنا قدرًا للقاء
فاحفظ ميعاد يوم اتحدت جميع الكواكب لتشهد قصتنا
لكن آسفًا على الرحيل
ظننت أنى سأنهار والعالم سيكون من حولى ممزق
أفق، فما من شئ قادر على انحناء رأسى مرة أخرى كما فعلت بخيانتك لي!
داخل مؤسسة المالكى،
لفت آسيا خصلة حول شعرها تستمع الى جميع إرشادات غالب نحو العمل
فالرجل قرر التقاعد تاركًا حمل المسؤولية كاملة على عاتقها وطليقها الذى لم تسمع عنه أي خبر منذ طلاقهما.

لو تعلم فقط أين أختفى؟
أوجد امرأة أخرى استأنس صحبتها؟!
اللعنة عليه لو صدق ظنها، تقسم انها ستترك العمل يهبط من رأسه كوابل من حجر وتجلس هى فى أقرب منتجع صحى تستعيد به نضارة بشرتها وليونة جسدها!
تبًا له، بدأت تشعر من كثرة العمل أنها أشبه بآلة متناسية رعاية انوثتها التي تأن بوجع، تحتاج الذهاب لأقرب صالون تجميل فهى على وشك الزواج من زاهر.

ارخى غالب رابطة عنقه ونظر الى حفيدته الشاردة، عينيها فقدا بريق الحياة بعد طلاقها، هذا عداك على كونها شبه مدمنة للعمل
كيف تسمح لشخص ببساطة اعطاءه فرصة
هو لا يشكك فى خلق زاهر، لكنه يخشى منها هى، ومدى تقلبات مزاجها الحاد!
سألها بدون مواربة وقد اكتفى من ادعائها اللامبالاة
-برضو مصممة اللى فى دماغك
تركت اسيا خصلة شعرها، لتعطى كامل انتباهها لغالب قائلة.

- هو انا مش من حقى يكون ليا عيلة يا غالب، انا مش عايزة ابقى كبيرة فى السن عقبال ما احمل، عايزة اخد وقت شبابي وانا بربي عيالي
هز غالب رأسه يائسًا من ذكر أمر الأطفال، حتى انه تمنى من حفيده الأحمق اعطاء فرصة لإنجابها، بدلا من سعيها الحثيث لدرجة انها تتزوج رجلاً فقط لأجل الإنجاب!
- اسيا انتى عارفة اني مش بحكي على جانب العيال
شبكت اصابعها قائلة بهجوم.

- حفيدك بغباوته ضيع عليا اجمل فرحة انى اكون ام، شايف كبيرة اووي عليا إنى اكون ام
سب حفيده وهو يستشعر المرارة فى صوتها ليغمغم بثبات
- اسيا انا مستعد اعمل اي حاجة عشان تبقى سعيدة، بس انتي يا بنتي مش سعيدة، انتى تدوري ورا حلم، حلم خايف يتحول لكابوس
عقدت اسيا حاجبيها ريبة لتسأله
- خايف من زاهر؟
هز رأسه نافيًا، فسمعة الرجل وحدها كفيلة بأن يزوجه لإحدى حفيدتاه، لكن اسيا ليست مستعدة.

فرجل كزاهر بالنهاية لن يكتفى فقط بكونه آلة للإنجاب، ليس بعد كل تلك الأعوام من الزهد سيتزوج فقط من أجل تلبية رغبات حفيدته
هو بحاجة لأنثى يستشعر رجولته، بحاجة لمشاعر انثى تستطيع تروى أرضه القاحلة!
لكن آسيا ليست المرأة المنشودة له!
فقط لو تستمع إليه، هز رأسه ساخرًا قائلاً
- والله انا اخاف عليه منك
قلبت عينيها بملل حقيقى، فرغم انهم يرغبون بوضعها فى خانة المرأة السيئة.

لتعطيهم سبب مقنع لهذا الأمر، انتبهت على صوت غالب المهتم
- متستعجليش، خدي وقتك، الجواز مش لعبة، ومتفتكريش ان لؤي كان هيرضخ للطلاق بالسهولة دي الا بعد ضغط منى، مكنش فيه حاجة هتمنعه منك إلا
زفرت بحنق قائلة بإقرار أدهشه
- عارفة
رفعت حاجبها بتسلية أثر نظرته المندهشة لتسترسل قائلة
- متستغربش انى اعترفت بسرعة كدا.

نقر غالب انامله على طاولة مكتبه وهو يحاول التعمق داخل روحها الشريدة، لم تصل حفيدته إلى بر الآمان بعد..
يشعر بها تتقبل وجوده فى حياتها كمرشد وناصح، لا كسلطة عليا عليها
وهو متقبلاً لهذا الأمر، فبالنهاية نشأت فى مجتمع بعيدًا عنه مسؤولة عن شقيقتها الصغرى ووالدتهما، وكل ما سببه لها منذ الصغر يستحق المعاقبة عليه.
غمغم بصراحة.

- منكرش اني قولت وقت الطلاق فرصة ليكم عشان تفكروا بدون مشاعر وبدون اي افكار سلبية، بس يا اسيا انتي بعدتي عن الطريق، منكرش ان زاهر راجل محترم بس صدقيني مش هتقدري تديله اللى هو عايزه
قلبت اسيا عينيها بملل حقيقى، لتنظر نحو ساعة المزينة معصم يدها لتدرى أنها تأخرت على الصغيرة تسبيح، لقد وعدتها بتصفيف شعرها قبل المسرحية المقررين عرضها اليوم، انتبهت على صوت غالب.

- حاسس بيكي لسه متعلقة ب لؤى، حتى لو اتجوزتي مشاعرك مستقرتش لسه متذبذبة، غصب عنك هتقارني ما بينهم وده شئ بيقتل أى راجل
عضت باطن خدها تمنع أى تعليق قبيح أو ساخر وهى ترى فى عينيه اهتمامًا لمشاعرها، وهذا ما شجعه مسترسلاً
- ست زيك هتبقى مكسب لأي راجل، معروف ان عقلك واعى وفى الخطط مقولكيش ابليس يصقفلك، بس الحب مخليكي بتاخدي قرارات غبية.

إلى هنا وكفى! استقامت من مقعدها صائحة اسمه بتحذير، ليس معنى انها تعمل بجواره، ويصطحبها الى كافة الحفلات والاجتماعات أن علاقتهم توطدت، ما زالت تضع بينهما حواجز متينة لن تتغير بمرور الوقت، أولهما أنها ليست بحاجة لوصى، فليحفظ هذا الدور ل وجد!
- غالب
نهرها غالب بحزم ولم يكترث ابدًا لعينيها العاصفتين برياح لا تبقى شيئًا ولا تذر!
- بت اتعدلى بلسانك وانتي بتكلمي جدك.

كظمت غيظها وهي تتوعده بعينيها، لترق عيناه وهو يبتسم بهدوء قائلاً
- لؤي لسه ميعرفش ان فيه حد اتقدملك
وهل يظن جدها أمرًا كهذا لن يعلمه لؤى؟!
سحبت حقيبتها وابتسمت بجفاء قائلة ببرود
- لما يكلمك ابقى قوله إن خطوبة طليقته خلال ايام
استدارت راحلة لينظر غالب نحو اثر غيابها متمتمًا بحنق
- غبية و دماغك ناشفة زى ابوكى الله يرحمه.

وعند ذكرى ابنه، ترقرقت عيناه من الدمع حزنًا، ليستغفر ربه داعيًا أن يلهمه الصبر والقوة كى يستطيع لجم جماح حفيدته، واعادة رشد حفيده نحو الصواب.
تحركت آسيا بعجالة شديدة وهى تلعن غباءها على قضائها بعض الوقت في مكتب غالب، تعلم أنه حينما يطلبها لأمر لن يستغرق العشر دقائق تمر ساعة كاملة فى مكتبه دون أن تشعر دفعت باب الخروج ليقابلها زاهر أمامها مبتسمًا بتألق زادت من وسامته الرجولية.

لن تكذب أن الرجل عند العمر الأربعون تبدأ معالمه تزداد جاذبية، مضيفة رونق آخر تجعل الفتيات يسقطن فى سحر الخصلات الفضية، اقترب منها بتؤدة قائلا بترحاب
- صباح الخير يا آسيا
رفعت حاجبًا ساخرًا لتنظر الى ساعة معصمها قبل أن تجيبه بسخرية
- احنا عدينا الضهر، بس صباح الخير يا سيدى
ضم زاهر يديه فى جيب بنطاله لتبرز عضلات صدره وقوة بنيان جسده.

التقط نظرات عينيها المعجبة، ليبتسم بجاذبية مفضلاً عدم التعليق على نظراتها المسترقة لجسده قائلاً
- اتمني متكونيش نسيتي ميعادنا
عقدت حاجبيها لبرهة من الزمن قبل أن تغمض جفنيها بيأس
تبًا، تبًا، تبًا
اليوم ميعادها اليومى للإصغاء والأحاديث للتعارف فيما بينهما قبل أى خطوة جدية على وشك اتخاذها، عبست ملامحها اسفًا لتهمس باعتذار صادق.

- انا اسفه بجد يا زاهر، بس حقيقي انا وعدت تسبيح انى اجيلها واعملها مكياج مسرحيتها
تغضن وجه زاهر ليسألها بعدم فهم فلم يسبق انه استمع الى اسم تسبيح قبلاً
- تسبيح مين؟
ابتسامة عريضة زينت شفتيها واقتربت منه قائلة بمشاكسة
- دي قصة طويلة، ما تيجي معايا المشوار ده.

وهو لم يكن يظن أنها ستبادر بإعطاء جزء من وقتها الخاص لمشاركتها اياه معه! وافق دون تردد ودفعها ليصطبحها داخل سيارته وقد املته عنوان المكان بالتحديد.
توقفت السيارة أمام بوابة المؤسسة الخيرية التي واظبت على حضورها اسبوعيًا والفضل يعود لوجد التى اصطحبتها لهذا المكان، فمع زواج وحمل وجد أصبحت زياراتها متقطعة لكن لا تغيب كثيرًا كون الأطفال يسألونها عنها دائما فى زياراتها..

ترجلت من السيارة وحيت بابتسامة ناعمة تجاه العامل ليتبعها زاهر بذهول ناظرًا تجاه تلك المرأة العجيبة
لم يتصور ابدًا أن تكون آسيا بهذا الوجه مطلقًا
كلما تمر نحو مجموعة أطفال بإزياء شخصيات كرتونية تميل آسيا بطبع قبلات دافئة على خديهم وحلوى فاخرة محتفظة به فى حقيبتها، و المقابل عناق دافئ من الصغار وقبلات متبادلة تجعلها تنفجر ضاحكة بسعادة.
رقت عيناه وهو يراها تدفعه للتحرك ليتحرك بجوارها هامسًا بصوت أجش.

- مكنتش متوقع حقيقي انك بتيجي هنا
لمعت عيناها الزرقاوين بصفاء وهى تغمز له بمشاكسة
- خلى بالك انا مليانة مفاجآت
لم يملك سوى الابتسام على شقاوتها، ف آسيا تعطيه وجه آخر غير الذى يعلمه، فلم تكن حذرة في الحديث
أو سمك قرش فى الاجتماعات
بل كانت ببساطة أنثى
انتبه على اندفاع قطر صغير بخصلات شعر سوداء يحتضن خصر آسيا بتوق
- ميس اسيا اخيرا جيتي، تعالي بسرعة المسرحية قربت تبدأ وانا مستنياكي.

هبطت آسيا نحو مستوى الصغيرة تسبيح لتطبع قبلة على وجنتها قائلة
- اسفه يا روحي، يدوب خلصت شغلي وجيتلك علطول
لمعت عينا الصغيرة بتوق شديد، لتمسك بكفها بقوة قابلتها تشبث يد اسيا، رفعت انظار الصغيرة تجاه رجل لتعبس ملامحها قائلة بهمس تجاه آسيا
- مين ده
ابتسمت آسيا بتألق وهى تعرفه ببساطة
- ده عمو زاهر، يبقى صاحبي.

ابتسم زاهر ببشاشة ولم تراه يشعر بالذعر أو التردد تجاه بشرة وجهها، لقد أصبحت تتقبل طبيعتها بعد مشوار طويل من البكاء والحذر غمغمت تسبيح وهى تجر جسد اسيا للوصول الى كواليس المسرح
- هو مش مخيف زي جوزك، بس انا بحب عمو لؤي اكتر بيجبلي العاب كتير، حتي هو جابلي مجلد قصص الاميرات كلهم
عبست اسيا ملامحها وتوقفت برهة عن السير لتسألها بتردد
- هو بيجي هنا.

اومأت تسبيح موافقة ودفعت جسدها للوصول الى الكواليس قائلة بابتسامة عريضة
- وبيحكيلي كمان قصة الاميرة والوحش عشان بتفكرني دايما بيكي وبيه، عارفة دايما بيقولي انك ساحرة بس مش شريرة، ساحرة من النوع اللي بيخطف قلوب وانك خطفتي قلبه.

لم يفته زاهر تلك النظرة فى عيني اسيا، تصلب جسده ما ان استشعر انحناء رأسها ودمعة حارة سقطت من عينها، لم يكن ليلاحظها سوى أصحاب النظر الثاقب والصغيرة حتمًا لاحظتها لتمسك بكفى آسيا قائلة بحزن
- انتي بتعيطي ليه يا ميس اسيا، انا مقصدش بجد، هو قالي اني مخلكيش تعيطي زي زمان، بيقولي انه دموعك غالية علي أى حد حتى هو.

لم تكن لتتصور أن تشعر بتلك الرعدات الجسدية كما لو انها مست سلك كهربائى، فغرت شفتيها لتأخذ شهيقًا وزفيرًا محاولة ايقاف ارتجاف يديها، فكلما حاولت صنع جديلة خاصة لمسرحية الصغيرة تفشل فشلاً ذريعا شبكت كفيها معًا محاولة وقف ارتجافهما بحدة، تبًا له
لقد أصبحت تعيش حياتها دون سمع ذكرى أسمه
لتأتى صغيرة تحطم كافة ثباتها بجمل بريئة تخفى سببًا أعظم.

شعرت بيدين خشنتين توضع على كفيها، رفعت عيناها تجاه نظرات زاهر المبهمة لتراه يدفع جسدها للجلوس على المقعد المقابل للصغيرة، هزت رأسها نافية لتنظر الى الصغيرة، ابتسم متفهمًا ليقول بنبرة دافئة
- متقلقيش هعرف اعملها
جادلته بيأس وهي تراه ينظر نحو صورة الضفيرة المعلقة على السطح العاكس
- بس دي يا زاهر مش ضفيرة عادية
اجابها بابتسامة رجولية ويديه وضعت على رأس الصغيرة ل يقول بمرح.

- عندي بنات اختي مجننيني زي القمر
انتبهت الصغيرة على يدى الرجل ليسألها بلطف
-تسمحلي اميرة تسبيح اعملك تسريحة شعرك عشان ميس آسيا تعبانة شوية
هزت الفتاة رأسها موافقة، سرعان ما حطت عينها نحو اسيا لترقرق عيناها بالدموع قائلة بصوت متحشرج
- انا اسفه مكنتش اقصد، هو قالي محكيش عن اللي بينا، بس حسيت انك لازم تعرفي.

عينا آسيا كانت مدققة للنظر تجاه يدىّ زاهر البارعتين فى تصفيف شعر الصغيرة دون أن يؤلمها، ابتسمت بحنان مضاعف تجاه الرجل لتشعر بنظرته التي امسكتها بالجرم المشهود، اتسعت ابتسامتها وهى تسمعه يجيبها بنبرة دافئة
- ميس اسيا مش زعلانة، بس واضح انها محتاجة تقعد مع نفسها شوية.

كانت الصغيرة مطيعة تحت يدى الرجل، مما جعل اسيا لفترة تنظر نحوهما دون ملل، وما ان انهى تجديل شعرها حتى قدمت روفيدا مديرة المؤسسة والمشرفة على العرض المسرحى قائلة بتعجل
- يلا يا تسبيح دورك فى العرض قرب
ألقت ابتسامة عابرة لآسيا ولضيفها، ثم مدت يدها لتضع الصغيرة يدها نحو الآخرى مودعة إياهما متسائلة إن كانا سيحضران العرض، اومأت اسيا رأسها لتستقيم من مجلسها متجهة نحو صالة العرض وبجوارها زاهر.

كان الطريق بينهما يسوده الصمت
صمت كئيب جعلها أول من تكسره قائلة
- انا
ارتعد جسدها فوريًا لقربه وهو يمسك يديها ببعض الحزم، جعلها ترفع عينيها ناظرة الى الغضب الذى يموج فى حدقتيه، قال بلهجة خشنة
- لما قالولي اني مجنون عشان اخد واحدة مطلقة، قولتلهم مش مجنون ولا حاجة، الفكرة ان الطلاق بيحصل لما اتنين مش بيقدروا يتفقوا فكريا
تعلم بأنها أغضبته، والفكرة بحد ذاتها تثير الضحك والسخرية.

لقد سألها مرارًا إن كانت تخطت طليقها، لكن يبدو انها بحاجة لتدريب تعابير جسدها ووجهها، غمغمت باعتراض محاولة الفكاك من حصاره لمن يديه الحازمتين منعتها كليًا
- زاهر الفكرة مش كده، ببساطة انا
قاطعها تلك المرة وهو يضغط بخفة على كفيها، ليس بحاجة إلى حجج واهية وفارغة ليقاطعها قائلا بصراحة
- حنيتي ليه مش كدا! انا فاهم ومستوعب ده، بس هقدر اتحمله
عينيها حدقت به لا تعلم أتأمن جانبه، أم تثق به، فما الضير؟!

لقد خسرت الكثير ضغطة خفيفة جعلتها تنتبه إليه ليهمس بصوت هادئ بالكاد تسمعه هى بمفردها
- آسيا عايزك تفهمي اني راجل اناني جدًا للست اللي هتبقي منى وهتشيل اسمي، عارفة يعني ايه اناني، مش هقولك اني وقعت في حبك ومش هستحمل راجل غيري يلمسك لأنه للأسف ده حصل، وصدقيني ده عمره ما ينتقص من حقك.

ابتسامة ساخرة زينت ثغرها، هذا طبع الرجال الشرقيين وكم تعشق هذا التملك والأنانية منهما، لم يدخر وقتًا ليعلن ملكيته للأنثى التى يرغبها
- الست بتاعتي عايزها حواسها يا اسيا ليا، حواسها كلها مركزة معايا مش مجرد جسمها وقلبها
هزت رأسها مغمغمة بصدق
- انا مش هعرف اعمل ده، انا اسفه
تنهد زاهر وهو يراها تنسل يديها من بين كفيه، ليهمس بشبه إقرار دون الحاجة للسؤال
- لسه بتحبيه.

هزت اسيا رأسها ما بين الرفض والإيجاب، لن تنكر انه لمس شغاف قلبها، وجعلها شبه انثى هائمة فى مداره، لكن بقدر الحب، قابله كراهية لا تستطيع غفرانه، غمغمت بتعب
- كسرني يا زاهر، كان عارف ايه اكتر حاجة وجعاني وللأسف وجعني بيها عشان كدا مش هقدر اسامحه
سألها بدون مواربة
- يعني مش هتديله فرصة تانية؟
أغمضت جفنيها وهى تعلم ان بعد اجابتها لا عودة للخلف
جزء داخلى منها يحتاج لمعرفة هذا ال زاهر، همست بابتسامة لطيفة.

- مش هديله
ارتسمت ابتسامة عريضة على شفتيه لتلمع عيناه قائلاً
- اعتقد اننا متفقين
هزت رأسها موافقة، وشعور داخلي لا تعلم كهنة، يخبرها انها ستظلم نفسها وتظلم رجلاً مثله، ربما لو آتى فى عمر آخر وتخلصت من سمومها لأستطاعت أن تعطيه ما يرغبه بصدر رحب
انتبهت على يده التي مدها نحوها قائلاً بطريقة مسرحية
- تحب نتفرج العرض
لمعت عيناها بحماس وانحنت بمسرحية قبل أن تلتقط يده قائلة
- احب جدًا.

توجهها نحو المسرح لتسأله آسيا بفضول
- قولتلي بنات اختك عندهم كام سنة
ضحك زاهر متذكرًا شغب صغيرتيه ليقول بمداعبة لطيفة
- مش عايز ملامحهم البريئة دي تغرك، دول شياطين
اختفا الاثنين عن زوج من العيون تلمعان بالغضب، ألسنة اللهب تآكلت حدقتيه حتى استحالتا رمادًا قبل أن يشد رداء عزيمته
إن قررت الساحرة اللعب ببذائة، فلا يوجد من هو أبرع منه!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة