قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وثمانية عشر

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وثمانية عشر

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وثمانية عشر

نفس الجدران البيضاء المقيتة
رائحة الغرفة معطرة ببخور العود، يبدو أن الطبيب استبدل معطر الجو ببخور!
رغما عنها شعرت بالاسترخاء وهي تريح برأسها على مقعدها، عينيها تسبحان فى فلك السقف، ابتسامة شاردة تمر على ثغرها وهي تفكر
وهل لغيرها شئ سوي التفكير؟!

بدأت تحضر دورات لتنمية المهارات الشخصية وتطوير الذات، حتما بدأت كمغفلة فى هذا العالم الكبير لقد شعرت بكيف كانت ضئيلة وهي لم تحقق شيئا فى سنين عمرها للحياة!

هي لم تخلق عبثًا، تردد تلك الجملة كثيرًا، جملة كمفتاح الطاقة، يحفزها على استمرار حياتها او حينما تشعر بالفشل من حرق وصفة جديدة او فشلها، ثم بدأت تطوير ذاتها فى مهارات الكومبيوتر، وبدأت تساهم فى العمل كأمينة مكتبة، رغم أنها لم تكترث للمال، لكن هو المكان الوحيد الذى تستطيع التعامل مع اصحاب العقول الراقية، تنجذب لبعض الأحاديث لكبار السن المثقفين تستمد منهم معلومات ذاتية وخبرة تعلموها طوال عمرهم ابتسامتها اتسعت وهي لا تصدق انها وجدت صحبة مثمرة بين مجموعة رجال تقاعدوا من الجيش احدهم يجبر صديقيه على الذهاب الى المكتبة معه، أفاقت من شرودها لتسمع صوت الطبيب البارد.

-حاسة نفسك ايه دلوقتي
لو اخبرها احد لماذا تذهب اليه رغم انها تشعر ليست فى حاجته. ربما ونس؟!
ربما شخص غريب تخرج له ما جبعتها، بل شخص عملي يتعامل معك بالمال قبل الدخول لمقابلته وليس شخص صديق او عزيز عليك لتستطيع مكالمته!
شخص يجب أن تتخذي معه موعد محدد بعد انتهاء جلستك، بل ربما ان حاولت اتصاله فى منتصف الليل، اما سيخبرك انه فى وقت راحته أو سيكون هاتفه مغلق..

لتكون صريحة، الطبيب الذي أمامها ليس سئ، وهي ليست فار تجارب لتذهب لمئة طبيب
اجابته بهدوء شديد
-كأني حققت انجاز كبير
هز الطبيب رأسه وهو ينظر اليها، وجهها المنشرح والسعادة التي تحاول التحكم بها جعله يقول
-عقبال شهادة تخرجك يا فرح
اعتدلت فى جلستها وهي تنظر الي عينيه الباردتين، تحاول تفحص أي تغير به
لما هو بارد هكذا؟ ألا يجب على الطبيب الحقيقي ان يكون متفاعلا مع الذي أمامه؟! اجابته بغطرسة.

-امتياز مع مرتبة الشرف
ابتسامة باردة زينت ثغرة، لم تكن ابتسامة، بل شئ مميت جعد ملامح وجهه جعله أكثر نفورا من وجهة نظرها
هي لا تقيس مدى وسامته من خلال ملامح وجهه، هذا الشئ العقيم لدى النساء المهوسات لرجل وسيم دعسته بقدميها، حينما تقابل شخص وتتآلف معه ربما تراه افضل شخص فى حياتك، ضحكت فجأة بدهشة من افكارها المنحلة
اي رجل يا حمقاء مرة اخرى.

الا يكفي من قتلك ابتسمت بسخرية وهي تقابل نظرات الطبيب بسخرية الذي قال بهدوء
-الغرور مش كويس للإنسان
فأجابته بحدة وهي تستقيم من مجلسها لتدور حول الغرفة بتقيم غير منصف، لو فقط توقف عن كونه تقليدي، اختار الوان هادئة بعكس الأبيض الخانق
الاحمق لما يحاول تطهير بقعة مدنسة بالسوداوية
-سميه براحتك، علي كدا انت طول الوقت كدا
جملتها الاخيرة بها استنكار جعله يرفع حاجبه ليسألها بهدوء
-طول الوقت أي؟

عادت للجلوس على المقعد وهي تضع كلتا يديها على فخذيها، تتفرس ملامح الهادئة التقاسيم، دون وجود حدة في عينيه، او تقاسيم خارقة أو ساحقة، لتقول بحدة
-ابتسامتك باردة، عينيك مفيهاش اي اهتمام للي قدامك، كأنك بنيت حيطة بتعزل مشاعرك عن اللي قدامك
تلك المرة ابتسم ابتسامة حقيقة، جعلت فرح تنظر اليه بامتعاض وبغض شديدين، تبغط اي شخص خالي البال، بل كل شخص قادر على رسم اقنعته بعيدا عن الأشخاص.

لكنها لا ترغب بقناع، ترغب ان تكون خالية البال!
استمعت الي رده الهادئ الخالي من برودة صوته
- بتحاولي تبقي دكتورة يا فرح
هزت فرح رأسها بيأس وهي قائلة
-يعني انا بستغرب دلوقتي، ليه الدكاترة النفسيين بيروحوا لدكاترة نفسي وفي نفس الوقت بيعالجو المرضى، يعني ده مش هيأثر علي علاجهم للمرضى اللي تحت ايديهم
اومأ برأسه صامتا لبعض الوقت، ليقول بنبرة عملية.

-احنا بشر يا فرح بنغلط، وبنتعب فى اوقات، محتاجين حد يسمعها ونفضفضله اللي جوانا
عقدت حاجبيها بريبة شديدة وهي ترى ابتسامته الباردة تعود للسطح، سألته
-طب ازاي؟، بتعاجلوا مرضي و انتوا نفسكم مرضي
تلك المرة اتسعت ابتسامته ليقول بهمس
-كلنا مرضي نفسيين، مسمعتيش عن الموضوع ده قبل كدا!
اتسعت عيناها بجحوظ لتقول بنبرة غاضبة تسخف افكاره
-بتهزر بقي! يعني ايه فلوسي راحت هدر كده.

وضع كلتا يديه على جانبي جسده وقال بنبرة يعلم انها تستشيط غضبا منها
-ايه تحويشة عمرك ضاعت!، متقلقيش انا موافق تجيلي ببلاش صدقة كدا
رفعت كلتا حاجبيها بغضب مستعر لتقول
- هو احنا هنهزر
أجابها بنبرة فاترة المشاعر
-ما قولتي اني بارد، عموما لو شايفاني مجنون تقدري تشوفي حد غيري
استقامت من مجلسها بحدة وهي تصدح فى وجهه حانقة
-عمري ما شوفت واحد مجنون زيك
هز رأسه بلا مبالاة، قبل أن يضع يده على ذقنه ليجيبها بهدوء.

-قولتلك كلنا مجانين، بس نسبة الجنون مختلفة من الشخص والتاني
قلقت فرح على ذاتها أكثر، المفترض انها فى يد امينة صحيح؟!لكن اللعنة هذا الرجل يزيد من هلعها وفضولها في آن واحد
نظرت اليه شزرا محاولة أن تبين تفاصيل جده من هزله؟ لكنه كالحائط يصد اي محاولة اختراق منها، لتقول له بحنق
-علفكرا انت بتخوفني منك ومن نفسي
هز رأسه ببساطة وهو يستقيم من مجلسه ليصب له قدح من ماكينة القهوة ليقول.

-كون انك خايفة، يعني انتي لسه عايشة، مشاعرك لسه متحكمة فيكي
كلام فلسفي لا تستلطفه منه نهائيا، لكنها تحب سماعه من العواجيز، تصدقهم لأنهم لم يدرسوا تلك الكلمات المنمقة التي يحشرونها حشرا في عقول المرضى، بل شخص عاني وقاسي مر الحياة واستخلص حكمته بكلمات بسيطة معبرة، تدخل للصميم
والاهم انه صاحب قلب حر
ضيقت عينيها وهي تراه يجلس مرة اخرى على مقعده دون أن يهتم حتى بدعوتها للجلوس، الوقح يرغب بطردها؟!

فى احلامه
سألته بحنق ولو كانت النظرات لتقتل لحرقته من مجلسه
-وده وحش؟
نفى برأسه وهو يخبرها بنبرة هادئة
-لأ، المشاعر اللي جوا الانسان بتخلق مننا دفا، دفا طبيعي، واللي معندهوش يبقى شخص ميت يا فرح
اهتز كامل جسدها لتتعثر بوقفتها تحاول الاقتراب لمقعدها الخاص، دار الصمت بينهما وهو يراقبها بكثب شديد وتحليل اكبر، جالسة بشرود عينيها محدقة نحو الفراغ، وجدها ترفع راسها بتعب حقيقي لتهمس
-عقدت حياتي اكتر.

اكتفي بهزة رأس خافتة، بل لا معنى لها لتزفر بيأس على مجيئها الأحمق له
لكن هو يحفزها بطريقته الباردة، الاحمق يحفزها بقوة على إثبات له عكس نظرياته
انه مجرد أحمق جاهل، حفظ فقط ولم يفهم، أو ربما لا أحد يفهم بالنهاية!
الكل يتخبط دون معرفة الحقيقة المطلقة!، همست بتساؤل
-لو نفسي اعمل حاجة مجنونة هتشجعني؟
عبس بريبة وهو يحاول التغلغل لمعرفة إلى أي جنون ترغب بالوصول إليه، لكن هذا لم يمنعه من أن يقول بنبرة متسلية.

-لو قررتي تنتحري، مش هشيل ذنبك
اتسعت عيناها واجفلها من رده، لم تتوقع انه يمزح بسوداوية هكذا!، اشمئزت ملامحها وهي تستقيم بحدة لتهدر فى وجهه بحدة
- هتخليني ارتكب جناية وانت السبب.

هز الطبيب رأسه بيأس تام، مازالت تتباعد عن مواضيعها الشائكة، تخشى منه؟! ربما لو عرض حالتها على طبيبة ربما يكون افضل؟! فكر ببعض الملل، لكن ما زال يسعى لسبر اغوارها، اسوء نقاطها السوداوية فى حياتها، مرحلة العلاج التي ترفض أن تطلعه على تفاصيلها، متى تشعر بانجرافها للماضي، و متى تبقى معزولة عن العالم.

لا تساعده لتساعد نفسها، بل تتعامل مع الامر بطبيعية وكأن زيارتها لطبيب نفسي هو علاج دون الاهتمام ان كانت تطبق نصائحه ام لا
بل تراه مجنونا اخرقا، بارد المشاعر كما تظن، ابتسم ببرود وقال بنبرة عملية
-عموما طالما مش هيأذيكي ولا هيأذي اللي حواليكي اعمليه
لم تخفي دهشة فرح وهي تراه غير مكترث للامر الجنوني الذي ترغب في إشراكه بها، اللعنة عليها، بل مجيئها المستمر له، هي تبغضه بقوة، تحاول معرفة متى يكتفي منها.

بل متى يمل منها، ويخبرها بابتسامته الباردة التي ترغب حقا ان تكسر صف اسنانه الامامية لكي يحرم من ابتسامته البغيضة تلك لتقول بنبرة فضولية
-انت مسألتش ايه هو
رفع يديه قائلا بنبرة ذات مغزى
-خلي بالك من نفسك يا فرح.

علمت ان جلستها انتهت، التقطت حقيبتها وهي تغادر دون ان توجه كلمة او النظر الي وجهه، بل كل ما فعلته انها اغلقت الباب خلفها بحدة لتغادر المركز دون إلقاء أي سلام عابر حتى لموظفة الاستقبال، ضمت كلتا يديها في جيب سترتها الجينز الرياضة لتضع نظارتها السوداء القاتمة ناهبة الأرض بحرقة، عينيها تنظر نحو وجوه السائرين لتتوقف بغته وهي تشعر بأحدهم يلاحقها، نصف التفاتة اتجاه اليمين لترى سيارة سوداء مميزة بين سيارات الاخري ويكفي رقمها المميز لتعرف صاحبها، زفرت بيأس وهي تغمغم.

- مفيش فايدة منك
عدلت سيرها لتتوجه نحو السيارة السوداء لتطرق على النافذة الامامية وما ان انفتح النافذة، ابتسمت بسخرية وهي تري السائق الذي كان مسؤولا يوما عنها لتقول له بجفاء
- لو شوفتك تاني بتمشي ورايا، هتبات فى التخشيبة بتهم اقسم بالله تبيتك فى السجن وابقي وريني مديرك هينفعك ولا لأ
-بنفذ تعاليم الباشا، عشان احافظ على سلامة سيادتك.

قالها السائق بنبرة جادة، ويبدو أن تهديدها لم يخيفه، هل الأحمق يظنها طفلة رضيعة لا تستطيع الاهتمام بشؤونها الخاصة، جزت على أسنانها بحدة قائلة بنبرة متسلطة
- فيديو صغير عايزاك تتخيل محتواه هبعته لمراتك وصدقني فى ظرف 24 ساعة ترفع عليك قضية خلع، ابقي وريني هينفعك مديرك بأيه.

لم تنتظر فرح رده بل دارت على عقبيها لتكمل طريقها وابتسامة نشوة تتسلل شفتيها، ربما ستحتاج لجيجي فى الأيام القادمة لمهمات سريعة، لم تنتبه من غمرة نشوتها زمور سيارة يطرق اذنيها كأجراس مزعجة جعلها ترفع عيناها لتهم بإلقاء سبة وقحة لكن ما ان تداركت انها فى منتصف الطريق، تلونت شفتيها بالحرج لتتحرك مبتعدة وهي تلعن الآخر الذي لا يرغب بخروجه من حياتها مطلقا.

الغبي ان لم يتوقف عن وجوده فى حياتها، سيجعلها تقوم بأفعال حقا ستندم عليها لاحقًا.

الضغوط أصبحت تتراكم عليها بشكل لا يصدق
وكله بسبب عمتها
تنهدت بضجر وهي تضرب علي المقود بيأس، تشعر انها علي وشك فقدان سيطرتها
جدها اخبرها ان لزم تدخله سيمنعها من مشاركة حفل الزفاف، لا تصدق ان جدها قاسي بتلك الدرجة، ذلك الرجل الحنون ما رفض لها طلب قط فى سبيل سعادتها او نجاحها الا وحققه، إلا جميلة التي يعتبرها كأبنته ما زال يقسو عليها حينما وجدها ان وان تهابه لكنها تمارس بعض من تسلطها عليها.

هي لا ترغب بمنع جدها من وجود عمتها في حياتها، لكنها تخشي احزانها، تري الألم في عيني عمتها من جفاء جدها لكنها تكابر
لا تعلم لماذا؟
تقسم ان انهارت بين ذراعيه وكانت اسفه بكل صدق وبكل ما يعتمل بها داخل صدرها لسامحها علي الفور.

لكن الجد يريد تحطيم غرورها الذي لا حد له، وتغطرسها اللامتناهي، تحمدلله انها لم تعيب فى زوجها بكلمة، لكنها تذكرها بفروق حياتهما وما قد سيؤول اليه في المستقبل حثنماف تنطفئ جذوة الحب واللهفة
كلماتها المتشائمة جعلتها تهرب من المنزل وتستقل سيارتها منطلقة نحوه، لن تنتظر حتي اتصال واجابة
تحتاج زوجها، حاميها بجوارها الآن!

ضغطت علي زر الاتصال وفتحت المكبر الصوتي منتظرة الرد عليها طرقت علي المقود باصابعها النحيلة وزفرت براحة حينما اتاه رده الأجش لتصيح بمرح مصطنع
-صباح الخير
زفرة خشنة وصلتها لترتعش بخجل وشوق لتراه يهمس بصوت خفيض
-احنا داخلين على العصر ياوجد
رفعت عيناها ما ان وجدت اصطفت بسيارتها تحاول ان تنتبه من وجود المارة كي لا تدعس أحدهم في هذا الصباح، زفرت بتعب هامسة
-عاصي.

ورده التلقائي الذي يجعل قلبها يخفق بعشق لذلك الرجل
-عيونه
تلونت وجنتيها بخجل محبب لتهز رأسها بيأس علي حالتها المستعصية، الرجل يتكلم بطبيعية لم يتغزل بك ماذا دهاك يا غبية؟!
همست بحرج
-انا برا
شعرت بفترة صمت قطعها بتساؤل عجيب منه
-برا فين؟
عضت علي باطن خدها بتوتر وهي تهمس بحذر
-برا مكان شغلك
وما تخشاه سياتي
هل سيصرخ؟!
ام سيعاتب؟!
ماذا تهذين يا غبية؟، تحاول السيطرة علي انفعالاتها لتسمعه يقول بدهشة
-لوحدك!

لا تفهم ماذا يقصد بمفردك؟ القت نظرة حول المكان الهادئ حولها
حسنا المكان هادئ بغرابة كونه فى مكان منعزل عن ضجة العاصمة، عضت علي شفتيها بتوتر وهي تلاحظ لا وجود للمارة الذين تخيلتهم قبل ان تصطف بسيارتها، يوجد عدد قليل من السيارات يعد علي الأصابع خمنت انها تابعة للمركز لتزفر بتعب
- بجد محتاجاك اووي يا عاصي
فركت جبينها بتوتر شديد وهي تسمع نبي الاهتمام فى صوته
-ايه اللي حصل.

بح صوتها بعتب حقيقي لتهمس بخشية ان لا يردها خائبة
-مش هينفع احكيلك، تقدر تنزل ولا هيبقي صعب
صمت طويل احرق المتبقي من اعصابها لتجده يتحدث مع احدهم بهمهمات لم تفهمها قبل ان تسمعه يقول بصوت أجش قوي
- قاعدة في عربيتك
اومات برأسها موافقة وكانت يراها وهمس بالكاد مسموع قالت
-ايوا
اجابها بنبرة جادة
-مش هتأخر عليكي، خمس دقايق وجايلك.

اغلقت المكالمة وهي تبتسم بانشراح قلب يلعب اوتاره علي معزوفة عشق له لا ينتهي لتهمس بخجل
- بحبه يا نااااس
افاقت علي نقرات للزجاج المقابل لتجفل من غمامتها الوردية وهي تراه امامها، قلق واهتمام فاضح لا يستطيع مداراته، فتحت قفل السيارة ليصعد السيارة بجوارها وهو يسالها بقلق
- ايه حصل.

عينيه تتفحصان وجهها وملامحها المتوردة، امسك بكلتا يديها لتجفل وجد من شعورها بقبضة يده القوية اسفل يديها الرقيقتين لتهمس باشتياق
-وحشتني
رفع عيناه بقوة اليها وهو يخبرها عن سعير اشتياقه لها
تهدجت انفاسها وعينيه الخضراويين تلعبان تأثير فتاك عليها لتسمع همسته الخشنة
-وجد
ابتسمت وجد باضطراب وهي تحاول سحب كفيها بحرج كي لا ترتمي في صدره، وليقل عنها ما يقل
امراة وقحة، عديمة التربية، لا يهم فهي زوجته.

سألته باهتمام وهي تلاحظ الارق في عينيه
-اتغديت؟
رأي اسلوب المراوغة تحدث امامه ليمسك وجهها بين راحتي كفيه ليقول
-وجد، مالك طمنيني
مالت وجد بشفتيها تقبل راحة يده بحب شديد، وتلك القبلة الرقيقة في جسد رجل ضخم كحاله لا تدرون ماذا تفعل به
كزلزال مقياسه سبعة ريختر يهدم ارضه، كقنابل قاصفة تسقط من السماء، راها تبتسم بمرح قائلة بمرح مصطنع.

- انا حاولت كتير اعملك حاجة تاكلها، بس للاسف فشلت والاكل اتحرق، فجبت كشري من عند ابو طارق ووصيته على الصلصة في طبقك والشطة في طبقي
مالت نحو كيس الطعام الموضوع في الاريكة الخلفية لتقدم له طبقه ببساطة تقبلها دون تفوه كلمه لتقول بهدوء
-تحب نروح فين
اجابها بهدوء وعينيه تتفحصان تحاشيها الاجابة علي استفساره
-انا بقول نروح حتة هادية.

اومأت وجد وهي تعيد تشغيل سيارتها لتتوجه به نحو احدي المناطق الآمنة الهادئة، وما ان اصطفت بسيارتها امام حديقة الأرجل عليها خفيفة فى هذا الوقت التفت اليها قائلا
-وجد
وقتها لم تتحمل الصمت اكثر لتنظر اليه منفجرة بغضب
- جميلة هانم قررت بما اني فاشلة في المطبخ تجيب شيف وعمال للنضافة انا بحاول مع توحة اتعلم الاكل بس بفشل وفي نفس الوقت انا عايزة ابقي لوحدي يا عاصي، انا وانت لوحدنا في بيت لينا.

هز راسه بتفهم شديد، متفهمًا دفاعها للغضب واستهانة عمتها لقدراتها العظيمة، سألها بصراحة شديدة
-يعني مكنتيش خايفة اني ارفض
رفعت عيناها نحوه بجمود ولم ترتعش او تتردد لتجيبه بقوة.

- لأ، عارفة انك هتعرف توصل لحل وسط، انا خايفة ارفض مساعداتها تفتكر اني زعلانة منها لحد دلوقتي، بطلت ما اقولها كلمة مماة من فترة طويلة وده مزعلها جدا، وانا خايفة ازعلها اكتر لو رفضت أي مساعدة منها، حاولت ابين اني هبقي مرتاحة لوحدي بس هي مش مصدقاني.

زفرت بيأس ومشكلتها العويصة بدت اقل ضررًا ما توقعه، لكنها تظل بالنهاية مشكلة ويجب عليه حلها، امسك كلتا يديها وطبع علي كلاهما قبلة دافئة دغدغت اطراف يديها قبل ان تصل الي قلبها لتسمعه ينطق اسمها بكل العمق والتلذذ فى نطق كل حرف منه
-وجد
رفعت عيناها بألم حقيقي وهي تشتاقه بجنون، لم تراه منذ أسبوعان، المتوحش لا تعلم كيف قدر علي عدم رؤيتها
بل هي تخشي انها تعلقت به لدرجة لة شفاء لها منها.

لكنها عاشقة، وهذا ما يجعلها مطمئنة، سمعت سؤاله الدافئ
-ده بس اللي مضايقك؟
هزت رأسها نافية قبل ان تجيبه بتردد يائس وخشية ان يضحك عليها ويتهمها بالطفولية
لا تعلم ماذا تظن السوء دائما فى تلك الفترة، وخصوصا هو، الشخص الذي من المفترض ان لا تظن به سوءً
- بقيت اشوفك يا عاصي كل فين وفين، هو انا مش بوحشك
اجابها بنبرة خشنة تفضح شويه وعذاب بعده
-لدرجة مميتة يا وجد.

ارتجفت اثر كلماته وسكن فزعها، وهدأ خوفها، لتتسلل ابتسامة ناعمة وهي ترمقه بعشق جارف وشكر صامت علي تفهمه لحالتها، سمعت يجلي حلقه قبل ان يهمس
- الشقة قربت تخلص، تحبي نحدد ميعاد الفرح؟
رفعت عيناها برهبة لتجد نفسها تقول باندفاع
- بعد العيد
لمعت عيناه بتقدير تام، بعد شهران اذا تريد جميلته ان تكون عروسه داخل جدران منزله
بالكاد حاول ان يضبط اعصابه كي لا تنفلت وهو ينظر الي خجلها الفطري منه بابتسامة دافئة ليقول.

- خلي بالك الشهر قبل العيد هيكون صعب عليكي
عقدت وجد حاجبيها بريبة، كون رمضان الله القادم سيكون صعبًا، هي اعتادت علي الصيام والعمل في السنين السابقة وليس بشئ صعب ان تنتظر باقي اشياء عمتها الثمينة كونها انتهت من جلب اشيائها وفستان زفافها ستذهب الي مصمم الزفاف في الاسبوع القادم لتقيس الفستان وتري ما التعديلات القادمة قبل ان يكون في غرفتها، سألته بريبة
-هيكون فيه ايه يعني؟!

ابتسم عاصي ببعض المكر، وليعينها وجد علي ما ستفعله توحة بها في الشهر المبارك ليقول بغموض
-نخلي توحة تجاوبك علي السؤال ده
عبست بعدم فهم وهمت بالقاء سؤال لكنها تعلم انه لن ينطق
ماذاستفعل بها توحة؟!
استقتلها؟! بالطبع لا
دائما ما يحب عاصي ان يلعب بفضولها ويكون الامر عاديًا، عبست في وجهه ببؤس لكن هذا لم يمنع ان تخشي ان يكون الأمر ليس هينًا علي الاطلاق!

فى قصر السويسري،
القي وسيم حشرجة خشنة واتصاله العاشر بها فى هذا المساء انتهي بعدم ردها، هذا ناهيك انها رسائله على جميع تطبيقات التواصل الاجتماعي منذ الصباح وللمفاجئة، النشطة 24 ساعة منذ عام سابق، لم تفتح منذ الصباح!
بدأ القلق ينهش قلبه وهو ينظر نحو المنزل المقابل، هل قتلها معتصم؟!
لا لا لكان قتله منذ ذلك اليوم الذى سرق بهما لحظات عمرهما، محتفظ بها فى ذاكرته!

ابتسم بدفء وهو لا يصدق انه ينجرف الي تيارات الجنون خاصتها، تعجبه منها هي فقط!
عاد اتصاله تلك المرة بيأس، وهو لا يصدق معتصم إن أبدي أي تصرف عنيف تجاهه إذا أجبرها أن لا ترد علي مكالماته أو أن تستعر أشواقه لعناقها!

الرجل مجنون ويفعلها، هز رأسه بيأس من أفكاره التي تطرق عقله دون هوادة، وما ان أوشك الأتصال على الانتهاء جاءه ردها الضجر، ليزفر براحة وهو يبتسم ببلاهة كون معتصم حماه العظيم لم يقوم بأي أفكار غريبة مثل التي طرقت على عقله
-انزلي.

صدر صوته عبر الأثير وزفرات انفاسه جعلت معدتها تنقبض برهبة، اجفلت جيهان وهي تتوقف عن النظر حول غرفتها الفوضوية من ملابس الثمينة وبعض الثياب التي استعارتها من شادية وباتت الآن من نصيبها الخاص، هذا عداك عن صناديق كرتونية لثياب وصلتها عبر الشحن خلال الأيام السابقة، ستجعل شادية تختار ما يعجبها ثم ستأخذ الباقي لها وما لا ترغبه ستجمعه في صندوق آخر للتبرع..

ابتسمت بسخرية وهي تسمع نبرته الآمرة، هذا الأحمق يجيد فقط الأمر والنهي، غير هذا لا يستطيع فعل شئ، حتى لم يستغل رحلتهما القصيرة المجنونة ليقبلها في نهاية الطريق، يعلم الله كم تلهفت لأنتظار قبلتها الأولى
لكن الغبي
الأرعن
البارد
الجلمود
عديم المشاعر
لم يحاول حتي احتضانها، رأت عيناه تغيم بعاطفة إصابتها بتبلد في كافة أعضاء جسدها..
عينيها توسلته قربًا
عناق كالذي سمعته وقرأته.

تآلف روحين، وانسجام جسدين، وقلبان يخفقان فى ضلوعهم بقوة
لكن لا شئ
انتهت الليلة بكارثة وجود الايطالي في المشفى، ووالدها قام بصب جام غضبه عليها كونها أغلقت هاتفها، ثم انشغلت في أمر شادية وتناسته
حرفيًا تناسته كليًا، كالايام السابقة
تجعله هو من يتوسل ويتذلل لها للرد عليه!
أجابته بنبرة متحدية ولمعة خبيثة تزين حدقتيها
-اطلعلي لو كنت راجل.

زفرة حارة منه وصلتها جعلها تصاب برعشة كهربائية لذيذة، تنهيدة حارة وئدتها سريعا وهي تسمع اللي زفراته الغاضبة
-مبلاش تلعبي على الوتر ده، هتندمى
تهديدات
هذا ما تأخذه منه بالنهاية، قطبت حاجبيها بغضب بين، لتهدر فى وجهه
-تصدق بالله انت اكتر بتقول كلام وبس، انا ورايا شغل كتير نتكلم بكرا.

والمفاجئة التي لم يتوقعها انها اغلقت الهاتف فى وجهه، الفأرة الصغيرة زوجته وحلاله أغلقت الهاتف، تمتم ببلاهة وهو يرفع الهاتف ينظر الي الشاشة
-قفلت السكة في وشي
عاد اتصالها مرة اخري ليسمع أكثر صوت مزعج كونها اغلقت الهاتف، عاد بنظره تجاه المنزل المقابل وتحديدا نحو شرفتها المفتوحة ليهمس بإصرار
- واضح انك عايزة الوش التاني، وماله يا حرم وسيم المالكي.

توجه نحو السور الفاصل بين المنزلين، بخطوات حذرة توجه نحو أسفل شرفتها، وعينيه تتفحص الطريق يمينا ويسارا خشية أن يقبض عليه حماه العزيز متلبسًا ووقتها سيضيع عليه فرصة لقائه بها..
هي ترغب بالمجنون
والمنفلت الأعصاب
أليس كذلك؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة