قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وثلاثة

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وثلاثة

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وثلاثة

بعد مرور شهر،
في حي عاصي
انكبت وجد تنظر باهتمام وتركيز إلى يدين اسماء التي تقوم بتحضير محشي الباذنجان والكوسة قبل الحشو، وللحق يقال ان أسماء تملك من الصبر الذي كادت وجد تحسدها عليه لتعلمها كل شئ لعمل المحشي، ركزت وجد على خطوات اسماء وهي تنصحها عدة مرات لعدم عمل أي ثقوب في الباذنجان، لتستمع اليها بصبر وهي تركز في العملية المعقدة التنفيذ.

رغما عنها أحدثت ثقب لكنها لم تلحظه لتستمر في ازالة الزوائد لتنتبه على صرخة اسماء الفزعة
- ايه اللي انتي عملتيه ده، انتي بوظتي البتنجان
توقفت يدا وجد عن العمل، لتنظر الى الثقب الذي اتسع لتبتئس قائلة
- بجد! انتي قولتي أوري المحشي ومخدتش بالي انه خرم
أزاحت اسماء يديها وهي تقول بصلابة
- لا انتي تسيبي ايدك منها خالص، وادخلي على ورق العنب.

عقدت وجد حاجبيها باستنكار وهي تنظر الى اوراق العنب التي من المفترض أن تحشيها بالأرز، هزت رأسها نافية لتقول بيأس
- دي صعبة بجد يا اسماء
مصمصمت اسماء شفتيها بعدم رضا وهي تتابع عملها بمهارة شديدة تكاد تحسدها وجد عليه، القت وجد نظرها على كلتا يديها التي لم تتجرأ لصنع طعام خاص لزوجها الوسيم!

احمرت وجنتاها بحمرة خجل وهي تتذكر الشهر الذي مضى سريعا بعد حفلة اعلان عقد قرانهم، لينشغلا في تجهيز المنزل رغم كثرة عمل عاصي والضغط الذي وضع به، لكنه يخصص لها وقتا من يومه تتعدى الساعة وبالعادة تكون الساعة قبل موعد نومه.

ثم هي تبادر بمكالمة الصباح التي لا تتعدى الدقائق مخبرا إياها عن أي تفاصيل نسيها عن عمال المنزل ابتسمت بحنين ودفء يغمر أطراف جسدها وعينيها تحتضن كل ركن في هذا المنزل الذي شب فيه رجلا كحال رجلها!

انتبهت من شرودها على صوت تحية التي خرجت من المطبخ حاملة قدر به خلطة الأرز لتسارع اسماء بالقيام من مجلسها تتناول منها القدر ل تتساءل تحية باهتمام وهي تتخذ الأريكة مجلسا لها لتدعك ساقيها التي اجهدتها هذا الصباح.

فاليوم يوم اليوم الأول الذي تدخل فيه عروسة حفيدها إلى المنزل كزوجة بعقد شرعي، ربتت تحية على ظهرها وهي تسألها باهتمام وداخلها فضول لتري ماذا ستفعل فتاة مثلها لحشو المحشي الذي صممت على مشاركتهما اياه رغم جهلها!
-عملتي ايه يا وجد وريني
رفعت اسماء عينيها بحذر تنظر إلى وجد تهز رأسها برفض، هامسة بصوت هامس
-متوريهاش بقولك.

لوت وجد شفتيها بيأس والخيبة ارتسمت على ملامح وجهها لتريها الباذنجان الذي احدثت به ثقب لن يغفر لها الأرز مطلقا عليه لتقول
-باظت مني يا توحة
اتسعت عينا تحية بجحوظ لتسارع اسماء وهي تمد لها بكوب ماء، تقبلته تحية وهي تتجرع المياه قبل أن تعود بنظرها تجاه الباذنجان، لتقول بهمس مسيطر
-كملي انتي يا اسماء.

ستحتاج الى دورات تكثيفية مميزة ان ارادت تعلم الطبخ، ولا يوجد سوى أسماء خير معلم لها، استمعت إلى نبرة اسماء المتهكمة وهي منكبة لرص المحشي في القدر
-وهي أسماء وراها حاجة غير ده
رفعت تحية حاجبيها وهي ترى إصرار وجد على تعلم صنع المحشي، وكل مرة ينتهي بها بعمل ثقوب واسعة يكاد الأرز يسقط متوسلا لترحم الباذنجان والكوسة
لتقول تحية ببعض التوسل وهي تنظر بأسى إلى ضحايا يديها
-انا قولتلك متتعبيش نفسك يا بنتي.

همست وجد بإصرار شديد وهي تنظر إلى الباذنجان الذي خرج بثقب أصغر عن سابقيه والذي رفضته اسماء لتقول وجد بخجل يعتري ملامحها المليحة
- انتي قولتيلي ان عاصي بيحبها، وانا، وانا حاولت اساعد
أنهت جملتها بتعثر لذيذ أنعش قلب تحية وهي تردد المعوذتين ثم تهمس بالدعاء لحفظ علاقتهم بعيدة عن أي عين حسود، لتشير إليها تحية بالاقتراب، انتفضت وجد مستقيمة من جلستها تجفف يدها لتقترب منها وتحية تسألها بصراحة.

-انتي قولتيلي وزنك كام كيلو
اتسعت عينا وجد بتفاجئ لتحدق نحو جسدها الذي يميل للنحافة نظرا لاهتمامها بالحمية الغذائية ليمتعق وجه وجد حرجا
- توحااا
لكن تحية لم تكن تهتم سوى بما سوف يحدث مستقبلا، لتزم شفتيها بعدم رضا وهي تقول
-يا بنتي ميرضنيش تبقى بالمنظر ده، انا خايفة فضيحة الصباحية
اتسعت عينا وجد بادراك لتشهق بخجل وهي تدفن وجهها بين راحتي يديها، لا تصدق ما تفوهت به تحية منذ قليل!

ازاحت يديها عن وجهها وهي تطالع ملامح وجه تحية الممتعضة ليتعثر لسانها للحظات محاولة أن تستجمع شجاعتها و نزع عباءة الخجل جانبا لتهمس بصوت خفيض
- متقلقيش عليا يا توحة
لوت تحية شفتيها باستنكار وهي ترى الفتاة التي توشك على الموت مختنقة من الحرج، يكفي وجهها الذي تحول لعصير طماطم، لتهمس بسخرية
-والله انا قلقانة علي التاني مش عليكي خالص.

زحف القلق داخل وجد ولم تتجرأ للاستفسار عما تقصده، فالمعنى واضح، حتى الأعمى فهم الكلمات المتجلية زفرت تحية بيأس وهي تربت على فخذيها لتقول
- سيبنا من الحوار ده وقوليلي، الشقة عجبتك
اومأت وجد سريعا وهي تشكرها على تغيير مجرى الحديث الذي لا تعلم إلى أين سينتهي؟!، لتهمس بابتسامة لطيفة
-تجنن يا توحة بجد.

تنهدت تحية بارتياح وغمر قلبها السكينة وهي تتغني لمن أحسن في تربية الفتاة التي لم تحاول حتى زجرها، ربما من حرجها وخجلها لم تجد ما تقوله!
تنفست تحية الصعداء ما ان ابلغتها برأيها لتخبرها قائلة
-ريحتيني والله، كنت قلقانة من عمتك، بس مش مهم حد فينا، اهم حاجة انتي وهو
والتثنية التي جمعتهما بها معًا
كانت كقدسية مكان مقدس، لا يسمح لأحد أن يطأه سوي ساكنيها!

استقامت تحية من مجلسها فجأة وهي ترمق تجاه اسماء المشغولة بصنع المحشي، لتقول بابتسامة ماكرة
- فيه البوم مخبياه كدا في دولابي هلحق اجيبه تشوفي مراحل عاصي قبل ما يطب علينا
توجهت نحو غرفتها لتستمع إلى اسماء وهي تبرطم ببعض الكلام لتصيح بتحذير
- بت يا اسماء بلاش برطمة وخلصي اللي في ايدك وخدي حلة محشي معاكي
توحشت ملامح اسماء وهي تنظر إلى ما في يديها وهي تشعر أنها الوحيدة التي اتدبست في صنع المحشي لتهمس بحنق.

-اسماء دى في الاخر هتطفش من البلد وتسيبهالكم، انا قولتلكم انا مدرسة العاب مش تخصص محشي
ظلت أسماء ترغي وتزبد وهي تدفس الارز بكل عنف داخل المحشي، لترى يد وجد وهي تتقدم نحوها تساعدها في الحشو مشاركة اياها باستمتاع شديد ورغم أن يديها اتسخت بصلصة الطماطم وبعض الارز الذي علق على يديها لتغمغم وجد
- اسماء
هزت اسماء رأسها بعدم اكتراث وهي تقول
-نعم.

القت وجد نظرة سريعة إلى الثوب الرياضي الذكوري الذي ترتديه اسماء لتسألها بحرج
-انتي طول الوقت بتلبسي كدا
لم تتردد أسماء ولو لثانية وهي تجيبها ببساطة، وكأنها اعتادت على هذا السؤال من أقرب الأقربين نحوها
-اه يعتبر ملابسي الرسمية في البيت وبرا
عقدت وجد حاجبيها بريبة لتسألها
-حتى قدام عادل؟
لوت اسماء شفتيها بسخرية لتتشدق قائلة
-أنا وهو في وش بعض بعد الضهر في الجيم.

فغرت وجد شفتيها بصدمة لتسقط حبة الباذنجان من يديها
- بالشكل ده
وبصراحة شديدة واريحية أشد اجابتها أسماء قائلة
- اه
عضت وجد باطن خدها وهي تنظر إلى ثيابها التي تعمدت ان تكون انثوية وفي الوقت ذاته حرصت على عدم احراج عاصي فلا ترتدي شئ يشف أو يكشف جسدها لتهمس بنفاذ صبر
- مش بتخرجوا مكان لوحدكم طيب بليل
رفعت اسماء حاجبا شريرا نحوها لترد عليها بفظاظة
- بنام بدري، عشان عندي مدرسة الصبح.

شعرت وجد انها اصبحت في متاهة أجبرت نفسها على الدخول اليه، لتسألها بفضول
-وهو بيكون فين بليل
مطت اسماء شفتيها مفكرة لبرهة من الوقت لتجيبها ببساطة
- بيقعد في القهوة مع صحابه
فغرت وجد شفتيها بصدمة وهي تري عدم اهتمام الفتاة في فترة الخطبة، حيث تعتبر تلك الفترة القصيرة هي فترة تتكاثر بها الهدايا والمقابلات والفتاة لا تسعي حتى محاولة لتوطيد علاقتها مع الرجل، سألتها باندهاش
-يعني مش بتتكلموا بليل؟!

زفرت اسماء بحنق من كثرة الأسئلة المتوالية، والتي تقتصر على علاقتها بخطيبها رغم كون الفتاة الأنيقة تساعدها كي لا تنعش انوثتها بمساعدتها في مستحضرات البشرة والشعر والجسد، لكن هذا لا يعني أنها ستدعها تتدخل عن علاقتها بخطيبها لتقول بحدة
- قصري يختي عايزة توصلي لايه
عضت وجد علي باطن خدها وهي تستشعر نفاذ صبر أسماء، لتسألها بصراحة
- يعني مش بتروحي كافية مع بعض سوا، وتحكوا حياتكم ومستقبلكم.

اتسعت عينا اسماء بدهشة قبل أن تصيح بذعر
-اه عشان الاقي امي قامت ليا المذابح، الكلام ده عندكم، مش عندنا
تلون وجنتي وجد بالحرج وهي ترفع عيناها تجاه غرفة تحية التي اختفت داخلها، لتهمس بلوم
- هو انا بقولك تعملي حاجة حرام يا اسماء
اشاحت اسماء بيدها لتصيح بحدة لم تقصدها
- عارفة تقصدي ايه، بس انا واحدة اتربيت ان خطيبي زي الراجل الغريب كدا بالضبط، عايز يقابلني يبقى وسط اهلي، مش نداري انا وهو بعيد عن الناس.

رغم حدة كلمات أسماء، إلا أن وجد تفهمت سر معاملتها الشبة الجافة لخطيبها، ربما لو كانت هي في موضعها لعاملها عاصي بنفس الرسمية وكلمات لاذعة تخرج من شفتيه تؤذي تلهفها، لكن لاتقتل حبها
لفهما الصمت لتخرج تحية من الغرفة ممسكة بيدها ألبوم الصور لتغمز لها قائلة
- تعالي اتفرجي على الصور.

استقامت وجد وهي تنفض ثيابها وقد اتسخت بقعة صلصلة على بلوزتها الحريرية، لتتنهد بضيق وهي لا تصدق أنها ستقابل عاصي ببقعة صلصلة على بلوزتها!
نظفت يديها لتتقدم نحو تحية الجالسة على الأريكة تقلب الصور الصور بحنين، لتجاورها بصمت وهي تستمع إلى سرد تحية لحكاية كل صورة
استمعت الى صوت اسماء التي استقامت من مجلسها بعد انتهاء القدر الثاني بملئ المحشي
- استأذن انا يا توحة.

ضيقت تحية عيناها وهي تنظر نحو اسماء التي غادرت المنزل، لتسألها تحية باهتمام
- اوعي تكون ضايقتك
سارعت وجد النفي لتمتم بصدق
- ابدا، كنا بندردش
هزت تحية رأسها بتفهم لتضع الالبوم في يدي وجد التي تتابع بالصور تسلسل زمني لنضج ملامح عاصي
رجفة في القلب تمكنت منها
ورعشة يدين لم تقدر على التحكم بها، وهي هائمة في ملامحه الرجولية تتحسس ملامح وجهه في صورته الأخيرة وهي حفلة تخرجه.

اغرورقت عيناها بالدموع وهي تبتسم بدفء لصورة اخري في يوم الحفل حينما قبل رأس تحية وأخرى وهو يحتضنها بتلهف
ابتسمت تحية بحنين وهي تتذكر اليوم الذي رفع به رأسها أمام الجميع، حينما جاهدت هي بكل قوة واصرار أن تربي حفيدها وبعض الجارات تكهن أن الطفل الصغير سيشب ليصبح مدمنًا للعقاقير أو تاجرا لها.

لكن الأمانة التي طوقت عنقها جعلتها تحارب أغواء مرحلة المراهقة المجونة، لكن القدر كان رحيما بها لترى النضوج في تصرفات حفيدها ومدى اعتزازه بذاته..
انتفضتا فجأة حينما صدر صوت من خلفهم يصيح بخشونة
- جمعتكم دي مش عجباني
انتفضت وجد وهي تضع يدها علي صدرها تهدئ من نبضات قلبها الملتاعة، لتمصمص تحيى شفتيها بعدم استحسان قائلة بعبث
- بوريها فضايحك يا حبيبي.

ضيق عاصي بين حاجبيه ليفرك جبينه بإرهاق بعد دوامه في العمل، وقع انظاره على الأميرة التي زارت منزله تلك المرة بصفة زوجته
بقدر ما يشعر بعدم اتاحة وقته للتسكع معًا، لكن بقدر ما اراحه عدم تذمرها وشكواها، تتفهم ما يواجهه وهي تستمع بصبر وتبثه بكلمات مشجعة ثم تكتفي في وقت دوامه ببعث عدة رسائل لطقم جهازها الخاص!
صاح بسخرية وهو يرى تشبث انامل وجد بالألبوم
- هفكر احرق الالبوم ده عشان اتخلص منه.

شهقت وجد بتفاجئ قبل أن تضم الألبوم بين أحضانها جعل عاصي يتحفز للانقضاض عليها
عينيه سقطت بلا وعي نحو البلوزة الحريرية ومن حركتها القليلة انحسر كم البلوزة ليظهر ذراعيها الناعمتين
ليدور السؤال الذي حيره ليالي وجعله متخبطًا
هل جلدها أشد نعومة من الحرير؟ أما الحرير يطالبها لتلتف به
في خضم معاركه الداخلية و النيران التي شبت في كامل أرجاء جسده، استمع الى صوت تحية الحانق.

- تحرق مين، كنت احرقك وراه، قال يحرق الألبوم قال
لوت تحية شفتيها و تبرمت لتسأل تحية بفضول تجاه الفتاة
- عجبتك الصور
لم تحاول وجد التجرأ على رفع وجهها نحوه، وهي تشعر بسهام نارية
تصهرها
وتربكها
ليرتجف جسدها وحمرة وجنتيها تحكي حكاية خاصة عن حوار حميمي يدور بين العاشقين
فغرت وجد شفتيها تفرغ الهواء الحار من صدرها، لتهمس بخجل
- انت تجنن في كل حالاتك يا عاصي.

جلس عاصي علي الأريكة المقابلة لها وعينيه تتجرأ لملامسة جلدها كما يحتضن القماش جسدها
وضع يده على فخذه ليعتصرها بقوة وهو يغمغم بخشونة
- اكيد مش أجن منك
ارتعد جسد وجد لترفع عينيها نحوه وياليتها ما فعلت
حدقتيه الخضراوين تحولت إلى بركتي سوداوين يبتلعها
طار المتبقي من ثباتها لتلهث بأنفاس حادى جعل تحية لم تقدر على الصمت أكثر من هذا
وحفيدها الوقح يتحرش بها امام عينيها لتهب من مجلسها صائحة بعنف.

- الله الله الله، ما اجيب كامنجا واعزفلكم
لمعت عينا عاصي بعبث جديد عليها وهي تراه يركز ببصره نحو بعض مناطق انوثتها
والرسالة منه تصلها صريحة
همت بضم ذراعيها حول جسدها، لكن الوضع سيزداد سوءً أمام نظرات جدته المتفحصة لهما، ل تترجاه أن يتوقف عما يفعله لكنه يضرب كل توسلاتها بعرض الحائط
لكنه التفت إلى جدته ليقول بلا مبالاة
- مش من سنين عايزاني اتجوز، خلاص سبيني بقي اعيش الجو مع نفسي.

تدلي فك تحية السفلي ببلاهة وهي تراه يغمز بإحدى عينيه تجاه الفتاة التي تكاد تذوب من فرط الخجل لتصيح بغيظ
- ده انت ناقص تطردني من البيت
صمت عاصي للحظات وهو يرى أميرته تكاد تتوسلانه بعينيها أن يكف عن خجلها ليغمز بعبث
- وتطردينا ليه، ما لينا بيت يلمني انا ومراتي
شهقت وجد بصوت مرتفع، لتسارع بكتم شهقتها داخل فمها وتحية تهز رأسها بيأس مغمغة بأسف وداخلها يكاد يرقص
- قولتلك انا خافي من النوعية دي.

تصنعت الجدية وهي قررت أن تتركهما لعدة دقائق بمفردهما لتقول بجدية شديدة
- ولاا، هروح اطمن على الحلة وهجيلكم، أي حركة غدر منك اعتبر نفسك بايت على التخشيبة
اتسع عينا عاصي بذهول اتبعه بابتسامة عابثة وهو يقول
- وعلي ايه يا توحة، الطيب احسن
تركتهما وتكاد وجد تصرخ من فرط الخجل والإحراج الذي يمارسه عاصي بقوة
ونظراته، ربااااه
متى تحول هذا الرجل الصلب إلى رجل عابث من الدرجة الأولى؟!
- عجبك كده؟

نطقها بعبث واضح تتلألأ حدقتي عينيه جاذبًا انتباهها، لترفع وجد كلتا يديه تداري حمرة وجنتيها عن عينيه الثاقبتين لتهمس بخجل
- مكنتش متخيلاك كدا
اتسعت عينا عاصي باندهاش لبرهة انقلب لتسلية ماكرة وهو يقترب منها ليجلس علي نفس أريكتها، ليلتصق ساقه بساقها، رعدة قوية مرت على أطراف جسدها، وتخشب جسدها لثواني وهي ظنتها لمسة عارضة منه!
لكنها لم تكن عارضة، بل عامدًا متعمدًا!

رأي انكماشها الزائد رامقة اياه بخجل ليهمس بصوت خشن
- كدا ازاي
شعرت وجد بحرارة الساخنة في جسدها، من مجرد احتكاك ساقه بها، ازدردت ريقها بتوتر وخجل أربكها
وكأنها ليست الجريئة التي بادرت بأول قبلة لهم، لتهمس بتوسل
-عاصي
شهقت حينما مد أنامله لخلف ظهرها مستريحا أنامله عليها قبل أن يمرر أنامله عليها مختبرًا نعومة قماش الحرير الذي أخبرته في عفوية منها عن حبها له!

رأها على وشك التفوه بما لا يحمد عقابه لينظر إليها محذرا اياها من اصدار صوت، ثم مال نحوها وشفتيه تطبع قبلة عميقة على خدها التي تخدرت
ليهمس بصوت أجش وعاطفة عينيه تذيب أي ذرة مقاومة تمنعه عنها
- وحشتيني
الشهقة الثانية كانت أكبر حينما شعرت بانامله الخبيثة امتدت تلك المرة بجرأة أكبر ل تلامس جلد ظهرها العاري ملامسا اياه بجرأة وثبات شديد
وكأنه يلمس جلدها؟!
انه بالفعل يلمسه ويختبره مدى نعومته!

همست بنبرة متهدجة وفغرت شفتاها محدقة نحوه بوله شديد
- عاصي
النبرة التي تحثه على أخذ ما هو حقه..
التوسل الذي في عينيها يذبحه..
ليميل ملبيًا طلب نداءها وهو يهمس
-عيونه
همت بالصراخ في وجهه
بل نزع يده الوقحة عن لمس جلد ظهرها
لا تعلم كيف تجرأ ليمد أنامله ويفعلها في عقر داره، ورغم كل العقل الذي يحاول محاربته
استمالت نحو القلب وهي ترفع يدها لتلامس جانب وجهه تصرخ بالعشق
- انا بحبك اووي.

تجمدت أطرافه وقد استشعرت تلك المرة قسوة لمسة أنامله لخصرها الذي يداعبه لتنفلت منها تأوه خافت زاد من حدة انفاس عاصي الثائرة وهم بتقبيلها
الا ان صوت صارخ أخرجه من غمامته المسكرة مع أميرته!
- عااااصي
وكأن جدته تعلم على ما هو يوشك على فعله!، فحذرته
وبالنظر إلى عينيها، رأي صراخها وتوسلها لقربه.

اناملها تجذب قميصه وتشده نحوها ليميل يختطف ثغرها، وانامله تصاعدت لفوق ظهرها مما جعل وجد تدفعه بعيده وهي تكاد تختنق من الحرارة في وجهها
ابتعد مختطف الأنفاس وعينيه ما زالت تلتهمانها حية
وحينما مال ليعود أسر تلك الجميلة بين ذراعيه، ارتفع نداء تحية الصارخ ليضطر بعدها يبتعد عنها وهو يهمس لها بلوم
- عجبك كده!، هتقطعلي الخلف من قبل ما اتهنى حتى.

شهقت وجد بصدمة وهي تلقي الالبوم في صدره واضطرت النهوض لتهرب من حصاره وعاصي ينفجر ضاحكًا بمرح
ويده بلا وعي تمسد نبضات قلبه الملتاعة بشوق!
الأميرة تستفز أسوأ ما به، وهو يستغل ذلك حرفيًا.

حدقت فرح نحو الجدران البيضاء المستفزة
من المفترض أنها تبعث راحة، لكنها تزيدها سخطًا ومقتًا
الأبيض لون وحيد وكئيب كما كانت حياتها، قبل أن تقرر أن تخلع رداء الخنوع
أغمضت جفنيها ولا تعلم سبب مجيئها للطبيب في المركز
كانت لا تحتاجه، كانت ستراهن على حياتها التي تسطرها بيدها
لكن رغما عنها، رغبت بشخص عاقل رزين تخبره عن ما فعلته منذ طلاقها الفعلي منذ شهرين.

وقد توقفت الدوران في مدار نضال استمع الطبيب بصبر إلى تخبطات حياتها وذكرياتها، ليبتسم الطبيب بعملية مغيظة لها ليقول بهدوء
- لحد دلوقتي مش عايزة تساعدي نفسك
اعتدلت فرح من جلستها وهي تنظر اليه بعبوس جعله يرفع حاجبه بحذر وهي تندفع نحوه قائلة بإرهاق
- ما انا بقولك
اكتنف وجهها الضيق وبوادر الحنق يعتريها، ليقول الطبيب بهدوء
- انتي بتهربي من الكل، قبل ما تهربي مني.

اجفلت فرح من صراحته الشديدة لترمش بأهدابها عدة مرات، ثم عادت تغمض جفنيها بيأس ويديها ترتفع لتخلل خصلات شعرها التي بدأت تتفنن في اسدالها لتجز على أسنانها بغيظ
- مش بهرب من حد، بس انا لو فكرت لمرة واحدة لنفسي، دي تبقي انانية؟!
انتظرت جوابه، والطبيب يترك ملحوظاته جانبا وحدق تجاه الساعة الرملية التي كانت اضافة جديدة لمكتبه ليهمس بصراحة
- لأ.

انفجرت فرح تضحك بيأس و الأحجية والألغاز التي يستخدمها بدأت ترهق عقلها لتسأله باتهام
- طيب فين بقي الهروب اللي بتقولي عليه ده
رفع الطبيب حاجبه وعينيه تخبرها تحديدا عن التفاصيل الجديدة التي تتعمد إسقاطها من ذاكرتها، هي تكثر بالحديث عن الماضي متحاشية الموضوع الأصلي
بل فاجعتها الكبري، يوم المحكمة رغم تردداتها لكنها قررت بالنهاية الاحتفاظ بهذا ك سر صغير وتدفنه عميقا داخل بواطن ذكرياتها.

عيناها بلا وعي تسقط على ملامح الطبيب خشنة المظهر، لكن مقبول الى حد ما، مالت برأسها قليلا تتأمله كما يعتاد معها ليخترق مواطن جرحها
والطبيب وللعجب ابتسم بسخرية، وهو يخبرها بصراحة ان لا تحاول حتى
تحفزت ملامح فرح وهي تنتصب في جلستها ليسألها الطبيب
- عملتي ايه في دراستك.

سرعان ما عادت ذاكرتها وهي تتذكر أول شيء قامت به بعد حصولها على شقة مقبولة تسع وحدتها وتحتفظ بأسرارها داخل مجمع سكني لصفوة المجتمع، المكان الوحيد الذي سيقبل وحدتها، ولن ينحشر بعض الأفواه الغير مرغوبة لتصبح لقمة سائغة في نميمتهم!
لتجيبه بصراحة وهي تتذكر معاناتها مع قسم شؤون كليتها وقد انتهت ببساطة مع نفوذ اسم الغانم
- قررت ادخل امتحن الترم ده، رغم ان الوقت ضيق، بس هلحق، لأن انا مش عايزة تأخير تاني.

هز الطبيب رأسه باستحسان وهو يعطيها ابتسامة مشجعة، كونها تخطت أول عقبة في طريقها ليسألها بصراحة
-قابلتي عيلتك؟
تجمدت ملامح فرح وهي تحاول البحث حثيثا عن أي مشاعر داخلية
حنين، أو اشتياق نحوهم
لكن لا شئ، لم تجد سوي انها تتذكر نسختها الباهتة القديمة، الخانعة، الملبية لرغباتهم لتنفرج شفتيها بابتسامة ساخرة وهي تقول.

- تصدق انها محاولتش ترفع سماعة التلفون وتكلمني، بقالي فترة طويلة كلمتها ومن ساعتها محاولتش تسأل ولو من باب الواجب عليا
والطبيب قرر أن يلومها بقوة ويذكرها بما قالته في لحظة تهور منه
يعرض بطاقته التي تدينها
- بس مع ذلك مرضتيش انك تكسري بكلامها، لما وافقت انك تتجوزي عرفي
فظاظته لا تتحملها من هذا الرجل مع صراحته الشديدة، ورغم أنها لم تجد غضاضة في صراحته لترفع حاجبها ساخرة.

-عرفي من اتجاهه، واشهار من ناحيتي، انت متخيل الخلل هنا
هز الطبيب رأسه بيأس وهو يغمغم بنبرة فاترة
- علي حسب كلامك، ان طليقك مكنش بيهمه الميديا
لوت فرح شفتيها بسخرية، ظلت لبرهة تنظر اليه قبل ان تغمغم بجفاء
- هو بالنهاية رجل أعمال، طالما مش هيأثر في شغله يبقى مش مضطر يبرر لحد
توقف الطبيب عند تلك النقطة، ليعود يسألها بهدوء
- حققتي ايه تاني من أهدافك
اتسعت عينا فرح وبريق لامع يتلألأ حدقتيها وهي تقول.

- روحت الملاهي، المكان اللي عمري ما روحته وانا وصغيرة، مكنش عندي اصحاب، وعندي حاليا واحدة، كان نفسي في موضوع خروجات البنات والحاجات دي وحسيت ربنا عوضني بدا، خروجات وفسح ولبس وأكل، كل ده كان جديد عليا وخلاني مبسوطة
الفرحة في عينيها، والحشرجة المؤلمة في صوتها جعله يبتسم بصدق تلك المرة، وهو يستشعر مدى حرمانها الحقيقي من احساس طفولتها المقتولة التي تعيد إنعاشها
هز الطبيب رأسه وهو يسألها باهتمام.

- و ناوية تعملي ايه بعد كدا
حدقت نحو الجدران البيضاء ثم إليه لتقول
- هحاول انزل تدريب أي شركة، لاني مش بطيق اقعد في البيت لوحدي
ترددت لثواني وهي تشعر ببعض الحرج الذي يكتنفها من اخباره بتفاصيلها الشخصية الهامة، وزاد توترها حينما رأت التشجيع في عينيه
لتزفر بيأس وهي تقول بضيق
- البيت مش كبير، اصريت انه ميبقاش كبير بس بحس بخنقة اني لوحدي ومحدش في ضهري.

تحشرج صوتها وترقرقت عيناها بالدموع لينتفض الطبيب من مقعده وهو يمسك بكوب الماء يقدمه نحوها قائلا بصوت هادئ
- أهدي
لم تقدر على رفع يدها لأخذ الكوب، ارتجاف يديها وجسدها يخبرها انها ستوقع بالكوب
فضلت ان تضغط على يديها بقوة توقف ارتجافهم بيأس لتهمس بألم
- الوحدة صعبة مش كدا، انا خايفة اوصل للمرحلة دي، ان حتى لو متجوزتش بعد كدا، بس كان نفسي في ونيس.

انفجرت بعدها في بكاء حار لتغطي وجهها بكفيها، وقد ابتعد الطبيب ليسمح لها بأخذ مساحتها الشخصية
هواجس لعينة ترفع مخالبها لتنهش بالمتبقي منها، وكوابيس تكاد تؤرق مضجعها وهي تخشى حياته القادمة، مشكلتها العاطفية ليست بتلك السهولة كي تتخطي من حطمها وتسعى لإعطاء أي مشاعر لرجل آخر
ستكون كاذبة ان قالت انها ستقع في الحب مجددا، هي ترغب بمن ينتشلها من الدرك الذي تعيش فيه.

شخص لا يقدم لها عاطفة، بل دعم معنوي ومشاعر دافئة تطمئن جوارحها المذعورة
مسحت الدموع بكفي يديها لتسأل بصوت أجش
- اقدر اخذ اي ادوية
هز الطبيب رأسه نافيا بصرامة، هو لا يحبذ استخدام أي عقاقير للمرضى
بل يحفزهم لإفراغ أي طاقة قهر في ممارسة من أي من هوايتهم المفضلة، ونظرا لحالتها المتذبذبة في تلك الفترة قال بحدة طفيفة
- في المرحلة دي مش هنستخدم ادوية، هيكون قدام شوية ومش هيكون الا في اوقات هكتبهولك.

رفعت فرح حاجبها بدهشة وهي تسأله بسخرية
-ايه خايف انتحر
هز الطبيب رأسه نافيا وهو يجيبها
-انتي مش ضعيفة للدرجة دي عشان تقرري انك تنتحري
تمتمت بحنق بالغ، وقد ضاق بها الأرض ذرعا منه ومن كلماته
- اومال لحد دلوقتي انت رافض تديني دوا ليه
رفع الطبيب عينيه الجديتين ليقول
- قولتلك انتي مش مريضة، مش عايزة تصدقي ده ليه؟!
قلبت فرح عيناها بملل شديد وتلك الكلمات بمثابة الشوكة في خاصرتها لتسأله
- اومال انا هنا ليه؟

ابتسم الطبيب بمهنية شديدة ليخبرها
- انتي بتفضفضي، وانا هنا بس عشان اساعدك واحاول انك تتغلبي علي وجعك
لمعت عينا فرح بخطورة شديدة وهي تستقيم من مقعدها وتقترب منه لتضع كلتا يديها على سطح مكتبه هابطة بجذعها العلوي لتسأله بتهكم
- وانت بقي مين بيخفف وجعك يا دكتور
لم يخفي الطبيب دهشته عن تلك البادرة الجديدة نحوها، يتوقع منها حنق وغضب نعم.

لكن اغواء ملفوف بتهكم، وكأنها تختبر مدى فعاليته تجاه مريضاته النساء، غلف وجهه الجمود وقد تحولت ملامحه كقد من حجر ليسألها بجرأة
- وده اهتمام!
مالت فرح برأسها جانبا لتضعه في اختبار انثوي عالي الخصوصية، وحينما لم تراه يتأثر بما يراه أمامها، بل عينيه في عينيها
كحرب بدائي بين رجل والمرأة
حرب لم ينتهي بفوز أحدهما
والنزالات ما زالت مستمرة
فحينما خدعها ادم بإسم الحب
صدمته حواء بعدم النسيان.

وضعت فرح يدها على ذقنها وهي تقول بتهكم
- توقعت ترد وتقول ان حياتك الشخصية مش متداولة قدام اي مريض
اومأ الطبيب برأسه دون رد، وحينما وجدها مازالت على وضعها ويبدو أنها لن تتحرك قال
- جلستنا خلصت، اتمني الجلسة الجاية تيجي وتقولي انك نجحتي الترم ده
ابتسمت فرح بظفر وهي تري بوادر غضب أسفل الرماد في عينيه، غمزت بمكر وهي تلتقط أول تصرف انساني منه في حضرتها لتقول بثقة
- هنجح.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة