قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وأربعة

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وأربعة

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وأربعة

يوم خطبة وسيم وجيهان،
صوت الأغاني الشعبية يصدح من غرفة الفأرة الملونة جيهان، وقد جمعت فتيات العائلة المكونين من شقيقتها البائسة وفريال ورهف، واثنتين فقط اعتذرا وهما مارية وفرح عن حفلتها الصباحية الخاصة وسيلحقنها في حفلة الليلة.

توردت وجنتي جيهان وهي تحدق في المرآة ولا تصدق أن والدها حدد الموعد المنتظر منذ سنين، لتقترب منها فريال وهي حاملة أسيل النائمة برغم أصوات الضوضاء الا انها تنام كملاك وديع، لتقول بمشاكسة
- يمكن ده اكتر يوم مكنتش متوقعة ان المجنونة ترتبط ومش من اى حد، ده مز الإذاعة
انفجرت الفتيات في ضحك جماعي من ضمنهم شادية التي كانت تشرد بين كل دقائق واخري وعينيها بلا وعي تسقطان اتجاه هاتفها.

صاحت رهف بمكر وهي تساومها على إخفاء سر كبير كالذي تحمله الآن عن وقاص
- الفاظك يا فريال عشان متلاقيش جوزك بيديكي علقة سخنة
غمزت فريال نحوها بشقاوة، لتقترب جيهان من رهف وهي تضع ذراعها على منكبها لتناديها قائلة
-رهف
رفعت رهف عيناها نحوها وجيهان تسألها بعبث
- قوليلي بقي، الفرع الشامي شادد حيله في المنافسة ولا خايب عشان اغير رأيي لو لقيت في تقدم عن المنتج المصري.

قذيفة نارية عبارة عن وسادة سددت في منتصف رأسها، لتتأوه جيهان بتوجع وشادية تهتف بصرامة
- اتلمي
انفجرت رهف بضحك، لتطفئ فريال المكبر واكتفت بالهاتف لتضع الصغيرة على فراش جيهان، ثم اقتربت من شادية وهي تقرصها من خصرها
-المفروض انتي تسألي اختك عن المنتج الأوروبي، مش احنا
ابتسمت شادية بتوتر ورغم عنها تفكر به، ذلك الذي رحل دون مهاتفها
دون ترك رسالة حتى، او الاجابة على اتصالاتها!

الخبر الوحيد الذي وصلها من صديقه انه سافر، الى اين؟!
لا تعلم، ترجح موطنه لقد اخبرها بعد زيارته هنا سيعود للمنزل
قبضة مؤلمة تعتصر قلبها وهي تشتاق اليه
ذلك الجاحد الذي تمكن منها وما عاد القلب عليه من سلطان يشتاق الى الأحمق، الغيور، الوقح، عضت باطن خدها وهي تحاول تجاهل التفكير به
لو كان يحبها لما هان عليه ذلك الجفاء الغير مبرر
انتبهت على صوت فريال الشقي المتسائل.

- انتي مش مرتبطة بأجنبي، يعني اكيد بيسمعك حاجات مخجلة للحياء
شهقت شادية بصدمة وتراجعت عدة خطوات لتصيح بيأس
-فريال
الا ان فريال لم تتركها بل اقتربت منها بمكر وهي تغمز لها بعبث قائلة
-بيقولك ايه
رغما عنها توردت وجنتيها وهي تتذكره، وعن مدى حنقها منه في السابق، قبل أن يتملك كل ذرة في جسدها لتهمس برفض
- انسي اقولك اي حاجة
والرفض زاد من اصرار فريال حتى انضمت لها جيهان ورهف ظلت تحدق نحوهم بصمت.

- لا بليز، قوليلي اي حاجة
تحت إلحاح الفتاتان رضخت شادية وهي تبتسم بشحوب، لتهمس باعتراف
- مش بفهم كلامه الايطالي، وده اللي بيتعمد يقوله في أوقات معينة، بحسه بيقولها لما بيفقد سيطرته أو لما يخاف اني انفعل
اتسعت عينا جيهان بدهشة لتقترب منها وهي تمسك ذراعها لتصرخ فريال في وجهها صائحة بذعر
- اوعي تقولي انه جرجرك وباسك
شهقت جيهان بتفاجئ قبل أن تنفجر ضاحكة وشادية رغما عنها تستعيد مشهد قديم.

- كنت جذبت ذراعك الجميلة تلك، ثم اسحب خصرك الهش وجسدك اللين يرتطم بجسدي
- ثم اقبلك يا وقحة
- أقبلك حتى تزهق انفاسك
تشعر به قريب من انفاسها، انفاسه الحارة ما زالت تلفح عنقها ورائحة اللبن بالقرفة تغلفهم لتضيف جو حميمي، لقدسية اللحظة!
صاحت شادية بسخط شديد، وهي تتهرب منهم
- فرياااال
ادركتها جيهان وهي تربت على ذراعها بفخر
- متقلقيش عليها دي تربيتي، يعني مش هتخليه يمد ايده عليها الا لما تبقي مراته.

همت فريال بالرد إلا أن بكاء الصغيرة أعلن عن موعدها لتلبية الصغيرة والرعاية بها، استأذنت منهما قائلة
- اسيل صحيت تاني، هروح ارضعها وأجيلكم
عقدت جيهان حاجبيها بتوتر وهي تقترب من شادية التي اختفى بها أي وهج حياة من عينيها، وقد لاحظه والدهما وبدأ يلقي في بداية الأمر نكات سخيفة وحينما لاحظ ان شادية تزداد سوءً توقف وبدي متحفزا لقتل الرجل الذي يتلاعب به ليجعله يوافق مرغمًا مستخدما ابنته كورقة ضغط!

سألتها باهتمام شديد وهي تربت على كتفها بمؤازرة
- متصلش لغاية دلوقتي
أجلت شادية حلقها وهي تحاول تجاهله، كما تجاهلها وتجاهل اتصالاتها، حتى دفع اليأس بداخلها، وانتظرت فقط مبرر منه
هي فقط لا تعلم أن مجرد زيارة عاصي لمكتبها تجعله لتلك الدرجة غاضب منها!
غمغمت شادية بنبرة خافتة
- سمعت انه بلغ بابا انه سافر عشان شغله، ولسه منتظر موافقته.

زفرت جيهان بيأس ولولا فقط الوعد الذي قطعته بعدم التدخل في خصوصيات المقربين لها، اقتحمت حاسوبه وهاتفه، بل وتبعث برسائل تهديد له، لكنها اخذتها كمبدأ
العائلة لن تقترب منهم ولو عنى هذا موتها!
سألتها بإقرار أكثر منه سؤال
- انتي خايفة
مررت شادية اناملها على خصلات شعرها لتهمس بحيرة.

-انا مش فاهمة سبب انه يبعد فجأة عني، تلفونه طول الوقت مشغول، وانا محاولتش ازن عليه بعد كام محاولة منى في الاول اكلمه، انا بس بعتله رسالة انه وقت ما يسمح ليه وقت انه يكلمني يكلمني
همت جيهان بالرد عليها وإبداء عدة اقتراحات، ليهتز هاتف شادية على طاولة الزينة لتتسع عينا شادية وهي تحمل الهاتف في يدها تنظر إلى صاحب المكالمة ليشحب وجهها وهي تهمس
- ده هو
صفقت جيهان يداها بمرح لتغمز لها بمكر قائلة.

- كويس انه مخيبش ظني، قوليله انه يلبس هدومه ويحصلنا
هزت شادية رأسها وهي تخرج من غرفة جيهان لترد الاتصال وهي تضع يدها الاخرى على قلبها لتهمس باضطراب
- الو
صمت طويل دار بينهم وشادية تعتصر الهاتف بيدها، وضغط الاعصاب الذي يتفنن به يرهقها
وتشتتها
هل يكثر حتى بصوته عليها، هدير انفاسه الخشنة تصلها عبر الأثير ليبدأ قلبها بالحنين
شهقت حينما قال بفتور
- احتاج مقابلتك
لم يقل اشتاق
ولم يقل ارغب برؤيتك.

شتان بين ما توقعته وبين الحقيقة، ازدردت ريقها بتوتر والقادم تتوقعه
لقد مل
كانت تحدي جديد وخضعها لأسره!
يندفع العقل لارسال كلمات سموم في القلب، والقلب يدافع بجسارة عنه
هل يدرك أي حروب هي تشن في جسدها؟!
وهي لم تعد لديها فرصة لالتقاط أنفاسها، همست بتهدج تسأله
- الآن؟
لم يتردد وهو يهمس بجمود
- نعم
فغرت شادية شفتيها وهي ترمش بأهدابها لتهمس بتردد
-لكن انا
قاطعها بحدة ولم يتحمل الأمر تأجيل أو تردد منها.

-لا وقت لقول لا، أين انتِ؟
اجابته بصراحة وهي تحاول دفع أي دفء في حديثهما البارد
- انا في المنزل نقوم باحتفال صغير لحفلة خطبة شقيقتي، لقد وصلتك الدعوة صحيح!
لكن الجلف، البارد أجاب ببرود
- أعلم، سأكون عندك قريبا، تجهزي سأصطحبك
زفرت شادية بسخط حينما أغلق المكالمة بوقاحة، منذ متى أصبح وقح معها وقليل الذوق
تهدلت كتفيها بيأس وهي لفترة من الوقت كانت ستضرب كلامه بعرض الحائط
لكن التغير الذي استشعرته في صوته.

أقلقها!
ولن تنكر أي رسايل تحذيرية من المستقبل الذي يلوح لها من الأفق البعيد، أنها ستستقبل خذلان آخر!

راقب
الصدمات التي نتلقاها هي صنيع يدينا
صدمات من أشخاص
خيبة من آمال استطاع العقل أن يحيكها بمهارة
نضع الأشخاص في مرتبة القمة، ونسوا أنه مجرد إنسان يخطئ وليس بمعصوم!
يداه تحفران بقوة على المقود، وكلمات القذر تصيب رجولته في مقتل، خيالات تؤرق مضجعه إن كان ما يقوله صحيحًا
الأمر ليس انه صدق كلام هذا الأحمق، لكن ثلاثون يوما يحترق داخل جحيم دخله مجبرًا.

وهي لم تساعده لتخرج شياطينه، بل عززت من شياطينه وآزرتهم بكل ما تملك من قوة
عقله عاد يستعيد حواراتهم
حوار عن رجل دمر ثقتها بنفسها، رجل كان يرغب بقتله، أخطأ في الأهداف، والهدف كان قريب من مرمى عينيه
تفهم أرجوك، لست أنا تلك المنشودة، أنا بعيدة كل البعد عن تصوراتك، لن تجد ما تريده مني
وتزيد من حرائق رجولته التي تمرغت على يد الرجل، هو تأكيدها الخفي، أن علاقتهم كانت أعمق مما يمكن أن يتصوره.

أخبرتك أنه لا يوجد رجال في حياتي، ولتعلم أنا لم أمر بعلاقة سوي واحدة فقط وفشلت فشل ذريع
يتذكر تلك الجملة وكان وقتها يعتقد خطيبها الذي رآه والذي لم يكن يستحقها مقدار ذرة!
رباااااه أين فخ أوقع نفسه به وهي، تلك المغوية بعينها الكهرمانية حذرته من مغبة السقوط
لكن السقوط لم يكن سقوطًا
لقد كان انتحارًا.

رفع سرمد عينيه ناظرا نحو البوابة التي فتحت لتخرج اليه وهي ترتدي بنطال اسود كلاسيكي وتيشيرت أبيض يعلوه سترة وقد عقدت خصلات شعرها بحزم، بتدقيق ذكوري عيناه مرت على قدها، يعيد رسم تفاصيل جسدها المحفوظة كراحة يده!
هل نقص وزنها؟! أم أنه يخيل إليه؟!

رآها تفتح الباب المجاور لتلفح له تلك الرائحة المسكرة حالما جلست بجواره، لطالما الكثير من النساء اللاتي تعرف عليهن قبلا تضعن عطورًا ووقتها يحدد مزاجية المرأة ومفتاح دخوله لجناتهم، لكن هذه
مربكة، حالة من التعقيدات والنعومة ملتفة بحرير ناعم يستصرخ أي رجل ليمد يده ويختبر ملمسه!

حالة من الصمت حلت عليهما، وهو يدقق النظر نحوها وهو يرى الهالات السوداء اسفل عينيها رغم مستحضرات التجميل التي عملت عليها لتخبئها، لكنها لم تستطع تخبئتها عن عينيه، فغرت شفتيها وهي تهمس بارتباك
- هل كل شئ على ما يرام؟
هز سرمد رأسه بتيه، والطواحين في رأسه تجعله في حيرة من أمره
هي ليست بريئة، وليست الجانية
هذا ما توصل بالنهاية، هناك حلقة مفقودة وسيعرفه منها.

غمغم بغموض شديد وانطلق بالسيارة التي استأجرها إلى وجهته المحددة
- ربما
عاد الصمت يطبق عليهما، ليبدأ الوسواس ينحر العقل دافعا اياها للجنون، ارتبكت شادية من التغير المخيف له، سرمد الذي تعرفه لن يكون جافئا هكذا
طبعه الناري الذي تغير، لا يعجبها مطلقًا، همست اسمه بعذاب
- سرمد
نظرة واحدة القاها نحو عينيها ليقرأ عذابها، هل تعذبت في رحيله المتعمد!

عيناها التي تتوسلانه أن يرأف بها، جعله يتحاشى بنظره عنها، حتى يصل لوجهته
سيكون عازما على ما يفعله، لن يستسلم لها، ويترك نفسه لغمة سائغة لشياطينه المعربدة!
عادت شادية تسأل بصوت خافت وهي تخشي أن تزعج الصمت الذي يحطيهم من كل جانب
- أين سنذهب؟
صمت سرمد للحظات وهو يخبرها بهدوء شديد
-سأقوم بعمل جلسة تصوير خاصة لنا
عقدت شادية حاجبيها بريبة لتهمس بدهشة
- الآن؟

اومأ برأسه وسيارته تنهب الطريق نهبًا، للوصول إلى وجهته
-نعم
عضت شادية على طرف شفتها السفلى وهو البعيد القريب يعد أنفاسها وهي من على بعد، رآها تهمس باختناق
-هل أزعجتك في شئ؟
يود أن يخبرها ان تكف عن النظر إليه بتلك الطريقة، وكأنه الجاني في تلك القصة! ليغمغم ببرود
-لما تقولين هذا؟
زفرت شادية بيأس وهي تمر بأناملها في خصلات شعرها المعقودة تتأكد من ألا تفلت من عقدتها لتهمس بتردد.

- لا أعلم، ربما بدر مني تصرف سئ، أو قمت بعمل سيئ لك ولم أكن أقصده
لو تعلمين انك أحرقتي الرجل بجوارك
ولم يعد يتبقي سوي رجل تزوره الأشباح، وكوابيس عنكِ وشبح رجل اخر شبع من تفاصيلك قبلي!
كيف لا ينهي الأمر وهي من قالت أنت تلوثني أكثر سرمد، تلوثني، ألا يكفي خطاياي
سألها بتشكك وضيق التنفس جعل وجهه يتلون بالحمرة
- هل انتِ متأكدة؟!
زفرت شادية وهي تصرخ بسخط تلك المرة
- سرمد، توقف عن التلاعب بالكلام.

انهارت دوافعها والرسمية التي يتعامل بها تثير الرهبة بقلبها، لتغمغم باختناق
-كنت بس بطمن عليك، انت اختفيت فجأة وانا قلقت
اجفلت فجأة حينما سألها بخشونة
- لماذا؟
يحاول عقلها حتى الآن أن تستوعب أن الرجل يفهم لغتها وإن كان لا يحبذ التكلم به، رفعت عينيها المعذبتين
لترشقه بسهام معاتبة
وخناجر الهجر الذي تفنن بطعنه بها
همست بصراحة شديدة وهي تحاول أن تستشف أي لمحة اشتياق داخل غضبه البارد الغير مفهوم بالنسبة إليها.

-قلقت، لأنني قلقت، بدون سبب سرمد، ما السبب الذي يدفعني لأنني أقلق
لوي سرمد شفتيه بسخرية وهو يجيبها بنبرة لائمة
- ربما هناك أسباب كثيرة بعيدة كل البعد عن هذا
عقدت حاجبيها بريبة والمعنى الذي يقصده يصل إليها باستحياء شديد غير مفهوم، لتهم بسؤاله عما يقصده، لتجده يقول بجمود
- وصلنا
رفعت شادية عيناها لتحدق نحو المبني السكني، لتعيد النظر إليه وهي تجلي حلقها بتردد
- هذا مبني سكني.

أومأ سرمد برأسه وهو يضغط على المكابح ليغمغم بعدم اكتراث
- سنقوم بعمل تصوير خاص داخل المبنى
فتح باب سيارته وترجل منه ليستمع إلى صرختها المفاجئة
- ماذا!
الرعب الذي تجلى في عينيها وشحوب وجهها، اعلمه ان ذلك السيناريو الرخيص مرت به من قبل
اقترب منها وهو يسألها بصراحة
- هل تخشين مني؟
هزت شادية رأسها نافية رغم ضباب عينيه عاجزة عن الوصول إلى أعماق ما يقوم به، لتهمس بتعثر وهي تحاول التمسك بحقيبتها لاخراج هاتفها.

- لا، انا فقط في حاجة لأخبار أبي
وضع سرمد يده على يدها التي امسكت بالهاتف ليسألها بجرأة
- هل لتلك الدرجة لست جدير بالثقة؟
رفعت عيناها بتشوش إليه، لينفرج شفتيها بلهاث حار لتهمس بتشبث
- انا، انا، فقط في حاجة لأخباره
اطبق سرمد شفتيه وهو يضم كلتا يديها داخل يديه، وقد استشعر برودة اطراف اصابعها، ليدفع الدفء داخل جسدها وهو يهمس بوعد صادق
-لن نطيل، أعدك.

سيناريو قديم يعاد، حماس بدايات الخطبة، ثم عقد القرآن ليفصل ايام عنها وعن اليوم الفرح الكبير
هاتفها وطلب لقاءها بهدف الشقة التي س يسكنان بها، وهي ذهبت بحسن نية
ولم تكن تعلم أنه أوقعها داخل مصيدته
بودار الوعي يعيدها تدريجيا، وهي تحاول حرق الذكريات الأليمة من عقلها
ذكريات بعثت من جديد، وجاءت لتعربد حياتها، على سعى لخراب الترميم الذي نجحت به!
يسألها جزء صغير داخلها، أتثق به؟

ترجلت من السيارة وقرارها كان نعم، كانت مقامرة خطرة في عقلها
ما خسرته في الماضي، قد خسرته وما ستخسره في المستقبل ليس بنفس الخسارة الماضية!
تصبر ببعض كلمات بائسة، لا منطق لها وهي تنادي اسمه
- سرمد
رفع سرمد عينيه وهو يراها تقترب منه بخجل وهي تهدئ من نبضات قلبها الملتاعة
ليس أنها رأت رجل قذر، يعني ان الجميع مثله، ربما أخذها الى الاستوديو الخاص به الصغير الذي أخبرها عنه.

صوت داخلي سخر منها أي استوديو صغير؟! ألم تتعظ قديمًا، لكن اعتراض صغير
يخبرها ان سرمد مختلف، برغم ما فعله سابقا واندفاعاته المجنونة لها، الا انها تستطيع اعادته لوعيه!
همست بثقة تبث به لنفسها قبلها ثم اليه
- انا واثقة فيك، وصدقني عمري ما اديت ثقة لحد من زمن طويل
تحجرت عينا سرمد عليها وهي تندفع بسهولة إلى المصعد بجواره، وسؤال انبثق داخله
هل اندفعت بثقة مثله؟!

اخفض رأسه وهو لا يصدق أنه يعاني من غيرة حارقة لأمرأة، امرأة تفننت في جلده على صفيح ساخن
توجه نحو الشقة التي ظلت لأسابيع يقوم بتجهيزها، ليفتح باب الشقة وهو يضئ الأنارة لتقف شادية على الباب بصدمة
والماضي يلعب لعبته بخسة معها
الماضي اختلط بالحاضر ووقف المستقبل ينظر اليها بسخرية
الصورة لم تعد تتبينها نحو الواقف أمامها
تراه تراه معاذ، ثم هو
وطنين في أذنيها، وجسدها تحفز للهرب لتهمس
- دي، دي شقة.

نظر سرمد بفتور تجاه الشقة ثم أشار إلى باب ما واخبرها بصدق
-نعم، بالداخل يوجد غرفة للتصوير
ارتدت خطوة للخلف، وبشرتها التي فقدت دمائها أخبرها أن الأمر لم يعد مزحة
لتهمس باضطراب
-انا، انا محتاجة امشي
عقله بلا وعي يتذكر ما قالته لا أحد يظل بجوار الآخر طوال العمر، الجميع يرحل ما إن يأخذوا غرضهم من الشخص الذي يريده ماذا تقصد بالغرض؟!

اقترب منها وهو يمسك ذراعها ليسمح لقدميها الملتصقتين بالأرض بالتحرك ليهمس لها بنبرة ساخرة
- ما بك؟ ترتعبين هكذا، وكأنك ترين وحش على وشك الانقضاض عليك
اغرورقت عيناها بالدموع وهي تحاول صده لكن عجزت رفع يدها لذراعه لتهمس بخوف حقيقي
- سرمد
تناجيه من شياطينه ومنها، تناجيه وهو الأكثر قوة منها في ذلك الوضع، تناجيه علّ أن ينتهي عذابها، ليهمس سرمد بصوت دافئ.

- تعالي جميلتي، داخل الغرفة ستتفاجئين بما أعددته طيل الاشهر السابقة
الطنين عاد أقوى وهي تتذكر ما أن جرها لفخه لتكون حبيسة الشقة التي ذبحت انوثتها، واعتزازها الأنثوي، عصير شربته جعل جسدها يصاب بالتشنج وحركة في الصعوبة.

فتح باب الغرفة، وهي تشعر أنها تنساق إلى المقصلة لتتسع عيناها بارتجاف وهي ترى المرائي العاكسة ملتصقة بالجدران تذكرها بغرفة المرايات السحرية مع نور اضاءة وكاميرا موضوع على الحامل، فغرت شفتيها بصدمة تهمس
- دي مرايات
اومأ سرمد وهو يغلق باب الغرفة، ليعود الرعب يتحفز بجسدها
وسرمد يضغط على رز في الحائط ليقول بابتسامة ماكرة
- لا تنسي الفراش يا فاتنة.

دارت الدنيا من حولها، لتنظر إلى احدي جوانب الحوائط دار بنصف دائرة لتقع عيناها على الفراش الوثير لترفع عيناها بنفي لتهمس
- انا عايزة امشي، ارجوك
ضم سرمد يديه في جيبي بنطاله وهو يقترب منها بتؤدة ليسألها بمكر
- ما الوحش الذي يخيفك شاديااه.

انهمرت الدموع من عينيها وهي ترتد إلى الخلف بخطوات مذعورة، وعينيها دون وعي تسقط على الفراش من خلفه ليصطدم جسدها بالجدار من حولها، وما ان مالت لتنظر نحو حائط المرآة الذي يحيط بالغرفة لتتعثر شفتيها وهي تهمس
- أخشى مما ستقوم بفعله، في لحظة فقدان سيطرتك
اقترب منها وداخله يخفي طاقة عنف وغضب، بصعوبة بالغة ليضع ذراعه على جانبها وهي تزداد انكماش ليسألها بنبرة ملتوية
- تخبريني وكأنك واجهتي الأمر يا جميلة؟!

لم يكن عقلها يعمل بكفاءة وذكريات الماضي تتدفق بحرية، دموعها تسقط بحرية على وجنتيها
وعينيها تحكي الف عذاب وعذاب عن ما حاولت نسيانه، شهقت بانفاس ثائرة لتنفجر تقول بانهيار
- سرمد لهجتك دي مش عجباني
كادت تتهرب من الجانب الاخر، لكن يده الأخرى وضعها داخل نطاق حيزه سيطرته
امسك بذقنها يرفع عيناها ليهمس بغضب
-لا تتهربي، لم اعهدك هكذا جبانة
لهثت بأنفاس مختنقة ولفحات انفاسه الحارة تخبرها عن جحيم مستعر داخل أحشائه.

يستدرجها العقل إلى الاستسلام للغيبوبة، لكن الجسد متيقظ لأدنى حركة منه
جسدها يحارب تلك المرة، يحارب بضراوة لتصبح في موضع قوة تلك المرة!
لانت ساقيها لتشهق بذعر وهي تشعر بيده التي احتضنت خصرها ليضم جسدها داخل محرقة مشتعلة، كل ذرة في جسده ترسل شرارات لاذعة، تصعق جسدها الذي يستقبل الإشارات السلبية ليخزنها لتتفاجأ به يصيح بنبرة آمرة وشفتيه وجدت طريقها لتهمس في أذنها.

- هيا اللقطة الأولى الافتتاحية، ركزي ببصرك على المرآة التي أمامك
ضوء قوي غشي عينيها لتغمض جفنيها وصوت التقاط الصورة جعل جسدها يختض بعنف، كادت تتوسله مرة أخرى الا انها وجدته يدفعها بقوة عنيفة لترتطم بالمرآة من خلفها بقوة جعلتها تطلق تأوه مؤلم ليقول سرمد بجنون ويداه امتدت لنزع رباطة شعرها
- لنطلق خصلات شعرك هذه، وننزع تلك السترة القبيحة عنك.

خلل سرمد أنامله في خصلات شعرها وهو يكبل يدها عن المقاومة، وعيناه يتفحصان كل جزء من جسدها الا عينيها، شفتيها المرتجفتين، والدموع التي تصافح خديها
جعله يعلم، انه يؤلمها بقذارة، لكنه معذور!
نزع السترة بقوة وهو ينظر إلى جسدها بفجور جعلها ترتفع ذراعها لتغطي صدرها بقلق، ليهمس سرمد بنبرة ماجنة
- تذكريني بناظرة مدرسة متزمتة، قررت معاقبة مراهق اهوج وانتهت بسقوط الناظرة بين احضان المراهق.

شهقت شادية بصدمة، لترتفع حاجبيها بذهول وهو يأخذها على حين غرة للالتصاق بجسده مرة اخري، آنت بألم حينما اعتصرت يديه خصرها وهو يدفن وجهه تلك المرة في عنقها ليهمس
- هيا جميلتي تلك لقطتنا الحميمية الثانية
كادت تخر على الأرض ساقطة ولم يعد عقلها يحتمل هذا القدر من اللعب بالأعصاب، تخشب جسدها لا يساعدها على الفرار من قبضته المحكمة على جسدها لتتوسله بألم
- كفاية، ارجوك.

ابتسم سرمد بسخرية وهو يعيد رفع رأسها لينظر تلك المرة نحو عينيها بجمود شديد متجاهلا صراخ عينيها، ليصيح بخشونة
- افتحي جفنيك وانظري للمرآة بثقة
نكست رأسها بخزي شديد وعينيها تتهربان من النظر للمرآة، وهذا أغضبه
بل يكاد يلعنها وهو يرى استسلامها السريع للأمر
هل استسلمت له سريعا؟ أم اصطحب الأمر بعدها متعة لم تجده سوي بين ذراعيه
والوصول إلى هذا الأمر، اشتعلت الطبقة الخامدة.

ليتقذف حممه اللاهبة، محرقا الأخضر واليابس ولم يعبأ ان طالها هي!
رفع جسدها بقوة ذراعيه ليتوجه بها إلى الفراش
حيث المشهد الأخير
الفيصل بينهم
بين حقيقة مرة، وفراق أشد مرارة
لكن الحبكة اقتضت لهذا الحل!
صرخت شادية بكل قوتها وبدأ جسدها يفيق من غيبوبة الصدمة، تتلوى بجسدها صارخة
- لا تفعل بي هذا
ابتسم سرمد ابتسامة ميتة وهو يلقيها على الفراش
لتسقط من السحابة الوردية وخسفت بها لأسفل السافلين.

يديها تتحرك بعشوائية وهي تخربش وتحاول الانتفاض من الفراش وكأن هناك حية على وشك بخ سمها
ليخلع سرمد التي شيرت الخاص به وهو يضغط بركبتيه على ركبتيها يدحض مقاومة ساقيها ثم مال بجذعه وداخله مدفوع بطاقة حنق ليبتسم بمرارة قائلا
- لقطتنا العظيمة في الفراش
هزت شادية رأسها وقد دخلت في نوبة هستيرية تصرخ باستنجاء وعينيها تتذكر حدقتي عينا معاذ الثعلبيتين وهو يجردها من ثيابها دون أدني مقاومة منها.

جسدها متخشب جراء ذلك عقار ما ولسانها قد التصق بسقف حلقها، لتبكي نازفة على براء سلبت دون أدني إرادة منها
- لا، لا
زمجر سرمد بخشونة وهو يرفع كلتا ذراعيها فوق رأسها ليصرخ هادرا في وجهها
- لا تعاندي
كرامته تنزف والحقيقة وصلته اليه بمرارة واضحة، توقف جسدها عن المقاومة ليترجف جسدها بانتفاضة سريعة مصاحبة إياه بعدة شهقات تنيط القلبو
همست بتوسل وعينيها ترتفعان للسقف لتشهق بصدمة وهي تري مرآة ضخمة في السقف.

فضح بها اثر جريمته التي يرتكبها بحقها، هطلت الدموع من بين عينيها وهي ما عادت تميز أحدًا
أغمضت جفنيها وهي تتوسل من الله أن يقبض روحها قبل أن يتمكن منها
عادت اللمسات المتسبيحة لحقوق جسدها
تلامس بفجور إلى أشد المناطق خصوصية بداخلها، لتنهمر الدموع من عينيها وجسدها يرتجف ما ان لامست أنامله الساخنة سطح بطنها العارية
عادت تتوسله مرارًا
- ارجوك، حرام عليك.

لكن الأنامل لجوجة كصاحبه، تيبس جسدها وهي تشعر به يفك زر بنطالها ثم يسحب سحابة بنطالها لتتوسل برحمة غادرت القلب
- ارحمني
زفر سرمد بحرارة ويده ترتجف وتتخبط بذعر، انين بكاءها وهمسها المتوسل افاقه من مغبة جنونه لتتسع عيناه بجحوظ وهو يري جسدها الراقد اسفله، جسد امرأة ميتة
افلت يديه سريعا وهو يضغط على رأسه الذي يكاد ينفجر من كثرة الجنون الذي يسيطر عليه!
انين صوتها يقتله يذبحه من الوريد الى الوريد.

لقد انتهكها دون أن يمسها حرفيًا وفي ظل خضم مشاكل عقله استمع إلى أنين خافت منها وهي تهمس بغريمه
-معاذ، ارجوك
انتفض سرمد كالملسوع وهو يبتعد عنها عدة خطوات يراقب جسدها الراقد بسكون مخيف على الفراش، حتى تنفسها ثقيلا كثقل الكلمات التي ذبحت رجولته
هل أمتعها؟
استطاع أن ينبذ الرفض وتشاركه جموحه، الشيطان يتسائل بخبث.

وعقله المنهك لم يعد يتحمل أكثر، ليميل مقتربا منها بهجوم وحدقتي عينيه مشتعل بنيران الكبرياء الجريح
امسك خصلات شعرها وشده بقوة لتعتدل في جلستها وهو يهمس بنبرة مميتة
- هل تعلمين ماذا تسمى المرأة حينما تكون بين ذراعي حبيبها، وفي أشد لحظاتها الحميمية تنبس بأسم رجل اخر.

فغرت شادية شفتيها بصدمة وعينيها تسقط على سرمد وحدقتي عينيه محتقنة بغضب أهوج، همت بأن تفلت منه، إلا أنه أعاد جذبها لتحدق بعينيه وهو يجيبها بنبرة لاذعة
- عاهرة
الكلمة كان لها صدى قوي في غياهب عقلها الذي تلقي كلمته بخيبة أمل
من بين جميع الأشخاص
خذلها
أعاد تحطيمها بعد ترميمها الأخير.

رفعت نظرتها اللائمة إليه، واكتفت بصمت أن تقطع صفحتهما، استقامت بوهن من الفراش وهي تتحرك بصمت لتلتقط حقيبتها الملقاة، خشت من النظر إلى جسدها لتبقى عينيها على الارضية، شهقت بذعر حينما أمسك عضدها بخشونة لتستدير إليه وهو يهدر في وجهها
- ماذا فعل بك؟، أخبريني؟
ارتجفت اطراف جسدها بقوة وهي تتذكر زوال المخدر من جسدها لتستفيق على نظرة الظفر وقطعة قماش احتفظ به بعذريتها التي سلبها منها.

دوار عنيف لفها وهي تحاول نزع يده الا انه جذبها لتسقط على صلابة صدره وهو يهذي بجنون
- تركتيه يتمكن منك، أخذ غرضه والقاكِ كفتاة ليل جلبها من إحدي أرخص الحانات
صفييير حاد اخترق أذنيها وهي ترفع رأسها تنظر اليه، لا تستوعب مدى ايلامه لها ليجعلها في صورة الجانية البشعة، مدت يدها بلا تردد لتصفع وجهه وهي تلهث بجنون.

نزعت يدها عنه بقوة وهي ترمقه بنفور شديد، وكلمة عاهرة تطن في أذنيها، لتهطل الدموع من عينيها وهي تنفجر تهمس بوجع
- توقعتك عكسهم، رغم كل العلامات اللي بتقول انك زيهم، مصدقتش
تحاشت النظر نحوه، لكن وجيب انفاسه الحادة أنبئها أنه عاد لوعيه
القت نظرة سريعة نحو خاتمه، وبدأت تشع به كثعبان يعتصرها حية قبل أن يوشك على ابتلاعها، نزعت خاتمه بحدة وقذفته في وجهه لتصيح بتهدج.

-عموما انا مش بلومك على أي حاجة، والحمدلله انها جت على قد كدا، ده خاتمك، اتمنى تتأكد المرة الجاية لما تختار تعملها اختبار عذرية
ونظرة واحدة لائمة، أسدلت ستار المسرح ليعلن عن نهاية الفصل
لتقول بما تبقى منها من قوة
- لو معاذ عري جسمي، فانت عريت روحي بخسة
اتسعت عينا سرمد بشراسة ليهدر في وجهها دون أن يملك جرأة للمسها
- هل هذا اسلوب قلب الطاولة؟! انتي منذ قليل هتفتي بأسم ذلك الخسيس وكنتي بين ذراعي.

اتسعت عينا شادية بجحوظ، هل هذا ما ثار جنونه؟
لقد كانت شبه واعية لما يحدث، وترجته للتوقف
أبي لسانها عن الدفاع وهي تمسح دموعها بقسوة من خديها لتقول بنبرة ساخرة
- مش قولتلك انك مش هتلاقي اللي عايزه مني
كز سرمد على اسنانه غاضبا، وعينيه تتخيلان كيف حالتها حينما خرجت من معركة خسيس فاز بها!
هدر وهو يقترب منها، وعقله على وشك ازهاق روحها حرفيًا
-انتِ
تراجعت خطوة وهي تغمغم بجفاء.

-عموما مش هتفرق، انا هبلغ بابا، وهبعتلك باقي حاجتك قبل ما تسافر
وبنظرة واحدة على الخاتم الملقي في الأرضية، علمت أنها خسرت كل شئ في تلك الغرفة
سارعت بالفرار من المكان قبل أن يطبق على انفاسها وغادرت دون النظر للخلف لمرة!

في المساء،
وقف معتصم بقلق يكاد يعصف بقلبه وصغيرته غائبة عن حفلة خطبة شقيقتها التي على وشك عقد قرانها
لولا انه تفاجأ بالأمر، وجعله يضطر مجبورا للرضوخ للأمر الواقع أمام جميع معارفه
لكنه يقسم، إن هذا العقد لن يفيد بشئ!
حجته الوحيدة هي حضور شادية، والمأذون النزق يتعلل بعقد قران اخر تأخر عليه، زفر بيأس وهو يمسح العرق المتصفد علي جبينه، ولا يعلم سر غيابها حتى الآن.

توقع انها تشرف على حفلة الخطبة، لكن بسؤاله عنها من العاملين، علم أنها لم تحضر اليوم وتركت مساعدتها تهتم بتفاصيل الحفل
تنفس الصعداء ما أن لمح سيارتها الحمراء تصطف أمام البوابة، لتهبط منها بجمود وعينيها الخاويتين جعل قلب الأب ينهار بين قدميه ليصيح بذعر
-شادية
انتبهت شادية على نداء والدها، حاولت كبح جماح دموعها التي ذرفتها لقلب رجل يراها عاهرة وفتاة ليل، لتنهار فجأة وهي تسقط بين ذراعيه تهمس
-بابا.

دق ناقوس الخطر في قلب الأب وهو يحتضنها بلهفة، يغمض جفنيه وهو يدعي الله ألا تعاد ازمتها السابقة كما الآن!
ضمها بكل جوارحه وهو يسألها بجزع أب ملكوم
-مالك فيه ايه فهميني
انفجرت شادية في البكاء ولا تعلم أي شكوى تبثها إليه، هي التي خرجت من الشقة بصلابة حتى وصلت للمنزل وأخذت سيارتها وانطلقت بها لقبر والدتها تبكي بقهر ووجع
أتخبره انه محق، ان الرجل الذي راهنت قلبها عليه، ذبحها!

دفنت وجهها في صدره وهي تزداد تعلقا به بانهيار وبحثًا عن دعم تعلم انها ستجده بين ذراعيه الحانيتين
- انا موجوعه اوي
انقبض قلب الأب، وخاطر لعين يخبره انه بسبب اختفاء ذلك الخبيث الأوروبي من الصورة، أيمكن أن يكون دمرها إلى ذلك الحد ومن بين طفلته هذه وطفلته الأخرى التي تنتظره لعقد القران، بقي ممزق بينهما لينهي مسألة عقد القران أولا ثم يسحبها ليرى سبب انهيارها الثاني.

- جيهان من الصبح بتسأل عليكى وقولت اني مش هعمل العقد الا لما تكوني موجودة
انتبهت شادية من فورة مشاعرها، إلى فرحة شقيقتها التي لن تنغضها لتسارع بالابتعاد عنه وهي تمسح دموعها لتقول بنبرة هادئة
- روح انت يا بابا حصل المأذون وشادية هتكون جنبي
تردد الأب وهو يرى انتفاخ عينيها ليتوجع قلبه عليها
- بس
رفعت عيناها لترى ماهر وهو يتقدم نحوهما وقد بدا متفاجئا من مظهرها، لتتحاشي النظر اليه وهي تقول
-أهم بيستعجلوك.

القي معتصم نظرة ذات مغزى نحو ماهر الذي تقدم نحوها ومد ذراعه ليدعم ظهرها بمؤازرة، تقدمت بجواره وهو يميل نحوها يحذرها من فلاشات الصحفيين أن تطالها
-افردي ضهرك وخبي دموعك يا بنت السويسري، الكاميرات في كل حتة
سارعت بدفن وجهها في صدره ليحتضنها ماهر بأخوية، وهو يحميها من عيون أي متلصص أو سارق، ثم اندفع بعيدا عن الجميع ليربت على ظهرها وهي تهمس بتحشرج
-ليه بيحصلي كدا كل مرة.

ضيق ماهر عينيه بعبوس شديد، قبل أن يندفع بهتف بحنق
-عمل فيكي ايه ال ده اقوم أضربه
هزت شادية رأسها بسخرية، حتى شقيقها يدينه هو، همست بجفاء وبنصرها يستشعر فقد خاتمه الذي اعتادت عليه!
-مفيش داعي، الموضوع انتهي
رفع ماهر حاجبه بدهشة ليهمس بسخرية
-ايه قررتي فجأة انه مش مناسبك
غمغمت اسمه بلوم شديد وهي تسارع بدفن وجهها في صدره
- ماهر.

صمت ماهر زافرا بحرارة، وعينيه تسلطان على نزق المأذون وتلهف وسيم وانفجار جيهان بالضحك مشاركين معها المدعوين، ربت على ظهرها مرارا قبل أن يتدلي فكه وهو يرى رجلا يقف في منتصف الجموع والاضاءة تتركز عليه، ليلفت انتباه المدعوين، سقط فك ماهر ببلاهة ليصيح بصدمة
-ايه اللي بيعمله ابن المجنونة ده
رفعت شادية رأسها وهي تنظر اليه بعبوس قبل ان تطل بنظرها إلى مرمي بصره، ليتخشب جسدها ما ان وقعت عيناه عليها.

نظرة عيني ذئب تعود لمحاصرة فريستها
ابتسم بعبث شديد رغم حريق عينيه المشتعل، لتتجهم ملامحها على الفور وهي تسمعه يقول بصوت واثق
- أحب ان استغل وجود الجميع هنا، وفي وجود عائلتي والأحباب لأعلن رسميا للجميع لطلبي الذي اتحرى لسماع موافقته من السيد معتصم بعد مدة طويلة لسماع رده.

دوار عنيف داهمها، لتتشبث بذراع ماهر ليصمت الحضور على العرض المسلي الذي يقدمه الأجنبي في حفل الخطبة، ليرفع حاجبه بسخرية وعينيه وقعت على غريمه أباها الذي انتفخت أوداجه بغيظ
- هل توافق على زواجي من ابنتك؟
وقبل أن ينفعل الأب ويثور تعالت شهقات مفاجئة للمدعوين لسقوط شادية عن الوعي بين ذراعي شقيقها!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة