قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وثلاثة وثلاثون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وثلاثة وثلاثون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وثلاثة وثلاثون

فى حى عاصي،
الأجواء تزداد اشتعالا فى الحى مع اقتراب زفاف عاصى، تحية تعمل على قدم وساق فى جعل الزفاف أقرب وقت ممكن بعد تأخره لشهر بسبب عمتها التي أخذت مرضها كحجة لعدم حضورها لكن الآن، تقف هى على باب منزلها تستقبل التهانى والمباركات، وبالطبع لا تنسى بعض النظرات الحاقدة والغيرة التى تلمع فى أعينهم، لكن قررت ترك ما يعكر صفوها وركزت بعينيها على أميرة حفيدها.

المرأة التى كانت تحلم بها طوال الأعوام السابقة، لن تنكر أن الله رحيم بها جدًا بداية من عاصى حتى الآن اطمئنت على زوجته التى لن تتردد فى اعطاء عينيها له!
فرت الدموع من عينيها وهى ترى حماسة الفتاة والحنانة تقوم بعرض بعض الرسومات ومن بين حيرتها وترددها اخذت باراء صديقاتها اللاتى جلبتهن معها كي تحتفل بليلة حناء مختلفة عن التى قامت بها منذ يومين.

اقتربت جيهان بكل اريحية من وجد، وبدأت علاقة الفتاتان تتوطد خلال الفترة السابقة لتقول بحماس شديد وهى تشعر بالأجواء فى الافراح الشعبية أفضل بكثير من الذى قامت به منذ يومين حيث قضت الفتيات اليوم من بين صالونات التجميل ومراكز الاستجمام
-ايوا بقى هى دى ليلة الحنة ولا بلاش.

انفجرت وجد ضاحكة معر رقصات جيهان المائعة مع بعض الفتيات على أصوات الزغاريد والطبول، رفعت عينيها تجاه آسيا وقد آلمها قلبها تجاه ملامح آسيا الخالية من أى ملامح حياة!
لا تعرف كيف انقلبت حياتها منذ يوم وليلة حينما اصرت على الطلاق، و وقتها تقسم أنها رأت لؤى آخر غير الذي تعرفه، بدى أكثر وحشية وشراسة، بل كائن بدائي يعلن عن ملكيته لأمرأته المتوحشة.

كادت تنفلت ضحكة ساخرة وهى ترى ملامح اسيا صارخة الجمال، لتحزن على حالتها، فبعد قرارها الذى لا رجعة به فى الطلاق واصرار لؤى على رفض طلبها، تدخل جدها بأخذ آسيا للعيش معهم مرة اخرى فى المنزل، وجعل لؤى يسكن بعيدا فى منزلهما وتحت نظرات الدهشة التي ساورتهم أذعن لؤى بالنهاية لكنها لن تنسى رؤية لؤى وهو يرشق نظرات تملكية لآسيا، كانت أول مرة ترى لؤى يتخلى عن رسميته وبروده وقد طفقت تعابير رجل يحارب لاستعادة حب عمره!

وبدأت وصلة عذاب لكلاهما، أصبحت آسيا هادئة، لا تثير جدلا مع عمتها، بل ترمقها بكل شفقة جعل عمتها تتسع عيناها بدهشة، تكرس ذاتها فى العمل، رافعة طلب الطلاق الودى امام جدها طالبة ان يستعيد حفيده التعقل وعدم التكبر ليلبى طلبها
وفى المقابل، ستعيش مع جدها فى المنزل
وان رفض سترفع دعوى طلاق وحينما تكسب القضية ستسافر عائدة الى بلادها..

لا تعلم ما الجنون الذى تفكر به اسيا، لكن مع ذهابها ليلا كل يوم وسماع بكاءها الخافت قررت دعمها حتى الجد استسلم وبدأ يدفع لؤى لان يلبى طلبها وقد ترك له مهلة حتى يوم زفافها اما بالرفض او القبول، وفى النهاية سيطلقها منه وستكون حفيدته بجواره..
اقتربت آسيا حينما لاحظت علامات التعاطف على وجه وجد، لا تود عكر صفو مزاجها وهى تميل لتجلس بالقرب منها قائلة بابتسامة ناعمة.

- تعرفى احسن قرار انك عملتى ليلة الحنة هنا، تحسى الأجواء هنا شعبية لا وكمان شبه اللى بشوفه فى الافلام
ربتت على يدها قائلة بابتسامة واسعة وعينيها تلمعان بشغف
- اى خدمة يا مدام آسيا انتى عارفة نحن دائما نلبي طلب الزبون
ثم جذبتها ببعض القوة لتجلس بجوارها قائلة
- تعالى ارسمى حنة، انا اتفقت مع الحنانة انها هتعملك رسم عرايس زى ما كنتى عايزة.

تجهمت ملامح آسيا وفورا ضاع قلبها للحبيب الجاحد الذي اعتمد على رسائل الضغط، يخبرها فى كل مرة دون حاجة للافصاح بلسانه، بل عينيه كفيلتان لتخبرها انه لن يتنازل عنها
التمليكة منه محببة في وقت سابق، لكن الآن يبدو كوحش قام احد عن طريق الخطأ بشد ذيله ليخرج من مخدعه!
وهى بكل اصرار تعبث معه، تثير عقله برحيلها وما يجعله يكاد ينهار حارقًا كل الاخضر واليابس أنها تلقت دعم العجوز.

لن تكذب وتقول انها صفت كامل عدائها معه، لكنه الوحيد الذي سيجعلها تصل لأهدافها وان كان بينهما مصالح مشتركة، حتى الآن تتعامل معه بألقاب رسمية وهو بدأ يوزع بعض من حنانه الذي أراه مع وجد لها، مرة واحدة فقط رأت دموعه وهو يحدثها عن والدها ومن بعدها رفع ستار مشاعره عنها حينما وجد عدم استجابة منها!
القت نظرة تجاه الرسومات الخاصة للحناء، ابتسمت بفتور لتقول بمزاج متعكر اصبح صديقها الدائم لها.

- لا مليش مزاج حاليا ليها، انا بحب بس اتفرج وهي بترسم
زمت وجد شفتيها لتقول بحدة
- انا قولت انك هتعملى، يعني هتعملي
رفعت اسيا حاجبيها لتبتسم وجد بنعومة فى وجهها، ونظرة الاستعطاف خاصتها جعل اسيا تزفر بحدة لا تصدق الفتاة تؤثر بها لتلك الدرجة، جاء صوت جيهان مقاطعا لحديث الفتاتان
-على فكرا لو هى رافضة انا موافقة عادى
غمزت لها وجد قائلة بنبرة ذات مغزى.

- انتى كدا كدا ليكى دور يا جيجي، متعرفيش وسيم موصينى عليكى قد ايه
عضت جيهان باطن خدها وهى تحاول التحكم فى مشاعرها، أو أن تشق راس ذلك الوقح لنصفين ألم يخبرها بهذا الامر منذ الصباح ان ترسم فى مناطق معينه لا يراها أحد غيره، ما داعي للتأكيد على ابنه عمه!

التفت جيهان رأسها تجاه آسيا، المرأة التي بدأت تتقبلها نوعا ما ليس لانها صديقة وجد او لأنها ابنة عمهم، بل تراها اقرب صورة لشقيقتها البائسة التى تراها تدفع نفسها داخل العمل دون التفكير بحياتها، قالت بصوت مرح كى لا تعكر صفو وجد
- عموما الحنانة اللى هتيجى ممكن تعملك أشكال معينة، فوفا شاطرة جدا فى الرسومات.

همت آسيا بسؤال عن المدعوة بفوفا الا ان صوت فتح الباب وصوت تحية الهادر تجاه الفتاة جعلها تعلم انها المسماة بفوفا
- ما لسه بدرى يا هانم، نموسيتك كحلى
وأفضل وسيلة اتخذتها فوزية هى الهجوم تجاه تحية، لتميل بغتة مقبلة كلتا وجنتيها مرددة عبارات التى يتناولها الجميع فى مناسبات الفرح
-ما عقبال ما شوفت بابا وجهزتله العشا، الف مبروك لعروستنا وعريسنا، فين العروسة.

لوت تحية شفتيها تجاه الفتاة، همت ان تعطيها محاضرة عن الوقت، لكنها قررت ان تشد اذنيها بعد انتهاء الفرح لتقول بتهكم
- جوا الاوضة يختي، خشي انجزززى
نظرت فوزية يمينا ويسارا لتسارع بإخراج العسلية كى لا تقبض عليها اسماء متلبسة لتقول بمكر
-الله يا توحا، مكنش العيش والملح، والعسلية يا قمر انت.

لمعت عينا تحية بشغف تجاه العسلية، وتلك الفتاة الشقية تعلم ضعفها جيدا، نظرت الى العسلية التى ترشيها به لتهم بأخذه منها الا ان يد أخرى امتدت للعسلية لتقول اسماء بأسف مصطنع تجاه تحية
- ايوااا، ادخلى بقى انتى من الحتة اللى بتوجعها، وبعدين مفيش عسليات غير لما الدكتور عاصى يسمحلها
زمجرت تحية بعصبية وهي ترى اسماء تتناول العسلية بتلذذ لتجز على أسنانها هامسة بصوت منفعل.

- الله ما تموتونى احسن، جرا ايه يا اسماء قالبة بوزك ليه، مش كفاية البومة عمتها مأخرة شهرين عشان رجليها اتكسرت ومرة عشان فيه انتيكات ملهاش لازمة، رغم انى متأكدة لا متكسرة ولا نيلة بس شوية لعب عشان تأجل الجوازة
انفجرت فوزية وهى ترى اسماء تغيظ تحية التى على وشك خلع حذائها وضربها لتصفق بكلتا يديها قائلة
-الله عليك يا ست توحا وانت عامل زى محقق كونان كدا.

لوت تحية شفتيها وهى لا تعلم كيف تتحمل فتيات هذا الجيل، كان الله فى عونها حقًا وليعين أى رجل عليهما واولهما تلك فوزية، لتقول بغضب
- كونان ايه ونيلة ايه، انا لو عليا كنت اجيبها من شعرها الولية دى واعرفها ان الله حق، بس مرضاش ازعل البسكويتة، كله يهون عشان خاطرها
حاولت الفتيات كبح ضحكاتهم وهن تريان تحية تتخيل جميل تحت قبضة يدها، لتنظر تحية بغضب تجاههم لتقول بحدة.

-بتضحكى على ايه يا بت منك ليها، يلا كل واحدة تروح شغلها
زمجرت اسماء بعصبية مغمغة بغضب وهى تذهب تجاه المطبخ
- ما ده اللى باخده فى الاخر زعيق وشخط، وناس ليها من جانب الحب وناس ليها من جانب المر
علت تحية بصوتها قائلة
- بتتبرطمى يا بت بتقولى ايه
علا صوت اسماء قائلة بحدة
-بقول لا اله الا الله
اجابتها تحية بحدة مماثلة وهي تقول
-سيدنا محمد رسول الله، روحى شوفى شغلك.

لم تسمع ما تقوله اسماء، لتنظر بحدة تجاه فوزية التى نجدتها جيهان جاذبة ذراعها قائلة
- يا فوفا كل ده تأخير، يلا البنات مستنين على ناار
استسلمت فوزية لها لتجلسها بين البنات لتقول فوزية
- طب اخد نفسى طيب، حتى كوباية عصير يا بيت الكرم
اجابتها جيهان قائلة بتعجل
- هيجيلك الاكل لحد عندك، اطلعي بالالبوم بتاع شغلك ووريه لميس هوليوود دى وانتى عارفة رسمتى من ايام الجامعة.

وقعت عينا فوزية على آسيا لتفغر شفتيها وهي تنظر إلى امرأة اقل ما يقال عنها، صاروخ أرض جو كما تسمع من شباب الحتة وألفاظهم البذيئة، أخرجت مجلد رسوماتها العصرية كبنات الجيل الحالى، لتمد لها بدفترها تجاه آسيا التي التقطته منها بإيماءة رأس
قلبت اسيا المجلد بهدوء، وهى ترى معظم تلك الرسومات عصرية من طيور، وقلوب ومخطوطات وكما قالت جيهان سابقا، انه من الحناء، غمغمت تجاه فوزية
-شغلك مش بطال.

ابتسامة راحة زينت ثغر فوزية لتربت على صدرها قائلة
- والله دى حاجة تشرفنى
لم تجد آسيا شغف لرسم أى شى لذا وضعت المجلد جانبا، ومدت ذراعها قائلة
- معنديش حاجة فى دماغي، اعملى أى حاجة مش هتفرق
ابتسمت فوزية بحرج وهي تغمغم
- ممكن زوقى ميعجبكيش
مالت آسيا برأسها لتجيبها بمنطقية
-لطاما بتعرفى ترسمى، اعتقد انك هتعملى حاجة حلوة، ومش هعترض.

وعلى الجانب الآخر البعيد، كانت الحنانة الخاصة بوجد انتهت من ذراعها الاولى لتقترب جيجي منها قائلة بهمس خافت
- ده العريس لو عرف الامكانيات اللى عندك مش بعيد يهرب.

تلونت وجنتى وجد بالحمرة القانية، وهي تشعر انها ازدادت بعض الوزن فى بعض المناطق المخصصة نتيجة تناولها لطعام توحة الذى بدأت تدمنه، حتى مع عاصى قضت نهائيا على نظام التغذية الخاصة بها التى علمتها جميلة، وعاصى باخر النهار يصطحبها إلى مركز الرياضة لحرق الدهون، اجابتها فى همس خافت
- جيجي
ضحكت جيجى بانطلاق لتميل بنفس الهمس
- الله مش كنتى قولتيلى الحقك انا بدروس تقوية للرقص الشرقى.

لقد قالت تلك الكلمة منذ يومين عن سبيل المزاح حينما رأت ان جيهان لا بأس بها تجاه الرقص الشرقى، اصطبغ وجهها بالحمرة لتهمس بنفى تام
- لا طبعا اتكسف ارقصله ما بالك بالشرقى
اتسعت عينا جيهان تجاه رفض الحمقاء، لتمسكها من ذراعها قائلة
- يا خايبة ده يخلى جوزك ولهاان و لهفان ليكى
هزت وجد رأسها بثقة تامة لتقول
-لأ عاصى محترم على فكرة.

ضحكة ساخرة انطلقت من جيهان حتى الحنانة تحاول كتم ضحكاتها من همس الفتيات والذى سمعته بالصدفة، لتشيح جيهان بيدها قائلة بتقزز
-يختى بلا خيبة الرجالة بتتسطل من وسط ست بيهز
لكن وجد ما زالت على اصرارها لتخبرها بثقة
- لا يا جيهان عاصى غير
رفعت جيهان احدى حاجبيها لتميل نحوها قائلة بمكر
- ما بلاش النفخة الكدابة دى، انتى هتزعلى فى الاخر، طب ايه رأيك تيجي نتراهن.

عبست وجد وهى تنظر الى ملامح التسلية المحفورة فى وجه جيهان، تخبرها بسخرية عن خطئها العظيم فى معرفة رجلها
- على ايه؟
لمعت عينا جيهان بخبث بعث القلق فى سريرة وجد، لتميل على اذنها هامسة بوقاحة متعمدة
-تتصلى بيه دلوقتى وتكلميه وتسأليه يا عاصى تحب ارقصلك شرقى فى ليلة الدخلة وشوية سبايسي خليه يدخل الجو وشوفى رده، لو قال اه هعزمك على كبدة.

اتسعت عينا وجد بصدمة جراء جراءة جيهان، لتحدق تجاهها وهي لا تصدق انها ستخبره أمر كهذا! ستموت ولا تقوم بفعل هذا الأمر الفاضح!
ماذا سيقول عنها؟ هل انحرفت اخلاقها قبيل زفافهما؟! ثم هى لا تضمن ردة فعله! أزاحت جيهان قائلة
- قومى يا جيهاان من وشى
فكرت جيهان سبب رفض وجد وخمنت انه من شطائر الكبدة، لتقول.

- طب والله الكبدة دى ابن عمك ادمنها وبقى يجيبلى سندوتشات وقت الشغل، وقت ما تكون غزالته رايقة، طب بلاش هجيبلك سينابون حلو كدا!
زمت وجد شفتيها ووجها محتقن بالدماء دلالة غضبها وخجلها لتقول بحدة
-هو انتى مفيش فى تفكيرك الا الاكل
ربتت جيهان على معدتها التى تم تعبئتها بنجاح من وليمة اليوم لتقول.

- هو فيه احلى من الاكل، طب ايه عايزة رنجا يعنى ولا ايه؟! شكلك مش اللى بيحبوا الفسيخ بس وسيم طلع بيحبه، ماشاء الله بيسلك فى اى أكل مبيقولش لأ
انضمت فوزية داخل حوارهم بعدما استقرت على رسم طائر حر على بداية كتف اسيا الأيمن لتقول
- طب ما تعزميه يا جيجي على حلويات اللى اياها.

لمعت عينا جيهان بشغف وهي لم تفكر مرة أن تجذب وسيم الى تلك المطاعم الشعبية، لكن خفت ابتسامتها ما ان تذكرت انها لا تتناول تلك الأصناف من الطعام لتتقزز ملامحها لا اراديا قائلة
- لا يا فوفا انا ممكن يغمى عليا
اتسعت عينا فوزية لتجيبها باستنكار نظرا لملامح جيهان المتقززة
- عبيطة مبتفهميش انتى، يا سلام لما يكون المخ معمول كريسبى بس على مزاج
ولا الفشة بالبصل يختى عليها.

استقامت وجد فورا من مكانها متجهه للحمام، لتعبس جيهان قائلة
- يخربيتك يا فوفا عملتى ايه للبت
هزت فوزية كتفيها بلا مبالاة قائلة
- ده انا بقول مخ وفشة قلبت معدتها اومال يا سلام على طاجن الكوارع بالورق العنب او الفريك، انتى كدا روحتى لحتة تانية
وجهت بصرها تجاه آسيا الأخرى التي تحاول إخفاء تقززها، مما جعل فوزية تقول بحمائية لطعامها المقدس.

- لا متلويش بقك كدا، دى نعمة ربنا لما تدوقيها على ايد شيف محترم هتدمنيها
صفقت جيهان يدها قائلة بفضول
-انا دايسة معاكى فى الاكلة دى
هزت فوزية رأسها ايجابا، لتدخل اسماء فى تلك اللحظة قائلة بتعجب حينما لم تجد وجد بين الفتيات
-الله هى العروسة راحت فين؟
لم يجيب احد، لكنها وحدها جيهان التى علمت أن الاخرى وجدت الامر حجة لكى تهاتف الاخر!
يبدو أن الفتاة ستأكل الكبدة خسارة على مراهنتها!
.

تنهدت وجد عدة مرات وهى تنظر الى اسمه المزين على شاشة هاتفها، وقلق يعصر داخلها، وتوترها يجعلها تكاد تفقد تحكمها اعصابها، زفرت عدة مرات وهى لا تعلم ماذا ستفعل!
اتهاتفه؟ وتقوم بأمر جنونى التي دفعتها تلك الماكرة جيهان، ام تتقبل الخسارة مع حفظ ماء وجهها امامه؟!
لكن سؤال خافت تساءل، ماذا ستخسر ان لم يكن يحب تلك الأنواع
ليصدح صوت من جنبات عقلها، ايعقل ان يرفض الرجل أن ترقص امرأته له؟!

بقت على حافة فقدان سيطرة اعصابها، لتضغط على زر الاتصال حابسة انفاسها وهى تضع الهاتف على اذنها، تسمع صوت دق الاتصال دون الايجاب، وما ان كادت ان تلفظ انفاسها حينما لاحظت اطالته فى الرد عليها تفاجئت حينما اجابها بصوت خشن محبب
-مبروك يا اميرة
دقات ثائرة تلاعب جسدها، ليصيبها الضعف من نبرات صوته، خرج صوت خافت منها زاجر
-عاصى قولتلك مش بحب الاسم ده
ضحكة رجولية خرجت منه وهو يجيبها.

-وفيها ايه لما تبقى اميرتى انا، اميرة العاصى
صمت من كلا الجانبين، إلا من انفاس وجد السريعة مما جعل عاصى يبتسم لأميرته الخجولة، محترمًا صمتها دون مشاكستها كى لا يزيد من الوضع سوءً، خاصة انه يعلم ان الفتيات قبيل الزفاف تتحولن إلى كائنات عصبية، قابلة للاشتعال.
عضت وجد على طرف شفتها السفلى والوضع يزداد سوءً، إن لم تتجرأ وتخبره ما نوت به لن تنطقها مطلقًا، سألته على دفعة واحدة.

- بتحب الحنة يا عاصى ولا مش بتفرق معاك؟
لم تجد اجابة صريحة منه، بل صمت تام جعل وجد تعض على اصابعها ندما لسؤاله، لتسمع اخيرا اجابته بعد صمت طويل
- خايف يكون السؤال ده فخ ليا
دفعته دفعا للاجابة على سؤالها، او بالادق كى تستدرجه لفخها
-رد بصراحة يا عاصى، عشان انا معملتهوش قبل كدا بس تحمست وقت ما توحا قالتلى انها عملته فى فرحها.

فاجئها بصمته مرة اخرى، قبل ان تسمعه يجيب بنبرة مختلفة تماما عن التى اعتادتها منه
- الصراحة يا وجد انا اعرف انك ممكن تحطيه فى بعض المناطق اللى مش بتبان إلا ليا
ولكونها انثى مصرية! تجاهلت الرومانسية التى يحاول إيصالها إليها، وخرج العرق النكدى لتهدر فى وجهه بحدة
-وانت عارف المناطق من فين يا استاذ عاصى.

انفجر تلك المرة مقهقها بصوت مرتفع، جعلها تستعيد تعقلها بعد الشئ، لتلتفت يمينا ويسارا محاولة ان ترى أن رآها أحد، لتسمع اجابة عاصى البريئة
-بسمع يا روح عاصى، هعرف من فين، ما انتى عارفة معرفش ست غيرك
لكن يبدو ان محاولات عاصى لتهدئتها بائت بالفشل لتجيبه بحدة
-ومش هتعرف بعدى، لأنك لو فكرت هخزق عنيك
لثانى مرة تندفع فى الحديث معه بل أصبحت تتحدث معه بوقاحة، ماذا ستقول عنها عمتها؟! لقد اصبحت ألفاظها وقحة!

استمعت الى نبرة التسلية من عاصى الذى قال بهدوء تكاد تحسده عليه
-بقيتي عنيفة يا وجد، بس مقبولة منك
نادت اسمه تلك المرة يائسة
-عاصى
تخلى عاصى عن تسليته، ونبرة التوسل منها منادية اسمه جعله يقول بجدية تامة
-انا كدا بدأت اقلق، قوليلى
سألته عابسة الوجه، محتقنه الوجه، ترغب فى الوقت الحالى عناقه الدافئ
هو الرجل الوحيد بعد جدها تشعر باستقرار العالم بمجرد عناق
-انت مجتش ليه.

ابتسم عاصى وود لو يخبرها ان جدته منعته من ان يتخطى بقدمه داخل الحى، بل ولزيادة التأكيد بعثت عادل معه ليقومان بجولات سريعة فى الصالة الرياضية، همس لها بصوت خشن مثير لمشاعرها
-الليلة ليلتك يا وجد، وبيني وبينك انا مضمنش نفسى ممكن افترسك
شهقت من جرائته لتزجره بحدة
-بطل قلة ادب، انا بسأل باحترام
اجابها بهدوء منطقى
-وانا بجاوبك بصراحة.

ترددت لبرهة من الوقت، اتخبره؟ أم لا؟!، كانت على وشك انهاء المكالمة لكنها أبصرت جيهان من على بعد تغمز لها بمكر، تخبرها عن خسارتها، ورغم معرفتها أنها خاسرة وبقوة يكفي جراءته معها فى الهاتف! سألته على يأس
- عاصى
تنهد عاصى تلك المرة وهو يقول بجدية متخليا عن عبثه
- اسألى يا وجد، انا حاسس انك مخبية قنبلة وانتى شغالة تلفى وتدورى باسئلتك دى
عضت طرف شفتها السفلى وسألته بحرج بالغ
- بتحب الرقص الشرقى يا عاصى.

تنهيدة حارة سمعتها منه ليجيبها عاصى ببساطة
- وفى راجل مش بيحبه
اصرت ان تضعه داخل الصورة لتسأله بنبرة خجلة
- يعنى حابب تشوفنى ارقصلك شرقى
زفير حار تسمعه مرة اخرى وصوت عاصى الخشن يجيبها
- تكونى حققتى حلم المراهقة يا وجد
الجمها رده، حلم المراهقة؟! حلم المراهقة ذلك الوقح! أتعلم جدته عن هذا الأمر؟!
شهقت تلك المرة بصوت مرتفع حينما سمعت صوته العابث
- عايزك تلبسى بدلة رقص محترمة احمر هتكون عليكى.

قطعت تخيلاته الحارة قائلة كلمتان فقط قبل أن تنهي مكالمتها معه
- قليل الادب
شعرت وجد بحرارة تشتعل فى جسدها، رفعت كلتا يديها محاولة ترطيب وجهها من الحرارة، إلا أنها فشلت نهائيا، لتأخذ أنفاس عميقة وتزفرها على مهل محاولة تهدئة نبضات قلبها المجنونة لتسمع صوت جيهان الماكر
-قالك ايه يا قطة.

لم تحتاج جيهان لمعرفة الاجابة، يكفى ملامح وجد التى يبدو أنها كانت تفعل شئ وقح جدا مع زوجها، ولانها اصبحت فتاة مهذبة لن تقول كلمة وقحة لتسمع نبرة وجد البائسة
-شكلى كدا هاكل الكبدة
لم تستطيع جيهان كتم ضحكاتها وهى ترى ملامح الصدمة لم تغادر وجه وجد لتقترب منها مربته على ظهرها، ماذا ستقول؟! الرجال هكذا اوغاد! همست في أذنها قائلة
-طلع نمس الاستاذ عاصى ده
رفعت وجد عينيها تجاه عيني جيهان لتقول ببؤس.

-انتى بتعرفى ترقصى يا جيهان، ابقى علميني
جذبتها جيهان تلك المرة اتجاه مجلس الفتيات لتقول لها بثقة
-جيتي للشخص الصح انا واخدة كورسات مكثفة بس من غير ما بابا يعرف ولا حتى وسيم، تعالى تعالى نرقص يلا وسيبك منه، هينسى
لكن وجد تعلم انه لن ينسى مطلقًا وسينتظر الوقت المناسب لتلبية رغبته منذ وقت المراهقة!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة