قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة واثنان وعشرون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة واثنان وعشرون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة واثنان وعشرون

تقدمت جيهان بخطوات مهرولة تميل برأسها طابعة قبلة مطولة على جبهته قائلة بمرح
-والله يا سيد الناس، اللي شايفة مهم اعمله، انا مش هعارضك، ولو عايزني ارمي دبلته فى وشى
رفع وسيم رأسه بصدمة، وقد اجفله تلميحها عن الغاء زواجهم
انها لا تلمح، انها تخبره ببساطة شديدة على فسخ عقد قرانهم، زمجر بحدة وعينيه تقدحان شررًا
- على فكرا انا وسطكم
التفت كلا من جيهان ومعتصم ليصيحا في آن واحد
-اخرسس.

ارتفع حاجبا وسيم بتعجب قبل أن يغمغم بحنق
- ايه عيلة المجانين دي
ضم قبضة يده بقوة وحاول جاهدا أن لا يمدها ويلقي لكمة محترمة تزين وجنة تلك الوقحة، سليطة اللسان، وما زاد الطين بلة هو حماه المستقبلي الداعم الأول لفسخ العلاقة ليقول بمكر
- يعني نلغي الجواز
عقدت جيهان حاجبيها بمكر وعبث وهي ترمق وسيم بنظرات شرسة متحدية، لتشعله فى تلك الثواني الصامتة.

تحرقه فى الانتظار القليلة كما أحرقها لسنوات، استمعت إلى نبرة والدها المتهكمة
- مالك سكتي كدا ليه
اخفضت عينيها تجاه هاتفها وهي تلعن تأخرها عن مقابلة فرح، ستقتلها فرح، سارعت ببعث رسالة معتذرة لتلتفت الي والدها قائلة بتعجل
- اتاخرت علي الميعاد، يلا سلام اشوفكم بعدين
غمزة ماكرة ألقتها لوسيم وهي تسرع بمغادرة غرفة المكتب، ليغمغم معتصم بمكر وهو يحدق تجاه وسيم التي تجهمت ملامحه
- البت مطلعتش شرياك.

عض وسيم علي نواجذه من الغيظ، يقسم انه سيحرقها تلك المجنونة بنيران عاطفته ولهيب شوقه، ليغمغم بسخط
- مكسوفة يا عمي
كتم معتصم ابتسامة وليدة من شفتيه حالما استمع الى الكلمة المقززة منه ليصيح بحدة
- بقولك ايه متعصبنيش بالكلمة دي
غمغم وسيم بتعجل وهو يهب من مجلسه ليحلق تلك المجنونة
- اسف، هلحقها انا بقي
هب معتصم من مجلسه ليزمجر بقوة.

- تلحق مين، تعالي اقعدي مش سايبك الا لما تفهمني ناوي تخلص ديكور الفيلا بتاعتك امتي
ألقي نظرة متحسرة تجاه الباب، ليعود بنظره تجاه معتصم الذي ينظر نحو بعداء شديد
ماذا حدث لجاره؟ وقد كان منذ أسابيع يعامله كأبن له! أصبح يعامله كعدو أو سارق نهب شى عزيز علي قلبه؟!
ابتسم بيأس وهو يتذكر الترتيبات العاجلة التي يتخذها فى الفيلا المقابلة لمنزل فأرته
-مش اقل من خمس شهور.

هز معتصم رأسه برضا، خمس أشهر يستطيع مدها لسنة، غمغم برضا تام
-جميل، جميل، بعد الخمس شهور ابقي وريني جمال خطوتك عندي
عقد وسيم حاجبيه بعدم فهم ليقول
-يعني ايه
اشار معتصم تجاه باب عرفته وهو يطرده بكل برود قائلا
- مش عايز المح وشك تاني لحد لما الخمس شهور يخلصوا، ولا حتى تقابلوا بعض
تدلي فك وسيم بدهشة، ليتدارك الأمر سريعا وهو يغلق شفتيه ليقول بابتسامة باردة.

-طب ولما نختار الالوان، انقيها مع نفسي يعني! مش لازم تكون موجودة معايا
نظر معتصم نحوه باستنكار، ليخبره ببساطة
-تبعتلي الألوان وهي تنقيهم واقولك اختارت ايه
حك وسيم مؤخرة رأسه، وما يختبره من تلك العائلة كثير عليه
يقسم أنه لا يعلم كيف ما زال هادئا إلى الآن! قال مهادنا تجاه معتصم الذي وضعه في اللائحة السوداء
-وليه التعب ده يا عمي، بدل ما نتعب حضرتك انا اكلمها احسن.

مال معتصم برأسه يخترق ما بعمق عينيه، وما يخفيه عنه، هو يشعر أن هناك شئ مفقود، تحفز جسده حينما دخلت جيهان ونظراته النهمة دون أدني اعتبار انه موجود فى المنتصف أو احترام لوجوده! هو ليس احمقا كي لا يظن أن لا شرارة اشتعلت بهما، لكنه سيحرص أن يخمد أي شرارة حتى يسلمها بيده فى زفاف يليق بإبنة السويسري!
قال بنبرة ملتوية وهو يتفرس فى تعابير جسده
- مش مطمنلك، فيك حاجة متغيرة ويارب ميكونش اللي فى بالي.

اختلج عضلة فكه وهو ينظر إلى معتصم بارتباك، يقسم أن ظل معتصم ينظر إليه بتلك الطريقة سيعلم ما فعله بعيدا عن عينيه، ووقتها ستستلم الوقحة جثمانه! سأله بمداعبة مرحة
-ايه اللي في بالك يا عمي
زفر معتصم بيأس لمراوغته في الحديث واشاحت عينيه تؤكدان ما طرأ على عقله ليغمغم بحدة
- روح اسأل العصفورة تحكيلك
تقدم عدة خطوات ليخرج من الغرفة اتبعه وسيم وهو يغمغم بمشاكسة
-رايح فين يا عمي.

زفر معتصم بنفاذ صبر، واصبح لا يطيق كلمة عمي منه
إزاحة بعنف عن وجهته ليقول بفظاظة
- اوعي كدا مش نقصاك هي
انفجر صوت انثوي ناعم، لتحتد عينا وسيم بوعيد حينما وجدها تتسطح علي مقدمة سيارتها بكل وداعة لتسأله بمشاكسة
- رايح فين يا عصوم
عقد معتصم حاجبيه بتعجب، ألم تغادر منذ قليل متحججة بتأخرها؟ سألها بحدة
-بتعملي ايه هنا
رفرفت بأهدابها بنعاس شديد وهي تهمس بصوت مغناج
-مستنية خطيبي.

رفع معتصم حاجبيه بدهشة انقلب لغضب وهو يقترب منها، يجري حوارا بينهما بعيدا عن المتطفل الأشقر ليهمس بغضب
- والشو اللي عملاه جو، بمناسبة ايه
وضعت جيهان كلتا ذراعيها على صدر والدها لتنفض اتربة وهمية عنه وهي تجيبه بخفوت
-مليش حق ابقى تقيلة يعني
ابتسم معتصم بجفاء ليرفع يديه عن تلك المجنونة ليقول بصرامة
-انتي لو قاصدة تطفشيه مش هتعملي كده.

اكتفت بهز رأس يائسة، لتجد والدها ينسحب بهدوء متجها نحو سيارته، لتهتف جيهان بتعجب وهي تري السائق يفتح الباب الخلفي له
-رايح فين يا عصوم
ارتد معتصم خطوة للخلف ما ان وجد ابنته تسد طريقه لركوب السيارة، ازاحها عن طريقه ليقول
-لا اله الا الله، مش انتي وهو في يوم واحد، وسعي عشان اتأخرت
رفعت جيهان حاجبها قريبة وهي تتعجب من خروج والدها في هذا الوقت بعد النهار! هل الرجل تعرف على امرأة جديدة؟!

محتالة صغيرة أوقعته في شباكها؟!، حدقت نحو أثر التراب الذي أخلفه سيارته، لتتفاجئ بيد قاسية تمسك بقوة على رسغها لتدفعها للسقوط بين احضان جسده الصلبة
تأوهت بوهن وميوعة شديدة جعل وسيم يبتسم بشيطنة وهو يضم خصرها بذراعه لتسحق عظامها اللينة على جسده الصخري! آنت بوجع حقيقي وهي تسمعه يهتف بحدة
- ايه اللي قولتيه ده يا هانم من شوية قدام الوالد.

يجب أن تمنعه من الذهاب للصالة الرياضية فى اقرب وقت! الأحمق ماذا يظنها هو؟ وسادة تنفيس لغضبه؟! تقسم أن ليلة زفافهم سيسحقها دون أدنى اهتمام أو مراعاة العذراء الرقيقة التي تزوجها!
ضربت كفي يديها على صدره بقوة ليزداد أنينها وهي تكاد تسمع تحطم عظامها لتجز على أسنانها مقاومة المها لتهدر في وجهه
-ايدك يا حلو عشان متوحشكش.

ابتسم وسيم بشرر ويده نزعت قميصها القطني الذي دسته داخل البنطال، يجب عليه أن يعيد ترتيب ثياب تلك المرأة
حتما يجب أن يقوم بحرق خزانة ملابسها اولا
شهقت جيهان باعتراض وقد انتزع القميص من داخل البنطال، لتضع يدها على يديه تمنعه من تشويه اناقة ثيابها، تشابكت الأيدي وتبارت أنفاسهما في الظفر بمن سينجح في معركة القميص!
تأوهت جيهان بتوجع حينما صفعها علي كف يديها بخشونته، ذلك الاشقر ليس بهين ابدا، صاحت بحدة.

-سيب القميص بقولك، انا حطاه جوا البنطلون
احتدت عيناه بصرامة ليهتف فى وجهها بصرامة
-وتبيني الاغراءات لمين يا انسه يا محترمة، لبقية الخلق
عضت على طرف شفتها السفلى بيأس، بدأت تحكمات الرجل الشرقي تسير فى اوردة ذلك البارد! تاوهت بوجع اكبر لتترك يديها بيأس وقد طرفة الدموع من مقلتيها وهي تصرخ بوجع
-ملكش دعوة، اغراءاتي أوريها اللي عايزة اوريهاله
ابتسم وسيم بخفة وهو يتحدث مغمغما بوقاحة.

- يعني روب الحمام وقتها ده عشان توريني اغراءاتك
شهقت جيهان بذعر لتنتفض ضاربة بكلتا كفيها علي صدره مزمجرة فى وجهه
- وقح، اصلا انت اللي اقتحمت الاوضة بتاعتي، قال اغريك قال
استدارت مبتعدة لتتجه نحو سيارتها وهي تسارع بإخراج مفتاح سيارتها لتلتفت اليه قائلة بوحشية
-حسابك تقل يا وسيم يا مالكي، مش انا اللي تثبتني من لمسة ماشي
ضم يديه في جيب بنطاله وهو يحدق نحو قيادتها المتهورة ليهمس بأسي.

-اقسم بالله مجنونة، دي اخرتك يا وسيم تتجوز مجنونة.

في المشفى،
نداء صارخ صامت
نداء من أعماق ظلمات روحه المنكسرة
نداء إغاثة لكن ما من مجيب
صمت مهيب يصدح المكان برعب يلقي فى النفس، حيث هو ملقي أمام بركة آثامه وأخطائه
عاد سرمد يخفض عينيه وهو يتمنى شئ واحد فقط
الرحمة المميتة
يعلم أن أثار سخط عائلته بعد تحقيق من الشرطة المكثفة، زفر بيأس وهو لا يتخيل كيف سيقضي باقي سنين عمره على الكرسي؟!

هذا عدا النسبة الضئيلة التي تكاد منعدمة، يحتاج لإجراء العديد من الجراحات وعلاج طبيعي وهو لا يمتلك صبرًا وقوة كي يقوم بتلك الأشياء
يود أن تنتهي حياته بسلام تام، دون أن يؤذي أحد آخر
انتبه على صوت غسان الذي هاتفه بقلق
-سرمد
رفع سرمد عينيه ليحدق في عينا غسان القلقتين، ليبتسم بمرارة وغسان يسأله بخشونة
-هل أنت متأكد برغبتك في الرحيل؟

أومأ بهدوء مجيبا على سؤاله الذي تكرر لثالث مرة هذا الصباح منذ أن أعرب عن اكتفاؤه بالبقاء في هذا البلد ويرغب سريعا بالعودة إلى موطنه
-لم يتبقى لي شئ هنا، لنعود أدراجنا من حيث اتينا
هز غسان رأسه بتفهم، وحزن عميق يكاد يدفنه وهو ينظر إلى الحال الذي وصل اليه الجميع
تفاجأ حينما اقتحم سامر الغرفة ليصيح بغضب وهو يتوجه إلى سرمد بنظرات حارقة
-اخي، انت احمق ومغفل كبير، كيف لم تبوح بكل شئ للشرطة.

ابتسم سرمد باتزان شديد وهو يجيبه بهدوء
-وماذا سأستفيد يا سام، لقد أخذت عقوبتي
اندلعت الحراش في عيني سامر ليجز على اسنانه صارخا في وجهه
- توقف يا احمق عن ترديد تلك الكلمات، ما فعله يلقيه فى السجن
تنهد سرمد بتعب واضح، لم يمنع أن ترتسم ابتسامة هادئة علي شفتيه وهو يتذكر حينما كان فى كامل عنفوان وطاقة الغضب التي احاطته، لقد كسره غضبه
ارخي جفونه وهو يغمغم بصوت هادئ متزن.

- اتعلم لو حدث ما حدث لي من شهرين، لم أكن لأترك حقي، لكن هذا عقابي كيف أعترض عليه
تردد كلمة عقابي اشعلت مراجل سامر وهو يلعن المرأة التي دمرت حياته، يلعنها حرفيًا لأنها من سببت في تعاسة عائلتهم، من غيرت شقيقه الذي بات لا يعلمه، شقيقه الذي يدافع عن المرأة التي ذبحته حيًا، ملقى هو في جدران المشفى وهي حتى لم تؤازره، لم تخفف عنه
لما كل هذا العشق والحماية الذي يغلقه سرمد لها؟! انفجر يهدر فى وجه شقيقه.

-والحادث الأول؟ أنسيت ما فعلته؟، لما تتنازل عن حقوقك؟
بها وجه سرمد وهو يشيح بعينيه بعيدا عن أعين أخيه، لا يصدق أن شقيقه نسخة مصغرة منه، يشبه فى كل عنفوانه وطاقة غضبه، يخشى عليه أن يندفع بجنون غضبه إلى حافة الهاوية كما حدث له
تبًا للعشق وتبًا للعاشقين!
لا يصدق تلك الجاحدة لم تزره بعد ذلك اليوم الكارثي، ألا تشفق عليه؟
الأ تتعطف عليه ولو زيارة قبل مغادرته للبلد دون رجعة مرة آخري، تنهد بيأس.

يبدو أن ما فعله أعظم من أن تغفر له، همس ببساطة
-صدقني العقاب الإلهي يكون أعظم من العقاب البشري
فغر سامر شفتيه بصدمة وهو يحدق نحو غسان بدهشة، لذلك المجنون الذي يهذي بتراهات بل السؤال الأعظم، ما جرم أفعاله لتكون تلك عاقبته؟
اندفع القلق ينهش اوتار قلبه، لتتسع عيناه جحوظا حينما اقتحم أحدهم الباب، وهاله حينما رأي تلك اللعينة تقتحم الغرفة بنظرات تقدم غضبا لتصرخ هادرة فى وجه شقيقه
-انت مجنون.

الدموع كانت تعمي عينيها لتزيلها سريعا وهي تحدق إلى الرجلين الضخمين بزمجرة شرسة لتهدر بتوبيخ لكلاهما
-انتوا ازاي سمحتوله انه يعمل كدا، ازاي سمحتوا لأخوك يعمل اللي عمله ده
كانت مندفعة بطاقة غضب، الأحمق لثاني مرة يدافع عنها ويقيدها بصنيع معروفه، يعيد أحكام القيود حول عنقها كي يمنعها من الفرار
تقسم انها تعبت، لقد استنفذت جميع طاقتها لخوض الحروب.

تريد سلام نفسي، لكن هذا المعذب لا يرحمها مطلقًا، استمعت إلى صوته البارد يحدث شقيقه
-اجعلها تغادر
انفجرت تضحك بسخرية تامة لا تتناسب الموقف لتهدر بصرامة
- ايه مبقتش طايق تشوف وشي ولا ايه يا استاذ سرمد.

اقترب سامر منها وهو يرى نظرة التوسل من عيني شقيقه ليكبح جماح جنونه، زفر سامر بسخط وهو ينظر الي غسان كي يتقدم نحو المرأة الثائرة لكن غسان ببساطة شديدة انسحب وهو يغمز بمكر للشقيقان واندفع خارج الغرفة بهدوء ماكر..!
القي سامر نظرة ساخطة تجاه شادية التي تعامله كما لو انه طفل صغير فى الروضة يتلقي عقابه من معلمة شريرة، غمغم بفظاظة
-اهدئي.

ويتجرأ على الحديث بالأجنبية بعد أن كشفت سرهم، رفعت اصبع السبابة فى وجهه قائلة بغضب استفحل عروقها
-متعوجش لسانك انت كمان، ازاي متقولش مين اللي خطفك
راقبها الآخر بقلب أنهكه شوق لرؤية ملامحها الناعمة
كم سيشتاق لها؟
الله وحده سيصبره على فراقها، ويصبره على مصائبه، عاد يردد الحمدلله رغم كل شئ كما نصحته والدته مع التفكير بإيجابية لفترته القادمة قبل أن يستعيد صحته.

ود لو اخبرها أي صحة هي تكذب عليه بها؟!، غصة مريرة بالكاد ابتلعها وهو يعيد نظره مرة أخرى تجاه البرتقالية
هل ازدادت نحافة عن هذا اليوم؟ أم أنه يراها الآن بكامل تفاصيلها؟
المرأة علي وشك السقوط في غيبوبة لقلة النوم ونقص وزنها، هل هذا أثر غيابه؟ أم اثر اعتدائه؟!
صاح بهدوء بارد يقطع الشحنة المتواصلة بين شقيقه والبرتقالية
-أتريدين أن تتعرضي لضغط من أسئلة الشرطة والصحافة؟

التفتت شادية تجاه سرمد، ويبدو أن الملك تخلي عن صمته وقرر أن يمن عليها ببعض كرمه ويحدثها، رأته يضيق عينيه ينظر تجاهها بنظرة باهتة ولمعة منطفئة ليغمغم
- اخبري والدك أن لا يقلق على اسم ابنته
زمجرت شادية بوحشية فى وجهه
-تبا لك يا حقير
نظر سامر بقلق شديد تجاه شقيقه وتلك المشتعلة، ليطمئنه سرمد بنظرة من عينيه ليومأ برأسه على مضض تاركًا إياهم يتشاركا حديث ربما سيكون الأخير قبل رحيلهم من هذه الأرض!

غمغم سرمد بهمس خافت
-هذا قلتيه لي سابقا يا شاديااه
اجفلت حينما استمعت إلى نبرته الخشنة، ما زال يناديها بتلك النبرة؟! دلكت صدغيها وهي تنهار على أقرب مقعد لها وتلك الخفقة الهاربة ستحاسبها حسابا عسيرا في المنزل
سمعته يسألها بهدوء
-ماذا تريدين؟
نبي الوقاحة زادت للمعدل الغير الطبيعي، رفعت رأسها تهمس له بتهكم
-لم أعهدك فظًا؟
زفرة حارة خرجت من شفتيه، وابتسامة وليدة وئدت داخل قلبه، وتحطمت على صخرة الواقع.

أين أصبح هو وأين أصبحت هي!
شتان بينهما، وكم بعده المسافات بينهما اميالا
ربما لم يكن مقدر له أن يستحقها، ربما تستحق رجل
وذكر رجل أشعلت براكين مشتعلة لتيقظ وحش، وحش يعربد فى السجن الذي تقيد به، غاما عينيه بقسوة ليهمس بحدة
-لست كذلك، لكن ماذا تريدين؟
شهقت باستنكار تام لوقاحته، بل تعديه حدود الأدب واللياقة التي من المفترض أن يتحلى بها؟!

هي لم تكن تصدق حينما هاتفت والدته منذ ساعة، تطمئن على أحوالها لتخبرها ببساطة أنهم سيغادرون قريبا من البلاد، الصدمة استحوذت على حواسها كليًا وشعور بروح قد سحب من جسدها شئ مؤلم!
اختناق
اختناق فظيع يشمل أطراف جسدها دون تعقل، لتنظر اليه
تحدق في ملامح وجهه، تتفرسه مليا، تحفره داخل دهاليز عقلها
هذا ليس بسرمد الذي تعلمه، أين هذا الذي كان يجبرها علي أن تواكب جميع جنونه، وجموحه.

دمعة انسلت من مقلتها لتسارع بازالتها وهي تحدق به كما هو يحفر تفاصيلها الدقيقة بعينيه الخاويتين!
فغرت شفتيها بصعوبة، و تثاقل الهواء ليدخل رئتيها، ماذا تفعل هي؟
كيف تتخطاه؟ وأبسط فعل تقوم به تتذكره؟ بخشونة ملامحه وعبثية وجهه وعينيه الماكرتين؟!
لقد حطم ثقتها بنفسها واعتزازها، حطم قلبها الذي ازدهر بفعل يده، كيف تلقي. بكل ذلك و تؤازره
مكبلة الأطراف
منزوعة القوي.

متخبطة بتيه، وماضي لعين يستأصل منها أي مقاومة، لتستسلم
لم تعتاد منه على ذلك الصمت والهدوء، لطالما كان هو الشخص الأكثر تحكمًا
لطالما كان القيادي في سفينته، تركها تتخبط بين أمواج البحر الهادرة، لا تجد مرسي آمان لتشبث بقدميها على الأرض الصلبة!
غمغمت بهمس خافت
-ولم تكن نزقًا، كنت متريثا، صبورا.

عيناه خفضت تجاه رعشة يديها التي تحاول التحكم بها من خلال الضغط بعنف علي حقيبتها، عيناه تتأمل مليًا قدها النحيل من بنطالها الأسود الجينز الواسع وقميصها الأبيض الطويل الذي ينتهي أسفل فخذيها، ابتسم بمرارة وهو يري خصلات شعرها المعقودة بحزم، كالناظرة التي يعرفها، لو كان يستطيع أن يحرك يده لينزع رابطة شعرها
ابتسم بتهكم على جموح أفكاره، ربما لو لم يكن مريضًا لألقته خارج حدود مملكتها!

رفع عيناه لتستقر داخل حدقتيها الكهرمانية وهال له ربي الضعف فيهما والتخبط، أجابها بهمس أجش
-الجميع يتغير في وقت ما يا شاديااه
تصلبت جميع أطراف جسدها وهي تسمعه ينطق اسمها بعذاب شديد، ضعف رجل يعري انكساراته أمام امراته
امرأته؟!
لا لا لا هي ليست امرأته، لقد كانت قبل أن يطعنها بكل خسة من خلف ظهرها، اندفعت الحرارة تسير كسيل براكين فى أوردتها لتبدأ الحمرة تحت نظرات عينيه النهمتين لتهمس بتردد.

-ألن تخبرني ماذا حدث؟
ضيق عينيه وهو ينظر اليها بوجوم، جعلها تستشعر قلقًا كونها تخطت الحدود التي رسمتها، أخبرها بجفاء يخرج منه لأول مرة
-بأي صفة؟
بأي صفة تخبره؟
أتخبره أنها الوحيدة التي لها أحقية بأخباره ما حدث
لا أحد، ويقصد لا أحد أي حتى الأقربين له، يحق له بمعرفة ما حدث سواها
لقد تشاركا الكثير من الأسرار، وسره هذا لن تستطيع إيجاد مثقال ذرة في حمله..

تجهمت ملامحها وتوقفت عن ارتعاش يديها لتتصلب فى جلستها وهي تجيبه بكل ثقة
-أنني من أدخلتك لتلك الدائرة؟
ابتسم سرمد بخفة وعينيه تحتضنان عينيها بمواساة جعلها تجفل وهي تنزع عيناها انتزاعا منه، ليهمس بخشونة ووجيب أنفاسه تتباري بانفعال حال تذكره ما مضى
-لا يوجد شئ أخبرك به سوي أنني لم أهتم بما يفعلونه بي إلا أنتِ
فغرت شادية شفتيها بصدمة وهي تنظر اليه بعدم تصديق، ليتابع يهمس بغضب فوري من نفسه.

-خشيت أن يؤذوكي وأنا مقيد الجسد، أعاني كل يوم من جنون والد فقد ولده، لن أخبرك أنني حزنت علي موته، اللعنة لقد كنت مبتسمًا، أتعلمين لماذا؟
تصلب أطرافها بعجز وهي تحدق نحوه بعينين جاحظتين ليتابع سرمد قائلا بضراوة محارب فاز بمعركة حفاظ عائلته آمنين رغم خسارته جسده
-لأنك تخلصت من أكثر وغدين حطموا حياتك.

التفت تلك المرة نحوها يبثها شياطينه اللعينة التي ظلت تعربد بجنون، نيران تآكلته حيًا وهو عاجز عن مقدار حمايتها!
جز على اسنانه بقوة يكاد يحطم ضروس أسنانه، لطالما كان هو الوغد الأكبر فى قصتها، وهنيئا لها أنها تخلصت منه نهائيا
لأن داخله يقين داخلي، طالما فى داخله نفس يتردد لطالبها بكل ضراوة بأن تصبح زوجته
ما كان هناك سبب غبي ليمنعه عنها، حتى وإن أبت هي! صاح بغضب داخلي لينفجر فى وجهها.

- أتعلمين ماذا يعني أن يكون رجلا مثلي عاجزًا؟ عاجزا عن حمايتك وعن غفرانه؟ عن أي شياطين تتلاعب بعقلي واللعين يتحدث عنك بأقذر الكلمات مستخدما العديد من الإيحاءات الجنسية وكم كنتي راضية ومستمتعة وراغبة بشدة لأن يعطيك اضعاف ما يمنحك اياه؟!
شهقة ناعمة انفلتت من شفتيها، لتهز رأسها نافية تلك التهمة التي ألصقها ذلك الحقير الآخر، دمعات انسلت من مآقيها وهي تضع كف يدها علي شفتيها تكتم صرخة مذعورة.

لما هو مصمم أن يضع السكين الملثم فى صدرها، همست اسمه برجاء
- سرمد
ترجوه التوقف والتوقف عن طعنها بالكثير من سكاكينه الحادة لجسدها، إلا أن سرمد تابع بقسوة متعمدًا
-ووالده لم يقل قذارة عن ابنه، لا أعلم فى أي مستنقع حقير سقطت امرأة مثلك داخله، غادري هيا، معك طريق العودة لطريقك، لقد أصبحت حرة يا شاديااه
هزت رأسها نافية.

لم تصبح حرة بعد، وهو يكبلها به مرة أخرى، ماذا تقوم هي؟ أتريد أن تصبح ذليلة لحب أفلاطوني لا يوجد فى عالمها؟!
ألم يخبرها أنه وغد كمعاذ، ماذا تفعل هنا هي إذا؟!
ماذا تنتظر؟!، همست بتعب
-هل تعتقد أنني سأستطيع متابعة حياتي كما لو أن شئ لم يحدث
ربما يجب أن يعتادا على هذا الأمر.

ربما لو كانت زوجته، ربما لو صك ملكيته، وختم النجم علي المرأة ما تركها تبتعد مقدار انش عنه، رفع عينيه يخبرها عما يجول بخاطره لتتسع عينا شادية بذهول وهي تقرأ ما يدور فى خلده
اندفعت الحمرة تورد وجنتيها الشاحبتين، وايقاع بطئ في نبضات من قلبها قبل أن تتسارع بعنف كما لو انها فى مضمار سباق، اخفضت عينيها أرضا وهي تضع يدها على قلبها المتقاذف بعنف.

ماذا تفعل هنا؟ اللعنة انه ما زال يتحكم بها رغم حالته التي وصل إليها، وصلها صوته البارد
-سأغادر البلاد، وزوجك السابق توفي، تستطيعين بداية حياة جديدة مع رجل آآ..
جز على اسنانه بحدة وهو يلعن نفسه، يلعنها هي شخصيا إن فكرت ولو فكرة عابرة أن تندمج بروحها لشخص آخر مثله
هي قطعته المفقودة، وليلعنه اي شئ إن قدر على منعها عنه.

لكن عاد غروره يخبت وثقته الشديدة بنفسه ورجولته المتفاخرة ينظر بعجز إلى ما وصل له، لقد أصبحت عاجزًا يا رجل
لقد أصبحت عاجزًا، اتركها لحال سبيلها
بتر باقي جملته وحشرجة مريرة تغلف صوته، ليخفض عينيه ينظر الى حالته، ما عاد ينفع الغضب ولا الجنون
يجب أن تهذب طباعك غيداء مرة آخري، يحتاجها فى فترة حياته الحرجة كي يستطيع أن يتعايش المتبقي من عمره
وأولهم تركها، استمع الى صوت شادية الصارخ بغضب.

-رجل! انت، انت لا تصدق
تلعثمت شفتاها وتعثرت باقي كلماتها وهي تضع كف يدها علي شفتيها تبتر أي عبارة حمقاء قد نقولها لهذا الرجل الذي لا يترك أي شاردة وواردة
لعنت غباءها وتسرعها، وهي تنظر اتجاهه لتراه يحدق في وجهها بوجود ليقول بسخرية
-ماذا يا شاديااه، لولا أنني أعلم أنك سعيدة بما حدث لي، لظننت أنك ما زلت تعشقيني.

تخضبت وجنتيها بحرج من أثر الكلمة على شفتيه، لا تصدق وقاحة حديثه معها، خرجت عن طور رزانتها لتهدر فى وجهه
- معك حق، سعيدة لدرجة أتمني ألا تستطيع النهوض على قدميك وتحطيم ذراعيك كما كنت تفعل معي سابقا حينما تجبرني أن أكون، أن أكون
لا تعلم إلى أين سلك مجري حديثهما، أو إلي أي درجة ما زالت تخجل من أفعاله السابقة حينما يجبرها أن تكون بين.

رد سرمد بجفاء شديد وهو يحدق إلى شعلتها الثائرة، ما زالت ناقمة البرتقالية عليك رغم كل شئ
وصلته رسالتها بهدوء شديد، وقد علم أن حديثهما وصل إلى طريق مسدود
- بين جنبات صدري
شهقت شادية بعنف وهمت بتعنيفه لوقاحته في الحديث ومنع أي خيال جامح في عقله، إلا أن نظرته الخاوية اربكتها وهو يحدق في الفراغ..

جذبت حقيبتها وهي تجد لا فائدة من مكوثها في غرفته بعد أن أخذت ما جاءت لأجله، توجهت نحو باب الغرفة لتفتحه بحدة إلا أن عينيها اتسعت بسعر حينما رأت الشخص الواقف امامها بشموخ لتهمس بقلق
-بابا!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة