قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة واثنان وأربعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة واثنان وأربعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة واثنان وأربعون

فى قرية الغانم،
وتحديدًا فى الفناء الخاص بالروضة فى مدرسة شمس..
ترجل نضال من سيارته وهو ينظر الى ساعته يلعن تأخره، ويلعن تحجج عصفورة العائلة رهف عن عدم قدرتها لاصطحابها كونها تمر بفترة امتحانات تحتاج كل مجهود منها بسبب سنتها الدراسية الاخيرة..

ركل حصوة اعترضت طريقه وعينيه تبحثان عن صغيرته الشقية التى بدأت تعتاد بقوة على الروضة وجميع العاملين خاصة المديرة الأربعينية التي تستلطفها ولا تستلطفه مطلقًا، والحق يقال المشاعر بينهما متبادلة، ولا يستطيع ان ينكر ان المرأة فى هذا العقد تمتلك جمال فريد
مزيج بين أنوثة ناضجة، ويعلم ان المشاعر الانثوية فى تلك الفترة تحتاج إلى أن رعاية قصوى من الرجل حتى يتخمها لحد الشبع..
ولمحة.

مجرد لمحة عن تلك المعذبة لعقله
يتخيلها وهى فى هذه الفترة
بملامحها الانثوية الناضجة، وطفل منه يسكن رحمها واخر يلهو فى الارجاء من حولها مشاركًا جنون صغيرته معه
عض على نواجذه، ومجرد تخيل انها عادت تسكن بيته، زلزل رجولته
غامت عيناه بعاصفة، وكل يوم جسده ومشاعره تأن
تأن حاجة لانثى يتشبع من نهل رحيقها
حاجة لانثى لتكون له طاقة لامتصاص غضبه
حاجة لانثي
اللعنة.

يحتاج لامرأة فى حياته، والا لن يكف عن التفكير بتهور كلما فكر فى تلك الجاحدة!
حاجته لطفل تلك المرة تزأر روحه الابوية، شمس تستحق اخوة، تستحق اخ يكون لها حامي وجدار صلب تستند عليه..
ويكون هو عضده حينما يكبر ويهرم، انتبه من افكاره على صوت اقتحام صغيرته كقطار صغير لتقتحم ساقيه الطويلتين قائلة باشتياق
-بابى.

رفعها سريعا ومال طابعا قبلة على جبينها استقبلتها هى بابتسامة شقية ومالت تطبع قبلة على خده الخشن جراء لحيته التى تخز شفتيها، غمغم نضال بحنان شديد
-روح بابى انتى
سألها بهدوء وهو يحاول ان يلاحظ اين راته لتندفع اليه بهذا الشكل، وهاجس لعين انها بصحبة ذلك المدعو بيوسف مرهف بالاحساس تقتله غيرة
-عملتى ايه فى الفصل
والفتاة كانت تحتاج هذا السؤال، لتنفجر تسرد بسلاسة التقطتها من التعامل مع الأطفال بنفس عمرها.

-قعدت مع يوسف عشان يعلمني الرسم
عبس وجهه، وتجهم وهو يهز راسه بيأس، يبدو لا مناص من المدعو بيوسف، يخشى أن تلك الفتاة تلتصق به كعلقة حينما يدخلن المرحلة الابتدائية ليقول بتهكم
-ومفيش غير سى يوسف يا شمس هانم تقعدى جنبه
عبست شمس كعبوس وجهها، ومدت اصبعها المكتنز تفك عقدة حاجبيه لتغمغم بنبرة جادة لا تليق بفتاة تتحدث مع والدها ولا بعمرها حتى!
-يوسف صاحبى.

جز على اسنانه محاولا السيطرة على عصبيته، غمغم بحنق قائلا بسخريته المعتادة التى لم تفهمها صغيرته
-لا ان كان كده ماشى، انا اطمنت عليكى
اومأت شمس برأسها، وكانها بحاجة الى تأكيد والدها كى يقر بعلاقة الصداقة التى توطدت مع يوسف، او ربما هى بحاجة اخ
وحقًا يحتاج لامراة لتجلب له اخ لصغيرته، ربما تكف وقتها عن الالتصاق بيوسف!

نداء طفولى خجل خرج من الذي يسكن افكاره ويقتحم حياته هو وصغيرته، ليلتفت الى مصدر الصوت الذي صدر من خلفه
-شمس.

عينيه تحدقان بذلك الزئرد الصغير، ملابسه التى لا يوجد بها أى غبار، وتصفيفة شعره المثالية جعله يحسد هذا الصغير على مثاليته المتكاملة فى هذا السن الصغير، بل وحرصه على نضافته وبدا هذا يعكس بالسلب على صغيرته التى بدأت تهتم بعدم انزلاق اى طعام على ثيابها، طبعًا الحديث عن الملابس لا علاقة له بشعرها المشعث جراء فرط حركاتها!

اخفض بقامته نحوه وترك شمس تقف تنظر لهما بهدوء، ليرى يوسف يمد بيده الى ورقة رسم بيضاء متأكد انها منه وقد تنازل عنها لصغيرته، وقال بنبرة طفولية بها نبرة احترام كبير له وخجل طفولى
- بعد اذنك يا عمو، شمس نسيت رسمتها
ويستأذنه!
ويلتاه
يخشى المرة القادمة يستأذنه ليذهبا الى حديقة الالعاب!

والانكي يشترى لها الحلويات التي يحرص كل الحرص ألا تتناولها إلا على فترات قصيرة، طبقًا لنصائح غالية من أسرار المشرفة على تناول طعام الصغيرة والشيف الشامى الذى يدللها بطعام صحي من كعكتها اليومية التى تحتفظ بنصيب له ولتوأمه.
سأله بعبوس، وهو حقًا يحاول فك شفرات هذا الطفل، لا يصدق امرأة كغالية تستطيع أن تربي طفلين بهذا العمر
وهو...!
حسنًا لا يستطيع ان يلجم جماح ابنته المتسلطة قليلة كمثله!

-انت متربى كده، ولا ده شو قدامها
عقد يوسف حاجبيه بعدم فهم، مما اضطر نضال يجز اسنانه قائلاً بطريقة يفهمها الصغير
- امك وابوك علموك تعمل كدا!
اومأ يوسف بهزة رأس ايجابية جعلته يقترب منه قائلا بحدة
-وابوك بقى مقالكش تبعد عن الشر وتغنيله
بدى الطفل حائرًا، بل المعنى الادق لم يفهم مقصده، مما جعل نضال ينظر إلى صغيرته المستائة للغاية من معاملته لصديقها، مما جعله يغمغم بضيق
- امك لسه مجتش مش كدا!

رفع الطفل عينيه بطفولية إليه، وعينيه تلمعان بقوة قائلا
-يحيي قالى انها هتتأخر شوية، ممكن شمس تقعد معايا لحد لما تيجي
يحلم أن يعطيه ابنته، هو سيغادر ابنته، وليرسم هو منتظرًا والدته!
سأله بجمود وهو يرى اختفاء النسخة الهمجية منه
-واخوك فين
اجابه الطفل بحزن حقيقي تلك المرة
-يحيي مش بيحب الرسم، بس شمس بتحبه
رفع عينيه تجاه الصغير الماكر، يلعب على أوتار ابوته لينظر الى ابنته التى هتفت نحوه بتوسل.

- بابى بليز خلينى معاه
ساومها ابوها قائلا بنبرة ماكرة
- فيه كيكة رهف مجهزاها ليكى لما نرجع
لمعت عينا شمس لثوانى ثم رنت بنظرها تجاه يوسف العابس، ووجهه احمر بحرج وخجل شديد كان سيستأذن مغادرًا إلا أن شمس قالت
- هاكلها انا ويوسف بكرا، هحطها فى اللانش بوكس بتاعى
انفرج وجه يوسف وحدق نحوها بسعادة لينظر ثانية الى والدها الضخم قائلا بتوسل
- من فضلك يا عمو.

زم نضال شفتيه، وتوسل عينا الطفل الشبيهة كالجرو الصغير، حسنًا تؤرقه
بل تجعله يرضخ لطفل غريب ليس من نطاق عائلته وهذا مؤشر سيء له
غمغم بيأس حانق
-انت متربى بطريقة غريبة وده مقلقني منك
اعطى موافقة مبدئية مشيحا بيده بلا مبالاة
-خليكم قدام عيني
انشرح اساير كلا الطفلين، ليتقدم يوسف نحو محتضنًا اياه وقد وصل رأسه نحو فخذه مجيبًا اياه
-شكرا جدا يا عمو
تيبس جسد نضال لثواني، وهو يشعر بتلك الحاجة مرة اخرى
طفل
طفل آخر.

طفل يشبه ذلك اليوسف
يكون له!
غمغم بفظاظة شديدة
-مبحبش الاحضان من ولاد، ستات بس
ضيق يوسف حاجبيه بتفكير قائلاً
- يعني لو كانت شمس ولد مكنتش هتحضنه
ارتفع حاجبا نضال، وقد اوخذ على غرة من هذا الزئرد ليقول بيأس
- لمض ودماغك واسعة، وشكلك مش ساهل زي ما بتبين.

انطلق الطفلين بسعادة نحو أسفل الشجرة التى اعتاد رؤيته بهما، ويبدو أنها القطعة الخاصة بالصغير، شرد ببصره بعيدًا وهو يرى الصغير مبسطًا كفيه تجاه كراسة رسمه يبدو انه يشرحلها عن رسمته الجديدة وصغيرته تستمع بإنصات واهتمام شديدين، تأوه بوجع حقيقى حينما شعر بقذيفة نارية تجاه ساقه ويحيي يرفع بساقه يركله بتهور مما صاح نضال بحنق
-يابن المجنونة.

امسكه من تلابيب قميصه ويبدو أن غالية لم تربى الصغير الاخر كما يجب، ولم تستطيع الجام جموحه، صاح يحيي بحنق وغضب طفولي
- ابعد عن اخويا
أعجبه تلك الحمية الاخوية منه، حسنًا هل باستطاعته الآن أن يأتي بتوأمين
زمجر نضال برعب ارعد فرائص الصغير
- اسمع بقى يا فرقع لوز، كون انك تطلع عضلاتك الكدابة دى على نضال الغانم تنساها، انت فاااااهم.

لوهلة لمح دموع ابى الصغير أن يظهرها، وتلك شجاعة كبيرة من الطفل الذى يلتمس به رجولة مبكرة، حاول ان يبتعد عن قبضة هذا الرجل الذى لا يطيقه ولا يطيق ابنته ليهدر فى وجهه بعنف وكراهية
- متقربش منه، مش بحبك ولا بحب بنتك
نظر نضال له باستخفاف ليبعده عنه مسافة مترين قائلا باستخفاف
-ولا انا طايقك، مشاعرنا واحدة.

زم الصغير شفتيه بحدة، والغضب المتلألأ فى حدقتيه بعكس الوديع الصغير جعله ينظر اليه بنظرات صارمة رأى بها اجفال الصغير وخوفه ولم يشعر سوى ان نطق بصوت مرتفع
-انا بكرهك
هم بالتحدث، ويكرر له أن مشاعرهما متبادلة، الا ان صوت انثوى حازم صاح من خلفه
-يحيااااااااا
رفع عيناه تجاه غالية، وأشرقت ملامح وجهه وهو يراها تقترب بكامل بهائها
هل يلاحظ تغيرًا فى ملابسها العملية الملونة.

أم أن عينيه اعتادت على ملامحها الهادئة المغلفة بحزم امومى وهى تحدث صغيرها قائلة بعتاب حازم
-اعتذر حالا
نظر الطفل بعبوس شديد، والحنق يعتري ملامحه ليغمغم بيأس
-ماما
إلا أن نظرة الأم الصارمة، يعترف اخافته قليلا وهو يسمعها تغمغم بحدة
-حالااااا
زم الطفل شفتيه بمعارضة واضحة، إلا أنه لا يملك سوى الاستسلام لرغبة والدته وان كان رغم أنفه ليقول بحقد
-اسف.

ارتسمت ابتسامة ناعمة نحو صغيرها لتعبث بشعره الذي كان مشعثا بالفعل قائلة بصوت حنون
- روح هات اخوك وتعالى
أومأ الصغير رأسه وهو يتحرك دون أن ينسى برمق نضال نظرات نارية استغربها نضال في بادئ الأمر ليغمغم قائلا باعجاب
- مسيطرة
الا نظرة الحنون اختفت مع رحيل طفلها لتنظر نحو بحزم واضح قائلة بحدة
-متستناش انى اعتذرلك على تصرفه
هز نضال رأسه بلا مبالاة قائلاً
- مش منتظر منك حاجة يا غالية.

نظر نضال تجاه غالية بفضول شديد، عينيها تلمعان كألف نجمة فى ظلام سرمدى، هذه نظرتها تجاه أطفالها،
لا ينكر انها تعجبه بطريقة ما!
غمغم بنبرة ذات مغزى و عينيه تمشطان جسدها فوق ثوبها العملى الوردى
- المرة اللى فاتت مشيتى ومكملناش كلامنا
حدقت تجاهه بدهشة سرعان ما نظرت تجاهه بجدية، وعينيها تنظران اليه بترفع تام لا يعلم من أين تجلب هذا.

هو نضال الغانم بعزته وجلالته، تنظر إليه امرأة لا يرى أى جاذبية بها سوى عينيها وطفليها و، ، تلكأت عيناه قليلا نحو جسدها
وحسنًا تمتلك جسدًا ذو منحنيات خطرة، وان كانت تداريه بثوبها، لكنه نضال الغانم بالنهاية!
ابتسم بغرور وهو يرى ملامحها المتحفزة مجيبة اياه
-كلام ايه؟!، اه تقصد عن طليقتك
ثم شرعت بإخراج سيفها أمامه لتقول ببرود جاف ككلماتها الرصاصية.

- عايزها ليه ترجعلك تانى، يمكن عشان هى خلعتك وعايز تنتقم منها، نزعة بدائية منك عايز تعمل كدا، او كبرياءك لسه واجعك من الموضوع ده، او حاجتك ليها لسه مخلصتش مش كدا!
هم بالتحدث إلا أنها وجدها تقترب منه قائلة بحدة
- طول ما بتعامل الست بضاعة او اداة متنفس لرغباتك انسى انها تكون تحت طوعك، وانا استحالة اعمل كده معاها
ضم يديه في جيب بنطاله، والنظر الي عينيها ممتع.

عينيها تلمعان مع غضبها، وهذا شئ اخر يكتشفه فى تلك المرأة
يحاول جاهدًا معرفة كيف تركها طليقها هكذا حرة، تغوى راهب كحاله، وهى أمامه كحلوى لاذعة يشتهى تناولها
- محتاجها
قالها بنبرة اجشة، ونظرات عينيه الداكنتين أثارت رعب غالية، وهى تعى مدى اقترابها الجسدى منه، ابتعدت عنه وهى تهمس بنبرة باردة
-قولها كده
وعينيه هو تمران على انحناءات جسدها التى يستطيع رؤيتها بين نسيج قماشها، انه يتحرش بامرأة.

اللعنة عليه، يتحرش بامراة تمتلك مهرين صغيرين، ماذا ستفعل اسرار حينما تعلم!
لمعت عيناه بعاصفة الرغبة وهو يقول بنبرة قاسية
- مش راضية تفهم حاجتى ليها
فغرت غالية شفتاها وهى تنظر الى اثر طفلها الذى تأخر لتهمس بتهكم
-ده انت على كده بتموت فيها
تمتمت بحنق بعد زفرة حانقة منها ومن وضعها الميؤوس الذي لن تتخلص منه سوى بعودة اطفالها وعودتهما نحو شقتهما الهادئة
-خلاص اعمل اللى هى عايزاه.

عصفت ذهبية عينا نضال بوحشية، ليزأر بغضب نارى متملك
-اسيبها! استحالة
تلك المرة لم تمتلك غالية سوى ان تهدر في وجهه بعصبية
-بطل تفكيرك الانانى ده شوية، اعترف انك خسرتها، سيبها فى حالها
حدق إلى عينيها الثائرتين، وهو يراها كمهرة جامحة، لم تروض حتى بعد طفليها، لعن طليقها للمرة الألف وهو يغمغم بمشاكسة
- انتى بتقوليلى الكلام ده ليا، ولا لطليقك اللى مش سايبك.

اجفلت من كلامه، ويبدو أنه أخذها على حين غرة، لتجلى حلقها وهي تمتم ببرود
- انا وهو زى قصتك مع فرح، استحالة تكمل
رفع عيناه الى ركن قصى حيث رجل بملابس سوداء منتصف العمر، يلاحظه دائمًا حينما تكون غالية فى البؤرة يسير خلفها كالظل، ابتسم بسخرية وهو يغمغم لها قائلا
- واضح، بإمارة انه معين مخبر عشان يديله تفاصيل حياتك مع اولادك.

رفعت غالية عينيها تحدق نحو المخبر الذى يتابعها وما أن لاحظها حتى ابتسم ببرود، وهو يبتعد عن مجال رؤيتها لتعود بنظرها تجاهه قائلة ببرود جليدى
- يعمل اللى يعمله، مش فارقة
ثم القت نظرة خاصة تجاهه، وكأنها لا تعلم أنه يقوم بهذا الأمر تجاه صديقتها فرح التى ضمتها تحت جناحها، لتقول بنبرة ذات مغزى علّه يفهمها
- كتر القيود مش بتروض يا نضال.

لوى نضال شفتيه ساخرًا، وهو يعلم أنها تشير تجاه فرح، رأى اقتراب الطفلين لتحتضنهما معًا قائلة بحماس امومى
- يلا يا حبايبي، محضرالكم مفاجأة فى البيت
هلل وجه الطفلين حتى ذلك المدعو بيحيي اختفت معالم الحنق من وجهه، قالت غالية بنصيحة لا تعلم لما قدمتها له
- زى ما بتهتم بيها، اهتم باللي حواليك، انك تجرى ورا سراب هيتعبك.

الا انه كان بعيدًا جدًا عن نصيحتها، عيناه تلتهمان ملامحها الامومية وقد زادها بهاء فوق ملامحها الهادئة من وجهه نظره، نظر اليها بعمق قائلا بصوت أجش
- يمكن لو كنا فى ظروف مختلفة مكنتش سبتك
رفعت غالية حاجبًا مستنكرًا قائلة
- ده على اساس ايه بقى!
اخفض عينيه وهو ينظر تجاه صغيريها، الطفلين اللذين يرغبهما بحاجة موحشة، ليقول بغموض.

- حاجات كتير، اولها انك متتسابيش، تربي عيال بالشكل ده صدقيني مش بالساهل انك تتسابى وكنت اتجوزتك
شهقة انفلتت من شفتى غالية، وهى تحدق تجاهه بصدمة، حتى الطفلين بدًا لم يستوعبا ما قاله، الا ان يحيي أول من تخلى عن صمته ليزمجر بوحشية
- مامى لبابى بس
التفتت غالية بدهشة وبدت فاقدة السيطرة عن ما قاله ذلك المخبول، لتهمس بعتاب تجاه صغيرها الحامى الطباع
- يحيي.

زمجر يحيي بوحشية تجاه نضال، مخبرًا اياه بوضوح أن والدته خط أحمر، ابتسم بانتعاش والصغير لا يدرى انه هكذا يجذبه الى والدته اكثر، وان التحديات التى أمامه يكسبها بجدارة!
سمع همس غالية الحاد
- نضال اللى بتقوله ده مينفعش، الناس هتفهم غلط
نظر الى الصغير بتحدى وهو يرفع عينيه تجاها قائلاً
-بالعكس بتكلم جد، لو فى ظروف تانية كنت اتجوزتك انتى، انا ببنتى وانتى بعيالك.

زمت شفتيها بحزم وتلك المرة يوسف ويحيى يزمجران بوحشية، يبدو أن الوديع ليس بوديع، بل كذئب صغير مخادع، استمع إلى زمجرة الأم قائلة
- لولا عارفة الكلام بتاعك هزار، صدقنى مكنتش عدتهالك
جذب يوسف يدى والدته قائلا بنبرة قوية متخليًا عن لطفه الزائف كما توقع
- مامى خلينا نمشى
حدجه الصغيران بنظرة قوية نارية، مما جلب البسمة لشفتيه، نظر بعينيه تجاه صغيرته العاقدة ساعديها قائلة بنبرة طفولية متزمرة
- انا مش عايزة.

رفعها بقوة على ذراعيه قائلا بمشاكسة نحوها
-اهدى يا غيورة، انا بس بحرك الماية الراكدة
الا ان الصغيرة لم تهدأ، ولم يملك الأب سوى أن يطبع قبلة على جبينها ليهمس لها قائلاً
- بابا قلبه لشمس وبس، التانية متستحقهوش
نظر إلى صغيرته لتؤكد لها كلامه، مشيرًا تجاه خائنته، لتهز الصغيرة قائلة
-صح.

زفرت جيهان بحنق للمرة الألف وعينيها معصوبتين على أوامر وسيم الذي جهز لها مفاجأة كما قال، لم تشعر سوى بتعب وارهاق والصداع وهى ماكثة في السيارة لساعات تكاد تقسم من كثرة الملل انها تعدت العشرة، هذا على سبيل المبالغة..
شعرت بسكون سيارته اخيرا، وصوته العابث يقول
-جاهزة.

تأففت بحنق وهي تخرج من السيارة لتصطدم بلفحة هواء بارد محمل باليود، لتخلع عصبة عينيها وهي ترى نفسها أمام مرسى يخت خاص بعائلته، يكفى الشعار المميز كوضوح الشمس في مؤخرة اليخت لتسقط فكها ببلاهة وهي ترى يحمل حقيبة ظهر خفيفة مشيرًا لها بالتقدم
اللعنة عليه
هل آتى هنا ليغرر بها؟!
بل الأفظع، ليتمم زواجه
ام اغتصابه تحت عقد زواج!

عضت على باطن خدها، وافكارها السيئة تزاخم عقلها، ويقين داخلى تعلمه، ان اقترب هذا الاشقر ازرق العينين س تستسلم له برضا تام، وربما ستشاركه صخبه
لكن والدها
تجهمت ملامحها وهى تصرخ فى وجهه
-انت جايبنى اخر الدنيا، عشان تودينا حتة خلا يا وسيم
ابتسم وسيم بمشاكسة لطيفة وهو يغمغم
- هننزل نتعلم السباحة.

سكن الذعر في ملامحها وهي تراه يسحبها تجاه اليخت لتستسلم له صاغرة وهي تتوجه معه لقمرة القيادة متحركًا باليخت بعيدًا عن اليابسة لتغمغم بذعر وهي ترى ابتعاد اليابسة عنها
-استحالة، وفى بحر انت بتحلم
غمغم وسيم بصلابة، وازداد اصراره ان يكسر حاجز رهبتها المياه، يكفى عقدتها حينما سقطت من الباخرة فى حفلة عيد ميلادها وبدت تشعر برهبة وخوف شديدين من المياة..

جيهان يجب أن تواجه ما يخيفها حتى لا يعوقها أى مخاوفات فى حياتهم القادمة..
هو كثير محب السفر للشواطئ والساحل وهى بطبيعتها تحب اليابسة والأرض..
نزع عنه القميص القطنى ليقف أمامها عارى الصدر مبرزًا عضلات جذعه العضلية مما جلب حمرة طفيفة الى وجنتيها قائلاً
-الموضوع سهل متخافيش.

واتبع بقوله حينما أوقف اليخت وتحرك بعيدًا عن قمرة القيادة، رافعا ذراعيه ليفله النسيم البارد من البحر بانتعاش شديد اشتاقه، تقدم نحو الحافة وجيهان تتبعه بذعر شديد
- وسيم بجد ابعد شوية خايفة لتقع
حدق فى عينيها ليهاله الذعر المرتسم فى وجهها، ابتسم بعبثية وضربات قلبه تصرخ مهللة، الشقية تخشى عليه حتى من ما يحبه!

هل استوعبت ما كانت تقوم بفعله فى رحلاتها الجامحة في الأدغال، وما مقدار القلق الذي اكتنفه وهي بعيدة عنه، غمغم بعبثية
- يعنى لو وقعت هتنزلى وتنقذينى
شهقت جيهان بصدمة جراءة لوقاحته فى الاستهانة من ما تخشاه، عينيها لا اراديا تنظر اليه والي البحر الذي سيستقبله أو يبتلعه بالصيغة المُثلى، لتتجهم ملامحها قائلة بحدة
-انت بتعرف تعوم انا لو نزلت هغرق يا ناصح
انفجر ضاحكًا بعبثية وهو يغمز لها قائلاً ببساطة.

-افرض جانى شد عضلى
جزت جيهان على اسنانها، ومقدار ضبط النفس الذى تكابح لتهدئته يستفزها، اللعنة لما هو بهذا الهدوء؟!
غمغمت بغضب جلى
-هرميلك اى حاجة تتشعبط فيها، مش محتاجة ذكاء
تنهد يائسًا وهو يقترب منها محاولا احتضانها من الخلف وجذبها اليه، الا من كثرة محاولاتها للافلات من قبضته أدى إلى سرعة جذبه الى الحافة، ليتخشب جسد جيهان لثواني وهي تنتفض بذعر قائلة
-اوعى تعمل اللى بتفكر فيه، والله فيها زعل جامد.

اقترب بشفتيه يهمس في اذنها بهمس أجش
-جمدى قلبك يا وحش
أغمضت جفنيها ونبرة الصدق الذى غلف صوته سحبها الى غمامة ناعمة جعلتها لم تنتبه كونه حملها وقفز بها نحو عمق البحر
صراخ مرعب شق سكون المكان ثم صمت عم المكان حالما سقط الجسدين داخل المياه الدافئة، تشبث وسيم بها بقوة وهو يصعد بها نحو سطح البحر، شهقت جيهان وهى تحدق فى وسيم بذعر مغمغة
-وسيم، وسيم انا بترعب
اقترب بجسده يجعلها فى حضنه ليهمس لها بصوت خشن.

-ثقي فيا، عمرى ما هسيبك الا لما اموت
رفعت جيهان عيناها تحدق نحو عينيه الباردتين
زرقاويه، تبًا لهما، تحبهما رغم برودتهما، يلفها بدفء عكس ما توقعته، همست بخشية وهى ترفع اناملها تلمس خصلات شعره التى غطت جبهته
-بعد الشر، متقولش كدا
ابتسم بجاذبيه جعل قلبها يتضخم أكثر وتغرق فى حب هذا الرجل أكثر وأكثر، غمغمت ببؤس
- بعدين انا عروسة على وش جواز، مش عايزة اترمل قبل الجواز.

تلك المرة لم يمتلك سوى ان ينفجر ضاحكًا وهو لا يصدق تفكيرها بعقلها الصغير، شعر بها تتملص من قبضته ليحكم قبضته حول جسدها وهى تتملل بحدة قائلة
- بتضحك على ايه
لعب بحاجبيه بشقاوة قائلاً
-تصدقى المرة دى هسيبك بجد
تلك المرة لمعت عيناها بذعر حقيقى لتلتف ذراعيها حول عنقه قائلة بخوف
-وسيم اوعى بجد انا بخاف.

تضخم قلب وسيم، وقربها اللين منه، بملابسها التى التصقت بسبب المياه مبرزًا انحناءات انوثتها جعل رجولته تزمجر بقوة، يحاول يستغل هلعها عليه ويتقرب لينهل من أنوثتها
لكن رجولته، وتوصية ابيها جعله يتخشب ليستغفر قائلاً
-مالك مكلبشة فيا كده ليه، خلى بالك لاحسن اعملك قضية تحرش
إلا أن مزاحه لم يلقى صداه نحوها، لتنفجر باكية وهي تركن براسها على ذراعه لينخلع قلبه وهو يمسك راسها ليقع عيناه على دموعها ليقول بأسف.

-انا اسف، متعيطيش والله اسف
مسح دموعها وهى تبكى بصمت ليهمس بصوت أجش
-كنت بحاول اخليكي تكسرى رهبة الخوف بس
الا ان صمتها كان مقلقًا له، همس بذعر حقيقي
-جيهان
توجه بها نحو الباخرة ليجعلها تصعد عليه، ثم صعد خلفها وآتى بمنشفة كبيرة ووضعها حول ذراعيها، جثى أمامها ليسحبها بقوة الى ذراعيه وشهقاتها كتمه صدره، لعن تسرعه وغبائه ليشعر بدفعة عنيفة منها ليرفع عينيه ببلاهة وهي تزمجر بوحشية فى وجهه
-بكرهك.

اقترب منها محاولا تهدئتها قائلا باسف
-اسف
إلا أنها كانت بعيدة عن وعيها، لتلكزه بقوة في صدره صارخة
-بكرهك
جذبها بهدوء الى حضنه ليشدد ذراعيه حولها قائلاً بهدوء
-حقك عليا، انا غبى
بكت بحرقة وهى تدفعه من صدره بلا حول ولا قوة
-بكرهك، مجنون وغبي
طبع قبلة على جبينها مغمغمًا
-حقك عليا، مش هكررها تانى
تراخت اعصابها، لتركن رأسها على صدره متنهدة بضيق، غمغمت بحنق متأثر حال غياب شقيقتها من المنزل.

لأول مرة تشعر ان غيابها خنيق بهذا الشكل
تشعر ان عماد المنزل غاب، وابيها متأثر بشكل مضاعف لرحيلها الخاص بالعمل
يا ليتها لم تشجعها للذهاب
همست باختناق لتضع احمالها عليه.

- غياب شادية مخليني مش ماسكة اعصابى، عارف اول مرة احس ان انا مسؤولة منها، حتة الاهتمام الزيادة اللى كانت محوطاني بيها وقت ما كنت بسافر واتصالها بيا كل شوية برغم انه كان بيخليني متنرفزة ظاهريا وكنت بهددها اني مش هرد تانى لو اتصلت، بس جوايا مبسوط اووى انها مهتمة بيا، دلوقتى السحر اتقلب على الساحر وبقيت كل ساعتين بتصل بيها.

جففت الدموع بأناملها ويدها الاخرى متشبثة بالمنشفة لترفع عينيها ناظرة الى عيني وسيم الهادئتين، صمته وتفهمه جعلها تسترسل قائلة
- بابا رغم انى شايفاه مرعوب عليها بس مش بيتكلم، بتفكرنى بنفس نظرته لما كنت بسافر لاماكن ممكن ميكونش فيها تغطية بس شادية اضعف منى يا وسيم
ضيق وسيم عينيه بعدم تصديق لما تتفوه به جيهان، كيف لا ترى التغير الذى طرأ عليها.

حتى وإن ظاهرت بالصلابة كما يرونها، لما لا يشعرون ان بالفعل طرأ تغير عليها
وكله يعود بعلاقتها التى انتهت بدون معالم بسبب الأجنبي ليقول بشك
- انتى لسه شايفة كده!
صمتت جيهان لبرهة بعد ما تفوه به، لم تعود لنوباتها السابقة والسابقة تعنى الملعون معاذ، وليست ساخطة من جسدها، بل بدت اشبه براضية لما حدث لها، غمغمت بضجر
-مش عارفة، بس مش قادرة اشوف حاجة تانى غير ده، هى مسؤولة منى.

ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتى وسيم، التقطتها جيهان خطئًا لتلكزه بحدة على صدره قائلة بعنف
-بتضحك على ايه
تأوه وسيم بتوجع وهو يمرر كف يده على صدره قائلاً
- حبى ليكى بيزيد كل يوم
رمقته بشك لتغمغم ساخرة
- لا والله!
امتعضت ملامحه وهو يقترب بوجه منها قائلاً بصوت ابح يخلب عقلها كحال المستمعات لبرنامجه
-متفصلنيش من الجو الشاعري
مالت رأسها محدقة في وجهه لبرهة قبل أن تتمتم
-تصدق وتؤمن بالله.

اجابها بهدوء وعينيه تمعن النظر فى ملامحها عن قرب مما اصابها بالارتباك
-لا اله الا الله
دفعته بغلظة شديدة لتستقيم من جلستها قائلة بحنق
-بابا عنده حق انه مبقاش قريبة منك من وقت كتب كتاب، ارجع بينا البيت
زمجر وسيم بوحشية وهو يقول بنفاذ صبر
-ما هو مش هسيبك غير لما نتفق على الفرح
عضت باطن خدها وهى تنظر اليه بحنق بالغ
-كلم بابا
ضيق عيناه بعبوس ليغمغم بصلابة
-عايزه آخر الشهر
هزت راسها بلا مبالاة قائلة ببرود.

-شادية مش هترجع اخر الشهر، هتيجي الشهر الجاى
هسهس وسيم بوحشية وهو يقترب منها وعلامات الصبر نفذت من وجهه الوسيم
-جيهان
تلونت وجنتيها بالحمرة من الخجل والحرج فى آن واحد لتهمس بارتباك
-لما ترجع هنتفق
هم بالرد إلا أنه نظر الى تراجعها وتوتر ملامحها ليهمس
-خايفة منى؟!
رفعت وجهها ب اباء قائلة ببرود
-واخاف منك ليه
تنهد بأسى ليقول بنبرة أشبه بالتوسل
-وافقى
تنهدت بيأس ولا فائدة من الحاحه، لتغمغم.

-وقت ما شادية ترجع، حدد الميعاد اللى يعجبك بس قبلها تكون مجهز فستان الفرح
التمعت عيناه بتسلية متوحشة، اخافتها
تقسم أنها شعرت أن الذي أمامها ليس بوسيم الذي تعرفه ليقول
-متقلقيش فستانك جاهز من قبل فرح وجد
تأمل ان والدها أن يؤجل الأمر، واضعًاأى حجج كالشهور السابقة لتقول
-بس فاضل انك تقنع بابا
خيمهما الصمت لدقائق قبل أن تشهق جيهان بهلع باحثة عن حقيبتها
-يخربيتك، المفروض اتصل بشادية دلوقتى.

تنهد وسيم بيأس وهو ينظر الي...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة