قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس والعشرون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس والعشرون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس والعشرون

السعادة لا يغتنمها سوى أصحاب راحة البال
والعشق يتسلل بخبث لمن لا ينتهجه
وتحظى بالحب من شخص تبغضه
والكراهية نصل قاتل من خنجر شخص عزيز عليك.
جسدها يرتعش بقوة، رهبة موقف ما مرت به يكاد يقتلها حية، العرق يتصبب بغزارة من منابت رأسها وعينيها تغلقهما بقوة، الروح تبحث عن مخرج، متنفس للراحة تتعثر في طريقها لتبقي مرهونة في قبضة العقل، تهز رأسها نافية والوعي يتداركها رويدا، تهذي في نومها ب كلا.

لن تبخس من قدر نفسها لتلك الدرجة
هي من تستحق رجلا يحارب العالم بأسره ليظفر بموافقتها
نبضات قلبها تخرج عن مدارها في تهور وجنون لتسري رعدة في جسدها أدت إلى انتفاضتها من نومها وهي تخرج شهقة الحياة الثانية..
عيناها تدور بتوتر وهلع شديد، تتأكد من نفسها، من المكان، من ثيابها حتى الباب المغلق لتعود النظر نحو يديها المرتجفتين بقوة، انفجرت باكية بهلع
أهذه نهايتها
طريق يأسها، تبيع جسدها له.

صرخ العقل وانتفض جسدها بلهجة صريحة نافية، لن تفعلها أبدًا، لن ترخص نفسها لتلك الدرجة لرجل لم يبادر في رغبته لها، ضمت قبضتها بعنف لتنفجر صارخة بحدة
- ليه، ليه
لما ذلك الحلم تحديدا؟
لماذا الآن؟
هل تلك رسالة مباشرة لعدم العبث والتورط؟!، رسالة تكشف ما تحاول تجاهله، تستعيد نظرة عينيه المحتقرة
كيف كانت نظرته محبطة، بل منكسرة، احتقار يلف حدقتيه الغامضتين، انتفضت من مضجعها رافعة برأسها نحو السقف.

تتساءل، هل حقًا غشت عيناها عن الحقيقة المجردة التي طعنتها بأبشع صورة تتخيلها، جذبت خصلات شعرها بعنف حتى كادت ان تجذب خصلاتها من جذورها وتنتزعها من شدة الغضب المندلع في جوفها
غاضبة من نفسها، وغبائها، بل وقلبها المستميل إلى قلب رجل جاحد لتلك الدرجة، ما ذنبها هي أن تراه رجلها
وما ذنبه أنه لا يكن مشاعر لك؟

صدح صوت العقل بتأنيب، لتزمجر ساخطة وهي تمسح دموعها المتدفقة، زفرت بيأس لتعزم نفسها وهي تتوجه نحو غرفة جدها
يجب أن تتحدث إليه، تريد أن تستريح ولو قليلا، بقدميها العاريتين لم تهتم بالبحث عن خفيها بل أسرعت تهبط الطابق السفلي بسرعة مجنونة، تطرق باب غرفته ثلاث مرات ثم فتحته لتجده مستيقظًا في ذلك الوقت من الليل يقرأ كتابا.

خلع غالب نظارته عابسًا من وجود حفيدته بذلك المنظر المزري في ذلك الوقت من المساء، ارتجف قلبه بقلق مستمعا إلى صوتها الباكي
- جدو
اتسعت عيناه بهلع وهو يراها تركض لتسارع بالقاء نفسها في احضانه باكية بانهيار شديد، همس بقلق شديد
- وجد
دفنت وجهها في صدر جدها، متشبثه بثيابه، صورتها برداء إمرأة فاسقة يرعد بدنها، كيف ستتخلي عن كرامتها وأنوثتها وبيعها بثمن بخس، وما ذنبه جدها.

عضدها و صخرتها التي تستند عليها تجده خائر القوي والحيلة، أبعاد الأمر يكاد يصيبها بالخرس، تفكر في كل فرد في عائلتها ثم تعود لنفسها
هي ضعف إيمانها بنفسها سيصلها إلى ذلك الحد!
اخرجت آهه ملكومة من شفتيها لتهمس بعذاب
- انا تعبت يا جدو.

ربت غالب على ظهر حفيدته وقرة عينيه، زهرته التي تفتحت بين أشواك الصبار، يعلم ما يدور في عقلها ثم قلبها المحطم يشعر أنه سيلقيها في التهلكة، سامحها الله جميلة، عض على شفته وهو يغمغم إن لم يئد الأمر في بدايته لما وصل الأمر لذلك الحد الذي تبكي في صغيرته بطريقة فطرت قلبه، غمغم بصلابة
- خدي اللي يحارب الكون علشانك، متدخليش في علاقة عارفة نفسك انتي اللي خسرانة في الاخر.

رفعت راسها والدموع تتساقط بانهيار يشبه انهيار روحها لتهمس
- بس يا جدو
قاطعها بقوة وصلابة اعتادتها منه
- ارمي كل اللي فات، صدقيني انتي ملكة تستحقي اللي يحارب علشانك
شع من عينيها اليأس والإحباط، من الفارس الذي سيأتي ليحارب من أجلها، ماذا يظن جدها انه يعيش في عصور القديمة!
الذي يريد المحاربة لحارب منذ وقت طويل.

من سيرضى بفتاة مدللة اكتشفت بعد سنوات عمرها انها لم تفعل شيء تفتخر به، شغفها الأوحد كان ماكينة الخياطة وسرعان ما توقفت واكتفت فقط بإدارة متجرها والإشراف على ورشة من فترة لاخرى، انتبهت على صوت جدها الدافيء وهو يبث بها عزيمة ويشد من عضدها
- يلا يا روح جدو، نروح ننام بقي عشان الوقت اتأخر
ابتسمت بضعف شديد لتميل مقبلة خده هامسه
- انا بحبك اووي يا جدو
ابتسم غالب في المقابل ليهمس بنبرة حنونة.

- وروح جدو ميقدرش يستغنى عنك
استقامت مبتعدة لتعود بخطاها خارج الغرفة، والجد مبتسم بهدوء حتى غابت عن ناظريه مع اغلاقها لباب غرفته، انكسرت ابتسامته وبدأ قلبه ينقبض بخوف.

لطالما كان أسدا لا يهاب شيئا حتى بلغ منه الضعف والمرض المصاحب لعمره، احفاده قلق عليهم بجنون، حتى حفيدتيه اللتان ضمتهما امها تحت جناحهما، كان منذ سنوات قادرا على جلبهما تحت جناحه حينما عثر على طريق الأولي، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، تلقي خبر حادث موتها حتى الأخرى لم يقدر على الوصول إليها، أو حفيده يمنعه من الوصول إليها!

في الفندق،
بداية الأمر لم يكن بذلك السوء اطلاقا، كان بدايته متلف لأعصابها، لكنها استطاعت أن تلم شتات نفسها وتأخذ باقي اليوم فسحة من الوقت لها
رغم أنها ليست المرة الأولى تذهب لحفل بصحبة خطيبها، لكنها المرة الأولى التي ستواجه بها عينة من المجتمع الذي تتجاهله، استعادت شادية بعض من صلابتها وهي تتطلع الى ملامحها النهائية في المرآة.

ليست معتادة على وضع مساحيق تجميل في وجهها بعكس شقيقتها، تراه ملفت للنظر أكثر وهي من محبين الأنزاوء وليس الوقوع تحت الأضواء، ابتسمت برضي شديد وكفيها تمران على قماش فستانها الأحمر الناعم، عادت تتطلع إلى المرآة نحو فستانها الشبه ملتصق بجذعها ذو فتحة سفلية من الخلف، مبرزا نحرها وذراعيها مغطاة بقماش الفستان الناعم، رفعت أناملها نحو خصلاتها الحرة تهدأ من تمردها لتزفر بهدوء وهي تتأكد أنها مثالية لحفلة الليلة، سحبت حقيبتها وهي تتجه خارجا صوب المصعد، استقلته وهي تغمض جفنيها طالبة القوة والصبر حتى تكون قادرة على التمسك بقناع الصلابة تحت لسانهم المعسول بالسم.

انتبهت على رنين رسالة منه تنبئها بوجوده في قاعة الانتظار، لتفرك شادية يديها بتوتر شديد حينما انفتحت ابواب المصعد وتتفاجأ بوجود أحد شخص مع زوجته يهم بالدخول، سارعت بالخروج ودقات حذاء كعبها المرتفع ينقر على الأرضية الرخامية، عيناها تبحثان عن شخص بعينه غير منتبهة لزوج من العيون أسودت قتامة سرعان ما اشتعل فتيل ناري يأجج بركانه الخامل.

عينيه متصيدة لها، يتابعها في كل لفتة وحركة حتى حرية خصلاتها المتمردة، ضاقت عيناه والفتيل المشتعل يزداد تأججه وهو يهبط ببصره نحو خصرها ثم ردفيها إلى نهاية ساقيها، ارتفع معدل نبضات قلبه وبدأت الحرارة تشتعل في جسده حينما رأي ساقيها تظهر بفتنة وهلاك يكاد يوديه صريعا مع كل حركة من ساقيها، قبض على كوبه الحراري بعنف حينما رآها وجدت ضالتها لتسير بهرولة شديدة كشفت عن جزء ليس بقليل من ساقيها المهلكة لتقع أسيرة بين أنياب غول، يد الغول مستريحة على خصرها ليميل مقبلا جبهتها متمتما بشيء لتتسع ابتسامتها بتألق مجيبة عليه بهدوء...

ابتسم لؤي باقتضاب بعد شحنة مقابلته ب آسيا استهلكت بها جميع قوته، لكن سحر خطيبته جعله ينظر اليها بانبهار شديد، لم يكن يتوقع أن يكون اللون لائق بها بروعة، ابتسم بلطف بعد قبلته على الجبهة وقال
- مبهرة يا شادية
اتسعت ابتسامة شادية لتهمس بنعومة
- الفستان هو اللي يجنن، بجد مش عارفة اشكرك ازاي
ما زال محافظا على نفس ابتسامته ليجيب
- انا وانتي بقينا واحد مفيش داعي للشكر.

ما زالت ابتسامة مزينة ثغرها، لكن القلق يعصف بكيانها
هي لا ترغب بالفشل بالارتباط مرة أخري
يكفي أن الأول لم يكن رجلا، بل كان دنيئا وتحمد الله أنها تخلصت منه، لكن ذلك الصامت يرهبها
يثير رعبها
غمغمت بنبرة بها مسحة من القلق وهي تضع يدها على ساعده
- لؤي
التفت لؤي وبادرة التعجب تظلل عينيه، يسكن في عينيها القلق
محقة، هو الآخر قلق مما تضمره المطالبة بالثأر
انتبه على همستها الناعمة ليخرجه من ضباب شروده.

- فيه حاجه مضيقاك، حساك بعيد عن اللي لؤي اللي اعرفه
حاول شحذ شفتيه للابتسام، لتخرج مقضبة ولكن كافية لتطمئن تلك الرقيقة أمامه، على الرغم من أيام معرفتهما القليلة لكنه اكتشف بها شيء اعتقد غير موجود بها
يراها جائعة للاهتمام والحب، اهتمام يعلم أنه قادر على تلبيته
لكن حب!، معذرة فهو زهد عن النساء واكتفي منهن
هي لا ترغبها صراحة، لكن الأنثى تظل أنثي بالنهاية حتى لو تلبست بقناع الخشونة والغلظة.

امسك كفها ورفعها ليقبل باطنه مغمغا
- مفيش حاجه
لم يلحظ كلاهما البركان المندلع من عيني قاتمة السواد ليقبض بعنف على كوبه وهو يرى موضع أنامله لمسته غيره، كيف تسمح بذلك!
غمغمت شادية بقلة حيلة
- اتمني كدا.

تأبطت ذراعه مغادرة مع شعور كونها مراقبة، تعلم ان الجميع يراقبوهم وبالأخص نجوي التي تخرج من عينيها قلوبا حمراء، لكن رعدة سرت في جسدها تخبرها أن هناك شخص بعينه، تعلمه يأكلها بعينيه، نفضت سريعا تخاريف عقلها والتفت نحو لؤي الذي يشرح ببسط شديد عن ماهية الحفل الذاهبان إليه، رغم كرهها للعودة تحت الضوء لكنها مجبرة كونها ستصبح زوجة من المجتمع الذهبي وواجهة له.

ران الصمت باقي الطريق، استغله لؤي في التفكير بالجاحدة ذات عيون القطط تلك، كيف تغيرت عن التي يعلمها ويحفظها كخطوط راحة يديه.

لا يريد أن يظهر صورة الرجل الخائن، خصوصا انه يفكر في امرأة أخرى غير خطيبته الجالسة بحسنها وبهائها كالقمر في ليلة تمامه، لكن تلك مثل السم الزعاف، انقبضت معالم وجهه وتجهم وجهه حتى جعل شادية تنظر بقلق بينما كانت تناديه للترجل من السيارة، رفع عينيه المحتقنة بالغضب لتجفل شادية شاهقة مما جعل لؤي يسبها بسرعة قبل أن يسارع بالترجل، ترجلت هي خلفه لتراه يمسك بمرفقها بلين لا يتناسب مع هيئته الضخمة..

عقدت شادية حاجبيها من تبدل مزاجه ليقاطعها صوت رجل مرح
- لؤي المالكي وخطيبته اللي أشهر من نار على علم شادية
اكتفت شادية بهزة من رأسها فقط وصافح الرجلين بعضهما برسمية، ليقترب الرجل من لؤي هامسا بشقاوة
- مكنتش متوقع انك هتيجي
ابتسم لؤي بلطف حذر ليغمغم بهدوء وعيناه مصوبة نحو شادية الهادئة الملامح
- شادية هي اللي شجعتني أحضر الحفلات اللي من نوع ده
هز الرجل رأسه وقال بنبرة مرحة.

- على العموم خدوا راحتكم، المكان مكانكم
الجو يزداد خنقة وفلاشات الكاميرات تكاد تعميها، الجميع وإن كانوا في الظاهر متشاغلين بحديثهم إلا أنها تعلم أن النميمة تطعن ظهرها
ابتسامات منافقة مخادعة
مجاملات وتلمق زائف.

يدسون السم في العسل بكل براعة تشهد بذلك، حاولت التأقلم معهم إلا أن ما تجده نفور منهم جميعا، غصة تحكمت في حلقها وبدأ يغادر الثقة منها تدريجيا لتزيغ بعينيها باحثة عن الذي تركها بين الحشد الجم متخبطة بهم دون هوادة، حينما رصدته على بعد مسافة ليست ببعيدة اقتربت منه وهي تقطع أحاديث الرجال بنبرة معتذرة، همست بصوت خافت، تحاول منه أن يكون متفهما لها
- مش متعودة اكون هنا
غمغم لؤي بنبرة هادئة.

- مش هنطول كتير، كلها ساعة زمن ونمشي
ساعة ستكون هنا، ستكون قد قتلت في وقتها
ارتجفت شفتيها لتضغط على حقيبتها وهي تهمس باضطراب
- لؤي انا بتخنق من الجو ده، رايحة التواليت
اومأ متفهما ليراها تنسل بعيدا عنه، تشق الزحام متجهه بطريقها نحو مكانها المنشود، زفر متنهدًا بيأس وهو يفكر في طريقة للتعويض عنها قبل الغد.

ترجلت آسيا من سيارتها، كعب حذاءها الذهبي يشق صمت المهيب خارج الحفلة، مررت يديها على خصلات شعرها وهي تتأكد من زينة شعرها ثم ملابسها المغوية، فستانها أسود يصل إلى بداية ركبتيها، ذو حمالات رفيعة ومن الخلف ظهرها عاري، وضعت إكسسوار على هيئة ثعبان كبير ذهبي أوصلت أطرافه على حافة الفستان حتى نهاية خصرها، مررت يدها على أسورتها الثعبانية ثم انطلقت تدخل الحفل دون أن يوجه كلا الحارسان سؤالا إليها..

عيناها تلمعان بظفر وابتسامة مغوية تزين ثغرها، وعقل المرأة داهية..
داهية، يعجز إبليس عن تفوق المرأة في مكرها والمخططات التي تفوق قدرات الشيطان أضعافا
تقف ك محارب شرسة، عيناها تشبه عينا النمرة حينما ترى فريستها الضعيفة أمامها، والفريسة أمامها لم يكن سوى جسد رجل ضخم يكاد يبتلع جسدها من ضخامته، مررت أناملها بكل إغواء على خصلات شعرها المصففة بعناية وهي تهمس بخبث
-غريبة انك قاعد مع عشيقتك وسايب خطيبتك برا.

جملة أخرجتها وهي تقف بين العديد من الرجال اللامعة، وهو ينضم لتلك الفئة المنحطة، اكفهر وجه وهو يدور بعينيه ك لص يخشي أن يقبض عليه الشرطي، ثم بكل عزم وعيناه المتوعدة الشرسة لم تحرك بها انشا من جسدها قبض بأنامله الخشنة على ذراعها العاري وهو يجرها خلفه كبهيمة، أو سجين يجر إلى المقصلة
- براحة.

همست بها بأنين وهي تتلاوع معه، تحاول نفض شباك أسرها منه، أجفلت من ارتطام جسدها على الحائط البارد وأشرف عليها بضخامة جسده، عيناه تخبرها أنها تلعب في عداد عمرها
غمغم بصلابة شديدة وهو يقترب منها، قابضًا بيده على ذقنها بقوة غاشمة
انتي بتعملي ايه هنا
عضت شفتها السفلى وهي تنظر إلى عينيه بصلابة شديدة، لن تريه الضعف، لن ترتدي زي الخضوع مرة أخري، همست بنبرة ناعمة
- بعمل ايه يعني يا بيبي، بتسلي.

وتابعت فعلتها باهتزاز خصرها المغوي على ثوبها الفاضح، الذي لا يدع للمخيلة شيئًا، كز على أسنانه حتى كاد أن يستمع إلى صوت عظامها اللينة اسفل كفه الضخم، صاح بصوت جهوري
-اتعدلى
رفعت حاجبها الأيسر لتقترب منه بخطورة واضعة يدها على صدره، تمارس إغوائها وعملها على جسده الذكوري، تؤجج نيران الرغبة وتشعله حتى ينصهر ويطلب انسجاما خاصًا
همست بنبرة لعوب
- اصل انت استغنيت عن خدماتي الليلة قلت اشوف مين يسليني واسليه.

رمقها باستخفاف شديد وهو يترك ذقنها لتحط بيدها الأخرى على جسده، تشعله، تفجره، تدمره، تريد السماع لأنفاسه اللاهثة، أنفاس متحشرجة خشنة، تطلب منها الخلاص
رفعت عينيها نحوه لترى الجمود وشيئا من عينيه يتصدع شيئا فشيء، وكأن المتواري ينجلي على يديها
انتظر حتى تنتهي محاولاتها المستميتة لرفع الرغبة في جسده وما إن شعر بهزيمتها حتى امسك بكلتا يديها ورفعهما فوق رأسه وجسده يعانق جسدها المغوي ليهمس بخشونة.

-انا مستني ايه من واحدة قذرة زيك، انتي مجرد حثالة
رفرفت بأهدابها والوضع الذي تختبره لم يكن أول مرة تتعرض له ولن يكون اخرا حتى وإن تزوج، حدقت بعينيه طويلا لتهمس بثقة
- صدقني الحثالة دي تقدر تخليك مجنون بيها
شعرت بأن يده المكبلة لمعصميها تراخت، مما جعلها تلف يديها حول عنقه وشفتيها تلتصق عند عرقه النابض تقبله بجنون، تشعل الفتيل ولتحترق معه، غمغمت من بين أنفاسها الباردة.

- الحثالة بتقدر تخلي كل جسمك وعقلك معاها
لا هو اشتعل ولا هي احترقت
وكأنه حصن نفسه بقوة كي لا يفقد رشده في حضرتها
وما إن شعرت بارتجاف حلقه بعينيها المتربصة، النشوة غمرتها كليا وهي ترفع بعينيها تثبتها على عينيه قائلة
-الحثالة دي مش هتقدر تستغنى عنها، لأنها مرض، مرض مميت بيقتل كل خلية حية في الجسم، تنشر سمومها وتخليك في الأخر ميت
ألقت ابتسامة عابثة مع غمزة وقحة وهي تربت على صدره قائلة بغرور.

- عرفت الحثالة بتعمل ايه
ابتعدت عن جسده وهي تمرر ابهامها على شفتيها ثم تمتمت بوقاحة
- تخيل كدا خطيبتك شافت صورنا، أو فيديوهات عن ليالينا، تفتكر هتكتفي إنها تفضحك بين عيلتها وعيلتك
مستمع لها بصمت لما تتفوه به من تراهات، لا يصدق أن القطة تحولت ل لبؤة شرسة تدافع عن أحقيتها له!، أ تدافع عنه؟
كلا لا تدافع، هي تثأر لنفسها ولأنوثتها، وضع كلتا يديه في جيب بنطاله وأذنيه تتمتع برحابة صدر لكلماتها السامة.

-الكل يتفرج ويقولوا خسارة، الحثالة دي قدرت تدمر سمعته
انتهت من رسالتها التهديدية، تنهد بجمود وهو يغمغم
- هقتلك
أزال المسافة الفاصلة بينهما وهو يميل نحو أذنها هامسًا
- بتعجبني شراستك، بس اظن نخليها في وقتنا الخاص.

تأكيده على آخر كلمتين جعلها تنظر إلى عينيه، تتوعده بالغرق في جحيهما الخاص، لعبت في خصلات شعرها وهي تري من طرف عينيها للمرأة التي تقترب من المكان السري الذي جلبها إليه، اتسعت ابتسامتها حينما علمت هوية المرأة، وهل يوجد غيرها خطيبته التي تتسحب بساقيها، تشاهد ولا تشاهد في آن واحد
مالت تقبل طرف شفتيه وهي تصل بكلماتها الفاحشة إلى خطيبته
هستناك بليل، لو مجتش للأسف هكون مرتبطة بميعاد مع واحد غيرك.

تعديل طفيف من هندامه بيدها وهي ترى نظرة خطيبته الذي يقابلها بظهره، لعقت شفتيها ثم صاحت بمكر
- هستناك يا بيبي، متتأخرش
تقدمت بسيرها للخارج وهي تري خطيبته التي تخشب جسدها وتنظر إلى بقعة في الفراغ بتيه شديد، اقتربت منها وقالت بوقاحة
- متفتكريش اني الوحيدة اللي بتدفي سريره يا حبيبتي
اتسعت عينا شادية بجحوظ وهي للحظة فقدت النطق، هل هو مثلهم؟! مثل خطيبها السابق الأرعن.

هل للدرجة تلك استخفت به، مرت بعينيها عليه ثم طيف المغادرة ولثواني عقل شل عن التفكير، يحاول استيعاب صدمة أن المرأة لمسته بفجور مرحب له
انطلقت شهقة خفيضة، كانت تبحث عنه حينما خرجت من استراحة النساء وحينما سألت عنه ياليتها لم تسأل، قابلتها ابتسامة ماكرة من أحداهما وهي تشير بعينها نحو مكانه، لم تعبأ بالحديث الدائر بين المرأة والتي بجانبها بل انطلقت اليه ويا ليتها لم تذهب!

ارتجف جسدها وهي تغمغم بنبرة مؤلمة
-اللي قالته ده صح
لم يجب، جزت على أسنانها تطحن ضروسها بغيظ وغضب هائج لتنفجر صارخة
- لؤي رد عليا، عندك عشيقة، وانا اللي كنت فاكرة انك مختلف عنه
بكل برود صاح
- شادية اسمعي
لكزته بقوة على صدره وعينيها ترمقانه باشمئزاز، سقط من نظرها فورًا كرجل، ما تراه الان فقط شخص عبد لشهواته، بصقت الكلمات من فمها.

- مش عايزة اسمع حاجه منك يا قذر، وانا اللي فاكرة انك مشغول بالشغل اتاريك مع عشيقة قذرة زيك
اطلقت شهقة مؤلمة حينما قبض بعنف على ذراعها وعيناه بوابة من الجحيم، عضلاته متشنجة بقوة هسهس بصوت صارم
- اوعك تتمادى يا شادية عشان صدقيني انتي الوحيدة اللي هتندمي
بتمرد ووحشية انطلقت الكلمات الساخرة من فمها
- اندم، وهو ده اللي مخبيه عن الناس، اخر واحد توقعته تبقى منهم
نزعت يدها بعنف عنه لتهمس بتقزز
- عن اذنك.

عاجلها للذهاب خلفها قائلا
- رايحة فين
صاحت بشراسة شديدة وهي تخرج هاتفها من حقيبتها تتصل بمساعدتها لتجلب سيارة الشركة إلى موقعها
- ماشية، ومش عايزاك تقرب مني
اختنقت أنفاسها وهي تعود من شرودها لما حدث قبل ساعات، ارتفعت عيناها نحو خاتم خطبتها لتزمجر بغضب
- غبية.

انتبهت على صوت نجوى القلق، لا تصدق انها منذ الصباح كانت ستغادر مع العروسين وطاقم التصوير، إلا أنها قبل سفرها الغت شادية سفرها ورشحت أخرى من طاقم عملها للسفر بدلا عنها، على الرغم رغبتها في السفر إلا أنها تعلم شادية تعتبرها عضدها في العمل، شهقت بعنف من هيئتها المزرية لتهمس
- شادية
مسحت شادية دموعها لتهمس بنبرة متحشرجة
- صحيتك من النوم يا نجوى
عصف القلق في قلب نجوى لتقترب منها وهي متمسكة بذراعيها هامسة.

- مالك فيكي ايه
ابتسمت بامتنان، لا تعلم ماذا ستفعل وقتها إن جعلتها تسافر، طمأنتها بنبرة هادئة
- هبقى كويسة، جهزتي الشنط
عبست نجوى لتصيح بنبرة صارمة
- اهدي بس، انا مش هسمحلك تسوقي وانتي بالحالة دي، بكره هخلي السواق يوديكي على البيت بس دلوقتي لأ.

صمتت شادية وهي تعض على شفتيها، لا ترغب بارعاب ابيها الذي سرعان ما سيتشاجر مع غالب ثم خطبة اختها ووسيم المرتقبة لا تريد أن تؤجلها أو تلغها، تعلم أن شقيقتها وإن كابرت بالرفض إلا أنها ستشعر بالذنب لو كانت هي اليد في عدم ارتباطهم، همست بهدوء
- نجوى اطلعي نامي ارجوكي، عايزة ابقي لوحدي
نظرت نجوى بقلق نحوها ثم للسيارة لتهمس
- متأكدة
وضعت شادية مفتاح السيارة في كف نجوي لتهمس.

-ادي المفتاح، اطلعي نامي هقعد شوية هنا لوحدي وهطلع أنام
عضت شفتها بقلق ثم سرعان ما التفت نجوي مغادرة حينما شعرت ان وجودها غير مرحب به، زفرت شادية بتنهيدة حزينة لتسير بكعب حذائها متعثرة قليلا بسبب الطريق الغير ممهد، سارت في المساحة الفسيحة من الخضرة باحثة عن أي مقعد للجلوس، اقتربت من احدي المقاعد التي وجدتها بسهولة لتجلس عليه معطية ظهرها لأي فضولي يقطع عزلتها.

ثواني فقط كانت متماسكة سرعان ما انخرطت في البكاء
جسدها يرتجف بهوان شديد وهي تضم ذراعيها حول نفسها
تبحث عن ملجأ والدتها الدافئ، تشعر بالوحشة والضعف منذ ذهبت روحها إلى بارئها، تلوت بعض الدعاء لها بالمغفرة ثم استكان جسدها للحظات وهي تشرد قليلا في الماضي.

كانت والدتها تمشط شعرها وهي تستمع إلى دندنتها لأغاني قديمة في كل مرة حتى بدأت هي الأخري تقلدها وتشاركها الدندنة، ابتسمت بحنين شديد حينما تذكرت أول اغنية غنتها أمامها وأمام والدتها، رغب والدها لاشراكها في الأوبرا لكنها رفضت مخبرة أن الاوبرا لن تحتاجها هناك أصوات ثقيلة يحق لهم الانضمام لذلك الصرح، بدأت تكتسب جرأة لتغني في الحفلات المدرسية ثم أصدقائها حتى الثانوية، ثم انعزلت تماما بعد موت والدتها الفجائي، أصبحت كل فترة وكبوة حزينة تخرج من حزنها لاغاني الشوق والفراق، وكله نحو والدتها.

تنفست عميقا ثم انطلقت تغني بصوت خفيض
فين لياليك، عمَال بناديك
مشتاق لعنيك، واحشني لقاك
بالي مشغول بهواك على طول
والليل يطول وانا مش وياك
وكل يوم يفوت، كل يوم يعدي
بصحى فيه واموت يجي مليون مرة لوحدي
لو سامعني صوت، قرَب خد بايدي يلي دايما ناسيني
روحت لفين وسايبني لمين
ده انا كلي حنين، وفي قلبي غرام
نفسي الاقيك بقى، وافرح بيك
ده انا مستنيك ترجع لي قوام
وكل يوم يفوت، كل يوم يعدي
بصحى فيه واموت يجي مليون مرة لوحدي.

لو سامعني صوت، قرَب خد بايدي
يلي دايما ناسيني
أغمضت جفنيها وابتسامة ناعمة تزين ثغرها وهي ترى طيف والدتها المبتسم، تشد من أزرها، متجاهلة وجود مسترق للسمع الذي وقف مشدوها لصوتها الرقراق، كل ما بها حلو وعذب
يدفعه لتتذوق
و الشم ثم اللمس
اقترب منها وهو يغمغم بنبرة أجشة
- صوتك عذب
لاحظ انتفاضتها ثم سرعان ما همست بذعر
- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
انفرج عن شفتيه ابتسامة، عينيه متعمقين للنظر إليها.

لعينيها و شفتيها ثم جسدها، يقرأها بكل اريحية شديدة، غمغم بنبرة ناعمة
- اهدئي يا برتقالية، كل يوم تزدادين روعة عن اليوم الآخر وأرى شيء جديد بك
زفرت شادية بهدوء، لا تريد الخروج من مزاجها الحسن بسببه، ابتسامتها مزينة ثغرها لشعورها انها محيطة بين ذراعي والدتها، همست بنبرة رقيقة
- لما لم تسافر؟

جلس على نفس المقعد الخشبي محافظا على مسافة جعلتها تتعجب من فعلته، ظنته وقح وفج، غمغم سرمد بحنق شديد من تصرفات صديقه
- لا احب سفر القطار، لا اعلم كيف يجاريها إلى تلك الدرجة من التهور، كل اوامرها مجابة دون تفكير
ازداد اتساع ابتسامتها لتخرج ضحكة خافتة وهي تهمس
- يحبها، وعلى العاشق إسعاد محبوبته.

مشدوها هو من تصرفاتها، كيف كانت على شفا جرف من الانهيار ثم مزاجها يتحسن من أغنية بها نبرة الشوق والحنين، هل يوجد حبيب آخر غير خطيبها؟

هل خانها لتلك الدرجة وهي ما زالت باقية على حبه؟، همساتها الناعمة وضحكتها كل ذلك يخبره المرأة التي أمامه انها جربته قبلا، عقله يرفض ذلك نهائيا، هو أول رجل يلعب في انوثتها بطريقة لم يصل احدًا قبله لها، احس بارتجاف يديها وجسدها ليعبس وهو يتذكر انه لا يرتدي سوى قميص قطني فقط، غمغم بخشونة
- الجو بارد هنا ستصابين بنزلة برد
همست برقة شديدة وعيناها تلمع بحنين شديد لوالدتها
- لا يهم.

خبط سرمد على المقعد بعنف، لا يحق لها أن تفكر في رجل غيره وهو امامها، انتفضت بذعر لتنظر له بتعجب تحت نظراته السوداوية، لمح سؤالا غير منطوق بشفتيها عن حالته ليزفر بحنق قائلا بهدوء
- أتعلمين انني احب عزف الجيتار
صمتت شادية لثواني من الوقت قبل ان تنفجر ضاحكة وهي قائلة بدهشة
- هذا كثير حقا، تصوير وعزف جيتار وماذا بعد؟
ثم بعدها انتِ، ابتسم وهو يري عينيها يوجه اهتماما له فقط ليسترسل قائلا.

- عملت لفترة من الوقت كعارض أزياء لشركات معينة
صمتت شادية للحظات، عيناها لثواني مرت على خصلات شعره المبعثرة على جبينه ثم هبطت تنظر إلى صدره الصلب، ازدردت ريقها وهي ترى بوضوح عضلات ذراعيه المفتولة، اخفضت عينيها موبخه ثم ارتفعت للنظر اليه قائلة وهي مشيحة بعينها عن عينيه
- وهل هذا قبل التصوير؟

تلتمع عيناه بإثارة شديدة، وهو يرى ذلك التورد الطفيف الزاحف نحو وجنتيها، منكمشة على نفسها وهي تحاول التحكم في خصلات شعرها الحرة لأحكام قيدها
- بل معه، بعض الشركات كانت تراني وجها لعلامة شركتهم لذا لم أرفض لكن الان التصوير هو شغفي.

هو لأول مرة يتحدث عن عمله لأحد خصوصا لامرأة، الجميع يعلمون مسيرته المهنية والنساء تتهافت عليه فقط من النظر إليه، يرون به جسدا قادرا على امتاعهم، أو صيدًا ثمينا ليشققن بطريقهن إلى عالم الأضواء
غمغم بخشونة شديدة وهو يحاول التعرف عليها عن قرب
- وانتِ
انطلقت بسهولة تقص عليه بنبرة بها حنين.

- لم احب العمل في الشركة، فضلت أن أشق بطريق لي وحدي، أمي كانت تعشق تنسيق حديقة منزلنا وحينما توفت أخذت تلك العادة منها بل وجدتني أهتم بتفاصيل دقيقة في اعياد ميلاد شقيقتي لذا قلت لنفسي لما لا أجرب هذا الطريق واصبح منظمة زفاف الأمر لن يكون صعبا
تجهمت تعابير وجهه للسماع الى حشرجة صوتها وتلك اللمعة في عينيها علم صاحبها، غمغم بأسف
- آسف لسماع هذا
انزلقت دمعات من عينيها لتشهق بنبرة متحشرجة.

- ماما توفت منذ كنت صغيرة، صغيرة لأنني لم أشبع منها بعد، كانت بوصلتي في الحياة وفقدت طريقي بعد وفاتها.

عيناه تتابع بتوتر الى اهتزاز جسدها، لا يرغب في بكائها مرة أخرى اليوم يكفي الصباح ومنذ قليل، ود للحظات أن يفصل الانشات الفاصلة عنه بها ويزرعها بين ذراعيه، لكنه يعلم نفسه لن ينتهي به الأمر سوى في غرفته، لعن بسخط انحرافه ثم غمغم بنبرة بها حنق من نفسه، بل من مشاعره الفائرة دون تحكم وكله بسببها هي البرتقالية!

- لي شقيق مغامر في سباق السيارات، والدتي تكاد تسقط مغشية عليها حينما تسمع انه في مسابقة، هو يخاف عليها ولا يخبرها انه مغادر للسباق لكنها تشعر لا اعلم كيف لكن تشعر به
ازداد ارتجاف جسدها ليسارع بإخراج كوبه الحراري وهو دافئا بمشروبه المفضل ليقربه منها قائلا
- اشربي هذا سيدفئك
ظهر القلق وهي تنظر إلى كوبه ثم إليه لتهمس
- ما هذا؟
صاح بصرامة شديدة وهو يجري اختبارا لها
- تذوقيه.

تأففت بحنق طفولي لتهمس اسمه بنبرة متوسلة
- سرمد
ضم قبضته بعنف وسواد عينيه تبعثان الخطر، لثاني مرة تنطق اسمه بذلك الغنج والدلال الأنثوي بها هي، بأنوثتها الناعمة وعيونها الناعسة، يكاد يلسع نفسه بالنار كي لا يؤذيها وهي بذلك الضعف والاستكانة، غمغم بنبرة هادئة
- ثقي بي
امسكت بكوبه وهي تشعر بتهورها، تخشى أن يكون به خمر، أو مشروب مضاف به خمر، أغمضت جفنيها لثواني وهي تهمس لعقلها
ماذا تفعل هي؟

ما ذلك الجنون الذي تفكر به؟
اخر من تبغضه تتسامر معه بل يمد لها بكوبه، شيء خاص به أحب أن تشاركه بها
كانت على اخر لحظة ستعيد كوبه لكن روح المغامرة تلبستها، أخبرها أن تثق به، بها رجاء خاص بصرامة مخالطة جعلها تسم الله وترتشف رشفة واحدة
اتسعت عيناها بجحوظ حينما تذوقت لتهمس
- قرفة باللبن، حقا صدمتني هذا اخر ما توقعته.

ابتسم بهدوء، وهو يراها ممسكة بالغطاء بيدها لترتشف بتمهل من الكوب ذاته، على رغم احباطه كونها لم تمس بشفتيها موضعه إلا أنه يشعر انها صارت له، يكفي أنها تشارك كوبه الخاص وهي وحدها من مسته، لا يعلم أي جنون يفكر به بل يدفعه للأقدام نحو تلك السمراء الناعمة، لكنه أكيد أن تلك الناعمة ستحرقه يوما!، غمغم بأريحية.

-مشروب والدتي المفضل، ناهيك عن فوائده العظيمة لذلك المشروب يكفي انه يساعدني على التخلص من الارق في الليل
لم تشعر سوى انها انهت نصف الكوب، مما دفع تورد وجنتيها حرجا لتعيد كوبه هامسه
- شكرا
بنبرة اجشة همس و شذى عبيرها يعربد وحوشه الداخلية للانطلاق
- اشربيه كله، واصعدي للنوم، اليوم كان حافلا
الا انها كانت عنيدة هي الأخري، اعادت الغطاء للكوب ووضعته في المسافة الفاصلة بينهما لتهمس بنعومة.

- احببت شخصيتك الهادئة عن العابثة، ان كنا سنستمر في العمل معا ارجوك دع لي متنفس ومساحة حرية تجعلني قادرة على التنفس و اعمل بهدوء
صمت لثواني وهو لا يصدق انها تصرح له بمشاعرها له وما يشغله من حيز كبير في حياتها
تعترف له انه يضيق انفاسها، وهو يريد فقط أن يزهق روحها به.

غمغم بما تبقي له من تحكم في اعصابه وهو يري جسدها اللين على بعد خطوات منه، ذراعيها مغطاة بقماش فستانها الناعم الا انه اظهر بداية نحرها ثم العظمتين اللينتين تستفزانه للمسهما
- تصبحين على خير يا جميلة
استقامت من مجلسها دون شعورها بناره لتغادر إلا أنها بعد خطوات التفتت اليه هامسة
- متي موعد طائرتك؟
امسك بكوبه يكاد يعتصرها هي بدلا من الكوب ليصيح بلهجة خشنة
- الثالثة صباحا.

رمشت بأهدابها لتنظر الى ساعة هاتفها التي ستعلن بعد نصف ساعة عن منتصف الليل، لتقول بهدوء
- تبقى القليل من الوقت، هل جهزت اشيائك؟
لا تعلم لما تسأله تلك الأسئلة، ربما لأنه أظهر بعض من مروءته ولم يصطنع أي صدام آخر بعد الصباح، رغم نفورها من شخصيته إلا أنها تلمست به جانبًا جديد.

الرجل يتحدث عن والدته بفخر شديد وحنين، وما كان لرجل غريب أن يتحدث عن عائلته بحميمية لامرأة غريبة عنه، حتى هي لا تعلم ماذا يحدث لها، لكن راحة كبيرة غمرتها حينما علمت ما يحتوي بداخل كوبه، ابتسم بهدوء ليغمغم بنبرة مشاكسة
- جهزتها يا فاتنة، لا تقلقي، اصعدي للنوم الآن وحين عودتي يجب ان اراكي أفضل.

هزت برأسها وهي تغادر دون النظر للخلف، تابع سرمد سيرها المتهادي وما يظهر من ساقيها أثناء سيرها يحرق أطراف أصابعه، ويثور بها بركانه المتفجر، يمرر أصبعه نحو موضع شفتيها بدقة شديدة
بحميمية شديدة قبل أن يرفع الكوب إلى شفتيه وهو يرتشف من موضعها، غمغم بنبرة تحمل وعدًا
- صبرا يا برتقالية، ما تبقى القليل فقط، اللعنة تبدو كآلهة الإغراء والفتنة بهذا اللون.

استقام من مجلسه وهو يعود للفندق للتأكد من حقيبة سفره قبل الذهاب للمطار والعزيمة والاصرار في يديه تهدم أي حائط سد يعوقه عن هدفه.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة