قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السابع والعشرون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السابع والعشرون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السابع والعشرون

- انا عايزك في حياتي
هكذا قالها
جملة واحدة تعبر عن شدة تشبثه وتمسكه بها، هي رغما عما حدث وما سيحدث، يرغبها هنا تكون طوع بنانه
بداية انطلاقها لحياة غريبة لا تعلم عواقبها، تثير رعبه
بل جنونه
رفعت عينيها للنظر إلى عينيه المغلفة بعواطف عنيفة
بجرأة فكت أسر قبضتها من يديه لتضع كفها على مضخته الثائرة
تضخ بعنف وقلبها يغرد بفرح لتميل هامسة بحزن
- عايزاني ابقى ايه في حياتك يا نضال.

تسأله عن دورها الجديد الذي يرغب في وضعه لها، رفع يديه إلى عنقها يداعبها بلمسات ناعمة تستميل اليها بضعف شديد، آنت بضعف شديد وقهوة عينيها تستلم للمساته الحسية ليتضخم صدره وهو يخرج زفيرا لاهبا
- كله يا فرح
لكنها لم تتخلص ولم ترحمه ابدا، لتعيد سؤاله بكل عند
- مهمة عندك قد ايه يا نضال
صمت وترك عينيه تحكيان عن أهميته لها، يتذكر كلمات أسرار وآخر لقائهما، رغم سخريته من الأمر لكنه استشعر الخطر يقف مترصدا له.

استمع إلى همسها المتوسل ويديها تمران على لحيته المشذبة
- اتكلم يا نضال ارجوك
لجم لسانه عن التحدث، ليري عينيها المتلألأة تنتظر كلمة باهتة لا معنى لها، اشتد عضلة فكه حينما مرت اناملها لتعبث في عنقه تتحس عرقه النابض بخبث انثوي ليخرج صوته خشنا
- عارفاني مش بعترف بالحب، بس حاجتي ليكي اقوي، تكوني عايشة في بيتي، شامم ريحتك في البيت.

ابتسمت فرح بضعف لثواني ظنت أنه سيقولها، فكت زر من قميصه والتهور يقودها، تعلم انهما في قارعة الطريق وهي حاليا جالسة على ساقيه، اتسعت عيناها حينما وجدت انامله تسللت اسفل بلوزتها، اقشعر جسدها لتزجره بعينيها هامسة اسمه بضعف
- نضال.

يعرف ذلك النداء منها رغم عينيها الرافضتين لكن نداء متوسل ليرفق بها، تابع عذابه الناعم كما تعذبه، توقفت انمالها عن العبث لتدفن رأسها تزفر بحرارة وجسدها يختض بعنف لتتشبث بقميصه وهي تهمس
- انا مش عايزة وجودي يكون أمر واجب عليا اعمله، انا عايزة ده يكون طالبني
أعادت وضع كلها برفق على مضخته الثائرة، توقفت أنامله عن العبث وهو يسمع إلى همسها المتحشرج.

- بتأذينى بكلامك كتير، بتحاول تخليني ابعد منك بس صدقني قلبي بيقل من مقدار حبه ليك
تثاقلت انفاسها والدموع تنهمر دون رادع أو توقف لتتسع عينا نضال وهو ينطق اسمها
- فرح
نداء يشبه الصرخة، ليضع كلا كفيه محتضنا جانبي وجهها، وبكاءها يؤلم وينغز قلبه لتهمس فرح بعذاب وعينين لائمتين
- كتير عليا تشوفني سعيدة يا نضال، انا وانت حتى لو محتاجين بعض الا اننا هنأذي بعض.

اسودت عيناه قتامة وبعثت بالشرر المستعر ليقبض على فكها وهو يصيح بنبرة عنيفة
- عايزة تمشي
تأوهت بوهن لخشونته لتهمس
- ده اللي انت بتحاول توصلني ليه
انفرجت عن شفتيه ابتسامة خطيرة، شرسة، زاد من قبضته المتحكمة المؤلمة لعظامها ليصيح بعنف شرس
- والهانم ناوية تعيش فين
رفعت عينيها المعذبتين لعينيه الخارجتين عن السيطرة ليخرج صوتها ثقيلا بعض الشيء.

- في بيتك، كأني ضيفة تقيلة على قلبك انت وبنتك تستحملوها فترة من الوقت
ضاق عينيه لثواني يري أي ضعف أنثوي خبيث تمارسه عليه
هل تلك الكلمة مهمة لتلك الدرجة؟!
ألا يكفي شوقه الذي لا ينضب واهتمامه وأفعاله
هل هذا لا يكون شفيع لأفعاله!
ملاحمه صارت قد من الحجر وهو يسألها بنبرة صلبة
- ده كلامك النهائي
ازدردت ريقها وهي ترى سهام نارية ترشقها بكل غل في قلبها النازف لتهمس بضعف.

- نضال، مش وقت ما تقولي انا عايزك هبقي طايرة من الفرحة واجري عليك، انا محتاجة احس اني مطمنة، محتاجة احس اني فعلا مهمة للشخص اللي بيحبني لدرجة انه ميأذنيش بكلمة
- وانا هأذيكي
قالها بصلابة وعنفوان شديد
وما آثار رجفة جسدها أنه تابع بهمس خطر
- بأكثر من طريقة، واصعبها.

لا تعلم ماذا حدث إلا أنها وجدته اجلسها في مقعدها ليستوي مقعدها أفقيا و جثم عليها بضخامة جسده يحطم عظامها اللينة، التورد اندفع يتسلل لخديها والحرج لتهمس لاهثة الانفاس
- نضاا
صرخت بفزع، صرخة قصيرة كتمها بكفه ليميل نحو أذنها هامسًا
- لدرجة متقدريش تبعدي عني
صدرها يعلو ويهبط بسرعة جنونية، وعيناها تنتظران غدر منه، فك اسر شفتيها لتخرج همسا مغناجًا
- حبيبي ايدك بقت تقيلة.

زفر ساخطًا وهو يمرر يده على خصلات شعره ليصيح حانقًا
- اوعك تلعبي بالنار يا فرح
ابتسمت بنعومة
بل ابتسامة ماكرة لتقول
- اول ما بقيت مراتك انا دخلت نارك
ثم رفعت رأسها لتقول بجمود
- يلا بينا نرجع البيت
مدت ذراعيها لتحيط عنقه لتهمس بنبرة أنثوية أودعت به اثارة
- مجهزالك ليلة تجنن
وعادا للمنزل
لكنها بالنهاية تحججت بإرهاق جسدي
وتركته محبطا جسديا، يكاد من فرط غيظه أن يزهق أنفاسها!

عادت فرح من ذكري يوم بعيد، نضال أصبح ملاصق لها في تدريباتها بشكل يثير انفعال ناجي، بل جميع العاملين وهي لا تمتلك سوى الابتسام بحلاوة له
يكفي عينيه الماكرتين تختفي ويحل محلها اهتماما صادقًا ورغبة تجعلها ترتفع لعنان السماء، تتذكر حتى اليوم نظراته الشرسة التي تأكلها حية حينما رفضت النوم معه، بل لأيام تركها وتعلم صمته هذا منبأ دائما بالخطر والنهاية هو من سيظفر بما يتمنيه.

تلعب حرب أعصاب، رغم إدراكها لعواقبها الوخيمة
اقتربت من جلسة الأب والأبنة لتسمعه يزفر حانقًا
- عايزة ايه تاني ادهولها
غامت عيناها وهي تستمع باهتمام الى صوت شمس الصغير المتعثر
- ورد، ورد
انفجرت ضحكة وأدتها سريعا لتسمع تعليقه الخانق تلاه صراخ مستمتع من الصغيرة
- حتى انتي يا زئردة
استقام نضال وهو يكاد يصرخ في الحوائط عل المتوارية من خلف الحائط تتشجع وتهب له نفسها بدل أن يجرب طريقة خشنة لن تعجبها حتمًا.

مرر يده على بطنه ليقول بازعاج
- انا جعان انتي مش جعانة
هزت له الصغيرة رأسها لترفع كلا ذراعيها بغية حملها، لم يتردد وهو يحملها لتتسارع فرح الاختفاء عن أعينهما وسار مع صغيرته وهو يداعبها بمرح جعل الصغيرة تشق صمت البيت وهي تقترب بغنج تضع رأسها على كتفه..
وقف نضال بتيه في المطبخ، لا يعلم ماذا سيفعل والطعام معد يحتاج فقط لتدفئة، إلا أنه وضع الصغيرة في مقعدها وقال بنبرة آمرة
- خليكي في مكانك.

اتسعت عيناها الذهبية ولما تمرد طفيف الا عينا الأب ضاقت بخشونة ولمعة تصميم جعل ذهبيتها تبتسم بوداعة لترفع كلها على شفتها الندتين كعلامة صمت ورضوخ لأبيها.
أشعل الموقد لتسخين الطعام البارد، وأخرج ثلاثة أطباق قدم على طاولة الصغيرة طبقها البلاستيكي وعاد ينظر إلى الموقد ينتظر وفي يديه حاملا طبقين
-بدل ما بتبصي ساعديني.

قالها بنبرة متسلية وعينيه ما زالت على القدر مما جعل فرح تشهق حينما قبض عليها متلبسة، لثواني شعرت بالحرج وهي تتقدم نحوه لتمسك كلا الطبقين ووضعتهما على الرخام لتهمس
-اقعد انت وانا هصب الاكل
مال نحو أذنها هامسا
- الاكل سخن خلاص، خليكي جريئة واستنيني
تنتظره!
رفعت عينيها له لتري أي بوادر تسلية فقط إلا أنها وجدت تصميم
لن يتنازل تلك المرة، تركها تلهو كما ترغب.

لكن بالنهاية هو من يقدر على إعادة الخيوط بين أصابعه.

أسبوع كامل مر بعد فرمان والدها
أسبوع أصبحت تتوارى خلف البيت
تخلت عن حياتها وصفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي
لا تجيب على رسائله ولا اتصالاته المتكررة بإلحاح
تريد حرقه، بل كسر غروره هذا الذكوري، المتسلط لحياتها الغبي، العاشقة اه بجنون.

طحنت ضروسها بغيظ شديد وهي تأكل الموزة وترمي القشرة بلا مبالاة على أرضية غرفتها، التقطت موزة اخرى وهي تفتحها بعنف لتضعها داخل فمها تأكله بشراهة، تناهي على مسامعها صوت اختها المرح
- يا قردة هانم.

دارت برأسها تنظر إلى شاديه، بداية من عودتها إلى المنزل وهي تتهرب من الجميع، تغني في أوقات عجيبة ثم لؤي خطيبها أو من سيصبح خطيبها السابق باتت لا تطيق سماع اسمه بعدما علمت فعلته الوقحة، لم تكن شادية ستنطق بشيء لولا الحاحها وأخذ وعد شرف منها بعدم التحدث لوالدها وكل ذلك كي يتم أمر خطبتها بخير، يبدو نظرة ابيها صائبة انها لن تتزوجه ولن يضطر إلى اختلاق مشكلة، زفرت بسخط قائلة
- نعم.

اشرأبت شادية بعنقها لتغني بحلاوة وبتلات ووردها متفتحة ومزاجها راقي في ذلك الصباح
من حبى فيك يا جاري، يا جاري من زمان
بخبي الشوق وأداري، لا يعرفوا الجيران
تقدمت نحو الداخل وهي ترى وجه شقيقتها العكر، لتتابع وهي تسحب ملابسها المتسخة متابعة
وحياة حبك ما شبكنا، غير شباكّوا وشباكنا
وعيون تنده وتشاور وتدوّب شوقها ببسمة
وعيون تفهم وتحاور وتسلم ويّا النسمة
وأخبي الشوق وأداري أدراي، لا يعرفوا الجيران.

طحنت الموزة بغل لتسحب أخرى وترمي القشر بلا مبالاة بجوار صديقه، غمغمت بحنق
- غزالتك رايقة من فترة
زفرت شادية بسخط نحو قشر الموز لتتغضن ملامحها بضيق وهي تسحب كيسا وجدته ملقى على الاريكة لتضع به القشر، تحاول النسيان، بل الابتعاد عن أي شئ يجعلها تتشتت وتحظى ببعض السلام الداخلي الذي لم تحظى به منذ أسبوع.

العمل يضغط عليها من جهه ومن جهه اخري لؤي الذي لا ينفك كل صباح يهاتفها حتى تجرأ وقدم إلى مكتبها في صباح تحمد الله لم تراه بل كانت في الفندق تشرف على اللمسات الاخيرة في زفاف يتبقى له أيام معدودة ثم بعدها ستتجهزلخطبة نزار ورهف، تمتمت شادية بشقاوة
- هخلص منك طبيعي هعمل فرح
ابتسمت جيهان ساخرة، لترمي القشرة وبملئ فيها غمغمت
- لؤي باشا عمل فيكي ايه ليكون شربك حاجة اصفرا.

صفعتها شادية بحدة حينما رمت القشرة على الأرض لتتوجع جيهان متأوه من تصرفات شادية الامومية الخانقة، أكثر ما تكرهه ذلك النظام الذي تطبقه في المنزل، مع تجهم ملامح شادية للجمود جعل جيهان تهمس بخبث
- لأ يبقي الايطالي شربك حاجة اصفرا
رعدة خفيفة سرت في جسدها وجلوسهما الهادئ منذ أسبوع يتكرر بخبث في عقلها، تجهمت ملامحها للحنق
- جيهاان
مرت جيهان على ملامح شادية المتهربة، لتهمس بنبرة جادة
- عمل ايه استاذ لؤي.

تذكرت رسالة الصباح التهديدية له، انقلبت معالم وجهها للغيظ والحنق منه تجز على ضروسها ساخطة
- بيقول انه محتاج يقابلني
اصدرت جيهان صوت ساخر من شفتيها، يبدو أن رجال عائلة المالكي قليلي الحيلة، بل عديمو الذكاء والتفكير
هل تلك جينات وراثية بهم؟!
مثله كأبن عمه، يكتفي فقط برسائل واتصالات ولا يحاول جاهدا في فعل شئ اخر، غمغمت بسخرية
- لا والله بجد كتر خيره.

جلست شادية على الارض مثل جيهان لتسحب موزة وهي تقشرها لتهمس بحدة وهي تاكل الموزة بحنق
- مش طايقه اشوفه يا جيهان، وبابا لو حس
قاطعتها جيهان بنبرات مشعة بالخبث
- بابا هيكون مبسوط اوي بالايطالي بتاعك
قرصتها شادية بحدة من خاصرها جعل جيهان تتأوه بتوجع، لما كلما تحاول الخروج من مداره يعيدونها بكل حدة له
انفجرت شادية في وجهها هادرة بحدة
- جيهان
على الرغم ان جيهان متوجعة من قرصتها إلا أنها تمتمت بهدوء.

- اينعم هو مش من طموحاتك بس هو اكتر واحد يقدر يلمك، عقبالي يارب
رفعت كلتا يديها نحو السماء وهي تتمنى رجلا يقدر على تشذيب طباعها أو يختزل صفاتها المتهورة له فقط، ستكون وديعة فقط يأتي ذلك العريس الغفلة وتقسم انها ستبهره، إلا أن شادية قاطعتها بصلابة
- مش هتجوز، هقعد هنا.

عقدت جيهان حاجبيها مفكرة ذلك الإيطالي، قال انه من أصل عربي لكن ما هو؟!، صفحته على التواصل الاجتماعي بأول اسمه فقط حتى صوره عن أعماله وليست شخصية، تمتمت بتفكير
- سرمد على كدا نيته شريفة ناحيتك، اصل لو عايز اللي بالي بالك مش بعيد معتصم يطخه بالنار
اقشعر جسد شادية وهي تتذكر لحظات جنونه عليها، و انفراده التام بها، لن تكذب أنها قرأت الرغبة بهما، غصة المت حلقها لتهز رأسها نافية قائلة بعنف.

- لا لؤي ولا سرمد ولا أي حد تاني اهدي
تمتمت جيهان بنبرة ناعمة
- انا عايزة حد يربيني يا شادية، يخاف عليكي يكون خشن في تعامله بس قلبه يرق لما يشوفني تعبانة
عيناها تلمعان بشغف مريب، تريد الهرب من عشق بالي من طرف واحد
تريد رجلا يأتي مقتحما أبواب قلبها الصدئة، ويقتلع وسيم من قلبها ويزرع نفسه بكل خشونة وعنجهيه يعلن عن ملكيته لها، تبتسم بجنون لتهمس بجفاء لا يتناسب مع ابتسامتها.

- وسيم قال لبابا ان عيلته هتشرفنا وانا مش عايزاه
مسحت دمعة سقطت خائنة وهي تدمدم بحرقة
- عايزة اللي يسعي ليا، يتبهدل عشان اعترفله بحبي، بس وسيم لا، انا اللي هضعف
أوصلت له حبها صراحة، ومتوارية
لا يوجد وسيلة إلا واستخدمتها لكنه يلفظها، في كل مرة
كرامتها تأبي التذلل له، والركض خلف ذيله
انتبهت نحو رنين هاتف شادية لتزفر ساخطة وهي تقترب من شقيقتها تعانقها بمؤازرة قبل أن تمتم بحدة.

- رايحة اشوف باقي الشغل اللي ناقص في الفندق، اعقلي
رغم حنقها من تصرفات شادية كوالدة، إلا أنها دفنت وجهها للحظات متمسكة بساعدها، رفعت رأسها تهمس بشقاوة لا يتناسب مع مزاجها العكر
- لما يوصل سرمد اديله سلامي يا شادية
ضربتها شادية على رأسها وهي لا تصدقها، غادرت وما زالت جيهان على نفس جلستها
لثواني انبثق تفكير خبيث، غمغمت بنبرة خبيثة
- لازم نفتح لبابا بقي موضوع فسخ الخطوبة، ونضرب عصفورين بحجر واحد.

في النادي،
تركض جيئة وذهابا وهي تسدد ضربات الكرة بسرعة وخفة اكتسبتها بعدة فترة من التمرين القاسي والعودة للصالة الرياضية، حرارة الشمس تزداد سخونة لتلهب بشرتها ويتفصد العرق على جبهتها، مسحت بالقماشة المربوطة على ساعدها وهي تنظر نحو مدربها الذي يرفع الكرة عاليا ثم بمضربه ليوجه الكرة نحوها، مرت اتجاهه الكرة وهي تعيد الضربة التي في تلك المرة المدرب تباطأ في تسديدها، جعل المدرب يبتسم بمكر قائلا.

- هايل يا وجد، ابهرتيني بأدائك النهاردة
وقفت مرتخية في وقفتها لاهثة بعنف، تقبض بعنف على مضربها مستمعة بذهن شارد لنبرة الحماس لمدربها
- لو هنستمر بنفس الاداء ده مش بعيد اننا ندخل الأولمبياد
منامها، بل كابوسها لا ينفك من مغادرة عقلها، حتى في الليل أصبحت تخشى أن تفتعل في نفسها شيء فتوصد الباب وهي تدعو برجاء أن لا يأتي ذلك الكابوس مرة أخرى، انتبهت على نداء المدرب الحانقة
- وجد.

رفعت رأسها نحوه لتهمس بنبرة لا مبالية
- نعم
امتعضت ملامح المدرب ليهتف بضيق
- انتي مش معايا خالص
غمغمت باعتذار لطيف
- تعبانة شوية، عن اذنك يا كابتن
توجهت نحو المدرجات لتأخذ حقيبتها ثم بعدها انطلقت الى استراحة النساء لتنعش نفسها قبل العودة للمنزل...
بعد فترة...

تقود سيارتها بملل شديد وخصلات شعرها الندية بللت نسيج قماشها القطني، لكنها لم تعبأ، تابعت بطريقها نحو المنزل إلا أن هناك طريق آخر جذبها، لوهلة تذكرته
صاحب العينين الخضراوين والجسد العضلي، عقلها لم يفكر بل يديها غيرت مسلك الطريق نحو المؤسسة الخيرية!

الأبواب فتحت على مصرعيها ونفس الابتسامة البشوشة قابلتها، المشهد لم يتغير، كله كما ذهبت إليه أول مرة، إلا أن هناك ضجيج لبعض العمال تسمعه لكنها لم تهتم، أوقفت سيارتها عند مقدمة الباب لتترجل منه وقدميها تتجهان نحو الداخل، رائحة الطلاء شمتها حينما دلفت إلى البهو، لتعقد حاجبيها، تتذكر ان الطلاء السابق كان نظيف، تابعت سيرها المتمهل وهي تأخذ جانبا كي لا تعوقهم عن العمل.

توقفت عند مدخل الحديقة وهي تنظر إلى لهو الاطفال وعيناها تبحثان عن الصغيرة أو صاحب العينين الخضراوين
لا تعلم لما هي بحاجته
ربما لأنه طبيب نفسي؟، أو الفه تشعرها بوجوده!
من عري مخاوفها وقلقها من لقاء واحد
استمعت الى صوت لطيف من خلفها
- مساء الخير
دارت برأسها لصاحبة الصوت التي علمتها، صاحبة الدار التي ابتسمت في وجهها ببشاشة قائلة
- وجد اظن ان دا اسمك.

على الرغم من الدهشة التي اعترت ملامحها من تذكرها لاسمها من مجرد مقابلة واحدة إلا أنها تمتمت بهدوء
- بالضبط يا مدام روفيدا
اتسعت ابتسامة روفيدا وقالت بامتنان حقيقي
- مش عارفة اشكرك ازاي، كون انك حطيتي ثقة في تسبيح دي حاجة كبيرة جدا، الناس فاكرة الدعم المالي كفاية بس لكن المعنوي والشغل ده اهم من الفلوس
رق قلبها وهي تتذكر تلك الصغيرة التي خطفت قلبها منذ أن رأتها، غامت عيناها بعاطفة لتهمس.

- تسبيح من حقها تشوف نفسها كاملة زي باقي البنات
زفرت روفيدا متنهدة بحرارة لتهمس وعينيها معلقة على الأطفال
- على الرغم ان الميتم ده عدد الأطفال فيه قليل الا اني سعيدة جدا اني عرفت احطهم على الطريق الصح وده كله بمساعدة عاصي
وها قد اتى صاحب مجيئها إلى هنا، لم تدخر وقتا الا ورفيدا تعددت في محاسنة
- عاصي بجد انسان مبهر، عطوف وحنين جدا على الاولاد يا بخت اللي هتكون من نصيبه
بابتسامة مقتضبة، ورد بارد همست.

- ربنا يكرمه
صمتت روفيدا لثواني متحرجة مما هي مقدمة على فعله حينما علمت من عاصي هويتها، لا تصدق امرأة مثلها التي برعت في مجال رياضة والازياء تراها تعيسة لتلك الدرجة، غمغمت بهدوء وكأنها تتسامر معها
- فيه مساحة فاضية لملعب التنس للأسف بقاله فترة مهجور لاني مش لاقياه كابتن اقدر ائتمن عليه الأطفال
لم تتردد وجد التي سارعت تقول.

- ممكن ادربهم، انا عندي وقت فاضي ممكن اقدر استغله وادرب الاطفال اللي حابه تلعب تنس
لمعت عينا روفيدا وهي ترد بهدوء
- مش عايزة اكون بحرجك، انا كنت بسألك عشان لو تقدري تديني شخص موثوق فيه وعلى المبلغ مش هنختلف
غمغمت وجد بهدوء شديد
- انا عندي قابلية للتعليم، الصراحة مجربتش قبل كده ادرب حد بس متقلقيش مش هخذلك واعتبريه عمل تطوعي هنا للمؤسسة بتاعت حضرتك
عيناها تبحثان عن شيء بعينه.

لا تستقران في مكان محدد، مما جعل روفيدا تهمس ولمعة ماكرة تزين حدقتيها
- طيب هستأذنك عشان بينادوا عليا
ابتسمت وجد بلطف وهي تفسح مجالا للسير
- اتفضلي
تقدمت إلى الخارج لتجد عاملا صاعدا على سلم خشبي طويل لم تري في ارتفاعه قبل يدهن الحائط، لم تهتم بالشخص قدر اهتمامها بطول السلم، ثم ازاحت عينيها نحو ملعب التنس الذي كان مهجور يحده أسلاك عازلة عن الحديقة، استمعت إلى نداء عجيب يقع على اذنيها
- ميس وجد، ميس وجد.

شعرت بجسد يهجم عليها بمعانقة لساقيها، لتغمغم بتعجب رغم ابتسامتها الناعمة التي وجهتها لتسبيح
- ميس!
لوت شفتي تسبيح بضيق لتهمس
- دكتور عاصي قالي اناديكي ميس بدل ما انطق اسمك
الرجل سطوته غريبة على المكان، يشعرها كأنه هو صاحب المكان لا غيره، اسمه يتكرر على الكبير قبل الصغير، لكن أين هو؟ّ!
هبطت وجد بجذعها وابتسامة حلوة زينت ثغرها قالت
- والانسة تسبيح طالبة من الميس ايه.

جذبتها تسبيح من يدها واشرقت معالم وجهها فرحا
- تعالي نلون الاوضة جوا زي ما بيلونوا هنا
سارت معها حتى البوابة الدخلية الا انها توقفت لتقول بعبوس
- بس انا مش معايا هدوم للأسف ولو اتوسخت مش هعرف امشي بيها كده، ايه رايك بكره اجيب هدوم ونلون الاوضة
صمتت الفتاة وهي تحاول ان تفكر في المعضلة تلك، مررت باصبع السبابة على ذقنها بتفكير قليل لتقول بعدها بنبرة يائسة
- هقول لميس روفيدا متلونش اوضتي.

تمنت ان تراضي الصغيرة الا ان صوتا أجش لا تعلم من أين أتى، صاح بها
- فيه هدوم تقدري تلبسيها عشان تدهني بيها
النداء لم يكن من جانبيها ولا من خلفها ارتفعت عيناها لاعلي لتجده هو، معلقا في السلم الخشبي وبجواره علبة دهان يدهن منها، زفرت متنهدة وهي تهمس برقة
- خضتني يا عاصي
هبط عاصي عدة درجات ليخرج صوتا خشنا مداعبا لاوتار انوثتها
- سلامة قلبك من الخضة.

زمت تسبيح شفتيها بسخط حينما وجدت شخص اخذ اهتمامها، لتغادر بحنق طفولي جعل عاصي يخرج ابتسامة تزين شفتيه
يعتذر للصغيرة حقا، لكنه منتظر مبادرتها الثانية للمكان دون ضغط حتى يعلم أن الأميرة تهتم!
مسح عاصي العرق المتصفد جبينه ليغمغم حانقا
- متشعلق هنا بقالي ساعتين بدهن، ومش عارف في الاخر هيأكلوني ايه
للحظة خيل لها أن السلم يتحرك وانه فقد اتزانه، خرجت صرخة فزعة وهي تقول برعب
- حاسب.

اتسعت شفتي عاصي، ولثواني لا يعمل ما تلك التصرفات الصبيانية التي يقوم بافتعالها لكي يحظى باهتمامها، فالبنهاية هي أميرة خرجت من سطور الحكايات
هبط من السلم برشاقة ليقول باطمئنان وعيناه تقابل عينيها بدون رداع
- متقلقيش عليا متعود على التعليقة دي في منطقتنا لما بنعلق زينة رمضان
صمتت وجد دون رد ولسانها شل عن الحركة أثر تدقيقه لها، هل يمارس علمه عليها ليحللها
أم نظرة اهتمام رجل!

رفعت عيناها لتتصلب ملامحها وهي تري الاطفال الصغار تقترب من الحائط ليلصقوا بعض الالوان عليه، اتسعت عيناها جحوظا لتنتبه إلى صوته
- فيه ايه
تمتمت بكلمة واحدة
- الحيطة
قطب حاجبيه مستفسرا
- مالها
غطت بكفها على شفتيها بعدما نطقت كلمتها
- اتوسخت
استدار عاصي على عقبيه وشخص واحد مر على تفكيره يفكر بتلك الشيطانية، صاح صارخا بهدر أدى إلى انتفاضة جسدها برعب لصوته
- مرواااان.

جز على اسنانه مزمجرا بحدة، ليصيح بعنف وهو يرى الطفل يقف كمذنب جعل قلب وجد يرق له رغم فعلته
- زي الشاطر هتلون مكان اللي وسخته انت ومعتز والا...
لم يكمل باقي جملته الا ووجدهم ينفذون ما أمر به، ارتفع حاجبي وجد وهي تحاول معرفة العقاب الخاص به، هل سيعذبهم؟!
نفضت تفكيرها الغبي لترتفع عيناها نحو صاحب العينين الخضراوين الذي وجدته يتفحصها بربكة ضخت به قلبها الساكن
غمغمت بارتباك شديد.

- عاصي انت بتشتغل ايه بالضبط
ابتسم وهو يجيب ممازحا
- شغال كل حاجه معاكي من أول صبي القهوة لحد دكتور
رفعت عيناها نحو الاطفال التي تعيد طلاء الحائط، نظرت نحوهم باشفاق لتمتم
- طب ما ممكن تجيب عامل يعمل
يعلم لمن توجه بحديثها لذا حجب عنها الأطفال بعرض جسده الضخم، يعلم ذلك الخبيث مروان كيف يستميل قلوب النساء، لكن لن تفلح توسلاته ونظراته البريئة تلك بخداعه، غمغم ببرود.

- الحيطة مكنش فيها حاجه مهمة محتاجة عامل، ده غير ان العمال بيضحكوا على مدام روفيدا وبيطالبوا بمبالغ خيالية لحاجات بسيطة عشان كدا باجي وقت لما يكون فيه تصليح لحاجة
توجه نحو صنبور مياة ليغسل يديه وهو يخلع قميصه ليظهر صدره العضلي الضخم وما حفظ حيائها وجود فانلة قطنية سوداء يرتديها اسفل قميصه، تفجرت الحمرة في وجنتيها وهي تشيح بوجهها عنه بعدما حدقت به كبلهاء لم تري رجلا قبلا!

لم يفته عاصي عيناها المتسعتين بجحوظ حينما خلع قميصه ليري حمرة خفيفة زينت وجهها، لم يتوقع فتاة في طبقتها ان تخجل بالنهاية لم يكن عاري!
عاد إليها وهو يحمل قميصه الباهت في يده ليجفف بها وقال بهدوء
- جعانة
تعجبت أن حول القميص إلى منشفة لثواني همت بالرد عليه الا أنها تمتمت بدهشة
- ايه
ابتسم عاصي بهدوء شديد وهو يشيرها نحو الخارج
- يبقي جعانة، يلا بينا ناكل لاني هموت من الجوع حرفيا
سارت معه وهي تعترض بلطف.

- بس انا
قاطعها بصرامة شديدة يحب استخدامها جيدا
- لما بكون جعان ببقي فاقد اعصابي، بدون كلام نتحرك
صمتت وتبعته حتى وصلا لخارج المؤسسة همت بالتوجه الى سيارتها الا انه تخطاها وتوجه إلى أخرى مصطفة أمام سيارتها، وقفت عند سيارتها لتمتم
- انا عندي عربيتي
- اركبي يا وجد.

بنظرة واحدة صارمة جعلتها ترضخ له وهي تتوجه نحو سيارتها تأخذ حقيبتها قبل ان تصعد سيارته، صمت وهي تجده يستقل مقعده ومازال مرتديا الفانلة ، تفاجأت حينما قدم قميصه لها دون حديث، نظرت له ثم لقميصه الذي حوله بريبة وعدم فهم إلا أن نظرته الصلبة جعل اناملها تتحرج إلا أنها امسكتها في النهاية، عادت بخوف ملتصقة بباب السيارة حينما مد بجذعه للمقعد الخلفي جاذبا قميصا آخر نظيف، بدون كلمة ارتداه مما جعل وجد تشعر بضيق المكان وقلة الاكسجين من حولها فجأة.

ماذا تفعل هي؟!
انتبهت على صوته الهادئ
- بتحبي الكشري
- ايه؟
همست بدهشة ولا تعلم انها تعصر اناملها بقوة على قميصه دون الانتباه مما جعل عينا عاصي تلمع بوهج خاطف لم تنتبه له، ليقول بنبرة هادئة
- يبقي نروح عند ابو طارق
لثواني تشعر انها تلبست بشخص آخر غيرها
لا هي بوجد القديمة ولا هي بوجد التي قررت أن تصبح عليها
أصبحت اخري تماما بوجود صاحب العينين الخضراوين!
وعينا عاصي بين الفينة والأخرى تلقي عليها اهتماما.

رغم تحاشاها للنظر اليه
لكن ما زالت متشبثة بقميصه دون نية في إعادتها له حتى تلك اللحظة!

بكل ثبات وجمود جلس على المقهي الذي قابل به خطيبته منذ فترة ولثاني مرة يعيد لقائهما
وتلك الخبيثة ذات العينين الزرقاوين اختفت بكل جبن بعد تلك الليلة الكارثية مثل المرة السابقة التي أدعت بموتها!
لا يعلم ماذا أصابه لكي يقع في حبها لتلك الدرجة؟!
رغم أنه كان له مهمة مكفل بها لكن للأسف أفسد كل شيء نتيجة تهور قلبه، وضع فنجانه على الطاولة وهو يزفر بسخط.

كل شيء ينفلت من بين أصابعه، لا يعلم ما هي الضربة الجديدة التي ستوجها له تلك المغلفة بالحقد والكره، ومن جهة أخرى ظن أن خطيبته ستكون عاقله أكثر تحكما
لكن ظنه خاب
مجرد وجهه زائف لتخفي عاطفتها، مال شفتيه بسخرية وهو لا يصدق انه هددها، هددها لإثارة فضيحة في عملها إن لم تقابله..
انتبه على وجود ظل امرأة تظلله ليقول بنبرة جامدة وهو يرفع عينيه نحوها
- اعتقد اسبوع قدرتي تكوني هادية.

جلست بعصبية شديدة وهي ترمي حقيبتها وصرفت النادل باشارة من يديها ليعود مكانه لتقول بنبرة محتقنة بالغضب
- لؤي مفيش داعي نتكلم على حاجه انتهت
ذكاؤه خانه تلك المرة، ليست تلك المنشودة
لكنه بالنهاية يحتاج للتبرير، لا يريد أن تضعه في صورة حقيرة أو تصوره كرجل عبد لشهواته، صاح بنبرة قاطعة
- انا مطالب اني اشرحلك
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها لتقول بتقزز
- تشرح خيانة.

انقبضت معالم وجه لؤي ليخبط بقبضته على الطاولة مزمجرا بغضب
-شادية
زمت شفتيها بحنق من نظرته النارية إلا أنه لم يطفئ غضبها، غمغم لؤي بجمود
- استريحتي كدا
قاطعته نافية عاقدة ذراعيها على صدرها
- لسه
تنحنح لؤي في جلسته وهو يقول بجمود
- اللي شوفتيها
رفعت شادية حاجبها وقالت ببرود شديد
- عشيقتك مالها
رفع عينيه وما هو مستور سيكشف
لثواني ظل ينظر إلى عينيها ونظرة عدم الاهتمام تظلل حدقتها ليقول
- تبقي مراتي.

حل الصمت فوق رأسها والصدمة تظهر جليا على قسمات وجهها السمراء لترفع عيناها نحو عينيه تنتظر منه تعديلا أو ضحك ليختبر غيرتها
إلا أنه لم يمزح معها، تقاسيم وجهه الصلبة لم يكن هناك بها مجالا للضحك.
وفتح باب الخذلان للمرة الثانية وما عاد القلب يتحمل!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة