قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس والسبعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس والسبعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس والسبعون

باب الحب لا يطرق سوى مرة واحدة
اما ان تجيبه وتفتح بابك بهدوء أو تستعد يا عزيزى للأعصار القادم الذي سيقتلعك من جذورك..!
في قصر المالكي،
حماس
لهفة
ترقب
قلق يكاد يفتك بها، ويفقد المتبقي من عقلها، تتنهد عدة مرات وهي تتأمل حالها أمام المرآة، تغير من فستان لآخر
ومن تسريحة شعر لأخرى
الفستان الاول تجده ضيقا، الثاني قصيرا، الثالث مكشوفا والخ...

جميع ثيابها لا تصلح لارضاء ذوق رجلها، زفرت بحدة ولم تسمح لليأس أن يتملك منها
ستركز فقط على أن تكون جميلة الليلة
يجب أن تكون كاملة في عيني رجلها الليلة ولياليها القادمة معه، اخرجت ثوب ورديا من خزانة ثيابها لتضعه فوق جسدها تتخيل كيف سيبدو عليها حينما ترتديه
الفستان لم ترتديه مطلقا منذ ان جاءها هدية من جدها في عيد مولدها السابق، تأملت اكمامه الشفافة لتهز رأسها برضى.

ستكون مع عائلتها ولن يوجد رجل غريب والفستان محتشم بالنهاية...
عدة دقائق وخرجت من الحمام الملحق بغرفتها لتتقدم نحو طاولة الزينة تهم بتصفيف شعرها الا انها شعرت انها ليست بمفردها
رفعت عيناها تلقائيا نحو جانبها الايمن من الغرفة لتجد اسيا تجلس على المقعد تحدق نحوها بابتسامة ماكرة، رفعت اسيا اناملها بترحيب بارد لتمتم
- مش محتاجة كل اللهفة دي يا وجد، الرجالة في الاخر بيبقوا حاجه زفت بعد الجواز.

عبست وجد وهي تحدق في ابنة عمها التي قررت أن تتخلى عن اعتزالها وتكون زائرتها في ذلك الوقت، غمغمت وجد بعدم فهم
- افندم
تشعر بالغبطة؟
قليلا، من ناحية غيرتها المجنونة التي تشتعل من مجرد قرب امرأة تجاه زوجها خمدت وهي تتأمل ملامح الصغيرة التي كانت ستصبح زوجته، اللعنة على جميلة بالله كيف تجعل تلك الفتاة تتزوج من ابن عمها الذي يكبرها فوق العقد؟!

اشاحت افكارها الجهنمية التي تجهزها للجميلة لتستقيم من المقعد مقتربة من وجد وهي ترى لمعة الحب يكاد يفضحها لتقول بتهكم
- متتحمسيش اووى كدا، هو مش امير بجناحات هياخدك على مملكته السعيدة
تجهمت ملامح وجد لتترك فرشاتها جانبا وتستقيم هي الأخرى من مقعدها
مدافعة عنها وعن رجلها الوحيد الذي استطاع ان يلمس شغاف قلبها
رجل قدر على بعثرتها بكل سهولة
قدر يستطيع ان يرفعها بسهولة الى اعلى مقامات العشق.

رجل، أحبت رجلا تقسم أن النساء تحسدنها عليه
أحبت بالنهاية رجل، شقى وعنى كثيرا وليس طفل مدلل يفتخر بأعمال عائلته وهو ينفق أموال عائلته
غمغمت ببعض الحدة وهي تنظر الى ملامح آسيا الفاتنة بوحشية
- مش كل الرجالة نوع واحد
هزت اسيا رأسها بملل، التمعت عيناها الزرقاوان بخبث لتميل راسها هامسة بصوت خفيض
- عندك حق مش كلهم نوع واحد، بس كلهم عندهم طاقة شهوة عالية.

شهقت وجد بخجل لترتد خطوة للخلف ووجها امتعق بالحمرة الشديدة لتجيبها بحدة مغمغمة ببعض الكلمات الغير مفهومة لتنفجر آسيا ضاحكة بانطلاق لأول مرة منذ وطئها لذلك القصر الملعون
لا تصدق أن الصغيرة تخجل من حديث نساء، هل ما زال العالم هذا يوجد به نساء تخجلن من دردشة نسوية، عقدت حاجبيها متمتة
- ايه ده انتى وشك جاب الوان من دلوقتي.

زفرت وجد بحدة وهي ترغي وتزبد، لاتصدق وقاحة هذه المرأة لتعود تجلس على المقعد مرة اخرى تمشط شعرها ببعض العصبية ادت إلى شعورها بألم في رأسها، إلا أن من فرط عصبيتها تحملت وهي تحدق نحو المرآة متجاهلة آسيا التي اقتربت ببرود جالسة على طرف طاولة زينتها قائلة بجدية.

- خدى نصيحة للزمن، معادن الناس مش هتبان غير في الازمات، يعني مش هتعرفي معد الشخص اللي اتقدملك غير لما الحياة تختبره وهل فعلا رغم الظروف هيفضل متمسك بيكي ولا لأ
توقفت وجد عن تمشيط شعرها وهي متعجبة من سماعها لنصيحة امرأة أقل ما يقال عنها انها تتمنى لو يموتوا جميعا أو يحترقوا، تصرف عجيب جعلها تنظر إليها بتدقيق محاولة أن تستشف شخصية تلك المرأة أمامها وهي تسترسل في الحديث قائلة.

- وياريت متجبيش راجل دلدول امه، مش كده بتقولوها
تلك المرة لم تحاول منع لسانها قائلة
- غريبة
هزت آسيا رأسها قائلة
- اي اللي غريبة؟
استدارت وجد إليها وهي ترمقها ببعض الحذر، تحاول الوصول إلى عمق صاحبة العينان الزرقاوان لكن دون أدنى فائدة، امواج عينيها هادرة تكاد تقتلها وتودى بحياتها للتهلكة، غمغمت بصراحة معتادة عليها.

- انك تنصحيني، يعنى انتى اكتر واحدة مش عايزة تختلطي بحد ولا نفسك تتفاعلي معانا، اشمعنا دلوقتي جاية تنصحيني
ابتسمت آسيا بغموض لتقترب منها هامسة بصوت خفيض، كأنه سر حربي تخشى أن يفتضح
-يمكن عشان متغلطيش نفس غلطتي!
لم تصدقها مطلقا، هزت وجد راسها بدون معنى لتستقيم من مجلسها وهي تطالعها قائلة بهدوء.

- لؤي كبير العيلة بعد جدو غالب، يمكن اللى محتاجه انه يلاقي الراحة فعلا في بيته مش مشاكل تكبله وتزيد همه فوق مشاكل الشغل
اتسعت عينا آسيا لبرهة من الوقت، حسنا لم تتوقع ان تجلس مع فتاة بتلك الخبرة وان لم تظهرها
توقعتها مغفلة، حمقاء، مهتمة بالموضة فقط وهذا ما رأته من رؤيتها لماكينة الخياطة في غرفتها والفساتين المتناثرة في عدة اماكن متفرقة في غرفتها الشاسعة.

فتاة حمقاء، وليست فتاة واعية مدركة بجميع ما يحدث من حولها، بالطبع غالب المالكي لن يجعل الحفيدة الصغيرة المحببة غبية
ولكون الفتاة صريحة معها في بداية حديثهم، صرحت هي الأخرى وزرقاوتها تلمع بوميض اعجاب لم تقدر على اخفاءه
- كنتى فاكراكي حاجه تانية، بس واضح ان احنا هنفيد بعض كتير.

لاحت على شفتيه شبح ابتسامة ماكرة ليجعل ملامحها اكثر شيطانية، لا تعلم لما انقبض قلب وجد وهي تحدق الى مظهرها الخارجي المتوحش، المثقل بالاغراء الأنثوي الطبيعي دون الحاجة للاصطناع
تنهدت وجد بيأس وهي تجلس على مقعدها قائلة بدردشة وهي تحاول اكتساب تلك النائية بعيدة عنهم
- انا للاسف كبرت وانا بنت وحيدة وسط ولاد عمام، كل واحد فينا عايش في ملكوت لوحده، بس اتمنى فعلا نبقى مقربين وننسى خلافاتنا.

زفرت آسيا بيأس وهي تتطلع الى عيناها الداكنتين، تحاول تستشف مدى صدقها من كذبها
ولان روحها شفافة
استطاعت أن تقرأ روحها، الفتاة طبية لحد اشعرها انها في الحقيقة الشيطانة هنا!
لن تنكر انها جاءت لافساد ذلك العريس المرتقب، لكن من رؤيتها عن كثب لمدى لهفتها وعينيها تومضان بعشق لم تستطع أن تعكر يومها، خصوصا انها تدرك مدى أهمية هذا اليوم كيوم الزفاف
مررت أناملها في خصلات شعرها قائلة بصراحة.

- حربي مش معاكى، انتى في النهاية زيي، انا عارفة اعدائي كويس
عبست ملامح وجد وهي ترى بريق العزم في عينيها لتقول لها بنبرة جادة
- متخسريش حب حياتك عشان مشاكل عدت عليها سنين، مدمريش سعادة انتى عايشاها وبعدين تندمي لما الشخص يبعد عنك
ضيقت آسيا عيناها وكلماتها كانت في مرمى الهدف
هل حقا استهانت بتلك الفتاة؟

ام انها تخفي امرأة اخرى خلف تلك الملامح الناعمة الاشبه بالطفولية، لم تحاول ان تسمح ان يظهر ضعف على ملامح وجهها، تمسكت بالصلابة ورباطة جأشها لتقول ببعض السخرية
- كلامك ده يدل انك خايفة عليا
هزت وجد رأسها بيأس لتعود اخذه فرشاتها تمشط شعرها قائلة بمرارة.

- انتى اكتر واحدة جربت طعم الحرمان، انا كمان جربته، بس لما تجيلك فرصة تعيشي مع الشخص اللي يقدر يعوضك عن كل اللى فات ليه تبعدي، ليه انتى تقطعى الحبل اللى هو بيحاول يشدك ليه
اختفي العبث، والوجه الماكر سقط لتحدق آسيا بذهول الى الفتاة
ربااااه، من يصدق أن تلك الفتاة التي شعرت أنها نائية عن الجميع تعلم ادق تفاصيلها، وكأنها تعيش معها!
هل لتلك الدرجة مفضوحة؟!، يائسة من زوجها؟!

هي المذنبة وهو الملاك الوحيد، خرست اصوات عقلها ليتدخل القلب معاتبا إياها
محدثا ان كلام الفتاة صحيح وانها من تقطع حبلها ب لؤي، والرجل قالها مرارا وحذرها من الا ترتكب جريمة أو فضيحة! لكن ماذا تفعل
ليس بيديها
تحاول ولكنها لا تستطيع
مرض الثأر مرض مميت لا تستطيع التخلص منه مهما حاولت، مهما قالت انها ستتوقف تعود بعد خمس دقائق تفكر في كيفية إذلالهم
خططها كثيرة وجحيمية لكنها تتوقف عن التنفيذ بسببه.

ليس بسبب خوفها منه
لكن خوفها ان يتركها او يطلقها ويختار زوجة أخرى
خائفة من ألا تسكن ذراعيه الحانيتين في أشد حالاتها انهيارا
تخشى أن يبتعد هذا الملجأ الآمن، وتقوم بتهديده عبثا
تنهدت اسيا بحدة وهي ترفع عيناها محدقة نحو ساعة الحائط لتمتم بصوت هادئ
- متتأخريش على النزول، قربوا يوصلوا
استدارت خارجة من غرفتها وهي تلعن الأحمق قلبها
وتلعن لؤي وتعلن حبها المتملك له وضعفها وحاجتها المستميته له.

تفاجئت حينما احست باصابع شخص غريب تمسك زندها وتوقفها عن السير، استدارت تطالع وجد التي تبتسم أمامها باشراق وحلاوة فتاة صغيرة تذكرها بصغيرتها شمس التي راعتها بمفردها، قالت وجد بصوت به توسل
- اتمنى فعلا نبقي امنيتي تحقق، واقدر الاقى شخص احكيله مشاكلى بعيدا عن جدو
لم تستطع اسيا سوى انها تهز رأسها قبل أن تفر بعيدة عنها، هاربة منها
تنأي بنفسها بين جدران غرفتها!

في المساء،
بدا عاصي عينيه تلمعان بشغف و أمنيته وحلمه بأميرته أوشك على التحقيق، هو جالس في صالون منزلها وبجواره تحية التي تربت على ساقيه مرارا، تبتسم بابتهاج عينيها لا تكفان على التحدق بأفراد عائلتها التي لم تتشرف وتتعرف عليها، ازدادت ابتسامتها اتساعا فور جملة غالب الذي استقبلهم قائلا
- نورتنا يا دكتور عاصي وتحية هانم
هزت تحية رأسها وهي تجيبه بنبرة هادئة
- منور بحضرتك واهل البيت يا استاذ غالب.

رحبت بعينها نحو الشابين الواقفين خلف غالب ليومأ الاشقر برأسه وابتسامته تتسع والضخم اكتفي بابتسامة مقتضبة لتهز رأسها صامتة مبتلعة لسانها وهي تحدق إلى ملامح امرأة خمسينية تنظر بترفع إليها، عقدت حاجبيها بحدة وقررت الصمت لتستمع الى صوت غالب وهو معرفا عن الشابين
-اعرفك ب لؤي المالكي، ووسيم المالكي ولاد عم وجد واخواتها
هزت تحية رأسها متمتمة
- ماشاء الله ربنا يباركلك فيهم.

اتسعت ابتسامة وسيم وهو يرحب بها يهز برأسه ليتمتم
-اهلا بيكي
ثم التفت نحو المرأة الخمسينية المتجهمة الوجه قائلا
- ودى جميلة هانم عمتهم.

اكفهرت ملامح جميلة وهي تحدق إلى العباءة التي ترتديها المرأة العجوز، حاولت أن تخفي امتعاضها وتقززها لكنها لم تستطيع ابدا حينما رفعت العجوز يديها بتحدي لتمد اطراف اصابعها وقد ظهر النفور على محيا وجهها مما جعل تحية تستشيط غضبا لتقول جميلة ببعض الترفع والانفة بعدما سلمت عليها واتخذت مقعدا جالسة عليه بوقاحة قبل جلوس الضيوف.

- تقدرى تعتبري وجد دى بنتى مش مجرد عمة، خلونا نتعرف بيكم حضراتكم تبع عيلة مين وشغل حضراتكم ايه، ومشتركين في نادى ايه
القت تحية سبة سريعة بين اسنانها، لتشعر بيد عاصي وهو ينظر اليها طالبا منها الصبر، زفرت بحنق وهي تجلس على مقعدها وبجوارها عاصي يبتسم بحرج
الجو تكهرب قليلا.

والجميع لن ينكر هذا، بداية من ملامح وسيم القلقة من ردة فعل عمته، ونظرات جده النارية لها الا جراء حديثها، صاحت تحية بتهكم مشوبة بنبرة ناعمة
- وهو لما نيجي نسأل على راجل نسأل هو مشترك في نادى ايه ويقبض كام برضو يا جميلة هانم
اكتفت جميلة بان ترمقها من رأسها الى اخمص قدميها بدونية مما اشتعل فتيل الغضب في عيني تحية، صاحت جميلة ببعض الترفع في صوتها.

- اعذريني يا تحية، (صمتت قليلا وهي تبصق اللقب من شفتيها قائلة ) هانم، انا بدور على عريس يقدر يعيش بنتي نفس المستوى اللي هي عايشاه مش أقل
لعنتها تحية بين اسنانها ولولا فقط مراعاة لحفيدها وتعلقه بالفتاة لجذبت شعر تلك الوقاحة، والله لجذبتها ومسحت بها أرضية منزلهم ولن يردعها رادع، كادت تهب من مجلسها الا انها شعرت بذراع عاصي تتمسك بها من خلف ظهرها قائلا
- توحة
التفت نحوه مزمجرة بحدة.

- انت مش شايف بتعمل ايه
توسلها قائلا بعينيه
- ارجوكي
زمت شفتيها وهي تشيح وجهها للجهة الأخرى ليلتفت عاصي نحو جميلة قائلا بابتسامة مقتضبة
- خليني اعرفك عن نفسي يا هانم، انا عاصي نور الدين، دكتور نفسي خريج جامعة
ما إن ذكر اسم الجامعة الاجنبية حتى اتسعت عينا جميلة دهشة قائلة
- دى نفس جامعة وجد.

اخرجت تحية سبة من شفتيها استمعها وسيم ليعض شفتيه كاتما ضحكته وهو يمرق السيدة العجوز التي ترغي وتزبد من تصرفات عمته، تأمل وسيم جده ليجده مكفهر الوجه متطلعا نحو عمته بغضب
يبدو أن الغضب سيصب جام غضبه على عمته تلك الليلة!
انتبه الى صوت عريس وجد متأملا اياه عن كثب، ليس مدلل كالعرسان السابقين.

معتز بنفسه وملابسه أنيقة بعيد عن ذراعه الملفوفة بضماد فهذا بنظره لم ينقص من هيبته وقد سبق غالب شارحا عن اصابته الطفيفة، لا يعلم لما لم يثر إعجاب عمته
- وبشتغل في مؤسسة خيرية لمساعدة الاطفال وده بالمجان، اما شغلي تقدري تقولي مسبتش شغلانة الا لما اشتغلتها بداية من صبي شاي لحد بودي جارد، ودي حاجه فادتني جدا واضافت من خبراتى وعلاقاتي مع الناس
عقدت جميلة حاجبيها الانيقين بريبة قائلة.

- بس انا مش فاهمة انت بتشتغل ايه من كل ده
ابتسم عاصي بتكلف وهو يجيبها برحابة صدر
- حاليا بشتغل دكتور نفسي للمؤسسة
ضاقت عينا جميلة وهي تتفحص ثيابه المنمقة وحديثه اللبق معها، ملامحه رجولية محببة لن تنكر كل هذا
لكن شئ واحد ينغص كل هذا
الا وهي جدته التي ترتدي عباءة مظهرة أصله المتواضع، تفكر في نساء النادي الذي تترأسه حينما يسألنها عن اصل عائلة الشاب المتواضع!
صاحت قائلة بفظاظة شديدة
- ودى بتقبض فيها كام.

شهقت تحية بحدة وقد بلغ منها الصبر منتهاه، ليمل وسيم نحو ابن عمه قائلا بابتسامة مقتضبة
- واضح انها هتخرب الجوازة من اولها
التفت لؤي نحو وسيم قائلا بتهكم
- دي لو هي مش قاصدة انها تخربها
صدر صوت الجد معلنا أخيرا عن تواجده واكتفائه من وقاحتها لذلك الحد من اليوم
- جميلة
جزت على أسنانها مجيبة بدفاع
- مش لازم اعرف هي هتعيش ازاي يا بابا
هم غالب بزجرها وإخراجها من الجلسة إلا أن تحية تنحنحت بصوت حاد قائلة.

- استاذ غالب سبني لو سمحت
نظر غالب نحو تحية باعتذار عما اقترفته ابنته لتهز تحية رأسها مجيبة بحدة
- بصى يا هانم، طول عمرى والبنات بتترمي على عاصي وربنا يشهد اخلاقه وتعامله مع الناس ازاي، وانا اللي برفض لانى كنت عارفة مفيش حد من البنات تقدر تستاهله، وان كان على الفلوس يا ستي فهي الحمدلله مستورة
انتفخت أوداج جميلة سخطا من حديثها الحاد لتستمع إلى حديث المرأة العجوز قائلة ببعض التهكم.

- حفيدي مش هينيم بنتك جعانة، ولا هتلبس هدوم مقطعة من قلة الفلوس، ولا هيخلي بنت تقعد في بيت فيه اوضة فوق السطوح
وأسوأ احلامها وقعت أمام عينيها، اتسعت عينا جميلة بجحوظ وهي تلتفت إلى جدها الذي زجرها تماما عن التحدث لتستمع إلى غالب الذي التفت متحدثا بحرج
- يا تحية هانم
رفعت يدها مقاطعة مجيبة اياه بوقاحة تلزم تلك المتحزلقة مكانها.

- حفيدي ربيته وعلمته وهو ماشاء الله عليه لما كبر ممدش ايده وقالي هاتي المصروف، نزل على طول الشغل ويا ما حاولت امنعه عشان ميأثرش على دراسته ومذاكرته بس كان دايما بيقولى انى عايز اشيل الحمل من عليكي
تملل وسيم في جلسته وقرر هو كحال ابن عمه عدم التدخل لطالما كبير العائلة موجود، احتقنت اذني عاصي وهو يلتزم الصمت.

لا ينكر مدى سعادته لان توحة استطاعت ان تكبح لجام عمة اميرته، لكنه يجب عليه التعامل مع تلك المرأة وخصوصا انها التي ربتها منذ صغرها
ابتسم غالب وهو ينظر الى عاصي قائلا بنبرة فخر
- ونعم الراجل اللى ربيته يا تحية هانم، وصدقيني ده اللى خلانى اوافق انى اديكم حفيدتى، لانى عارف ان عاصي بقى عملة نادرة جدا ومتأكد انه هيحافظ عليها في عينيه، مش كدا يا ابني.

احتقنت اذني عاصي حينما شعر كل العيون عليه، ليجيبه بنبرة اجشة تعبر عما يجيش بصدره
- وجد اميرة وتستحق انها تعيش اميرة طول حياتها
اتسعت ابتسامة توحة وهي ترمق حفيدها الذي أصبح يعرب عن حبه أمام الجميع، ليهمس غالب قائلا بصوت أجش
- نجيب عروستنا بقى عشان نسمع رأيها
هز الجميع رأسه موافقا الا ان جميلة جزت على أسنانها حانقة، ابتسامة المراة العجوز الظافرة استفزتها لتستقيم من جلستها قائلة باعتراض صريح.

- لا يمكن الجوازة دي تتم
استقام غالب من مجلسه هو الآخر وهو ويهدر في وجهها صائحا بحدة
- جميلة
التفت جميلة الى غالب بشراسة قائلة
- انا يستحيل اوافق على الجوازة دى
اسودت ملامح تحية لتستقيم من مجلسها هي الأخرى قائلة بتهكم نحو غالب
- واضح يا أستاذ غالب انك جايبنا هنا عشان نتهان
ألقى غالب نظرة زاجرة نحو جميلة التي اشاحت بوجهها للجهة الاخرى، وحاول ان يهدأ الامر قائلا
- يا تحية هانم ارجوكي.

هزت جميلة رأسها نافية متمتمة بحدة وهي تنظر بدونية نحو الضيفان
- انا قولت كلمتي يستحيل يعني يستحيل
زمجرت تحية بعصبية لتصيح بحدة
- يلا يا عاصي
استقام عاصي هو الآخر منتفخ الوجه، عازما هو الآخر للمغادرة، إلا أن صوت الاميرة اوقفه
- مماة
كانت تطل عليه ببهائها واقفة عند مدخل الصالون تحدق نحو الجميع بألم وبالأخص نحو جميلة لتتجمع الدموع في مقلتيها وتستدير مغادرة نحو الأعلى باكية بانهيار!

يبدو أن الأميرة مازالت نجمة بعيدة عنه
لن يستطيع أن يصلها ابدا!
لم تستطيع المواجهة
لم تقدر والكفتين من الصعب اختيارهم، تأمل عاصي هروبها ليضم قبضة يده بعنف محاولا السيطرة على أعصابه كى لا يفقد زمام سيطرته في المرأة التي لم يراها سوى مرة واحدة وتتخذه الآن عدوا
تبا لكبريائه الذي تمرغ، وتبا لكرامته التي شوهت
الان اميرته حزينة، تبكي انه لم يستطيع ان يفي بوعده لها
لن يجتمعا معا داخل عش صغير لهما.

سحبت تحية حقيبتها وهي تنظر بعدائية شرسة نحو جميلة ارعبتها وجعلتها تكاد ترتجف خوفا من أن تنقض عليها، لتلتفت تحية موجهة حديثها نحو غالب قائلة
- واضح ان احنا جينا ضيعنا وقت، يلا يا عاصي أنا يستحيل اقعد ثانية وكرامتى تتبهدل من اللي يسوى وميسواش
شهقت جميلة بذهول وهي تسمع الى حديث المرأة الوقح مشيرة إليها بحديثها لتنفجر قائلة بحدة
- انتى قصدك ايه بالكلام ده.

طرق غالب عصاه بقوة على الأرض المصقولة مخرسا الجميع قائلا بهدر
- جميلاااااا
التفت جميلة وهي تحتقن غضبا لترى علامات الغضب مرتسمة على غالب الذي صاح بحدة
- برااااا، وحالاااااااا
شهقت جميلة بصدمة وهي تنظر اليه بعدم تصديق، لا تصدق انه يطردها من أجل بعض الحثالة الذين استطاعوا خداعه لتهمس
- بابا
زجرها بحدة لتبتلع لسانها وهي تسمع إلى أوامره الخشنة وهو يلتفت إلى وسيم قائلا.

-وسيم خد عمتك واضح انها تعبانة ومش واعية للي بتقوله
هز وسيم رأسه وهو يقترب متمسكا ذراع عمته التي ترمق المراة العجوز شرزا وهي خارجة من الصالون، تنهد غالب وهو يغمغم باعتذار
- تحية هانم ارجوكي اسمحيلى اعتذر عن اللي حصل، لكن صدقيني
قاطعته تحية بكبرياء وشموخ
-اسمع يا أستاذ غالب، أنا يستحيل أقف ثانية و كرامتي وكرامة حفيدي اتمست بسبب بنتك، انا مش عايزة افقد اعصابي واقول كلام ميصحش اقوله.

كما يعلمها، تحية كما هي حتى بعد شيبها، غمغم بلين في حديثه قائلا
- انتى عارفة الامهات يا تحية هانم، لكن ارجوكى، متكسريش فرحة العيال بسبب مشكلة صغيرة نقدر نحلها بهدوء
ثار الجنون في عينيها وهي تجيبه بعدم تصديق قائلة
- مشكلة صغيرة! مشكلة صغيرة، تقدر تقعد في بيت كرامتك اتهانت فيه، وهي، ( كتمت سبة كادت تغفر من شفيتها لتحوقل قائلة ) استغفر الله العظيم، يلا بينا يا ابني.

هز عاصى رأسه وهو يستأذن الجميع مغادرا وعيناه معلقة على الدرج حيث اختفت الاميرة عن ناظريه، قبل مغادرته من الصالون تمسك غالب بساعده قائلا بأسف
- عاصي يا ابني ارجوك هدى تحية هانم، وانا اسف جدا على اللى حصل.

اكتفى عاصي بهزة من رأسه وهو يلحق تحية التي نادت عليه بنفاذ صبر، تأبطت تحية ذراعه وهي خارجه من القصر مرفوعة الرأس رغم حنقها انها لم تستطيع ان تشفي غليلها وتعلم تلك الحمقاء وتربيها كيف تتحدث مع توحة الذي لم يقدر بشرا على الاقتراب من كرامتها وكبريائها!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة