قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السابع والسبعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السابع والسبعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السابع والسبعون

في حي عاصي،
تنهد عاصي زافرا بغيظ وهو يستمع الى تمتمات جدته الحانقة، هز رأسه بياس شديد وهو يستمع إلى ألفاظه النابية التي التقطتها من الشارع مؤخرا
-بنت ال، شايفها عمالة تتمنظر علينا واشي شغال ايه وفي نادي ايه، دي لو هطلع بطاقة شخصية مش هتعمل كدا.

صاحت بها توحة بغيظ وهي تلكم الوسادة بكل ما أوتيت من قوة، لما لم تنتف شعر تلك المتحذلقة أو حتى قامت بقتلها حتى تريح الجميع من خبثها وتملقها المصطنع، احست بذراعي عاصي وهو يتمسك بذراعيها قائلا
- يا توحة انتى عارفة العالم ده بيفكر ازاى وانتى اكتر واحدة عيشتي وسطهم وعرفاهم
زمت توحة شفتيها بحنق لتسب قائلة بغضب
- عالم
تجهمت ملامح عاصي وهو يحدق في جدته قائلا بنبرة خشنة
- توحة قولنا ايه الالفاظ.

اتسعت عينا توحة وهو تري حفيدها الشبل الصغير اصبح اسدا يرغب في فرض سيطرته في مملكتها، ضربته بغيظ على ذراعيه قائلة بحدة
-ولد انت كمان هتعلمني اقول ايه ومقولش ايه
احتقنت وجنتي عاصي وهو يحاول ان يهدأ ثورة جدته محتضنا اياها لتستكين تحية بتعب وهي تغمغم بحزن
- بس قطعت قلبي وجد، شوفت شكلها كان عامل ازاي، حبيبة ماما، مش ماما دي امها حرباية
مال مقبلا رأسها ليزفر بحرارة مصححا
- عمتها في مقام أمها يا توحة.

انتفخت أوداج توحة سخطا وهي تمتم حانقة
- حرباية، الحمدلله انها مطلعتش زيها
مرر أنامله على ذراعيها قائلا بهدوء
- اهدى انتى وكل حاجه هتتحل
هزت رأسها نافية بثورة قائلة
- مش ههدى غير لما تيجي الحرباية تعتذر، طب ايه رأيك لاجوزهالك وأعلى ما في خيلها تركبه، كلم غالب وقوله شوف ميعاد لكتب الكتاب مش هستني نعمل خطوبات وفرح، كتب كتاب وبعدها بشهر لما تجهز شقتك اللى في الزمالك تتجوزوا.

اتسعت عينا عاصي وهو لا يصدق أن جدته تفكر بتزويجه رغما عن عمتها التي ربتها، هو حتى لم يهاتفها ويطمئن عليها متشاغلا بتهدئة جدته كي لا تقوم بعمل فضائح غدا
والله لن يتعجب غدا ان تذهب لمنزلهم غدا وتشد خصلات شعر عمة اميرته وتثير فضائح هو في غنى عنها، غمغم عاصي محاولا امتصاص غضبها
- يا توحة، المشاكل مش بتتحل بالطريقة دي
هزت رأسها نافية وهي تصر قائلة.

- هتتحل، اصلا هي فتحت عداوة، سبني انا اربي الحرباية دي واوريها النجوم في عز الضهر، مش شايفانا اقل منها، خلينا اوريها بقى شغل الحواري
مرر عاصي كفه على وجهه وهو يحدق نحو جدته بيأس ليغمغم
- مفيش فايدة منك صح
تأملت توحة قسمات وجهه حفيدها المتألمة، وكل ذلك يعود لتلك الحرباية، والله لن تكون توحة الا وزوجت العاشقان معا ولتحترق المرأة بغيظها وغضبها، مررت أناملها على قسمات وجهه المجهدة هامسة بصوت حاني.

- انسي، توحة لما تحط حاجه في دماغها مش هتهدي غير لما تعملها، روح شوف شغلك إنت واطفي النور
هز رأسه موافقا وهو يميل مقبلا رأسها ليغلق مصباح الانارة متمنيا لها نوما سعيدا، أغلق الباب خلفه وهو يسير بقدمين متهالكتين
خسر حربه دون حتى أن يرفع سيفه
توجه نحو غرفته وتنهد بحنق وهو يفك ازرار قميصه ويخلع حذائه ليفكر قليلا بها، هل ما زالت تبكي؟!

دفعه الشوق والقلق لأن ينسل الهاتف من جيب بنطاله ويهاتفها في ذلك الوقت الذي تعدى منتصف الليل، يستمع الى صوت رنين الهاتف المستفز لأعصابه وعدم ردها اقلقه
يكاد يضع يده على قلبه مستشعرا الاختناق الذي ألم به، الا ان صوتها المتحشرج سمعه وهي تنادي اسمه
- عاصي
اغمض عاصي جفنيه بقوة وهو يكاد يفقد اعصابه وهو يستمع الى نداءها المتوسل إليه، ضم قبضة يده بعنف حتى ابيضت سلمياته ليهمس بصوت أجش
- بتبكي ليه يا وجد.

استمع الى نهنهات صغيرة عبر الأثير وبكاءها الناعم لتهمس ببكاء
-انا اسفه يا عاصي بجد اللى حصل، انا، انا حاسة انى السبب في اللى حصلك لانى معرفتش مماه عنك بالتفصيل افتكرت جدو قالها
لعن الجميع بلا استثناء ليستقيم بحدة قائلا بصوت حاني
- ممكن تبطلى عياط ارجوكي
انهارت في البكاء وهي تستشعر حنيته المفرطة تجاهها، لاتصدق انه يهاتفها رغم ما حدث
توقعت ان كرامته ستمنعه، وربما حينما تهاتفه لن يجيبها.

أسوأ كوابيسها نخرت عظامها حتى طار النوم من عينيها وهي تحدق في الهاتف مترددة بين اتصاله وعدمه، وحينما هاتفها لم تتوقع أن يكون هو المتصل
توقعت انها مجرد اضغاث احلام وستفيق على فقدان امل، عضت على طرف شفتها السفلى مغمغة بصوت متحشرج
- هتمشي من حياتي يا عاصي، انت وعدتني انك مش هتسيبني.

ارهفت أذناها السمع ليرتجف جسدها حينما استمعت الى صوت تحطيم شئ، همت بندائه قلقة ان كان ليس بخير لتستمع إلى صوته الأجش يتخللها تملك لم تسمعها مطلقا منه
- مش هسيبك يا وجد، مش هسيبك اهدى يا حبيبتي ارجوكي.

فغرت شفتها بصدمة هل قال حبيبتي؟ اما انها ما زالت في ذلك الحلم الناعم! حاولت أن تتغلب على فقدان زمام امورها كى لا تبكى لكنها لم تستطيع، لأول مرة تنفجر في البكاء واناملها تتشبث بقوة على هاتفها متمنية ان يكون هنا حقيقة امامها الان لترتمي بين ذراعيه لتصدق انه حقيقة امامها، لن يغادر ولن تسمح له بالرحيل مطلقا، توجهت نحو مرآتها تمسح الكحل الذي سال على وجهها لتسمع همسه الخشن مسببا قشعريرة لذيذة لجسدها.

- وجد، بتعيطي ليه دلوقتي
تلعثمت هامسة بنبرة متحشرجة
- عشان قولت كلمة حبيبتي، وانا اول مرة اسمعها منك
رفع عاصي رأسه محدقا في سقف غرفته ليضغط على نواجذه محاولا تهدئة تلك الوحوش المعربدة بداخله، اللعنة لم يكن يتخيل أن تأتي اميرة ناعمة تستطيع ان تخرج اشياء بدائية من مكمنها
لم يكن يتخيل وهي بكل ذلك الدلال والاغراء المثقل بصوتها ليصيح بخشونة
- وجد.

مسحت دموعها على الفور وهي تزيل زينة وجهها التي تدمرت هامسة بطاعة
- نعم
تمسك بقبضة يده بخشونة وهو يتمتم قائلا بنبرة متملكة
- انتى عارفة انى مش هسيبك
هزت رأسها موافقة وكانه يراها لتجيبه بهمس خافت
- عارفة
اختنقت أنفاسها وهي تترقب لما سيقوله، لم يتأخر عليها ليدافع بتملك منه
- وهحارب الدنيا عشان تبقي ليا حبيبتي ومراتي.

فغرت وجد شفتيها بصدمة ليسقط الهاتف منها في لحظة ذهولها الا انها استفاقت سريعا لتلتقط هاتفها من الارض لتضعه على اذنها
كلماتها تبعثرت تماما
وانفاسها لم تعد تستطيع السيطرة عليها
عضت على طرف شفتها ولم تستطيع سوى نداء اسمه قائلة بصدمة
- عاصي
تطلعت إلى حالها في المرآة لتجد عيناها تغيم بعشق لذلك الأسمر الذي استطاع ان يخطف لبها بأفعاله ونبرات صوته وغيرته المجنونة لتسمعه يغمغم بصوت أجش.

- ده وعدى ليكى يا وجد، ووعد الحر دين عليه
لن تخبره كيف لنبرة صوته تقوم الأفاعيل الشديدة لها ولعاطفتها الأنثوية
لن تخبره أنها سترضخ لاى طلب لاجله بعينيه الخضراوين ونبرة صوته لتسمعه يغمغم بهدوء
- ارتاحي دلوقتي ومتبكيش
همت تصرح بعشقها له، صاحت بتسرع قائلة
- عاصي انا
قاطعها بخشونة
- اياكي تقوليها
عضت باطن خدها وازداد وجنتيها حمرة وهمت لاخباره بكيفية علمه انها ستخبره بحبها له، لتهمس بيأس قائلة
- ليه؟ مقولش.

زفر عاصي بحدة وهو يلكم الحائط بجواره قائلا
- لانى مش هضمن ممكن اعمل ايه وانتي بعيدة عني، الا لو انتى عايزاني افقد اعصابي وتشوفي عاصي مختلف عن اللي تعرفيه
انفجرت ضاحكة وهي تمسح الدموع العالقة بأهدابها لتهمس بنبرة ناعمة
- صدقني هحب كل شخصياتك وتقلباتك، متقلقش عليا
تفاجئت حينما صاح بنبرة غليظة
- تصبحي على خير
اتسعت ابتسامتها متمتة بنبرة مثقلة الإغراء الأنثوي
- وانت من اهله يا عاصي.

رمي عاصي الهاتف بعنف وهو يلكم الحائط بجواره
تلك المرأة كيف سيتحملها؟!
ربااااه كيف سيتحمل دلالها ونبرات صوتها المثقلة بالاغراء دون ان يقترب منها، يلمسها كما يرغب، لن يخشي ان يتهور معها لانها ستصبح حلاله له بمفرده
اصدر صوت حانق من حلقه وهو يعيد لكم الحائط مرة اخرى، يفرغ طاقته المكبوتة ليسارع بمغاردة غرفته متوجها نحو الحمام يهدأ من اشتعال تلك النيران التي سببتها اميرته.

انفجرت توحة ضاحكة وقد خرجت من مخبأها على حال حفيدها اليائس لتهمس
- اميرة، والله قولت اميرة، والله جيه اليوم يا ابن توحة بتفقد أعصابك، ربنا يتمم فرحتهم على خير يا رب
رفعت كلتا يديها متمتة بالدعاء للحفاظ على سعادة حفيدها الصغير وشبلها الذي يستحق سعادته، تنهدت وهي تحاول التفكير بأى طريقة جعل صغيرها يتزوج من اميرته باقرب وقت، لمعت عيناها بمكر وقد اهتدت خطتها التالية
ستريها تلك الحقيرة.

ستريها من ستفوز بمعركتها
والله لن تكون توحة ان لم تجعل حفيدها يتزوج بالأمير في اقل من شهر!

في قصر السويسري،
تمددت شادية على الفراش تأن بصوت خفيض وهي تغمض جفنيها بأرهاق
ما حدث منذ يومين كاد أن يودي بحياتها للتهلكة
بل هي من سارت بطريقها نحو الهاوية دون أن تعتري بآراء الآخرين
تقلبت مرارا على فراشها وخوفها يكاد يفتك بها
سحبت الوسادة من رأسها لتحتضنها بقوة مستمدة منها آمان تحتاجه ويبخل الجميع بأعطاءه لها
دفنت رأسها في وسادتها وهي تبكي بصمت
تخشى على حالها.

وتخشي على سرمد، تخشي أن تسبب في خسارنه حياته
الطبيب قال انه سيوضع داخل العناية المركزة لحين استيقاظه، ويومين مرا وهو لم يستيقظ
اندست اكثر وهي تحاول اقتباس بعض من القوة من وسادتها
ماذا سيحدث إن كانت والدتها هنا؟
على الاقل هي الوحيدة التي لن تستطيع ايلامها، والوحيدة التي ستحتضنها وهي في أمس الحاجة لعناق
غرزت بأسنانها على شفتها السفلى بقوة لتنتحب بصمت وهي تتمنى ذهابها للمشفى.

لكن ابيها اصدر فرمان بعدم خروجها من المنزل
وهي ارتضت فقط خشية أن يمرض وان لا تزيد من مقدار رصيدها في معاقبته
معاذ فار الآن، ولا تعلم كيف سيقبضون عليه
وابيه يحميه، ووسائل الأعمال اتخذتها هي واختها لقمة سائغة حتى انها لم تعبأ بعملها ومقدار الكوارث التي أخلفت بعد فضائحهم المستمرة في كافة وسائل التواصل الاجتماعي!

فريال تهاتفهم كل يوم وبسبب حملها لا تستطيع المجيء وخصوصا اقتراب ولادتها، ماهر يأتي كل ليلة ليطمئن عليها وهي تدعى الموت
وهي تكاد تموت قلقا عليه هو
زفرت بيأس وهي لا تصدق عمق خوفها لذلك الرجل
الرجل الذي حاولت نبذه عن حياتها بسبب أخلاقه المتدنية وأفعاله الوقحة
لكن هو الوحيد الذي دافع عنها بحياتها رغم عبثه الظاهر، زفرت بيأس وتفكيرها المحصور عليه لا ينفك ابدا!
هي تحبه!

حسنا تعترف، تحبه لحد اليأس وهو عابث ماجن انقذ حياتها، يغار لحد الجحيم من شقيقها وأبيها ومن كل رجل، وخصاله سيئة، بل سيئة للغاية
لكنه قعيد الفراش بين الحياة والموت، دمرته حرفيا بسبب حياتها المعقدة، ادارت وجهها للجهة الاخرى غير متخلية عن وسادتها معانقة إياها بقوة لتتذكر ليلة خروج الطبيب من العناية المركزة!

عيناها جاحظتان والقلق يوترها لتحاول الاستقامة من مقعدها لكنها لم تستطع خاصة ان الرجال تجمعوا حول الطبيب، صاح ماهر ببعض التوتر المشبوب بالقلق وهو يحدق نحو شقيقته ووالده الواقف بترقب
- طمنا يا دكتور
تنهد الطبيب زافرا بحرارة وهو يبتسم قائلا.

- مش هخبي عليك يا ماهر المريض فقد دم كتير، وزي ما قولتلكم قبل ما ندخله العمليات الدم بس الجمجمة سليمة الحمدلله ومحصلش نزيف في المخ، وقدرنا نخيط الجرح اللى في راسه، الايام الجاية مش هتكون سهلة، احنا حطيناه داخل العناية المركزة عشان يكون تحت عنينا أول بأول
تنهد الجميع زافرين بحرارة لتسقط شادية أرضا والدموع تسقط منها رغما عنها متمتة بالشكر..

عانق غسان الطبيب من فرط سعادته ليبتسم الطبيب بتفهم وهو يتطلع نحو ماهر الذي تمتم قائلا
- الحمدلله، مش عارف اشكرك يا دكتور مصطفي ازاي
اتسعت ابتسامة مصطفى وهو يتنحنح بحرج قائلا
-متقولش كده يا كابتن، بس بمناسبة لموضوع البوليس، انت عارف معزتك عندي قد ايه يا ماهر، بس المريض اجنبي ولو خبينا لاكتر من كده ده هيضر اسم المستشفى وهيضرني انا شخصيا.

القى ماهر نظرته نحو والده الذي هز رأسه ليعود النظر نحو الطبيب مصافحا
- فاهم، فاهم ومتشكر جدا للي عملته
صافحه مصطفى قائلا بابتسامة دبلوماسية
- ده شغلي يا ماهر، ان شاء الله يقوم بالسلامة
ركع غسان وسجد متمتما بالشكر لربه لتسيل الدموع من شادية التي تمتمت بالشكر، توجه معتصم نحو غسان الذي استقام قائلا
- تقدر تبلغ أهله
مرر غسان أنامله في خصلات شعره ليقول بقلق
- لك مابقدر مابقدر، امو اذا عرفت رح تروح فيا.

هز معتصم رأسه بتفهم ليهمس
- طيب بلغ ابوه اخوه اي حد من عيلته بعيد عن والدته يا غسان
عائلته مجنونه، يقسم أن أخبر شقيقه او والده سيأتي الجميع في الطائرة وستقيم جريمة هنا!
ابتسم بحرج وهو يفكر في كيفية مكالمة شقيقه محاولا ان يفكر في عذر عادى لا يستدعى الشك ابدا له
- تمام
اقترب ماهر وهو يغمغم قائلا
- حمدلله على سلامته.

رفع غسان رأسه ورقت تعبيرات وجهه وهو يرى شادية في حالة يرثى لها وهي جالسة بانهيار على الارض، الفتاة تعشقه لذلك الجلف
لا يعلم كيف فعلها، لكنه لم يكن يتصور أبدا خلف الوجه العملي امرأة تكاد تموت قلقا من حدوث شئ لصديقه
اللعين هذا يعرف حتما كيفية اللعب بمشاعر النساء، الأحمق المحظوظ
ارتسمت ابتسامة ناعمة على شفتيه سرعان ما تجهمت ملامحه وهو يتذكر ذلك القذر الذي حاول اختطافها ليصيح بغلظة.

- وهالوسخ هاد شو رح نعمل فيه خبروووني
ربت ماهر بامتنان قائلا مربتا على كفيه
- هعرف اتصرف، انت وصاحبك عملتوا اللي عليكم وحقيقي اللي عملتوه ده عمري ما هنساه
اتسعت عينا غسان وهو يجيبه
- ولك عيب تحكي هالحكي شادية متلها متل اختي ولو شفت وحدة تعرضت لهيك موقف مارح اقعد واتفرج عليها اكيد رح ساعدها
اقترب ماهر من شقيقته ليهبط على ركبتيه هامسا
- شادية
تشبثت شادية بيدي ماهر متمتمة
- طلع كويس يا ماهر مش كدا.

لم يستطيع ماهر إخفاء غيرته من ذلك الرجل، رجل استطاعت شقيقته بكل سهولة ان تظهر مدى عشقها وحبها لذلك الرجل دون خوف او خجل!
مد ذراعيه لتضع شادية يدها بضعف على كفيه مستندة عليه وطاقتها انهارت واستنزفت تماما لتستمع الى صوت ماهر شقيقها وهو يهمس
-هيكون كويس، لازم نمشي ونروح البيت عشان انتي تعبتي
اتسعت عينا شادية، ألن تطمئن عليه وتراه؟! هزت رأسها نافية لتصيح بصرامة
- لا، مش عايزة ارجع، خلوني هنا.

احتدت عينا ماهر بالغضب وازداد غضبا وغيرة من ذلك الرجل ليصيح اسمها بصرامة
- شادية
عضت شادية على باطن وهي ترة نظرة ماهر المحذرة مشيرا برأسه تجاه والده
توردت وجنتيها حرجا وهي لا تصدق انها صرخت أمام شقيقها ووالدها مدافعة عن حقها لرؤيته قبل مغادرتها
وما زاد من حمرة وجنتيها هو نظرة والدها الساخطة لتستدير نحو شقيقها هامسة بتوسل
- مش همشى غير لما اطمن عليه يا ماهر، انا كنت السبب في اللي كان فيه.

زمجر ماهر بغضب حاول أن يهدئه قائلا
- مش عايزين نعصب بابا، ارجوكي طاوعيني
رفعت عينيها المجهدتين لتهمس بضعف
- طب وهطمن عليه ازاي
ضغط ببعض القوة على ساعدها لتأن بألم خفيض وهي تسمعه يزفر بحنق قائلا
- هكون موجود وهطمنك عليه، ممكن يا حبيبتي نمشي وكفاية لحد كده
هزت رأسها موافقة وهي تستند على صدره داعما إياها لتستطيع السير دون أن تفقد توازنها.
انتفضت شادية من شرودها على خبطة عنيفة من وسادة وصوت جيهان يعلو بحدة.

- يا حلوة انتي بتسرحي فين
تطلعت إليها شادية بشراسة لتزفر بحدة وهي ترمي الوسادة أرضا، تمسكت بوسادتها وهي تدير وجهها للجهة الاخرى دون أن تتعب نفسها للرد عليها..
ابتسمت جيهان بمكر شديد وهي تندس بين ذراعيها رامية تلك الوسادة الغبية لتحتضن شقيقتها بقوة وهي تقبل رأسها مما جعل شادية تزفر بحرارة وهي تعانق شقيقتها بقوة، اتسعت ابتسامة جيهان وهي تداعب خصلات شعر شقيقتها لتهمس بصوت خافت
- لسه بتفكري فيه.

رفعت شادية رأسها تنظر اليها بعينين ذابلتين لتتسع أعين جيهان وهي تسمع شادية تهمس بضعف
- مبعرفش انام يا جيجي، حاسة انى مخنوقة
أجلت جيهان حلقها بصعوبة وهي أكثر من عانت من ألم الخوف والغيرة معا بسبب ذلك الاحمق البارد صاحب العينين الباردتين
بفضله اصبحت مهووسة به لدرجة ترثي بها حالها، حاولت نفض الجو الكئيب المخيم في منزلهم لتشاكسها قائلة
-عشان مش قادرة تشوفي حبيب القلب.

وشادية شاردة عنها، لكم حاولت طيلة اليومين التحدث والاقتراب من والدها، لكن الأب لم يعطيها فرصة لتعبر عن أسفها مرة واحدة
والمرة الوحيدة التي حدثها فيها هو قراره الصارم بعد خروجها من المنزل لحين اشعار اخر، وهي رضيت وهمت بارضاءه واحتضانه لكنه بخل عليها كثيرا
بخل حتى بضربها أو احتضانها
بخل بكل شئ، رفع شعار الصمت واللامباة ليزيد من جرحها، اختنقت انفاسها وعينيها تدمع هامسة.

- كسرت بابا يا جيهان، كسرته المرة دى جامد
ترقرقت الدموع من عيني جيهان التي صاحت بصلابة متمسكة بساعدها
- اوعى تسمحى للكلب النجس ده يدمر حياتك من تاني
فغرت شادية شفتيها لتنفجر في البكاء وهي تتلعثم قائلة
- حياة!، انا مش عارفة اعيش يا جيهان، انا مش عارفة كنت غبية ازاى ومعمية عن شره
احتضنتها جيهان وكلتا الشقيقتان تبكيان على حالتهما، ربتت جيهان على ظهر شقيقتها هامسة باطمئنان
- الحمدلله راح، وغار في داهية.

ارتجف بدن شادية بخوف وهي تتذكر ملامسات ذلك الحقير لجسدها هو ومساعده لتندس بين ذراعي جيهان متمتمة
- راح فين بس وهو لسه قاعد هنا وممكن يأذيني
لمعت عينا جيهان بالثأر لتمتم
- محدش هيقرب منك والله لاقطعه النجس ده، انتي بس سبيني عليه هو والقذر نضال والله اقتلهم
تلون وجنتي شادية بالحرج متذكرة ما قامت به في المشفى نتيجة قلقها على سرمد، لاتصدق وقاحتها لرفضها للذهاب دون الاطمئنان عليه، تلعثمت قليلا هامسة.

- وصلوا لايه في التحريات
زفرت جيهان بيأس وهي تجيبها بصراحة
- لسه مش لاقين النجس وابوه قال انه مشفهوش من أسبوع قبل يوم الحادثة يعني، ومكملين البحث، بابا بيحاول على قد ما يقدر ميدخلش اسمك في الموضوع وان شاء يتقبض عليه
عضت باطن خدها والقلق يفتك بها، اصبح كمرض عضال يصعب التخلص منه، همست بتألم
- حاسة انى لعنة على حياة اللى حواليا، لا ميكفيش انى اكون تعيسة لأ واتعس اللى حواليا.

اتسعت عينا جيهان بجنون سرعان من ضربتها على ذراعها قائلة بحدة
- بتقولى ايه يا مجنونة انتى بطلي هبل، لولا اللى حصل عمر ما كان الايطالي بتاعك هياخد الرضا من معتصم باشا
شهقت شادية من الخجل لتتلون وجنتيها من الحمرة وهي تزجرها قائلة
- انتي بتحكي في ايه دلوقتي
زفرت جيهان براحة حينما رأت بعض الحمرة تزحف الى وجنتيها الشاحبتين لتمتم جيهان وهي تقف على فراشها مستعرضة ذراعها قائلة.

- سرمد ماشاء الله اسد اسد يعني، جبل هيقوم منها وبعدها نخلص منك وتتجوزي وسافري ومنشوفش وشك الا في الاعياد
شهقت شادية بصدمة والخجل ألجم لسانها لترفع وسادتها ضاربة إياها بقوة لتصيح بحدة قائلة
- شوف الحيوانة اللي بتبيع اختها
انهارت جيهان ساقطة على فراش شقيقتها ضاحكة وهي تقذفها بالوسائد لتتأوه بعض الألم وهي تجيبها بنبرة ضاحكة.

- لا لا لا يا شادية بتشتم مش ممكن، اخلاقك باظت يا بنتي مش ممكن، ايعقل الايطالي السبب؟!
احتدت عينا شادية التي عضت على باطن خدها بقوة المتها، رفعت وسادتها وهمت بضربها لتذعر الفتاتين حينما صاح صوت أجش
- جيهاااان
رفعت كلتا الشقيقتان أعينهما نحو ماهر الذي يكاد يحترق غضبا، لترمي شادية وسادتها جانبا وهي تسمعه يتمتم بهدوء
- ممكن ادخل
هزت شادية رأسها موافقة لتهمس
- تعالا يا ماهر.

اقترب ماهر وهو يتأمل شقيقته وكلا من الضيق والحرج يتملك منه
حرج كونه لم يستطيع المحافظة على صغيرتيه، وضيق انه لم يكن الأخ الذي يستطيع أن يكون عونا لهم
لمس وجنتي شادية التي اسبلت اهدابها بحرج، لم تستطع أن تواجهه بعد ذلك اليوم في المشفى
رفعت رأسها حينما غمغم ماهر بنبرة خشنة
- مش عارف اودي وشي فين، وانا حاسس انى السبب في اللى حصل
هزت شادية رأسها نافية وهي تبتسم بضعف هامسة
- ملكش ذنب.

اصر قائلا بحدة وعينيه تتطلعان نحو جيهان التي تتابع حديثهم بصمت غير معتاد عليه
- لا ليا، سبت بابا يتولى مسؤوليتكم وجريت انا ورا اهتماماتي بانانية شديدة
انفجرت جيهان ضاحكة بسخرية
- ايه يا ماهي
لكزها بحدة على ذراعها قائلا بصرامة
- بت عدلي لسانك لاحسن مقطعهوش
اخرجت طرف لسانها وهي تجيبه بمشاكسة
- اهو حاول تقطعهولي
زفر ماهر بسخط لتهمس شادية بتوسل
- جيهان مش وقته دلوقتي من فضلك
وضعت جيهان يدها على كفها قائلة.

- سكت اهو
امسك كلتا يدي شقيقته وهو ينظر إلى كليهما قائلا
- انا اسف لاني مكنتش الاخ اللى تقدروا تستندوا عليه لما الدنيا كلها تدير ضهرها ليكم، واسف لاني منفذتش وصية امى انى احميكم بحياتي
رقت عينا شادية وهي تمر اناملها بحنية على ذراعه وجيهان التي بقت صامتة تنتظر انتهاء حديثه ليزفر قائلا بأسف
- واسف لأني خيبت املكم فيا اللى خلاكم تدورا على دعم عاطفي من برا العيلة.

ليرفع عيناه ناظرا نحو جيهان التي تضيق عيناها وكأنها تختبر صدق حديثه من كذبه!
- بس كل ده هيتغير، اه هاخد وقت لحد لما اقدر اكتسب ثقتكم
صمت غلف الجميع والشقيقتان تتطلعان نحو شقيقهما، تخلت شادية عن صمتها وهي تقترب من شقيقها هامسة
- ماهر
انتبه على ندائها لترتسم ابتسامة صغيرة على شفتيها متمتمة
- انت مش محتاج تكسب ثقة، انت بس تسحبني لحضنك وهتلاقيني بقولك كل حاجه.

اتسعت ابتسامة ماهر وهو يسحب جسد شادية معانقا اياها بدفء قائلا
- تعالي
زمت جيهان شفتيها وهي تتطلع الى العناق بعبوس، صاحت بحدة قائلا وهي تقفز نحو معانقة كلتاهما قائلة
- وانا عايزة انا كمان
تفاجأ ماهر حينما قفزت جيهان بجسدها عليهما، اختل توازنهم و كادوا أن يسقطوا ارضا إلا أنه تدارك الأمر وهو يشعر بقبلة جيهان على وجنته قائلة بمشاكسة
- بحبك يا ماهي
ضربها على كتفها بحدة قائلا بحدة مزمجرا
- اخرسي.

انفجرت شادية بالضحك وهي ترى جيهان تخرج لسانها أمامه بطفولية قائلة بنفى
- ابدا
مسحت شادية دموعها التي ترقرقت من عينيها وهي تسمع إلى ماهر الذي استقام من مجلسه كثور مستعد على الفتك بالرقعة الحمراء قائلا
- ده اخر كلام
استعدت جيهان لمعركتها القادمة وهي تنظر الى عيني ماهر بمكر الا ان نظرة من عينيها ناحية شادية التي انفجرت تبكي بصمت جعلها تتنهد بيأس وهي تعلم بما تشعر به شقيقتها.

سحبت وسادة من فراشها لتقفزها على رأسها قائلة بحدة مصطنعة
- انتي بتعيطي ليه يا نكدية
تأوهت شادية بوجع وهي تنظر نحو ماهر قائلة بلهفة
- ماهر تقدر تقولي هو عامل ايه دلوقتي
ارتسمت ابتسامة مقتضبة على شفتي ماهر، ليربت على كتفها قائلا
- مستنين يفوق، دعواتك يا حبيبتي
عقد جبينه وهو ينظر اليها متفحصا اياها قائلا بفضول وغيرة شقيق
- ثم تعالي هنا، ممكن افهم ايه القصة من أولها وايه اللي جمعك بواحد اجنبي.

صاحت جيهان التي اندفعت تجيبه قائلة
- انا هحكيلك كل حاجه
عقد ماهر ذراعيه على صدره وهو ينظر إلى جيهان ليقول بغموض
- قبل ما تقوليلي الحكاية، هتقوليلي انتى اجابة أهم سؤال انا متأكد انك عارفاه
عقدت جيهان جبينها عبوس متسائلة
- سؤال ايه؟
نظر ماهر الى شقيقته ثم الى جيهان ليقول بحدة
- مين اللي ورا الصور دي؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة