قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس والخمسون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس والخمسون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس والخمسون

في قصر السويسري،
وقفت جيهان تنظر بحنين شديد إلى شقيقها الواقف بجوار باب مكتب والده، والدها مازال يصر على فرض استجواب لزوجة ابنه، انفجرت ضاحكة وهي تلاحظ تملل ماهر، يجئ ويذهب دون هوادة، هزت جيهان رأسها بيأس وهي تشعر باهتزاز في جيب بنطالها، يبدو أن جارها الوسيم لم يمل بعد من مهاتفتها
كل ما تفعله هو الثأر
تعيد ما حدث في الماضي.

سابقا كانت من هي تتصل به لمرات عديدة ولا تحصى، وبعد يومين أو ثلاثة يخبرها انه كان منشغل او لم يستمع إلى الاتصال، تعلم انه كاذب لكن دافعها للحب كان أكبر وهي شبه ملتصقة به حرفيا
لكن الأن، أليس من حقها أن تشعر أنها مرغوبة؟!

غيرت وضع هاتفها للطيران ثم فتحت حساب شقيقتها لترى تعليقات متابعيها، ابتسمت وهي ترى الإيطالي وضع علامة قلب على آخر منشوراتها، اختارت عدة صور لشقيقتها بمناسبة حفل عيد الميلاد مع شقيقها ماهر ووالدها، لم تكن لتغامر حقا لولا انها لم تري عبوس الايطالي من والدها وشقيقها، والدها ايضا اظهر استياءه، الصور رسالة للايطالي أنه يوجد لديها رجال في عائلتها..

صاحت بصوت مرتفع تجذب انتباه شادية التي تلعب بفراء قطتها الصغيرة بشرود
- يلا صورة سيلفي للعيلة الحلوة
لوت شادية شفتيها بحنق لترتسم ابتسامة باردة على شفتيها قائلة
- جيهان انتي مبتزهقيش
زمجرت جيهان في وجهها قائلة
- اسكتي انتي يا كئيبة هانم.

التقطت جيهان عدة صور ساخرة وهي تخرج لسانها امام عدسة الكاميرا الامامية، ثم اقتربت من شقيقتها تعانقها بقوة مما جعل شادية تحاول إفلات قبضة شقيقتها الخانقة، هجم عليهما ماهر بابتسامة ماكرة ينجلي عما ينويه
- مين دي اللي كئيبة
انتفضت جيهان قائمة من مقعدها لتبقي شادية تنظر بقلق إلى شقيقها الذي بدأ يدغدغها من أصابع قدميها، انفجرت شادية ضاحكة رغما عنها وهي تصيح بنبرة ضاحكة
- ماهر، ماهر بطل جنان.

انسلت القطة لولو من الدغدغة لترفع شادية يديها باستسلام قائلة بانهماك
- خلاص استسلمت يا جماعة
توقف ماهر عن دغدغة قدميها ليجلس على الأريكة بجوارها بانهماك يعبث بخصلات شعرها مما دفع شادية للالتصاق به دافنة راسها على صدره تعانقه بضعف، ابتسم ماهر بحنين، منذ متى شقيقته تعانقه طوال ذلك الوقت؟! مر وقت طويل جدا وهو يراها ضعيفة بل هشة.

اقترب مربتا على ظهرها، صامتا، وهو يشعر انها ليست على ما يرام، تحاول جاهدة ان تكون طبيعية الا ان صمتها يقلقه ويجعله يود الانفراد بها بعيدا عن شقيقته الأخرى.

ابتسمت جيهان بدفء وهي تري الصور التي التقطتها لهم، سارعت برفعها على حالات الانستجرام مضيفة عبارات انجليزية دافئة، وضعت هاتفها جانبا لتحشر بجسدها لذلك العناق المغري لتنظر شادية باستياء إلى ما تفعله شقيقتها الا انها اخرجت لسانها وهي تندس بعناق شقيقها، رفعت جيهان رأسها تنظر إلى شقيقها بمكر قائلة
- استاذ ماهر، تحب تقولنا الحب بعد الجواز احلي ولا قبل الجواز.

رفع ماهر عينيه نحو الباب المغلق ليقترب منها هامسا
- ده بيتوقف على النوعية اللي انت اتجوزتها، اتجوزتها عاقلة هتبقي مجنونة، اتجوزتها مجنونة هتوديك المستشفي
التمعت عيناها بمشاكسة لتهمس
- اعتقد كلامك بيضرب بكل قوة لمراتك
هز ماهر رأسه بدون معنى مما دفع جيهان لسؤاله
- تقدر تقولي بيعمل ايه الراجل لما البنت بترفضه كذا مرة.

صمت ماهر للحظات، وشعر بأن السؤال يعبر عنه، هو لسنوات ظل يلاحق زوجته وقد كانت تعتبره بمثابة شقيق، ابتسم وهو يلاحظ السنين تمر أمام مرأى عينيه قائلا
- يا اما بيبطل يا اما بيخليها تقتنع بيه
غمزت جيهان لشقيقتها التي أشاحت برأسها للجهة الأخرى، رافضة الاستماع او مجرد التفكير بذلك الرجل، همست جيهان قائلة بصوت خافت لكن مسموع للجالسة بجوارها
- وايه اساليب الاقناع؟

يعلم ماهر أن شقيقته لن تصمت حتى تحصل على إجابتها مما دفعه للقول
-بيختلف من كل راجل وتفكيره وحسب تربيته
اتسعت ابتسامتها وهي تشعر بالحماسة تجري باوردتها، فلا يتكرر وجود رجل أوروبي امام بيتهم كل يوم
- يعني نقول الأوروبي بيكون سيد افعال لا اقوال
ضربها ماهر على رأسها قائلا بنبرة مهددة
- تقصدي ايه
ابتسمت ببراءة قائلة
- اللي جيه في بالك يا عمري.

هم ماهر بخنق تلك الوقحة، لتهمس شادية ببرود وهي تلعب بشرود مع قطتها التي تموء من لمسات شقيقتها مندسة اكثر لدلالها
- سيبها يا ماهر
صاحت جيهان بانزعاج
- عشان انت اخويا، وانت الوحيد اللي بعرف اتكلم معاه بحرية عكس بابا، ممكن يضربني باي حاجه ماسكها في ايده
طالعها ماهر بعدم تصديق مما جعلها تتأفف وهي تقول بحنق
- هتقعد لحد امتي
هز ماهر رأسه مغمغما
- مش كتير لحد لما مارية تتطمن على بنتها.

ثم صاح بضيق وهو ينظر الى الباب المغلق
- هو هيفضل كتير حابسها في الاوضة، رايح اشوفهم
استقام من مجلسه وقد قرر اقتحام جلسة والده مع زوجته، نظرت جيهان إلى الباب الذي أغلقه أخلفه تصاعد أصوات من كلا الطرفين، اقتربت جيهان تسأل شقيقتها
- فيكي ايه.

تنهدت شادية وهي تمرر اناملها في خصلات شعرها بملل، ظلت في منزلها في عزلة لمدة خمسة أيام، متجنبة الاقتراب من أي شخص بعد رسالة معاذ الاخيرة حين عادت من حفلة عيد ميلادها..
تخشى التحدث لشقيقتها أو والدها، العزلة اختارتها حتى تستطيع ان تكون صلبة وتواجه الجميع، تعلم ان كلا من والدها وشقيقتها لن يمرا الامر على خير ان ظهر معاذ بكل وقاحة امامهما، لكن تلك المرة ستحل الأمر بمفردها
-مفيش.

قالتها بجمود شديد، لتميل جيهان قائلة
- شادية انتي تقدري توقفيه وتخليه يبعد عن حياتك لو فعلا مش عاوزاه
ذكرى أنامل ذلك الوقح على جسدها جعل جسدها يقشعر، انفاسه الملتهبة التي تلفح وجهها دون هوادة جعل وجهها يمتقع بالخجل ثم الغضب الشديد، عضت على طرف شفتها السفلي لترد بحدة
- قولتله، مية مرة بقولك بس دماغه ناشفة مبيفهمش
ذكرى سلساله المقدس جعلها ترفع رأسها قائلة بتساؤل
- انتي كنتي عارفة بموضوع السلسلة.

عقدت جيهان حاجبيها قائلة بعدم فهم
-سلسلة ايه؟
صاحت شادية بحنق
- جيهاااان
اجابتها جيهان بصدق
- انا معرفش اي سلسلة انتي بتحكي عليها، اه بشتغل معاه بس معرفش اي حاجه عن موضوع السلسلة، لكن اعرف عنه شوية حاجات بسيطة تخليني احاول اقرب ما بينكم
زفرت شادية بحنق، هذا اسوأ ما قالته جيهان، صاحت بنفاذ صبر
- جيهان بطلي اللي بتعمليه ده
قلبت جيهان عينيها بملل حقيقي لتجيبها.

- روحيله وقوليله متتدخلش واقفلي الصفحة، الراجل لما بيلاقي الباب قدامه مقفول بيمشي
هذا اكثر صفة بعيدة كل البعد عنه، لا تعلم إلى متى ستظل تسبح ضد التيار، مقاومتها ضعفت وذكري سلساله استرعى انتباهها وفضولها، تريد معرفة ذلك الغريب عنها، تسأله عن كل شئ، لكن المقابل لمعرفتها ماذا؟!
تصبح في قبضة رجل مرة اخرى؟ تجرح مرة أخرى وتلك المرة ستكون القاضية؟!
تمتمت حانقة
- بس هو بيكسر الباب
هزت جيهان رأسها ببرود.

- مفيش حل غير انك تستسلمي
لمعت عينا شادية بحنق لتقول
- ويا تري بقي ايه اللي بتعمليه مع وسيم
ابتسمت جيهان ببرود
- وسيم انا بربيه بطريقتي
ذلك البرود الذي تحظى به شقيقتها ترغب به، بدلا من حرب الأعصاب التي تكاد تودي بحياتها إلى التهلكة، غمغمت بغيظ
- يعني مش خايفة انه يزهق
انفجرت جيهان ضاحكة وهي تقول بابتسامة لعوب
- هو عمل ايه عشان يزهق، أصل لعبة القطة والفار بنحبها، متشغليش بالك بيا ركزي انتي مع الإيطالي.

اندفعت شادية بغيظ تصعد درجات السلم وهي تتوجه الى غرفتها، اغلقت باب غرفتها بحدة لتسند ظهرها على الباب بإرهاق، متى ستتخلص من ذلك الكابوس؟
متي ستقدر على ان تصبح قوية وترفض كلاهما!
ذعرت حينما استمعت إلى رنين هاتفها الملقي بعدم اهتمام على الفراش، أجلت حلقها وهي تقترب منه بترقب وحذر شديدين لترى اسم المتصل، ظلت لثواني تحدق إلى الرقم الذي حفظته وكيف لا، وهو كل ليلة يبعث رسائل تهديدية.

اجابت على الاتصال بقلب مرتجف ليتسرب صوته الكريه
- سبتك وقت تفكري
انفجرت هادرة بغضب
- للدرجة دي جبلة ومعندكش دم، عشان تسمع رفضي كل مرة
يتلاعب بها دائما بصمته وحديثه، صوته المستفز البارد جعلها تندم انها اجابت على اتصاله
- شادية للاسف انتي معندكيش حرية انك تختاري، وانا للاسف صبري قليل
بحرقة دفعتها للرد عليه بشراسة
- انسي يا معاذ، انسي
شعرت بابتسامته الماكرة، ليقول بصوت ناعم كانت تنجذب له في السابق.

- وحشتيني اووي يا حبيبتي، متتخيليش وحشاني ازاي، كل حاجه فيكي وحشتني
اتسعت عيناها بصدمة وهي تري تلميحاته القذرة لتنفجر في وجهه مغلفة المكالمة
- قذر
مسحت دموعها المنسابة على خديها، لن تبكي على شخص قذر مثله، حاولت تنظيم انفاسها الا ان رنين هاتفها تصاعد مرة اخري مما جعلها ترد عليه صارخة بوحشية
- بتتصل ليه تاني يا حيوان.

صمت اخر، صمت آخر مختلف عن سابقه، مما جعلها تشعر بطبول تقرع بصخب حولها، همت تنظر إلى المتصل إلا أن صوته الأجش اغفلها
- من هو؟
حاوطتها انفاسه ورائحته حتى اصوات همساته الخشنة جعل جسدها يرتجف من منابت رأسها لاسفل قدميها، كيف فعلها؟، كيف قدر على التسلل اسفل عروقها؟! اجفلت مرة اخري على صوته الخشن
- من هذا الذي كنتِ تصرخين في وجهه؟

عضت على طرف شفتها السفلى وهي تجاهد في عدم البكاء، المثير للسخرية والحيرة أنها تلتجئ أمامه للبكاء وحدسها يخبرها انه لن يؤذيها بل بطريقه يقدم لها دعم وقوة لم تعلمها مطلقا، جلست على الفراش مجاهدة ان يخرج صوتها باردا
- لا شأن لك
ضمت ذراعها حول جذعها تجلب الدفء والسكينة لتذعر حينما سمعت صوته الغاضب
- هل هذا الذي عانقتيه؟، أخبريني يا شادياااه لانني اود ان اعلم كم رجل في حياتك بعد.

انفجرت تصيح بحدة تزيل دموعها
- لا وجود رجل في حياتي ولن يوجد
ارتجفت يدها حينما استمعت إلى نبرة صوته الغاضبة بها مزيج خشن من التملك
- بل أنا الوحيد شاديااه، الوحيد والأوحد
استمعت الى صوت تحطم شئ ما لتهم بسؤاله إلا أنه صاح هادرا بغضب
- ألم أحذرك من معانقته؟، أتشتاقين حقا لعقابي؟
عقدت حاجبيها وهي تشعر بوجود شئ خاطئ لتمتم
- من تقصد؟
زمجر بقسوة لتشهق حينما سمعت صوت حطام زجاج ليصرخ هادرا في وجهها.

- ذلك اللعين الذي رأيته في الحفل، كيف تجرأتي يا وقحة ان تضعي صور لكما وهو يعانقك بتلك الحميمية ويضع أنامله التي سأبرتها على خصرك مع بعض كلمات حميمية لعينة كونه رجلك وامانك.

صمتت للحظات تلاحظ نبرة الغضب في صوته ثم ذلك التملك الغريب الذي تجربه من من...؟! من ايطالي، تعلم أن شقيقتها فعلت شئ ما على تلك الصفحة اللعينة، وكادت تعيد الأمور لنصابها وتخبره ان غضبه لا محل له من الاعراب الا ان لسانها اندفع قائلا
- أليست رسالة لك أن تبتعد عن حياتي؟
كتمت شهقتها سريعا بكف يدها، مالذي قالتها؟ ما الذي فعلتيه يا غبية؟!، انتظرت بأعصاب مشتتة وهي تسمع رده الذي جاء بصوت بارد.

- لم تعلميني بعد يا برتقالية، يبدو أن تهديداتي لم تخيفك لتلك الدرجة
عقاب آخر مثل عقاباته التي لن تنتهي، ربما تلك المرة سيكسر يديها، اضطجعت على فراشها وهي تزفر بتعب لتهمس
- سرمد
لم تسمع إلى رده لتغلق جفنيها هامسة بضعف
- دعنا نضع حد لكل هذا.

انتظرت رده، وطال انتظاره عن الوقت المسموح له بالرد، همت بندائه الا انها استمعت الى زفراته الخشنة عبر الاثير مما جعلها تسحق شفتها السفلي بضعف، تكاد تشعر به قريبا منها، حتى تلك المكالمة مبتعدين جسديا الا وللعجب تشعر كأن روحه قريبا منها، شهقت منتفضة من مضجعها
- قابليني الآن
رفعت عيناها تنظر إلى الساعة التي تجاوزت السابعة مساء لتهمس بتردد
- الآن؟!
كان مصرا بل بدي مسيطرا وليس لحوحا وهو يقول بجمود.

- لنضع حد لكل هذا، أليس هذا ما ترغبينه؟
هي تعلم انه يجذبها لمصيدته وهي كالغبية موافقة على هذا، توجهت نحو خزانتها تخرج ما وقع عليه عيناها اولا لتقول بإرهاق
- حسنا لنضع حد لكل هذا
أجاب باقتضاب شديد
- جيد سأرسل لك موقع مطعم يعد طعام جيد.

تفاجئت لاغلاقه للمكالمة ثم سرعان تفاجئت بموقع لمطعم يبعد عن منزلها لمسافة قدرها نصف ساعة إذا كانت حركة المرور جيدة، نظرت إلى ثيابها بتردد بتردد وبدت قلقة إذا ما كانت ستندفع لمقابلته ام تتراجع بخوف، إلا أن دافعها لمعرفة ذلك الرجل جيدا هو ما دفعها للمغامرة!

في قرية الغانم،
ثلاثة أيام امتنع نزار عن التحدث إليها ليلا كما اعتاد، حتى ليلة الخميس يقضيان وقتا في مطعمه بعد اغلاقه يصنع لها وجبة دسمة غنية بمواد سعادة، ثم على حين غفلة منها يسرق سعادته منها، رغم بعض التحفظ الذي تظهره وبعض القلق حينما تجده يتمادى وانامله تعبث بثيابها كان متفهما ويعتذر على جرأته الكبيرة لها...

نظرت بيأس إلى هاتفها حينما لم تجد ردا منه، عضت على طرف شفتها السفلى وهي تتصل بوالدته، ترحيبات وأحاديث واسئلة عن حالتهما لتسألها عن نزار، استشفت عايشة وجود توتر بين علاقتهما لتخبرها ان عاد من عمله جالسا بمفرده في الحديقة، أنهت المكالمة مع وعد لمقابلتها يوم الاجازة لتسرع رهف بارتداء حذاءها منطلقة الذهاب لرؤية حبيبها المنعزل عنها...!

جالسا بمفرده ينظر نحو اللاشيء، رافضا التواصل مع أي شخص حتى رهف شخصيا، مقطع الفيديو محفور في ذاكرته، رغم علمه بأن ماضي رهف مؤلم لكن هو لا يعلم إلى أي حد وصلت إليه سقطت في ذلك القاع؟
شياطينه رغما عنه توسوس بما يخشاه، شعور بالعجز يكبله، والجهل يحطمه
بدا انه قليل الحيلة، غير قادرا على التصرف بصورة صحيحة، يبتعد عنها حتى لا يتفوه بشئ يحطم علاقتهما..

ان كان في الماضي غير مكترث لماضيها وهو يري ان انوثتها تزدهر فقط على يديه، إلا أن كلماتها كالسم الزعاف جعل بذرة الشك تنغرس في أرضه؟!
هل هو يعلم رهف حقا؟ ام كل ذلك وجهه فقط لما تخفيه بعيدة عنه، انتبه من شروده على صوتها الناعم
- نزار قلقتني عليك كل المدة دي متتصلش بيا
رفع رأسه يتأمل ملامحها الناعمة، هل انخدع من صورتها الملائكية؟! أم أن الشيطان بدا يصور له أن لا ملائكة على أرض تقام بها الخطايا؟!

ابتسم وابتسامته كانت كئيبة، مهمومة كحاله ليهمس بصوت اجش
- مو من حئي خطيبتي تهتم فيني
اقتربت رهف تحدق برجلها الوسيم، لتهمس بنبرة قلقة وهي تراه ليس هذا الرجل تعلمه
- طبعا يا نزار، اكيد من حقك، وعشان كده جيتلك
شهقت فزعة حينما جذب ذراعها لتجلس على ساقيه، تدفقت الحمرة من وجنتيها جعلتها تتلعثم وهي تنظر اليه ببعض الترقب والخوف.

استشعر جسدها الذي ارتجف بين يديه لفترة حتى استكانت، تلك الرجفة كان يظنها رجفة خجل وليس خوف، تأملها مليا، أشياء صغيرة كان يتغافل عنها لكن الان بدت له ظاهرة حتى يكاد الاعمي رؤيتها
- طيب يارهف، لايمتا فهميني لايمتا رح تجيكي الشجاعة وتحكيلي
نظرت اليه بجهل قائلة
- اقول ايه يا نزار
ابتسم ببرود تام ليقول
-حقيقتك يلي مخبيتيها عني
اتسعت عيناها بصدمة حقيقية لتردد قائلة
- حقيقتي؟!

تمسك بكلتا ذراعيها حينما أحس بها تتملل من جلوسها على ساقيه ليصيح بنبرة ساخطة
- قليلي شو يلي صار معك من تلات سنين يارهف قليلي يلااااا.

فغرت فاها بصدمة، ومضات سريعة عن حياتها قبل ثلاث اعوام، حياة كالجحيم عاشتها، بداية من تجردها من ملابسها دون القدرة على منع تلك اليدان من تجريد انوثتها وانسانيتها، ثم إجبارها على رؤية ممارسة حيوان للرذيلة، تخشب جسدها وتصلبها وكلما حاولت اشاحة عينيها عن الرؤية شعرت بمن يصفعها على خدها مجبرا إياها على النظر، تدفقت الدموع من عينيها تلقائيا لتنتهي تلك الومضة وتأتي ومضة أخرى لجلسات كئيبة و بقائها بمفردها في حجرة باردة بعيدة عن عائلتها، بعيدة تحديدا عن وقاص.

شرودها التام وبكائها آلمه، هزها من مرفقيها صائحا
- فهميني انا شو مطرحي بحياتك ياترى انا مهم عنجد ولا شايفتيني مسكن آلام
نظرت اليه وهي تحدق إلى نزار، الشئ الوحيد الذي دفعها للاستمرار على تلك الحياة البائسة، هزت رأسها نافية، تنفي كل ما ينهش قلبه لتهمس
- نزار، انت بتقول ايه، انت حياتي
عقد حاجبيه بضيق وعيناه مشتعلان بوهج ناري جعل عينيها الزرقاوان تتسعان بخوف لتتألم حينما أمسك بقوة من مرفقها.

- حيااااتك؟عنجد؟معناها اثبتيلي
حثت لسانها على اخباره، على كل ما عانته الا انها خافت
دائما تتراجع كجبانة
تخاف ان تهتز صورتها
تخشى أن تفقد مكانتها عنده لتهمس بقلق
- نزار انا مش هتكلم غير لما تكون هادي
انفجر نزار يضحك، والموقف الجدي لا يستدعي الضحك ليقول بقسوة
- هادي اممممم بدك كون هادي، معناها فهميني انو مطرحي من الاعراب بحياتك رهف فهميني يلااا، انا شووو؟ تسلاية مثلا؟، لهالقد ماالي اهمية بحياتك.

هزت رأسها نافية وهي تزيل الدموع المنسابة على خدها قائلة بصوت متحشرج
- مهم يا نزار، والله مهم
شعرت به يتركها لتقف على قدميها، إلا أن توازنها اختل للحظات قبل أن تستعيد توازنها، اجلت حلقها حينما رأته هب من مقعده ينفجر في وجهها
- لك وين الاهمية هي وين؟ فهميني يلا لك احيانا بحسك مو شايلتيني من ارضي لحتى كون مهم بحياتك
انفجرت في البكاء تغطي كلا كفيها بوجهها، مخرجة صوت ضعيف.

- عشان خايفة يا نزار، خايفة تبعد عني بعد ما تعرف
شعرت بيداه كالكماشتان تقبضان على ذراعيها لتتأوه بألم وهي تنظر إلى السواد المبتلع في عينيه، ذلك الاجهاد أسفل عينيه، يبدو كرجل يعاني من اضطراب في النوم، أجلت حلقها وهو يهزها بقوة جعل جسدها يرتجف
- لك من شووو خايفة فهميني بعد كل شي عملته منشانك خايفة بعد عنك؟
لم تعد تتحمل الضغط، ثم هو مصر بدرجة يائسة بمعرفة ماذا؟
حطامها؟!
انفجرت صارخة بقهر.

- ايوا، خايفة، انا استحمل اي نظرة متدنية من كل الناس الا انت
دفعت يده عن ذراعها لتضربه على صدره قائلة بعدم وعي
- وانت، انت وعدتني انك هتديني فرصة لحد لما اتشجع واقولك، مستعجل ليه دلوقتي ولا خايف تكون ورطت نفسك والله اعلم البت اللي انت خطبتها اذا بنت او لأ
شهقت متراجعة خطوة حينما ادركت ما قالته، رفعت عينيها تنظر الى الجنون المرتسم على ملامح نزار، البدائية هي كل ما تراه لتصرخ مجفلة
- اااه.

كتم صراخها بين شفتيه، قاومته بكل قوة تملكها لتنزع شفتيه عن خاصتها، الا انه كان اكثر عنادا منها، اكثر الحاحا، أكثر تطلبا، لتصبح مقاومتها هينة عكس قوته الجبارة اليائسة وهو يزرع جسدها بين ذراعيه
كان عناقا، حارا، مؤلم نفسيا، تشبثت بضعف بقميصه وساقيها تكاد تميد بها ليبتعد مكرها وهو يهمس بصوت خشن
- لك اسكتي اسكتي رهف كرمال لله اسكتي انت مو وعيانة عحالك شو عم تحكي اكييد.

تهدجت أنفاسها وهي تحاول ان تستعيد انفاسها المسلوبة، لترفع عينيها الزائغتين تنظر إليه قبل أن ترتسم ابتسامة ساخرة لتهمس
- مين قالك اني مش في وعي، قولي، مش ده خوفك
حدق بها لثواني منعقد الحاجبين، مستشعرا انها على وشك السقوط في إحدى نوبات هو في غنى عنها ليجيبها
-لك ليش مصرة تخلي الحق عليي بهالئصة
هزها بقوة ثم دفع جسدها يكون قريبا منها، زفر بحرارة مختنقا من شياطينه قائلا.

- ايمتا يارهف فهميني ايمتا رح كون بحياتك عنجد ايمتا رح تعتبريني عنجد سندك وحصنك لك ايمتاااااا
حدقت به وهي لا تعلم ما هو الاصرار الغريب، الذي جعله اليوم ملح على معرفة كل ما ألم بها
- ايه التغير اللي حصلك يا نزار عشان تكون مهتم للدرجة دي، افتكر وقت ما استجمعت شجاعتي قولتلي مستنيكي تقوليلي بنفسك ومتكونيش مجبرة
اختلجت عضلة في فك نزار ليتركها مبتعدا مسافة عنها، ممرا يديه في خصلات شعره بسخط قائلا.

- لاني عنجد تعبت
رأي نظرة عدم التصديق التي لاحت في سماء عينيها ليجيبها
- اي شبك تعبت، تعبت من رعشة الخوف يلي بتصيبك وقت بلمسك وبئرب منك، خوفك مني بيقتلني رهف اي بيقتلني، وجهلي بيلي صار معك بالماضي مشتتني ومخوفني بنفس الوقت
اخفض رأسه أرضا متمتما بحنق شديد من نفسه
- جهلي بحياتك رهف قاتلني، انت لساتك عايشة بماضيكي ومو رضيانة تخلصي منه وهالشي دابحني دبح لانو انا مو عرفان شي واقف متل الاطرش بالزفة.

ضمت رهف ذراعيها حول جسدها، محاولة دحر البرد الذي يصيبها حتى العظام لتمتم
- وليه دلوقتي
هز رأسه قائلا
- ولي لأ
- ليه دلوقتي يا نزار، لطالما انت صريح معايا للدرجة دي، ليه دلوقتي
صاحت بإلحاح شديد ليجيبها صارخا في وجهها
- لانو حئي اعرف الحاجز يلي لساته بيني وبينك رهف.

صمتت وصمت هو، والسكون المغلف بينهما مؤقت، أشبه بقنبلة موقوتة على وشك الانفجار في أي لحظة، لا تعلم متى جمعت شجاعتها لتمتم بجفاء شديد وعينيها محدقة في عينيه
- كنت مدمنة مخدرات لفترة من الوقت، تخيل خطيبة نزار الشامي مدمنة
بدأ الاضطراب يلوح عينيه الراكدتين لترتسم ابتسامة ساخرة على شفتيها متابعة بسخرية
- وفي ليلة كنت عريانة، تخيل كده، ان جسمي كان لغيرك.

لاحظت الشرر المندلع في عينيه، انقباض وجهه، علامات الاجرام وهو واشك على افتراسها ليقول
- عم تكذبي صح؟
ابتسامتها الميتة ما زالت مزينة شفتيها لتسترسل بقسوة
- مش قولت عايز الحقيقة، انا بقولك اهو، ولا الحقيقة صعبة للدرجة دي عشان تنكرها
شعرت بذراعيه تطوقانها بقسوة المتها، إلا أنها لم تبدي أي ألم على صفحات وجهها، نظرت اليه متأملة ملامحه مليا وهي تسمع صراخه
- رهفففففف، ماتمزحي بهيك مواضيع.

مالت برأسها مغمغمة بجمود
- وفي نفس الليلة كنت بقضي ليلة، بيقولها ازاي، ليلة حمرا
سقطت يدا نزار عن ذراعيها ليحدق بها، غير مصدق حرفا مما تقوله، كأنها تختلق كذبة على ما تقوله، تلك ليست حقيقتها، هو متأكد، شحب وجهه ليهمس
- لو عم تلعبيلي باعصابي بهنيكي نجحتي
نظرت بأسف مصطنع شديد وهي تمتم ببرود
- مش قولت عايز الحقيقة، وخد آخر حقيقة، الليلة الحمرا مكنتش هتبقي بين اتنين كانت بين تلاتة، تخيل.

رفعت يديها للسماء ثم اخفضتها وهي تري مغادرة الدماء من وجه نزار لتهمس
- ودي حياة رهف قبل ما تتعرف بنزار، اعتقد كدا عرفت الحقيقة
هز نزار رافضا ما أخبرته به، مستحيل ان ما تقوله رهف حقيقي، شئ خاطئ في الأمر، غمغم مرددا
- لا عالحكي كذب، كذب
ابتسمت رهف بألم لتهمس
- صدقني يا نزار، كنت وحشة جدا، وحشة لدرجة انت متتخليهاش.

نظرت اليه بوداع، لا تعلم لما قتلته بتلك القسوة، ألم يرغمها على التفوه بالحقيقة البشعة، غادرت مكانها مبتعدة، راكضة والدموع تنهمر على وجنتيها تاركة رجل قتلته دون أدني رحمة، فتحت بوابة القصر لتندفع راكضة معتلية درجات السلم لتفتح الباب الداخلي، استمعت الى صوت فريال الهادئ
- رهف، مش هتاكلي
نكست رهف رأسها قائلة بجمود وهي تصعد درجات السلم
-مليش نفس يا فريال، طالعة انام
الا ان فريال اوقفتها قائلة بصوت قلق.

- مالك
تراجعت فريال خطوة حينما رأت وجه رهف الشاحب، اقتربت تلمسها تسألها بعينيها عما أصابها لتهمس رهف بجمود
- تقريبا كدا انا ونزار مش هنكمل
سقطت يد فريال عن رأس رهف لتتسع عيناها بجحوظ مخيف، احست بثقل جسد رهف يلتصق بها تبكي بانهيار مما جعل جسد فريال يتصلب، تحاول استيعاب ما القته في وجهها، الا يكفي اختفاء فرح؟! عادت غمامة رمادية تخيم على رؤوس الجميع.

فكر لؤي مليا قبل قدومه إلى البيت الذي يحتجز به حبه الاول والاخير، امرأته الأولى والتي لن تتكرر طوال حياته
يقولون ان الرجل حينما يقابل امرأة واحدة في عمره، فريدة، مختلفى عن جنس حواء سبق وتعرف عليهن، تمتلك سحرا قويا تؤثر عليه
تضعفه
تضعفه بعاطفة العديد من الرجال يرفضونها، او ينكرونها خشية من كشف نقطة ضعفهم
لطالما كانت حواء سر ضعف الرجل، في مصائبه وفي اغوائه!

بسمة ارتسمت على شفتيه وهو يستشعر أن الصغيرة وجدت بها شيئا مختلفا، ليس سيئا لكن الاختلاف سعيد به، كأنها هائمة في فلك آخر
تقدم بخطوات بطيئة متكاسلة وهو يتقدم الى الغرفة وهو يشعر ببعض الندم، هو لم يكن يريدها أن تكون حبيسة جدران كئيبة، يعلم خوفها الشديد من مكوثها بمفردها
اخبرته سابقا انها تترك التلفاز مضاء وقت نومها لتكسر الصمت في منزلها، وهو بكل قسوة ضغط على نقطة رهبتها.

فتح باب الغرفة لتتسع عيناه فجأة حينما وجدها انها مستلقية على فراشها بثيابها الداخلية، ازدرد ريقه وهو يحاول ان يزيح عينيه عليها، لكن لما يزيح عيناه وهي زوجته، حلاله
وجدها تمتمت بنبرة ساخرة وهي مازالت مستلقية على الفراش مغمضة جفنيها
- والله كتر خيرك انك مبتقطعش الجوابات، مش بتقولها كده بالمصري.

اختار الجلوس على الفراش، عيناه تنساب على قدها ملاحظا ما تغير بها وما استجد بعد تشويه وجهها بعمليات تجميل يمقتها، هل تظنه انه احمق حتى لا يعلمها، ان غيرت ملامح وجهها الا ان رائحتها يحفظها عن ظهر قلب، صاح بصوت اجش غير مخفيا تأثيرا وهي امامه منادية إياه بتلبية وصال اشتاق اليه
- سبتك فترة تفكري، آسيا مهما كان حقدك وكراهيتك، الا انك في معادلة صعبة.

فتحت عينيها الزرقاوين لتنظر إلى هركليز خاصتها، عيناه تلمعان برغبة مجنونة مما جعلها تعدل جذعها العلوي، مظهرة مفاتنها الخاصة له، احست به
ذلك التردد في عينيه، مما جعلها تقترب منه حتى اصبحت انفاسه ممزوجة مع انفاسها
- يا انا، يا حقدك
وضعت ذراعيها حول عنقه لتقترب منه هامسة باغواء في أذنه
- عارف انت كل مرة بتفاجئني لما تعمل فيها دور الملاك البرئ وانا الشيطانة اللي وسطكم.

أمسكت كفه الضخم ليتوسط خصرها، قشعريرة سرت في كلا جسديهما مما جعل اسيا تميل خصلات شعرها السوداء جانبا وهي تجذب ربطة عنقه هامسة بصوت ابح
- بس سيبك دلوقتي من كل حاجه
مالت بشفتيها بجرأة معهودة تقبل شفتيه قائلة بميوعة
- انا موحشتكش
تأوهت بميوعة شديدة حينما ضغط بأنامله الغليظة على خصرها، رفعت عينيها تنظر إلى النيران المستعرة في عينيه وهو يغمغم بنبرة رجل يكاد يحافظ على سيطرته
- بتعملي ايه يا آسيا.

طبعت قبلة على عرقه النابض لتهمس بصراحة شديدة متجلية في عينيها الزرقاوان
- عايزاك يا لؤي، من حقي اعلن عن رغبتي فيك
ظل محدقا بها لبرهة من الوقت قبل أن يهمس
- بقيتي جريئة
مطت شفتيها المغويتين لتقول
- ده كله عشان قولتلك ان انا عايزاك، وانت ايه بقي مش عايزاني
زفر لؤي حانقا، هل وقته الآن اغوائها، يعلم هو أضعف مما يتصور، طامعا في وصال حرم منه لسنوات، لف ذراعه حول خصرها بأحكام ليقول.

- انتي عارفة قد ايه انا محتاجلك
ازدادت التصاقا به وهي تمسك يده الأخرى تنتظره أن ينزع ما تبقى من ملابسها، غمغمت أسيا بصوت أجش
- طيب مستني ايه
تعلم ان العلاقة الزوجية هو بعيد كل البعد عن مقصده، ليقول بنبرة ذات مغزى
- مستني انك تديني الإشارة
ابتسمت آسيا بمكر وهي تقول بنبرة مغوية
- وانا بديهالك
صاح بنبرة باردة وهو ينتزع ذراعه من خصرها
- انتي عارفة اقصد ايه
استقام مبتعدا منها إلا أنها سرعان ما منعته قائلة بحنق.

- عايزني ابادر انا وماله
قفزت تلف ذراعيها حول عنقه، تعاقبه بقسوة على حرمانه من تلبية رغبتها وعاطفتها، نزعت سترته بعنف واتبعت تمزق قميصه الذي انفلتت منه بضعة أزرار، اجلسته على فراشها السابق وفراشهما الحالي، ابعد جسدها وهو يصيح بنبرة خشنة
- المشاكل عمرها ما تتحل بالطريقة دي
مررت أناملها على ملامح وجهه الخشنة لتهمس
- انسي كل حاجه يا لؤي، انسي كل حاجه وفكر فيا انا وبس.

شهقت مفزعة حينما قلب الاوضاع لتصبح بين ذراعيه وهو جاثما فوقها، اتسعت ابتسامتها لتقول بشقاوة
- وحشتك مش كدا
ترى نظراته النهمة لجسدها، عينيه كفيلتان لجعلها تنسى اسمها وغضبها وانتقامها، انفاسه الساخنة وصدره الذي يعلو ويهبط بجنون، جعلها تأن بشدة قبل تجذبه لعناقها هامسة
- عنيد طول عمرك، بس انا صريحة عنك وبقولك وحشتني جدا.

يحاول الانسياق وراء ندائها، إلا أنه متردد، يشعر أن الأمر كفخ ناعم حلو منها، آنت بألم وابتسامة ناعمة تزين ثغرها حينما دفن أصابعه في جلدها
- مش قادر انسي انك خدعتيني طول المدة دي
هزت اسيا راسها بلا مبالاة قائلة
- العين بالعين والسن بالسن والبادي اظلم
التمعت عيناها بقسوة شديدة هامسة
- مبسبش حقي يا لؤي
زفر متنهدا بحرارة، مررا إبهامه على صفحة وجهها ليهمس.

- عايزك تبقي وسط عيلتك الحقيقة يا آسيا، حتى لو رفضاهم اكون انا عيلتك
لمعت عيناها بالدموع لتهمس بجفاء
- صعب اتقبل وجودهم في حياتي كل الفترة دي يا لؤي، سيب الزمن يداوي كل الجروح، الليلة دي انا وانت بس
مقاومته الاخيرة كانت ضعيفة للغاية، إلا أن شوقه وحبه أقوي وأشد من أي خلاف وانتقام بدي سخيف جدا مقارنة لقائهما الروحي..

ترك نفسه ينغمس بثمل في ذلك العشق المحكم عليه بالنجاح ان اختارته، وهي اختارت أن تخرس شياطين انتقامها مع رجلها.

في حي عاصي،
اصطفت سيارة فارهة أمام عقار عاصي، رفع السائق عينيه لينظر إلى رب عمله عبر المرآة قائلا بصوت هادئ
- وصلنا يا غالب باشا، دي العمارة اللي بيسكن فيها.

اكتفي غالب فقط بالنظر إلى العالم الذي يعيش فيه الشاب المنجذبة له حفيدته، رغم من أن حي شعبي الا انه محتفظ بأصالته، تستطيع أن تشعر بالأجواء القديمة، هز غالب رأسه بشرود ليسارع السائق بالخروج من مقعده فاتحا باب مقعد رب عمله الذي استند على عكازه رافضا يد السائق ليمر عيناه عبر زمرة من تلك الطبقة، رغم ما حصل عليه من معلومات عن ذلك الشاب جعلته يتفاجئ من كونه يعيش في بقعة من تلك الأماكن التي ظن أنه تم ردمها إلا أنه لن تنطلي عليه أي خدعة سواء بعمل الرجل أو شهادة تخرجه، ما أدراه، حفيدته جميلة وصغيرة وثرية، هي مطمع للعديد من الشباب، يتذكر ان كل يوم يتقدم إليها رجال متطلبين زواج مصلحة لأعمالهم، وهو رفض رفضا باتا أن تكون حفيدته صفقة رخيصة لأجل حفنة أموال، صاح بصوت قوي.

- استناني هنا لحد لما اجيلك
هز السائق رأسه قائلا
- تؤمر يا باشا
وجود تلك السيارة الفارهة حديث جديد ينضاف لضمن أحاديثهم لأشهر قادمة، بالنهاية سيارة كتلك ثروة متحركة تدل على أصل ثراء فاحش لصاحبها...
راقب هيما بعينين مترصدة إلى ذلك الرجل الكهل المتوجه نحو عقار استاذه، عبس بعدم فهم محاولا معرفة من هذا الرجل؟ والي أي شقة سيتوجه إليها، انتبه إلى نداء عادل
- هيماااااا.

توجه على مضض نحو عادل الذي يبدو أنه رأي ذلك الرجل، غمغم هيما قائلا
- ايوا يا استاذ عادل
نظر عادل بعبوس إلى ذلك السائق الواقف بتخشب أمام السيارة ليقول
- انت متعرفش مين ده
هز هيما رأسه نافيا
-لا يا استاذ عادل، بس شكله الراجل كدا من الباشوات دول دخل عمارة الاستاذ عاصي
هز عادل راسه ليصرفه قائلا وهو يخرج هاتفه من جيب بنطاله
- طيب روح على شغلك.

وضع الهاتف على اذنه منتظرا اجابته لكن منذ متى يرد على مكالماته، صاح حانقا
- وقتك ده كمان عشان متردش عليا
دلف غالب مدخل العقار متأملا كل ركن به، استند على عكازه حتى طابق ذلك الرجل الذي جعل حفيدته مفتونة به، رغم الم قدميه إلا أن دافعه لحماية حفيدته أهم حتى من حياته ومشاكل قدمه
بعصاه عكازه ضغط على جرس الباب الذي يبدو بحالة جيدة عكس الطابقين في الاسفل، استمع الى صوت انثوي قائلا بانزعاج واضح.

- ايوا يا اللي على الباب
فتح الباب واستعد وجه الصلب، وجه غالب المالكي، حدق نحو المرأة التي أمامه بعينين متسعتين بصدمة ليتمتم
- تحية هانم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة