قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس عشر

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس عشر

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس عشر

عقله يعمل بلا هوادة
جسده رغم عنه تائق لما هو أكثر من لمسات بريئة
هو اشتاقها
يعترف، كفاه جبنا، انه مشتاق لها بجنون
شيء بداخله سكن وهدأ حينما اصبحت بين ذراعيه بمحض ارادتها
كترحال يشق طريقه في الصحراء القاحلة باحثًا عن نبع ماء
أو كنز ثمين
ترجلت فرح من سيارتها وهي تسارع نفسها بالتوجه نحو المنزل، ارخي نضال رأسه على المقعد، ما الذي احبته فيه لتلك الدرجة.

هو غير قادر على العطاء، هو شخص مصاب بالخذلان، مكبل بقيود مريرة، اليتم والانتقاص من انسانيته، ضرب على المقود بعنف وهو يزأر بوجع
ما السبيل للخروج من ذلك القاع؟!
ما هو السبيل ليقدر على العيش كأي رجل طبيعي
من حقه أن يرغب بحياة طبيعة وإن لم يحصل عليها وهو طفل، فمن حقه أن يحصل عليها وهو راشد
ها هي الحياة الطبيعة تلوح له في الأفق، لما هو مصر لتلك الدرجة للبقاء متخاذل؟!

ترجل من سيارته وهو يصفع بابها بحدة طفيفة، وعيناه تبرقان بتصميم وعزيمة شديدة، للأخذ بحقه
لمحاسبتها على الغضب الذي استولى عليه!
صفق باب الشقة خلفه بجنون، وهو كالليث الحبيس ينظر نحو قيود سجنه بجنون، بطبيعة لم يعتاد عليها وحياته السابقة قضاها حرًا، طليقًا!
انتبه على صوت همسة خافته من شمسه التي تضحك بعذوبة شديدة بين ذراعيها
- بابا
تسمر على صورتهما معًا
كلتاهما تكمل الأخرى
نفس العيون البريئة
نفس الابتسامة.

حتى تلك النغزة في خد صغيرته تشبه نغزتي فرح، صورة كاملة
جامعة بين الرقة، والأنوثة، والكمالية
إن دخل هو سيكون باهتا، سينزع المثالية من تلك الصورة
استمع الى صوت صغيرته وهي تقترب من فرح تلمس خصلة شعرها
- دادا
مالت فرح تقبل وجنتيها برقة، الصغيرة رغم أنها ليست بوالدتها، لكنها صغيرتها هي، تمتمت بحنين شديد
- يا روحي انتي، وحشتيني
استمعت الى تعليق نضال الممتعض
- لو اهتميتي بيها مكنش وصل بيها الحال لدا.

رفعت عينيها نحوه بشرر، وعادت بنظرها نحو المرأة التي تعتني بالصغيرة لتمتم بحنق
- متتكلمش معايا نهائى في البيت ده
ظن هو بركانه خمد
لكن لم يكن سوى طبقة رقيقة، انصهرت لتموج عينيه الذهبيتين ليصيح هادرًا
- انت اتجننتي
ارتعد جسد فرح، وقناع شجاعتها تقهقرت، زمت شفتيها لتصيح بحدة
- اتجننت!، لا هو انت خليت حد عاقل بوجودك
لما الان يثور بعد صمت طويل منه؟
هل يريد ممارسة بعض جنونه عليها الآن؟!

اتسعت عينا نضال وهو يستمع لردها الصريح الأقرب للوقاحة ليتمتم بحدة نحو المرأة التي تنظر اليهما بقلق
- روحي شوفي شغلك
هزت المرأة رأسها ايجابا وهي تسحب جسد شمس من يدي فرح وفرت هاربة نحو غرفة الصغيرة، اقترب نضال منها ليمسك رسغها بخشونة جارا إياها نحو غرفة نومهم
اتسعت عينا فرح وهي تعلم ما مصيرها خلف تلك الغرفة، حاولت ان تسحب يدها من قبضته القوية لتصيح بحنق
- نضال بطل جنان.

اغلق باب الغرفة خلفه، ليدفع بجسدها نحو الداخل، اختل توازن فرح وهي تحاول المحافظة على توازنها الذي اختل، زفرت بحنق شديد من همجيته العنيفة لترفع عينيها وهمت بالصياح إلا أنه ألجمها بنبرة خشنة
- اصل انا معقد، وغبي، وحيوان، وجوزك
سكن دفاعاتها الهجومية، اسدلت اهدابها وعادت رفعها لتنظر إليه هامسة بذهول
- نضال.

لم تتوقع اعترافا كذلك منه، يخبرها صراحة، ابدا هو أبعد بكثير عن سيناريوهات كثيرة دارت في عقلها، عاد نضال يكرر بنبرة أقل انفعالا
- انا معقد فعلا وغبي، لكن مش بحب إلى بستغفلني
ابتسمت فرح بمرارة لتعقد ذراعيها على صدرها هامسة
- ويا تري المعقد هيحبس نفسه لحد امتي
لم يرد، بل تحاشي النظر كليا لعينيها، مرر يده على خصلات شعره وهو يحاول عبثا تهدئة نيرانه، شعر بجسدها الذي يقف أمامه متحديا اياه وصوتها المختنق.

- للدرجة دي شايفني مش مهمة ليك؟
ارتفع نضال بعينيه، بعض نظرات اللوم منه اخترقت وجدانها، غمغم نضال بحدة
- انا مش بعترف لحد بحاجه، تصرفاتي هي الل
قاطعته وهي تجذبه من ياقة قميصه وصوت متهدج غمغم
- اللي تحكم مش كدا، لكن مش شايفه اي حاجه منك للاسف
ألا تعلمه هي حقا؟، ألا تعلم ما هي طريقه اهتمامه؟، انتظرت فرح منه ردا إلا أنها غمغمت ببرود
- لكن خلاص، الصفحة دي قفلتها.

مال شفتيه ساخرا وهو يميل براسه نحو شفتيها، يضعف من دفاعتها الحصينة ليهمس
- قفلتيها؟
قرأت ما يموج في عينيه، تركت ياقة قميصه وهي تغمغم بارتباك
- انت عايز ايه
ببساطة شديدة شملها بنظرة حارة، مليئة بالرغبة والعاطفة الخشنة
- عايزك
انفجرت ضاحكة، تداري ارتباكها عن عينيه لتقول
- في سريرك
وضع يديه في جيب بنطاله وهو يرى تورد وجنتيها واشاحت عينيها عن عينيه ليتمتم بنبرة ذات مغزى.

- لو عايزك مكنتش طلبت، انتى عارفاني باخد حقي على طول
استفزها بنبرته الوقحة، اندفعت بجسدها إليه لتمسك ياقة قميصه وهي تصيح بحدة
- لا، زمن السحب والجر لفرح القديمة دا تنساه
دفعته برقة شديدة وبساطة نحو الفراش ليسقط نضال على الفراش وفرح تجثم فوقه..
تمارس بعض الدروس التي كان يعلمها إياها قديما.

تخبره أن التلميذ تفوق على استاذه ببراعة شديدة، فكت ازرار قميصه بلتكؤ شديد لتسمع إلى زمجرته الخشنة، تدفقت مشاعر الزهو والثقة وإنعاش تلك الانوثة وهي ترى عينيه لتميل بوجهها نحو هامسة باغواء
- دلوقتي دور فرح اللي صنعتها
وتلك المرة أخرست شفتيه بقبلة مشتاقة، بادلها بقلبة شغوفة، تدفقت الحرارة في كلا أجسادهم لتشعر بنفسها أسفل الفراش وهو يعتليها، يداه كانت تحتضن حناياها بشغف وشفتاه تدحض أى مقاومة من للفرار.

الأمر أشبه بدوامة، وهي تسبح عكس التيار
لفت ذراعيها حول عنقه لتسحبه هو الآخر لدوامة صنعها بيديه والبقاء للأمهر؟!

بتنورتها البيضاء القصيرة وقميصها الابيض الملتصق بحنايا الانثوي، تتحرك في الملعب برشاقة تسدد ضربات الكرة، عقلها يحاول اشغاله بأى رياضة حتى لا تجن
كيف لؤي سيخطب!، بالله كيف سيفعلها وستكون شاهدة على حفلة الخطبة والزواج وايضا حمله للاطفال، صعب للغاية، بل مؤلم وخانق للغاية.

أصاب جسدها الخمول وهي تخطئ ضرب الكرة، ليعيد المدرب بإعادة الضربة لتسددها مرة أخرى، حركتها في الملعب اصبحت اقل نشاطا بعكس طبيعتها، عقلها يعمل كمكوك يستنفذ منها أى طاقة حركة، رفعت ذراعها لتمسح العرق المتصفد على جبينها من خلال لفافة حول رسغها، لم تتوقع أن يكون اليوم حارا لتلك الدرجة أو هي التي تشعر بحمم في داخلها، عادت تنظر نحو الكرة التي وقفت تنظر إليها ببهوت من زاوية بعيدة عنها لتسقط أرضا دون التحرك إليها وتسديد الضربة، وقفت ثابتة في الملعب لتسمع تذمر المدرب قائلا.

- وجد
ارتفعت وجد نحو المدرب الذي اقترب من الشبكة وعلى وجهه ملامح متجهمة، حانقة لتمتم بأسف بارد
- اسفه يا كابتن
صاح بحدة طفيفة، وهو يرى لا مبالاتها الشديدة
- وجد، للاسف مستوانا مش قوي زي الاول، وانا خايف تطلعي من المسابقة
اقتربت من الشبكة وهي تهمس بهدوء
- متقلقش يا كابتن
ارتفع حاجبا المدرب قبل أن يتمتم بخشونة.

- مفيش وقت يا وجد، للأسف مضطرين نرجع ونعيد تاني من جديد، هنرجع نروح الجيم من جديد، وهنرجع ننتظم في مواعيد التمرين
عبست ملامحها، رغم أن الرياضة تلك كانت تعتبرها مصدر إلهاء، لكن عشقها الأزلي هو العزف على البيانو الخاص بها، إلا أنها لم ترغب بأحزان جدها ووالدتها التي رغبت ان تراها متفوقة في تلك اللعبة، لكن ما الفائدة الآن!

حينما كانت تنفذ رغباتهم بصدر رحب وطلبها هي الوحيد لم يقدر على تنفيذه، أليس هذا شيء قاسي للغاية؟!، أن السند الذي رغبته في عائلتها ومساندتها انفصل الجد بهدوء دون أن يعدها بحرف واحد، وتكلفت جميلة لإيقاع لؤي بحبها، لكن ألا يعتبر صمت جدها في بادئ الأمر موافقة؟!، ربما عدم رضا لكن بالنهاية لم يرفض رفضا قاطعا!
التفت الى ملامح مدربها المشتعلة لتهمس
- تمام
نظر المدرب بجمود نحو وجد ليتابع بنبرة هادئة.

- مش عايز اي حاجه تاثر على مستوى لعبك يا وجد، انا واخدك نجمة النادي
ابتسمت ساخرة بشدة وهي تغمغم بنبرة كئيبة
- نجمة انطفت
اتسعت عينا المدرب وهو ينكر ما قالته
- مين قال دا.

لم تقصد وجد المعنى الذي وصل للمدرب، بل عنت على نفسها، تشعر انها منطفئة، هي منحت، منحت الكثير، لدرجة انها ستصل للتوسل في الحب، شيء خبيث طفق يخبرها، أليس من حقها أن يتذلل رجل لحبها؟!، من حقها تحصل على رجل يعشقها بل يحرص على أن ترتوي من حبه لكن من أين؟، وعمتها كلفت حياتها نحو لؤي، وكأنها تنفذ حلم صعب على عمتها تحقيقه!
رفعت عينيها نحو المدرب الذي ينادي اسمها لتمتم.

- خلاص كل واحد بياخد دور شهرته يا كابتن
صاح المدرب بصرامة شديدة
- وجد، انتي اكتر واحدة بتلعب صح ومثابرة وعندك روح رياضية وكمان ذكية جدا في لعبك وتخلي اللي قدامك يخرج خسران
تمتمت بنبرة باردة وهي تستعد للرحيل من الملعب
- كان
صاح المدرب بحدة وهو يمسك ذراعها حينما اخذت حقيبتها لترحل
- بطلي يأس، هديكي عنوان الجيم ومن بكره تكوني في الجيم انا بحذرك لو مروحتيش.

التوت شفتيها بنزق تحت إلحاح المدرب، لم تتخلص منه سوى بموافقتها لتتنفس الصعداء حينما تركها وهي تحمل حقيبتها تسير برقتها الشديدة والهواء يداعب حافة تنورتها القصيرة، لتلمح بعض نظرات الرجال نحوها لكنها لم تهتم، فليست المرأة الوحيدة التي ترتدي شيئا قصيرا وهذا ثوب الرياضة فلا تتعمد هنا لاغراء رجلا عن عمد، تفاجأت بوجود ابن عمها هنا وهو يركز بنظرة على هاتفه لتقترب منها قائلة بتعجب من وجوده الذي قل منذ أصبح يسافر للخارج.

- وسيم، انت بتعمل ايه هنا.

تأفف وسيم بحنق وهو لا يعلم سبب اغلاق هاتف جيهان من الصباح حتى الان، هو لا يعلم جدول مواعيدها، من كثرة سفره وعودته فقط للبرنامج الإذاعي الخاص به ثم قضاء باقي الاسبوع في اى محافظة اخرى بعيدة عن العاصمة، كل تلك العوامل جعله يدرك أنه لا يعلم عن جيهان، هو حقيقة لا يعلم عنها شيئا، شخصيتها المتغيرة لا يعلمها، هو يعلم جيهان التي رباها والتي يراها خلف اقنعتها الزائفة، لكن الوصول لعمقها لا يعلمه، زفر بسخط شديد.

- بعمل ايه، واحد شكله هيقضي الاجازة دي قاعد في مصر
اقتربت وجد منه مشاكسة بغمزة
- وحشتك بنات برا
عبس وجه وسيم وهو ينظر نحو ابنه عمه، هي الوحيدة الشاهدة على تغييره ليتمتم بغموض و ذكرى امس تتجلى في عقله حينما استمع إلى نبرة جيهان الحانقة عن شخصيته
- انت ايه رايك يا وجد في وسيم الجديد
مالت وجد براسها وهي تنظر في عيني وسيم الزرقاء المهتمة لتمتم بنبرة ذات مغزى.

- مفيش وسيم جديد، القديم زي ما هو بس عايز يتقرص من ودانه ويفوق
ضيق وسيم عيناه وقال بعبوس
- افوق من ايه
انفرجت ضحكة متسلية على شفتي وجد لتمتم بجدية
- تلعب مع اي حد الا انا يا وسيم، صعب تضحك عليا، اضحك على كل الناس جدو ومماة ولؤي والناس كلها حتى جيجي الا انا
استاءت معالم وجهه ليمرر يده على خصلات شعره قائلا
- بتدخليها ليه في الحوار بتاعنا
ادعت وجد الهدوء وهي تقول بعدم اهتمام.

- انا شوفتها وهي ماسكة راجل وهو بتساعده
لمحتها قبل دقائق وهي تتمسك بذراعي رجل، كانت ملهوفه عليه بطريقة غريبة والرجل كان يضع كمادة على وجهه، استفاقت على نبرة وسين الهادرة
- تساعد مين
رفعت عيناها لترى الشرر المتراقص في حدقتيه، لتبتسم بسخرية قائلة
- تقريبا هي خبطته أصلها ماسكة فيه جامد وحاطه كمادة على وشه، كانت قلقانة ومرعوبة جدا.

كانت على علم جيد أنها تزيد من اشتعال وثوران بركانه المتأجج، وجدته يجز على اسنانه ليتمتم بخطر وقدماه تحركتا للبحث عنها في النادي
- الهبلة دي
لوت وجد شفتيها بنزق شديد، إن كان يحبها لتلك الدرجة لما لا يتزوجان، بل لما عناد البغال كذلك، هي ما كانت ستضيع لحظة واحدة مع حبيب العمر وتقضيه في شجارات تافهه، لكن ماذا تقول؟!
الحب لم يكتب لها، ربما ستعيش نفس حياة عمتها جميلة.

يجز على اسنانه بسخط شديد وعيناه تضيقان للبحث عنها، يحاول عبثا البحث عن ابرة في كومة قش، سابقا كان يسهل عليه ايجادها خاصة خصلاتها الملونة لكن الان! سيصعب بحثه لكنه سيجدها، سيعاقبها على ما تفعله به.
جلست جيهان بجوار ناجي بارتباك شديد، قلقة عليه لتقترب منه بغية الرؤية حجم الضرر البالغ الذي أصابته به لتهمس بنبرة ساخرة تخفي ارتعابها
- خلاص بقي يا نوجا، ممتش بقي، استرجل كده.

كظم ناجي غيظه وهو يشيح بيده بعيدا عنها، ليستمر بوضع الكمادة على أنفه المكدوم بعد أن توقف النزيف، هذا هو جزاءه حينما حاول صدها عن الايقاع في المشاكل، حدجها بنظرة مميتة ليتمتم بقسوة
- انتي غبية، انتى شوية وكنتي هتكسريه
تبرمت شفتي جيهان للحنق، لتمرر يدها على خصلات شعرها المجعدة وقالت
- انت اللي جيت في وشي فجأة
استمر ناجي بوضع الكمادة على انفه، وهو يتمتم بحنق
- خيرا تعمل شرا تلقي.

اسدلت جيهان أهدابها برقة جعل ناجي يتوجس خيفة منها ومن تقلباتها الذي هو بغنى عنه، تفاجىء من اقترابها لتهمس بنبرة مغوية
- نوجا
ضيق ناجي عينيه، يحاول الدخول وسبر أغوارها ليعلم ما تفكر به تلك المجنونة الان، تمتم بلهجة باردة
- اتعدلي عشان معدلكيش
اسدلت أهدابها برقة لتزم شفتيها وهي تميل بوجهها نحوه قائلة باغواء
- انت منجذبتش ليا يا نوجا خالص.

اتسعت عينا ناجي ذهولا، وهو ينظر يمينا ويسارا قبل أن يلتفت إليها قائلا بنبرة اجشة
- نعم! بقولك ايه جنان ومقالب مش فاضيلك.

عبست جيهان بضيق شديد، لتعود جالسة بقربه، هل هي حقا لتلك الدرجة غير قادرة على إغواء الرجال المحترمين، هي ترغب بعلاقة جدية، بل رجل لن يعيبه شيء وسيضطر والدها للموافقة عليه، شعرت بالغبطة تجاه شقيقتها فالبرغم أنه لا يوجد علاقة جدية بين الحارس وشادية كما ظنت هي فريال، الا ان لؤي، ذلك الرجل ضخم الهيئة تستفز مشاعر انوثة أى إمرأة، همست باختناق شديد
- ناجي.

زفر ناجي بيأس، لن يتخلص من جنونها ابدًا، حتى بعد تركها للعمل معه، يخشى أن يأتي السيد معتصم ويرى ما تفعله تلك الصغيرة ولكونه عالم باضطرابتها ولا يستغلها عكس الرجال الآخرون الذين سيجدونها فرصة ذهبية للاقتناص، انتبه على صوتها المتسائل
- بتكلم بجد، يعني انا مبقدرش اسيب انطباع لراجل، يكون مشتاق ليا يكلمني او اني جذابة
مال ناجي برأسه نحوها وهو يتمتم بهدوء، معززا ثقتها.

- انا طلعتك على ايدي يا جيجي، عيب تقولي كلام زي دا
ارتفعت عيناها لتنظر إلى عينيه، الشقاوة المطلة في عينيها جعله يهز رأسه بيأس حينما سمعها تسأله باهتمام
- اتأثرت ولا لأ، وجاوب بصراحة متخافش سؤال بريئ
تمتم باقتضاب شديد وهو يتحسس أنفه بخشية
- صدقيني اللي مش شايف جمالك يبقي اعمي
لم ترضها تلك الاجابة، ابدا، لم ترضها، هل شخصيتها المندفعة الجريئة تثير نفور الرجال بدلا من جذبهم، أو يكون انجذاب لحظي فقط!

لماذا إذا الفتيات تنجذبن نحو الرجال المتهورين، المتهورين في حياتهم، ومغامراتهم، بل ومتهورين في حبهم، ذلك التهور الأخير بالتحديد ترغبه، ترغبه بشدة، امتقع وجهها وهي تتخيل زواج صالونات بائس عكس ما تبحث عنه، وإن كان وسيم سيستمر في التجاهل فلن تضيع فرصة اخرى، ربما ليس من نصيبها ربما نصيبها قريب منها وهي غافلة عنه!
انتبهت على صوت ناجي الرخيم.

- وخصوصا انك طيبة وجدعة، وصاحبة حق، ومش بتخافي حتى لو كنت مرعوبة من جواكي بس روح المغامرة دي اللي ساعدتك تقدري تتخطي أي مشكلة
اتسعت ابتسامتها بامتنان شديد، ليربت ناجي على يدها المستريحة على ساقها، انفرجت ابتسامة شقية منها نحو ناجي الذي يهذبها بنظرة مانعة لتسمع إلى صوت ساخر حانق
- ما اجيب اتنين لمون
تلك الخفقة
الرجفة التي تسير في أطراف بدنها
امتقاع وجهها، ولهاث خافت يخرج من شفتيها.

التذبذبات العنيفة التي تشعر بها حينما تراه قريبا منه، قريبا لدرجة انه يحرقها بنظراته الملتهبة
رغم شوقها لرؤية ملامحه، لكنها ببساطة تمتمت بدون النظر لوجهه
- عايزة ميلك شيك فرولة يا وسوم، وعصير فريش لناجي
تفاجأت بيده الذي التف حول معصمها ليسحبها إليه، وتقع عيناها على ملامحه الثائرة بشوق لذيذ غبي ونبرة وسيم الساخطة
- اتعدلي.

زفرت جيهان بحنق شديد رغم تلك التغريدة في قلبها، بملامح تظهر عما يخفي من شوق ملتهب غمغمت
- بقولك ايه، امشي من وشي
افلتت يدها منه وهي تعود للاقتراب من ناجي بقلق
- ناجي بتوجعك لسه ولا ايه
نظر اليها بلؤم شديد، آخر ما يريده أن يقع تحت قبضة زوج غيور أو عاشق ينكر مشاعره رغم ما تفضحه عيناه، تمتم بنبرة جافة
- خلاص يا جيجي
جلست بجواره وهي تتمسك ذراعه لتهمس بنبرة حزينة.

- ابدا انا كنت منفعلة، اعذرني بليز يا نوجا، انا عزماك حتى عند كشرى ابو طارق
ارتفع حاجبا وسيم، هل لتلك الدرجة هو شفاف أمامها؟، عيناه وقعت على شعرها المجعد وفكر متي تحول من ليلة وضحاها الى اسلاك كهربائية؟!
عيناه انتقلت بحنق شديد ونظرة مميتة يحدج بها ناجي الذي هو الاخر يتجاهله كما فعلت تلك الفأرة الصغيرة
- كشري!، امشي يا جيجي.

انفجرت ضاحكة، وداخلها يرتجف قلقا، هي أكثر واحدة مدعية الشجاعة والقوة لكنها تعلم انها جبانة رغم كل ذلك، حتى الان تخشي من المياه ولا تحب الإبحار أو وسيلة نقل بها بحر، لكزته في ذراعه لتمتم
- اه يا طماع، خلاص هنروح عند الكبدة، ومتحاولش اه بقولك اهو، هتيجي يعني هتيجي
استقام ناجي حينما رأى وجه وسيم الذي سينفجر في وجههما، ليقول بهدوء شديد
- أجليها لاخر الاسبوع.

كاد وسيم ان يتنفس الصعداء لكن احتدت نظراته ما أن رأى تمسك جيهان بيد ناجي وهي تهمس بنبرة مفتعلة الانوثة
- نوجا، بليز يا روحي
اقترب ناجي هامسا في اذنها وبطرف عينه يرى البركان الثائر
- عشان روحك، مش ناقص يتضرب ومعالم وشه تروح
تابعت بنفس الهمس الشديد، وجسدها يرتجف، بشوق، بل وحنين اليه، الى صاحب العينين الباردتين
- شوفلك حد اتجوزه عشان منزلش على الجرايد وافضحكم.

هز راسه يائسًا وهو يبتعد عنها ليفر هاربا منهما، استمع إلى صوتها المنادي له
- ناجي
التفتت برأسه وهو يسمعها تمتم
- متتأخرش بقي، هكون تحت بيتك او هطلعلك وهشرب مع طنط العناب
هز رأسه يائسًا وهو يغادر من النادي، لتزفر جيهان بحرارة و ابتسامة ناعمة تداعب شفتيها، تفاجأت من صوت خشن
- خلصتي
بطرف عينيها نظرت الى حدقتيه المظلمتين برعب، ارتعدت فرائصها لتمتم بارتباك.

- وانت مش وراك شغلانة، رايح جاي ورايا ليه، ولا بابا خلاك بودي جارد ليا انت كمان
اخذت حقيبتها من الاريكة ليسود وجه وسيم قتامة، راقب بنطالها الابيض الملتصق بحنايا جسدها والى بلوزتها من خامة الجينز الذي وضعت اطرافه داخل سروالها، جز على اسنانه بسخط شديد ليقترب منها باندفاع أهوج شديد قائلا بنبرة خطيرة
- اتعدلى يا جيهان.

نظرت جيهان يمينا ويسارا، تشكر أن ذلك الجزء من النادي قلما أحد يجلس فيه، رغم عدم وجود أحد وبعيدا عن العيون الفضولية اقتربت من وسيم هامسة بحرارة
- والا..
اتسعت عيناه وغامت عيناه حينما رأى نحرها البض أمامه لترتفع عيناه وهو يلف ذراعه حول خصرها لتصطدم جسدها الانثوي بصلابة صدره، اتسعت عينا جيهان بدهشة شديدة حينما اخرسها لثواني قائلا
- هبوسك.

تشعر بانامله الوقحة التي تداعب خصرها، ارتجف جسدها بين ذراعيه وفضحتها مدي تأثيره على انوثتها التي استجابت بوهن لتشعر بيداه تسحب بلوزتها من بنطالها ويد اخر ارتفعت لتغلق الزر يبرز مفاتنها و مكامنها الانثوية لأعين الرجال الجشعين.
لم تصدق ان يداه تتجرأ على ما يفعله، بل لسانها الذي شل عن التحرك لردعه بل إيقافه، انفجر قلبها يهدر كطبول حرب استعدادا لغزوه لتهمس بأخر شيء تتوقع أن تقوله
- بوسني.

تلكئت أنامله على خصرها ليميل بوجهه بغتة نحوها وعيناه تنظران تحديدا نحو شفتيها ليرتفع بعينه الى عينيها الوديعتين، الهادئتين، المستعدة لغزوه
ضغطت انامله بعنف على خصرها لتخرج تأوه خافت وما اثاره من مشاعر لتقبيل شفتيها الآن عنوة اصدمته، لما هي؟
لما الآن تحديدا؟
لما يرغب الشعور برقتها و حلاوة أنوثتها بين ذراعيه هي؟
لما يريد ان يرتشف رحيق شهدها؟

أليس دعوتها كافية، تلك المثيرة للمشاكل تستسلم له فقط بوداعة بين ذراعيه، أليس هذا يحقق انتصارا له؟
لما هي دونا عن النساء اللاتي يراهن يعرضن عليه دعوات صريحة غير قابلة للرفض!
مال مقبلا رأسها لتغمض جيهان جفنيها، تحاول ان تستوعب ما رأته من مشاعر مقروءة في عيني جارها.

ازاحتها بحدة عنها وهي تدير بوجهها بعيدة عنه، تضع يدها على مضختها الثائرة باضطراب، تحاول مداراة فضيحتها، وداخلها يهمس بغباء شديد على وقاحتها معه ومدى تباسطها، لولاه وتصرفاته لربما قبلها؟!
شعر بها تنسلخ بعيدا عن ذراعيه، ليرتفع عيناه نحو يديه اللتان لمست هشاشة جسدها، أغمض جفنيه، وهو يهز رأسه، لا لا ما فعله معها جنون، ليست هي من يفقد رشده معها!

استمع إلى صوتها الساخر وهي تدير وجهها يرى ذلك التورد الطفيف في وجنتيها
- وانا اللي كنت فاكراها حاجة قليلة الأدب، لا طلعت متربي
اتسعت عيناه مشدوها بوقاحتها، هل حقا كانت ترغبها؟، هل سمحت لشخص ليلمس شيء من المفترض محظور عليه كما هو، هو الذي كسر جميع الروابط بينهما، والتي سيصعب اعادتها مرة اخرى؟
نيران من الجحيم تسير عبر أوردته، ليتمتم بخشونة شديدة وهو يدفع جسدها
- يلا.

لوت شفتيها بحنق شديد قائلة وهي تحاول الهروب من مشاعرها
- متزوقش الله
فما حدث لن تكون قادرة على نسيانه
ولا هو
لن تنكره وهو ولو تبجح أمامها، لن ينكر أمام نفسه
عضت على شفتها السفلي بقهر، وسيم بالنهاية حتى لو رأى ذلك الانجذاب لن يعترف به، الأحري لها أن تجد رجلا حار الدماء ليهذب من تصرفاتها، أو يزيد من جنونها لكن فقط ينصب عليه وليس على رجل اخر، حتما ستبحث عن رجل يستحقها مبتعدة عنه.

بثوبها العسلي من خامة الشيفون تبدو رقيقة، فاتنة بمعني أدق، ممتنة جدا لحضور عائلة فريال وعائلتها مجتمعين لخطبتها الأمر مربك حقًا، لم تتخيل في يوم انها ستكون مثل أي فتاة عادية ستتزوج بعد نكستها السابقة والعامين الذي قضتهما في المشفى، التوتر جعلها تصاب بالخرس وهي تكتفي فقط بهز رأسها نحو كلمات عايشة وخالته التي تتحدث باقتضاب وابتسامة متحفظة ترسم شفتيها..

عينا نزار الدافئتين تشجعها وتدعمها بقوة، وتخجلها وهو يختصها بنظرة خاصة وهي في أحضان عائلتها، الغمز واللمز بين فريال وجيهان جعلتها توبخهم بنظرة قوية، عادت بعينيها نحو وقاص الذي يبتسم بدفء لها، الفترة التي قضوها مجرد تعارف كحال أى شاب يتقدم لخطبتها لكن ما أثار دهشتها طلبه من وقاص إصراره بعقد قران مع الخطبة كون تلك عاداتهم ، وجهها الشاحب أثار ارتباك الجميع خاصة نضال الذي نظر لها باهتمام و وقاص الذي طلب بجلوسهم في غرفة مكتبه لعدة دقائق كي يتفقان العروسان معًا..

تعلم ان ذلك اثار استياء خالته رغم تحفظ ملامح عايشة التي تفهمت رغبة ولدها لمفاجاتها أمام الجميع ما إن أغلق الباب حتى صاحت بحدة طفيفة
- انت ازاي تقولهم عايز كتب الكتاب
تفحص نزار بعينين نهمتين فستانها العسلي، رغم ان ذراعيها مغطان بقماش خفيف مبرزا هشاشة جسدها الرقيق، إلا أن نيران اشتعلت في فؤاده للاقتراب منها
للمسها
تصبح بين ذراعيه
يقسم انه سيموت إن لم يشم رائحة جسدها.

يتلمس نعومته المغرية، كبح جماح افكاره وهو يقول بحرارة وعينيه الخضراوين اشتعلت بحميمية
- بتعرفي ليش قررت اخد هالخطوة ياروح نزار، لانه نزار مشتاق ليضمك، خايف يقرب منك وانت مو حلاله، انت مابتعرفي قدي تعذبت وانا عم حاول اتحكم بحالي
اجفلت رهف من نظرته الوقحة، لتغمغم بارتباك
- لكن نزار انا قولتلك خطوبة بس
هادنها وكأنه يهادن طفلة صغيرة.

- ياحبيبتي نحن عنا مافي خطبة نحن مع الخطبة بنكتب الكتاب، لاتخافي مني يارهف رح كون امانك، اوثقي فيني
قالها حينما لاحظ ابتعادها عنه كلما اقترب منها، كل شيء سيتقبله منها إلا خشيتها منه، تلك النظرة المرتعدة في عينيها أصابه في مقتل، استمع إلى همستها المتحشرجة
- نزار، انا اتجرحت واطعنت من اقرب الناس ليا، كنت بعتبرها اختي.

الغشاوة في عينيها منعتها من الرؤية بوضوح لتهطل دموعها وهي تتذكر من اعتبرتها صديقة عمرها نادية الفتاة التي طعنتها وخدعتها، صديقتها التي غارت منها و استدرجتها لطريق الإدمان لتدس تلك المادة السامة في مشروبها، وحينما شعرت أنها ستلقى بالتهلكة استدرجتها معها لتواجه ذئاب بشرية تنهش لحم جسدها، أفاقت على همسة منه
- رهف
رفعت عيناها الدامعتان لتغمغم بخوف
- ارجوك.

منعته من الاقتراب منها، تخشي أن تهتز صورته، اخبرتها فريال ان تخبره بحقيقة ما تحمله في صدرها، غمغمت بنبرة خفيضة
- صدقني كانت اختي، والله ربنا يعلم قد ايه كانت بالنسبالي، لكن معرفش ايه اللي غيرها وتشيل مني للدرجة دي وتأذيني، معملتلهاش حاجه للاسف
أعاد ندائه مرة أخرى ليضربها في مقتل
- رهف
هزت رأسها نافية عدة مرات لتشعر من بين سخطها انفاسه الحارة تلفح وجهها، امسك ذراعيها وهو يقول بنبرة حادة
- اسمعيني.

توقفت عن النشيج والبكاء، لتمسح دموعها بكف يدها ضاربة بأصول الإتيكيت في عرض الحائط، أبتسم نزار وهو يرى صغيرته ليقول
- الماضي راح بحال سبيله، نحن ولاد اليوم يارهف
نظرت الى عينيه والضعف يحتاجها، غمغمت بالم
- انت مسمعتش حكايتي يا نزار ومن حقي اقولك عشان تاخد قرار
صاح نافيًا بنبرة رخيمة
- وانا مابدي اسمع منك اي شي طالما انت غاصبة حالك لتحكي انا شايف قدي جاية عحالك لتحكي.

اتسعت عيناها زهولا مما يقوله لتمتم بنفي وهي على وشك البكاء للمرة الثانية
- نزار ارجوك، انا بمسك نفسي عشان منهارش
أبتسم نزار بجاذبية شديدة، شعرتها بضآلتها، هي أمامه طفلة، ما الذي تفعله بحق نفسها لتلك الدرجة؟!، غمغم بهدوء
- شو حكيتلك انا؟خلصنا مارح اسمع منك شي الا لما تكوني حابة انك تحكيلي، بدي ياك تقربي مني وتعرفيني وتوثقي فيني
ابتسمت بنعومة شديدة لتهمس بنبرة خجولة
- انا واثقة فيك يا نزار.

ابتسم برضى كون وجنتيها اشتعلت بالحمرة، ليغمغم
- اممم طيب اثبتيلي
عبست مفكرة قليلا، لتهتف بجدية
- مقولتش انك عايز كتب كتاب، حتى انت ممهدتش الموضوع بدل ما يبقي شكلي وحش للدرجة دي قدام عيلتك وعيلتي
غمغم بنبرة عابسة وهو يضيق بعينه بغموض
- يعني بدك تزعليني يارهف
هزت رأسها نافية لتهمس
- لكن، الدراسة
قاطعها بنبرته الشامية الرخيمة، لهجته تلك تفعل بقلبها الأفاعيل.

- صدقيني يا رهف ماراح خلي اي شي ياثر ع دراستك ووعد شرف مني انو عرسنا بعد ماتخلصي جامعتك منيح هيك
هل سينتظر لعامان؟ عامان حتى يتزوجا؟، أجلت حلقها وهي تغمغم بتخوف
- طيب مش المدة طويلة يا نزار، انا خايفة تمل
اتسعت عينا نزار وهو يشملها بنظرة حارة، هو يفضل عذاب سنتين وتكون امرأته على ورق بدلا من مجرد خطبة لن يقدر أن يأخذ راحته كما يجب، تمتم بحرارة اخجلتها.

- شو ملل؟، ماامل لك انا ماصدقت قرب منك اصبري عليي لخليك تعرفي قدي بحبك وقدي مشتقلك وقدي قليل الادب متل ما بتقولي، بس طبعا مابضر يكون في تصبيرة هيك ولا هيك يا كنافتي
اتسعت عيناها وخجل للكلمة الأخيرة التي قالها بعفوية كنافته ، هل هو يحب الطعام لتلك الدرجة أم لكونها تحب الكنافة قالها؟!، غمغمت بتوبيخ
- نزار
غمغم بنبرة خشنة وهو يقاطع توبيخها اللذيذ.

- اسكتي ها مابكفي بدك تجيبي للبيت عنا البنت مابتجيب شي ولا بتعذب حالها هي بتطلب ونحن بنفذ
رفرفت رهف اهدابها لعدة مرات وهي تتذكر التضارب الثاني أو الخلاف الذي وقع، حسب عاداتهم فالعريس مكفل تلبية احتياجات العروس والعروس فقط تأتي بثيابها كما قالها ذلك الوقح رغم أن ما تراه في عينيه حينما اختص ثيابها اعطاها غمزة وقحة جعلتها تنهره بشدة وهي تنكس برأسها ارضًا، عقدت ذراعيها على صدرها لتمتم.

- يا نزار انا اجيب ايه طيب
أجاب بابتسامة ساحرة ونبرة تكاد تفقد صوابها
- انت اطلبي واتمني ياروحي، عقولتنا اذا بدك لبن العصفور بجبلك ياه
صاحت بنفي تام شديد قائلة وهي تحاول التخلص من تورد وجنتيها الذي يعوقها عن التمثيل بجدية امامه
- عندنا لازم العروسة تشارك في الجهاز، عاداتنا تساعد العريس وتخفف عليهم
هم بمقاطعتها، لتتابع بهدوء وهي تستميل عقله.

- انا نفسي اجرب الشعور ده، اني انزل واجيب حاجات احطها لبيتي، زي ما بسمع من المسلسلات وبنات من الكلية
زفر نزار بحرارة ورغم امتعاضه لذلك الامر لكن لم يقم سوى بالاتفاق مع وقاص بتخصيص مبلغ معقول لجلب مقتنياتها وتضع صغيرته لمساتها الانثوية كما ترغب في منزلهما، تمتم بنفاذ صبر
- بس متل ماقولتلك اكتر من المبلغ يلي حكينا عنه استرجي تحطي
عبست ملامحها وهي تري الشرر المتلون في حدقتيه لتهمس بحنق طفولي.

- نزار انت بتحاصرني من كل حته
ابتسم وابتسامته بعثرتها
شتت من تفكيرها
وصوته الدافئ نخر عظامها
واعترافه بالحب أسقط حصنها الأخير في ارض المعركة
- لاني بحبك، ورح اثبتلك قدي بحبك لحتى خليك تحسي انا وياك روح وحدة
همت بالرد عليه، لكن تورد وجنتيها واشاحة عينيها وابتسامتها الخجولة كان اكثر من اجابة كافية له في الوقت الحالي، انتبها على نقر باب المكتب وصوت فريال المشاكس التي مدت برأسها لتنظر اليهما.

- خلاص كده يا عشاق، يلا
اومات رهف مطمئنة وهي ترسل رسائل مطمئنة لسؤال فريال المتلهف، اتسعت ابتسامة فريال لتسبقهما وهي تبشر قرصانها وبنات خالها..
تقدمت رهف مرة اخري نحوهم وهي تراقب نظراتهم المتسائلة، وقعت عيناها على نضال المتحفز للاطمئنان عليها، لكن عيناها وتورد وجنتيها جعله يعلم باجابتها حينما سألها وقاص بهدوء
- ها يا رهف قوللنا ايه ردك على طلب الأستاذ نزار.

نظرت بطرف عينيها نحو نزار المتحفز لاجابتها لتنكس براسها وهي تجيب بخجل
- انا موافقة
حينها صدح صوت جيهان وهي تزغرد بعلو صوتها ولا اجدعها فتاة شعبية، ضيقت جيهان عيناها لتغمغم بحنق
- ما تزغرطي انتي وهي.

انفجرت فريال وشادية ضاحكتين، لتقترب اسرار معانقة رهف بحنو بالغ وهي تبارك لها وتمني لها السعادة، تقدم نضال بعدها وهو يضم وجهها بكفيه ليميل مقبلا رأسها بدفء جعلها تبتسم له باتساع وهي تشدد على سترته، انهالت بعدها المباركات كلا من جيجي وشادية وفرح ثم خالة نزار وحماتها لتقع بعدها بين ذراعي شقيقها وقاص الذي ضمها اليه بقوة إلى صدره ليقول.

- الخطوبة هتكون بعد امتحانات نص السنة كلها اللي هي بعد شهر باذن الله، وان شاء الله الفرح زي ما اتفقنا بعد آخر سنة
نظر نزار بتحسر شديد وهي تنتقل بين أحضان الجميع وهو حتى الآن محظور عليه عناقه
لكن صبرا
كنافته الهشة، ستصبح بين ذراعيه ولا فكاك للهرب منه.

خطبة شادية ولؤي،
خرج من قاعة المليئة بالصخب، ناشدًا بالهدوء الذي يتغلف سكون الليل، استل سيجارة من جيب سترته ليشعلها وهو ينظر إلى البدر المكتمل في منتصف الشهر، ظل يدخن سيجارته وهو ينظر الى مدخل الفيلا المليئة بالسيارات الحديثة ابتسم بسخرية وهو يفكر، لما الجميع يحتفلون لكارثة هزلية تحدث بجميع المقاييس.

فوالد العروس لم يخفي امتعاضه وغضبه وهو يحدج العريس بنظرات قاتمة، حتى اهل العريس بدوت ساخطين لدرجة أثارت في نفسه الضحك..
الجميع يباركون بمودة زائفة وابتسامة صفراء، وغضوا أبصارهم عن الحقيقة المُرة، هز رأسه بيأس شديد وهو يدعس عقب سيجارته بحذائه الأسود اللامع
ارهفت اذناه السمع لصوت طرقات حذاء كعب عالي يخرج من القاعة، ضيق عيناه نحو المرأة الراكضة خارج القصر وكان هناك أشباح على وشك الانقضاض عليها..

اتسعت عيناه دهشة وهو يرى ركضها يتجه نحوه تحديدا، او هو الذي اعاق طريقها عن الخروج من ذلك القصر
تبدو كجنية خرجت من اساطير الخرافات والحكايات، شعرها الليلي يتطاير بفعل نسيم الليل، ثوبها الملكي وضخامته يعوق حركة جسدها للتحرك بحرية، تزداد قربا منه وهو يقف امامها يضيق عيناه لرؤية وجهها تحديدا عيناها وشفتيها.

لا يعلم ما يراوده تلك اللحظة؟!، اهو الملل ام فضول لمعرفة تلك السندريلا الخارجة من قاعة الاحتفال في الثانية عشر منتصف الليل، جذبها فجأة من ساعدها لترتد خطوة للخلف وصوت نشيجها الخافت يصله، تلك القشعريرة التي سرت في جسده جراء لمسها أصعقته، غمغم بنبرة رخيمة
-انتى كويسة يا انسه؟

رفعت عيناها التي وصفها بذباحتين، وارتعاشة شفتيها جعله يهبط قليلا ليرى اكتنازهما المغري، واخر شي توقعه هو أن تسقط السندريلا بين أحضانه مشددة العناق حول رقبته!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة