قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع

حينما وجد من اعادة ترتيب الملابس التي وصلت خصيصا البارحة وقفت تنظر من على بعد نحو نافذة المعروضات، ابتسامة حزينة تزين شفتيها وقلبها يذهب نحو حبيب القلب لؤي، فقط تريد أن تعلم لما ابتعد عنها لتلك الدرجة، يتحاشى وجودها وأصبح دائم السفر وكأنه، وكأنه لا يطيق وجودها في المنزل، ربما لأنها فرضت عليهما، فالنهاية والدتها تركتها في كنف عائلتها والتفتت إلى حياتها، أما عمتها جميلة التي تعتبرها أمها ف أفنت عمرها في تربيتها وجدها هو صخرتها التي تستند عليها في الحياة، فهما من رباها حتى اصبحت على ما هي عليه الآن.

حينما قررت أن تسلك اتجاه اخر بعيد عن الاضواء والمكاتب، قررت أن تفتح متجر خاص للنساء، ف الالوان والموضة هو الشيء الوحيد الذي تبرع فيه، تحب دائما أن تكون انيقة وجميلة في أعين الرجال، إن كان الحبيب لا يراها فالمشكلة عنده وليست بها لانها تعلم انها تستطيع أن تسحر اي رجل ليس غرور منها لكن ثقة، ثقتها بانوثتها لا يمكن التشكك فيه لكن لؤي يخرب لها كل موازين حساباتها، انتبهت على وجود زبونة شابة تدلف للمتجر لتشير بعينيها نحو الموظفة بأن تهتم بشيء آخر وهي من ستهتم بمساعدتها.

ابتسامة ناعمة زينت ثغر وجد وهي تقول بعملية مشوبة برقة
- مساء الخير نورتي
وكأن المرأة وجدت ضالتها لتتشبث بها بجنون غريب أثار في نفس وجد، تمتمت المرأة قائلة
- وجد؟ وجد المالكى مش كدا؟
هزت وجد رأسها بحذر شديد وعينيها مترقبتين لما سيحدث بعد اجابتها، اتسعت عينا المرأة بذهول وهي تمتم
- مش انتي اللي سلمتي خطيبك لحبيبته في حفلة خطوبتك
هزت رأسها لثاني مرة وهي تهتف ببعض الحذر
- ايوا انا.

أفلتت المرأة يدها من ذراع وجد لتنكمش وجد وهي تنظر الى شخص يقدر على مساعدتها، ليست مستعدة هي لتشرح شيء كان من الماضي، انتبهت على صوت المرأة
- لما سمعت الكلام من النادى مصدقتش، قولت لازم اتأكد، بجد ابهرتيني
استمرت المرأة تثرثر وقد تملكها ألم في الرأس من كثرة ثرثرتها، همت بالاستئذان لكن سرعان ما ارتسمت ابتسامة ناعمة حينما ابصرت وسيم يتجه نحو المرأة قائلا بصوته الجذاب القادر على سرقة عقول النساء.

- اقدر اخدمك يا انسه؟
رفرفت المرأة عيناها، من كان يصدق ان تري فردين يعتبر من أهم أقطاب عائلة المالكي، وسيم هنا بذاته يبتسم امامها بجاذبية وبل ترك جميع النساء في المتجر واهتم بها، صديقاتها سيصبن بالجنون حينما يعلمن أنها رأته شخصيا، بل ستطالبه باخذ صورة معه كي تغيظ صديقاتها
- وسيييم؟
هز وسيم رأسه وهو يقول بابتسامة رائقة
- عايزة اقولك في شوية pieces جت مخصوص من إيطاليا، تحبي تشوفيهم.

هزت المرأة رأسها عدة مرات وهي تتوجه معه نحو احدى الاركان التي أشار إليها بيده
- واقدر اقول لأ
غمز وسيم نحو ابنة عمه بشقاوة ليلتفت نحو المرأة قائلا
- منا هنا يا انسه، ومش عايزك تقلقي انتى جيتى للمكان الصح.

راقبت وجد تصرفات وسيم وهو يعرض عليها قطع الملابس، كانت ملامحه مسترخية للغاية وهو يحدث نحو المرأة التي تنظر نحوه بوله، تقسم ان المرأة تطيل في حديثها معه وهي متمسكة كي لا يهرب منها ويذهب إلى نساء أخريات، ترى من هي ذات الحظ التعس الذي ستتزوج بذلك الصنم، لا تعلم لما جدها حتى الان لما لم يقوم بالتشدد عليه، بل هي اقرب سنا له للزواج به بدلا من عاصي، ابتسمت باقتضاب شديد وهي تقول، عمتك هي التي قالت وليس جدك، لذا لا تلوميه، ففارق العمر بينهما فوق ١٥ عاما، له الحق أن يراها صغيرة.

لا تعلم متى اقتربت هي من وسيم الذي تنهد زافرا بحرار لكن علامات وجهه مصطنعة وليست حقيقة، تلك الضحكة المزيفة ليست بضحكته ولكن كيف سترى المراة ذلك وهي عمياء عن كل شيء فقط اسرها المظهر الخارجي به ووضعه المادي، بالطبع يحتاج لإمرأة مميزة لكن فقط يتوقف عن البحث في الخارج وسيجد واحدة، لكن كيف وذلك اليابس رفع شعار عازب للابد.

كانت المرأة كالعلقة لا تريد تركه ينعم بالراحة ولو لدقيقة، يكفي مزاجه العكر منذ ليلة البارحة بل وما عظم من غضبه جارته الصغيرة ذو الخصلات الوردية والله اعلم ماذا ستسكب لون على رأسها اخر الاسبوع، وحينما اراد الذهاب الى ابنة عمه وجدها تريد اللوذ بالفرار من تلك العلكة، المرأة ثرثارة من درجة أولي لا يتذكر كم صورة التقطها معها حتى ارتضت اخيرا بوضعية اعجبتها، لكن كل شيء يهون إن كان سيظهر وسيما بقناعه الذهبي الذي يظهره للناس ويخفي مشاعره الحقيقة عن أعين الجميع الا ان وجد أحست به، تنهد راسما ابتسامة حلوة مزيفة وقال.

- اتمنى اشوفك مرة تانية يا انسة شاهندا
هزت المدعوة شاهندا رأسها وهي تتناول الحقيبة البلاستيكية منه قائلة
- اكيد يا وسيم هنتقابل
ما ان ودعها وسيم بابتسامة من الاذن للاذن وودع العاملات في المتجر، سحب ذراع وجد ودلف بها إلى حجرة مكتبها، انغلقت تعابير وجهه واسودت عينيه قتامة وذكري الصباح لا يقدر على نسيانها.

إلى أي وضع تجرأت تلك الفأرة الصغيرة لتخرج من البيت بملابس عارية، ابتسم ساخرا منذ أن رآها بفستانها الابيض العاري في حفلة خطبة شقيقها حتى اندلع حريق في داخله لا يخمد، انتبه على صوت وجد الحانق
- هي الناس مش هتنسي ولا ايه؟ الموضوع بقاله ٣ شهور
هز وسيم رأسه بلا مبالاة وقال
- سيبك منهم، ما بيصدقوا يلاقوا حاجه يحكوا عنها
ثم ضيق عينيه وهو ينظر الى ابنه عمه، غمغم متسائلا بتعجب.

- قوليلي بقي مالك؟ انتى ولؤى فيه ايه اللي بينكم
هل هو لاحظ ايضا؟ هزت رأسها وقالت بنفي تام
- ولا حاجه، ولا حاجه يا وسيم
رأت نظرة عدم التصديق في عينيه، لكن ماذا تقول له انها لا تعلم ما الذي حدث له ليتبدل لرجل آخر لا تعلمه، انهارت على مقعدها وهي تمتم بألم
- هو انا مش من حقى احب واتحب؟
- طبعا.

اطبق وسيم على شفتيه بعد إجابته المقتضبة، هل في كل حديث يتناوله مع أي شخص يتجه إلى نحو عاطفي دائما، كل ذلك بسبب المخرج الغبي ومعد البرامج، بل هو الغبي الأحمق الذي وافق على أن يذيع كلام هو حتى الان يستنكره، هو فقط على بضعة خطوات من تلك الفتاة الغامضة، ويا ويلها ان وقعت تحت قبضته، انتبه على صوت اشعار رسالة من هاتفه ليفتحها وهو يري رسالة شامته الاربعون من جيهان، جز على اسنانه حتى وقت يحاول فيها النسيان تأتي هي تذكره..

لم ينتبه لملامح الألم والحزن الذي غمر وجد وهي على شفا حرف من الانهيار في البكاء
- طب ليه صعب ان حد يحبني، هل انا وحشة للدرجة دي انى متحبش
اغلق وسيم هاتفه وهو ينتفض قائما ليقترب من مقعد وجد وهو يميل برأسه هامسا
- انتى اجمل بنت في العيلة
ابتسمت نحوه بامتنان لتهمس
- طب ليه الحب صعب عليا؟ ليه صعب يا وسيم
غمغم وسيم وهو للحظة يلعن لؤي على تفريط فتاة مثل وجد.

- مش كل حاجه بنفتكرها خير لينا يا وجد، مين عارف مش ممكن يكون الحب ده مسموم
اصابها كلامه في مقتل، أيعقل أنه حب مسموم؟، كل المؤشرات تشير إليها، ازدردت ريقها بتوتر شديد وهي تغيرمجرى الحديث حتى لا تصيب بسهام وسيم التي تطعن قلبها ويقتل الأمل في ذاتها
- مسموم؟!، لا مش وقتك خالص، كفاية فضيحتك امبارح
تمتم بوعيد شديد
- اوصلها بس
ابتسمت وجد وهي تغمغم بشقاوة
- عندك عداوة كبيرة مع البنات للاسف.

زفر بحدة وهو يخلل بأنامله خصلات شعره، ليتمتم بحدة
- عرفتي ليه مش بحب اتورط مع بنات البلد، مالهم الاجنبيات متفتحين اكتر ودراميتهم أقل
انفجرت وجد ضاحكة وهي تمتم بعفوية
- واضح ان فيه واحدة من بنت البلد شايلة منك كتير.

عبست ملامح وسيم للحظات وهو يفكر متى صادق من نساء أهل بلده، بل من هي التي تكن داخلها حقدا له، كل السهام تشير إلى امراة واحدة فقط، كاد ان يتحدث الا ان صوت اشعار من هاتفه جعله يقسم لو كانت تلك الحمقاء هي لانفجر يصب كل غضبه في وجهها، اتسعت عيناه وهو يرى منظم سباق السيارات يخرج لائحة بأسماء المتسابقين ومن ضمنهم صاحبة الخصلات الملونة، اعتصر الهاتف بقبضة يده ليقول بنبرة متسرعة.

- صح نسيت ما اقولك لؤى راجع من السفر بكرا، مضطر امشي بقي ورايا حاجه مهمه الحقها
استقامت وجد وهي تحاول أن تواكب ساقيه السرعتين لتقول
- فيه حاجه حصلت؟
لم يعطيها ردا بل اختفى من أمامها كالزيبق، تنهدت باستسلام وهي تعود إلى غرفتها تغلق الباب خلفها لتستند عليه بظهرها هامسه
- ياترى هتتجاهلني لحد امتي؟
سؤال ألقته، لكن الإجابة لن تعلمها سوى من صاحبه.

ارتسمت رهف ابتسامة مشرقة على وجهها حينما اجتمعت مع فريال زوجة شقيقها وابنة خال فريال جيهان، تبقي فقط وجود شادية التي اعتذرت بسبب عملها وفرح زوجة أخيها نضال التي اختفت عن الأنظار بعد حفلة زفاف شقيق جيهان وشادية، لكن ليس مهما يكفي وجود فريال التي تبتسم باشراق وهي تخبرهم بانها حامل وتأكدت اليوم حينما ذهبت للطبيب، لا تصدق انها ستصبح عمة لطفل صغير جدا وتعتني به وتدلله كثيرا ستدلله حتى الفساد، ستطهو له الكثير من الطعام ولن يعترض أو يشكو منه كما يفعل الطباخ العظيم معها، ابتسمت بخجل حينما تذكرت حديثهم في الجامعة بل وحرصه كل صباح على جلب علبة طعام يعدها خصيصا لها، لقد لمس هذا الرجل شغاف قلبها المعطوب وحرص على أن يداويها بعنايته الخاصة الشامية، انتبهت على صوت جيهان التي كانت تصفق بمرح.

- متعرفيش قد ايه انا متحمسة عشان ابقى خالتو
ابتسمت رهف بخجلها الفطري لتقول بهمس خافت
- وانا هكون عمتو
انفجرت فريال ضاحكة لتربت على بطنها وهي تنظر بحنين وشوق لتشعر بوجود الطفل وتستمع إلى نبضات قلبه، تنتظر فقط وصول زوجها لتفاجئه بطريقتها الخاصة عن خبر حملها الذي انتظرته بصبر، تمتمت برقة
- وانا هبقى ماما
عبثت جيهان بخصلات شعرها وهي تقترب من ابنة عمتها لتحتضنها قائلة بمشاكسة.

- فريال وماما؟! الله يستر من البنت
وبختها فريال وهي تنظر اليها بعبوس شديد
- بطلى قلة ادب يا جيجي، سواء بنت او ولد انا هقدر اسعده
لم تسلم فريال من مشاكسات جيهان الوقحة لتتدخل رهف قائلة
- هتبقى أعظم مامى يا فريال
وافقتها جيهان على الفور وهي تنظر بتأثر إلى ابنة عمتها التي حظت برجل رائع مثل وقاص، هي تحملت كثيرا وصبرت حتى جاءها الرجل الذي أعاد فريال إلى بهاءها من جديد
- اكيد.

استقامت رهف من مقعدها لتهتف بحماس شديد
- هقوم اعمل كب كيك بالمناسبة دي، استنوني
هزت فريال راسها بموافقة، لتلتفت إلى ابنة خالها التي تبتسم بزيف والتأثر طغي على ملامحها، امسكت فريال بكف جيهان لتربت عليها قائلة
- عملتى ايه لابن الجيران
تحدثت بسخرية قائلة
- عملت ايه؟، ولا حاجه.

تغضنت ملامح جيهان وبدأت الدموع تزحف تدريجيا الى مقلتيها، لا تعلم اي غباء هي صنعته لتتحدث معه على برنامجها الإذاعي، أرادته أن يشعر، أن يحس ذلك البارد صاحب العيون الباردة، انتبهت على صوت فريال الموبخ
- تقومي تكشفى نفسك قدامه يا جيهان؟، للدرجة دي ميؤوسة انه يلاحظك.

وماذا ستفعل حينما تخبرها انها تبعث له رسالة كل خمس دقائق ضبطتها على تطبيق الرسائل تخبره بمدى فرحها وشماتتها به، تعرف انها تكشف نفسها أمامه، لكن ماذا عساها تفعل؟!

قلبها الضعيف هذا يخبرها اعطيه فرصة اخيرة، اظهري على حقيقتك أمامه، إن كان يراك طفلة كوني أنثى أمامه، إن رأيته يهتم باجساد العارضات الأجنبيات كوني انتي الأخرى عارضة أزياء، اذا رأته يحب الشعر الاشقر اصبغي شعرك كل يوم لون بعيدا عن الاشقر حتى تريه انك بإمكانك أن تسعديه لكن...!

العقل تمرد وثار وبدأ يعلن العصيان للقلب الذي تحطم، حسنا اذا لم يكن يراها انثى فالرجال الذين يتابعونها على صفحات التواصل الاجتماعي يرونها امرأة جذابة بل ساحقة، مدمرة، وإن كانت تصبغ خصلات شعرها لالوان عجيبة فأعجبها الأمر رغم أن مصفف الشعر أمرها بالتوقف عن الصبغ حتى يقدر على علاج شعرها قررت الاتجاه إلى الصبغ بالمكونات الطبيعية، رغم تأثيره ضعيفا بعض الشيء ويزال بسهولة لكن افضل من لا شيء، وعملها كعارضة هي سعيدة جدا، جدا جدا، حتى رحلات السفاري التي تقوم بها كل سنة وتجعل متابعيها يشاركونها وتجعلهم يعيشون تجربتها خلف الشاشات كل هذا استطاعت أن تحققه وهو، منشغل مع نسائه الشقراوات!

زفرت بحدة وهي تغمغم ببرود
- فقدت اعصابي تمام معاكي حق، بس كان لازم اطوي الصفحة دي، وسيم حساه بيقرب مني يا فريال، انا حاسة بدا لكن بعد كدا بيبعد وانا تعبت من قربه الغريب وبعده اللي اتعودت عليه.

لعنت لسانها الذي خانها في لحظة يأس كما يفعل قلبها الذي يستميل بضعف نحو اهتمامه وغضبه وغيرته التي لا تعلم مسماها، لقد رأته بأم عينيها عينيه التي تقدحان شررا حينما جذبها واختلى بها في منطقة بعيدة عن أعين الجميع ليوبخها كطفلة صغيرة لكن عينيه كانت متوهجة رغم نبرته الحانقة، عيناه تخونه وهو ينظر إلى ثوبها ثم يزيد من جم غضبه، نفضت تلك الذكرى البعيدة نسبيا حتى لا تضعف، ضعفها الانثوي امامه كاد ان يفضحها تلك الليلة لكنها تحمد ربها انها تداركت نفسها اخيرا..

غيرت دفة الحديث وقالت متسائلة
- فين فرح من وقت فرح ماهر اختفت
انقلبت تعابير وجه فريال للاسي، لم تكن تظن ان ستكون ردة فعله عنيفة لتلك الدرجة، يعلم الله انها تدخلت بين فرح ونضال حتى تقدر على إسعادهم، تمتمت بأسى وهي تتذكر انهيار فرح في مكالمتها الاخيرة ليلة أمس، تشكو منها من قسوة كلماته، و ابتعاده التام عنها
- فرح مبقتش فرح، نضال بيموتها بالبطيء يا جيهان
تراقص الشرر في مقلتي جيهان لتنفجر هادرة بعنف.

- طب وهي مبتبعدش ليه، ليه ضعيفة للدرجة دي لطاما هو مش عايزها تسيبه
نظرت اليها فريال نظرة ذات مغزى جعل جيهان ترتبك وتغادر ساحة قتالها متقهقرة، غمغمت فريال وهي تختصها بنظرة تعلمها
- لو كان سهل ان احنا ندوس على قلبنا ونموت كنا عملنا كدا، مش كدا ولا ايه يا جيهان
تبرمت شفتي جيهان وهي تمتم بحدة
- دي مجنونة
- زيك
ردت فريال ببرود مماثل لتزم جيهان شفتيها بحنق، لتستمع إلى همس فريال المرتعب.

- وقاص ساكت معرفش بيفكر في ايه، اتمني انه ينقذ فرح من جنان اخوه
جبناء، ضعفاء، عديمي المشاعر، صاحت بها جيهان سرا وهي تلعن كل رجل سبب جرح في امراة، ما الذي يجعلهم يرتعبون لتلك الدرجة من مسمى الحب؟!
تساءلت بحيرة شديدة وهي تمسد عنقها المتشنج وران الصمت بينهما لكن ما في الداخل تساؤلات كثيرة ومشاعر جمة ما بين قلق، وحزن، وغضب، وحيرة، ندم، وكل ذلك بسبب داء العشق!

ليس ذنبه أن طوال عمره عاش وحيدا منبوذ من جميع أفراد عائلته، يهتم الآن بمن قربه، شيء صعب عليه وكأن روحه تبلغ للحلقوم، هز نضال رأسه بأسي وهو يشرد في دخان سيجارته، عينيه منطفئتين عن الحياة، إن كانت تلك الماكرة تبكي فهو من الداخل تحطم
ببساطة انطفىء
لا يوجد شيء يدفعه للاستمرار في الحياة
ماذا يفعل الآن؟!
هل يخنق المسماة بفرح، هل يرونه لتلك الدرجة مريض لأنه غير متقبلا وجود فرح الكامل.

يعلم أنه يؤذيها بالكلام، لكن ماذا عساه أن يقول وهو يرى تلك القطة التي التقطها وراعها داخل منزله أصبحت تحيك أشياء من خلف ظهره وتطعن ظهره من الخلف.

تذهب من خلفه لبيت أخيه الغير شقيق وتتخذ زوجة أخيه منصحة لها حتى تقدر على أن توقعه في شباكها، وقاص حامي عائلة الغانم وما زال حامي عائلته حتى بموت احد منهما، ابتسم بسخرية وهو كان مراقب صامتا، متفاني لعائلته التي لم تعطيه حسنة واحدة منذ ان سحب من أحضان والدته وزرع بقسوة في أرض جرداء يعيش مع نباتات الشائكة، دس عقب السيجارة في المنفضة وأشعل آخري ليسحب نفسا عميقا وهو يخرج الدخان الأبيض الكثيف من أنفه...

لتاتي نساءه السابقات الان ويرون حالته البائسة وهو غير قادرًا على أن يؤذي المسمى بفرح جسديًا لكنه يدمرها نفسيا حتى تعود تلك القطة مطيعة مرة اخري ولا تتطلع إلى حبه مرة اخرى..
بالله هو اخبرها منذ ان تزوجها لأجل صغيرته شمس، اخبرها ان لا تطمع به، ولا تعبث به، لكن ماذا فعلت؟!، هل رضخت اليه؟!
لا لم تفعل، لذا سيظل يقسو ويؤذي نفسه، انتبه فجأة على صوت صغيرته تناديه برقتها وحلاوتها
- با، با.

راها تلمس قدميه ليرتسم ابتسامة متشنجة وهو يداعب وجنتيها قبل أن ينتبه انه في غرفته المشبعة برائحة التبغ سارع فجأة بدس السيجارة في المنفضة وفتح الشرفة وهو يجذبها إلى للشرفة لتستنشق الهواء النقي، حملها على ذراعيه والصغيرة تعلقت معه بكل روعة وهي تضع رأسها على صدره، تأوه نضال وهو يمسح على ظهرها، يطلب منها ان تؤازره لا ان تقسو عليه حينما ينضج، فيكفيه هجرا وعذابا ونبذا، يقسم ان نضجت تلك الصغيرة وتحاشت عنه ونبذته سيموت، فهي الوحيدة القادرة على بقائه حيا في تلك الحياة.

غمغم نضال بألم من أعماق حطامه
- يا روح بابا يا شمس الغانم
الصغيرة كانت تهمس بكلمات لم ينتبه عليها وهو في خضم زخم أفكاره البشعة، كانت الصغيرة تربت على صدره ويدها الاخرى تتعلق بعنقه بتشبث رافضة ان تبتعد عنه، همس نضال بجزع
- صدقيني خايف انى مبقاش قد المسؤولية، خايف انك تكرهيني لما تكبري وتشوفي اني وحش، لكن انا مش وحش زي ما هما شايفيني يا شمس، انا تعبان حاسس اني بموت كل يوم.

معها يكون على طبيعته مثل ابنه عمه أسرار التي أصبحت الان تراعي زوجها، معها يتخلى عن رداء سخريته، معها يصبح أمامه ذلك الطفل الصغير الذي جذبه والده واغراه بمظهر القصر الضخم الذي يعيش فيه، كونه صغيرا وقتها اغراه الثراء واصبح يقارن بين ملابسه الرثة وبين ما سيصبح عليه بعد ان يعيش بين عائلة جديدة كما أخبره والده ليتفاجأ وقتها بصوت زوجة ابيه الانيقة تصيح هادرة وهي تضم ابنها وابنتها.

- انت مجنون، جايبلي ولد من الشارع وتقولى اربيه لا يمكن ده يدخل بيتي، روح رجعه مكان ما جيبته.

دمعة تسللت رغما عنه لتخرج من مقلتيه، لماذا يريدون منه أن يعود إلى الحياة مرة أخرى ولقد قتلوه بسكين حاد ليعيش في غرفة رغم انها نظيفة الا انها غرفة خانقة لوحدته، لم يحاول أحد ان يقترب منه حتى أخويه من جهة الأب تحاشوا وابتعدوا عنه إلا ابنة عمه التي اقتربت منه بكل لطف ورقة، تهون عليه من كلمات زوجه ابيه السامة، تذكر حينما استمع إلى محادثة بالصدفة بين والده وزوجته وهي تصرخ وقتها هادرة في وجه زوجها.

- عايزني اعامله نفس ما بعامل ولادي ليه، ابني ورميته في الشارع زي ما عملت، مهيب انت جبته من واحدة رخيصة يبقي انت تتصرف معاه انا مليش دعوة بيه، مش كفاية كلام الناس ليا وهما بيقولوا ان جوزك خانك وشاف واحدة قذرة بتبيع جسمها عشان شوية فلوس، انا ألفت بنت الحسب والنسب تحطني في موقف زي دا، صدقني عمري ما هنسهالك ابدا.

كل ذلك كان قاسيا لقلبه المتعطش للحب ليتركوه وحيدا دون احد خلفه أو سيهتم به إن مرض أو اصاب، ابتسم بحسرة وهو يتذكر كلمات ألفت زوجه ابيه بل الكلمات اصبحت تتردد في عقله كثيرة، كسم خبيث يتوغل في جسده يريد القضاء عليه
- فلوسي مش هتتصرف على الولد ده، لا يمكن يبقي زي عيالى رجعه مكان ما جبته او ارميه لأي ميتم.

أغمض جفنيه وهو يحاول ان يتناسى كلمات زوجه ابيه، يبعدها بقسوة كأنه شبح مخيف يطارده في أحلامه، اختل توازنه للحظة وهو يحاول أن يخرس تلك الأصوات اللعينة التي تزداد بكل ضراوة و تهاجمه من كل حدب وصوب.

كانت فرح تبحث عن شمس الصغيرة التي ذهبت الى ابيها، تعلم أن وجودها محرم في غرفة نضال لذا الأسلم لها أن تتحاشى وتبتعد عنه، لكن تأخر رجوع تلك الصغيرة جعلها تخشى أن أصابها أذى، دلفت حجرة النوم وهي تسعل من رائحه التبغ التي ملأت الغرفة، الاضاءة كانت معتمة وعدم وجود حركة في الغرفة جعلها تعود لملاذ غرفتها الأمن إلا أن حركة في الشرفة جذب انتباهها، تسحبت وهي تسير دون ان تصدر صوتا، اتسعت عيناها بهلع حينما شعرت ان الصغيرة ستسقط على الأرض وهو غير واعي لما يفعله، بسرعة اتجهت تسحب الصغيرة تضمها إلى حضنها مما جعل شمس تبكي بذعر من قوة شد فرح لها، حاولت تهدئتها وهي تسمي كثيرا تمرر اصابعها بحنان على الصغيرة التي خفت بكاءها وعيناها تنظر إلى نضال، اقتربت منه بحذر وهي تراه يترنح أمامها لتهمس بضعف.

- نضال، نضال، ارجوك متوجعش قلبي عليك
بيدها حاملة شمس والثانية تهز نضال بقوة وهي تصرخ في وجهه بخوف
- نضاااال
نظر نضال نحوها بتشوش ليبتسم بشرود بأعين زائغة، وعقله بين غياهب الماضي، يرى أسرار تنتشله دائما من أحزانه، وها هو الآن سمعها تنادي اسمه باستغاثة، تمتم بنبرة مهتزة قبل أن يخر ساقطا
- أسرار
اتسعت اعين فرح جحوظا وهو يطعنها الطعنة الاخيرة لفؤادها
من بين الجميع نداها، حبيبة قلبه!

ماتت فرح وسقط نضال غائبا عن الوعي.

من منا لم يجرح من أحد
تنظر إليه ب وداعة وهو يطعنك بكل خسة ودناءة منه
ثم ماذا...؟!
القلب يخبرك إن كنت ستموت بين ذراعيه ابتسم في وجهه
فقد نلت شرفا كبيرا انك ستموت بين ذراعيه ويكون هو آخر من رأته عينيك.
النيران هائجة لا تخمد، براكين مشتعلة تخرج حممها اللاهبة دون الاكتراث بما تقابله في طريقها...

فالنيران التي بأحشائها لم تندلع هباء، بل كانت تراكمات، ظلت تتحامل على قلبها الهش الذي لم يتحمل ثقل الاحزان على قلبها حتى فاض ما بها.
رأته يسقط أرضا امامها وهي حاملة ابنته، تقسم أنها لم تقدر ان تجمع شتات نفسها وهي تختبر ذلك الموقف الرهيب لأول مرة، فما رأته وما سمعته يفوق تحملها، هي ليست جمادا حتى تتعامل مع الموقف بصلابة، وليست انسان إلى بلا شعور، لكن الأمر وصل بها للحافة.

وما بين السقوط دفعا أو تقدم ذاتا على فعلها
قررت أن تنتحر، الأمر يبدو منطقي في تلك اللحظة المجنونة.
ما يحفز ويساعد على زيادة تأجج تلك النيران العقل
يخبرها كفاك غباءا وانظري لمن حولك، الجميع يعيش بسعادة، وقاص أخيه، وتلك أسرار المدعوة ب ابنة عمه، وهي تعاقب على شيء صغير
كل ما فعلته أنها أخبرته أنها اتفقت مع أخيه وقاص لتعيده في صورة العائلة المهتزة.

لكن الغبي بدلا أن يصمت ويخبرها خير ما فعلت، كان هائجا وقتها...
- بدون كلام كتير قوليلي ايه اللي حصل من الأول.

كانت جملته تلك التي قصمت ظهر البعير، أخبرته حينما طلقها المرة الأولي وذهبت إلى بيت مشبوه، كانت تلك فكرتها الغبية لتستجدي اهتمامه ويعيدها إلى ذمته، لا أحد يسألها كيف فعلتي ذلك، يكفي أحشاءها التي تتمزق كلما تذكرت همسته المناجية لأسرار، ربتت على ظهر شمس الصغيرة وطبعت قبلة على جبينها بعد ليلة شاقة وبكاء حار جعلها بالكاد ترى أمامها، زفرت بحرارة وهي تدثرها جيدا قبل أن تخرج وهي تستعد لتخبرهم بقرارها الذي أخذته في تلك السويعات القصيرة.

خرجت الى الردهة لتتفاجأ بوجود المسماة بأسرار التي نهضت من مقعدها برشاقة قائلة بابتسامة متوترة
- الدكتور طمني عليه قالي مفيش قلق، بقاله فترة مكلش وشرب قهوة على الريق فدا اللي خلاه يفقد وعيه، مع الأدوية هيبقي كويس بكرا
- الحمدلله جت على قد كدا.

زفر وقاص متنهدا بحرارة وهو يحمد ربه ان الأمر لم يكن مقعدا كما استيقظ فزعا من اتصال فرح تبلغه من بين بكائها ان نضال سقط مغشيا عليه، وكون أن المسافة بينه وبين نضال بعيدة اتصل ب أسرار التي هي أقرب منه وأخبرها أنه اتصل بطبيب العائلة، تستطيع أن تسبقه وتطمئن زوجته المذعورة، لكن ما ان علم ان الامر تم تداركه وكاد أن يغادر إلا أن النظرة في عيني فرح ألجمته، جعلته يشعر أنه السبب في ذلك.

لم ينهي الجدال بينهما، وجعلها حتى في ابسط الامور تعتمد عليه، ماذا إن حدث لها شيء أو للصغيرة شمس وكان نضال في الخارج، لعن نفسه ولعن نضال وهو يرفع عينيه نحو فرح الواقفة أمامه بشحوب
تخبره انظر إلى ما فعله اخيك بي، لقد اخذني وردة متفتحة لكنه لم يرعاني ولم يسقيني، ما امامه هي بقايا فرح، وكأن الدنيا اخذتها على حين غرة تجذبها بحبال خانقة، ذابحة وحينما قررت العفو، غادر الروح!

نظرت أسرار إلى ساعة يدها التي تجاوزت الثانية، تعلم ان سراج في السيارة بالأسفل يكاد يخرج نيرانا من أنفه بعد أن كان بجوارها منذ قليل يطمئنها الطبيب على صحة نضال وما إن وجد وقاص أتى متأخرا حينما كاد الطبيب يغادر كون منزل وقاص في الجهة الأخرى من المدينة وقتها اخبرها سراج انه يوجد لديها خمس دقائق حتى يعودوا للمنزل، لكن ما جعلها تنسى وعيد سراج المبطن هو وجه فرح الذي لم تراه من فرح قريب فريال، تمتمت أسرار بتوجس.

- فرح
تجمعت دموع القهر والانهزام في مقلتيها، نظرت نحوها وهي تتأمل قامتها الرشيقة و ملابسها المحتشمة الكلاسيكة وعيناها الزرقاوان المتجذرة في أصول عائلة الغانم لكن يبدو ان نضال وشمس هما المستثنون من الصفة الوراثية تلك، تمتمت بسخرية
- تعرفي قبل ما يقع قدامي نده اسمك.

طفقت ملامح التوجس في وجه أسرار واللامبالاة من وقاص لثواني قبل أن ينظر نحوها باهتمام مشبوب بالتوجس من كلماتها القادمة، ابتسمت بمراره وهي تتأملها كليا قبل أن تتابع ببرود
- انا اللي اصريت اعيش في كهفه لمدة شهور قولت يمكن يرحمني شوية، يحس اني مهتمة بيه وببنته يجي يدبحني بالطريقة دي.

أصابها الادراك ل أسرار التي سبت نضال، هل ذلك الأحمق لم يخبرها ما هي قوة رابطتهم التي على أثرها يشتعل زوجها غيرة لكن ظنت أن فرح تعلم، لكن يبدو انها الطرف الاخر الذي كان يحترق بصمت، نظرت نحو وقاص الذي لمعت عيناه بتأثر ثم نظرت نحو فرح التي تبكي بصمت، اقتربت منها تهمس بهدوء
- فرح ارجوك متفقديش اعصابك، نضال.

سارعت فرح الابتعاد عن أسرار بنفور واضح جعل أسرار تحمر حرجا لكن نفضت ذلك الشعور الذي انتابها، فما أمامها أهم وأعظم من مشاعر سخيفة خصوصا ان الطرف أمامها يبدو أنه على وشك فقدان سيطرته!
صرخت فرح بعنف وهي تطيح بمزهرية أمامها
- نضال، كل الموضوع نضال، يعيني هو الابن اليتيم اللي كلنا لازم نستحمله ونخاف نزعله، وفرح، تتحرق مش مهم هي، المهم هو وبنته
كانت هي مجرد صفقة مثل أي صفقات خسيسة للطبقة الذهبية.

أشركوها في ذلك الأمر وأوهموها أنها ستظفر بنيل قلب العاصي
لكن العاصي، ما زال عاصيا!
انقبضت معالم وجه وقاص الذي نظر بنظرة ذات مغزى نحو أسرار يطالب منها الدعم لتهدئة تلك الصغيرة
- فرح
تمتمت أسرار بنعومة هادئة وما داخلها بركان هائج، ما ان يستفيق ذلك الغبي تقسم انها ستصفعه، ستفعلها عل تلك الصفعة هي عودته لرشده
- خليني اشرحلك يا فرح واضح انك مش مستوعبة الموضوع.

الدموع التي تكاد تكبحها لم تقدر على صدها أكثر، انهارت باكية وهي تهمس بتألم أصاب قلبيهما
- مين قالك يا اسرار هانم اني مش مستوعبة، فوقت، اه انا فوقت بس متأخر، جيت على نفسي كتير، كرامتي انا بنفسي شيلتها، حسيت باهتمامه بيا مش كدا يا وقاص باشا، بس لما كل واحد الاقي كل واحد فرحان في حياته وانا لسه متعذبة ليه، انا عملت ايه لكل دا، لما الكل بعد عنه وانا اللي واقفة في صفه يجي ينادي اسمك ليه.

صاحت صارخة في نهاية جملتها، الغيرة والغضب ما أن يجتمعا معا
فهي تودي بحياة حاملها ومن معه إلى السقوط والانهيار.
علا صوت أسرار الحازم وهي تمسكها بقوة من عضديها لتقول بحزم وهي تنظر الى عيني فرح بثبات شديد
- فرح، انا ونضال عانينا كتير في حياتنا واحنا الاتنين بنهتم ببعضنا، أنا وهو اخوات وسند لبعض.

صمت فرح والأجواء مازالت مشتعلة بجنون، تحاول فرح النظر إلى عينيها بقوة وصلابة تعريها بوضوح إلا أنها ما استشفته صادق للأسف، أشاحت بعينيها لتنظر نحو وقاص بلوم شديد، أعادت بعينيها نحو أسرار لتقول بسخرية لاذعة
- ولما جتلك الفرصة تعيشي مع جوزك بعتيه، نضال بقي يتصرف مع مراته يعذبها يقتلها مش مشكلة
هاجت عيناها الرائقة لتصبح ظلمة داكنة دلالة على غضبها، صاحت أسرار بجنون
- انتي اتجننتي.

امسك وقاص ذراع اسرار وقال بحزم خافت
- أسرار
دفعها وراء ظهره لينظر نحو فرح قائلا
- دي غلطتي من الاول
ابتسمت بسخرية وهي تشعر بأن قلبها لا يتأثر مع نظرات عيونهم النادمة
هل هم لتلك الدرجة ممثلون محترفون؟!
أم الذي عانته جعلها فاقدة الشعور لتلك الدرجة؟

وضعت كفها على نبضات قلبها الرتيبة، تشعر بصوت تنفسها قوي وعيناها الزائغة تبصرهم واصواتهم تأتيها من بعيد، بالكاد تتميز حرفا منها، أغمضت جفنيها وهي تنكس رأسها أرضا لتغمغم بخفوت
- لا دي غلطتي انا مش غلطة حد
لتكن شجاعة نعم، رغم جميع أخطائهم هي التي قفزت بغبائها في قفص الليث الغاضب، ما أغراها فقط حب حاولت البحث عنه خارج بيتها.

فمن داخل البيت لا يهتم بها، ترى اذا عادت لهم مرة أخرى هل سيسمحون لها بالبقاء داخل المنزل أم سيطردوها شر طردة ويخبروها تمسحي بسيدك حتى يعفو عنك!
دمعة يتيمة سقطت، وهي تستوعب الان انها بلا ظهر ولا حماية، يتيمة في عالم عرف عنها بالظلم والوحشية للمرأة الضعيفة.
رفعت رأسها فجأة تنظر الى عيني وقاص هامسة
- وقاص، مش هقدر استحمل
هم وقاص بالتحدث إلا أنها قاطعته بنبرة واهنة.

- ارجوك يا وقاص مش هقدر استحمل، القصة انتهت، مفيش لا خطط اني اوقعه عشان يحبني، ولا مؤامرات، ولا تكتيكات حربية عشان نوقع الجبل الشامخ، انا تعبت
نعم، لقد تعبت، هي لا تعلم إلى متى ستحارب حتى تظفر بما وعدوه لها، بقلب العاصي، استأذنت مغادرة لتعود إلى غرفة شمس تحاول أن تعيد ترتيب أوراقها من جديد لكن تلك المرة هي أولا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة