قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع والستون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع والستون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع والستون

شخص مثله يجرب طعم الغيرة لأول مرة
كانت حارقة، قابضة، مؤلمة
مراجيل من الغضب تثور وتغلي بجنون، وهو لا يصدق أنها فعلت شيئا مس من رجولته
لجأت الى حضن غيره حينما كان غائبا، اندست بين ذراعي رجل غريب عنها تطالبه بالأمان وأين هو من كل هذا
الصورة زلزلته لدرجة انه طالعهما لبرهة قصيرة من الوقت
لا يعلم لما؟ ليجلد ذاته ليلا أو تكون تلك الصورة الخبيثة تطرأ على عقله في كل مرة يراها.

الا ان العقل بدأ يعلن عن وجوده، اخرسه الغضب والغيرة كان الوقود لتلك الغيرة الحارقة
غبي، غبي، غبي
اندفع يرددها مرارا وهو يحدق بين جدران غرفته، اعتزل الجميع بعد عودته السريعة من المشفى وبقي وحيدا في الغرفة
يتأكله الغضب
وتنهشه الغيرة
والعقل بين رحي الغضب وغيرته التي تتحداه ان يهدئها.

اندفع باب غرفته ليواجه جدته وهو تحدق به بتصميم شديد جعله يرفع رأسه بيأس، تنفس بحدة عدة مرات وهو يحاول تهذيب لسانه قبل أن يندفع قائلا ما لا يحمد عقباه انتبه على صوت جدته الغاضب
- انت يا واااد رد عليا وقولي مالك بس
فرك جبينه بحدة والتفت اليها قائلا بصوت جامد
- مفيش حاجه يا توحة، صدقيني
رفعت حاجبيها استنكارا، لتقترب منه قائلة بصوت قلق وهي تتأمل ملامحه المتشنجة بقلب أم ملكوم على طفلها الوحيد.

- اصدقك ازاي بس، وانا حساك شوية وعايز تنفجر، طمني عليك بس، اول ما جاتلك المكالمة جريت على ملا وشك، ودلوقتي حالك اتبدل، فيه بس يا ابني طمني عليك
مال مقتربا مقبلا جبهتها ورد بصوت هادئ
- مفيش حاجه يا ست الكل
الا ان قلب الام يعلم أن حفيدها يخفي شئ جلل، تأملته مليا لتعقد ذراعيها على صدرها قائلة
- عملت ايه معاك
عض على نواجذه وهو لا يصدق ان جدته تقرأه بتلك السرعة، ضم قبضة يده وهو يتنفس بحدة ليجيبها ببرود.

- هي مين
هل يمارس تلك اللعبة معها، رفعت حاجبها استنكارا لتقترب منه وهي تمسك بذقنه تضع عينيها على عينيه الخضراوين اللتين تشيحان عن المواجهة
- وجد القلب يا عنيا، يعني انت فاكرني مثلا عبيطة، هتقدر تضحك عليها بكلمتين، قولي هببت معاها ايه
عض باطن خده لتختلج عضلة في فكه ليتمتم بيأس
- توحا
شدته ليجلس على الفراش وجلست بجواره لتمرر يدها على ذراعه الصلب الذي تشنج اسفل يدها متمتمة.

- بلا توحة بلا قرف، تعالي كدا اقعد واستهدي بالله قولي هببت ايه، خليني اصلح الموقف اللي هببته
سخر وهو ينظر الى جدته التي تراه الآن الجاني ليرفع رأسه قائلا بنفي
- محصلش حاجه اللي في دماغك يا توحة
عبست وهي تنظر إلى الالم في عمق عينيه الخضراوين لتمتم
- اومال حصل ايه، اوعي هبلت وعملت فوارق الاجتماعية اللي ما بينكم
اقترب منها وهو يمسك يدها ويطبع قبلة عليه قائلا
- محصلش يا توحة، اهدي كدا.

ضاق بها ذرعا لتستقيم من مجلسها قائلة بحدة
- اومال حصل ايه يا وااد، اوعي تكون صرفت نظر عن الجوازة من أصله، وعزة جلالة الله لو حصل لأكون...
- يا توحااا
قالها نزقًا وهو يرى أنه محاصر بين المطرقة والسندان، ألا يكفي غيرته الهوجاء والنيران التي تتلظى في أحشاءه لتزيد الطين بلة من سخرية جدته له
- قولي عملت ايه يا حفيد المعلم، شكلك كدا حطيت سمعة عيلتنا في الوحل.

قالتها توحة بنبرة ساخرة وهي تضيق بين حاجبيها وجسدها النحيف يواجه جسد حفيدها العضلي
مرر عاصي يده على وجهه واكتفى بزفرة حارة ليتمتم بصوت خفيض
- لقيتها بتحضن واحد
- وبعدين
رفع عيناه الخضراوان ك علامة استنكار لتتابع توحة وهي تشيح يدها بلا مبالاة
- لقيتها حاضنة واحد يا خيبتك السودا يا توحة، بدل ما تعرف الراجل الست دي تخصك ازاي وترنها علقة عشان سمحت لغيرك يحضنها سبتهم ومشيت
- وانتي عرفتي ازاي؟

اتسعت عيناها جحوظا لتهز رأسها يائسة
- زي المرحوم طلعت خايب، خسارة تربيتي فيك
زفر محوقلا وهو يجيبها بنبرة باردة
- يعني عايزاني اعمل ايه يعني، وانا معرفش انا بالنسبالها ايه، ومش من حقي اقربلها زي ما عقلك متصور
تمرد القلب والغيرة على صوت العقل الذي يتحدث، ليرفع عيناه نحو توحة التي تضرب بكلتا يديها على فخذيها ثم ترفع يديها نحو السماء لتعود النظر اليه قائلة بحدة.

- وهو الكلام ده فيه عقل، انت يا واد مالك فيه ايه مكنش كلامك كدا
اشاح بوجهه للجهة الأخرى، لتزفر توحة بيأس وهي تقترب منه تلمس على ذراعه ومازال الحفيد معاند بطفولية لأي استجابة ايجابية لتمتم بنبرة لينة
- طب والله، والله البنت بتموت فيك، انت مش بتشوفها اول ما تيجي هنا عينيها بتدور عليك ازاي، ولا ما بتسأل عنك، البت بتتكسف مني وهي بتسأل عنك.

تهلل قلبها فرحا حينما رأت استجابة حفيدها الذي يحدق فيها متسائلا ان كان ما تقوله صحيح، لتهز رأسها ايجابا سرعان ما تذكرت شئ ما هذا الصباح لتقترب منه بمكر قائلة
- وبعدين ايه حكاية القميص الجديد ده
اتسعت عيناه بجحوظ ليغمغم باستنكار
- انتي لحقتي يا توحة تشوفيه
حدجته بنظرة قاتلة لتمتم بجفاء
- مفيش حاجة بتستخبى عن توحة في البيت ده، وبعدين انا تعبت وكفايه عليك كده، روح شوفلك بت تهتم بيك.

مال مقبلا وجنتها وهو يتمتم بدفء
- دا انتي البركة كلها يا توحة، انا من غيرك ولا حاجه
بدأ دموع الأم تسقط لتستدرجه ببساطة إلى فخ الام لتهمس توحة بصوت متحشرج
- فرح قلبي بقي، وروحلهم بكرا واسأل عن جدها، البنت ملهاش حد غيره
عاد صورة العناق تزعجه وتلعب على أوتار براكينه التي ما بدأت تخمد ليهمس
- مقدرش، مش عارف افرض لو شوفته تاني يا توحة
صاحت توحة بحدة شديدة.

- ابقى اديله بالجزمة، ورنها علقة وقولها متخليش حد يمسكها غيرك
صاح باستنكار شديد لافكارها العنيفة التي تتوافق جدا مع جانبه الغيور
- توحة
طمئنته بهدوء شديد قائلة
- البت بتحب تسمع الكلام ده من الراجل بتاعها
صاح باستنكار شديد
- انا كده بهددها
هزت رأسها نافية وهي تجيبه
- صدقني هتتبسط، بس متعكش الدنيا، كلمتين كدا ناشفين يعقلوها لحد لما تتجوزوا وابقي تتصرف براحتك معاها ترنها علقة الصبح علقة بليل انت حر.

انفجر ضاحكا وهو يهز رأسه نافيا، غير مصدقا تفكير جدته الغريب ليقترب منها بشقاوة
- عايزة تقوليلي المعلم كان بيرنك علقة الصبح وعلقة بليل
ظهر الاستنكار على وجهها لتسارع نافية بحدة
- فشر هو كان يستجرأ، ده كنت لميت عليه امه لا اله الا الله يتفرجوا عليه
ردد بهدوء شديد
- وجد متنفعش معاها المعاملة دي
ضيقت عيناها وهي تحدق به بهدوء لتجيبه.

- يا حنين، طب قوم من وشي وروح شوف مين اللي تعملك الغدا، اه انا رجلي وجعاني ومش قادرة اتحرك
نظر اليها محدقا بعينيها التي تكذبان عليه ليميل مقتربا منها هامسا بمكر
- يا توحة، مش عليا الكلمتين دول، انا شامم ريحة كفته من اول ما دخلت
سارعت تجيبه بنفي تام
- بتاعت اسماء، البوتجاز بتاعهم باظ، ارتحت
استلقي بجسده على الفراش واجابها بإرهاق شديد.

- هروحله بكرا، بس انا جعان، اعمليلي سندوتشين عشان مدخلش المطبخ واخلصهم كلهم
استقامت توحة من مجلسها وهي تتوجه نحو المطبخ لتمتم وهي رافعة كلا يديها نحو السماء
- يارب، انت العالم بالحال.

الصباح كان أكثر هدوءا
استطاع أن يعيد الوحش إلى مخدعه
لتسألوني أي وحش؟!
وحش الغيرة الذي لا ينطلق سوى وهو يراها بجوار ذكور حولها، بحياته لم يجرب الحب
لكن الحب معها يحتاج للتهور، كما هو الآن يتقدم للمرة الثانية نحو غرفة الرجل، لم يكن ليأتي في ذلك الوقت من الصباح تحديدا إلا أنه تلقي مكالمة خاصة من الجد الذي أخبره عن ضرورة وجوده في المشفى قبل عودته للمنزل.

الذهول أصابه وهو يحدق نحو جدته التي طمأنته ثم عادت تختفي خلف غرفتها لتنهشه الاسئلة لحد الصباح...
مد يده ليطرق الباب المفتوح لكن عينيه تعلقت على المرأة التي تعانق جدها، هشة كحال جسدها
متطلبة للامان والعاطفة وهو أكثر من مستعد لتلبية نداءاتها
حاول أن يتحكم في ملامح وجهه وعينيه الشغوفين تمسحها مسحا، ليتدارك نفسه وهو ينقر على الباب لتنبيهما لترفع رأسها وهي تطالعه بذهول مرددة اسمه
- عاصي.

كان في عينيها تساؤلا لم يقدر على إجابته، بل لم يجرؤ على الرد وهو يعلم أن اجاب فلن يكون بكامل قواه العقلية بجواره
بعض الخلايا تحفزه لبعض الأمور الخبيثة كسحبها إلى ركن هادئ منعزل إلا منهما، يعلن ملكيته عليها وهي تستقبل تلك الملكية بإذعان شديد دون اعتراض
تنحنح وهو لا يصدق تفكيره الذي يشبه تفكير جدته أمس ليهمس
- صباح الخير.

فغرت شفتيها لثواني محاولة ان تعلم ان الرجل أمامها، الرجل الذي تبكي من اجله ودمي قلبها بعدم وجوده أمس، الان هنا وأمام جدها
التفت إلى جدها وهي تمتم بارتباك
- جدو ده
هز الجد رأسه وعينيه تنتقلان من صغيرته ثم الى الرجل المسبب لقلب حياة صغيرته رأسا على عقب، غمغم بهدوء شديد
- عارفه، عاصي نور الدين دكتور نفسي، تعالي اقعد.

اتسعت عينا وجد جحوظا وهي تري عاصي يقترب من المقعد المجاور للفراش لتنتفض من جلستها وهي تحدق كلاهما باستنكار شديد وتعجب وهي تسمع صوت عاصي المعتذر وهو يضع باقة ورد رائعة سلبت لبها على الكومود
- انا اسف لو عطلتك في حاجه
ليأتي ما يشبه بالصعقة الكهربائية وهي تسمع صوت جدها يغمغم
- لا عطلتني ولا حاجه يا دكتور عاصي، انا اللي طلبتك تجي في الميعاد ده.

هل يعلم جدها قبلها؟، لا تتذكر انه يجمعهما حديثا معا؟، هزت رأسها وهي تحاول اعادة عقلها للعمل الذي من كثرة استقباله للاخبار الصادمة توقف عن عمله
تمتمت بصوت مرتبك وهي تخرج من الغرفة تاركة إياهم
- طب انا هستأذنكم هشوف الدكتور واجي
ظنت أن أحدا لم يسمعها وهي تخرج من الباب دون نية في اغلاقه لتسمع جدها يطلبها بصوت دافئ
- اقفلي الباب وراكي يا وجد.

عبس وجهها وهي تغلق الباب بحدة، غير مصدقة ما يحدث هذا الصباح، ظلت تجوب الغرفة مجيئه وذهابا قبل أن تزفر بيأس متجهه إلى الطبيب الذي يشرف على حالة جدها!
ابتسم غالب وهو يحدق إلى نحو الرجل الذي يبدو على وجهه بعض الارتباك خصوصا في وضعه ليتمتم بهدوء
- احكي يا ابني انا سامعك
لا يعلم ماذا يبدأ أيخبره عن نيته للتقدم أم يعيد مرددة عبارة السلامة
- حمدلله على سلامتك
ابتسم غالب وهو يجيبه بهدوء.

- الله يسلمك، انت قولتلي كدا في التلفون امبارح
تنحنح عاصي ليرفع غالب الحرج الذي يشعره الشاب امامه قائلا
- انا عارف الوقت مش مناسب، بس مقدرتش اسيب بنتي غير لما اطمن عليها تكون في أيد أمينة
هم عاصي بالتحدث إلا أن غالب بدأ يتخذ دفة الحديث
- تحية هانم مكنش فيه حد في القاهرة ميعرفهاش هي والاستاذ الوالد، كنا زباينهم قبل ما ربنا ما يرحمه وهو كان راجل في قمة الاخلاق والذوق والدين.

شهادة الرجل عن عائلة جدته جعلته يشعر ببعض الراحة ويرى أسوأ كوابيسه ليلة أمس ليست حقيقية، ليتمتم بصوت هادئ.

- انا امي وابويا توفوا من وانا كنت صغير، توحة هي اللي ربتني وكانت ليا الاب والام والاخت، عرفت تحتويني وانا مكنتش عايز اتعبها خصوصا انها كبيرة وبحاول أراضيها دايما، ولما كبرت اشتغلت في كذا شغلانة عشان اصرف على البيت، حسيتها صعبة اوي على نفسي وانا بقبل منها فلوس في سن المفروض انزل فيه الشغل واكسب من عرق جبيني.

لمعت عينا غالب بالفخر الشديد وهو يتأمل هيئة الرجل امامه العضلية ونظرة الحنان التي تلمع في عينيه ليرفع عاصي رأسه مواجها الرجل الكهل امامه قائلا
- انا عايز حضرتك تتخيل جميع الوظايف شاب زي في 15 سنة يعمله، بس من جانب توحة دخلتني نادي عشان امارس رياضة
هز غالب رأسه وهو يعلم النادي الذي كان يذهب إليه هو نفس النادي الذي ترتاده صغيرته ليميل رأسه متمتما
- قولي ليه طب نفسي
اجابه بصراحة شديدة.

- انا مكنتش عايز ادخل طب في الحقيقة، وحسيت نفسي بحب اتكلم مع الناس واسمع منهم واكتسب خبرة من وقت ما نزلت الشغل اني اعرف الناس من وقت ما اشوفهم، ودي حاجه بتخليني مبسوط وسعيد وقت ما بروح المؤسسة للاطفال.

هز غالب رأسه واعجبته الصراحة التي يتحدث بها الرجل معه، العديد من الخاطبين الذين تقدموا لصغيرته كانوا يتفاخرون بالجامعة الذين ارتادوا، ورقم حسابهم البنكي، وعمل والده، بل يصل بهم الحد إلى اسم النادي المشتركين به، وأعمال عائلته العظيمة الممتدة للغرب، لكن حينما ينظر للرجل نفسه الفخور بأعمال عائلته، يراه لم يحقق أي إنجازات عظيمة لنفسه
استرخي غالب في جلسته أكثر وهو يتمتم.

- وجد اتغيرت جدا من وقت ما بتروح المؤسسة، انت عارف انها بدأت ترجع تشتغل في ماكنة الخياطة من تاني، حسيت وجد رجعت من تاني وده كله بسببك
رفع رأسه ليرى وقع الكلمات عليه، هالة من المشاعر التي تجمعت في عيني الرجل، ليزداد اطمئنانه من الرجل الذي تحبه صغيرته، المشاعر بينهما متبادلة
غمرته الراحة فورا وهو يسمعه
- انا صدقني معملتش حاجه، انا بس وجهتها لحاجة ممكن تقدر تبذل طاقتها فيه ومتحسش انها اشتغلت بدون فايدة.

ولصراحة الشاب، قال هو بهدوء شديد
- منكرش خوفي وقلقي لما عرفت انها اتعلقت بحد، صدقني وقت لما تكون اب هتتفهم موقفي جدا وممكن تعمل اكتر من كدا، بس وجد دي بنتي الوحيدة
اشارة لكونه اب وان تحمل اميرته جنين منه جعل أذنيه تحتقن خجلا ليجيبه بصوت لم يتمالك مشاعره
- فاهم يا أستاذ غالب
رغم عمله كطبيب، وضبط النفس والهدوء التي يحافظ عليها في جلساته
لكن اليوم ليس هو الطبيب عاصي، بل العاصي فقط دون أي لقب طبيب.

عاصي الذي اغرقته أميرة في بحر عشقها، ارتجف قلبه تزامنا مع حديثه
- وعشان كدا انا جاي اطلب ايد الانسة وجد من حضرتك وان كان في اي مشاكل عن شغلي
رفع غالب يده مقاطعا إياه ليقول
- لا معنديش مشكلة، كل واحد حر في شغله، لطالما هلاقي ضحكة بنتي دايما في وشها انا مش هتدخل في حياتكم، بس البنت عايزك تكون عارف متعرفش يعني ايه مطبخ، عشان متضايقش يا دكتور لو حرقتلك الاكل.

ارتسمت ابتسامة ناعمة على شفتي عاصي، وتصور أميرة تعيث في مطبخ منزلهما فسادا ليتمتم بنبرة غلب عليها الشوق
- مقدرش اوعدك اني هعيشها بنفس المستوى اللي هي عايشه فيه، بس هحاول اني هخليها سعيدة بقدر الامكان
هز غالب رأسه بتفهم وغمغم
- وانا واثق في ده، انت راجل تشرف أي عيلة، منتظرينك يوم الخميس الجاي في البيت.

استقام عاصي من مقعده مع وعد بلقاء قريب، لتهتز جدران قلبه وامنيته المستحيلة لأميرته تتحقق، فتح باب الغرفة وبدأت عيناه تبحثان عنها، ليسير عدة خطوات ليجدها جالسة في ركن منزوي بعيدا عن الجميع، رفعت رأسها مجفلة لتتطالعه بعينيها القاتلتين، أجادت التصويب للهدف ليراها تستقيم من جلستها وعينيه تتأملان بنطال الجينز الناعم الذي التف حول ساقيها مبرزا نحول ساقيها ورشاقتهما، ارتفعت عيناه نحو التيشيرت القطني وربطة شعرها المهلهلة، راها اقتربت منه إلى حد خطير وهي تسأله باستفسار.

- عاصي، ممكن افهم ايه حصل جوا
تقتلها افكارها، ومرض الجهل جعلها غير قادرة على التميز ان كان هناك شئ خاطئ أم صحيح، رفعت عينيها الداكنتين تحملق في خضرة عينيه الهادئتين ليتمتم بسؤال بارد
- مهم عندك للدرجة دي
تهدجت انفاسها وهي تتذكر ليلة أمس، حينما طالبته ولم يأتي، اغرورقت عيناها بالدموع وبرودة صوته جعلها تلعن قلبها الغبي الذي يختار رجلا خاطئا
- طبعا، انا، انا كلمتك امبارح وانت مجتش.

صاحت بها بتهور شديد وهي تلعن لسانها الذي اندفع دون ذرة تفكير، لتسارع بالركض والاختباء عن وجهه الا ان يد قاسية طبعت اناملها بقسوة على ذراعها القشدي ثم ادارتها اليه بعنف لتواجه وجها اخر غير الذي اعتادت عليه
شدها عاصي بعنف وهو يستند بذراعه الاخري على العكاز حينما رأي غرفة فارغة ليدفعها بعنف داخله واغلق الباب بقدمه السليمة
وحوصرت الاميرة في زنزانة ساجنها.

الذهول هو ما طغي على وجهه وجد وهي تحدق بدهشة ولسان الجم من فرط الذهول وعدم التصديق، تراجعت عدةخطوات حينما اقترب منها والنية التي يضمرها لم تكن سليمة تماما كما رأته في عينيه
شهقت بفزع حينما ارتطم جسدها في الحائط ليميل جسد عاصي مقتربا منها مرسلا ذبذبات اصاب قلبها بالارتجاف وهي ترفع عينيها تحدق فيه والي صوته الاجش الخشن
- طبعا وانتي هتكوني فاكرة وانتي في حضنه.

رفرفت باهدابها عدة مرات وأنفاسه الساخنة تلفح صفحات وجهها جعل جسدها يرتجف بشئ من، من الاثارة!
بحياتها لم تجرب شئ كهذا مطلقا، سمعت عنه كثيرا من فتيات النادي حينما يتم سرقة قبلتهن الأولى؟!
هل سيقبلها بالنهاية؟!، امتعق وجهها بالحمرة وفغرت شفتيها لثواني من تفكيرها المنحرف، تمتمت بارتباك شديد
- عاصي انا، انا مش فاهمة.

امسك معصمها بحدة وصورة الرجل معانقها إياها لم تنزاح ابدا من عينيه الغاضبتين، تأوهت بألم لتهمس بتوجع
- اييي، بتوجعني يا عاصي
رأي ملامح وجهها المتشنجة بألم ليزفر بحدة مجيبا بقسوة
- مش مشكلتي انك ناعمة زيادة عن اللزوم، انشفي شوية
علا صوت انينها حينما ازدادت قبضته تحكما لتهمس بتوسل
- بتوجع يا عاصي ارجوك
مال نحوها هامسا بصوت حار
- ليه يا بنت الناس بتكلميني كدا.

ارتفع معدل نبضات قلبها وبدأت أصابعه القاسية تتراخى شيئا فشئ لتهمس
- بكلمك ازاي
زفر بحنق وهو يضرب الجدار بجوارها لتنتفض مذعورة منه ومن الوحش الذي أصبح عليه
- ليه بتخلي الشيطان يلعب ما بينا
ابتعد خطوة عنها لتغادر رائحة عطره الممزوجة بقسوة برائحته الخاصة، اجلت حلقها بتوتر وهي تستنكر من علمها لرائحة جسده الخاصة، تلون وجهها من الحمرة وهي تسمع اللي نبرته الحانقة.

- بتكلميني وانتي منهارة، وانا بحالتي دي روحتلك ومكنش فيه حاجة تهمني غير اني اخدك في حضني واطبطب عليكي
تيبس جسدها من الصدمة، واتسعت عيناها بجحوظ
ليهدر قلبها طنينا عاليا وفغرت فيها من وقع الصدمة عليها، همست لاهثة
- عاصي
عاد يقترب، ذلك الاقتراب المعذب والمنشود في آن واحد، يحدق في عينيها الداكنتين برغبة خالصة جعل جسدها يرتجف من منابت رأسها إلى أخمص قدميها.

لانت ساقيها كالمكرونة وحينما شعرت أن الأرض سترحب بها، لف ذراعه على خصرها ليدعمها بجسده العضلي، أصاب كلا جسديهما برعشة كهربائية لأول تقارب حميمي بينهما، عيناها تنظران اليه باستسلام
وعاطفته هو ملتهبة، حارقة، ستحرقهما
اناملها بدون وعي تشبثت بكمي قميصه، لتشعر بصلابة ذراعي هذا الرجل، خفضت رأسها أرضا من فرط خجلها وتوترها لتشعر بصوته الخشن يطرب قلبها
- الاقيكي في حضن غيري، بصيلي وردي، كنتي في حضنه ليه.

رفعت رأسها مجفلة، فغرت شفتيها بصدمة، هل جاء أمس؟!، رفرف قلبها بسعادة بالغة وهي تحدق به غير مصدقة أنه، يغار؟!
حاولت أن تحافظ على ثبات ملامح وجهها لتهمس بتوتر
- عاصي، ده وسيم اخويا
خبط بعنف على الجدار بجوارها ليجيبها بعنف خشن جعل قلبها يخشى من جنونه
- مش اخوكي ابن عمك، مفيش اي علاقة ما بينكم
اندفعت تهز رأسها نافية
- عاصي والله مفيش حاجه، هو طبطب عليا وبعدين مشيت، مكنتش في حضنه طول اليوم.

ارتسمت ابتسامة قاسية على شفتيه، ليجيبها بصوت غاضب غيور
- ده على اساس اني كنت هسيبك في حضنه طول اليوم، والله كنت قتلتك
انتفض قلبها يدق بعنف تزامنا مع كلماته، ابتسامة غبية تكاد تشق طريقها لثغرها وهي تهمس اسمه
- عاصي
ضغط بعنف على زندها مما جعلها تتأوه بألم ليغمغم بنبرة فاقدة للسيطرة
- مش من حقه، مش من حق مخلوق يلمسك، انتي فاهمة.

غامت عيناها وهي تلهث من فرط مشاعرها المندفعة امامها وذراعه التي كانت تدعم جسدها تركها لتشعر بسقوطها أرضا ليترك زندها سريعا لاعنا بصوت خفيض ليعيد ضم جسدها بذراعه
- انت بتغير من وسيم
لم يرد اخفض رأسه يردد لعنة من شفتيه لترفع رأسها اليه متمتمة
- بتغير عليا يا عاصي
الحاحها عليه خطر
وهو الآن يبدو فاقد الاعصاب والتعقل، شعر بيدها تضرب ذراعه السليمة لتقول بإلحاح
- رد عليا وقولي انت بتغير عليا.

انفجر هادرا في وجهها بحدة جعلتها تشهق بذعر
- ايوا بتزفت بغير عليكي
لعن تسرعه وهو يترك ذراعه التي تضم خصرها النحيل، لعن تهوره الذي بات خصلة جديدة كحال غضبه خلال قربها، صاح بحدة ووعيد
- خليكي انسه محترمة لحد لما اشوفك، واوعي دكر يقرب منك ولا هقتلك إنت وهو.

رشقها بسهام قاتلة استقبلتها هي بعينين متسعتين بجحوظ، انزلق جسدها تزامنا مع مغادرته للغرفة لترتسم ابتسامة بلهاء على شفتيها، دمعت عيناها وهي تكتم شهقتها مرددة
- عاصي اتجن...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة