قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الخامس والستون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الخامس والستون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الخامس والستون

تتحرك شادية جيئة وذهابا لتجهيز حفلة خطوبة لأسم رجل اعمال لامع من ابنة لاعب كرة، تعلم ان المساء سيكون ملئ بالمدعوين و بالاسامي الشهيرة على الناحية الكروية والناحية الاقتصادية من رجال أعمال، زفرت وهي تحاول ان تنهك نفسها انهاكا في العمل لتتخلص من شبح صورة الايطالي، وصورة معاذ.

معاذ الذي عاد كمرض عضال يقتات منها، عضت باطن خدها وهي تحاول عبثا نسيناه ورفض اتصالاته المكررة ليستسلم في اليومين السابقين وهدأ قلقها منه لفترة، وشكرت تلك الأيام التي لم يحاول سرمد الاتصال بها بعد ذلك اليوم
صاحت بصوت مرتفع وعينيها على لوحة ضخمة من الورد قرر العريس أن يضعها خلفية لمقعدهما
- طلعها فوق، كمان، طلع يا محمود مش هنقضي طول النهار فيه البتاع ده
التفت المدعو محمود بيأس وهو يقول.

- تمام كدا يا استاذة
زفرت بيأس لتصيح بصرامة شديدة
- ميلتها يا محمود، مصطفى
انتبه مصطفي المار بجوارها لتصيح بلهجة آمرة
- روح ساعده وسيب اللي في ايدك
توجه مصطفي لمساعده محمود في ضبط اللوحة، عادت تلقي أوامرها وتضبيط الزاويا وحينما اعتدلت زوايا اللوحة، تنفست براحه وهي تمتم
- تمام يا رجالة، ارجع لشغلك يا مصطفي
هز مصطفي رأسه دون كلمة وهو يعود إلى عمله، هبط محمود من السلم واقترب منها قائلا.

- تؤمريني بحاجة يا استاذة شادية
هزت رأسها نافية متمتمة
- تمام يا محمود، تقدر تروح تشوف باقي شغلك
بحثت بعينيها عن مساعدتها لتجدها تشرف على تنظيم الطاولات واسامي المدعوين على كل طاولة مع الندل الخاصين بالفندق، اقتربت منها قائلة
- نجوى
رفعت نجوي رأسها نحوها ثم ماعادت تطلب منهم الانتظار لتقترب من ربة عملها قائلة
- نعم
مسدت شادية عنقها لتقول
- تابعي الشغل يا نجوي، انا خمس دقايق وهرجع تاني.

هزت نجوي رأيها لتعود إلى عملها مشرفة على العاملين، توجهت شادية نحو أقرب استراحة للسيدات لتنعش وجهها قبل ان تتابع عملها من مراجعة قائمة المدعوين، وأطباق الطعام، واختبار الإضاءة والمكبرات الصوتية و، الخ.

يكاد ينفجر رأسها من فرط الشغل الذي ستبذله، واعصابها على وشك الخروج عن السيطرة، زفرت بحدة وهي تفتح باب الاستراحة لتسند بجسدها على الحائط ملتقطة أنفاسها، أغمضت جفنيها وهي تدلك صدغها لتشعر بوجود شخص اخر معها في الاستراحة، كادت تتحرك وهي تفتح جفنيها إلا أن رائحة عطر محفوظة عن ظهر قلب جعل خلايا عقلها تتجمد، ذراع غليظة امسكتها من مرفقها جعلت شفتيها تخرجان شهقة ألم
-اااااه.

فتحت جفنيها وأسوأ كوابيسها تحدث أمام مرآي عينيها، ازدردت ريقها بتوتر واختلاءه به يهدد من سلامها النفسي
عاد الكابوس مرة اخرى
لكن تلك مرة حقيقة وليس من محض خيالها، كشف معاذ عن اسنانه الذئبية وانفه يشم رائحة الخوف بنشوة كما اعتاد في السابق
-ورجعنا نتقابل تاني يا شادية، الدخلة دي مفكرتكيش بحاجة كدا قديمة.

استفز كل عصبة داخل جسدها وهي تحدق به لاهثة الانفاس، خائرة القوى، بائسة الحيلة، يجيد دائما كلماته ويلعب على وتر حساس ظنت نسته
اقترب وبدأ الجسد يتفاعل بنفور كحال اختلاءاته بها الماضية، دحض مقاومتها وهو يدفع كلتا ذراعيها فوق رأسها لتتأوه بألم وهي يغمغم بنبرة ماكرة
-بسترجع الذكريات معاكي يا شادية، كانت من احلى الذكريات.

مرر عينيه نحو مفاتن جسدها بشهوة، يحاول تذكر ملمس جسدها المغري أسفل يديه كما السابق بيده الأخرى الحرة مرر بها من منابت رأسها لتهز رأسها يمينا ويسارا و نبضات قلبها تضخ بعنف، زمجرت شادية بوحشية وهي تري افتتانه نحو جسدها لتدق بكعب حذائها على قدمه بغضب ادى الى افلات يدها وهو يصدر صراخ مؤلم، تراجعت عدة خطوات للخلف لتصرخ في وجهه هادرة
-انا مش قولتلك مش عايزة اشوف وشك نهائي، دخلت هنا ازاي.

سحق شفته السفلي متغلبا على ألم قدمه، ليرفع رأسه متمتما
- انتي كده هتخليني ازعل وانا بشوفك بتقللي من مصادر نفوذي في المكان
أصدر تأوه خافت وضربها لقدمه بتلك القسوة لم يتوقعها منها مطلقا، بل كانت القطة التي أمامه أضعف مما هي عليه الآن
كان جسدها يرتجف، كحال عذراء لأول مرة تختبر تفحص رجل مثله متحسسا حنايا جسدها، شفتيه طبعت علامة ملكية لشفتيها الذي يثرثر بحلاوة وشوقه لها أضناه
جسده يستغيث.

وانامله أشتاقت للمس نعومة جلدها
وأنفه اشتاق لرائحة جسدها
تمتم بنبرة ساخرة
- بقيتي شرسة يا بيبي
لكن يبدو أنه لم يعتاد على الخسارة وأمام أنثي ضعيفة
صاحت شادية بحدة هي تنظر اليه ببعض التوجس
-ابعد عني
زين ابتسامة لعوب على شفتيه ليهمس بأسف
-ياخسارة افتكرتك مشتقالي زي ما كنت متوقع
اتسعت عيناها وهي تشد من قامتها تجبرقدماها على عدم التحرك لتمتم بتقزز
-قولتلك اليوم اللي بفتكرك فيه بفضل ألعنك فيه.

لفها بنظرة جائعة، نهمة، جعل جميع فرائصها ترتجف نفورا ليكشف عن بشاعة وجهه أسفل ثيابه المهندمة
- اتغيرتي اووي يا بيبي، اتغيرتي وخسيتي جدا عن زمان، كنتي زمان كدا تخلي جسم الواحد يقيد نار
قالها وهو يعض على شفته السفلى بحسية جعلت الشياطين تتراقص بداخلها بجنون، احتدت أنفاسها وهي تقترب منه لتصفع وجهه قائلة بجنون
- لا انت ولا غيرك يتكلم بقذارة عني.

عيناها تتقدان بكراهية وجنون وعيناه تحدقان بها بصدمة ليرى أمامه لبؤة شراسة تكاد تفتك به
-واياك، اياك تقرب مني تاني، والا قسما بالله هعمل محضر وهخلي الدنيا كلها تشوف قذارتك
صاحت بها بلهجة محذرة وجميع جسدها ينتفض نازعة رداء الهوان والضعف اللذان أضاعا حياتها سابقا، مرر معاذ أنامله على موضع صفعتها ليتمتم بنبرة ماكرة
- بقينا نخربش جامد، بس يا تري بقي الخربشات دي عشان وسخ غيري قرب منك يا بيبي.

اقترب وهو يعلن سادية رجل على أنثي، يقترب منها يلمسها وهي تنفر منه
تصرخ طالبة للنجدة لكن ما من مجيب، والمستمع تم رشوته من قبله
جذب خصلات شعرها بقسوة لتأن بألم وجسدها يرفض الاستسلام والإذعان لسطوته
آنت وآن معها قلبها حينما دفن وجهه في عنقها ملتمسا نعومته ليغمغم بنبرة أجشة
-خلصتي على المنتجات المحلية، قررتي تروحي للأوربية يا شادية.

دمعت عيناها وكونها مقيدة منه وانفاسه القذرة تنتهك جسدها، صاحت بحدة وهي تحاول ان تتخلص من حصاره دون أدنى جدوى
سيظل هو الأقوي منها، وهي ضعيفة
-انت بتقول ايه يا مجنون انت
ملمس جيدها مغرى كحال بقية جسدها، شفتيه تلمسان وانامله تعيد قياس وزنها المفقود متمتما بحدة.

- متعمليش نفسك عبيطة، اللي شوفتك معاه في الكافية، فجأة قررتي تاخدي واحد مختلف عني كليا قوليلي لو فيا حاجه مضايقاكي من شكلي اغيرها، وليه تروحي للغريب يا بيبي وانا موجود واقدر انافسه كمان
أطلق صراخا مؤلما ما إن مال بوجهه لتعض خده بأسنانها ليبتعد عنها عدة خطوات ناظرا اليها بعدم تصديق وهو يمرر يده عند موضع عضتها وهي تجيبه بحدة
- انت مش مستوعب ليه اصلا ان انا مش هرجعلك ولو على جثتي.

ارتسمت ابتسامة ذئبية وأعجبته تلك اللبؤة التي أصبحت عليها ليقول
- ما انتي عندك طريقين يا بيبي، يا اما تخليني المسك والناس تباركلنا على جوازتنا ويا اما هلمسك برضو ووقتها مفيش غيري انا وانتي بس اللي نعرف السر ده
تعثرت في خطواتها وهي تحدق به بجحوظ، فغرت فاها وهي تهز رأسها نافية ما يقوله
لكن نظرة عينيه المهددة وكلماته السامة لم يكن تهديدا، بل سيعيد إفساد حياتها كالسابق.

صاح بلهجة بها نبرة تهديد لا يمكن إنكاره
- واللي مصحباه ده ابعدي عنه احسنلك، صدقيني هأذيه لو فكر يلمس شعرة منك
انهى جملته وهو يحدق بها برغبة جعل جسدها يقشعر ولسانها شل عن الحركة، تركها وغادر لتبقى وحيدة بين اربعة جدران، مع صراع بين الماضى والحاضر
المستقبل يقف ناظرا لها بسخرية، ما خشت منه حدث، توجهت نحو المغسلة بصمت وملامح وجه واجمة تنعش وجهها ثم سحبت مناديل ورقية مجففة لتطالع وجهها نحو المرآة.

نكست رأسها وهي تعدل من خصلات شعرها، لتبلل يدها تمسح آثار عطره على جيدها، مالت بأنفها تتأكد من إزالة رائحته لتزفر بحدة
طالعت صورتها من المرآة العاكسة يمينا ويسارا متعجبة من سر افتتانهم العجيب بجسدها، لقد ولى زمن الضعف.

الجميع يلعبون دون أن يتركوا لها مساحة للعب، ابتسمت بسخرية وهي تتوجه خارجا لتمر عينيها نحو عامل النظافة الذي يمسح الأرضية لترمقه بنظرات غاضبة ليشيح الرجل رأسه، لا تصدق أنه تم رشوته وبقى صامتا دون أن يقدم يد المساعدة
زاد حقدها وانتقامها له وهي مندفعة خارج الفندق، كرهت الجميع هنا، بل كرهت بقائها في ذلك الفندق، استمعت إلى نداء نجوى الملح
- شادية
جزت على أسنانها غاضبة ونجوى تكرر نداءها مرارا
-شادية.

ارتدت شادية على عقبيها قائلة بنفاذ صبر
-خير يا نجوى
تطلعت نجوى بقلق الى ملامح وجهها لتمتم
- انتي مش هتابعي الشغل ولا ايه
هزت رأسها نافية لتقول بحدة
- انا تعبانة، تابعي انتي الشعل ولو حد سأل عني قوليله تعبانة بقي او ماتت، اللي يجي على لسانك
اتسعت عينا نجوى دهشة من تغييرها المفاجئ لتنادى اسمها مستنكرة ما قالته
-شادية
اشاحت شادية رأسها متمتمة
- نتكلم بعدين يا نجوي، بعدين.

دقت شادية بعنف على الارضية المصقولة لتفتح باب سيارتها وتتخش مقعد السائق، زفرته عدة مرات محاولة التحكم في أعصابها
لن تبكى
لن تبكى
ظلت ترددها مرارا حتى أستطاعت أن لا تنهار خارجيا على الأقل، أدارت المفتاح وانطلقت بسيارتها وداخلها عزيمة على تغير جميع قوانين اللعبة، تلك المرة هي من ستضع القوانين وستخطو بسلاح الكنز الذي يلهثون خلفه..
لمعت عيناها وهي تفكر كيف ستسقط عصفورين بحجر واحد!

أيام قضتها وهي تخشى أن يأتي لمخبئها
أيام وأعصابها أتلفت تماما وكل ليلة تحلم بكابوس
إما بقتلها أو يتفنن بتعذيب جسدها كما تفنن بتعذيب روحها، إلى متى الاختباء؟
متى ستتخلص من خوفها الذي يقتات من شخصيتها الوليدة
فرح الجديدة، التي لن تعيد تجربة الحب وأعتزلته مكتفية بآلالامة
فما عاد جسدها يتحمل
وما عاد قلبها مكانا ليشغله شخص أخر، لقد استحوذ عليها كاملا.

دمعة فلتت وهي تمسحها بعنف، لتنتفض من سبات، سبات عميق ظنت أنها لن تفيق منه!
المال، قوة
والجمال، سلاح فتاك
تمتلك قدر من الجمال علمته من أعين الرجال، ستستغل ذلك الجمال الظاهري لتحصل على قوة المال
المال هو مفتاحها السحري لغلق دفترها وفتح دفتر جديد باحثة عن سلام نفسي بعد سلسلة معارك متتالية انتهت بهزيمتها بجدارة مؤلمة
سلسلة انتصارات زادت من فخره الذكوري، وهي الأنثى الخاضعة، المستسلمة دائما، رضت بالأسر!

افاقت من غيبوبتها لتعود على أرض الواقع وصوت رجولي يصيح بصوت مرتفع
-ستووووب
عينيها تنظران بتيه شديد والاضواذ الساطعة عمتها عن النظر، هل هي الموضوعة داخل بؤرة؟ أم ما عاد شخص يلتفت لها بعد فضائحها المستمرة في ذلك المجال بسبب زوجها وما سببه في رئيسهم..
مدت يدها الى وجنتيها، شهقت ما ان شعرت بسائل دافئ ينساب من مقلتيها؟ هل لتلك الدرجة لم تشعر وهي تبكي أمان التصوير؟!

سارعت بالركض أو الهرولة نحو حجرتها لتختبئ عن أعين الجميع، ما الذي دهاها؟ أين القوة التي ظلت تتسلح بها؟، دفنت وجهها بين راحتي يديها باكية على حظها العثر
نقرات على باب الغرفة تبعها دخول ناجي الذي اقترب منها صائحا بنبرة مهتمة
- مالك يا فرح
رفعت وجهها وهي تحدق فيه، أذت هذا الرجل كثيرا، كثيرا ومع ذلك ما زال مهتم.

لن تكون ساذجة تلك المرة وهي تري اهتمامه الحثيث بها، بل وموافقته ما إن أخبرته عن رغبتها في العودة للعمل ضاربا بكل شئ في عرض الحائط
جيهان لم تملك سلطة لمنعها، بل أخبرتها أن تتريث، لا يصح أن تعود لساحة القتال وجروحها لم تبرأ بعد!
إلى متي الاختباء منه؟ الى متى؟
وقد صار يزور كوابيسها ويزعزع الثبات المتبقي منها، تنهدت وهي تمسح دموعها باناملها قائلة بسخرية
- مفيش، بفكر بس.

اقترب ناجي ساحبا مقعدا ليجلس في مقابلتها وهو يحدق بها ببعض الأسف لما وصلت له
- في حياتك؟
تنهدت وهي تخرج نفسا عميقا محاولة البعد عن المسار الذي تفكر به لتمتم
- ناجي، انا اسفه اني ورطتك في مشكلتي، صدقني بحاول مأذيش حد لما بطلب من المساعدة لكن انا
شهقت وهي تعيد تنكس رأسها لتجهش في البكاء وناجي يقترب مرتبكا هامسا
- متشغليش بالك مني، اهم حاجه انتي عايزة ايه
عن ماذا تبحث..؟
أجابته بسخرية مريرة.

- بدور على القوة والسلطة، وده مش هيحصل غير لما يكون معايا فلوس
عبس وهو يتذكر في الصباح حينما جاءت إلى الشركة بشعر مستعار أشقر وملامح زينة صارخة، أخبرها أن لا تلفت الانتباه بمجيئها لكن يبدو أنها حصلت على اهتمام كافي من الجميع، يعلم أن زوجها زرع جواسيس في شركته، وإن فلتت تلك المرة في المرة الثانية سيكون مترصدا لها!
سألها بهدوء وعينيه تمران على ملامح وجهها الشاحبة
- وقوتك انتي الداخلية.

ارتسمت ابتسامة باردة على شفتيها لتجيبه
- صعب الحطام يتبني من جديد
جادلها بهدوء
- بس تقدري تبني شخصية جديدة
رفعت اصبع السبابة مشيرة نحو نفسها
-شخصية غير شخصيتي زي دي، انا لو رجع بيا الزمن 3 سنين و حد قالي هشتغل موديل اعلانات كنت هرفض وهقول عليه مجنون، بس لما دخل حياتي شقلبها ومبقتش عارفة ايه الصح من الغلط
عادت أعصابها تتلف، وأن يقتحم باب الغرفة بات وشيكًا، انتفض جسدها من سؤاله
- انتي لسه خايفة منه.

هي تخشى تهوره، و انفلات أعصابه، تعلم انه لن يكون نضال الذي تركته، بل شخص آخر معبأة بالغضب والكراهية، مررت أناملها في خصلات شعرها متمتمة
- مش خايفه منه، خايفة ممكن يعمل ايه عشان يوصلني، وانا مش هقدر افضل مستخبية كل الوقت ده واعرضك انت وجيهان لغضبه، بس هو مجرد وقت، وقت عشان اقدر اطالب بحقي
تنفست بهدر وهي تمتم بحرقة.

- حق اللي كسرهولي وانا عبيطة ومغفلة كنت بضيع من كرامتي وهو بكل دناءة منه سخر من حبي اللي كنت بقدمهوله على كف أيدي، شايفني مش كافية كفاية قدامه مثلا
الدموع تهبط منها بدون وعي لتبكي بقهر وهي تنكس رأسها وجسدها ينتفض بين كل فينة وأخرى، اقترب ناجي وهو يتمتم بقلق
- فرح
اندفع قلبها يبكي، والدموع لا سبيل لها من التوقف لتنتفض باكية بحرقة.

- يقولي انا مش معترف بالحب وهو كدااااب، لمسته وعينيه كانت بتقول بعكس دا، بس انا ايه اللي يخليني استحمل شخص زي ده، معندهوش مشكلة انه يمد ايده عليا، انا تعبت وعايزة ارتاح، مش عايزة اعيش في الجنون ده تاني
جثي ناجي على ركبتيه وهو يدقق في ملامحها الشاحبة ليزفر بحنق وهو يلعنه ليمد يده بنية سليمة
- أهدي
انتفض جسدها بنفور شديد وهي تستقيم من مقعدها صائحة بعنف
- متلمسنيش
صوتها آمر.

نبرة صوتها مشبعة بالغضب والانفجار
نظرات عيناها زائغة، مشتتة، يشع منهما تصميم، تراجع ناجي خطوة مرددا
- حاضر، انا اسف
ضمت فرح ذراعيها حول جسدها مدمدمة
- مكنش المفروض تسمع اللي قولته
تحاول نحر ذلك البرد الذي هز اطرافها، اصطكت أسنانه وهي ترمقه بشرز، تراه ليس بصورة ذلك الملاك كما تتخيل، بل ذئب، ذئب يظهر لطافته حتى تقع فريسته في المصيدة ليفترسها
- صدقيني انا مش عدو ليكى.

قالها ناجي محاولا مد رابط ثقة بينهما الا ان نظراتها الشزرة جعلته يعقد جبينه وهو يسمعها تمتم
- علمني افقد ثقتي قدام اللي بيديلي ايده، بيقولي مفيش حد بيساعد حد بدون ما يكون عايز حاجه في المقابل
تصلب جسدها وهي تنظر اليه محاولة معرفة الرجل امامها لتسأله بنبرة باردة
- انت عايز ايه مني
قلب عيناه وهو ينظر اليها بنظرة جعلت جسدها يرتجف من رأسها لأخمص قدمها ليقول
- تتطلقي منه.

بين كل الفينة والأخرى عيناه تحدقان نحو البوابة الحديدية الضخمة، خلف أسوار هذا القصر تقبع برتقاليته المتمردة، العاصية لأوامره
تنهد زافرا بحرارة وهو يرتشف مشروبه من كوبه الحراري ليرفع انظاره مرة أخرى نحوها، اخفض ناظريه نحو ساعة يده، وسؤال يلح عليه
هل ستأتي، أخبرها بالموعد وأرسل لها كافة المتعلقات لرحلته القصيرة، لولا فقط أنه لعمل لقضي في مخيم من المخيمات التي يقيمونها للرحلة..

انتبه على صوت غسان الذي قال بمكر
- هل يمكن أن تهدأ قليلا، لا أعلم انك ترتبك وكل ذلك بسببها
تأفف نازقا، وبدي مجيئه معه للرحلة خاطئا، بل هو نفسه بوجوده خاطئ في ذلك المكان والوقت بالتحديد، بدأ يشعر بالندم كونه بئر اسراره سرعان تلك الاسرار تتسرب لوالدته، ذلك اللعين المفشي لأسراره و المستفز لأعصابه، صاح هادرا في وجهه
- اصمت يا غبي اصمت
ارخي غسان جذعه على بدن الميكروباص السياحي ليتمتم ببرود.

- ان كنت جدي معها لتلك الدرجة صارحها اليوم، واخبرها ألا تقلق منك
حدجه سرمد بنظره قاتلة ليتمتم بعدها بحدة
- اخبرها بتلك الجملة اللعينة مرارا وتكرارا الا انها، اللعنة
قاطعهم صوت انثوي يصيح بمرح
- صباح الخير
رفع غسان عينيه ليرى جيهان وهي مرتدية تيشرت ابيض قطني ملتصق بجذعها وأسفله سروال رياضي أسود مع حذاء رياضي أبيض، كاد غسان يطلق صفير إعجاب ليعتدل بجذعه مقتربا من صديقه قائلا بمكر
- وهل شقيقتها عزباء؟

رمقه سرمد بتسلية واضحة ليغمغم
- لديها دب اشقر
امتعضت ملامح غسان مشمئزا
- ما هذا القرف
طالعتهما جيهان بحنق شديد وهي تراهم يثرثران باللغة الأيطالية لترفع نظارة عينيها فوق رأسها وصاحت بحدة
- ليس من آداب الحديث أن تتركاني هكذا وتتحدثان بلغتكم
التمعت التسلية في عيني غسان ليتمتم
- نعتذر يا جميلة
رفعت حاجبا شريرا لتمتم بالانجليزية قائلة
- هيا لنتحرك، لا أريد أن أفوت لحظة هناك.

توجهت جيهان نحو الميكروباص ليتمتم سرمد قائلا
- انتظري
عبست جيهان و قطبت جبينها متمتمة
- ماذا
التفت سرمد نحو صديقه الذي تتسلي من حدقتيه التسلية ليخاطب صديقه قائلا
- اشعر انها ستأتي
عاد سرمد يحدق في البوابة المغلقة بأمل، الدقيقة التي تمر كادت تدمر أعصابه المتلفة من الأساس، ابتهجت ملامح وجهه ما إن استمع إلى صوت فتح الباب الحديدي، هب نسيم الصباح وملامح وجهها الصبوح يشرق بأبتسامة لم تمر على شفتيها قط.

حدق بها سرمد بافتتان شديد ويكاد يمد يده للاقتراب منها، متأملا ملامح وجهها الناعم وخصلات شعرها، هل أطلقت خصلات شعرها؟!
اقتربت شادية بتيشرت قطني وردي أسفله بنطال جينز متسع قليلا نحوهم وهي تحيهم قائلة
- صباح الخير
أطلق غسان صفير آعجاب جعل وجنتي شادية تتوردان خجلا ليصيح غسان بالايطالية
- هذا هو الوجه الصبوح الذي أريد أن أصبح به كل نهار، يا حظك يا
لعنه سرمد ليقترب منها بتجهم قائلا بصوت خشن
- ماهذا؟

ارتدت شادية خطوة للخلف رافعة رأسها تستنكر ملامح وجهه الإجرامية والغضب البادية على وجهه لتمتم بتعجب
- ماذا سرمد؟
حدجها بنظرة مميتة جعلها تزدري ريقها ليصيح بصوت أجش آمر
- اربطي شعرك
رفعت خصلة متمردة عن وجهها لتجيبه بميوعة أم هو يتخيل؟!
- لكننا ما زلنا في الصباح
وهل هو سيدع الرائح والغادي يتغزلن في شعرها ومفاتن جسدها البادية من التيشرت القطني الوردي الذي لاق، لاق بدرجة فاتنة مع بشرتها السمراء.

- اربطي شعرك كما اراه كل مرة، حذاري ان ينفلت منك
قالها بغضب وعينيه ترسلان رسائل خطرة جعل شادية لم تثأر كما اعتادت
ولم تغضب بل صاحت بعبوس
- هل تتحكم بي سرمد؟
لفها بنظرة حارقة جعل الدم يندفع التي أوردتها، خفضت نظراتها عن مرمى عينيه الثاقبتين وهو يجيبها بنبرة خشنة
- لا تعلمين ماذا تحديدا أريد التحكم به.

ارتعد جسدها فور كلماته الوقحة، مالت تجمع خصلات شعرها في كعكة متراخية لتخطف بجرأة كبيرة من حقيبة ظهره قبعة لتضعها على رأسها وهي تواجه بجرأة جعل حاجبيه ترتفعان بدهشة ثم ما لمعت عيناه بحرارة شديدة وهو يرى قد انثاه، عض نواجذه بغضب وهو يشيح فورة الغيرة كي لا يفسد صباحهم وخصوصا شادياااه الجديدة التي أمامه، توجه نحو الميكروباص متحدثا مع غسان، اقتربت جيهان وهي تراقب شقيقتها المختلفة.

بل الجديدة كليا عن التي تعلمها، لتسألها قائلة بعبوس
- مقولتيش انك هتيجي
صدر صوت خشن مقتربا منهما بعد أن أغلق بوابته التي تقابل بوابة منزلهما
- اتأخرت يا شادية
اشرقت ملامح شادية وهي تجيبه بهدوء
- لا يا وسيم جيت في وقتك
مال وسيم يحدق في ثياب شادية ليتمتم بإعجاب
- بس ايه الجمال ده على الصبح، مكنتش اعرف ان القمر بيطلع في الصبح
قلبت جيهان عينيها بملل ووصلتها رسالته الواضحة بالتجاهل إلا أنها اندفعت تصيح بقرف.

- ايه المعاكسة البلدي دي يا وسيم، دول بطلوها من ايام الثورة، طلعت مغازل فاشل
حك وسيم طرف ذقنه بإبهامه ليجيبها بنبرة ماكرة
- تحب تشوفي المغازل بيعمل ايه
هزت شادية رأسها بيأس وهي تبتعد عنهما لتتفاجئ بوجوده امامها وهو يتمتم بلهجة قاسية
- ماذا يقول؟
ألن تنتهي غيرته المحببة والمنعشة لأنوثتها، أهدته ارق ابتسامة على شفتيها وهي تجيبه بهدوء تعدل من حقيبة ظهرها.

- لا شئ، اخبرته ان ياتي معي، لن تحدث مشكلة إن أتى صحيح؟
تأملته مليا وبعض الأمل ألا يردها خائبة، زفر سرمد بحنق ثم تمتم بجفاء
- سنتأخر هيا
سارت بجواره وهي تسأله بفضول
- الى اين سنذهب؟
اجابها بهدوء وعينيه تتأملان كهرمانية عينيها المشبعة بالفضول
- جنوب سيناء وبالتحديد وادي الوشواش
سارت ثم توقفت وهي تهمس بقلق
- لكن سرمد أنا واختي لن نبيت هناك
اندفعت جيهان تصيح بحنق وهي تسبقها ناحية الميكروباص.

- شادية، متبقيش مفسدة للمتعة
التفت شادية ناحية سرمد بعبوس ليجيبها مطمئنا
- جئنا للتصوير لا تقلقي، وفرصة لك لزيارة مكان جديد
ارتسمت ابتسامة ظفر على شفتيها لتلتفت ناحية شقيقها بمكر لتصيح جيهان بحدة
- مفسدة للمتعة
لاعبت شادية حاجبيها قائلة
- اخرسي
اقترب غسان بمكر ولكزه من خاصرته قائلا
- لقد استدرجت الفتاة يا حقير
هز سرمد رأسه بيأس وهو يري الجميع داخل الميكروباص ليفتح باب المجاور للسائق قائلا.

- لا اعلم لما جلبتك معي
تمتم غسان بمكر وهو يصعد في الخلف
-ببساطة انا من سأقلك لفندقك
زفر سرمد رأسه يائسا ليأمر السائق بالانطلاق وهو يفتح حقيبته ليرفع عينيه نحو السارقة التي سرقت قبعته الخاصة ليجدها ترتسم ابتسامة هادئة على شفتيها وهي تتلاعب بهاتفها، اخفض ناظريه وهو يتمني ألا تكون تلك من نوباتها المفاجئة لأنه لن يمرها على خير مطلقا!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة