قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع والخمسون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع والخمسون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع والخمسون

كم مضت في سجنها هنا منذ هربوها من قفصها الذهبي، يومان، ثلاثة، هي حتى تجهل كم مر على فترة مكوثها هنا بعد أن أصبح نهارها ليلا وليلها نهارا، بين أربعة جدران ليست خانقة كالاخري، ما فعله نضال، بعد أن قطع اخر شئ يجعلها تصبر عليه، أدركت أن نضال كما هو، مشبع بقسوته ووحدته التي يناشدها بعيدا عن صخب عائلة يرغبها لكن لا يريدها...

إلى متي ستستمر اللف في تلك الدائرة اللانهائية، الى متى ستتوقف هي عن طب مساعدة غيرها، تلك المرة كانت أشد الحرص ألا يكون وقاص او فريال على علم بما تفعله، كانت حريصة على ألا يعلم أحد بخطتها الفاشلة بالهرب...

لكن جيهان، تلك الفتاة المجنونة المليئة بصخب الحياة، دفعها لأن تثق بها وهي في تسير معها في اروقة جامعتها حينما اخذت درجات عامها الأول، لم تحصل على درجات عليا بسبب عملها، لكنها نجحت، نجحت والأعوام القادمة ستقدر على أن تجتهد أكثر، ستعمل بشهادتها وعملها الحالي سيكون سبب جنيها للمال، ارخت رأسها على الحائط وهي لا تصدق أنها مختبئة في منزل صيفي الخاصة بعائلة السويسري للعطلات، ما فعلته غباء، غباء تام، لا تستهين هي بقدرة نضال على جلبها من عقر الدار، لكن لا تعلم لما تثق بجيهان وخصوصا انها تفاجئت بانها تحمل حاسوب وما تفعله كمثل مخترقي الحواسيب في الافلام، توقعت المخترقين في الأفلام الأجنبية لا وجود لهم في مصر، بالطبع موجودين في مراكز الأمن التابع للدولة لكن شخص حر، كجيهان التي أمرتها أن تحتفظ بهذا السر الصغير، كيف صغير، الفتاة اخترقت كاميرات المراقبة الخاصة بالحي الذي تسكن به حتى وصلت للعقار الذي تقطن به.

اغمضت فرح جفنيها وهي تتنفس بصعوبة، جيهان تلك المجنونة، كيف لم تخشي، بل كيف تعلمت مثل تلك الامور الخطيرة، وحينما سألتها إذا كانت تستطيع أن تعلم ما يحدث داخل منزله، طالعته جيهان ساخرة صدقيني انتي مش عايزاني ابقي كبش فدا في ايده، اجهزته محمية يافرح ممكن اخد وقت واخترقه بس كدا هكشف ورقي بسهولة وانتي واضح عايزة وقت عشان تواجهيه
عضت شفتها السفلى بألم، لتردد بشجاعة مزيفة
- انتي قوية يا فرح، قوية.

جرحت، واهينت، بل عاملها كعبدة لشهواته، ثم مربية بمرتبة زوجة، كل هذا دافعها للانتقام من نفسها اولا، لانها سمحت لنفسها ان تهين المتبقي من كرامتها التي هدرت، ثم هو
لا تعلم كيف، لكنها ستجد حتما طريقة، فتحت جفنيها وهي تمتم لنفسها
- بتحصل مش اخر واحدة تتجرح، وراكي مشوار مهم وطويل، طويل بس انتي قدها
ارتعدت فرائصها حينما استمعت الى صوت متهكم من خلفها
- خلصتي.

وضعت يدها على خفقات قلبها المرتعبة، تهدأ من نبضات قلبها الملتاعة قائلة
- جيهان رعبتيني
هزت جيهان رأسها بلا مبالاة لتقول وهي تجلس على الاريكة
- واضح انك اترعبتي مني، ها يا ست فرح ناوية على ايه
بدي الحماسة تلمع في عيني جيهان لتقول فرح بهدوء
- ولا حاجه حاليا، عايزة ارتاح
حدقت بها جيهان بصدمة، هل تلك المغامرة ستكون كئيبة، حتما لا، غمغمت بهدوء
- انتي عارفة ان جوزك مجنون
عضت فرح طرف شفتها السفلى، لتهمس قائلة.

- عارفة
عاودتها جيهان الحماسة مرة أخرى لتصفق يداها قائلة
- واول واحد هينفجر فيه هو ناجي
ضيقت فرح جبينها لتنظر اليها بعبوس قائلة
- وايه دخل ناجي في الموضوع
استقامت جيهان بملل، الفتاة تلك ستصيبها بجلطة، سحبتها بحدة لتجلس على المقعد قائلة
- يا اما انتي غبية او بتمثلي انك غبية، جوزك مكنش هيعمل فيها طرزان قدام ناجي الا لو حس بالتهديد
رفعت عينيها وهي تنظر اليها ببعض الإدراك، لتقول جيهان ببعض المكر.

- الست بتحس لما جوزها بيخونها من تصرفاته وأفعاله
انتفضت فرح قائمة من مقعدها لتنفجر في وجهها ساخطة
- انا لا يمكن اسمحلك يا جيهان انك
قاطعتها جيهان ببرود شديد
- اهدي، انا مش اقصد اي تفكير جيه في بالك وخيالك الواسع ده، كل اللي اقصده زي ما الست بتحس بجوزها، صدقي او لا تصدقي الراجل برضو، مش بيكون عندهم تحكم بالأعصاب زي عندنا لان ده بيمس كبريائهم العظيم.

ضيقت فرح عينيها وهي تحدق بجيهان، محاولة أن تفهمها، وتفهم منطقها لتهمس بياس
- متحاملة على الرجالة
هزت جيهان رأسها بلا مبالاة قائلة
- شايفاني رضوي الشربيني
انفرجت عن فرح ابتسامة ناعمة لتهمس
- لا، جيجي السويسري
هزت جيهان رأسها بغرور شديد قائلة
- وللاسف مفيش منها اتنين في العالم، حاليا
ابتسمت فرح ببعض التوتر وهي تقترب منها ممسكة بيديها قائلة ببعض القلق
- انا عارفة اني ورطتك
انفجرت جيهان ضاحكة لتقول بمشاكسة.

- انتي ورطتيني، للاسف اتعودت اخش في مشاكل بس متقلقيش، انا قدها، لما اوصل للخمسين ممكن اكتب قصة عن حياتي كمصلحة عاطفية
عادت جيهان تجذب تلك المسكينة، المحطمة عاطفيا تجلسها على الأريكة لتقول بهدوء
- المهم جوزك الفاضل زي ما قولتلك محطته الأولى ناجي ثم وقاص بعدين انا
شعرت فرح بالأسف، والحزن لما سيحدث لحيوات الآخرون واولهم جيهان لتقول
- صدقيني مش هقعد لفترة طويلة انا بس محتاجة اهدي وارتب حياتي.

نظرت جيهان بحزم شديد إلى فرح
- اوعي تضيعي مستقبلك
تخبرها عن جامعتها، تحفزها عن هدفها الأهم، لتترقرق الدموع من عيني فرح هامسة
- انا اسفه
جذبتها جيهان لعناق اخوي، لم تجربه فرح يوما، لتربت جيهان على ظهرها قائلة
- متقلقيش بقالي فترة في حالة مسالمة، وحشتني الخناقات
مسحت فرح الدموع من عينيها لتهمس باسف
- اسفه للي هيحصل
ابتسمت جيهان وهي تقول بمشاكسة لطيفة.

- خليه يبقى مجنون، مش ده هدفك، هكون حريصة على أنه يكون مجنون.

ترجل نضال من سيارته وشحنات الغضب تدفعه للفتك بمن أمامه، قطته الصغيرة هربت منه
بحثه المضني عنها جعله يظن انه يبحث في كومة القش
اختفائها ضرب كبريائه واعتداده الذكوري وثقته المفرطة بنفس
اشبه بطعنة غدر طعنت خلف ظهره، ما زال عقله لا يصدق انها تجرأت وفعلتها
غلطتها تلك غلطة لن تغتفر، إلى ماذا تريد الوصول باختفائها الذي دام لأربعة أيام، الله اعلم مع من هي، ذكائه خانه وهو يتعامل مع الوضع بنكران.

لكن أن تظل كل تلك الليالي، اللعنة، اللعنة عليها، إن ظنت تلك القطة ستهزمه...
عيناه ارتفعت نحو عقار مبني لا يقل رقيا عن خاصته، في حي راقي، لوي شفتيه بسخرية وهو يأمر رجاله بالتوقف، اقتحم المبنى دون الاكتراث برجال الأمن الذين حاولوا إيقافه ومعرفة هويته...
ما ان دلف المصعد وعينيه قابلت اعين رجال الأمن الذين تعاملوا ببعض الخشونة من رجاله ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه، التمعت عيناه بشراسة وهو يتمتم.

لقد حان وقت الحساب الان!
انتظر لثواني حتى وصل المصعد للطابق المنشود، انتزع بجسده انتزاعا وهو يضم قبضته، لقد عاد المحارب لارض معركته
انتظر بفارغ الصبر وهو يضغط ابهامه بعنف على جرس الباب، حتى استمع الى صوت ذلك الحقير يتمتم ببعض العبارات الحانقة، وما ان فتح الباب حتى هجم عليه بكل عدائية وكل طاقة غضب يسدد لكمة عنيفة في وجهه
- يا و، ورحمة أغلي ما عندي لاندمك على كل حاجه يا.

صاح بها صارخا وهو يجذبه من تلابيب قميصه، ناجي نفسه يحاول ان يستوعب ان شاحنة هجمت عليه في بيته، أمسك ناجي بقبضة نضال ليضغط عليها بعنف وهو يصيح بوجهه حانق
- انت اتجننت جاي تتهجم عليا في بيتي
ارتسمت ابتسامة باردة على شفتي نضال وقال ببرود شديد مناقض للبراكين الثائرة وهو يسدد بقبضة يده الاخرى على فكه الآخر
- لا وبضربك يا.

جز ناجي على اسنانه بحدة، لقد اكتفي من ذلك البربري وتصرفاته العدوانية، أصبح القتال لأجل البقاء
واثبات من كلا الخصمين أنهما قادران على المقارعة، فرداء الصبر مزق
المعركة أشبه بمعركة بدائية والمكان الفسيح بينهما أصبح خانقا، مالم يسدده بيدهما إلى عظام الاخر، يهشما اثاث البيت الكلاسيكي، سدد ناجي في محاولات ناجحة أولية منه إلى وجه نضال المستفز ليهدر في وجهه قائلا.

- تصرف متوقع من شخص همجي مثلك، جاي تعتدي على بيتي
انفجر نضال ضاحكا وهو يدفعه بكل قوة ليسقط أرضا، يسدد لكمات في مفترق جسده وهو يهدر بانفجار
- وانت بقي صاحب الأخلاق والمبادئ
عروقه نافرة، وحاجبيه منعقدان وشفتين حازمتين، نضال لا يريد سوى إثبات شئ واحد
فرح، له، لا رجل ولا نصف رجل حتى سيأخذها منه
سحبه من تلابيب قميصه لينظر بجنون إلى دماء ناجي المنبثقة من أنفه.

- ولما انت راجل اوي كده بتبص على حاجه مش ملكك ليه يا
ارتسمت ابتسامة على شفتي ناجي، وهو يحاول أخذ استراحة صغيرة من ذلك الهجوم، ينظر اليه ببرود استفز ذلك المارد الشيطاني امامه، بكل قوة متبقية منه ابطحه أرضا وهو يلكمه في وجهه بشراسة، يأخذ بثأره الصغير حينما تهجم عليه في مكتبه قائلا
- ولما انت بتغير عليها كدا شجعتها تاخد الخطوة دي ليه، سكوتك كان تشجيع ليها.

ثم تابع بنبرة مستفزة جعل وجه نضال يتجهم لكن الحريق المندلع في عينيه لم يفته
- ده على كده كل معجب هتتجهم عليه في بيته وتضربه، بدأت اتخيلك وانت في السجن واعلان مثير للاهتمام زوج غيور يتهجم على بيوت معجبين زوجته الشهيرة اعلان جذاب مش كدا
سدد ناجي لكمه أخرى في وجهه وهو يتنفس بهدر، تلك المشاجرة، اللعنة استفزته وهو بالكاد ذهب للنوم منذ ساعتين، ليتمتم بجمود
- لا اعتقد دوري انا المرة دي.

ارتسمت ابتسامة على شفتي نضال، يبدو أن الرجل بات يتقن أساليب الرجال وهو ظن لوهلة انه ليس اهلا بالحرب معه، لا يوجد أحد اهلا للحرب حتى هذا الذي يحاول اثبات شئ له، زمجر بحدة
- محدش قدي
ابتعد ناجي عنه وهو يستقيم واقفا بصعوبة متحملا ذلك الدوار ليمسح الدماء من انفه بكف يده قائلا بنبرة متهدجة
- بدل ما عاملي فيها سبع الرجالة اوى كدا، روحلها واحبسها
ارتسمت ابتسامة قاسية على شفتي نضال وناجي يهدر في وجهه قائلا.

- هينها واضربها
رمقه ناجي من خصلات شعره وبعض الكدمات التي سددها لوجهه كما فعل معه، مرر أنامله بسخط على خصلات شعره ليتابع
- خلتها نسخة باهتة، صدقني مكنتش محتاجة تشتكي لحد وتقول حياتها معاك، نظرات عينيها كانت كفاية للاعمى حتى
اكتفي نضال بالصمت، لن ينكر، هذا ما فعله معها تماما، لكن لما الثورة الان؟!
استمع الى نبرة ناجي الحازمة.

- اتفضل برا بيتي، والا بلغت عليك البوليس وصدقني بحجم نفوذك الا اني بنفوذي هكسرك
عجبا، هل أصبح لذلك نصف الرجل صوت الان، استفزه، حتما بعد تلك المعركة المشتعلة، ظن أنه لن يكون قادر على مقارعته ويجلب بعض الملل لنضال وهو يظن أن نصف الرجل أمامه لا يعلم مشاجرات بالأيدي، لكن عجبا ليس سيئا!

اقترب نضال منه وهو يوجه لكمة أودع بها كل غله وحنقه من كلماته الحقيرة واختفاء قطته مما جعل ناجي يسقط ارضا متوجعا، رغم تعبيرات الالم البادية على وجهه الا انه لم ينبس ببنت شفه، جثي نضال بجسده وهو يهمس بوحشية قائلا
-مفيش حاجه تكسر نضال الغانم.

ثم استقام وهو يعدل هندام ملابسه مغلقا الباب خلفه بحدة، جعل ناجي يجز على اسنانه متحاملا الالم ليستقيم قائما، دوار لفه جعلت الرؤية تشوش للحظات، اغمض ناجي عينيه، تلك الغبية جيهان، لا يوجد سواها عالمة بمكان فرح، ستؤدي بنفسها للتهلكة تلك الحمقاء من مواجهة رجل جريح بكبريائه ك نضال.

انفجر سامر، شقيق سرمد هادرا بنبرة مرحة
- اللعنة عليك يا غبي العقل، هل اخبرتها صراحة انك ستقبلها
جز سرمد على اسنانه ساخطا. ، ذلك المزعج لن يكف عن الالتصاق به، هي كلمة نطقها عارضة فقط لم يحكي أي تفاصيل، أي تفاصيل تخص امرأته وما حدث بينهما، مزحة سخيفة القاها مع غسان فقط، سرعان ذلك الواشي انطلق يخبر عائلته، ما زال سامر يختبر قدرته على الاحتمال.

- أخبرني أي عرق لعين يسير في أوردتك هل هي الايطالية أم الشرقي؟
لن يتخلص منه يعترف، صفر لكلبه الذي يركض بحرية بين الأرجاء ليهز الكلب ذيله وهو يقترب من صديقه، مرر سرمد بخفر على فراء سيد ليرد بحدة
- كلاهما يا شقيق كلاهما
استمع الى صوت والدته عبر سماعة الهاتف
- اعطني ذلك الهاتف.

قلب سرمد عينيه وهو يحاول التحكم باعصابه، ما قاله غسان اكيد اكبر بكثير مما حدث، يعلم خيالات صديقه الجامحة مثله، لكن هو لم يستطيع أن ينفذ شئ سوى أن يؤذيها جسديا، يتذكر أنينها و ارتجاف جسدها بين ذراعيه، رائحتها الخاصة التي لم يتعرف عليها حتى الآن، ابتسم قائلا بنبرة مشاكسة
- جميلتي
انفجرت والدته بحدة صارخة
- ماذا فعلت يا احمق العقل، بأي عقل انت تفكر، هل هذه وصيتي لك، ثم لما لم تبعث صورتها لي أريد رؤيتها.

سرمد كان يجول حوله مما جعله يعترف امامها
- الصور تبخس من جمالها امي، عليك رؤية ما يموج في عينيها
شهقت أمه وبدأ يعلم انها تبكي لتهمس بنبرة متحشرجة
- يا ولدي، اتعلم لكم انتظرت أن تعرب عن حبك لامرأة، حتى الغبي الآخر لا يحاول حتى ان يبحث عن علاقة جدية لكن طالما هو في منزلي فأنا حريصة على ألا يلعب بذيله كما تفعل انت
جز سرمد أسنانه بسخط مزمجرا
- افعلها مع امرأتي
قاطعته والدته بحدة وصرامة.

- ليست امرأتك سرمد، ليس بعد، تنحي عن تهورك الايطالي هذا واكسب الفتاة
لوى شفتيه بسخرية، ليتلاعب بحاجبيه قائلا بمكر
- تنجذب لوقاحتي امي
انتبه سرمد على وجود صديقه غسان الذي قاطعه بصوت اجش
- اللعنة، أنت تكذب
ارتسم الحنق على وجه سرمد وهو يري سبب حنقه، ليسمع صوت والدته
- هل هذا صوت صديقك؟
حدجه سرمد بنظرة قاسية قبل أن يتمتم
- نعم هو ذلك المزعج، الذي خطف قلبك مني
استمع الى نبرة والدته الغاضبة.

- اصمت يا غبي ودعني احدثه
القي نظرة إلى غسان ثم بكل غضب وغيرة صاح
- هو مشغول باطعام سيد الان
انهي سرمد مكالمته، ثم نظر إلى غسان الذي ينظر إليه بعبوس قائلا
- ماذا
قلب غسان عيناه بملل قائلا
- تحب وقاحتي، حقا!، انت كاذب كبير
انفرج عن شفتيه ابتسامة متسلية ليقول
- أليس هذا ما يجعل الفتيات ينجذبن لنا، انا املك سحرا لا يقاوم
حاول غسان أن يرد عليه، الا انه تمتم بحدة
- لن أستمر في الجدال معك.

رمقه سرمد بحدة ثم قال بسخرية
- وكأنك قادر على مجابهتي
القي غسان نظرة خاصة نحو الكلب، ليتمتم بانزعاج
- متى ستأخذ ذلك المزعج
وضع سرمد يديه في جيب بنطاله قائلا
- أوشكت المرحلة الأولى من تجهيز شقتي على الانتهاء
التمع التسلية في عيني غسان ليقول
- شقتك انت والبرتقالية، هنيئا لك يا رجل ستتزوج أخيرا
ثم تابع باستفزاز شديد
- ماذا، لاتخبرني العروس رفضتك ستكون تلك اهانة كبيرة لعائلتك المعتزة بكبريائها.

جز سرمد على اسنانه غاضبا، دائما غسان لا يتوارى عن الأخذ بحقه حتى في المشاجرات الكلامية، نظر إلى التصميم في عيني صديقه وهو يقول بنبرة بها بعض التملك
- ستكون لي، مهما تملصت وشيدت إلا أنها في مرحلة ما ستضعف
صفق غسان بيده قائلا
- احب هذا منك يا ابن النجم.

في قرية الغانم،
تجول رهف بين ارجاء قرية شقيقها بصحبة فريال، مجئ نضال المفاجئ للقصر واقتحامه بغضب واتهامه لشقيقها انه السبب في اختفاء فرح، فرح التي وللعجب لم يعلم أحدا اختفائها إلا منه...
رغم كل حنق وغضب نضال المتفاقم إلا أنها تتفهمه، تشعر به، لطالما احست بتلك الوحدة بين عائلتها في حين غياب وقاص عنها، لكن كانا يحيطانها باهتمام مزيف من مال ورفقة باردة، لكن ماذا عن نضال.

فترة نقاهتها جعلها تبدأ تفكر في الجميع، الكل قبلها، تري معاناة الجميع ثم معاناتها، لطالما اسرار جثتها على أن ترى بعينين يقظتين إلى الالامهم وان المها هو اقل وهنا بما عاشته إذا استطاعت أن تنجو، لم تنجو كليا إلا أنها نجت.
انتبهت على صوت فريال المتسائل
- اعتقد انك هنا احسن
ازدردت رهف ريقها بتوتر، وهي تخشى اجتماع أخويها معا تحت سقف واحد، كان شقيقها صلبا غير متأثر ولو للحظة لانفجار أخيها نضال
- يعني شوية.

جلست فريال على احدى المقاعد وهي تزفر قائلة بملل
- واضح ان نضال الغانم مش عايز يستقر
جلست رهف بجوارها وهي تميل رأسها قائلة بابتسامة حزينة
- نضال خايف يتعلق، التعلق وحش يا فريال، خصوصا لما يلاقي اللي متعلق بيه مشي من حياته، مش مستغربة من تصرفاته بس انا خايفة عليه
غامت عينا رهف الزرقاوتين وهي ترفع رأسها قائلة بصوت اجش مضطرب.

- نضال كان صخرة افتكرتها هشة وقت ما سافر وقاص، للحظة حسيت الحماية اللي دايما وقاص بيغلفني بيها اختفت، حسيت اني لوحدي، حسيت اني يتيمة
اختنقت انفاس رهف وهي تحاول رويدا وعبثا ان تهدا من بكائها لتهمس
- عارفة احساس تكوني يتيمة في بيت فيه أب وأم يا فريال، وقاص كان بيقدر يعوضني عن النقص ده.

قسوة نضال كانت مؤلمة للحد الذي جعلها تظن أنها انكسرت وما عادت تستطيع النهوض، لكنها غفلت ان هو من كان يعلمها ان الصخرة التي كادت أن تحطم ضلوعها ما هي الا صخرة صغيرة مقارنة لما ستمر به في مواجهتها القادمة، كان قاسي بدرسه، لكن لولاه لما استطاعت الصمود وان تستطيع ان تتخطى ماضيها كما استطاع الآخرون بالمثل، مستفيدين من تجاربهم.

- نضال كان اب قاسي وحنين في تعليمه، كان بيوريني ان الدنيا مش بالروعة اللي وقاص اللي بينسجهالي، بيوريني ان الدنيا وحشة وحشة والحلاوة اللي فيها هي وجودنا بين أشخاص بتحبنا وبنحبهم
مسحت الدموع من عينيها لترتعش شفتيها بألم
- نضال وحيد، وحيد من صغره وعمره ما جرب الشعور بالاهتمام زي ما انا ما جربته، اه بابا وماما فاكرين البنت الصغيرة اللي طلباتها اوامر بس كان اهتمام بارد، بس كان اهتمام، بس نضال.

عضت على شفتها السفلى بألم لترفع عينيها المعذبتين لفريال التي سارعت بعانقها مؤازرة
- كل يوم بتشجع، كل يوم بحاول اتسلح اروح لنزار واقوله ان انا مش بالشكل اللي متصورني بيه
مررت فريال اناملها على ظهر رهف قائلة بصلابة شديدة مناقضة للدموع التي تخرج من مقلتيها أثر هرموناتها المضطربة
- رهف انتي شجاعة، انتي صلبة، انتي اقوى مني، مخلتيش اللي مر في حياتك قبل كدا تكون عقبة لحياتك.

انفجرت رهف بحرقة وأشباح الماضي يعاودها مرة اخرى
- انا بترعب كل ليلة يا فريال، قبل ما انام مش قادرة انسي لمساته القذرة على جسمي يا فريال وكلامه القذر عليا
رفعت رهف راسها بابتسامة ناعمة تشق كل ذلك الألم في ملامحها لتقول
- بس نزار بيقدر يسحبني من المكان اللي علقت فيه
مررت فريال اناملها بارتجاف لتهمس
- اهدي يا حبيبتي، أهدي.

رغم المكان منح خصوصية للمرأتين لكن عينين خضراوين التمعت بثأر صغير، بالنهاية كل شئ مدمر، ما المانع بأخذ بالثأر
لكرامة بعثرتها بيدها
وجرح لم يبرأ بعد
تحاول التناسي والتعافي، لكن عبثا لمحاولاتها التي تنتهي بإحدى نوبات بكاء وغضب.

التي تعانيها ليلا في غرفتها، انسحبت ببطئ شديد وهي عاقدة العزم للذهاب نحو الغافل، لطالما كانت تعلم منذ البداية أن بتلك الفتاة شئ مريب، وسمعتها السابقة لم تكن مشرفة وحتما الإشاعات التي سمعتها، من يعلم ربما تكون حقيقة!

تركت ساقيها تنطلق نحو مطعم ابن خالتها، اندفعت بتهور نحو الباب الرئيسي و بهاتفها تحمل مقطع صغير، ربما سيجلب سيشفي غليلها منها، لم تهتم بالنادل الذي اندفعت تصطدم به وهو بالكاد حافظ على توازنه، دفعت بكلتا يديها باب المطبخ لتتنفس بهدر وعينيها تبحثان عنه، لم تبحث كثيرا وهي تجده ينزع مريوله الخاص وبعض علامات القلق لمعت عينيه الراكدتين، سألها بقلق
- بيسان، شو عم تعملي هون؟ خالتي بخير؟

عضت على طرف شفتها السفلى، رغم فداحة ما تقوله، الا ان التراجع فات
وقبل أن تجبن، اندفعت تقول بتهور
- اعتقد انه لازم تعرف حقيقة خطيبتك يا نزار، مش عايزاك تتخدع اكتر من كدا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة