قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الخامس والخمسون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الخامس والخمسون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الخامس والخمسون

لا تسأل شخصا وهو مندفع بالغضب لما ارتكب حماقة
أو جريمة
يكون العقل وقتها طالبا للثأر، كرامة جريحة يود استرجاعها، صورة مهتزة يود تصحيحها
لا يفكر في أبعاد الأمر الذي أوشك على ارتكابه، كل ما يدفعه هو أن يسترد جزءا منه انتزعت بغبائه، و غباء وحماقة يود استرجاعها.
أي خيار أهون
الرقص على حبال رفيعة واسفلك قاع بحر، أو التأرجح على حافة هاوية
كلاهما موت، لكن هناك معاناة صغيرة في إحداهما؟!

ربما! وربما تقبض أنفاسه أثناء سقوطه!
يديها تتعرقان وهي تشعر بالسخف أمام وقوفها في المطبخ أمام العشرات من الطهاة لتندفع بتهور
- اعتقد انه لازم تعرف حقيقة خطيبتك يا نزار، مش عايزاك تتخدع اكتر من كدا
لا وقت للتراجع، خصوصا وهي ترى الشحوب يزحف تدريجيا وجهه الوسيم، وجه يشبه وجه شقيقه الا ان الاخر، مندفع بطاقة غضب بعكس نزار الهادئ، الا اوقات عمله تشهد بصرامته..

ازدردت ريقها وهي تشعر بالسخف الشديد لما تفعله، حتى وهي تتململ في وقفتها وتحاول ان تجعل لسانها الملتصق بحلقها يتفوه بشئ
- شوو أصدك؟

قالها نزار بحاجبين منعقدين، ولا تنكر أن عينيه الراكدتين لم تعودا راكدتين، شعرت بأنامله تقبض على ذراعها وهو يسحبها ببعض الحدة والحزم، تعثرت بيسان للحظات حتى حاولت أن تواكب خطواته الشبة راكضة، وجدته يدفع بباب مكتبه ثم أغلق الباب بهدوء، حتما لا يناسب الأجواء التي اندلعت بسببها.

بقي منتظرا منها تفسيرا، بنفاذ صبر تراه يحاول أن يتحكم باعصابه، رفعت هاتفها وهي تشغل مقطع صغير بالكاد التقطته من حديث خاص لخطيبته المبجلة وامرأة أخرى لم تتعرف عليها...
- شوف الفيديو ده
كانت عينا نزار تنظر باهتمام شديد إلى ما في يديها الا ان عيناه اتسعت بدهشة حينما اغلقت شاشة هاتفها بتوتر فضحها جعله يقول بانزعاج
- لك بيسان شو في؟

لا تأمنه ولا تأمن أي رجل خصوصا في لحظات الغضب، شئ جعلها تتراجع، لترسل مقطع الفيديو لجهازه قائلة بتعجل
- بعتهولك، عن اذنك.

خرجت شبه مهرولة، راكضة بمعني الحرفي، كوحش مفترس وهمي يركض خلفها على وشك افتراسها، كادت تصطدم حرفيا بجسد شخص ما الا ان يدين قويتين منعت التصادم، رفعت رأسها لترى صاحبها وما كان سوى وحشها الحاضر و كابوسها الذي حل عليها في يقظتها ونومها، اضطربت عينيها وهي تطالعه ببعض القلق ثم الخوف الذي بدأ يتسرب منها تدريجيا.

لا تعلم ما فعلته، لكن شئ أخبرها بقيامه، شئ دفعها بانتقام صغير ان تخبره شئ هي حتى لا تعلم ما هو؟!، لكن زرع بذرة الشك كان وقتها بدليل قدم على طبق من ذهب، فكرة رائعة وطبق لا يأتي للعمر سوى مرة واحدة..!
عبس غسان وهو يري صاحبة العينين الدابحتين تخرج تحديدا من مطعم شقيقه، اضطرابها وهلعها من رؤيته وكأنه شرطي قبض على المجرم متلبسا بجريمته..

النيران اشتعلت في عينيه مما جعلها تتراجع خطوة قلقة مما هو مقدم عليه، لم يمهلها فرصة للابتعاد عنه اذ وجدته يجذبها بقسوة هادرا في وجهها
- لك انت شو عم تعملي هون
هدرت انفاسها بعنف وهي تحدق في عينيه بحنق وغضب مستعر، لطالما كرهت تسلطه الغير مبرر عليها، جاعلا من نفسه المتحكم بحياتها، نزعت ذراعها بقوة المتها وهي تصرخ في وجهه قائلة
- حد قالك انه مكانك، اوعي من وشي.

طالعها بدهشة لثانية مرات ليعارض طريقها وهو يصيح بانزعاج
- ولسانك أد سبع شطلات كمان نفسي افهم انت شو رضعانة وانت صغيرة
ك ديكان يتقارعان أيهما له الحق للأخذ بمكانه، الشعلة في عينيها المتراقصة جعلته يرفع حاجبه بشرر وهو يسمع ردها المستفز ككل ما بها
- اني ابقي وقحة مع عديم التربية، ايه رأيك!

وجهها المضرج بالحمرة أثار غضبها وحنقها منه، انفها المحمرة بطبيعة وعينيها الشرستين المندلعتين بغضب ناري، أدفئه وجعله يطالعها مشدوها لثواني، لتهبط عيناه يري سبب فقدانه لتهوره
شفتيها ناضجتين، حان وقت قطافها، نيران اندلعت في جوفه، وحمم بركانية تسري في عروقه ليهسهس بغضب موجها له اولا
- ماشاء وطلع للقطة لسااااان طويل
قلبت عينيها بملل قائلة بابتسامة باردة
- وطلع للكلب ديل، سبحان الله.

اتسعت عيناه بجنون مخيف، لتتراجع خطوة وحينما تقدم خطوة منها، ازدردت ريقها وهي تحاول الاستجداء بشخص تعلمه وأن تأمن شره ذلك اليوم، الا يكفي ان والدتها منبهرة به، بل تشعر أنها انجبته من رحمها وليست هي، كادت ان تنفجر ضاحكة حينما صاح بحنق
- احترمي حالك
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها قائلة
- مش قولتلك ابقي قليلة الادب مع اللي مترباش.

وقحة، وقحة، يقسم انه سيكون اكثر من مسرور لأعادة تربيتها تلك الوقحة، فقط لو لم تكن ابنة خالته، ربما لانتزع لسانها ثم شفتيها المستفزتين تلك ثم كسر عنقها
- والله انت بدك ترباية من اول وجديد
قالها وهو يجز على اسنانه واضعا يديه في جيب بنطاله كي لا تمتد يداه لدك عنقها البض، لوت بيسان شفتيها لتهمس
- وانت عايز تاخدلك قلمين عشان تفوق.

كانت تعنيها تلك الجملة، تريده أن يفيق ذلك المغرور، لتسمعه يصيح حانقا من همهماتها الغير مفهومة
- شو عم تبربري ياانسة
أمسكت بحقيبتها قائلة بتعجل حينما شعرت أن مكوثها طال أكثر من اللازم، والقابع بالداخل ربما يخرج ويفجر غضبه في وجهها
- مبقولش، عن اذنك.

لم يخفي غسان هاجس ان تلك المغفلة ذهبت لرؤية شقيقه، لا يعلم أي مصيبة فعلتها تلك المرة؟، هل لتلك الدرجة تخشى أن يراهما؟ أشاح ما رواد تفكيره، اخر شئ هو أن تخاف تلك الوقحة منه، يبقى الاحتمال الأول وهي أنها قامت بحماقة هو المرجح ليتفاجأ بصوت صديقه سرمد الذي كان يشاهد كمتفرج يشاهد فيلما كوميديا حصريا، قارئا ردات الفعل بين الطرفين ولغة جسدهما، اقترب قائلا بمكر
- من تلك الشقراء؟

طالعها غسان بنظرات غامضة حتى اختفت عن ناظره ليقول بعبوس
- ابنة خالتي
لكزه سرمد في معدته قائلا بمشاكسة
- يا وتخبرني أنك لا تجد حسناوات هنا وأنت تمرح هنا
انقبضت معالم وجهه غسان مما دفع لسرمد الابتسام ببرود شديد، يأخذ ثأره حينما ذكر محاسن برتقاليته أمامه مشاكسا اياه لقتله على الفور أن علم أن صديقه مال إلى امرأته
صاح غسان بجدية ونبرة حذرة من التمادي
- سرمد
انفجر سرمد ضاحكا وهو يقول بعبث.

- هل استشف نبرة تملك هنا؟
أشاح غسان وجهه للجهة الاخرى، آخر ما يوده الان استفزاز سرمد وهو كاللعنة دائما يسقط ويستسلم لنوبه غضبه، صاح بحدة شديدة
- لا دخل لك بها
مال سرمد راسه ليقول
- يبدو انك جدي للغاية، متى اكتشفت أن لك ابنة خالة جميلة
وكلمة جميلة وضع أسفلها عشرين خطا، ليراقب تعابير غسان التي تحولت من الساخطة للحانقة ثم الغضب الذي انفجر في تعابير وجهه
- منذ أن قدمت لهنا.

قالها وكأنه يتلفظها ليضع سرمد ذراعه حول عنق غسان قائلا
- وكل تلك الأسابيع ولم تخبرني عنها
الغضب في صوته والتوتر الذي انفضح امام عيني سرمد الثاقبتين لكل خلجة تصدر من صديقه
- سليطة اللسان، ثم ليست من نوعي المفضل
راقبه سرمد بعدم تصديق، هو لم ينكر حينما شعر بقوة عاطفته لبرتقاليته ولم يجادل حتى، كان رجل مرحب بالسقوط، هز سرمد رأسه قائلا بنبرة عابثة.

- شقراء وعينين خضراوين وجسد مثالي ثم تخبرني أنها ليست من نوعك المفضل، حسنا يبدو أنها من نوع المفضل لدى العديد من الرجال غيرك
زفر غسان بحدة، وهو يحاول أن يقتبس بعض الهدوء، لكن ذلك المزعج بجواره لا ينفك سوى ان يزيده غضبا ليقول بانزعاج ساخط
- هل تريدني أن أقتلك؟
ارتسمت ابتسامة متشفية، مخبرا اياه بعينيه انه مرحبا به في نادي العاشقون ليتمتم
- ألم أخبرك أنك كاذب؟

انتبها لصوت الباب الذي فتح بقوة ليعقد سرمد حاجبيه وهو يرى شقيق غسان الذي خرج من المطعم ببعض الغضب الذي يستطيع أن يقرأه في لغة جسده، مال قائلا لغسان الذي يبدو أنه في فقاعة خاص منعزل عن العالم المحيط به
- ما به شقيقك؟
انتبه غسان لنبرة سرمد الجادة ليرفع رأسه محدقا في شقيقه الذي يبدو متغيرا عن عادته، هاجس مخيف وشئ لا يستبعده ولو احتمال ضئيل، جعله موقن أن تلك الحالة بسبب تلك الداهية الصغيرة.

تمني، تمني من قلبه أن لا يكون لها علاقة بما آل لشقيقه ليقول ببعض الهدوء
- لا أعلم، ربما مشاكل بالعمل
هز سرمد وهو يصفر لسيد الذي ركض تاركا طعامه، مرر سرمد أنامله في فراء سيد قائلا
- اقترب جمعنا معا يا صديقي، كن مهذبا مع ابيك الثاني يا سيد
طالع الكلب على مضض غسان ثم هز رأسه، ليربت سرمد على رأسه قائلا
- كلب مطيع، سأذهب الآن يا صديقي.

عبس غسان وهو يضغط بقوة في جيب بنطاله، حالة شقيقه غير مبشرة، ان كانت هي من تسببت بهذا، فياويلها منه ومن بطشه!

في قصر الغانم،
وقف كلا منها ينظر إلى الاخر بنظرات مبهمة، نضال غضبه يعميه عن النظر للحقيقة ووقاص يبدو باردا أكثر من الحد المسموح له، رغم اشتعال الموقف، ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتي وقاص وهو يمد يده بكوب الماء للجالس أمامه ينظر إلى بنظرات تقسم أنها تكاد تحرق وقاص من مكانه
- اعتقد شغل الهمجية دي بطلناها مش كدا ولا ايه.

اخذ نضال كوب الماء بحدة ليضعها على الطاولة الصغيرة امامه، لم يأتي هنا للتسامر أو للضيافة، غياب فرح الذي يراه طال زاده سخطا، وغضبا وتهورا، صاح بحدة وهو يجز على اسنانه ساخطا
- فين فرح
ضم وقاص يديه في جيب بنطاله وهو يتذكر قبل نصف ساعة من اقتحام اخيه البربري لمنزله هائجا باحثا عن فرح، فرح غائبة ومنذ عدة أيام ولم يعلم سوى اليوم، غمغم وقاص ببرود
- وانا هعرف منين مكان فرح.

الوضع اصبح مثير للسخرية، نضال المعروف عنه بسخريته وبرودة حتى في أشد اللحظات حرجا يكون ساخطا، مندفع بطاقة غضب عكس أخيه وقاص الذي يحاول التفكير بمن لجئت للهرب؟ وماذا فعل شقيقه لتهرب منه تلك المرة؟!
استمع إلى هسهسة نضال الحانقة
- خطفتها مني المرة الأولى
رفع وقاص حاجبه ممعن النظر إليه ليجيبه
- مخطفتهاش هي جت لحد عندي، وانا سبتها تقعد، عملت ايه خلتها تمشي وتسيبك.

صاح نضال بحدة وهو يطيح بالكوب أرضا ليتهشم إلى شظايا جارحة
- متقدرش تسبني بمزاجها، انا كنت وقتها موتها بأيدي
نظر وقاص إلى الكوب المنكسر ثم اليه ليقول ببرودة اعصاب
- جميل وبعدين
خبط نضال بعنف على سطح مكتبه، ذلك البرود الذي يحدثه به وقاص، يجعله على وشك قتله، بل ارتكاب جناية، صاح بنبرة فاقدة للسيطرة
عايز اعرف هي فين
رفع وقاص يديه مشيرا حوله قائلا.

- عندك القصر اهو، روح فتش كل اوضة فيه، وبعدها نتكلم زي أي اتنين عاقلين
ذلك الرجل اصبح مستفز للأعصاب، اين وقاص القديم الذي ينفعل من أقل مجهود، لما يشعر أن كلاهما تبدلا، شعر بسخافة وجوده في ذلك المكان ناويا الرحيل الا ان وقاص صاح بصوت حاد
- عملت فيها ايه
التفت على عقبيه قائلا بغضب مستعر من عينيه
- محدش ليه دخل بمراتي
ارتسمت ابتسامة باردة على شفتي وقاص ليجيبه
- فرح تبقى من مسؤوليتي وتحت حمايتي حتى منك انت.

صحح نضال وعيناه تقدحان شررا
- فرح تحت حمايتي انا، لا انت ولا عشرة غيرك يدافعوا عنها
صاح صوت انثوي منفعل وصوت كعب حذائها يرن على الارضية المصقولة مما جعل نضال يقلب عينيه بملل
- ولما هي تحت حمايتك هربت منك ليه يا نضال.

التفت نضال نحو اسرار وهم بالصراخ في وجهها الاان وجهه شحب حينما رآي تلك اللمعة في عينيها الزرقاوين، لمعة الحياة افتقدتها اسرار منذ طفولتها حتى زواجها الأول، لمعة حياة ظن أنه غير محظوظة به مثله، لكن منذ زواجها بذلك البوهيمي، عجبا، أسرار تغيرت مائة وثمانون درجة، بالكاد يحاول التعرف على تلك الجديدة، أكل ذلك التغير فقط لأنها اجتمعت مع حبيب مراهقتها؟!
جز على اسنانه ليصيح بحنق
- انتي ايه اللي جابك هنا.

اقتربت اسرار منه لتنظر إلى وقاص بعبوس كونها لم تتلقي مكالمة منه بل من فريال التي اخبرتها عن ضرورة وجودها في المنزل، ابتسمت ببرود قائلة بنبرة ذات مغزى لوقاص
- لقيت اجتماع طارئ، قولت اشوفك يا نضال عملت ايه
نظر نضال اليهما ثم صاح بحدة
- فرح سابت البيت، ما انا هبقي النكتة بتاعتكم للفترة الجاية
هم بالرحيل إلا أن أسرار امسكت ذراعه قائلة بتوسل
- نضال اهدي، المواضيع دي متتاخدش بالعصبية.

نظر إلى يدها وطالبها بتركه إلا أنها تمسكت به بقوة، عينيها تتوسلانه بضعف جعله يقلب عينيه بملل ليصيح بفظاظة
- جيتي ازاي
اشرقت ابتسامتها والحياة تضج من كل خلجة في جسدها لتهمس
- بالسواق اللي عينه سراج من وقت ما حملت
ثم سرعان ما عادت تنظر اليه بعد أن أنهت هيامها المقزز لزوجها قائلة
- صدقني مش عايزين غير انك تبقي سعيد، كفاية اللي بتعمله في نفسك ده، انت بتأذي نفسك اكتر ما بتأذي اللي حواليك.

لوى نضال شفتيه محدقا في عينيها بعجز شديد ليهمس
- مش قادر
هزت رأسها تدعمه قائلة
- تقدر، نضال انت عارف انا رميت كل حاجة عشان ابقى مبسوطه مع اللي بحبه وبيحبني
عادت لتلك الكلمات المستفزة، نزع يدها ليصيح بحدة
- نفسي اعرف مين اللي ضحك عليكم بكلمة الحب
اكتفي وقاص بالصمت والمشاهدة لتمسكه أسرار بحدة من سترته قائلة.

- الحب مش مجرد حب بين الحبيبة، الحب يا للي ناكره، أمان واحتواء، خوف وقلق من انك تفقد اللي بتهتم بيه، الحب انك تحاول باكتر من طريقة وطريقة تسعد اللي بتهتم بيه، الحب يا نضال هي بذرة الخير اللي بنزرعها في الأرض
اندفعت الدموع غريزيا تتدفق من عينيها إثر تلك الهرمونات مما جعل نضال يزفر بيأس وهو يراها أصبحت عاطفية، أكثر من الحد اللازم وهو يسمعها تقول.

- لو فعلا مش بتحب مكنتش هتكون مهتم بشمس وتحاول تسعدها بأقل حاجه، مكنتش هتموت من الفرحة لما تلاقيها بتقولك يا بابا
لاح بعض الضعف على وجهه متذكرا صغيرته، ثم تلك الهاربة وهي تدلل صغيرته، انتقام تلك الهاربة منه ودروسها في إغواءه، ابتسامة صغيرة لاحت على شفتيه متذكرا ضعف فرح، تمنعه من لمسها وهي أكثر حاجه اليه لتندس بين ذراعيه
رفعت اسرار عينيها نحو وقاص الذي ينظر بفضول إلى رد سخيف منه، تشجعت اسرار قائلة.

- اعتقد بعد فرح عنك دي هتكون فرصة كويسة عشان تقدر تدرس مشاعرك، لو فعلا عايزها تبقي في حياتك او كل واحد ينتبه لحياته بعيد عن التاني
تبتعد عن رجل غيره، لتقع مع أمثال رجال مثل ناجي، ويكون من حق لمس ما هو ملكه، يقتلها قبل أن تفكر باستمرار حياتها مع رجل غيره، عاد الغضب يشتعل في كل خلية من جسده، مما جعله يرفع عيناه المظلمتين قائلا
- فرح ملهاش غيري، فرح متعرفش حد غيري، وشغلها القذر ده انا...

قاطعه وقاص ببرود
- نضال احنا اخوات صح، بس صدقني انا هكون في صف فرح، لو طلبت الانفصال، هحاربك انت
استعر الغضب يموج في عيني نضال وهو يري وقوف أخيه بجوار زوجته ليهمس بسخرية
- وايه بقى لازمتها يا حامي العيلة كلمة اخوات دي
اجابه وقاص بحدة
- لاني مش مستعد الاقي فرح رهف تاني يا نضال، ولا انت عجبتك حالة رهف وعايز تكررها مرة تاني.

باغته وقاص بلكمه في جرح لم يبرأ بعد، انقبضت ملامح وجهه لينكس رأسه فاقدا تلك المرة حتى الرد عليه، لطاما هو يتعذب كل مرة يرى بها رهف التي عانت في حياتها واعطاها درس قاسي، لكن وجد تلك الوسيلة لافاقتها من عالم أوهامها، ارتفع رأسه حينما استمع إلى وقاص يغمغم بصلابة
- حتى بنتك يا نضال، لو فكرت تاذيها بدون قصد منك هكون واقفلك بالمرصاد
هم نضال بالانقضاض عليه الا ان اسرار صاحت بحدة
- ممكن نهدي.

واقفه كحائل بينهما، كطبقة عازلة خاملة بين النار والماء، اسرعت تدفع جسد نضال بعيدا عن وقاص الذي صاح هادرا
- بتهددني بعيلتي
تمتم وقاص بجمود
- العيلة انت بنفسك دمرتها يا نضال، بقصد منك وبدون قصد
اختلج عضلة في فك نضال لينفجر هادرا
- هدور عليها وهلاقيها، ومحدش فيكم يدخل بينا
غمغمت اسرار بشراسة
- للاسف هندخل يا نضال، مش هسمحلك تأذيها
تراجع نضال متفاجئا من ما قالته اسرار، نظر إليها غير مصدقا، أتتركه هو الآخر؟!

الجميع أصبحوا ضده، اصاب بالخذلان من اقرب اشخاص عليه ليست مشكلة أن تضاف أسرار للقائمة، غمغم بابتسامة باردة
- حتى انتي يا اسرار
هزت اسرار رأسها وهي مكرهة على ما تقومه، لكن هذا المجنون أمامها يجب أن يشعر بمدى خسارته الجسيمة التي تسبب بها لتهمس
- عشان انا عارفاك اكتر من نفسك، خايفة عليها منك
رفع عيناه لوقاص ثم نظر اليها قائلا
- بقيتي تبعه
زمجرت اسرار لتجيبه بحدة.

- احنا عيلة واحدة، مفيش حاجه اسمها تبعه او تبعك
حدق لكلاهما لفترة من الوقت قبل أن يتراجع متخاذلا، خارجا من معركته خاسرا
عصف القلق في قلب اسرار لتلتفت برأسها قائلة لوقاص
- نضال هيأذي نفسه
تنهد وقاص زافرا بحرارة، يشعر بالعجز لتقديم المساعدة لأخيه، لكن الآخر جاحد واناني لدرجة اعمت عينيه للنظر للحقيقة ليتمتم
- نضال مش هيفوق غير لما يحس فعلا بالخسارة، اتمني يفوق قبلها.

اختنقت أنفاسها وهي تبكي بحرقة جعل وقاص يجلسها على أقرب مقعد، عالما ما تمر به أسرار جنون ساحرته جربه لأشهر حتى الآن لا تنفك عن البكاء، هم بجلب كوب ماء إلا أنها نادته بتوسل
- وقاص
طمئنها قائلا بابتسامة دافئة
- متخافيش، نضال قدها
هزت رأسها وهي تحاول ان تسحب نفس عميق وتزفره على مهل، سألته بترقب
- تعرف مكان فرح
هز رأسه نافيا وقال
- للأسف لأ
عبست اسرار مغمغمة
- اومال راحت فين لوحدها؟

ربما وقاص لا يعلم الى اين ذهبت، لكن يعلم شخص يستطيع أن يقوده اليها!

في قصر المالكي،
مررت وجد اناملها في خصلات شعرها وهي تنظر بظفر ممسكة بيدها قماش القميص الذي انتهت من صنعه، طالعت بانبهار حقيقي لأول قطعة رجالية صممتها خصيصا له، لذلك الرجل الذي قلب حياتها رأسا على عقب، توردت وجنتيها وهي تترك القميص جانبا لتلمس باناملها قميصه الخاص، عضت طرف شفتها السفلى بخجل من افكارها المنحلة كما تصفها، كيف تلمس شئ خاص به لتلك الدرجة؟

كيف اندفعت بتهور تطلب منه قميصه لتأخذ مقاسا للقميص الذي ستصنعه، تري ماذا يفكر بها؟ هل يراها جريئة ومندفعة؟! بل امرأة غير جديرة بالاحترام أم ماذا؟

الالاف التساؤلات تتقافز عقلها دون هوادة، وهو لا يريحها بصمته هذا ونظرات عينيه التي لا تفهمها احيانا، تجده احيانا كأنه رجل تعلمه من نعومة اظفارها واحيانا غريبا، كتمثال قد من الحجر غير قابل للقراءة، دفنت وجهها بكفي يديها وهي تسترجع لحظات احتفال خطبة اسماء وصديق عاصي المقرب...
زفرت وجد متنهدة بارتياح وهي ترفع المرآة اخيرا لتنظر اسماء ببعض التخوف مدققة في كل انش من وجهها، ابتسمت بلطف قائلة.

- شوفتي لا فيه احمر ولا اخضر
فتحت اسماء شفتيها وهي تحاول معرفة لون أحمر الشفاه، رغم لونه الداكن إلا أنها قالت ببعض الامتعاض الشديد
- بس اللون ده فوشيا
زفرت توحة بحدة وهي تحدج أسماء بنظرات قاتلة الا ان اسماء مندفعة بخوف وقلق شديد، تخشى أن تصبح مهرجة في عيون الجميع، لتقول وجد بهدوء وصبر لا تعلم انه من شيمها
-ده مش فوشيا يا أسماء، ده كشميري.

عبست اسماء وهي تعترف أن وجهها لم يكن سيئا لتلك الدرجة، استقامت من مجلسها وهي تنظر إلى صورتها النهائية في المرآة بفستانها البصلي كما سمته سابقا، لتقول
- فوشيا وباهت كمان
- تعرفي تتبسمي قدامي الناس، وتخلي الليلة تعدي على خير
صاحت بها توحة بنبرة امرأة على وشك فقدان سيطرتها مما جعل اسماء تصمت تلك المرة...

أطلقت والدة اسماء زغرودة قوية اجفلت وجد التي لم تعتاد على سماع تلك الأصوات بين كل حينة واخرى، بل لم تكن تعلم انه يوجد سباق لصاحبة اطول زغروطة، كل الفتيات من سنها واصغر منها يعرفن كيف يخرجن تلك الأصوات، اكتفت فقط بالابتسامة وهي ترى نظرات الجميع المسلطة عليها أكثر من العروس مما دفعها للجلوس في ركن بعيد نسبيا عن الجميع، مكتفيا بالنظر والابتسامة أو التصفيق بيديها.

تفاجئت بتوحة تضع أمامها طبق ملئ بالطعام، يكاد يكفي لأربعة أشخاص، ابتسمت الا ان الدهشة لم تغادر صفحة وجهها قائلة
- ايه ده يا توحة
نظرت توحة ببعض الأسف وهي ترى جسد زوجة حفيدها، حتما لا ترغب أن يكون صباح الزفاف ان ترسل زوجة حفيدها إلى المشفى بسبب عدم اهتمامها للطعام، قالت بابتسامة لطيفة تجيد ارتسامها
- حاجه كدا ترم عضمك، انا مش عارفه يختي ازاي مهملة في صحتك كدا.

عيناها سقطت على المحشي بأنواعه، لطالما هي تضعف أمام محشي الباذنجان والفلفل، أصدرت معدتها زئير، متلهفا للطعام الذي داعب انفها، لتهمس قائلة
- بروح الجيم وبلعب تنس يا توحة، متقلقيش
راقبتها توحة من رأسها لاخمص قدميها بامتعاض، مصمصت توحة شفتيها قائلة ببعض الحزم
- لو برضو، هتاكلي
شهقت مجفلة من صوت رجولي أجش صادرا من خلفها
- لو منك هاكل بدل ما الاقي صباع محشي يجي في وشي.

تأملته وهو مرتديا قميصا رماديا وبنطال قريب من لون قميصه ثم سترته التي تركها معلقة على يده، نظراتها اقرب لنظرة فتاة مراهقة مبهورة لرؤيتها لرجل متمثل به جميع الصفات الرجولية التي تراها خلف شاشات التلفزيون، لا تعلم كيف عيناها لم تنزاح لرؤيته، احتقن وجهها من الخجل حينما رفعت عيناها لتري نظراته الماكرة التي ضبطتها متلبسة بفعل تراه فاحش، تلعثمت لعدة مرات، وحاولت أن تقف مغادرة إلا أنها تحمد ربها ان اخر ذرة عقل تملكها منعها الوقوف، الله اعلم اذا كانت ستسقط على وجهها او يقع طبق طعامها لتهمس بتوتر.

- اخبار ايدك ورجلك
ابتسم عاصي بدفء وعينيه هبطت لرؤية تلك الحمرة في وجنتيها، يكاد يشعر بها تريد الهرب منه ليهمس بصوت أجش
- زي ما انتي شايفة رجلي فكتها وبحاول مضغطش عليها جامد وايدي مستني الزيارة التانية واشوف هفك الجبس امتي.

هبطت عيناها تدريجيا وهي تري العكاز المستند عليه ثم قدمه لترفع عيناها نحو الجبس الملفوف حول ذراعه، تألمت وهي تراه يكاد يحاول أن يقف على قدمه المصابة، هبطت عيناها تنظر إلى الطبق تنشغل قليلا به، حاولت البحث عن شوكة وسكينة إلا إنها لم تجد أي منهما، رفعت رأسها بتيه شديد تنظر اليه ليشير بيده مما جعل عينيها تجحظ بصدمة مما دفعه للضحك سرعان ما كتمها وهذبها، شجعها بعينيه لتنظر وجد ببعض الحنق والبؤس غير مصدقة ما يقوله.

مرت بعينيها نحو احدي السيدات اللاتي يتناولن كما اخبرها عاصي بأيديهن، مما جعلها تمسك الفلفل المحشو ببعض التردد بإصبعي السبابة والإبهام، حذرة كي لا تتسخ ملابسها، اقتربت تتناول قضمة لتشهق متسعة العينين وهي تترك الفلفل سريعا تحاول التخلص من الحرارة التي اندلعت سريعا من فمها لتقول بعفوية
- شطة يا عاصي.

ارتجف قلبه من اسمه الذي خرج عفويا من شفتيها، ستودي به أميرته إلى الهلاك حتما، يتذكر أول مرة اصطحبها لتناول الكشري وخرجت منه منتفخة الشفتين، بوجه احمر قاني وعينين غائرتين، لولا أنه هرع لأقرب صيدلية الله اعلم بما سيحدث، صاح قائلا باهتمام
- طب اشربي العصير
هزت وجد رأسها نافية وهي تمسك الفلفل مرة أخرى تتناوله باستمتاع
- لا، بحب الشطة جدا
عقد حاجبيه قائلا
- بتحبي الشطة؟

تناولت قضمة وهي تتأوه باصوات منخفضة مما جعل عاصي يضغط أنامله بقسوة على عكازه، اظلمت عينيه وما تفعله وما يصدر عفويا يتفاعل به كليا بطريقة مرعبة حتما ستكون لها، ثم ما بال اسمه أصبح له نغمة خاصة في صوتها
-جدا يا عاصي
حاول جاهدا التخلص من الحرارة، مشيحا برأسه مستغفرا، ظل لثواني متصلب الجسد، مشتعل كالجحيم وحينما خمدت نيرانه غمغم بصوت أجش
- انا افتكر اني طلبت من مصممة تصمملي بدلة لخطوبة صاحبي.

رفعت رأسها وهي تقضم الفلفل، لقد احرجها الرجل، احرجها ولم تعد تجد أي حجة سوى قول الحقيقة، اجلت حلقها وهي ترفع خصلة شاردة لتعيدها لاشقائها لتهمس ببعض الحرج
- الصراحة يا عاصي، انا باخد دورة للتصميم للبدل الرجالي، ممكن نبدأ بالقميص
رفع عاصي حاجبه ليردد قائلا
- قميص!
هزت رأسها تعلم انها احبطته تماما الا انها تتعلم، وحتما أول شئ ستصنعه سيكون له، ارتسمت ابتسامة خشت أن تكون حمقاء قائلة.

- لغاية لما اخلص الدورة، هنبدأ قطعة قطعة من البدلة
كاد ان ينفجر ضاحكا لولا انه يعلم ان جدته تراقبهما بعينيها المتفحصتين ليقول
- امري لله يا ستي، تحبي تاخدي المقاسات امتي
تضجرت وجنتيها بالحمرة القانية وهي تتخيل نفسها واقفة تلمسه وتأخذ مقاسه، ستنهار تقسم ان لمسته لمسة عارضة، شعرت بالحرارة تغزوها وحلقها جف لتهمس ببلاهة
- مقاسات ايه
شبه ابتسامة عابثة ارتسمت على شفتيه ليقول بنبرة اجشة
- مقاساتي للقميص.

ارتجف جسدها اثر كلماته التي شعرت انها حميمية، حميمية للغاية، لفها عاصي ببراعة شديدة فقاعة بمفردهما، منعزلة عن كل الصخب المحيط حولهم لترتجف شفتيها قائلة بنفي
-لا
توترها جعل عاصي يشعر ببعض الشفقة لأنه لعب بأعصابها، الا انه احب مشاهدة خجلها وتلعثمها العفوي وهي تهمس
- اقصد ممكن اكتفي باني اخذ قميص من عندك و اعرف مقاسك.

صمت عاصي وفجأة شعر ان كل ما بناه انهار وسقط حقا كل ما فكر به ومخططاته العظيمة للاستمتاع بخجلها، جعله يعبس وتنقبض معالم وجهه مما بعث القلق لوجد
ماذا يظنها الآن؟
كيف يفكر بها؟ عضت طرف شفتها السفلي حينما سألها بصوت اجش
- والقميص هترجعيه ازاي؟
سارعت تجيبه بلهفة وعينيها تحدقان بملامح وجهه المبهمة
- بكرا
صمت للحظات قبل أن يهمس ببعض البرود او هذا ما ظنته وجد
- استني.

حدقت وجد نحو الباب الذي خرج منه عاصي بقلب منقبض، هل اخطأت في شئ ما؟
تشعر انها لم تخطأ، ربما اندفعت وتهورت، لكن تكاد تموت إن وقفت امامه واخذت مقاساته، تشعر أنها لو فعلت الأرض ستميد بها وتسقط مغشية عليها، عبست ملامحها لتنظر إلى طبق الطعام وشهيتها فقدتها مع رحيله..

لا تعلم أن عاصي له تأثير قوي لتلك الدرجة عليها، بل لم تتوقع أن يكون له تأثير لتلك الدرجة وجعلها تنقلب من نقيض إلى نقيض اخر، انتبهت على صوته الأجش
- القميص ده عزيز عليا جدا، احتفظي بيه لحد لما اطلبه منك
نظرت الى يده الممدودة بكيس ملفوف، حاولت أن تبرر وتشرح قائلة
- عاصي انا
ابتسم بلطف رافعا اي حرج، ليهمس ببعض الحزم
- اسمعي كلامي، توحة لو عرفت مش بعيد تلبسني قضية.

مدت يدها تأخذ الكيس منه ثم قالت بنبرة مضطربة
- بس يا عاصي انا
ابتسم بدفء جعل حزنها ينقشع كما لو انه لم يوجد ليقول بابتسامة دافئة
- جبيه وقت ما تخلصي القميص
نظرت إلى عينيه الخضراوين اللامعتين لتتضطرب أنفاسها وهي ترى تلك النظرة في عينيه، طالبته تلك المرة بتفسيرها إلا أنه نظر إليها نظرة لم تعلم قرائتها ثم استأذن مغادرا تاركا اياها مع قميصه سالبا انفاسها وقلبها...!

افاقت من الذكري لصوت جميلة التي صاحت بانزعاج واضح وهي تري ابتعاد وانزواء ابنتها كل يوم عن الاخري في غرفتها أو في عملها الغريب التطوعي لاحد المؤسسات الخيرية
- ممكن بقي تسيبي اللي في ايدك يا وجد
عضت وجد على طرف شفتها السفلى لتقول ببعض الضجر، تعلم ان شجارها سببه حفل ممل تود الذهاب معها
- يا مماة من فضلك ورايا شغل كتير وشحنة لازم تتسلم بكرا.

همت جميلة بمجادلتها إلا أن عينيها وقعتا على قميص رجالي مما جعلها تنظر اليها بتعجب قائلة
- من امتي بتعملي قمصان رجالي؟
ابتسمت وجد واشرقت ملامحها، غفلت عنها جميلة جراء غضبها إلا أن الجد المراقب من بعيد جعل قلبه ينقبض، صغيرته كل يوم تزداد تعلقا بشاب لا يعلمه احد، وتعلقها المخيف هذا اقلقه!
- الدورة الجديدة اللي دخلتها.

لم تكترث جميلة اطلاقا حتى بالقاء نظرة او القاء حمد أو ثناء مما دفع الاحباط لوجد، عقدت ذراعيها على صدرها قائلة
- ممكن اعرف سبب رفضك تروحي معايا الحفلة
اجابتها وجد بنبرة قاطعة
- مماة انا مش عروسة باربي عشان تعرضيها قدام الناس واللي يعجبه يشتريها، انا زهقت يا مماة، عايزة الراجل اللي عايزني يكون عايز وجد، وجد وبس بعيد عن اسم عيلتها
اتسعت عينا كل من جميلة وغالب المراقب الصامت، لتسألها جميلة قائلة.

- ايه اللي غيرك؟
زفرت وجد لتقترب من جميلة قائلة بابتسامة هادئة
- انا تعبت، خليني في مرة اجرب طريقي يا مماة، ارجوكي
لولا عدم رضا جميلة الكلي إلا أنها تمتمت ببرود بعد ان لاحظت نظرة غالب المحذرة بعينيه
- براحتك، حياتك انتي وانتي حرة
طالعت وجد جدها الواقف عند مقدمة غرفتها لتتسع ابتسامتها وهي تقترب منه ملقية نفسها بين ذراعيه
- شكرا يا جدو
احتضنها غالب ليربت على ظهرها قائلا بنبرة ذات مغزى بعد مغادرة جميلة.

- وامتي هتقولي لجدو اللى شاغل عقلك
همت وجد لاخباره إلا أنها تراجعت، لانها لا تريد ان تتعلق بحبال زائفة أو وهمية مما جعلها تقول بنبرة هادئة
- اوعدك اول ما يحصل هتكون اول واحد يعرف
ثم قبلته في كلتا وجنتيه لتندفع مرة اخرى الى غرفتها تنظر إلى ما صنعته بيديها، ازدرد غالب حلقه قائلا
- وانا مش هستني لحد لما تقوليلي
رفع هاتفه يرن على هاتف شخص لا يلجأه سوى في الحالات الخاصة، غمغم بنبرة آمرة.

- عايزك تعرف كل تحركات وكل اللي شاغلين في الملجأ اللي بتروحه، متغبش عنك تفصيلة
ما ان استمع الى رد محدثه حتى هدأت بعض نيرانه، عاد ينظر إلى غرفة حفيدته الذي يخشى أن يفقدها ليقول بقلة حيلة
- اسف، بس دي الطريقة الوحيدة اني احميكي، مش عايز اشوفك وانتي تتأذي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة