قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع والثلاثون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع والثلاثون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع والثلاثون

في حي عاصي،
تحركت توحة في ذلك الصباح الباكر متوجهه نحو المقهي متجهه نحو شخص بعينه، لولا وعدها لتلك الحمقاء لما تحدثت مع عادل الان، صاحت بصوت مرتفع وهي تدخل المقهى باحثة بعينيها عنه
- هيما
تقدم هيما مسرعا ملبيا طلبها
- نعم يا ست الكل
ضيقت عينيها برعب جعل الفتى ينتفض قلبه هلعا وهي تقول بحزم
- كوباية شاي وبسرعة
هز الفتى رأسه عدة مرات قبل أن يندفع نحو الرجل لصنع شاي خاص لسيدة الحي الاولي.

- عنيا يا ست الكل
تقدمت نحو عادل الذي وجدته منكب على أوراق لم تكترث لماهيتها، صاحت بصوت رائق لا يخرج سوى للأحباب
- صباح الخير يا ابني
رفع عادل عيناه واتسعت عيناه بجحوظ، غير مصدقا ان توحة جاءت في الصباح الباكر هنا مقتصدة إياه، نظر الى ساعة يده ليتأكد أن الوقت لم يسرقه، وقف من مقعده وهو يقول بنبرة بشوشة
- ايه ده، ايه النشاط ده يا ست توحة، مكنتش متوقعة انك تنزلي بدري القهوة، اقعدي يا ست الكل.

جلست توحة و شعورها بالثقة يملؤها، ثم استبشرت خيرا من مزاجه الرائق، همت بالتحدث إلا أن الصبي وضع كوب الشاي على الطاولة الخشبية قائلا
- اتفضلي الشاي يا ست الكل
قالت توحة بمزاج رائق وهي ترتشف الشاي
-بتتعلم يا واد السرعة
فغر الصبي فاهه، غير مصدقا أن المرأة لم تزجره كعادتها، كان سيبقي تمثالا متخشبا امامها الا ان صوت احد رواد المقهى ينادي بأسمه جعله يتحرك ملبيا نداء العمل...

ضيق عادل عينيه، وهو يعلم ان توحة لم تأتي هنا لتتسامر معه، قالت بنبرة هادئة
- عامل ايه في الشغل
امتلئ قلبه بالامتنان الشديد لها، وهو يقول بنبرة ممتنة
- الحمدلله مش عارف اشكرك ازاي يا توحة، بس بجد انتي تاني سبب بعد ربنا ان الجيم ياخد سمعة بين الناس
ابتسمت توحة من بين شفتيها وهي تقول بهدوء
- يا واد انا عملت ايه
صاح عادل قائلا.

- كفايا ان المكان في مكان راقي وانتي بنفسك خلتيني أأجر الدور اللي تحت من العمارة منك
العقار كان ملك والدها وورثته هي بعد موته، وقتها كانت تسكن في تلك المنطقة الشعبية ولم تقدر وقتها ان تغادرها وقد جعلها حبيبها الراحل تعشق تربته، قالت بهدوء
- انت عارف انه مش ليا، ده بتاع عاصي، وعشان انت صاحب جدع هو وقف في ضهرك
امتلئ عينيه بالامتنان الشديد وقال
- جميلك مغرقني يا ست توحة والله.

ابتسمت توحة بلطف شديد ثم قالت بنبرة خاصة
- مش ناوى بقى تفرحنا يا ابني
اتسعت عيناه لثواني ثم تحول وجهه للوجوم ليقول بنبرة مقتضبة
- هي اشتكت ولا ايه
زمجرت توحة من بين اسنانها لتضع كوب الشاي بحدة قائلة
- مش عاجباني نبرتك يا ابن سالمة
ضم عادل شفتيه بحرج ثم قال وهو يحاول المحافظة على طور هدوءه.

- يرضيكي اللي بتعمله، هي أجلت الخطوبة عشان مسابقة تافهة كانت ممكن تخلي مشرفة تروح بدلها اليوم ده وهي تحصل البنات اليوم التاني ومكنتش هتتأخر
اتخذت اللين وهي تقول بنبرة خبيثة
- وهو لما الست تتدلع تلوي بوزك يا ولا ولا ايه، ده انتوا كدا وعلى البر ناوي تعمل ايه بقي لما تتجوزوا
لوت شفتيها يمينا ويسارا بعدم رضا على حال ذلك الجيل، انفجر عادل ضاحكا وهو يقول بنبرة جامدة
- نتجوز، وده في مخططها اصلا، اشك كدا.

تبرمت شفتي توحة قائلة بهمس
- منك لله يا أسماء يا بنت مني، الواد طفش منك
وضعت يدها على الطاولة وقالت بحدة و مزاج سوداوي
- لخص كلامك يا عادل، عايزها وتريحوني منكم ولا اشوفلها واحد غيرك ميبقاش زي العيل الصغير اللكاك
اتسعت عينا عادل ولوهلة نظر حوله يتأكد من كون لا أحد سمع جملتها المهينة لوضعه ك كابتن بين الحي، ليقول مرددا بدهشة
- شيفاني عيل صغير.

رفعت توحة كلتا يديها إلى السماء تشكو إلى الله ثم ضربت عدة مرات على فخديها قائلة بحنق
- يعني انت مش معترض على لكاك، طيب انا خلصت ذمتى، اولعوا في بعض
انتفضت قائمة من مقعدها وهي تتجه نحو الخارج ووقتها رأت حفيدها قرة عينها، ابتسم عاصي بنعومة شديدة وهو يحاول ان يفك ذلك الخصام المستمر بينهما
- صباح الخير
أدارت بوجهها للجهة الأخرى لتشيح يديها قائلة بتبرم
- لا صباح ولا زفت.

ضاقت عينا عاصي بتعجب وهو يراها تتجه نحو عقار منزلهما، عاد بانظاره نحو عادل المكفهر الوجه ليقول بحدة
- عملت ايه في توحة
رفع عادل وجهه نحوه وقال بنبرة لا مبالية
- الموضوع نفسه
هز عاصي رأسه لا مباليا ليقول بتعجل
- انا محتاج الحق الشغل، هكلمك لما ارجع
استقام عادل من مقعده وهو يغمغم بسخط
- فين كلامك انك هتقسم الوقت بيني وبينك في الجيم
صاح عاصي بتعجل وهو بكل شوق متلهف لرؤية اميرته
- مش فاضي يا عادل، هكلمك.

ضرب عادل كلا كفيه، غير مصدقا صديقه الذي لا يستمر العمل في المؤسسة يذهبا يوميا!

في ملعب التنس الخاص بالمؤسسة،.

تقف وجد بكل ثبات ببنطالها الأسود الرياضي الضيق مبرزا رشاقة ساقيها وفوقه تي شيرت قطني من اللون الأبيض يضم جذعها العلوي الرشيق بكل حب، عينيها تتابع الفتيات وهما يتحركون بكل تعثر وبعض الجهل ليسددوا الكرات التي يطلقها مضرب الكرات، إلا واحدة فقط كانت تنظر بكل تأني نحو الكرة التي تخرج من مضرب الكرات لتتحرك تسدد واحدة والثانية والثالثة لا تقدر على تسديدها، ابتسمت وجد بحنين شديد وهي ترى تلك الفتاة الرائعة تسبيح، أحبتها حبا جما.

بل جميع الفتيات هنا أحبتهم، تشعر انها على سجيتها وحريتها، غير مقيدة حيث كل حركات أفعالها وابتسامتها تحت مجهر المتربصين، وكل هذا يعود لفضل
ذلك المقتحم لحياتها دون سابق إنذار
صاحب العينين الخضراوين، ورسائل عينيه تبوح بالكثير رغم صمت الشفاة
توردت وجنتيها وهي تتذكر بحماقة حينما طلب رقم هاتفها، وقتها شعرت بالحماقة حينما سألته لماذا...

هي بحياتها لم تشعر بتلك التصرفات المخجلة في حياتها سوى أمامه، وهو كان متفهم ومراعي جدا لتخبطها وتعثرها، كان يمزح قائلا حتى يهدأ تلك المزعجة تسبيح لسؤالها عنها، وافقت على خجل، عضت شفتها السفلى بخجل من نفسها
كيف يربكها دون مجهود يذكر، بل ويجعل وجنتيها تتوردان والحماقة تتفوه بلسانها كأنها مراهقة غرة تقابل أول معجب في حياتها
مررت يدها على خصلات شعرها وهي تهمس، هو أول معجب حقيقي لها.

ليس شاب غر من وسط مجتمعها، بل رجلا بكل ما للكلمة من معنى، توقعت ان اهتمامه نابعا فقط كونه طبيب، لكن استغلاله للوقت ليحادثها لأكثر وقت ممكن، حتى أنها لم تسلم من كلمات مدام روفيدا التي تخبره انه بات يأتي للمؤسسة لمقابلتها، وما جعل وجهها ينكس خجلا انه اعترف انه يأتي ليمتع عينيه بوجهها الصبوح
كانت أول جلمة غزل تخرج عفوية منه، لدرجة جعل قلبها يخرج عن طور هدوءه.

استفاقت من شرودها لتشعر بأنها كانت شردت كثيرا عن المعتاد وصوت تسبيح يناديها بيأس لتجلي حلقها وهي تميل بجذعها قائلة بتشجيع
- برافو يا تسبيح، صدقيني عند يقين انك هتبقي لاعبة تنس عالمية لما تكبري
تلالا عينا تسبيح بعدم تصديق لتقول
- بجد
أومأت برأسها وهي تربت على خصلات شعرها قائلة
- بجد لو هنذاكر كويس واسمع اخبار حلوة من الميس روفيدا، مش كدا ولا ايه
عبست ملامحها لتقف متخصرة قائلة بحنق.

- بكره المذاكرة، مملة، بحب العب
قالت وجد بنبرة جادة وهي تحاول ان تستميل رأس تلك العنيدة
- عايزة تبقي لاعبة عالمية ازاي وانتي معندكيش لغة لا انجليزي ولا فرينش حتى
لوت تسبيح شفتيها وصمتت لثواني تقلب الكلمات في رأسها قبل أن تقول باعتراض
- مش دايما، بشوف لاعبات مش بيعرفوا يتكلموا انجليزي وبيكون في مترجم بدالهم
تعترف ان الفتاة التي امامها ذكية، لكنها قالت بهدوء.

- صح، المترجم هيترجم كلامك بس مش هيقدر يوصل لمشاعرك ويفسرها للناس، بعدين المترجم هيكون واخد شهرة اكتر منك وتحت الأضواء
هزت رأسها ببعض الرضي لكلامها، رفعت عينيها لتقول بجدية
- ممكن، انا هروح بقى استحمي واكل عشان ورايا مسلسل اتابعه.

اتسعت عينا وجد وهي تري الصغيرة انهت وقتها للعب لتقف مذهولة من ما تجده من ردود الأفعال التي تصدر عفوية بعض الشئ، نظرت نحو باقي الفتيات اللاتي سارعن باللحاق بها متححجات ببعض الفروض المفترض القيام بها، هزت رأسها يائسة وهي تري الملعب أصبح هادئا لتقوم بجمع الكرات الملقاة في أنحاء الملعب..

عيناه راقبت انحناءات جسدها الانثوي في كل حركة، وذلك البنطال الضيق يكاد يطلق وحوشه الصغيرة للفتك بعنق تلك المرأة، لكن يعود مصبرا نفسه، أنها لم تعد ترتدي تلك الجيبة القصيرة، لكن هذا لا يمنع انها ترتديها في ناديها الخاص
تراقصت شياطينه بجنون وهو يتخيل كل رجل وقعت عيناه على ما يخصه هو، ضم قبضة يده بعنف وخياله يسبح بجموح مما جعل غضبه يتراقص على حافة الجنون، حاول تهذيب ملامحه لكن صوتا خرج غاضبا بعض الشئ.

- تعبتك اكيد
شهقت مجفلة من صوت أجش رجولي بات يغزو انوثتها في أوقات شرودها، لوهلة شعرت بفقدان الذاكرة وهي تحاول ان تستوعب جملته، هل كان مستمعا لحديثها مع الصغيرة؟!، اعتدلت بجذعها من نظرته النارية حينما شعرت بنظراته الساخطة على انحنائها، مررت يدها على خصلات شعرها بارتباك وردت بصوت ناعم
- في مرحلة كنت زيها، على العموم اتمني فعلا تنتبه لمذاكرتها
كل ما بها ناعم يدعوه بشدة ليتذوق شهد جنتها الخاصة.

حارصا على عدم جعل غيره يراها، لأنها صارت جزءا يخصه
أنثى خلقت من ضلعه الأعوج
ابتسم ببشاشة ومزاجه يتحسن تحت مراقبته للتورد الطفيف المزين لوجنتيها
- اتمني كدا
عينيها متحاشية النظر لعينيه
تحرمه من الوصول لروحها
- بفكر نعمل لبس تنس للبنات وكورة للولاد
قالتها مقترحة اياه وعينيها ما زالت تمنعه من الولوج إلى معرفة كينونتها.

هز رأسه وهو كان على وشك اقتراح تلك الفكرة لروفيدا، هم بالرد عليها لكن وجد روفيدا اقتحمت عليهما دائرة الحديث وقالت بسعادة
- والله مش وحش، نعمل طقم جديد بشكل مختلف عكس السنين اللي فاتت للولاد، وبالمرة نكلم المصنع يعمل خط جديد للتنس
شعرت وجد بالفخر للحظة نتيجة القاء فكرة عارضة، راقبها عاصي بعينين متفحصتين ثم قال بنبرة هادئة
- ونكلم المصنع ليه وفي ايدينا مصممة
رفعت روفيدا عيناها وكررت كلمته بعدم فهم.

- مصممة
هز عاصي رأسه وهو ينظر بعينيه نحو وجد التي طالعتهما في بادئ الأمر ببلاهة ثم سرعان قالت نافية
- انا، لا اكيد لا، بقالي فترة ممسكتش قماش
ابتسم عاصي من بين شفتيه وقال بنبرة ماكرة
- ومنستغلش الفرصة ليه
هز رأسه موافقا ونظر إلى روفيدا نظرة ذات مغزى جعلت الأخرى تهز رأسها موافقة، انشرحت أساريره وقال بنبرة هادئة
- تعالي
هزت رأسها نافية عدة مرات لتهمس بخفوت
- عاصي، لا ارجوك.

نظر اليها بعبوس وحاجبين منعقدين بشر، جعلها تنكمش اكثر وهي تري جسده العضلي يبدو أنه زاد ضعفا ليظهره بمظهر ضخم، تحركت على مضض وهي تسحب حقيبتها التي القتها ارضا سابقا، ثم سارت وحنق يعتري وجهها وهي تتجاوزه الا انها شعرت به يلحقها، ارتجف قلبها لوهلة وكاد ان يسقط بين قدميها وهي تسمع صوته
- مش قولت انا هتكفل اني ارجعلك شغفك.

توقفت قدميها عن التحرك، لتقف عابسة تنظر اليه بحنق، لقد وضعها في مأزق، رفعت عينيها اليه وقالت وهي تحاول ان تستميله للعدول عن رأيه
- عاصي العدد كبير ده غير هيكون في وقت صغير وانا
قاطعها بثبات شديد وعينيه تراقبان بشغف لعينيها الخجولتين
- مش عندك مشغل
هزت رأسها موافقة
- ايوا بس
قاطعها للمرة الثانية وهو يبتسم بهدوء ليضع يديه في جيب سرواله الجينز
- يلا، بس الاول غيري لبسك هستناكي برا.

نبرته الآمرة وعبوس حاجبيه جعلها تسرع ذاهبة الى غرفة تبديل ثيابها
وقلبها الأحمق يطرب بانتعاش
تشعر انها تسبح في غيوم وردية، انقبض قلبها على خاطر ان كل ما يفعله مجرد مساعدة طبيب، ذلك الهاجس لم يستمر للحظات لتهز رأسها نافية
ليست عمياء لعدم رؤيتها لذلك الاهتمام المطل في حدقتيه، اهتمام رجل لأنثى
غطت بكفيها حول وجهها وقلبها يتراقص بسعادة لأول مرة في حياتها الكئيبة.

في موقع التصوير،.

زفرت فرح وهي تفرك كلا يديها بتوتر، تلك المرة هي الأخيرة قبل انطلاق الاعلان على مواقع التواصل الاجتماعي ثم على شاشات التلفاز، أغمضت جفنيها وجسدها يرتجف بتوتر، ما كانت تفعله في السابق شئ وما ستفعله شئ اخر، انتبهت على صوت المخرج وهو يأمر الجميع لاتخاذ مواقعهم، تشجعت وهي تزفر بعمق قبل ان تأخذ موقعها وعينيها تنظر بتوتر نحو ناجي الذي كان يحدث المصور هامسا ببعض العبارات ثم انتبه إلى نظراتها القلقة.

شجعها بابتسامة مطمئنة لتهز فرح رأسها وهي ترمق بين الجميع نضال الذي اختفي من بين الجميع، ألم يخبرها انه سيلحقها بعد انتهاء مكالمته؟!
نفضت أفكارها التي ستشوشها وانتبهت الى عدسة الكاميرا والي الاضاءة الساطعة، لتبتسم بثقة وابتسامة ناعمة تزين شفتيها
وهي تكرر الخطوات للمرة الأولي والاخيرة
تستعيد بعض النقاط التي راجعت عليها جيهان كي لا تؤثر على تركيزها أمام الكاميرا، الابتسامة زادت اتساعا.

وبدأت تكتسب ثقة مفرطة
ليتحول الإعلان من إبراز جمال منتج الاعلان أصبح يبرز جمالها هي الخاص،
كان ناجي يتابع بعينيه دون أن يأمر بتوقيف التصوير وعينيه تتابعها بشغف حتى وصلت الى المقطع الأخير من الإعلان لترتسم ابتسامة على شفتيه حتى على صوته قائلا
- كات
دوي ضجيج في أذنيها وقلبها يقرع كطبول الحرب، رفعت عينيها لتلمح ناجي الذي صفق بكلا يديه قائلا
- تجنني يا فرح
اكتسى وجهها بالحمرة لتقول بانفاس لاهثة.

- شكرا يا مستر ناجي
ثم نظر إلى طاقم التصوير والاعداد ليقول بصوت صاخب
- مبروك يا شباب على الاعلان
التفتت الى مساعده قائلا بجدية
- الاسبوع الجاي هنزل الاعلان في السوق بدل الحالي، عايزينه بسرعة ينتشر ويرضي العميل
تمتم مساعده وهو يهز رأسه موافقا
- اكيد
استأذن مساعده ليعقد ناجي حاجبيه قائلا لفرح الشاردة بتيه
- مالك
أجابت فرح بشرود شديد
- مستغربة
- من ايه؟

تتعجب من الفتيات اللاتي يكاد يقاتلن ليصلن للشهرة، تري ما هو شعورهن حينما يحققن غايتهن، لان ما تشعره هو اللاشئ، قطبت حاجبيها متسائلة
- لما موديل بتصور اعلان لأول مرة ايه شعورها
ارتسم على شفتي ناجي ابتسامة ساخرة
- اعتقد بيكون مغمي عليها
لكن ما تشعر به هو القلق والتحفز لا أكثر، تمتمت بتيه شديد
- طب انا ليه مش حاسة بدا
أجاب ناجي بصراحة
- يمكن لانه مش طريقك
انفجرت فرح ضاحكة باختناق لتهمس.

- طريقي، حاسة اني تايهة مش لاقية طريقي
مرر ناجي يده على ذقنه وقال بهدوء
- في مرحلة بنحس اننا فعلا تايهين او أحنا اتصورنا الطريق هيكون بشكل وطلع الواقع مختلف، العقل في الوقت ده مش عايز يستوعب
أومأت برأسها صامتة، لتعقد حاجبيها قائلة ببعض المكر
- فلسفة جديدة يا مستر ناجي
تمتم بجدية وهو ينظر إلى عينيها المشاغبتين.

- حفل اطلاق الاعلان لازم تكوني حاضره فيه، عشان تقابلي اصحاب المنتج ويمكن تكون فرصة كويسة تبقى في القسم ده من الاعلانات
توجس في قلبها خيفة لتهمس
- هو انا هتغير في قسم تاني
هز رأسه وقال بصوت هامس
- عايز اقولك عندنا قسم اللبس وبيكون من أكبر قطعة لاصغرها وصدقيني بتكوني مجبرة
اتسعت فرح عيناها بجحوظ، ليقول ناجي بصلابة شديدة
- العقد، اكيد قريتيه قبل ما تمضي.

سيقتلها نضال، تقسم انه سيفعلها، وعلى ذكر اسمه تقدم بكل غرور قائلا بصوت ممتعض
- اعتقد خلصنا
اقتربت منه وهي تمرر أناملها ذراعه قائلة
- اول اعلان ليا يا نضال هينزل
تمتم ناجي ببرود وهو يلاحظ نظرات العداء في عيني زوجها
- عن اذنكم
زفر نضال بسخط ليقول حانقا
- كأنه مش طايقني
رفعت فرح حاجبها بشك، ألم يقوم بافتعال العديد من المشاكل حينما يأتي إلى هنا، ابتسمت بنعومة لتقول بتهكم.

- هو فعلا مش طايقك، ايه سبب تشريفك العظيم لهنا بعد ما خلص التصوير
جذبها من ذراعها قائلا بهدوء
- قولنا نروح ناكل، ولا ايه رأيك
اتسعت عيناها لتضع كفها على جبهته قائلة بتهكم
- انت سخن، هنتغدي برا
تجهمت ملامح نضال وضاقت عيناه للعبوس ليقول
- غيري اللبس ده مستنيكي برا.

هزت رأسها بتفهم وهي تنطلق نحو غرفة تبديل الملابس، ليزفر نضال حانقا لقد انتهي من ذلك الاعلان السخيف ومن مجيئها لتلك الشركة المملة، بالله ماذا ستجني أموال سوى الفتات، سيفسخ عقد عملها ثم تلتفت هي إلى دراستها، هو لم يمنعها من الدراسة لكن ذلك العمل المقرف ابدا، يكفي انه يكاد يحافظ طور هدوءه كي لا يفتك بذلك الناعم الملتصق بها،
لفت انتباهه صوت امراه تصيح بدهشة
- نضال، مش مصدقة انك شوفتك.

جذبت انظاره فرح التي تقترب منهما لترى امرأة أقل ما يقال عنها فاتنة تلقي بجسدها بين ذراعيه، زادت عيناها اتساعا وهي تميل رأسها باستنكار وهي ترمقه شرزا لتسمع صوت تلك المائعة
- فينك، من ايام الكلية والرحلات وسمعنا انك بقيت رجل اعمال واتغيرت حياتك
تنحنح نضال بحرج وهو يبتعد عن أحضانها، جذب تلك المشتعلة بغيظ وغيرة ليقول بابتسامة لبقة
- اعرفك المدام
شهقت الفاتنة ذات الخصلات الشقراء لتقول
- اتجوزت.

لتضيف فرح قائلة بتهكم
- وعايزة اقولك انه عنده بنت
انفرجت شفتي الفاتنة ببلاهة، لتمتم بعدم تصديق
- وخلفت، بتهزر، كل ده دي الشلة مش هتصدق
جزت فرح على أسنانها بغيظ شديد، هل جميع نسائه شقراوات؟!، قالت بحدة
- وانتي كنتي في غيبوبة ولا ايه، مش بتابعي أخبار المجتمع
قرصها نضال من خاصرتها لتحدجه فرح بنظرات مميتة ونضال يهدئ من الاوضاع المشحونة قائلا بمرح.

- انتي عارفة اوقات الست لما بتبقي روحها في مناخيرها، ايام وبتعدي
اتسعت عينا المرأة بفهم لما يقصده لتهدر فرح بحدة وهي تشعر بالغباء لوهلة بينهما
- انت قصدك ايه بكلامك ده
قرر نضال أخذ تلك المجنونة بعيدا، لتهمس الفاتنة بالوداع مع لقاء قريب كان هو يهز رأسه ويسحب فرح المشتعلة بغضب لتهمس بحدة
- مين دي
راقب غيرتها بعيون ماكرة ليقول بنبرة هادئة.

- كانت من شلة الجامعة، تقدري تعتبريها عايشة برا عشان كدا متعرفش حاجه
زفرت حانقة لتجز على أسنانها ساخطة
- طب ما حياتك حلوة اهي ليه كنت مصدر وش الخشب
أم هم الشقراوات من يحظين بمعاملة متفردة، غمغم نضال باقتضاب
- كان فيه مصالح بين والدها والعيلة، زي ما بتضحكي في وش الناس تقدري تضحكي في وش اي حد.

لم تكن فرح في حالة تسمح لها للاستيعاب أنه كان يبرر موقفه، بل ويعطي معلومات لأمراة كانت منذ قليل تعامله بحميمية، يكفي رؤيتها لمشهد العناق ليطير أي ذرة تعقل في داخلها
هل ما زالت تغار
تغار على ذلك المختل المريض
تعشقه بجنون، حتى ما قسوته وجلفته
دبت على قدميها تصيح بحنق
- انا عايزة ارجع البيت
يشعر انه سيمر في نوبة جنونها مثل كل شهر، أغلق فمه دون أن يصدر تعليق وهو يشير بيده نحو السيارة ليسمعها تمتم بحنق.

- متقربش مني لمدة اسبوع يا نضال عايزة الحق اذاكر عشان الامتحانات
جذب جسدها نحوه لتشهق فرح وهي تري المكر المتلألأ حدقتيه
- اسيبك تذاكري اه، لكن تمنعيني عنك يا فرح مش هيحصل الا لعذرك بس
زمت شفتيها قائلة بعبوس
- قليل الادب
- مش جديد عليا
أقرنها بغمزة وهو يجذبها نحو سيارته، مقررا اليوم سيكون هادئ ولطيف دون أي منغصات أو جنونها الذي يتلبسها في أوقات مريبة..

سلام داخلي لكلاهما، قبل أن تحل عاصفة تقلب بسفينته رأسها على عقب.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة