قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الخامس والثلاثون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الخامس والثلاثون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الخامس والثلاثون

أناملها الرشيقة تنساب على أقمشة الحرير، ابتسامتها متسعة بفتنة، وعينيها البندقتين متسعة بانبهار حقيقي، راقب عاصي من على بعد مسافة تلك الأميرة التي تلتمس كل قماش مختبرة جودته ثم تعود إلى أقمشة الحرير تستمع بنعومتها على بشرة جلدها.

ارتسمت ابتسامة على شفتيه، وعينيه لا تغفل عن مراقبتها والاستمتاع لاخر قطرة للتشبع بتصرفاتها العفوية، زفر عاصي متنهدا بحرارة، كيف ستتوقف عن التصرف بتلك العفوية التي ستقتله.

بل ستتوقف عن اصدار ابتسامة هوليوود تلك لأي رجل، تعكر مزاجه وهو يري شابا يتودد اليها وهو يعرض عليها انصافا من القماش وعينيه نهمتين تكاد تلتهما التهاما، قدميه اصدرت امرا بالتحرك دون الرجوع لعقله وهو يتقدم بضخامة جسده كالطود يحيط بتلك الرقيقة التي تلتمس قماشا حريرا أحمر اللون، بعينين داكنتين ألقي نظرة مميتة إلى الشاب التي تكسرت أحلامه عند أول سلم، وبحمائية شديدة لف بجسده حولها.

حماية تلك الزهرة الرقيقة من أن تصل لعيون أي حشرات مفترسة لايذائها، مال برأسه وعبير عطرها الناعم ازكمت انفاسه ليهمس بصوت اجش
- سرحانة في ايه
ارتجفت وجد من سماعها لصوته الأجش
كيف لم تشعر به لتلك الدرجة؟!، حرارة جسده تكاد تلسعها وزفراته الحارة أحرقت عنقها، فغرت شفتيها ودارت برأسها لتنظر إلى عينيه
الوعد يتكرر دون أن تطالبه به.

ذلك الوعد المقروء جعل خوفها وترددها تتركه جانبا، لتتهور وهي ترفع رأسها لتسمح لعينيها النظر إلى تفاصيل لم تراها سابقا
أجلت حلقها وقلبها يقرع بجنون يشابه جنون افكارها به، خشت أن يسمعه لتهمس بخفوت
- افتكرت وقت لما روحت لوحدي اجيب قماش لأول فستان اعمله
رقت عينيه وهو ينظر إلى اناملها التي تداعب القماش باستحياء، وسؤال يراوده
هل جلدها أشد نعومة من الحرير، أم الحرير يطالبها لتلف جسدها به؟!

استرسلت بنعومة شديدة وهي تخفض عينيها بخجل لتقول
- كان احمر، عملته لما كان عندي 18 سنة
انفلت عقله عن عقاله وصاح متهورا
- وهو فين دلوقتي
ارتفعت عيناها وسؤاله أخذها على حين غرة، بقت تنظر اليه منفرجة الشفتين قبل أن تهمس بارتباك خجول بات ملاصقا له وهي بجواره
- في الدولاب، ومن بعدها معملتش فستان بعده، حسيت اني مش هعرف اعمل واحد زيه
اختلجت عضلة في قلبه، لتغيم عينيه وهو يترك عنان مخيلته للجموح لأول مرة.

تتهادى إليه بفستان أحمر من حرير يكاد ينافس نعومة جلدها، تابع بنفس الهمس الخشن
- عشان الشغف
دغدغة ناعمة سرت على طول عمودها الفقري لتقول
- لأنه كان فستان حلمي يا عاصي بس
شهقت مجفلة من صوت نشاز جعل تفيق من غمامتها الوردية
- تمام يا استاذة، نقص
نظرت حولها لتري نظرات العمال من بين ممتعضة وأخرى متسلية، أجلت حلقها وهي تأخذ خطوة مبتعدة عن مدار ذلك الرجل المهلك لتهمس بحشرجة
- قصه.

ضم يديه في جيب بنطاله وعينيه تقتحمها شخصيا دون هوادة، يراها مرتبكة امامه لكن لم يرحمها ولو لثانية
لو فقط تعلم ما يموج في داخله
يكاد يضم قبضة يده كي لا يؤذيها، سألها قائلا
- بتعرفي تعملي بدله رجالي ولا اخرك بس فساتين
استشفت من صوته بعض التهكم، لتعبس وجد متمتمة ببلاهة
- بدله
اقترب منها قائلا بنبرة مرحة
- اجرب قصتك يا تزري باشا، مش يمكن تكون احسن من اللي بشتريها.

ارتفعت عيناها تنظر إليه، بعض الامتنان يتلألأ عيناها لتقول ببلاهة
- عاصي، انا
سحب نفسا عميقا وزفره على مهل، يحاول أن يتعامل بهدوء، واسمه ينساب بكل سلاسة من شفتيها دون حرج أو خجل مثل المرات الاولي، قال بهدوء
- متتوتريش، بس عايز ايدك تشتغل بس عليه متعمليش تصميم وتخلي حد يشتغل عليه زي لبس العيال
لاح الخشية من عينيها، لتغيم عيناها وهي تنظر اليه ولسانها لا يجد ما يجيش بداخلها.

كيف تخبره انه الوحيد من طلب أن تصمم له شيئا خاصا، جدها وابني اعمامها لم يطلبوا منها شيئا قبلا حتى جميلة كانت تجاملها، جدها قرر دعمها ماديا فقط، اغرورقت عيناها بالدموع لتهمس بخشية
- عاصي، انا مش هقدر
دعمها بحنو شديد والنظرات المشجعة في عينيه، صادقتين لدرجة مرعبة لنفسها، غمغم بحنو
- هتقدري، وبعدين مستعجل عليه عشان ورايا خطوبة صاحبي عايز الحقها.

يفهم كل ما يدور في عقلها، يتفهم ترددها وتوترها وهو ينظر اليها بصبر وتشجيع صامت من عينيه، لتحاول ان تلم شتات نفسها قائلة
- مش هوعدك، انا مجربتش اعمل حاجه رجالى قبل كدا بس ههحاول
لكن سرعان ما قالت بنبرة جادة
- بس هيكلفك خامة ومتزعلش لو مطلعش زي ما انت متصور
خرجت بسمة من شفتيه لم يقدر على كبحها ليقول بتلك النبرة التي تطيح بالمتبقي من ثباتها
- فداكي القماش وصاحب البدلة
هل هو هكذا مغازل من الدرجة الأولى؟!

سؤال ازعجها رن بصوت مدوي في عقلها، لتعقد حاجبيها قائلة
- مبقدرش اجاريك في كلامك
ضيق عيناه وهو يرى التجهم المرتسم على وجهها ليقول بهدوء
- اتعاملي بحرية، القواعد بتكبت الواحد وتخليه عاجز وفاقد الشغف
اشار لها دون العودة إلى البائع لترى اسعار القماش قائلا بصرامة
- يلا بينا هنتأخر.

تأففت بغيظ شديد وهي تستدير خارجة من محل الاقمشة، وقفت امام باب المحل تنظر بغيظ شديد له وهي تراه يتحدث مع الرجل، لما يفعل ذلك دائما، تريد هي المشاركة في عمل الخير، لما يحرمها؟!
شعرت به يخرج من المحل لينظر اليها بتساؤل لتقول هي مصطنعة الإعياء
-هو فيه كافيه قريب من هنا، حاسة انى مهبطة
يقر أنها ممثلة فاشلة من الدرجة الأولي، نظر إليها بتركيز شديد قائلا
- بتحاولي توصلي لايه يا بنت المالكي.

شمخت انفها بغيظ شديد
- ابدا، برد عزومتك
عبس عاصي وهو يري تفكيرها الساذج، هل تريده بالمرة أن يعقد ايشارب على رأسه؟! صاح بلهجة خطيرة
- مفيش ست عندنا بتدفع لراجل
دبت على الأرض بقدمها لتقول بغيظ
- يا عاصي كفاية انك مخلتنيش ادفع فلوس القماش
أجاب بجمود وهو يزجرها بعينيه عن التمادي بالتمايع أمامه وأمام الناظرين
- مدام روفيدا هي اللي هتدفع انتي مالك بيه
اعتدلت بجسدها تحت نظراته الغاضبة، لتزفر بيأس قائلة.

- انا عايزة أساهم في عمل خيري يا عاصي
أشار لها بيده لتتوجه نحو السيارة، سارت بامتعاض وهي تسمعه يقول بنبرة هادئة
- اهتمي انتي بس ببدلتي وتصاميم العيال وملكيش دعوة
فتح باب سيارة المؤسسة واتخذ مقعد السائق وأغلق بابه ليتلفتت إلى وجد قائلا بنبرة يشوبها بعض الغموض
- وبالنسبة انك تردي العزومة، هطالبك بيها، بس عايزك تكوني مستعدة
ضاقت عينيها بعدم فهم لتقول
- هتفلسني ولا ايه.

انفرجت من شفتيه ابتسامة وهو يدير مفتاح السيارة ليغمز لها قائلا
- هفلسك بس مش فلوسك، بس خليكي مستعدة هطالبك في أي وقت
عقدت وجد حاجبيها والغموض هذا لا يعجبها، شعرت بالفضول الذي يكاد يفتك بها، لكن لجمت لسانها وهي تتخذ الصمت، منتظرة وقت مطالبته بما يرغبه!

حفلة عقد قران نزار ورهف،
الايام مرت كالبرق، منذ الصباح وهي تقف متوترة أمام المحكمة تستند بجسدها على ذراع اخيها وقاص الذي يربت على ظهرها، ثم في غمضة عين لم تشعر سوى أنها أمضت عقد الزواج لينطلق زغرودة عالية من شفتي جيهان وهي تعبس لعدم وجود من يدعمها، كل ذلك الوقت كانت تتحاشى النظر لعيني من أصبح زوجها،.

تغمض جفنيها في كل ثانية وتفتحها غير مصدقة نفسها أنها عروس، ذلك الحلم الذي ظنته منذ أكثر من عامان سرابا، بات حقيقي بشكل مثالي لدرجة جعلتها تبكي وهي في أحضان شقيقها الذي يمرر يده على ظهرها يهمس بكلمات تبث بها عزيمة وكل ذلك ونزار يراقب بعينين لامعتين بشغف إليها، إلى عروسة الناعمة، والي ثوبها البسيط الغير مبهرج باللون الزيتوني قضت على المتبقي منه من ذرات تعقل
كانت قريبة بجسدها وبعيدة عن قبضة يديه.

كحلم جميل يتسلل اليه في نومه، شاعرا انه مكبل الاطراق غير قادرا على لمسها كما تمني
تتهرب منه في كل مرة، وتلتصق بأخيها حتى وصلوا إلى القاعة التي اقامها احتفالا بتلك المناسبة، لم يقدر على الصبر أكثر وهو يسحبها بقلة تهذيب من شقيقها وقاص لينظر إليها بعتاب جعل وجنتها تتوردان من الخجل.

زفر نزار متنهدا بحرارة، ما زال عليه الصبر كي تتعلم تلك الكنافة الهشة، رفع كف يدها ولثمه برقة ليشعر بارتعاشة يدها، رفع عينيه إلى خاصتها قائلا ببحة مميزة
- الف الف الف مبروووك ياعمري وروحي ونبض فؤادي واخيييرا كتبنا كتابنا
تشاغلت بعدم الاستماع إلى لهجته الشامية والتغزل بها في عقلها لتقول
- الوقت عدى بسرعة يا نزار لدرجة اني مش مصدقة اللى حصل الصبح ودلوقتي.

لف يده على خصرها لترتجف رهف مجفلة من لمسته لترفع عينيها اليه وهو يهمس بدفء إلى عينيها
- رووقي ياروحي هيني حدك
استكانت بهدوء وهي تشعر بذراعه مثابة دعم لها، غمغمت قائلة بهمس
- عارفة انك جنبي يا نزار، انا مطمنة وانا جنبك
هذا كثير عليه، يقسم انه كثير، هم بالرد عليها ليتفاجئ بصوت ساخر، آخر صوت ود أن يسمعه
-لك ولا جحش ماعرفت انك رومنسي هالقد لك شوف عيونك عم تطلع قلوب.

قالها غسان ساخرا وهو يقف بكل جمود ودون نية للمغادرة، جز نزار على أسنانه بغيظ
- لك حل عن سماي يا غسان
نظر اليه غسان بشقاوة شديدة واقترب منه قائلا وهو يدير ذراعه حول عنق اخيه
- مستحيل يازلمة ماصدقت انو طبيت عوشك وخطبت، بس بيني وبينك انت تركت بنااات كيف بتقولوها بالمصري أي تركت بنات ايطاليا المزز.

لكزه نزار في خاصرته ليفلت غسان ذراعه حول عنقه متأوها بتوجع، التفت نزار نحو رهف ليعود تقبيل كفها قائلا بنبرة عاشقة
- رهف عندي ياها بكل بنات الدنيا
ثم مال برأسه يقول بهمس خافت
- هي كنافتي إلى وبس
كسي وجهها بالخجل واحتقن وجهها بالخجل لتهمس بتأنيب
- نزار
مرر بعينه على قدها الممشوق، يحاول رؤية الكيلوجرامات الزائدة ليقول عابسا
- شو انا عم اكذب يعني، بعدين تعي لهون وين الوزن الزايد حاسسن انو راحو.

شهقت رهف بخجل لتضربه بخفه على ذراعه قائلة ببعض الحدة
- بتبص على ايه
اشتعلت عيناه بتوق شديد وهو يقول بعبثية لم تعتدها
- برايك عشو بدي اطلع عالكنافة ياااكنافتي
شهقت متفاجئة من وقاحته لتضم شفتيها قائلة بتوبيخ
- قليل الادب يا ابن الحاجة عايشة
كان غسان يتابع المشهد الهزلي أمامه بملل حقيقي، اصدر صوتا ساخرا وهو يقول.

- ليك ليك هي فهمانة قلة الادب غلط لك اخي، لك هي عم تقلك عالحكي قلة ادب كيييف لووو، تعمد الصمت ليعود مسترسلا قائلا بعبثية ياخوفي تقلك متحرش
راقبت رهف شقيق نزار، وهي تجد فرق بين السماء والأرض بينهما رغم أن المدعو بغسان أكبر منه في العمر، وتشك في صحة تلك المعلومة، راته يعتذر نحوها للحظات وهو يسحب شقيقه يقول اليه بحدة جازا على اسنانه ساخطا
- لك اخرررس وامشي من وشي احسن ما اعمل شي مابعجبك.

هز غسان وهو يرى خطيبة شقيقه ثم إليه ليقول بامتعاض
-ماشي ماشي، اشبعو ببعض، بس بتعرف انو الحلو كتير بيزهق
تنهد نزار متنهدا بحرارة وهو يتخلص منه شقيقه لفترة من الوقت لا بأس بها لينفرد بعروسه، تكاد رهف تخرج زفرة حارة، رجلها وسيم لدرجة مثالية.

يحبها بل يعشقها كما تفعل هي، رغم انها لم تصرح بحبها لكن عينيها تصرح بها، بذلته السوداء واسفله قميصه ابيض دون ربطة عنق تاركا اول زرين محلولين، اقترب منها وهو يمشط شعره بأنامله ليقول
- لاتركزي مع اخي لانه اهبل
ثم عاد يتطلع إلى فستانها الزيتوني ليقول زافرا بحرارة
- لك يؤبشني الحلا كله طالعة بتشلي بالفستان ولونه لابقلك ياروحي
رفعت عينيها اليه لتقول.

- بجد عجبك، فريال رفضت وقالت ان الاخضر مش منتشر لمناسبات الخطوبة، بس مقدرتش عجبني اللون وفكرني بيك
عاد يلف ذراعه حول خصرها ليميل برأسه نحو أذنها هامسا بخشونة
- رهف ياروحي ياعمري انت لا تخلي يلي ضل من عقلي يطير واسحبك على مكان بعيد وطلع جنونتي عليكي
لم تستطيع الرد عليه، نكست رأسها ارضا تداري تورد وجنتيها عن الجميع وهي تسبه بداخلها على وقاحته.

كان عينا وقاص تراقب صغيرته باهتمام بالغ، كيف كبرت صغيرته بتلك السرعة وهو يشعر بالامس انها في فترة مراهقتنا تصنع له كعك الكب كيك وترغمه على تناوله جميعا، ترقرقت عيناه ليشعر بيد ساحرته تربت على كفه لتقول بابتسامة ناعمة
- طالعة زي القمر يا وقاص
ثم استرسلت متابعة بهدوء
- نزار راجل ويعتمد عليه وهيحافظ عليها وقت ما خذلتها.

هو ما كان ليسلم صغيرته إلى رجلا غير اهلا لها، لكن رغما عنه يشعر بالنقص، أنه لم يكن حامي لها كافي، كان بعيدا عنها، كانت تتعذب وهو منشغل في أعماله، غامت عيناه بحزن ليستمع إلى صوت فريال المعذب
- وقاص ارجوك بلاش تعذب نفسك بالطريقة دي، انت مكنتش موجود وربنا نجدها، ارجوك حاول تتخلص من تأنيب ضميرك ده.

اختنقت انفاسه، وهو يرفع عينيه لينظر إلى ساحرته، تزداد كل يوم سحرا وهي تحمل له طفلا في أحشائها، غمغم بنبرة اجشة
- بحاول يا فريال مش قادر، كل ما اشوفها قلبي يتقبض وانا بتخيل انها قعدت لسنتين في مصحة نفسية بتعالج من الادمان واثار النجس ده
ابتأست ملامح فريال لترفع كف وقاص تقبله برقة لتهمس.

- رهف كانت محتاجة صدمة عشان تفوق من الوهم اللي كانت عايشة فيه، كانت موجعة بس صدقني كانت صفعة فوقتها وخليتها تنتبه لنفسها ومتنساش انها من عيلة الغانم يعني بنت بمية راجل
ابتسم وقاص وهو يضم كفها ليميل مقبلا اياه، يشكرها على كونها في حياته، ثم نظر نحو بروز بطنها ليقول
- مشتاق اشوف بنت تبقي زيك يا فريال
رفعت حاجبها وقالت بحدة
- وميكنش ولد ليه
رفع عيناه متنهدا بيأس قائلا.

- يا الله يعني اقولك ولد تقولي بنت، اعكس برضو بتناكفي
انفجرت ضاحكة وهي تقترب منه باغواء شديد تعلمه، لتهمس في اذنه
- بحب اناكفك يا قرصاني
نظر اليها بجدية كي تعتدل في جلستها، لكنها لم ترضخ بل لفت ذراعها حول عنقه، صدر صوت متأفف من جيهان
- ايه المياعة دي يا بنت الشواف انشفي كدا
رفعت فريال عيناها تنظر بشرز نحو جيهان التي تحاشت عن مقابلتها منذ رفضها لجارها الوسيم ليقول وقاص بنبرة بها بعض المرح.

- مجنونة السويسري شرفت
انفجرت جيهان ضاحكة وهي تعلم أنها جعلته يجن في وقت سابق بسبب صبغ شعرها لعدة الوان، لكنها الآن في ثوبها الجديد بشعر مجعد وثوب ليلكي قاتم ذو شق جانبي لتجلس على الطاولة قائلة وهي تتلاعب بخصلة من شعرها
- بشحمها ولحمها يا وقاص باشا، بس بألف راجل خلي بالك
دارت فريال عينيها تبحث عن شادية التي كانت تتابع تنظيم القاعة لتقول
- فين شادية
أصدرت جيهان صوت متهكم لتقول.

- سلامة نظرك يا فريال، ما هي بتسلم على العرسان، ولا عشان حبيب القلب موجود نسيتي يا مدام انك وسط الناس
عبست فريال وهي تجد وقاص يعتذر حينما رن هاتفه ليستقيم من مجلسه
- هعمل مكالمة وهجيلك
هزت فريال رأسها بتفهم لتلتفت نحو تلك اللامبالية لتقول بغيظ
- رفضتيه ليه يا جيهان
ما زالت تتلاعب بخصلة من شعرها لتقول ببعض الحنق
- زي ما قولتلك، بكل بجاحة بيقولي عارف اني بلفت انتباهه وكان، الحيوان، ازاي كنت غبية ومتهورة.

نظرت اليها فريال بتعابير خاوية لتقول بجمود
- انتي لسه غبية ومتهورة
اسرعت تبعدها عن أمرها لتقترب منها هامسة بخبث
- بس سيبك مني، فيه حته لهطة قشطة تقفيل ايطالى العبيطة بتصده
ردت فريال ببرود وهي تعلم ما تحاول جيهان فعله
- بتصده ولا عشان مش شايفة اي علامة رجولة منه ويتقدم زي الناس الطبيعية
هزت جيهان رأسها نافية لتقول باثارة.

- انتي مجنونة، لازم اكشن واثارة يخطفها يوم الفرح أو دلوقتى ويجبرها انها تتجوزه وتوافق طبعا بعد ما يهددها بيا أو ببابا، وتفضل تقاومه لحد لما تقع على بوزها وتعترف
انفجرت فريال ضاحكة وهي تمتم
- عنيفة اووي
هزت جيهان رأسها وقالت باقرار
- مليش في شغل الرومانسية وقلوب و دباديب حمرا، بفكر اعرض نفسي على مافيا روسية ونشرب فودكا
قلبت فريال عينيها لتضربها على مؤخرة رأسها قائلة
- مجنونة والله.

اسرعت جيهان بإخراج هاتفها لتعبث فيه قليلا باحثة عن أشهر عائلة مافيا روسية عزباء، اخرجت شهقة من شفتيها وهي تري رجالا أقل ما يقال عنهما وسيمين بخطر، قالت جيهان وهي ترفع هاتفها تقلب في الصور للرجال
- استني بس انتي، انتي سمعتي عن عيلة يوركوف، العيلة كلها مزز طحن رغم انهم يبانوا انهم مكشرين وجامدين، ها اخد اي عازب فيهم منهم فيه اليكس وفيه ايفان دول جامدين اخر حاجة.

القت فريال نظرة فضولية نحو الرجلين لتعترف انهما وسيمين لكن ليس بوسامة قرصانها وجاذبيته لتقول بنبرة جادة
- جيهان بطلي جنان، مافيا وروسيا ايه اللي بتفكري فيه
عقدت جيهان حاجبيها بتفكير
- ادخل اي نادي ليلي واغوي حد فيهم، ايه رأيك أخطف رجلي هناك ابقي اكتب رواية عن رحلتي
هزت فريال رأسها يائسة من عقلها المتهور، وودت ان تجد شيئا تهشم به رأسها لكن لم تجد شيئا، دعت ان تنتهي الامسية على خير.

نظر سراج بطرف عينيه نحو أسرار التي تعدل احمر الشفاه الخاص بها بعدما مسحه بطريقته الخشنة البدائية كما تسميها دائما، لعق بلسانه المتبقي من اثر الشفاة على شفتيه، وعينيه على الطريق يقود سيارته متجها الى حفلة عقد قران ابنة عم زوجته، زفر بحنق، سيري ذلك البارد نضال، يالله كم يكرهه، بل لا يطيقه، أوصي لها للمرة العاشرة
- زي ما اتفقنا، مفيش سلام أيد ما بينكم يا أسرار، هقتلك انتى وهو ومش هيهمني حد.

ضاقت اسرار عينيها لتقول وهي تميل اليه بجسدها تهمس باغواء
- غيرتك بقت غريبة يا سراجي المنير، بس عشان في مزاج كويس مش هرد عليك
بطرف عينيه شاهدها تميل إليه باغواء أنثى تعلم كيف تطيح صوابه، ليضم يده على المقود قائلا بنبرة خشنة
- اتغيرتي يا مدام، فين ايام اللسان اللي بيسبق عقلك
ردت بهدوء شديد ولا مبالاة
- عشان في مناسبة سعيدة فهو حاليا مش متاح بس صدقني على اتم الاستعداد لما نرجع اني اطلعه.

مرر عينيه على بطنها، لا يصدق بل غير مستوعب ان اختبار الحمل الذي اجرته قبل نزولهما ايجابي، ود للحظة ان يذهب بها للطبيب لكن أسرار كانت اسرع منه، اذ انها خشت أن يكون حملا كاذبا كما جري اخري مرة، لكنه يشعر تلك المرة انها تحمل في أحشائها ذلك الطفل من صلبه، غمز بعينه قائلا
- وانا ببساطة هعرف اعمل هدنة
ارتسمت على شفتيها ابتسامة مشاكسة لتقول
- لازم نتفاوض يا سراج، ومش هقبل بأي تنازل
صاح سراج بخشونة.

- ومين قالك اني هتنازل، المرة اللي فاتت استسلمت اني ماكلش الفول على الصبح لمدة اسبوعين
نظرت اليه بحنق شديد، لتقول باندفاع
- وانت خلتني مشربش القهوة لمدة اسبوع وانت عارف اني بحب اشربه كل يوم، بعدين انت عارف القهوة بتعدل مزاجي
وصل سراج نحو وجهته ليصطف بسيارته في ركن السيارات، ليقول بنبرة محذرة
- مفيش قهوة يا مدام، نتلم بقي ومش عايز ابتسامة تتوزع للسمج
زفرت اسرار بيأس لتقول بنبرة مهادنة.

- خليه اليوم يعدي يا سراج، تقبله ارجوك ملهوش حد غير لينا يا سراج، كان يتيم محروم من الام والاب تنساه وكأنه ضيف وعالة على بيته حتى انا كنت بحس اني ضيفة، الليلة بس.

لم يرد بل ترجل من السيارة لتتبعه اسرار وهي تترجل من سيارته بكعب حذائها الارجواني الذي ارتدته رغما عن انفه، عدلت سترته على كتفيها التي يصر دائما على وضعها فوق فساتينها في أي مناسبة خاصة وحينما تذهب للعمل، لف سراج ذراعه حول خصرها باحكام شديد وهما يتوجهان نحو الحفل، راقبت اسرار بعينيها باحثة عن نضال الذي وجدته بسهولة حاملا شمس على ذراعه والأخرى تلف حول فرح زوجته التي تبتسم بتكلف شديد وحذر، نظرت نحو سراج نظرة ذات مغزى، ليتأفف وهما يقتربان من الثلاثي لتقول مرحبة به.

- مساء الخير
لا سلام بالأيدي، اكتفت بترحيب شفهي، رفع نضال عيناه من شمس ليقول بمشاكسة وهو يرى ملامح زوجها المتحفزة للانقضاض عليه
- دايما فاتنة يا بنت الغانم
قلبت فرح عينيها بملل هي الأخرى واندلع حريق في عيني سراج ليقرص خصرها من اسفل سترتها، حافظت اسرار على ابتسامتها الهادئة لتقول بغرور
- طول عمري يا نضال
ثم نظرت نحو فرح، بعد مواجهتهما الاخيرة، تحاشت من رؤيتها، قالت بلطف
- مساء الخير يا فرح.

لف نضال ذراعه حول خصر المتجهمة الوجه، ليقول نضال بمشاكسة أراد أن يطيح بثبات ذلك البوهيمي بجوارها
- لسه بتغير من علاقتنا يا اسرار رغم ان احنا اخوات
صحح كلا من فرح وسراج في آن واحد
- ولاد عم
التمعت عينا نضال واسرار، ليقول نضال متابعا مشاكسته
- والراجل الوحيد اللي كان في حياتها قبل ما تاخدها مني
صاحت فرح قائلة وهي تنظر الى عيني نضال المشاغبتين
- اوعي تفتكر انك هتهز ثقتي اطلاقا يا نضال.

لمعت عينا نضال باعجاب دائما يعجبه تلك الثقة بها، ابتسمت اسرار وهي تقترب تداعب شمس التي تبتسم بحلاوة شديدة خطف قلبها
- كبرت شمس، يا قلبي ايه الحلاوة دي، جايبة الجمال ده كله لمين
بسخرية قالت فرح
- لمامتها اكيد
عقد نضال حاجبيه قائلا بنبرة محذرة
- فرح
لم يعجبها ان يوبخها امام احد، رفعت حاجبا خطرا وقالت
- مالها فرح يا نضال، ايه حاسس انى بقل من قيمتك مثلا، واللي بتعمله في شغلي اسمه ايه.

زفر نضال بحدة ليقول وهو يجز على اسنانه ساخطا
- مدخليش ده في ده
عقدت ذراعيها على صدرها وهي تقف في مواجهته قائلة
- وليه مندخلش، حتى اللي قدامنا ناس مش غريبة مش كده يا اسرار ولا ايه
ثم القت نظرة نحو اسرار والي زوجها وهي تلتفت مبتعدة عنهم قائلة
- عن اذنكم
تنهد نضال ساخطا، أصبحت متذمرة لدرجة مزعجة، استمع الى نبرة التأنيب في صوت اسرار
- برضو لسه معترفتش
صاح نضال ساخطا.

- انتو يا ستات، حاجة مقرفة جدا زن زن زن ايه ده
همت بالرد عليه إلا أنها لا تعلم لما ارتفعت عيناها نحو نظرات سراج التي وجدتها متسلية وابتسامة ماكرة تزين شفتيه، عبست قائلة
- ايه الكلمة عجبتك
هز رأسه نافيا وهو يسحبها متوجها نحو طاولة التي يجلس عليها وقاص وفريال
- اطلاقا يا مدام، نروح لترابيزة عيلتك
عارضته بهدوء وعينيها وقعت على رهف الواقفة بجوار خطيبها لتقول
- هسلم على رهف وبعدين نقعد.

هز سراج رأسه وهو يفلت ذراعه من خصرها، لتتوجه أسرار نحو رهف وهي ترى ابتسامتها من الاذن للاذن وعينيها لامعة بعشق تعلمه، ما أن رأتها رهف حتى استأذنت نزار وهي تقترب منها، ضمتها اسرار بقوة في عناق لم يحدث ابدا
همست اسرار بنعومة في أذنيها
- مبروك، تستحقي سعادتك
دمعت عينا رهف وهي ترفع عينيها إلى عيني ابنة عمها التي قالت بتوصية شديدة لنزار
- حافظ عليها.

اومأ نزار وهو يقترب من رهف يلف ذراعه حول ظهرها يعدها أمام اسرار بمحافظته عليها داخل عيونه، تنهدت اسرار وهي تتوجه نحو طاولة وقاص لتجد امرأة ذات خصلات مجعدة تتجاذب الحديث مع زوجها
- طب هايل جدا، انا فعلا كنت بدور على ورشة تقبل العربيات للتصليح
ضاقت عينيها وهي تشعر ان الفتاة رأتها سابقا، الفتاة تبدو صغيرة بل وتضج بالحياة الشبابية وهي تتحدث مع زوجها الذي قال.

- مفيش مشكلة، ده الكارت بتاع الورشة تنوري في اي وقت
رفعت حاجبها غير مصدقة ما يحدث امام ناظريها ثم وقاحة تلك الصغيرة
- من النجمة هتلاقيني في الورشة، نتقابل تسعة بكرا؟
ابتسم سراج بجاذبية وهو يقول بنبرة مهذبة
- اكيد، تنورين، تنوري المكان.

عدل جملته حينما شعر بنظرات زوجته الغيورة المشتعلة، جذب اسرار ليلف ذراعه حول خصرها ليغمغم في اذنها بهمسات لم تسمعها جيهان، زفرت جيهان ساخطة، متى ارتبط الجميع؟! قالت بمرح وهي تنظر نحو فريال
- انا ليه حاسة ان البقلاوات السوريين زادو، هروح ادور على شادية
جزت اسرار على اسنانها لتقول بحدة
- تنور الورشة
اقترب منها قائلا بجدية
- شغل يا اسرار
ثم تابع قائلا بنبرة ماكرة.

- اهدي، مين اللي قرر يعمل هدنة وخلي بالك لو حصل حركة كدا او كدا همنعك من القهوة لمدة شهر
اشتعل الغضب في زرقة عينيها لتجز على اسنانها هامسة بصوت خفيض
- اعملها يا سراج ومش هخليك تعتب باب اوضتنا
اقترب سراج هامسا في اذنها
- اديكي قولتيها يا مدام، اوضتنا، يعني مش حتة قفل يمنعني عنك
زفرت اسرار بيأس، من رجل كهفها وانامله الخبيثة ستبترها يوما ما كي تكف عن عبثها الخاص!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة