قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع والتسعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع والتسعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع والتسعون

في قرية الغانم
جلس الصديقان معا في حديقة منزل غسان واتبعهم الضيف الجديد سامر الذي اهبط نظارة شمسه قليلا وعينيه تتابعان بعض الفتيات المتحررات كما لو انه لم يخرج من موطنه مطلقا
اخرج سامر صفيرا مستمتعا واتبعها سبة بلغته الأم، وهو لا يصدق أن لم يخبره أحد عن حسناوات العرب.

بل مكامن اجسادهم الصاروخية التي تنافس الفتيات النحيفات في موطنه، رفع رأسه ليحدق بشقيقه وغسان اللذان كان يرفعان راهنا لأخذ رقم فتاة بعينها
لكن ما ان وجد ان كل واحد في عالمه، خاصة شقيقه الذي يلعب مع سيد بتركيز تاركا حسناوات سمراوت خلفه جعله يقول بنبرة عابثة علّ ذلك المشغول ينتبه
-اللعنة، لم يخبرني أحد عن الحسناوات هنا.

زفر غسان بحنق وهو يرى أن الحمقاوان يلعبان بحديقة والدته التي ستركله خارجا من منزلها ان اقترب احد من اشجارها النفيسة ليتابع بعين مترقبة وهو يزجر سامر بحنق
- اصمت يا غبي
فغر سامر شفتيه مندهشا، اللعنة ماذا حل بهما
اين صديقيه العابثين؟!، وهو الذي ظن بوجوده هنا سيعيد ايام الخوالي، لكن ليشبعا هما باللعب مع سيد ويشبع عينيه بالنساء
تابع كل امرأة وفتاة تمر أمام حديقة منزل غسان، ليغمغم قائلا.

-اصمت ماذا، حسنا قررت أن آتي كل عطلة إلى هنا، بل وسأذهب معك يا اخي لنرى الحسناوات العرب ايضا
زفر سرمد بحرقة وعينيه تترفعان لينظر تجاه ساعة معصمه، ألم تتأخر قليلا ومن المفترض أن تنهي تسامرها مع قريبتها وتبارك مولدها
لقد تأخرت حقًا، أمر سيد بالتوقف عن اللعب مما جعل سيد يزمجر بحدة الا انه اشار الى رأسه ومتصنعا انه يشعر بالدوخة، مما جعل سيد بقليل من الوقت يتركه ويتوجه نحو بيته الخاص في الحديقة الخلفية.

زفر سرمد بارتياح لينظر إلى غسان بسخرية، اقترب من شقيقه وسحب كرسيه ليجلس عليه وهو يلكزه من خاصرته قائلا
-من أين طينة مصنوعة انت؟
تلاعب سامر بحاجبيه واجابه بعبث
- منك يا شقيق
وكأنه لا يعلم مدى إصرار سامر للوجود بجانبه، يعلم ان امه ارسلته كجاسوس ليعلم ما يقوم بفعله حينما ينفرد لمقابلة برتقاليته.

ولكنه ليس ماهو لتلك الدرجة، وإلا وجد البرتقالية تصفعه وتسبه بل وتنعته بأكثر الالفاظ الناعمة والتي تدل على مدى جهلها بالشتائم الحقيقة، ابتسم سرمد يعبث
حسنا سيقوم إفسادها والكثير من العبث، هذه هي مهمته بعد أن تكون زوجته، انفرج عن شفتيه ابتسامة خبيثة إلا أنه قابل وجه سامر الخبيث والذي يسأله أين قادته أفكاره الجامحة
تجهم ملامح وجهه وهو يهتف بحنق.

- توقف عن مزاحك، والعب في الارجاء وأحذرك ان تقترب مني مربع واحد حينما اقابلها
التفت سامر إليه وهو يغمز بشقاوة
- مع البرتقالية صحيح
تحفزت ملامح سرمد الانقضاض عليه، سحب ياقة قميصه وجذبه اليه ليخبره سرمد بلهجة خشنة
- اذكر هذا الاسم ثانية وسأقتلك
ارتفع حاجبي سامر بدهشة، وهو يرى الغضب في عيني شقيقه، رفع يديه مستسلما ليأتي صوت غسان الساخر
- سرمد لا يحب ان يذكر اسم امرأته بالخير او بالشر.

لوي سامر شفتيه وهو ينظر بظفر إلى شقيقه، الذي أدار ظهره للجهة الاخرى ليقترب منه قائلا بعبث
- لقد أظهرت بك خصال غيداء العربية
ابتسم سرمد بسخرية وهو يسأله بتهكم
- وماذا عن عرقنا الايطالي؟
أقر سرمد باعتراف وهو يغمغم ببساطة
-ناري لكن ليس بنارية عرق غيداء الجحيمي
انفجر سامر ضاحكا وهو يصفق بكلتا يديه، ليستمعا إلى تعليق غسان المتهكم
- ثرثرا هكذا حتى تجدان ماما غيداء تعقلكم من قدميكم.

تجهمت ملامح كلا الشقيقين ليهبا من مجلسهما في الثانية ذاتها واندفعا بقوة وخشونة تجاه غسان يمسكان بياقة قميصه، وفي ذات الثانية هدر صوتهما الغاضب
- لا تقل ماما يا احمق
تفاجئ غسان من اقتحامهما العنيف، رفع كلتا يديه مستسلما وما أن تركاه حتى سقط على الحشائش ليتأوه بصوت خفيض لقوة السقطة مما دفعه ليصيح ببعض الحنق
- اللعنة عليكم، ثورين متناطحين، الله يعين من سترضي بزواجكما.

كاد سامر أن يجيب عليه، لكن لفحة هواء روسية الشكل
متناسقة القوام
نارية الملامح هلت على أرضه
فغر سامر شفتيه ليصدر صفيرا حارا وهو يغازلها بعينيه
- حسناء بشعر كستنائي، اقطع جزء من قلبي لأعرف اسمها
انتبه غسان سريعا وهو يرفع رأسه ليرى مصيبة رأسه، بيسان التي لا تكف علي تنغيص حياته
هب سريعا قائما وهو يحدج سامر بنظرات قاتلة، جعل سامر يرفع حاجبه متعجبا ليراه ينطلق صورها بكل عزم
وكأنه يعلمها!

هل نطق بشيء لم يصح أن يقوله، هز رأسه نافيا، غسان الاحمق لم يخبره انه على علاقة بإمرأة، اذا هو في الجانب الآمن، في الوقت الحالي!
كانت خطوات بيسان السابقة بها عزيمة وشيء من التحدي، لكن ما إن أبصرت خطواته النارية الذي يكاد يلتهم الارض بها التهاما ونظرات عينيه القاتلة
تراجعت كل دفاعاتها
ربما يمر بوقت سيء، شهقت بألم حينما امسكها من زندها وسحبها بقوة بعيدا عن بيته ليغمغم بسخط
- لك يا غبية شو جابك لهون.

حاولت بيسان نزع يدها منه، الا انها تأوهت بألم حينما شدد على زندها لكن هذا لم يزيدها سوي سخطا
بكف يدها الحرة خبطت بها بعنف على صدره الصلب لتصرخ في وجهه
- بص بقي، بدون لف ودوران كتير
صمتت قليلا وهي ترى تعبيرات وجهه المتحفزة للفتك بها لكن هذا لم يقل بها لو انش واحد من عزيمتها، لتضربه بقوة على صدره الصلب كادت تصرخ وهي تشعر كأنها تعاقب يدها وليس هو.

لكن ما بيدها ان تفعل الان، شهقت بألم أكبر حينما شدد على ذراعها لتتلوي ألما وهي تسبه بجميع الشتائم المصرية التي تعلمها في عقلها
لكن بريق عينيها آسره، يذكره بفرس جامح يحتاج للترويض في أسرع وقت
- شغل انك تعمل فيها الوصي والكبير عليا ده يا حبيبي، بله واشرب مايته، لان وعزة جلالة الله
لم يتحمل غسان جنونها وهذيها بعد مما جعله ينفجر هادرا بعصبية
- اخرسييي.

تراجعت بيسان خطوة وقد اجفلت من نبي صوته الاجشة، تكاد تشعر بطنين في اذنها من قوة صوته، ازدردت ريقها بتوتر وهي تغمغم بصوت خفيض
-انت بتزعقلي
ربما تلك الجملة يصح أن تخبره بها وهي تناطحه كثور وليس ككتوت صغير قد حشر في الزاوية
زاد يديه قسوة علي زندها وهو يهدر بقسوة في وجهها
- ليك ولي مو معني اني رايق معك تهينيني فهماااانة.

لم تتحمل تحكماته ولا قسوته الغير مبررين لها، ولا حتى طريقته للاقتراب منها وامساك يدها، اسفه تحطيم عظامها!
دفعته بقوة لكنه لم يتزحزح سوي انشات ويدها ما زالت في قبضته، لتجز علي اسنانها بغضب مستفحل داخل عروقها
-وليك عين يا بجح يا حقير اني مضايقش، يعني ايه ترفض العريس هااا انت اتجننت مين انت عشان ترفض.

من على بعد كان سامر يتابع ويراقب جسد كليهما، اقتراب غسان وإمساكه بتلك الطريقة للمرأة وعدم افتعال المرأة اي فضيحة ومن يراهم من بعيد يظن أنه مجرد شجار حبيبن، جعل سامر يتساءل بدهشة
- من تلك النارية؟
لوي سرمد شفتيه بسخرية وهو يتفحص كاميرته الجديدة
- امرأته
اتسعت عينا سامر بتفاجئ
هل ذهب الوغدين لمصر لكي يتزوجا أم ماذا حدث بعقلهم؟!
أين شعارات العزوبية للأبد، والمجد للرجل الأعزب.

والحياة سيتنقلانها بين النساء، غمغم بادراك
-لهذا كان على وشك الفتك بقلبي
لكن هذا لم يجعل سامر يخفي دهشته مطلقا لما يحدث من حوله دون أن يكون على علم به، صاح سرمد بحدة وهو يلتقط صور لهما خلسة سيستخدمها ضده يوما ما
-اصمت ودعنا نرى المشاجرات الناعمة قبل أن يندفعان بحب بعضهما ونمسكهما وهما يمارسان بعض المرح في الحديقة الخلفية
توقف ادراك سامر عند كلمة مرح، جعله ينفجر ضاحكا وهو يلكزه بقوة قائلا بمكر.

- اللعنة لقد هذبت طباعك، هل تستخدم كلمة مرح في وصف حميمي كهذا
هز سرمد رأسه بيأس وهو يجيب بيأس
-حينما تتعامل مع عربية، ستعرف ما أعانيه
غمز له سامر بإحدى عينيه
- وكأنك لست عربي
استقام سرمد تلك المرة من مجلسه وهو يختار بقعة بعيدة عن هذا المزعج ليقول
-توقف بالله عليك سااام
اعاده سامر بقوة اليه وهو يرفع كفه واضعا إياه على شفتيه قائلا
- توقفت يا اخي
لكن بالنظر اليه ما والي وجهها المليح المتألم غمغم بفظاظة.

-لكن هذا لا يمنع انه يعامل الفتاة كالثور، الفتاة ارق من تلك الخشونة التي يمارسها
صمت سرمد مطبقا شفتيه، الصغير ما زال جديد في تلك الساحة، يعلم صديقه انه يقترب منها بهدف التشبع من رائحة عطرها لأطول فترة ممكنة
هذا ما يمارسه مع برتقاليته، وحتى الان يجهل رائحتها المسكرة، لكن حينما تدخل حدود مملكته سيكتشفه.
نزعت بيسان يدها الخير من قبضته ومسدتها بخفة وهي تتأوه ببعض الألم، وعينيها تحرقان غسان من موضعه.

لوي غسان شفتيه وهو يسألها بفظاظة
-خيييييير شو بدك
بعد كل ما قالته يسألها ماذا تريد
أجابته وهي تكز على أسنانها بغيظ
-تبعد عن حياتي وبطل تحشر مناخيرك في الموضوع
النجوم اقرب لها من أن يتركها، قالها غسان وهو يعقد ذراعيه على صدره ليقول غسان بسخرية
-لك شووو هاد بتعرفي لسااانك قد سبع شطلات يابنتي
لم تواكبه لوصلة شجار جديدة قد تمتد لساعات لتهز بيسان رأسها قائلة بتحذير
- قولت اللي عندي يا غسان، اياك تدخل.

رمقها بسخرية شديدة، ليرفع عينيه متفحصا وقفتها المائلة الأنثوية
ولم يعجبه مطلقا تلك الوقفة نهائيا ليمسك زندها مرة أخرى يعدل وقفتها، لكن في اللحظة الاخيرة تراجعت بيسان خطوة والقلق يعصف بملامح وجهها المليح ليقول باستهزاء
- واذا قلتلك طلبت تهديدك بليه واشربي ميته شو رح تعملي يعني
كانت تلك المرة على وشك الخروج عن طور هدوءها وهمت بالفعل بالصراخ تلك المرة.

- هعمل ايه ، كتمت باقي عبارتها في جوفها ليخرج بدلا منه صراخ قوي مذعور ااااه بعده عني، بعده عني
ابتسم غسان بشماتة ويشكر الرب ان سيد استجاب لنداء صافرته في الوقت المناسب وتلك المجنونة كانت على وشك فضحهم، رآها تقفز كالمجانين وكأن جني قد مسها وسيد يزداد حماسة ويقترب منها وهي تبتعد حتى التصقت به خلف ظهره، متشبثة بقميصه ليتنهد غسان بيأس قائلا
- اثبتي يا جدبة.

هزت بيسان رأسها رافضة وهي تكاد تدفن جسدها وتحرك جسدها ما أن ترى الكلب يلف حولها محاولا التعرف والتودد اليها، لكنها تقرأ خطواته وتقربه خطئا، دارت بجسدها حتى اصبحت بمقابلته لتهمس بضعف وعينيها مغرورقتين بالدموع
- بخاف منه، مشيه من جنبي
تنهد غسان بيأس وباشارة امر منه توقف الكلب عن الركض خلف بيسان واكتفي بمشاهدتهما، تنبه غسان لامساك بيسان لمقدمة قميصه مما جعله يسهل بحرج قائلا بفظاظة.

-بلا هبلك هلا، اثبتي واوثقي فيني
رفعت عينيها الدباحتين إليه تلومه قليلا، وتعاتبه كثيرا، والدموع تخرج منها بلا حول ولا قوة لتهمس باصرار ويديها تزداد تشبث بقدمة قميصه
- لا، انت ما هتصدق تخليه ياكلني
يكاد غسان يسقط من حرجه وهو يعلم أن الجميع سيظن انها تتودد إليه، الفكرة نفسها اثارته
ازدرد ريقه بصعوبة وحاول نفض أي تفكير ثانوي سيشتت من مأربه ليقول بمزاح
- ضحكتيني اسكتي كرمال الله لك هاد بياكل احسن مني ومنك.

زفر بسخط حينما وجدها تنهار باكية، لم يعلم أن مزاحه سينقلب عليه، ليمسك كلتا يديها متنزعا منها قميصه بقوة ليزفر براحة قائلا
-روقي ولو بدو يتعرف عليكي
دفعها بهدوء إليه، إلا أن تخشبها اعلمه انه لا فائدة ترجى منها وزاد الطين بلة تحول ملامح سيد للعداء والنباح بصوت مرتفع، لتصرخ بيسان وهي تلتصق تلك المرة كالعلقة في جسده محتضنه جذعه
نار كالجحيم سرت في أوردته وهو يستشعر كائن أنثوي ناعم يقترب منه.

والأنكى أنها لا تعلم ما تثير به من براكين يحاول اخماد ثورتها، اغمض جفنيه لثواني يحاول ان يكون باردا
أن لا يتأثر بأي اغراء، وخصوصا تلك العلقة الآن التي لا تدري بما تفعله من غمرة بكائها
صاح بسخط للكلب وهو يلعن غباءه تلك المرة حينما ظن أنه سيأخذ حقه منها
-سيد، خليك زلمة وما تخوفها لانو قلبها رهيف
انتهي المسرحية التي تعرض علي الشقيقين، ليتنهد سرمد وهو يتذكر حينما كان في موقف مشابه لصديقه.

اكثر شئ يضعفه هو بكاء امرأة يكترث لأمرها، وشادية لم تزخر وقتا ولم تبكي فيه، وقد كان القدر به رحيما لأنه كان على وشك أن يرتكب ابشع الجنايات بحقها
استمع الى تذمر شقيقه
- اللعنة، صديقك مختل عقليا كيف يبكيها ويأمرها بفظاظة ان لا تبكي.

قلب سرمد الصور التي التقطها لهم، بل الصورة النارية التي يقسم أنها ستجعل غسان راكعا حينما التصقت به الفتاة كليا وكأنها تعانقه بحميمية بدت هكذا في عدسة الكاميرا لينطق بلا مبالاة لأخيه
- حينما تصبح لديك امرأة لا تغتاظ حينما نتدخل في حياتكما
لم يعجبه نهج البرود والتحفظ الذي يمارسه سرمد عليه الان، لولا انه فقط يتعافي وما زال يتفحص عن الأطباء لسلامة رأسه لقام بإحدى شجارهم السخيف، غمغم بغيظ
- فظ، غليظ.

التمعت عينا سرمد بلهفة حينما وجد رسالة منها تخبره ان يقابلها في موقع ما في القرية ليتلتف الى شقيقه مودعًا
- سأذهب
صاح سامر باستنكار تام كونه خارج الصورة
-واين سأجلس أنا؟
ابتسم سرمد ليجيبه ببرود وهو يضع حامل الكاميرا حول عنقه
-تناول الطعام في مطعم شقيق غسان
اخراج سامر شتيمة نابية قبل أن ينظر الى حاله وهو وحيد في حديث منزل صديقه، الذي اختفي الان من الصورة مع الفتاة البكاءة.

زفر سامر بحنق وهو يمرر بأنامله على خصلات شعره الكثيفة بحدة قبل أن يستقيم من مجلسه راكلا كرسي خشبي
-اللعنة، لم أتي الى هنا وتركت فتياتي لكي أكون وحيدا
لكن الضيق والحنق الذي اعتراه تبدد حينما ارتسمت علي شفتيه ابتسامة ماكرة، سيقوم بمشاهدة مسرحية أخيه مع البرتقالية الان ثم يرسل اخبار لقائهما الذي والدتهما الحبيبة المتحرقة لسماع موافقة أهل العروس للزواج في أقصى سرعة!

واقفة بملل وبعض التركيز تصبه في هاتفها، خصوصا حينما راسلت الأيطالي الذي اخبرها على وجه السرعة أنه قريب منها، انتبهت على صوت الرجل الذي ينادي بصاحب الطلب لتتقدم وهي تأخذ علبة الزلابيا وتشكر الرجل وهي تحاول الخروج سريعا من الزحام في المكان..

رأت فتاة صغيرة جميلة الملامح تبكي حينما أسقط طفل ما الأيس الكريم الذي تأكله، لتشفق عليها وهي تقترب منها محاولة مزاحها وتغير عبوس وجهها، اخرجت من حقيبتها شوكولا وقدمتها لها لتبتهج أسارير الطفلة قبل أن تسارع بعناقها.

كادت شادية ان يختل توازنها خصوصا مع قوة دفع الفتاة المفاجئ، إلا أنها سرعان ما ربتت على شعرها وهي تزيل دموعها بمنديل ورقي أخرجته من حقيبتها، طبعت الفتاة قبلة على خدها قبل أن تقفز بمرح وسارعت بإخراج لسانها تجاه الولد الذي كان يتنمر واصبحت ملامح وجهه عابسة، هزت شادية رأسها بيأس وهي تستقيم من مجلسها محاولة نفض اي تراب قد علق بملابسها وكل ذلك غافلة عن عينيه وعدسة كاميرته التي التقطت كل ثانية من المشهد الذي رآه.

مرر بكف يده على قلبه يمسد موضعه، وهو يتحرق شوقا لدلاها الخاص له
متى ستتدلل عليه تلك المرأة، بل متى موعد وصالهم الذي بات يحترق له؟!
تقدم نحوها وهو يراها جالسة بهدوء على المقاعد الخشبية المتكاثرة في الحديقة، عينيه يتأملان ملابسها التي فاجئته بأنها ارتدت ثوب صيفي.

سمحت لقدميها أن تظهر للعلن والهواء يرغب بكشف اكثر عن ساقيها، وذراعيها المرمرية مكشوفة لأعين الكل، وشعرها الذي كان يكره معقود جعلته حر طليق يعبث به الهواء كيفما شاء دون ان تتذمر ملامحها أو تتأفف كونه دمر تصفيفة شعرها
اقترب منها للحد الذي جعلها لم تنتبه له وهي تتناول الزلابية الساخنة بتلذذ ليهبط بجذعه تجاه اذنها يهمس بخشونة
-ماذا تفعلين بمفردك يا برتقالية.

دغدغة ناعمة قشعرت جسدها، لن تكذب وتقول انها لم تشعر به، الهواء المحمل عطره الرجولي انبئها أنه اقترب من حدودها، لكن هذا لم يمنع ان تحاول اصطناع الدهشة وهي تضع يديها على نحرها قائلة
-خضتني
- لا اوجع الله قلبك يا فاتنة.

ابتسم سرمد وهو يتخذ مكانا له في المقعد الذي بالكاد يكفيهما وعلبة الزلابية يعزله عنها، عيناه سقطت رغما عنه لبداية نحرها وصدرها المكشوف بسبب الفستان اللعين، بل كيف لفستان وقح مثل هذا الحد يفصل استدارة صدرها بفجور كهذا!
لم يخفي حنقه اذا احد شاهد وتمتع عينيه بثوبها الصيفي هذا الذي سيحرقه حتما، فقط ينتظر حصوله على لقب زوج، وسيحرق كافة تلك الملابس اذا فكرت ان ترتديهم في غيابه.

زفرت شادية بيأس وهي تجمع خصلات شعرها جانبا جعل سرمد تجحظ عيناه وهو يرى ظهرها المكشوف حتى منتصف ظهرها
هل تغويه تلك المرأة؟
هل ترغب بجعله يفقد اعصابه تهورا؟
سمعها تمتم بحنق وهي تأكل الزلابية بتلذذ شديد
- بطل تقول الالقاب دي.

ضغط سرمد اصابعه بعنف على ركبته حينما راقب انحنائها البسيط وهي تتناول علبة طعامها، رؤيته لبداية ثديها جعلت النيران تتأكله حيا، هو حينما قام بتصوريها شعرها اللعين اخفي كل تلك الأشياء عنه وعن عدسته
هدر بقسوة وهو يتحاشى النظر إليها كي لا يمد يده حول عنقها ويدقه
-ماذا ترتدين يا شاديااه
رفرفت شاديه أهدابها بعبوس وعدم فهم، لتتأمل فستان شقيقتها الذي ارتدته اليوم وقالت ببساطة
-فستان.

شهقت بفزع حينما هب من مجلسه صارخا في وجهها وقد احتدت حدقتي عينيه
-اللعنة عليك، اعلم انه فستان، ما المناسبة لأرتدائه
فغرت شادية شفتيها بصدمة وهي لا تعلم سر تحوله لمارد وحشي في تلك اللحظة، نظرت مرة اخرى الى فستان شقيقتها بعدم فهم ثم إليه قائلة
-شكله وحش ولا ايه، فكرت البس حاجة جديدة خصوصا اني مش ورايا شغل
عض سرمد على نواجذه قهرا وهو لا يصدق مدى غباء تلك المرأة معه في الحديث أو تتعمد ذلك!

ألم ترى هيئتها في المرآة قبل الخروج؟، شئ بارز اكثر عن اللزوم، شئ مكشوف اكثر عن اللزوم!
هدر بسخط شديد وعروق عنقه تكاد تنفجر من كثرة الضغط الذي يمارسه
-نصف ظهرك مكشوف وساقيك تحث الهواء ان تظهر لأعين الجميع، ثم صدرك تجعلين الرائح والغادي يتغزل به
شهقت شادية بخجل وهي تداري صدرها بذراعيها عن عينيه وامتعق وجهها من الخجل لتصرخ في وجهه بانفعال
- يا وقح.

صرخ تلك المرة في وجهها وهو يتأمل قدها، ويفكر بكم رجل فتنته برتقاليته رغما عنها
هل عينيها لتلك الدرجة من البراءة كي لا تفهم نظرات الرجال؟! ولا حتى مقدار اشتهائهم لها، سب بقوة تلك المرة
- بل انتِ هي الوقحة، اين ثياب الناظرة، ما الداعي لارتداء ثوب يظهر مفاتن جسدك
لم ينتظر تلك المرة حتى رجوعها من المنزل، سارع بفتح حقيبه ظهره واخرج قميص احتياطي من داخله، سألته شادية بتعجب
- انت بتعمل ايه.

هدر في وجهها بحدة وهو ينزع أزرار القميص بحدة ليزجرها بجنون
-اصمتي
رمي القميص على حجرها لترفع رأسها بدهشة اليه، وهي لا تصدق ان ما يجول بعقلها صحيح
هل تريد ارتداء قميصه الاسود فوق فستانها الصيفي الجديد، لا يعلم ما الذي فعلته هي كي تأخذه من اختها
حاولت ان تخبره ان معها سترة في سيارتها لتهمس
-سرمد
لكن كان هو الاصرار والعناد بلغ منه ليقول بصوت آمر
-أرتديه.

عضت شادية على باطن خدها، لن تنكر انها كانت جريئة كفاية هذا الصباح لارتداء فستان فاضح كهذا، تعترف ان ثيابها الخاصة لا يوجد به شئ كهذا
لكن ارادت ان ترى اعجابه، تعليق يمدح فيه فستانها كما يوم قدومه لمنزلها
شئ يعبر به عن جمالها وليس ان يصرخ في وجهها، تمتمت بيأس مرة اخرى
- سرمد
فصل سرمد الخطوات بينهما وقال بحدة
-واللعنة ارتديه او اقسم انني سأضعه داخل رأسك.

ازدردت شادية ريقها بتوتر لترفع القميص امامها ثم دارت برأسها يمينا ويسارا قائلة باستنكار
-البسه دلوقتي وهنا
هز رأسه قائلا بنبرة امرة
-الآن
لم يعجبها تلك النبرة منه استقامت من مجلسها وهي تصرخ في وجهه
- مش من حقك تأمرني على فكرة، وانا عاجبني شكلي كدا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة