قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الخامس والسبعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الخامس والسبعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الخامس والسبعون

داخل أروقة المشفى،
الحالة سيئة
بل اسوأ مما توقعت
دماء كثيرة فقدها والطبيب لم يطمئنهم مطلقا قائلا قبل دخوله داخل غرفة العمليات أن هناك دماء تجمعت في أذنه
يوجد نزيف في المخ وربما ينتهي به الأمر ميتا ولم تستطيع انقاذه!
أنهار العالم من حولها وسقطت هي على الارض الصلبة تتسلم بعض من الصلابة منها، هل فقدته؟!
بتلك السرعة؟
ظلت تهز رأسها نفيا ومحاولة حثيثة بأن تقف بصلابة لم تستطيع فعلها.

انفجرت في البكاء رغما عنها وهي تنعى حظها وغبائها الكبير، انتبهت على صوت ماهر المرتفع مناديا اسمها
- شادية
رفعت رأسها ووجهها الشاحب ومظهرها المزري جعله يقترب منها هابطا بجذعه على الارض محتضنا وجنتيها لتهمس بحشرجة
- م، م، ماهر
عادت لنوبة البكاء ليقترب ماهر وهو يقبل مقدمة رأسها، محتضنا اياها بقوة لتستند برأسها على صدره متمتما بهدوء
- أهدي، أهدي.

حاولت ان تسحب نفسا عميقا لكنها لم تستطع، شعرت ان الهواء اصبح صعب سحبه الى رئتيها، افترقت شفتيها قائلة
- بيموت جوا وانا، وانا بغبائي ورطت نفسي في مصيبة
تمسكت بكلتا يديها حول قميصه لتهذي بانهيار
- خايفة يحصله حاجه بسببي، المفروض اكون مكانه دلوقتي.

حاول ماهر معرفة قوة الرابطة بين الرجل الذي لا يعلم اسمه سوى الآن، وقوة تأثيره حول شقيقته، كل شئ بالنسبة له غامض وبكاء شادية الهستيري جعله يتأكد انها تملك عاطفة قوي نحوه
متى؟ وأين؟ لا يعلم حتما
انشغاله بمشاكل زوجته جعله يتراجع عن مهماته كشقيق ورجل العائلة تاركا والده يتعامل معهن!
مال طابعا قبلة على رأسها مهدئا إياها بعبارات هادئة، لكنها لم تهدأ
كل شئ كبير عليها.

من لحظات ذلك الحقير معاذ والرجل القذر الاخر وضربه العنيف لسرمد ومحاولة لاختطافهم
كل هذا كثير لتعيشه في اقل من ساعة زمن!
عضت على طرف شفتها السفلى مفكره في حالة ابيها الان
لن يسامحها
لن يسامحها، تعلم هذا
ضاقت أنفاسها وهي تمتم بندم
- مش عارفة اكلم بابا، مش هعرف اواجهه بعد اللى حصل، فكرت نفسي اني ست قوية وهقدر اواجه مشاكلي لوحدي بدون ما اتدخل بس معرفتش
رفعت رأسها تنظر إلى وجه شقيقها لتهمس.

-فشلت زي ما فشلت في كل حاجه يا ماهر
زفر ماهر متنهدا بحرارة ليهمس
- اهدي يا شادية، انا مش فاهم حاجه من كلامك
أجلت حلقها وهي تهمس بصوت خفيض
- معاذ رجع تاني
اتسعت عينا ماهر لينتفض قائما من مجلسه صائحا بثورة
- ال، هو فين ابن ده
رفعت رأسها وهي تنظر الى غسان الذي يجئ ذهابا وايابا، عيناه تتعلق على الساعة ثم الى الباب لتقول بصوت قلق
- غسان ضربه واغمي عليه ومعرفش ايه حصله هو والتاني اللي عايز يخطفني.

- يخطفك!، مرمي فين ال
هذا لم يكن صوت شقيقها بل صوت، والدها!
فغرت شفتيها بصدمة وهي تنظر الى ابيها الثائر وعينيه المشتعلتين بغضب لتهمس بخشية
-بابا
رفعت عيناها تنظر الى شقيقها الذي تمتم
- اسف، بس سمع المكالمة لما كنت بكلمك
حاولت القيام من مجلسها لكن لم تستطيع، ساعدها ماهر على القيام لتقترب من والدها الذي صاح بمقاطعة خشنة
- كلامنا بعدين يا شادية، بعدين.

تجمعت الدموع في مقلتيها وهي ترى نفور والدها منها لتهمس بندم
- انا اسفه
جز معتصم على اسنانه بعصبية مفرطة، الا يكفيه مشاكل شقيقته لتأتي مشاكل الاخرى
ذلك الأجنبي الجرئ الذي دلف لعقر داره مستأذنا اياه في مصاحبة ابنته، الوقح، عديم التربية تعرض للضرب وابنته تبكي عليه
انفجر صارخا في وجهها
- هيفيدني ايه اسفك لما يخطفك القذر ده ويبعدك عني والله اعلم كان هيعمل فيكي ايه تاني.

ارتعد جسدها جراء صوته الهادر لتشعر بذراعين شقيقها الحانيتين وهو يدعمها بقوة لتزدرد ريقها وهي تهمس
- هيعمل فيا ايه تاني يا بابا، ماخلاص هو دمرني
احتدت عينا الأب وهو يراقب ابنته الضعيفة! متى أصبحت تخبئ عليه؟!
منذ متى قررت أن تعتمد على ذاتها، وخصوصا امر ذلك القذر معاذ الذي لم يراه بعد تلك الليلة المشؤومة! صاح بتهكم
- لو دمرك مكنش قلبك طلب انه يعيش من تاني، ماكنش اللي جوا ده امره يهمك.

تلون وجنتيها بالحمرة وهي تهمس بتلعثم
- بابا انا
رفع يده مقاطعا ليقول بحدة
- مش عايز اسمع صوت
صدر صوت نحنحة خشنة من غسان الذي قرر التدخل لتهدئة الأوضاع المشتعلة، والله لم يكن ليتدخل ابدا لولا علمه بمدى أهمية المرأة لدى صديقه ومدى هشاشتها وهي في أشد حالات ضعفها ليأتي والدها و يزيد الطينة بلة بصراخه العنيف
- مساء الخير
تنهد معتصم محوقلا لينظر نحو الدخيل المقتحم ليضيق عينيه وهو يتساءل.

- انت صاحبه يا ابني مش كده؟
هز غسان وهو يتنحنح محدثا باللهجة المصرية كى لا يثير الشكوك خصوصا نظرة الشقيق النارية كأبيها
- أيوا يا عمي
اقترب معتصم وهو يربت على كتفه قائلا
- ان شاء الله سليمة ويقوم بالسلامة، بس محتاج حد يفهمني ايه اللي حصل
استطرد معتصم قائلا وهو يتحدث بجدية
- انا عارف ان الايام الجاية مش هتبقي سهلة وخصوصا المستشفي مش هتقدر تسكت اكتر من كدا والموضوع هيوصل للسفارة.

هز غسان رأسه وامنيته العاجلة هي زج الحقيرين خلف القضبان، لم يكن يعلم قوة عائلة المرأة إلا في المشفى الذي استقبل الحالة دون حديث أو الاتصال بالشرطة، الطبيب فقط تحدث عن حالة صديقه الحرجة ككشف مبدئي قبل دخوله للعمليات
وما أقلق الطبيب وجود دماء متجمعة في أذنيه مما يدل على وجود نزيف داخلى، جعله يشعر بمدى وصول الامر للوضع الحرج.

لا يعلم كيف سيتصل بعائلته، ولا كيف سيخبرهم، خصيصا شقيقه المندفع كثور هائج ولن يترك الأمر يمر هينا!
زفر غسان متحدثا
- ان شاء الله يكون سليم يا عمي وميكنش فيه داعي لكل الدوشة دي
عبس معتصم وهو يتمتم بحدة طفيفة
- صاحبك اجنبي وحامل جنسية أوروبية، السفارة مش هتكون متهاونة مع اللي حصل ولا انا هكون متهاون.

ابتسم ابتسامة مقلقة وهو يعلم أن إيطاليا لن تصمت وخصوصا الصحافة، ستقيم حرب عالمية ثالثة خصوصا لأهمية سرمد في مجاله ولا عائلته بجميع افرادها ستصمت على ما حدث لفرد عائلتهم، تمتم بصوت قلق
- سرمد مش بيحب المشاكل
رنين هاتف ماهر قطع المحادثة ليستأذن ماهر مغادرا تاركا شقيقته تجلس على اقرب مقعد!

صاح معتصم بحدة طفيفة، لن يكذب انه تحرى عن عائلة ذلك الشاب المستهتر وتعجب لمدى شهرته الواسعة في مجال الموضة وقوة ثراء عائلته
- بس الصحافة مش هتسكت يا ابني، ان شاء الله ربنا يعديها على خير
هز غسان رأسه بيأس وهو يمرر أنامله في خصلات شعره، ليبصر قدوم شقيق شادية ليعاجله معتصم قائلا بلهفة
- لقاهم موجودين
هز ماهر رأسه نافيا
- لا، اختفوا فص ملح وداب
اسودت ملامح معتصم قتامة ليهدر بوعيد.

- هيروح مني فين، وابوه هيفضل مخبيه عني لحد امتي، بس قسما بربي ما هسيبه، هرب مني مرة بس مش هيقدر يهرب مني للمرة التانية
اقترب ماهر من أبيه قائلا بهمس
- بابا ارجوك ارتاح دلوقتي وسبني اتعامل انا المرة دي
رفع معتصم حاجبيه مستنكرا ليهمس بسخرية
- هتتعامل مع مين يا ماهر، انا ولا اخواتك وكل واحدة فيهم بمصيبة ولا بمصيبتك انت ومراتك
تمسك معتصم بكل قوة في عصا يده ليقول بيأس.

- مشاكلك لوحدها تهد جبل، روح يابني سبني اشوف عملت ايه غلط عشان اتفاداه بعد كدا، ولا اموت وارتاح يمكن ترتاحو مني وتعملوا اللي عايزينه لطالما وجودي من عدمه مش هتفرق
استشعر يدا ابنته التي احتضنته من خلف ظهره ودموعها الدافئة تبلل قميصه وصوتها المختنق جعل صدره يختنق
- بابا بعد الشر عنك، انا مقدرش اعيش من غيرك
زم شفتيه بحنق وهو يرى محاولتها الحثيثة ليرضى عنها إلا أنه قال بجفاء.

- واللي عملتيه ده يا شادية، مش هسامحك عليه ابدا
مالت تدفن رأسها في صدره متشبثة بعنقها هامسة
- حقك يابابا، لان انا غبية فعلا ومبتعملش من غلطتي
زفر معتصم وحشرجة صوته المعاتبة جعلها تلتصق به بقوة
- ليه تعملي كده، ليه توقعي نفسك مع الحيوان ده تاني، ليه مقولتيش
عضت على باطن خدها وهي تجيبه بصوت هامس
- افتكرت هعرف امنعه
صاح الأب باستنكار شديد
- تمنعيه! تمنعي ايه ولا ايه يا شادية، ما خلاص.

حاولت ان توقف دموعها المنسابة على خديها، لكنها لم تستطيع
حاولت لكنها ببطء عن عناق والدها لتتراجع عدة خطوات لتركض
أو تهرب
تبحث عن مخبئ لتداوي جروحها الخاصة
أو يد تستطيع أن يقدم لها دعم خاص دون القيام جرحها
أين والدتها؟!
ترغبها بشدة الآن أكثر من أي وقت مضى
استشعرت صوت ماهر الذي اقترب منها قائلا بقلق
- اهدي يا حبيبتي
هزت رأسها نافية وهي تهمس بحشرجة
- عايزة اموت.

اختنقت انفاس الأب وهو يتطلع نحو ابنته التي انفجرت تبكي بانهيار متمتمة
- عايزة اروح عند ماما
روحه غادرت بعد كلماتها القاسية، ليري ابنه وهو يحتضنها بقوة قائلا
- اشش، ايه اللي بتقوليه ده يا شادية استغفري ربك، في حد يقول الكلام ده.

تجمعت الدموع في عيني الوالد وهو يجلس منهارا على المقعد، أخفض رأسه وهو يحاول التخلص من المشاكل التي حلت على سمائهم دون أن تتأذى صغيرتيه بقدر الامكان، رغما عنه استمع الى هذي شادية الهستيري
- كنت المفروض ابقي مكانه، مكنتش هخليه يقرب مني ابدا كنت هقتل نفسي ولا يقرب مني بس هو جيه واضرب جامد وانا خوفت، خوفت يموت بسببي
ابنته تحبه
استطاع الوقح الذي دافع عنها بامتلاك مقاليدها، انتبه على صوت ماهر الذي تمتم.

-الدكتور طلع.

استمع يا عزيزى
كل شئ سهل الحصول عليه
لكن صعب التمسك به
وهو يصعب الحصول عليه
لذا التمسك به شئ مستحيل!
بعض العبارات الرومانسية الهزلية يراها في إحدى الصحف ومقالات عبر الانترنت، شاعر كان ام كاتب الذي يكتب
هم بالنهاية تجار مشاعر
يستطيعون التلاعب بمشاعرك والتحكم بك وانت منساق خلفهم، اذا لما العصبية والشجار من الرجال وهم يتلاعبون بالنساء!

بالنهاية هم نفس الاشخاص وان اختلفت طريقتهم لكن بالنهاية يصلون الى لنفس الهدف!
هز نضال رأسه ساخرا والدخان الذي يخرج من سيجارته مخلفا دخان ابيض جعل الغرفة أشبه بمدخنة قطار قديم!
زفر باختناق والدخان يستنشقه بانتشاء شديد ليرمي بعقب سيجارته الخامسة عشر تقريبا ذلك اليوم في المطفأة، يتذكر منذ يومين نهاره العصيب بعد رؤيته لفرح الجديدة
فرح التي غيرها كما قالت.

استطاع أن يزرع بذور القسوة حتى أصبحت نسخة باهتة عن التي يعلمها
نسخة صنعها هو
استقام من مجلسه بحدة وهو يتوجه نحو الشرفة، ينظر الى الافق محدقا نحو القمر الذي يشع بهاء وجمالا في وسط الظلام المحيط...!
كانت تبدو كبدر مكتمل في عالمه المظلم تستمد ضوءها من الشمس لتستطيع إرشاده نحو حياته! والان اطفئ ببرود مصدر قوتها لتنير عالمه
إذا ما حاجته لها الان!

ليطلقها! ينبذها عن حياته، ألم يأخذ ما يرغب منها؟، لما يشعر الآن أنه لم يأخذ شيئا
بل يرغب بتلك الفرح الجديدة عليه، يرغبها بطريقة مميتة، ليرى مدى قوة تحمل تلك القطة المشاغبة؟!
ذكرى طلبها للطلاق لا يغادر عقله، مهما حاول، ومهما نفث دخانا لينسي
طلبها للطلاق شطره لنصفين! استسلم تلك المرة للذكرى التي حدثت صباح اليوم..
اتسعت عيناه ذهولا جراء كلماتها مطالبة بالطلاق ليمسك خصلات شعرها بقسوة هادرا في وجهها.

-قولتي ايه سمعيني كدا
بنفس العينين الجامدتين وصلابة ملامحها نطقت بحدة
- بقولك قرفت منك وطلقني
صفعة اخرى هوت على وجنتها كادت ترميها ارضا لولا تمسكه بخصلات شعرها بقسوة جعلها تصرخ بألم
-ااااااااه
قست عيناه وأظلمت عينيه الذهبيتين ليحدق بها بجنون، تلبسه الجنون تماما وهو يهزها بقوة قائلا
- سمعيني
تغلبت على المها لتنطق بحدة
-طلقني.

امسك فكيها بقسوة لتتأوه وتصرخ بألم حينما ارتطم جسدها بالحائط لتنظر اليه بعينين خاويتين، تحدق لجنونه وفرط عصبيته وخروجه عن طوره ليهدر في وجهها
- مين
همست بحدة وهي تتلوي لتتخلص من قيده إلا أن جميع محاولاتها قابلها الفشل
- مين ايه
نقر باصبع السبابة على رأسها قائلا بعصبية
- مين اللي لعب في دماغك المرة دي يا فرح.

نظرت اليه بملامح مبهمة وهي تحدق به ببرود أتلف المتبقي من عقله، ليمسك كلتا ذراعيها صارخا في وجهها بحدة
- انطقيييي
زفرت بحدة والأجواء تزداد اختناقا وهي تستنشق زفيره الحار لتهمس ببرود
- محدش لعب في دماغى، ولو هتضربني من هنا للصبح يا نضال برضو مش هتردد وهقولك انا بكرهك ومش طايقة اشوف وشك وهتطلقني
اتسعت عيناه بجنون لحظي لتزداد عيناه قسوة وهو يقترب منها قائلا بسخرية
- وريني يا حلوة هتعملي ايه.

لم يستمعا إلى محاولات فتح الباب سوى الآن، رفعا أعينهم نحو مقتحم الباب وجاء البطل المغوار، حامي العائلة الاول ودائما مقتربا منه صائحا بصراخ
- انت اتجننت
استدار اليه مخفيا زوجته عن اعين اخيه ليهدر قائلا بحنق
- ملكش دعوة، لا انت ولا انتي ليكم حق في مراتي انا.

وجه نظرة معاتبة نحو أسرار التي تنظر بقلق إلى كليهما، ازدردت ريقها بتوتر وهي تحاول رؤية حال فرح وإلى أي مدى أذاها ابن عمها المجنون، ارتعد جسدها فور صراخ فرح
- مش مراتك، انسى من وقت ما مشيت من سجنك انا حرة
التفت وهو يهم بضربها بجنون
- اخرسيييي
امسك وقاص ذراعه وهو يفصل بجسده اخيه المختل عن زوجته ليزجره قائلا
- ايدك دى اياك ترفعها على فرح والا هقطعالك
رفع نضال رأسه ناظرا بتقارع نحو أخيه ليتمتم.

- ايه قررت تحطها تحت جناحك دي كمان
جاء همس خافت من اسرار
- نضال ارجوك كفاية
التفت نضال رافعا برأسه ينظر نحو اسرار التي شحب وجهها واضعة يدها على موضع جنينها، رق قلبه رؤية لحالها ليراها تقترب من فرح محتضنة اياها بقوة متغلبة على المها ليخرج ضحكة ساخرة متمتما
- ومن امتي بقيتي في الصف بتاعه
زجرته بقسوة وهي تنظر اليه بعتاب شديد
- نضال اعرف الاول انت بتقول ايه قبل ما تتكلم.

هم نضال بالاقتراب من محيطهما الا ان وقاص وقف بالمرصاد له ليعيده لمكانه، زفر نضال بحدة قائلا
-انا عارف كويس بقول ايه يا اسرار
نفت اسرار قائلة بحدة طفيفة وهي تربت على ظهر فرح التي دفنت رأسها على كتف اسرار
-لا مش عارف، ولو عارف مكنش ده هيبقي كلامك، واللي بتعمله فيها دي ميصحش هي بني ادمة
القي نضال ضحكة ساخرة ليقول بتهكم
- تصدقي كنت فاكرها خشب مبيتكلمش
دفعه وقاص ببعض الخشونة صارخا.

- انت بتهزر، امتي بقي بطل عادة الهزار السخيفة دي
رفع نضال رأسه ينظر بتحدى نحو وقاص وجسده مستكين ليفكر في جميع خيوطه التي انسابت من بين أنامله، صدر أمر وقاص النهائي
- هتمشي دلوقتي من الشركة ترجع بيتك شغلك دي مش مشكلتي، لكن تمشي حالا يا نضال
هز نضال رأسه قائلا ببرود
- وماله يا كبير، همشي بس وهي معايا
تجهمت ملامح وقاص لينفجر صارخا بهدر
- تنسي فرح خالص يا نضال.

عقد نضال ذراعيه على صدره ينظر لأخيه باستفزاز، ليصدر صوت فرح قائلة بخشونة
-وانا حابب اشوف هتعمل ايه
رفع نضال حاجبه بتسلية قائلا
- بلاش تتحديني يا فرح
اشتعلت النيران في عينيها الدافئتين لتصرخ في وجهه قائلة
-بلاش انت تتحداني، فرح القديمة دي انساها لانها اتحرقت يا نضال وكل ده بفضلك انت، فرح اللي شايفها دي لا بتحس ولا بتتألم، فرح جديدة صنعتها بأيدك
همست اسرار بحدة طفيفة
-اطلع برا يا نضال، هي مش عايزاك دلوقتي.

خسر الملك جميع حلفائه وكله بسبب شخص اعتبره مساعده الايمن المخلص ليكتشف انه الخائن في تلك المعادلة!
ابتسم بتهكم وهو يعدل من ياقة قميصه ليصيح بتوعد قائلا وهو ينظر الى وقاص واسرار بنظرات ممتعضة
- ماشي يا فرح، لينا كلام تاني بس بعيد عن أسدين قصر النيل بتوعك
انتهت ذكرى ذلك اليوم، ليضم قبضة يده بقوة ضاربا الحائط بعنف شاتما
- غبي
كيف رضى الخروج من أرض الساحة لأول مرة خاسرا.

كيف يتركها تحتفل بنصرها السخيف، عاد يلكم الحائط عدة مرات متناسيا المه ليرهف أذنيه السمع إلى صوت بكاء
هبطت عيناه ارضا ليجد صغيرته متمسكة ببنطاله لتتسع اعينه ذهولا وهو يلعن غبائه لأنه ترك باب غرفته مفتوحا، سارع بحملها وهو يخرج من غرفته الاشبه بعوادم القطارات ليقول بعتب
- انتي بتعملي ايه هنا يا مجنونة
عبست الصغيرة وهي تنظر اليه قائلة بعبوس طفولي محبب
- دادا، دادا يا بابا.

لوى نضال شفتيه ساخرا وهو يدلف نحو الحمام، امرها بهدوء ان تجلس بطاعة على المقعد الصغير الخاص بها، اومأت الصغيرة بطاعة وهي تشاهد والدها يخلع قميصه ويفتح صنبور المياة ينعش جسده وصدره بالماء وهو يرد على سؤالها لفرح
- دادا مشيت يا شمس
زمت الصغيرة شفتيها بغضب والتمع وهج ذهبي في عينيها من الغضب لتصيح بحدة
- لا، دادا، دادا.

اغلق نضال صنبور المياه ليسحب المنشفة وهو يجفف شعره وصدره ليعود بحملها مرة اخري تاركا تتحدث بتذمر متسائلة
- ماما
وذكرى وجود مارية اليومى وزوجها لمنزله جعله يقلب عينيه بملل قائلا
- امك بتيجي كل يوم يا شمس
رنين جرس المنزل جعله ينظر نحو الصغيرة قائلا بتهكم
- اهو جبنا سيرة القط.

توجه نحو الباب يفتحه ببرود ليستمع الى صراخ مارية المذعور وهي تدير وجهها للجهة الاخرى، هبطت عيناه ناظرا إلى هيئته ليتذكر أنه نسي ارتداء قميص و يقف امامها عارى الصدر!
لم يهتم ابدا بصراخها ولا حتى بمحاولة سحب اى قميص لارتدائه، بل وقف امامها متباهيا بقوة ساعديه وصلابة صدره ليقول بملل
- خير
اجابته مارية وهي متحاشية النظر عنه قائلة
- جاية عشان بنتي
نظر نضال يمينا ويسارا باحثا عن زوجها الأحمق ليقول.

- ويا تري فين جوزك
التفت اليه قائلة بحدة
- انا جاية اخدها تقضي اليوم معايا مش هتقعد هنا
نظر الى صغيرته التي تتابع نقاشهم بهدوء ليرى عدم حماس الصغيرة بمقابلة والدتها، لن يحدث شئ ان لم ترى والدتها اليوم! تمتم قائلا
- بجد!
عبست مارية وهي تنظر إلى الحديث الدائر بين الأب وابنته الصامت، لتتسع عيناها بجحوظ حينما أغلق الباب في وجهها لتصرخ قائلة بغيظ
- الحيواااان.

رنت الجرس مرارا الا انه لم يجيب، جزت على أسنانها بغضب وهي تلتفت مغادرة لتتوجه خارج البناية، محاولة الهدوء، الحيوان أتلف مزاجها تماما
هبطت الدرج لتسمع الى صوت رنين هاتفها، انسلت الهاتف من حقيبتها لتعقد حاجبيها من اتصال رقم خاص، رفعت الهاتف مجيبة على الاتصال قائلة
- الو
ضحكة ساخرة وصلتها قبل ان تستمع الى صوت شقيقتها قائلة
- ايه رفض تاخدي بنتك برضو
اتسعت عيناها جحوظا لتصيح بسعادة
- آسيا، انتي فين يا آسيا.

اجابته آسيا بسخرية متمتمة
- في بيت المالكي
فغرت مارية شفتيها بصدمة لتجيبها
- انتي بتعملي ايه هناك يا مجنونة
قلبت اسيا عينيها بملل وهي تنظر عبر المرآة تتأمل جمالها الفاتن ببرود
- اصل جوزي قرر ينتقم مني ويحطني وسط عيلته، وبما انه مشغول دلوقتى قولت أكلمك
جزت مارية على اسنانها بعصبية مفرطة لتمتم بحدة
- ليه روحتي هناااك، مش خلصنا من حكاية لؤي.

توجههت اسيا تجلس على فراشها الذي تنام عليه بمفردها بعد هجر زوجها لتمتم باختناق
- مقدرتش يا مارية، كلهم عايشين حياتهم وفرحانين وانا، انا مخنوقة من جوا، وهو بيرفض حتى يبرد ناري
هزت مارية رأسها بيأس وهي تتوجه نحو سيارتها لتمتم
- انسي يا اسيا، ابعدي عنهم، وعيشي باقي حياتك بعيد عنهم
ألقت آسيا ضحكة ساخرة وهي تهتف بتهكم
- ومين هيهتم بيا يا مارية، انتي مثلا!
ضاقت عينا مارية بشك لتسألها
- تقصدي ايه
صاحت آسيا بحدة.

- انتى اول ما اتجوزتي نسيتي نفسك وبنتك، دي شمس الوحيدة اللي كانت بتصبرني على الغربة وانتي بكل قسوة اخدتيها من حضني ورميتها في حضن ابوها
تفاجئت مارية من نبرة اسيا العدائية لتدافع عن نفسها قائلة
- شمس دي بنتي، ونضال يبقى ابوها يا اسيا، انا مخطفتهاش منك
صاحت بإصرار شديد قائلة
- لا خطفتيها، شمس اول واحدة تقولي يا ماما، مش انتي.

جزت مارية على اسنانها بحنق وهي تشعر خسارتها لابنتها، الاندماج الرائع بينها وبين والدها لم تستطيع على فعله، اختنقت انفاسها وهي تجيبها باندفاع جنوني
- لو نفسك اووي في بنت روحي احملي من الباشا لؤي، بس خلينا نشوف ازاي هتقدري تهربي منهم بيها ولا هتتقيدي بيها
شهقت مارية أثر ما قالته، زفرت بيأس وهي تمتم
- هكلمك لما تبقي كويسة، انا مضطرة ارجع البيت.

أغلقت آسيا المكالمة لتخفض رأسها أرضا وهي تلعن الجميع ابتداء من هركليز حتى والد شمس صغيرتها
هل سيتركها تتعفن في ذلك السجن القذر؟!
ظلت تتأمل الجدارن بشرود لتستقيم من مجلسها عازمة على الخروج من الغرفة بل البيت لتتراجع عدة خطوات حينما أبصرت وجوده
يقف بشموخ وكبرياء لا يوجد رجل يستطيع أن يجمع الوحشية والبدائية في عينيه كما تراها الآن
زينت ابتسامة مغوية على شفتيها وهي تستمع الى صوته الأجش يسألها
- بتكلمي مين.

تنهدت بعمق وهي تجلس على فراشها مقررة فتح مئزرها لينظر الى ثياب نومها المكونة من شورت قصير بالكاد يصل ما بعد فخذيها وقميص حريري بارزا بداية نهديها لتهمس باغواء
- معجب بيا
احتدت انفاسه لتزداد ابتسامتها اتساعا وهي ترى تأثره بها، تبا للرجال
سيظلون هكذا تقودهم الغرائز الوحشية لالتهام المرأة
وعنها هي تعشق التهامه، يثيرها لدرجة لا تود ابدا ان تبتعد عن ذراعيه
اختفت ابتسامتها الماكرة حينما تمتم ببرود
- طيب.

دلف إلى الغرفة أخذ بعض متعلقاته الخاصة، لتتسع عينا آسيا بصدمة قائلة
- بس كدا
ألقى لؤي نظرة خاصة وتحديدا نحو ساقيها ليتمتم
- لو عايزة تخليني اغير اعتقد يا اسيا انك اذكى بكتير عن كدا
استقامت من مجلسها وهي تخلع مئزرها وتلقيه أرضا لتقترب منه وهي تلف ذراعيها حول عنقه مقتربة منه هامسة بالقرب من اذنيه
- دى حاجه ترجعلك يا بيبي، بس متندمش بقي لما امشي واسيبك.

شهقت بألم حينما شعرت بانامله الغليظة تنغرس في خصرها، ويده الأخرى تلف ذراعها بقسوة ليميل هو الاخر متمتما نحو أذنها بخشونة
- ومين قالك اني هسيبك
حبيبها المتوحش، متملك لدرجة تثير روحها السقيمة!، رفعت عيناها الزرقاوين تهمس له
- متستفزنيش بالموضوع ده لانى ما بصدق وهتلاقيني في يوم اختفيت ومفيش حد لا انت ولا رجالتك هيقدروا يلاقوني
احب تحديها السخيف لميل برأسه قائلا بتحدي
- تحب تراهني.

انفجرت ضاحكة بسخرية وهي تجيبه
- اعتقد انت اكتر واحد جرب الموضوع ده، لو عايزة أظهر هظهر بنفسي
تأوهت بميوعة حينما هدر في وجهها قائلا
- اوعك يا اسيا تعملي اي حاجه النهاردة، عندنا ضيوف مهمين النهاردة
قلبت عينيها بملل قائلة
- ما انا عارفة الضيوف جايين للبرنسيسة بتاعتكم
تجهمت ملامحه للقسوة ليتمتم بحدة
- صدقيني هتشوفي ايام سودا لو عملتي مصيبة
اقتربت تهمس بالقرب من شفتيه بكره.

- صدق ولا متصدقش بعيش الايام السودا دي وسط عيلتك، وياتري بقي العريس إبن مين من العائلات الغنية عشان اعمل بحث عنه
تأملها مليا وهو يتمتم قائلا
- لو فعلا بتهتمي بالعيلة كنت قولتلك، بس للاسف انتي بعيدة عن الاهتمام
بصقت الكلمتين بتقزز قائلة
- عيلة متشرفنيش
دفعها بعنف لترتد عدة خطوات للخلف، ليتركها مرة أخرى حبيسة غرفتها لتصرخ في وجهه حينما أغلق الباب
- غبي.

زفرت بحدة لعدة مرات وهي تحدق في جدران الغرفة ثم إلى المرآة
كلا لن تدع تلك العائلة تمر بيوم سعيد واحد
ليحترقوا جميعا كما احترقت هي!

في المساء،
هل استطيع ان أخبركم ان الوضع لم يكن يمر بسهولة كما تعتقدون؟
هل أقول لم يمر بسلاسة؟! أم أن الأمر كان كارثي؟!
يبدو كلمة كارثي هي الوصف الادق لتلك الليلة العجيبة التي حلت على سماء عائلة المالكي!
بداية من ثوران جميلة التي استقامت من مجلسها قائلة بحدة
- انا يستحيل اوافق على الجوازة دى
اسودت ملامح تحية لتستقيم من مجلسها هي الأخرى قائلة بتهكم نحو غالب.

- واضح يا أستاذ غالب انك جايبنا هنا عشان نتهان
ألقى غالب نظرة زاجرة نحو جميلة التي اشاحت بوجهها للجهة الاخرى، وحاول ان يهدأ الامر قائلا
- يا تحية هانم ارجوكي
هزت جميلة رأسها نافية متمتمة بحدة وهي تنظر بدونية نحو الضيفان
- انا قولت كلمتي يستحيل يعني يستحيل
زمجرت تحية بعصبية لتصيح بحدة
- يلا يا عاصي
استقام عاصي هو الآخر منتفخ الوجه، عازما هو الآخر للمغادرة، إلا أن صوت الاميرة اوقفه
- مماة.

كانت تطل عليه ببهائها واقفة عند مدخل الصالون تحدق نحو الجميع بألم وبالأخص نحو جميلة لتتجمع الدموع في مقلتيها لتستدير مغادرة نحو الأعلى باكية بانهيار!
يبدو أن الأميرة مازالت نجمة بعيدة عنه
لن يستطيع أن يصلها ابدا!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة