قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي والعشرون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي والعشرون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي والعشرون

بعد قضاء ثلاث ساعات متواصلة وجيهان توجهه نحو الاحياء الشعبية في القاهرة، ظل سرمد مستمعا لها بتأني شديد واكتسب وجهه ملامح جادة، عدسة كاميراته تلتقط صور لتراث مصر القديم، ربت على كاميرته وهو يسير بجوار جيهان التي تلقي سلاما على بعض متاجر صاحبيها الذين يردون السلام ومحبة شديدة يدعونها للدخول، ابتسم سرمد ومن اسفل نظارته يراقب جيهان بتمعن، ما سبب بقاء تلك الفتاة عزباء حتى الآن!

الفتاة قنبلة موقوتة من الفتنة والدلال والمشاكسة المحببة، هل أصبح رجال مصر عمي لتلك الدرجة!، يبحثون عن نساء من بلدته ويتركون نساءهم عجبا لهم، لاحت ذكري اسم سرمد من تلك البرتقالية ليفيقه من شروده على صوت جيهان التي تمتم بمرح شديد وهي ترتشف من كوب عصير القصب بتلذذ شديد
- اخبرني هل الاجواء تعجبك؟

مال سرمد بشفتيه وهو يلتقط صورة لها على حين غفلة جعلها تجفل لثانية قبل ان ترتسم ابتسامة مغوية على شفتيها وهي تنظر نحو عدسته بدلال شديد، العبث زين ملامح وجهه وهو يلتقط صورا اخرى وكأنه يصور اعلان عن مشروب، لوحت للبائع والتفتت نحو كوب سرمد الذي ارتشف منه عدة رشفات ثم امتنع بعدها، استدارت مغادرة لتسمع تعليق سرمد وهو ينظر نحو الصور قائلا
- انت فاتنة يا جيجي، تعجبني شخصيتك القيادية.

مررت جيهان يدها على خصلاتها المجعدة لتقترب من سرمد هامسة
- اعلم، ليس بجديد على
وجهته نحو احدي المطاعم القديمة، ارتفع عينا سرمد نحو المبني الذي حفر زمنه، التقط صورة ثم دلف الى الداخل، راها تحيي العاملين بأسمائهم لترى شابا يترك ما بيده وهو يوجهها نحو طاولة في الداخل الا انها رفضت واخبرته انهما سيأخذان طاولة في الخارج، صاح الشاب بترحاب شديد
- اتفضلي يا انسه جيجي، بالهنا والشفا.

اهدته ابتسامة رقيقة ضربته بمقتل وهي تهمس بنعومة شديدة
- تسلم يا عمور
احتقن اذني الشاب ليرتفع حاجب من سرمد وهو يري خجل الشاب ليتمتم
- الصبي خجل
جلست على المقعد لتمتم بنعومة
- نعم، اعلم، سيصبح رجلا رائعا في المستقبل
هز سرمد رأسه بلا مبالاة وهو يغمغم ببرود
- لا تجزمي بذلك، الحياة في الشارع مليئة بالوحوش، وهو مجرد غزال في وادى الذئاب
جادلته جيهان بمنطقية شديدة وهي تعدل من قميصها القطني لتمتم.

- الشاب ذو معدن طيب، فطرته وتربيته السليمة هو وقوده لحياته
وضع الشاب الطعام، رفعت جيهان كلا كفيها بتلذذ شديد وهي تري اطباق الكبدة والسجق والكفتة ثم الكباب تغري معدتها، عاد الشاب مرة اخري يضع طبق المخللات ثم الطحينة لتسرع جيهان بسحب قطعة كفته في الطحينة ثم رفعتها إلى شفتيها لتقضم قطعة بتلذذ جعل سرمد يبتسم بهدوء شديد، نظر الى الاطباق واختار تناول قضمة من الكبدة ليتمتم بعدها
- لذيذ لكن حار.

شعرت جيهان بوجود احد يجلس جوارها حد الالتصاق، الرائحة وصلتها لتعلم صاحبها، رفعت عيناها نحو ملامح وسيم المتصلبة الذي صاح بجفاء
- لا تندفع كالثور وانت تتناول اذا لاعجاب امرأة
بهدوء شديد استفز وسيم لعدم رده بل نظر للثنائي اللطيف بهدوء، وملامح وجه جيهان الحانقة التي صاحت بحدة طفيفة
- وسيم، بتعمل ايه هنا
تناول وسيم الطعام بهدوء شديد وهو يتمتم ببرود شديد
- بشوف مين اللي قاعدة معاه.

ثم ارتفع نظراته بعداء شديد نحو سرمد ليتمتم بوقاحة شديدة
- وياريت كان يستاهل
نظرت جيهان نحو سرمد بابتسامة هادئة، ثم سرعان التفتت نحو وسيم قائلة بمكر
- مش قولتلك، عيون دافية وشعر اسود واسمر، احسن من العيون الباردة
خبط بعنف على الطاولة ليتمسك زندها بخشونة جعل جيهان تتأوه برقة مائعة جعل سرمد يبتسم بمكر شديد، انفجر وسيم هادرا بعنف
- اتلمي
لم يترك زندها وهو يصيح بقوة نحو الشاب
- عمر انزل بطلبي.

هز الشاب رأسه بتفهم
- عنيا يا استاذ
مرر سرمد ابهامه على ذقنه، ليميل بعينيه يراقب وضع شجار الحبيبين ليتمتم بهمس خفيض بلغته
- يغار اممم
صاح ببرود شديد وعيناه على الرجل الذي ينتظر ان يقذف حممه اللاهبة
- اتعلمين قررت عمل جلسة تصويرية خاصة لك
وجهت جيهان انتباهها نحو سرمد لتشهق مصدومة قائلة
- تمزح
التفتت نحو وسيم الذي يقسو انامله على زندها ليتابع ببرود
- سنستفاد كثيرا يا فاتنة.

وصل به الحد الأقصى للمحافظة على هدوءه، استقام من مقعده وهو يتمتم ببرود
- قومي
ابتسمت جيهان ببرود وهي تولي اهتماما لسرمد
- مش قايمة
خبط وسيم على الطاولة ليصيح هادرا بحنق
- قومي والا لاشيلك
ابتسمت جيهان ببرود قائلة وهي مستسلمة لجذبه لذراعها
- بتغير يا بيضة
ابتسم سرمد وهو يلتقط صورة لهما ليلتفتت نحو وسيم قائلا بنبرة ذات مغزي.

- اتركها تتناول طعامها، لقد تعبت كثيرا معي حقا تحتاج الفتاة لهدنة ترتاح من تعبها قبل جولتنا الثانية
اتسعت عينا وسيم وتصله المعاني المستترة من ذلك الاجنبي، كاد يهجم عليه وهو يهدر في وجهه
- اخرس انت
لم يتحرك سرمد انشا رغم معالم وجه وسيم الاجرامية، وتلون وجهه بالاحمرار نتيجة غضبه ليتمتم سرمد بوعيد
- انت، لا يغرك اننى ايطالى، ان اردت أن اعاركك سأطرحك ارضًا.

هاجت معالم وجه وسيم وهو عازم على تربية ذلك الوقح، الا ان ذراع جيهان تمنعه بتوسل شديد، لم ينتبه إلى صوتها بل عيناه تنظر بعداء إلى ذلك الرجل الذي يعلم من اين جاء، انتبه سرمد الى وصول سيارة من شركة تلك البرتقالية لتترجل من سيارتها وهي تلتفت نحو السائق تتحدث معه بهدوء وعملية شديدة، ارتفع حاجبي سرمد من نظرة افتتان الرجل لمديرته، طافت عيناه نحو الرجال حولها ليري بعض نظرات الاعجاب والاشتهاء التي تتوجه نحوها، استمع إلى صوت وسيم الهادر.

- لا تستفزني يا...
وجه اهتمامه نحو الاشقر ليرد عليه بوقاحة شديدة، الا ان صوت امرأة تصيح بفرح جذب انتباهه
- جيجي
عبست جيهان وهي تري العروس وخطيبها بجوارها لتتسع عيناها بذهول قائلة
- ايه ده دول جم
ابتسم سرمد بعبث شديد وهو يري سترة البرتقالية الطويلة التي تغطي مؤخرتها عكس الصباح، ابتأس بضيق وهو يري بذلتها العملية وهي يغمغم بايطالية ناعمة
- البرتقالية قدمت.

نظرت العروس للمكان بانبهار شديد ثم تحدثت لخطيبها صائحة
- wow، آسر بجد تحفة، قولتلك ال plan بتاعتي هتكسر الدنيا
هز اسر راسه موافقا ليقترب من طاولة جيهان قائلا
- مساء الخير
صمتت العروس عن ثرثرتها حينما التهت عن حفل زفافها، لتعود نصب اهتمامها لجيجي لتقول بلهفة
- جيجي! مش ممكن، ممكن ناخد selfie، لازم اوريهم لصحابي اللي سابونى في امريكا ويندموا انهم منزلوش هنا
ابتسمت جيهان بهدوء وعملية لتمتم موافقة
- اكيد.

جلس اسر بجوار صديقه الذي تمتم بمشاكسة
- خطيبتك مجنونة
ارتسمت ابتسامة على شفتي اسر وهو ينظر الى حبيبته مريم التي اتعبته للموافقة على تعجيل الزفاف، غمغم بنبرة عاشقة
- لكنها سعيدة، لم أكن أعلم انها ستتحمس للزفاف لتلك الدرجة
ثم التفت إلى صديق عمره ليربت على ساقه قائلا
- بالمناسبة شكرا لك.

رغم تناقض كلاهما، آسر بملامحه الارستقراطية وملابسه باهظة الثمن الا أن سرمد فقط يرتدي تيشيرت ابيض قطني وبنطال جينز، غمغم سرمد بايطالية
- نحن أصدقاء يا وغد، تعالى تذوق الطعام
انتبه آسر الى ثرثرة خطيبته التي جلست بجوار جيهان
- بجد انا مش مصدقة انى هنا، كنت بشوف volges للاماكن دي بس عمري ما تصورت اجي هنا واكل
صاح بعبوس شديد باسمها
- مريم
صمتت مريم للحظات، لتغمغم بحرج.

- اسفه يا شباب، بس بجد انا متحمسة، بكرا هنروح الاهرامات ونتصور، بجد احساس مش قادرة اوصفه.

عينا سرمد لم تبتعد عن شادية المنزوية عنهما، بل وحديثها مع الاشقر الذي ما زال التجهم يعتري معالم وجهه، تبتسم بهدوء شديد وهي تمتص غضبه ليتحول التجهم الى جمود وهو يرمق جيهان بشرر وهي غير مكترثة به، حينما انهت حديثها توجهت نحو طاولتهما ليسارع الصبي عمر بجلب مقعد لها، ابتسمت شادية بلطف نحوه جعل الشاب يبتسم بافتتان، تجهمت ملامحه، ما بال تلك المرأتين؟! ما ذلك السحر الذي يصيب جميع الرجال بالعدوي واصابه هو ايضا، لم تلفت نحوه بل تمتمت بعملية شديدو وهي تجذب انتباه العروس.

- انسه مريم، انا حددت معاكى كذا شركة سياحية للرحلة النيلية للاقصر والاسوان
انتبهت مريم نحوها لتصمت للحظات وهي تهتف لآسر
- آسر ايه رأيك نعمل الفرح على cruise
جال سرمد بصره نحو المنزوية عنه، جالسة في مواجهته، تتعامل ببرودة اعصاب تكاد تفلته، عيناها تتحاشي النظر اليه، بل تنظر اليه وكأنه غير موجود!
هل نست صباح اليوم؟! اللعنة هو يتذكر همسها الناعم لاسمه وهي ببرود تنظر إلى دفترها اللعين!
غمغم اسر بهدوء.

- المعازيم هتتعب معانا
ثم التفت نحو شادية ليقول
- انتي ايه رأيك يا شادية
زمت شفتيها لثواني قبل ان تمتم بهدوء
- لازم نشوف احوال الطقس عشان اقدر احدد اكتر يوم مناسب
ابتسمت مريم وهي تصفق بكلا يديها، الا ان اسر غمغم رافضا
- مريم، اظن كفاية اللف في المحافظات مش عايزين نبهدل الضيوف
همت بالمجادلة الا ان عيني آسر الصارمتين جعلها تتراجع بضيق
- خلاص ماشي
ابتسم آسر بهدوء شديد وهو ينظر نحو شادية قائلا.

- يبقي سيبي عليا القاعة والفرح وانتي اهتمي بالسفر والتصوير
غمغمت بنعومة شديدة
- تمام يا بيبي
تنهدت جيهان تنهيدة حارة وهي تضم كلا كفيها لتسند ذقنها قائلة
- سو كيووووت.

انفجر الجميع على تعليق جيهان المشاكس، لينظر سرمد من عدسة كاميرته تلك الابتسامة التي خرجت من وجه برتقاليته الصلبة، التقط صورتها خلسة لتجفل هي وشعورها بترصده لها جعلها ترفع عيناها اليه، الجميع منشغل بالحديث عن ترتيبات الزفاف، انفرجت عن شفتي سرمد ابتسامة مشاكسة ليعيد التقاط صورة اخري بجرأة اخري، يخبرها انه من قام بتصوريها، تجمدت معالم وجهها للحدة لتحدجه بنظرات قاتلة زادت من اتساع ابتسامته المشاكسة غمغم بصوت خفيض.

- مثيرة، ومثيرة للاهتمام
لن يغادر تلك المدينة دون التوغل لأسارير تلك البرتقالية، ولن يتراجع ولن يتقهقر حتى لو وقفت به بالمرصاد!

اغمض لؤي جفنيه وهو يمد كلا ذراعيه ينشط جسده المتيبس بعد ساعات طويلة من جلوسه في المكتب، نظر الى الساعة التي تخطت السابعة ليلاً، موظفين الشركة غادروا منذ ساعتين ولم يتبقى سواه وفريق الامن، رفع عيناه نحو خاتمه الفضي، رغم اضطراره للأقدام على الزواج من شادية هربا من طلب عمته للزواج بوجد، لكن وجد سيظلمها معه، تلك البريئة تحتاج لحب يلفها بقوة وهو سيدمرها ببساطة، ما اصبح عليه بعد رجوعه من السفر مجرد بقايا رجل، غامت عيناه بألم وهو يتذكرها.

ملامحها الناعمة، كانت فاتنة، أشد امرأة فاتنة قابلها يوما، وقع في حبها منذ الرؤية الأولي، انساق خلفها يطاردها من كل جهة ومكان، كانت تعمل وظيفتين الاولي في مكتب والأخرى نادلة في اشهر المقاهي الامريكية، المرة الاولي كان حينما طلب قهوته المرة ليتذكر ابتسامتها الناعمة وهي توافق على طلبه ثم تكررت لقائتهما لتضيف الى قهوته المرة نكهات حيوية صاخبة يشابه صخب عيناها، ظلت تعدل كل مرة في قهوته حتى أدمن قهوتها المسكرة، خيم الحزن عينيه وهو يبتلع غصة في حلقه.

بدا الندم يوسوسه، هل شادية فعلا امرأة عمليه أم تلك مجرد طبقة جامدة ويخفى خلفها انثي عاطفية، لم تفت عليه خجلها منه حينما يقبل جبهتها كحركة اخوية اعتادها مع وجد قديما قبل ان تفتح جميلة عينا صغيرته لباب لا رجعه فيه، انتبه على صوت رنين الهاتف ليزفر بحنق وهو يسمع صوت حارسه
- لؤي باشا
زفر لؤي متنهدا بحنق ليغمغم بصرامة
- خير مش قولت مش عايز ازعاج
تلعثم الرجل لثواني قبل ان يغمغم بارتباك.

- العفو يا باشا، لكن فيه واحدة جاية تقابل حضرتك
ضيق عيناه بعبوس شديد ليغمغم بدهشة
- واحدة؟! والوقت ده
نظر الى ساعة يده ثم غمغم بجفاء
- قولها تيجي بكرا، مفيش حد في الشركة
ازدرد الحارس ريقه وغمغم بتوتر
- مش راضية تمشي غير لما تقابل حضرتك ومصرة
خبط لؤي بقوة على سطح مكتبه لينفجر في وجهه صائحًا
- مش عايز اقابل حد دلوقتي، مشيها
كاد ان يغلق المكالمة الا انه تخشب حينما استمع إلى صوت انثوي ماكر.

- هاى بيب، miss you كتير
صوت يخرج من خارج القبر، صمت لثواني وهو يستمع لصوتها المشاكس
- ايه مش سامعة صوتك، طلعني عندك
احتدت عيناه بشراسة ملونة، ليهب من مجلسه قائما وطفقت الانثي المجهولة ليتمتم
- آ آسيا
انفجرت اسيا ضاحكة بمكر شديد لتمتم باغواء شديد
- يارب تكون جمعت كل حاجه يا بيبي، قول للحارس يطلعني
صاحت اخر جملتها بحدة، ليغمض لؤي جفنيه وهو لا يتصور انها خدعته، بل جعلته كمغفل لتلك الدرجة!

غمغم بصرامة لحارسه قبل ان يغلق المكالمة
- طلعها
التفت الحارس بعد اغلاق المكالمة مع رب عمله، ابتسمت بشر وملامح وجهها العابثة جعله ينظر بريبة، هل تلك المرأة تتعاطي شيئا!، غمغمت ببرود شديد وهي تتوجه نحو مقر المالكي
-قولتلك يا منصور انه يعرفني
لمعت عينا آسيا وهي اخيرا خطت بقدميها للخطوة الاولى لدمار عائلة المالكي، ستجعلهم يشعرون بمعاناتها قديما، وخصوصا غالب وجميلة ثم ذلك اللؤي، لا أحد يستغفلها ابدًا!

خطت داخل المصعد وداخلها منتعش بشدة لرؤية معالم وجهه الشاحبة، ستقابل هركليز بعد سنين من اخر لقاء لهما؟!

هو صاحب المكر والخديعة
وهي شيطانه العظيمة
صاحب معسول الكلام، وهي سمه في العسل
عيناه دافئتان لدرجة الخواء
وذراعيه حاميتين لدرجة انه يرشقك بسهام غادرة
قلبه نابض بحرارة لدرجة تصبح الأرض بورا.

أومضة خاطفة، والعقل في وقف زمني عن الوقت الحالي، هناك عقول تسبح للماضي بغية تذكر أوقات لا يقدر على استعادتها، أحبة فرقتهم الزمن، تجمع عائلي تم تفرقتهم لأشلاء في كل بقعة في العالم، ذكريات كثيرة ك بداية النجاح الذاتي، نيل الدرجات العلمية، أو بداية الحصول على الوظيفة أو الترقية..

سعادات مختلفة وكل منها لها بهجة وركن خاص في الذاكرة، نقرر فتحها حينما نشعر بضيق الدنيا من حولنا، أو يشاهد عالمه الذي حققه ينهار من حوله
تكون الذكريات جرعة يتناولها السقيم كي يظل صامدا ليظل حيا، يقف كمحارب ممسكا بسيفه بذراعه الأخرى بعد أن بترت الأولى.

عقلها سبح لذكريات قديمة وهي تتذكر فارس أحلام مراهقتها التي لم تعيشها يومًا، رجل جذابًا وهالة خطيرة منبعثة منه وعيناه لا تخطئ الهدف، كل يوم كان يلتقيها، كل يوم في نفس الوقت من الصباح، ونفس مشروبه، قدر على سلب عقلها وراحة فؤادها، تمتمت بغرابة شديدة وهي تغوص في عينيه العميقتين بشعلة نارية
- انت مين
وهمسه العميق ينعش فؤادها ويطرب انوثتها المشتاقة لذلك الجزء من المشاعر
- امانك، حاميكي، عايزك تثقي فيا.

ومضة أخرى ومكان مختلف، أشخاص مختلفون من حولها، لكن هو كما هو بنفس النظرة من عينيه، تهمس بشرود مخيف
- انت خلتنى احبك للدرجة دي ازاي
ابتسم بجاذبية شديدة، وعيناها تتسع بانبهار شديد لكلماته التي كانت بلسم لجروحها
- من اول نظرة خطفتي قلبي وبحاول اوصلك حبي اللى جوايا
أغمضت جفنيها بإرهاق واضح و ومضة أخيرة كانت القشة التي قصمت ظهرها..
- تعالي نتجوز.

قالها بتلهف شديد ويداه تضغط على كفيها، توترت ملامحها والصدمة تجلت على ملامحها لتهمس بارتباك
- بالسرعة دي؟!، احنا لسه متعرفناش على بعض
ضغط على يديها وهو يغمغم بخشونة
- وليه كل ده نستني نقضي شهور نتعرف، انا بحبك وانتي بتحبيني اي اللي هتخافي منه
بللت طرف شفتيها والتعجل بدأ يخفيها بدلا من إسعادها، هي لا تعلم عنه الكثير وأولها خلافه مع عائلته وسبب شجارهم، غمغمت بعقلانية
- طيب ناخد خطوبة وابلغ اختي.

رفع يدها وقبل باطنها بدفء، اقشعر جسدها من أثر خشونة لحيته على جلدها ليهمس
- اختك عمرها ما هتعارض على سعادة اختها
اشرقت ملامح وجهها وعيناها تومض بعشق جارف لتتراجع قائلة
- طب وعيلتك
زفر ساخطًا بضيق
- قولتلك انا مقاطعهم
اقتربت منه قائلة بلهفة شديدة
- ليه؟، صدقني مفيش سبب يستاهل انك تقاطع اهلك ايا كان
لاحت على شفتيه ابتسامة ساخرة، وانقبضت معالم وجهه للجمود ليقول
- صدقيني اوقات الأهل بتبقي نقمة على حياتك.

غامت عيناها بحزن شديد، أتخبره أنه محظوظ انه يمتلك عائلة وهي لا، بل سلبت منها تلك السعادة، انفجرت تهمس بتوجع
- انا للاسف اتحرمت من أهلي، بابا سابني لوحدي انا وماما نواجه المجتمع والحياة هنا، انا وماما مقدرناش نتحمل أجرة الشقة واطردنا من البيت، بنتنقل من ملجأ لملجأ وماما اشتغلت في الكنيسة عشان تقدر تجبلنا فلوس
اقترب منها وهو يضمها الى عناقه لترفع كلتا ذراعيها وتلفها حول عنقه وهي تهمس بعذاب.

- العالم كان صعب اووي عليا، بس ماما كان عندها قوة، قوة قدرت تخلينا نعدي المحنة دي
رفعت عيناها وهي تتأمل ملامح وجهه، ليس وسيم لكن تلك الرجولة الطاغية تعشقها، مررت يدها على وجنته لتكمل هامسة
- حتى العربي، اصرت اني اتعلمه قالتلي انه هينفعك و يفيدك في يوم، وطلعت انت
انفرجت ابتسامة واسعة من شفتيه وهو يميل مقبلا جبهتها ليتمتم
- عايزك تعرفي حاجه واحدة.

غمغمت بنعومة ورأسها تدفنه في تجويف عنقه، تشم عطره الرجولي بانتشاء
- ايه
لف خصلة من شعرها وهو يتمتم قائلاً
- اني بحبك جدا، صدقيني الحاجة الوحيدة اللي ليها اهمية هي وجودك معايا
صمت للحظات قليلة وهي تتطلع إلى عينيه لتهمس بجرأة
- انا موافقة
ثم انتهت الومضة الأخيرة.

تقدمت آسيا بكل جرأة وهي تفتح باب غرفة مكتبه، احساس بالفخر والنشوة تملأها وهي تخط قدميها لمؤسسة المالكي، تعبر خطوط حدودهم بجرأة شديدة لتراه واقفا أمامها كالطود، جسده أكثر ضخامة وعيناه أكثر برية، لكن يعجبها، نسبة انثوية تجعلها تعشق تلك الخشونة منه لتراه يتفحصها بمهل شديد ثم غمغم بجمود
- صدقيني مستغربتش انك تكوني انتي
انفجرت ضاحكة بجنون وهي تغمز له ماكرة
- بس ايه رايك في المفاجاة، اعجبك مش كدا.

انقبضت معالم وجه لؤي، لا يصدق عودتها للحياة مرة أخرى، عيناها مغلفة بقسوة وبرود جليدي، ثيابها خليعة بالمعنى الحرفي، فستان لايعلم أين بدايته ولا نهايته، خرقة صفراء فقط تغطي مفاتن انوثتها والباقي جلد، جسد مكشوف تترك العيون النهمة تستبيح وتنهش جسدها البض بفجور
مال شفتيه بابتسامة قاسية ليقول
-آسيا اللى اعرفها مش هي اللي قدامي
تظاهرت بالبؤس وهي تهز راسها مصطنعة الحزن قائلة قبل أن تهجم عليه بشراسة.

- يا حرام، انت هتقتل القتيل وتمشي في جنازته يا لؤي
لقد جعلته مغفل أحمق، بل مغفل كبير
بداية تخدع الجميع بخبر موت مزيف حتى لا تترصدها العيون، و تلعب معه لعبة الغميضة، غمغم بسخرية
- طلعت مغفل
اقتربت بتمهل منه وهو يراقب خطواتها المتمايلة، استمع إلى همسها المغوي
- يا حرام
رفع عيناه من المنطقة السخية جدا لصدرها ليقول بتجهم
- ويا تري ايه اللي فكرك بيا تاني.

رأت تلك الشعلة في عينيه، النفور والرفض الذي يتلألأ حدقتيه، كرهه لثوبها، وإن يكن لا يهم، تظاهرت بالنظر نحو أظافرها المطلية بالأسود لتقول
- ابدًا، بالصدفة لقيتك اتخطبت وهتكمل حياتك عادي ولا كأن حاجه حصلت
عبس لؤي وهو يشم رائحة لا تعجبه، صاح ببرود شديد
- اللي حصل زمان بينا انتي اللي هدمتيه
رفعت اصبع السبابة وهي تهزها نافية قبل أن تتوجه نحو المقعد وتجلس عليه باريحيه رافعة ساق فوق الأخرى.

- لا لا يا هركليز، اطلاقا، انت اللى استغفلتني، بس وماله نلعب معاك ومع الباشا
زفر ساخطا ولاعنا اياها، هل تغويه وتستدرجه إلى شباكها، تقدم عرضا رخيصا مغريا له، صاح محذرا بقسوة
- ملكيش دعوة بعيلتي، افرمك يا آسيا
تابعت بتهديد أكثر قوة وشراسة
- وانا هقتلك لو مسيت شعرة منى
استقامت من مقعدها وهي تتقدم منه تمد يدها تلمس عضلات صدره بجراءة، همست باغواء و عيناها الناعستان تستدرجه.

- جسمك بقي أضخم وبقيت شرس واووو، حاجه تجنن
يدها الأخرى تتجرأ لتلمسه بأكثر جرأة وهو يقف امامها بجمود، لثواني صمت وجسده يستجيب لندائها المُلح، تلعب على أوتار جسده متلمسة ذراعيه وصدره وتعبث في مؤخره عنقه، كاد أن ينفجر في وجهها إلا أنه بخشونة شديدة وملامح قد من حجر تمسك كفيها بقسوة جعلها تأن بوجع خافت، مال نحو اذنيها هامسا
- عايزة ايه باللي بتهدديه بيا.

تأن بتوجع زائف وهي تتلوى بجسدها كالافعى حول الفريسة، اعتصر قبضتها بقوة غاشمة جعلها تشهق تلك المرة بتوجع، زفرت آسيا بحنق، يده أصبحت ثقيلة ذلك الهيركليز، صاحت بخبث ونبرة ذات مغزى
- يا بيبي شوية صور قديمة مش معقول هترعبك كدا، الا اذا الباشا صحته مش زي زمان، الزمن هده بردو
- اخرسي.

قبض على ذقنها بخشونة وهو يكاد يحطم عظام وجهها، الشرر المستعر من عينيه جعلها تنظر إليه بأنفه وجمود، لا تخشي نيرانه ولا قسوته المغلفة، كثرة الآلام ولدت لديها لا مبالاة وعدم الشعور، تمتمت بصعوبة شديدة
-بقيت مدافع لعيلتك، مع انى لو رجعت لورا مكنتش طايق تسمع سيرتهم.

ترك ذقنها وهو يدفع جسدها بعيدا عنه، ارتدت عدة خطوات قبل أن تحافظ على توازنها، زفرت بعمق وعظام وجهها تئن الما، إلا أن الضعف لم تسمح بعبوره إلى مشاعرها الثائرة، صاحت مهددة
- ابعد عن خطيبتك، سيبها
رفع حاجبه بسخرية وهو يتمتم باستخفاف
- وإلا
غمغمت ببرود شديد
- هتعرف تاريخك القذر زيك انت وعيلتك
نظرة مظلمة مخيفة كانت كفيلة بإرعابها، رعشة سرت في جسدها إلا أن حافظت على رباطة جأشها وهو يقول بنبرة خطيرة.

- لؤي المالكي مبيتهددش
رفعت راسها بشموخ شديد وهي تتحدى قسوته الخشنة لتقول بهمس ناعم قاتل
- آسيا عزام بتهددك وفي مكان قوتك، انت ادرى الناس انا ممكن اعمل ايه
اشار نحو الباب وهو يصيح بقسوة
- برا
صاحت بمشاكسة وهي تقترب منه تضع بطاقة عنوانها داخل جيب سترته
- بقيت وقح يا لؤي، لازم اربيك يا هركليز عشان تعرف ترد على الستات بطريقة احسن من كدا.

رفع حاجبه وهو يراها تعدل من سترته ثم استدارت مغادرة وعيناه حدقت بعبوس نحو خلخال ساقيها، خلخال على هيئة ثعبان ذهبي ملتف حول ساقيها، رفع عينيه نحو وقوفها المغري عند الباب لتطبع قبلة في الهواء وهي تغمز بمكر وأغلقت الباب خلفها بهدوء، هدوء منذر على قدوم عاصفة ستقلب موازين أرضه رأسه على عقب.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة