قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي والسبعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي والسبعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي والسبعون

في قصر السويسري،
تعض جيهان على طرف شفتها السفلي محاولة كبح جماح جنونها، لكن العقل دأب على الرفض
كيف يخبرها ان تظل في المنزل، وتختفي دون الدفاع عن حقها، ذلك الجرذ الحقير الذي يظن أنه يملك الدنيا، تقسم انها لن تتركه يهنأ بانتصاره الاحمق، ان ظن ان افسد سمعتها سيجعلها تنكمش أو تتراجع
ابدا
الحرب بدأت
لكن تلك المرة حرب، حرب ندا بند.

دبت بقدمها عدة مرات على الارضية المصقولة لتتوجه نحو والدها الذي ارتفع ضغط دمه جراء ما قرأه في الصحف الالكترونية، وشادية صامتة، هادئة تؤدي عمل ممرضة متقنة وهي تقيس ضغط دمه ثم بعدها تأمره بشرب بعض الأعشاب بدلا من الأدوية التي لفظها بكل حدة أمام وجوههم
-بابا
تمتمت بها بحرج ليرفع معتصم عيناه المجهدتين، ازدردت جيهان ريقها و نغزة قوية اخترقت قلبها وهي ترى نظرة الخيبة في عيني والدها.

تجمعت الدموع في مآقيها لتجده ينفجر في وجهها هادرا بعنف
-مسمعش نفسك نهائي يا جيهان
اقتربت شادية بخشية تمر يدها على وجه والدها تهمس لها كلمات خافتة لم تهتم بسماعها، كزت اسنانها بحنق، وزاد وعيدها لذلك الحقير الذي خرب حياتها
تمتمت بحنق وشراسة
-انت عارف ان هو مش هيسكت، ايه اللي اتغير دلوقتي.

صمت معتصم ونكس رأسه لثواني، ينظر إلى يده وهو لا يصدق كل سنوات عمره التي حاول أن يربي فيها قرتي عينيه، يخذلانه بتلك الطريقة الموجعة لقلبه
يخبرنه أن كل ما فعله من اجلهن ذهب في أدراج الرياح
ليت ثريا هنا بجواره، هي الوحيدة من كانت ستؤازره وستأخذ من دفة القيادة في لحظة مرضه وهرمه، حتى الشقيق الأكبر يعيش مشاكله الخاصة مع زوجته ووالد طفل.

كيف سيطمئن على صغيرتيه المشاغبتين اللتان تعبثان في الأرجاء دون الانتباه للانجراف نحو الهاوية!
غمغم بصوت منكسر، رجل مهزوم
- للاسف خذلتوني كلكم، كسرتوا ضهري
شهقت شادية وهي تخفض قامتها لتتمسك بيدي والدها قائلة ببعض الاستنكار
- بابا
حتى شبيه حبيبة دربه، ظنت انها كبيرة كفاية لتعتقد أنها تستطيع إدارة حياتها بمفردها، ابتسم بسخرية وهو ينفض يده عن يديها قائلا
- وانتي يا شادية، متفتكريش اني هسامحك.

اتسعت عينا شادية بصدمة وهي تقترب منه باستفزاز وعاطفة أبوية تعلم انها ستحصل عليها في النهاية
- بابا انا عملت ايه دلوقتي
ترقرقت الدموع من عيني شادية وهي تحاول ان تقترب منه الا انه صاح بنفي تام عدم الاقتراب ليستقيم من مجلسه وهو يصيح بلهجة صارمة
- عملت ايه، انك تخبي عليا الايطالي ده بتاعك
فغرت شفتيها ورفرفت بأهدابها عدة مرات، لتعض على طرف شفتها السفلى قائلة
-بابا ارجوك مفيش حاجه احكيهالك عنه.

انفجر ضاحكا بسخرية مما جعل شادية تخفض رأسها بخجل وندم شديد وهي تسمعه يتمتم بنبرة قاسية
-ولما هو مش حد مهم للدرجة دي روحتي الرحلة ليه معاه
ضمت كلتا يديها لترفع رأسها وهي تجيبه بهدوء محاولة أن تكون اجابتها كافية لها ولعقلها وله
-انا روحت مع جيهان
قاطعتها جيهان بنبرة متهكمة
-طلعي جيهان من الحوار ده، مضربتكيش على ايدك انا.

جزت شادية على اسنانها وهي تتطلع نحو شقيقتها بوعيد لتنظر الى علامات الاستنكار وعدم التصديق على ملامح أبيها الصارمة، قررت التخلي عن الكذب واجابته بصراحة
-هو عزمني، لكن صدقني معندهوش نية وحشة
دفاعها عن نفسها من أجل شئ واحد.

انها ليست مذنبة كما يتخيلها هو، اقترب معتصم من صغيرته التي كانت متزمتة في علاقاتها وكانت اكثر تدينا قبل ان يأتي القذر ويفسد حياتها منتزعا جزء نقي من صغيرته الذي لن يقدر على استرجاعه الآن ولا حتى مستقبلا
صاح بنبرة متشككة
- معندهوش نية وحشة!، من امتي يا شادية بقينا نخرج مع شخص غريب
رفرفت بأهدابها لتعض باطن خدها وهي تهمس ببعض الخجل
-سرمد مش غريب، فيه زي علاقة صداقة ما بينا.

اتسعت عينا الأب جحوظا ليقترب منها قائلا بخشونة
- وانتي من أمتي بتؤمني بالصداقة بين الراجل والست
تنحنحت جيهان التي يبدو أنها كانت مجرد مقعد لم يشعروا بوجودها تمتمت بحرج
- انا ماشية
وجه الاب نظراته نحو جيهان بعدائية ليصيح بصرامة
-رجلك وعلى الاوضة، قسما عظما لو لقيت رجلك خطت عتبة الباب هكسرهالك
اندلعت النيران في عيني جيهان لتصيح بثورة
-يعني ابقي متكتفة ومخدش حقي
وكلمته كانت قاطعة
آمرة ليصيح
-اطلعي فوق.

اقتربت شادية عدة خطوات من ابيها لتنظر بلين نحو شقيقتها هامسة
-اسمعي الكلام يا جيهان
عضت جيهان على شفتها السفلي مانعة لسانها من التفوه بأي حماقة، مقدرة حالة ابيها لتغادر الغرفة كأعصار هائج مقتلع جميع ما قابله، لتغلق الباب خلفها وهي تسارع بالتوجه نحو غرفتها لتحاول متابعة اختراق حساب فندقه وإفساد جدوله وبيانات العملاء المهمين!
وجه الاب نظراته النارية نحو شقيقته التي بدت غريبة الان ليقول.

- قوليلي بقي يا استاذة شادية ايه اللي بينك وبينه
صمتت ولم تبادر حتى في الدفاع عن نفسها، نكست رأسها وشعورها أنها خانت ثقة والدها جعلت الدموع تباشر بأخذ دفة الحديث
زفر معتصم متنهدا وهي يري انكماش صغيرته خائفة من بطشه ليقترب منها قائلا بنبرة دافئة
-انا مش بكلمك بصيغة اب، اعتبريني ثريا وحابة تفضفضي معاها.

لمعت الدموع في حدقتي شادية وهي تنظر الى ابيها بصمت باكي، تحشرجت انفاسها وهي تنكس رأسها معرية روحها وانوثتها التي تأثرت بذلك الايطالي
- هو ملمحش لحاجة خالص، وانا شايفة انه، انه يعني واخديني مرافق كدا زي جيهان
لمع الغضب في عيني الآب، الا انه حاول ينحي الغضب جاهدا ليقول بغيظ
-مصدقة الكلام ده!
ضغط ابيها على وتر حساس، والبكاء لم يكن شفيع لها عنده تحت نظراته المستنكرة وصورتها المثالية أصبحت منكسرة.

- يعني عايزني اقولك اني بحبه ومش قادرة اعيش من غيره يا بابا، صدقني انا مش هورط نفسي في المشاعر تاني، جربت نصيبي قبل كده وفشلت، مش هجازف إني أحب تاني
اتسعت عيناها دهشة من هول ما قالته لتضع كف يدها على ثغرها وهي تحدق نحو أبيها الذي جحظت عيناه ذهولا من هجومها العنيف الثائر في وجهه.

حاول الاب ان يتدارك حجم صدمته بابنته وهو لا يصدق مقدار الشغل المبذول من الذي يمارسه كى لا يقوم بصفعها هي أو المجنونة الاخرى!
-عمل ايه فيكى عشان يخليكي هتموتي عليه كدا
سأل بتعجب وهو يحاول أن يجمع صورة ذلك الشاب العابث الذي قدم الى منزله من بضعة أيام، الوقح تجرأ وأخبره أنه يريد مصاحبة ابنته، والله لولا عدم وجود سلاح في منزله لقتله في عقر داره ولن يدفع دية لأهله.

ارتجف جسد شادية من وطء نظرات أبيها المنكسرة لتهمس بخفوت
- وعد انك مش هتعاقبني
وجنتيها توردت تلقائيا خلال تذكرها لاهتمامه المبالغ لها يوم الرحلة منذ سقوطها في الماء، حرصه الشديد عليها واهتمامه بها، يكفي انه سقط إلى الماء ولم يلتفت إلى عمله ليطمئن عليها ويساعدها للتسلق..
فغر الاب شفتيه صدمة وهي يري نظرات ابنته، ابنته متيمة بذلك الأجنبي الوقح، اللعنة، اللعنة، اللعنة.

ألم تجد رجلا آخر غير هذا، بل كان خطيبها السابق رجلا رغم امتعاضه منه وكونه من عائلة المالكي، توترت علاقته مع غالب المالكي إثر رفض ابنته لابنهم، لكن يعلم ان مجرد ما حدث زوبعة في فنجان وستعود علاقتهما كما كانت سابقا
ضم كف يده وهو يسمعها تهمس بخجل.

-حساه مهتم بيا، مهتم بيا لدرجة توصل بيه الموضوع للغيرة وانا، انا اول مرة احس بدا فاهمني، أن شخص غريب بيغير عليا وحاسة اني مش فاهمة حاجة، بابا صدقني مش فاهمة يعني هو فعلا عايزني؟! ولو عايزني، عايزني ازاي، يعني بدون حاجة رسمية؟ ولا مجرد نزوة وحاجة جديدة في حياته، انا مش فهماه ولا فاهمة نفسي.

هز معتصم رأسه يائسا، مال نصيب صغيرته قليل في الحب!، اقترب منها وهو يحتضن كلتا وجنتيها لتتهرب هي من عينيه خجلا ليهمس بصوت اجش
-وخبيتي عني ليه كل ده
عضت على باطن خدها لتسبل أهدابها وهي تجيبه بحيرة
- ما انا معرفتش افهمه، وكل تصرفاته متناقضة وبتلخبط حساباتي، وانا حقيقي تعبت من الموضوع ده وكل لما بحاول ابعد عنه
صمتت وهي تتنهد بحيرة شديدة لتسمع ابيها يكمل حديثها قائلا بهدوء
-بيقربك منه.

رفعت عيناها تحدق في حدقتي ابيها الجامدتين، غمغمت بخجل والدموع أصبحت غير متحكمة بها
- غصب عني والله، والله مش قصدي يا بابا اني اخيب ظنك فيا بس انا اول مرة اجرب الاحساس ده
ربت على ظهرها قائلا بخشونة
- اهدي متعيطيش
دفنت وجهها في صدره ليمرر انامله على ظهرها بهدوء مخفيا حزنه، سمعها تهمس بتردد
- مش زعلان مني
لم يخفي ابيها ضيقه ليقول بلهجة حادة
- لا طبعا زعلان، الشخص ده تقطعي أي كلام معاه.

رفعت شادية رأسها لتحدق في عيني ابيها باستنكار لتمتم
- بس
احتضن كلتا وجنتيها وهو يحدق في عينيها المتوسلة له ليغمغم بخشونة
- مش عايزين نغلط غلطتنا الاولى، صدقيني اللي عايزك هيجيلي ويترجاني اني اوافق عليه
اومأت رأسها باستسلام قائلة بنبرة ضعيفة
- حضرتك صح
استأذنته للخروج محاولة جعل نوبة بكائها داخل جدارن غرفتها، همت بفتح باب مكتبه لتسمعه يتمتم بجمود
- متخبيش عليا حاجه تاني.

اكتفت بهزة رأس وسارعت بالخروج من غرفته مزيلة الدموع التي شوشت رؤيتها، اجهشت في البكاء وهي تمسد موضع نبضات قلبها التي تأن بألم
لما ينبض الآن؟، لما العذاب مرة اخرى، لما يميل قلبها لشخص تعلم انه سيؤلمها، شهقت بذعر حينما استمعت صوت شقيقتها الساخر
- حكيتليه
وضعت يدها على صدرها تهدأ من نبضات قلبها الثائرة لتمتم بعتاب
-جيهان
اقتربت جيهان وهي تتأمل ملامح شقيقتها المتألمة لتسألها باهتمام
-يعني انتي بتحبيه بجد؟

رفعت شادية رأسها لتلتقط أنفاس عميقة لتعود تنظر إلى شقيقتها قائلة بنبرة مختنقة
-علاقتنا موصلتش للحب بس انا مش هكدب عليكي واقولك اني مش منجذبة ليه، انا...
اقتربت جيهان وهي تمسك من عضدي شقيقتها قائلة بمكر
- انا قولت الإيطاليين مش هينين اطلاقا خصوصا ان كلامهم معسول
ما تأخذه كلام مثل السابق
تنفست بحدة وهي تحاول اخراجه من نطاق تفكيرها لتسأل شقيقتها قائلة
- هتعملي ايه في مشكلتك
هزت جيهان كتفيها لتقول بوعيد.

- هخرب شغله يا روحي، بس محتاجة وقت لحد لما اعرف ادخل السيستم بتاع الشغل بتاعه
عقدت شادية حاجبيها وهي تتعجب من عدم لجوء شقيقتها لوسائل الإعلام مبررة الصور التي انتشرت كالهشيم
-والميديا وكلام الناس
هزت جيهان رأسها بلا مبالاة قائلة
- يتحرقوا، اصلا كلهم خرفان معاكي في يوم واليوم التاني يقلبوا ضدك
عدم الاكتراث للدفاع بسمعتها جعلها تنظر إليها باستنكار مردفة.

- يعني مش هتطلعي لايف حتى على الانستجرام اللي عملتيه بأسمي
هزت جيهان رأسها نافية، حقا آخر ما تهتم لأجله إلى المنافقين الذين أظهروا بشاعة ما يضمروا داخل صدورهم من حقد
بداية من كل زملائها على الساحة الذين أخذوا خبر تلك الصور المزيفة ليبدأوا في تشويه سمعتها وعن حياتها والى أي مدى تضمر شرا وحقدا لزملائها.

هي لا تتذكر انها قابلت منهم أحدا سوى حفلات التي تقيمها اليوتيوب وتلتقط صورا كذكرى فقط، صاحت بلا مبالاة وهي تعبث بهاتفها الاحتياطي لترسل حساب شقيقتها والرقم السري عبر رسالة لهاتف شقيقتها
- مش دلوقتى، وابقى استخدمي الاكونت بتاعك بمعرفتك عشان محدش يهكره
اهتز هاتف شادية من اشعار رسالة شقيقتها لتهمس بتردد
- بس انا
تمتمت جيهان بلا مبالاة.

- عايزاه تقفليه انتي حرة، كدا كدا بيجيلك أرباح وبحطها في حسابك كل آخر شهر
فغرت شادية شفتيها بصدمة وهي تنسل الهاتف من جيب بنطالها لتفتح رسالة شقيقتها متمتة
- أرباح ايه، انتي بتعملي ايه في الاكونت
زفرت جيهان بيأس، آخر ما توده الان ان تعلم شقيقتها عن منصات التواصل الاجتماعي وكيفية كسب ارباح من خلالها لتمتم باختصار
-يعني شوية شركات بتتعاقد معايا على منتجات بروجها وبنزلها على صفحتك.

فتحت شادية حساب صفحتها على هاتفها واتسعت عيناها ذهولا حينما وجدت عدد المتابعين تخطت المليون متابعة، فغرت فاها بذهول وهي ترى الكثير من الصور ملتقطة خلسة بداية في مواقع عملها و حديقة منزلهم هذا غير مقاطع الفيديو التي غنتها في منزلهم بالساحل، رفعت شادية تنظر إلى شقيقتها بذهول
-انتي بتلحقي تعملي كل ده امتي
عدلت جيهان من خصلات شعرها لتقول بثقة
-الحاجات دي محتاجة شخص بروفشنال وانا بروفشنال جدا.

تصاعد رنين هاتف جيهان لترتبك جيهان لثواني جعل شادية تهمس
- وسيم
لم تسألها بل تعلم انه لن يكون سواه الذي سيهاتفها في ذلك الوقت بعد أن استأذن مغادرا منذ ساعة تاركا الأب يتعامل مع ابنته العنيدة
-ايوا
ابتسمت شادية وهي تتوجه نحو غرفتها مغلقة الباب خلفها بهدوء، زفرت جيهان بيأس وعى تتوجه نحو حجرتها مجيبة على اتصاله ليبادر قائلا ببرود
-لازم تطلعي تتكلمي قدام الناس
ابتسمت بسخرية وهي تغمغم بحدة.

- والله الصور باين انها مفبركة، الناس عايزة تصدق ان دى انا يصدقوا
زفر بيأس وهو يتمتم بنبرة باردة
-انا نزلت خبر على بعض الصفحات الاخبارية ان الصفحات بتاعتك اتسرقت
لما عليها هي أن تدافع عن نفسها دائما
جميع أفعالها يجب أن تبررها للجميع، حتى، حتى حينما ظهرت تلك الصور المزيفة لم يهتم أحد سوى أن ينهشوا في لحمها كطيور جارحة أبصرت بعيونهم الثاقبة فريسة سهلة!
-وسيم
همست اسمه بيأس لتسمعه يجيبها بصلابة.

-وعايزك تطلعي في البرنامج وتكلمي الناس
اختنقت أنفاسها وهي ممتنة لعدم نهره لها
بل لم يحاول أن يخبرها ان تلك نتيجة اختياراتها الحمقاء، لانها ما كانت لتندفع في ذلك العالم لولاه!
تحشرجت انفاسها مغمغمة
-لا، مش دلوقتي، محتاجة أعيد ترتيب حساباتي
استمعت إلى أصوات انفاسه الحارة عبر الأثير لتهمس
- هينسوا يا وسيم
استمعت إلى سبة وقحة منه جعل وجنتيها تتوردان لتسمعه يجيبها بحنق.

-عارف انهم هينسوا دي لا اول ولا اخر فضيحة يعني نزلت لحد مشهور
صمت غلفهم للحظات لتسمع بعدها صوت وسيم المتعجب
-شادية طالعة لايف دلوقتي على الانستجرام
-بتتكلم جد
-المشاهدات عالية، واضح بعد الصور اللي نزلت الناس مستنية الرد منك او حد من العيلة
سارعت جيهان بفتح الانستجرام عبر حساب مزيف لتشاهد البث المباشر.

فغرت فاهها ولمعت عيناها وهي تسمع لهجة شقيقتها الحاد لترتسم ابتسامة ناعمة على شفتيها وشقيقتها تشبه ك لبؤة تحمي صغارها من قبضة صياد محترف!

- انا مش مصدقة كمية الهجوم على اختي والبشاعة اللي وصفتوها بيه، يعني بجد حاجه محزنة جدا والناس واخدة كمية جرأة كبير ورا شاشات تلفوناتهم لانهم جبنا وميقدروش يقول الكلام ده في وشها، كل اكونتات جيجي اتهكرت والصور المسيئة ليها ولسمعتها ده يدل ان فيه حد نيته قذرة بس احنا مش هنسيب حقنا، وهنلجأ للقضاء عشان يكون عبرة لكل شخص قذر معندهوش نخوة ولا حتى دين.

كما بدأ البث المباشر منذ دقائق انتهى فجأة لتتسع عينا جيهان دهشة ثم ما لبثت ان وجدت شقيقتها ترفع صورة لهما معا مدافعة عنها ببعض عبارات تهديدية للعقل المدبر، لمعت عينا جيهان بمكر
بدأ حسابنا يا ابن الغانم!

في مؤسسة الغانم،
وقفت فرح تنظر عبر المرآة بعدما ازالت جميع مستحضرات التجميل من وجهها، اخفضت عينيها أرضا نحو الشعر المستعار لتبتسم بسخرية
كأن تغير ملامح وجهها ووضع شعر مستعار سيغير من أجلها المحتوم، تعلم ان نضال دس العديد من الجواسيس في المؤسسة، وخبر وجودها سيصله عاجلا ام اجلا!
لم تحظى بالحب
لكن حظيت بعلاقة أخوية وصداقة
تحتاج للشجاعة والقوة لكي تنهي تلك العلاقة السامة، لن تجعله يدفعها لهوته ابدا.

ما زال هناك الكثير لم تراه بعد، وتبا للحب، وتلك المشاعر التي تجعل النساء تخضع لسلطان جائر
كل ما يهتم به هو غرائزه
ارتجف جسدها حينما استمعت الى صوت ثائر يصيح بصوت جهوري
-ده انتوا عاملين ربطية بقي
أغمضت جفنيها وهي تلتقط انفاسها وتزفر على مهل
يجب عليها أن تستعد بكل أسلحتها، هدوئها وبرودها كما يفعل هو...!
تفاجئت اسرار من اقتحامه للمكتب لتستقيم من مقعدها قائلة بحدة طفيفة
-نضال.

صرفت السكرتيرة بنظرة من عينيها لتنظر اليه بعتاب خفي، الا ان الغضب المتلبس به اعماه وهو يقترب منها قائلا بخشونة
-وياتري كنتو مخبينها فين
تجهمت ملامحها الناعمة، وعينيها الزرقاوين حدقت في عينيه التي تضمر شرا لتقول بحدة
-بطل جنان واعرف انت بتقول ايه
انفجر صارخا في وجهها
- محدش ليه دعوة بمراتي، لا انت ولا الحامي التاني، بس لما اشوفه لينا حساب تاني.

تراجعت خطوة من عدائه وحينما همت بالرد عليه، فوجئت بصوت هادئ يتمتم ببساطة
- دي لو لسه هتفضل مراتك
لمعت عيناه بنظرات مميتة ليسارع بالتوجه نحوها وهو يمسك زندها بخشونة دافعا اياها داخل الحمام الملحق بمكتب أسرار الذي اختبأت به عنه!
أوصد الباب خلفه ونظر اليها يشملها بعينيه
يتفحصها كليا، يري اثر غيابه عليها
عيناه تنهشانها نهشا وهو يزمجر بخشونة
- تقصدي ايه بكلامك ده.

-منكدبش الكدبة ونصدقها يا نضال، انت كان ليك اسبابك في الجوازة دي وكان عندي حق اني اوافق او ارفض، وقت ما عايزة افضل جنبك هفضل ووقت ما عايزة انفصل، اااااه
صرخة عالية صدرت منها حينما حطت صفعة على وجهها، جسدها اختل عن توازنه
وايقاع قلبها يطرق جنبات صدرها بقوة تزامنا مع طرقات باب الغرفة التي أوصدها
سحقت فرح شفتها السفلى والرؤية تشوشت أثر دموعها الحبيسة
مسدت موضع صفعته وقرارها للانفصال عنه لن تتراجع فيه.

لقد اتخذت قرارها، عذاب بعده أهون بكثير من جحيم قربه
العينان تطلعان اليها بشراسة
يبدو ك أسد حصد على وجبة عشاء مثالية لليلته، فمن أمامه غزالته الشريدة التي تركها تلهو بالقرب من عرينه
لكن أجلها محدد ووقتها حان
لم يعبأ بطرقات الباب وصوت أسرار المتوسل
-افتح الباب يا مجنون، الموضوع ميتحلش كدا
عيناه وقعت فقط على زوجته
امرأته التي تركته ورحلت عن أرضه
زعزعت جانبا منه لم يظن أنه سيتأثر برحيلها، غضبه مضاعف.

ما عادت فرح كما كانت، وما عاد هو نضال
كشر عن ابتسامة ذئبية وهو يتمتم قائلا
- قولتيلي انفصال
جف حلقها، رطبت شفتها السفلى وهي تقف امامه بكل شموخ قائلة كلمة واحدة فقط
-ايوا
كانت كلمتها قاصمة
موجعة لكبرياء رجل لم يعلم معنى أن تتركه امرأة
موجعة لأفتخاره واعتزازه برجولته الجريحة
اختفي المكر ولمعت ذهبية عينيه بالغضب والعواصف المنذرة بشر
-ومين قالك اني عايز أطلقك
وهي، ما زالت على صلابتها المتبقية.

ضمت أناملها في قبضتها وقالت بحدة
-انا عايزة
اقترب منها ليقبض على عنقها، اختنقت انفاسها وجحظت عيناها حينما صاح بغلظة
- وياتري الطلاق بسبب ال، بتاع شركة الاعلانات
شحب وجهها تدريجيا والضعف الذي يتملكها تحاول لفظه بعنف، نظرت اليه بلوم شديد وشكه بها جعلها تهمس
- مش من حقك تعرف الاسباب
شدد يده حول عنقها لتغمض فرح جفنيها مستسلمة لموتها على يده، طرقت اسرار الباب بعنف وهي تقول برجاء.

-نضال افتح الباب ونتكلم بعقل ارجوك
حدق نحو عينيها، محاولا رؤية عاطفة
ضعف منها
ليتمتم وهو يزيح يده عن عنقها قائلا
-عارفة نفسي اعمل ايه فيكي
أجبر نفسه جبرا على الاعتراف وهو يحدق نحو عينيها الباردتين
- مفيش واحدة اتجرأت تهرب من ايدي، مفيش واحدة اتجرأت على كدا وتيجي انتى وتعمليها
صفعة قوية وجهت على حين غفلة، جعلها ترتمي ارضا، صرخت بألم
-اااااه
زاد طرق الباب وزاد توسلات اسرار ولم يكلف نفسه عناء للرد عليها.

مازال غضبه يتأجج في صدره لتهمس فرح بألم وهي تحاول الوقوف على قدميها مرة اخري
-انت المفروض تفهم اني مش عايزاك في حياتي
جثي على ركبتيه ممسكا بخصلات شعرها ليميل برأسه مسهسا بجنون
- ومين بقي قرر ياخدك بعدي، بعتي ايه من جسمك عشان يرضي بيكي
انفجرت في الضحك وهي تتطلع الى عينيه التي ازدادت قتامة، ورغم ما تظهره من لا مبالاة اوجعها
حطمها بقوة، لا تعلم كيف أحبت شخصا مثله، مهووس بقتل الآخرين من حوله، مريض بشكوكه.

-وجعتك مش كدا
غامت عيناها بحزن شديد لتهمس بحشرجة
- طول عمرك بتوجعني يا نضال، بس متخيلتش انك بالقذارة دي
ارتسمت ابتسامة قاسية على شفتيه ليتمتم
- انا قذر فعلا، عارفة ليه لاني مقتلتكيش بأيدي، بتستخبي مني وبتتحامي ورا شوية عيال، فاكراني مش هعرف اجيبك
زاد من قوة جذبه لخصلات شعرها مما جعلها تتأوه بألم هامسة بتعب
- ارحمني بقي، ارحمني يا نضال.

رفع حاجبيه مستنكرا وهو يراها تتخلص من قبضة شعره لتستقيم واقفة وهي تتطلع اليه بغضب وكره شديدين، صاحت بحدة ممزوجة بقهر خاص بها، اكتنف حياتها
- فرح اتجوزيني عشان اساعد عيلتك، وافقت عشان الفلوس ومش عشاني عشان عيلتي، مكنتش طمعانة فيك، كل همي عيلتي وبس، ميمدوش ايدهم لحد، واديك شوفت اخر المعاملة محدش فيهم بيرفع سماعة التلفون ويسأل عني
مسحت دموعها التي خرجت دون سيطرة منها ليخرج صوتها مبحوح.

-اهلي مبيسألوش فيا ولا بيعبروني، لطاما الفلوس بتجيلهم لحد عندهم يرفعوا سماعة التلفون ليه، بس لو الفلوس مجتش يرفعوا سماعة التلفون ويقولوا فين فلوس الشهر اللي بتتكرم انت وبتبعتها رغم انا مطلبتش منك تديهالهم، فرح كانت مستسلمة عشان طول عمرها ضعيفة ومكسورة، لانها عارفة لو حاولت تقف في وشك مفيش حد مفيش حد هيكون في ضهرها ويكون سندها
تأملته مليا، تحاول رؤية صورة ذلك الرجل الذي عشقت في غرامه.

ذلك الشخص الذي ضحت بالكثير من أجله، انفجرت قائلة بحرقة
- انا اعتبرتك حياتي، تأقلمت بصعوبة مع شخصيتك المعقدة وقولت اصبر، الحب هيجي مع العشرة وانت، اخر تفكيرك بس تشبع شهوتك زي اي راجل
وهو لن يكون نضال الغانم ان لم يلقي تعبيرا ساخرا وقحا!
- ده على اساس متعرفيش ان الراجل بيتجوز عشان الست تدفي سريره
هزت رأسها نافية لتجيبه
- لا، عشان عايز يكون عيلة وعزوة
لوي شفتيه وهو يتطلع اليها قائلا بتهكم ساخر.

-يعني الراجل يجيب العيال من فين مثلا، اكيد مش بيجبهم من سوبر ماركت
لم تجاريه في مزاحه، ظلت تنظر اليه قبل ان تمتم
- كل مرة بتزيد قسوة وانا تحملت حتى لحظات جنونك، بس لما جت شمس وشوفت معاملتك معاها اطمنت، قولت جواه انسان مش حجر، بس واضح وش الحجر عليا انا بس
هسهست بحنق بالغ
- بتستقل بيا دايما وبأي خطوة في حياتي
رفع كف يده قائلا بمقاطعة.

- لا استوب هنا، انا معترضتش انك تكملي جامعتك، قولتلك بس شغل الموديل مينفعش معايا
رفعت احدى حاجبيها لتسأله ببرود
- والسبب؟
غمغم بجفاء وقسوة
-حرم نضال الغانم متشتغلش رقاصة قدام الناس
انفجرت تضحك وهي تحدق إلى عينيه التي تنظران اليها بعبوس، لتقترب منه قائلة
- بس انا كنت رقاصة بالنسبة ليك لما اتجوزتني عرفي يا نضال بدون علم حد من عيلتك، لولا شمس مكنتش هتفكر حتى تتجوز رسمي مني او من غيري.

وآخر قنبلة موقوتة فجرتها في وجهه
- بفضل ابلبع براشيم زفت منع حمل واستخدم كذا وسيلة عشان سيادتك مش عايز طفل، وانا زي الساذجة وافقت، بس بجد انا تعبت
صاحت بانهيار شديد وهي تتذكر النساء اللاتي من حولها وقد تزوجن اوشكن على وضع حملهن
- عايزة اعيش حياتي يا نضال، يكون ليا اسرة واولاد مني انا، ولو انت مش عايز سبني اجيب انا من حد، ااااه
لطمة قوية وجهت لخدها وتلك كانت القشة الاخيرة
بطاقته الاخيرة التي احرقها.

تطلعت إلى عينيه المظلمتين لينفجر في وجهها قائلا بخشونة
- لسانك يا فرح، لسانك هقطعه لو فكرتي بس، تفكري في غيري، قسما بجلالة الله لأدفنه اللي يفكر يقرب منك
نظرت اليه بملامح واجمة، صاحت ببرود
- طلقني يا نضال لأني بجد قرفت منك.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة