قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي والخمسون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي والخمسون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي والخمسون

في مطعم نزار،
توجه كلا من غسان والكلب سيد نحو الباب الخلفي من المطعم، بقدر ما يثير ضخامة سيد من رعب للناس الا انه ايضا يكون مصدر فخر وقوة له وهو يرى نظرات الحسناوات عليه، لن ينكر انه اشتاق للايام الخوالي، ثم ذلك اللعين منذ ان ترك له سيد يدور حول حسناوات وهو مرتبط بكلب جائع طوال الوقت...
صوت نباح الكلب جلب انتباه نزار الذي أنهى حديثه مع رجل ثم اقترب منها قائلا
- لك شو جابك لهون.

ابتسم غسان بصبيانية قائلا بهدوء
- لك سيد جوعان واجيت طعميه
ألقي نظرة للكلب الذي يهز ذيله ناظرا اليه بحماس، ليعود النظر نحو غسان قائلا بحدة
- خلي عيوشة تطعميه
هز غسان رأسه رافضا ليغمز بعينه قائلا
-لا هو عجبته اللحمة يلي هون
ظلل الغضب في عيني نزار ليقول بنبرة جادة
- غسااااااان
تأفف غسان وهو يقول بملل
- بلا غلاظتك ولووو وحاجتك بخل وأنشحة، لك بتاخدلك ثواب فيو.

رفع نزار عينيه للسقف ثم عاد ينظر للكلب الذي اتبع سياسة اللعب بالعاطفة من نظرته تلك التي جعلته يستسلم قائلا
- ليك في لحمة مشوية عندك بس لاتاخده كلو لانه لحفلة شادية
نبح الكلب وهو يهز ذيله ليقول غسان بلا مبالاة
- سيد بياكل قد مابدو، مافيني احرمه احسن ماياكلني انا، لكن كيف صار متل الديناصور
دفعه نزار خارج المطبخ قائلا
- لك خلصني وطلعو مو ناقصني تطب عليي الصحة فجأة ويشوفوه.

صفر للكلب جاذبا انتباه، ليشير إليه نحو مخرج الباب الخلفي قائلا
- تعا تعا سيد شو بدك احسن من هيك الاكل رح يجي لعندك
الطعام للكلب كان ملكي وفخم للغاية، لطالما كان سرمد حريص على نوعية طعامه وجودة اللحم، هز غسان رأسه وهو جالس على الكرسي ينظر للحديقة الخلفية الهادئة، لا وجه حسن مر ولا صاروخ يستطيع أن يجذب انتباهه
اصبح اب لكلب يجحد عليه طيلة اليوم، زفر ساخطا
-غبي
انفجر يصيح حانقا.

- لك هالدب سرمد مو عاتق وحدة من شره وخصوصا هديك السمرا ولك فوق حقه دقه مخليني البيبي سيتر تبعك
استمع إلى نباح الكلب المعترض ليزم غسان شفتيه عابسا
- ليك ليك لك حاج تنبح ولو يعني مو عاجبتك القعدة معي، لك طعميتك اكل بعمرك مابتحلم فيه لما هالمغضوب سافر وتركك عندي.

عاد الكلب لتناول وجبته الشهية تاركا اياه يتخبط في حطام أحلامه المتكسرة، رفع عيناه حينما شعر انه ليس الوحيد في المكان، ضاقت عيناه حينما رأى صاحبة العينين الدابحتين بجمالها الذي لا ينكره وهي مرتدية فستان صيفي ناعم طويل عند كعبيها
-شو عم تعملي هون
شهقت بيسان وتراجعت خطوة، لم تتوقع ان تجده هنا، بل لم تتوقع ان تجد احدا هنا في ذلك الوقت، تجهمت ملامحها للحنق لتحتد عينيها الخضراوين
- وانت مالك يا بني آدم.

شهقت بفزع حينما وجدت معالم وجهه تنقلب مائة وثمانون درجة ممسكا بزندها منفجرا في وجهها بغضب هادر
- احكي معي منيح فهمتي، وقليلي شو عم تعملي هون
للحظة ألجم لسانها الصمت وخشت من ذلك الغضب المظلل حدقتيه، الا انها حركت خصلات شعرها الكستنائية بفتنة غير مقصودة جعلت غسان ينظر مبهورا لخصلات شعرها المتوهجة أسفل أشعة الشمس لتشع بتوهج آسر، صاحت في وجهه بحدة
- وانت بأي حق تسألني بعمل ايه هنا، المطعم بأسمك مثلا.

يحرقه مجرد فكرة انها تفكر في أخيه العاشق لخطيبته
تكون غبية
ان حاولت ان تفسد العلاقة بين شقيقه وخطيبته
سيقف لها بالمرصاد
اشتعلت خضرة عينيها لتزمجر في وجهه بحدة
- دي حاجة متخصكش يا بتاع انت
ضغط بقسوة على زندها لتخرج تأوه موجع خافت وعينيها تتسع بجحوظ، كيف تجرأ ذلك الوقح لامساكها بل واوجاعها، همت بالصراخ في وجهه الا ان بدنها ارتجف لذلك الشرر المتراقص في عينيه
أجلت حلقها وهي تنظر إلى بقلق، هل هو مريض نفسي؟

- بدك اقلب ع وشي التاني آاااه
زادت قسوة أنامله وهو ملتمس جلدها القشدي بانامله الخشنة، كل ما بها ناعم وجميل يعترف، كل شئ بها فاتن لكن سواد من الداخل يبتلعها
تأوهت بوجع حقيقي وهي تحاول بيأس ان تفلت يدها لتصيح بحدة
- افندم
اتسعت عيناه بما يشبه البسمة القاسية ليقول بجنون
-بكون واحد قليل ادب بسبب رفيئي حابة تشوفيه ياعمري
اقترب.

لتعود خطوة للخلف، واقترابه الغير برئ بالمرة جعل عيناها تتسع بجحوظ ولسانها الجاهز للرد صمت، تحاول حثيثة ان تخرجه الا ان صوتها خرج مهتز ببعض الشئ
- اننن، انت بتعمل ايه
يتأمل بعبوس ملامحها الجميلة، لطالما قابل من هن اجمل منها جمالا واكثر رقة وانوثة على عكس لسانها الحاد الذي سيكون مسرور باعادة تربيتها
أن فشلت خالته ووالدته سيكون هو مسرور بشدة لتعليم تلك الوقحة معني ان لا تنظر لشئ ليس ملكها.

مال برأسه يقترب من اذنها، شعر ارتجافة جسدها اثر زفيرة الحار على عنقها واضطراب نبضات قلبها ليهمس بصوت عابث
- عم كون قليل ادب ياروحي شو رأيك
لأول مرة تواجه اقتراب رجل منها لتلك الدرجة، رجل عابث، ولسخرية القدر يشبه نزار شكليا، لكن طباعهم مختلفة كالسماء والأرض.

رفعت عيناها لتنظر خلفه، اتسعت عيناها جحوظا حينما وجدت نفسها أمام الكلب المزمجر بغضب، ينظر اليها بشراهة، كأنه حصل على وجبة اضافية لطعامه الذي تناوله منذ قليل
التفت جانبا لترى غسان الذي ترك الساحة أمامها، لقد تركها تواجه الأسد بمفردها، اهتز بدنها لتخرج صرخة مرتعبة جعل نباح الكلب يرجف أطراف بدنها
- يا مامااااا.

اقتراب الكلب وعينيه المتوعدتين جعلها تقف ساكنة، غير قادرة على الحركة، وكأنها تواجه قدرها المحتوم، امتلئت عيناها بالدموع لتهمس
- ساعدني
رق قلبه، اللعنة قلبه المسكين رق لتلك المخادعة، ضرب بكفه على نبضات قلبه الذي يتوسله لارحامها وزرعها بين جنبات صدره، لكنها تستحق، تستحق كل قطرة عذاب لتفق تلك المخبولة من أحلام يقظتها
- مستحيل.

اهتز جسدها برعب شديد والكلب صار على مقربة منها لتغمض جفنيها وهي لا تعلم أسيبدأ من ساقيها أم اطراف يدها؟ لتهمس بارتجاف
- بخاف من الكلاب
اشاح غسان بلا مبالاة قائلا بسخرية
- خليه ياكلك خرجك بتستاهلي
شعرت بزمجرة الكلب يزداد قوة، بدأ الهواء يقل تدريجيا من محيط المكان، واستسلمت للحظة ان يلتهمها، ازدادت رجفة حينما شعرت بشئ يقترب يتشممها لتعض على شفتها ثم همست بتوسل
- غسان من فضلك.

للحظة ود أن يخبرها ان الجحش سيد يريد التعرف عليها، لم يمنع نفسه من السخرية من خوفها الغير مبرر
- شو هالاحترام يلي نزل عليكي فجأة ياآنسة
انطلق صوت أجش معاتب
- غسان
رفع غسان رأسه لينظر إلى شقيقه الذي ينظر إليه ببؤس وغضب غير مبررين له، احتدت عينا غسان وهو يرى تلك الغبية تنظر اليه بنجدة وكأنها راهنت حياتها عليه
- لك ياجحش شو عم تعمل.

صفر غسان لسيد كي يبتعد عن محيط بيسان التي تبكي برجفة غير مبررة له، التمع الشرر في عينيه
هل تبكي الان امام حبيب القلب، غمغم بحدة
- ما عم اعمل شي، هالهبلة بس شافت الكلب صررخت
هز نزار رأسه بيأس من شقيقه الجلف ليقول بعتب
- بيسان بتخاف من الكلاب يا جحش، أنت منيحة بيسان.

رفعت بيسان رأسها نحو نزار، تكاد تخفي شعور قهرها وغضبها من امها وخالتها، تحاول التأقلم ان الحلم الذي دفعوها إليه بات مستحيلا لها، هزت رأسها لتهمس وشحوب وجهها جعل نزار يرفع عيناه بغضب الى شقيقه العابس
- كويسة بخير
تابع بنزار باهتمام نحو ابنة خالته قائلا
- صارلك شي، تعي فوتي
صاح غسان بحدة مزمجرة
- ما رح تفوت.

رفعت بيسان رأسها لتنظر إلى ذلك الغاضب امامها، لا تنكر انها اصبحت تخشاه، لديه ميول متطرفة للقتل، ازدردت ريقها بتوتر ليقول نزار بعدم فهم
- شو
حدجها بنظرات خاصة قاتلة، يحذرها من شئ لا تعلم ما كنهه لكن الاسلم لها ان تظل صامتة، ليقول غسان بنبرات جادة
- بيسان حكتلي انو مضطرة ترجع عالبيت لانو وراها التزامات كتير
ثم القي نظرة نحو بيسان التي وافقته بهزة من رأسها لتهمس.

- فعلا، كنت جيت عشان نسيت كام حاجه هنا خاصة بيا بس هاخدها بعدين الوقت اتأخر
وقف نزار ينظر لكلاهما بعدم فهم ليسمع صوت غسان الأجش
- ارجع عشغلك نزار
صفق نزار كلتا يديه متعجبا من ما يحدث ليعود إلى مطعمه، وقفت بيسان تنظر اليه بحدة، لا تصدق انها جارته، بل اذعنت لذلك الاحمق، همت بالصراخ في وجهه الا انه صاح بنبرة غاضبة
- وانت شو عجبتك القعدة هون يلا قومي رح وصلك.

ازدردت بيسان ريقها بتوتر وهي تجده يصفر للكلب ليأتي إليه، كان الكلب يهز ذيله وهو يتفحصها لفترة من الوقت ظلت هي كاتمة انفاسها، حتى أشاح الكلب برأسه وتقدمها ماشيا بخيلاء، أمسكت بحقيبتها وهي تسير خلف غسان متحاشية النظر إلى عينيه العاصفتين بغضب لا تعلم سببه، لكن الأمن ان تظل صامته كي لا تمد اصابع بطشه ناحيتها!

المكان يعمه الظلام والسكون وهي تتقدم بخطوات بطيئة تصعد درجات السلم لترتقي لسطح الباخرة، مررت اناملها على فستانها البيج، لقد ضربت بكلام جيهان بعرض الحائط، كانت تريدها ان ترتدي فستانا مبهرجا لامع، فضلت ثوب كلاسيكي وتسريحة كلاسيكية لخصلات شعرها، نظرت لما حولها، كل شئ ساكن سوى من صخب السيارات الصادر من على بعد بعيد نسبيا...

انقشع الظلام فجأة لتسمع صوت موسيقي العيد ميلاد، تراجعت شادية خطوة واحدة وهي ترى والدها وشقيقتها التي ارتدت فستان مشابه للذي تركته امس بلون فضي عكس خاصتها باللون الذهبي، ثم فريال وزوجها ورهف الجميلة، اتسعت ابتسامتها تدريجيا وهي تشهق بذهول هامسة
- ده انتوا كلكم هنا
لاحظت نظرات شقيقتها الممتعضة لفستانها الكلاسيكي لتشمخ برأسها وهي تسمع ضحكات فريال المرحة
- طبعا هو حد يقدر يغيب عنك.

نظرت إلى شقيقتها بامتنان شديد، تعلم انها تريد مصالحتها وكل ما فعلته يجعلها تشفع لها غلطتها الكبيرة نوعا ما، تفاجأت من قرص فريال لخصرها لتتأوه متوجعة وهي ترى نظرات فريال الشقية
- سمعت عن قطة لطيفة جتلك، قولت مش هتيجي غير من شخص مهتم
عضت على طرف شفتها السفلى واحتقن وجنتيها لترد ببعض الحدة واليأس
- حتى انتي
قررت الهروب وهي تتوجه نحو والدها الذي يلقي اوامرا لشقيقتها لتقترب من والدها قائلة.

- بابا مكنش لازم التعب ده كله، انا لسه عيد ميلادي الشهر الجاي
لوي معتصم شفتيه وهو يري جيهان التي تصر على عدم التفوه بحرف واحد سوى من الغاز يمقتها
- قولي لأختك مش ليا.

نظرت شادية بعبوس إلى ربطة عنق والدها الغير ملائمة لحلته، اخرجت من حقيبتها ربطة عنق جديدة اشترتها لتخلع ربطة عنق وتلبسه الجديدة تنظر بفخر إلى والدها الوسيم الذي زادت خصلاته البيضاء وسامة فوق وسامته، اقتربت تلف ذراعها حول عنقه ليربت معتصم والدموع تترقرق من عينيه، مال مقبلا رأسها ليصدر صوت جيهان وهي ممسكة بمكيروفون خاص.

- بمناسبة تجمعنا اللطيف، ايوا يا عصوم ركز معايا الله يباركلك، جمعتكم قبل ميعاد اختي بشهر بس ده مش معناه اني هتمرمط واجهز حفلتها للمرة التانية، لا، قولت نضرب اتنين في واحد
انفجر المدعوين من بين زملاء جيهان عبر شبكات التواصل الاجتماعي وبعض المعارف الذي خصهم معتصم للحضور، ليهز معتصم رأسه، الشقية لن تتغير ابدا.

وقفت رهف بجوار فريال وهي تنظر بعينين مترقرقة بالدموع إلى عناق شادية لوالدها، تشعر بالغبطة لعلاقتهما المتماسكة، همست فريال بابتسامة متسعة وهي تميل عليها هامسة
- مجنونة
ثم استطردت فريال بشقاوة
- ادعيلها اللي يجي ويعقلها
انفجرت رهف ضاحكة وهي تزيل دمعة خائنة لتقول
- جيجي استحالة تكون عاقلة.

ألقت فريال نظرة لرهف، ما زالت صغيرة على كل ما عاشته تلك الفتاة، تتعجب من قوة ثباتها حتى الآن بل وجسارتها على أن تكون خطواتها ثابتة، همست فريال بجدية
-قولتي لنزار
أجلت رهف حلقها، كل ليلة تتشجع وتكون على وشك اخباره بما عانته إلا في الثانية الأخيرة تتراجع
خوفا
بل قلقا
ان يغادر نزار من حياتها
رغم انها تعلم انه ينتظرها لتخبره بما تخفيه عنها، لكنها ببساطة تود النسيان.

تود وأد تلك الذكري من حياتها نهائيا، هزت رأسها نافية
- مش قادرة، بحاول اتشجع واقوله بس بخاف
ثم رفعت عينيها الزرقاوين نحو شادية ووالدها لتهمس بنبرة كئيبة
- علاقتهم حلوة اوي
شعرت بذراع حانية تلف ظهرها وصوت شقيقها الدافئ يهمس
- وانا فين يا رهف
تجمعت الدموع في عينيها لتدفن نفسها بين ذراعي شقيقها هامسة
- انت عيلتي يا وقاص.

ابتسمت فريال ومسحت دمعة خائنة، تلك الهرمونات الغبية افسدتها نهائيا، عادت تنظر نحو الاحتفال الهادئ نسبيا وهذا بعيد كل البعد عن جيهان ترى ماذا تخفي جيهان في جعبتها؟!

وقف سرمد على مسافة بعيدة نسبيا عن برتقاليته المتوجهة بفستانها الأنثوي، اللون البيج أبرز سمرتها الناعمة، عض على شفته السفلى بحسية شديدة، تري متي ترحمه تلك كتلة المشاعر الأنثوية وترحمه مشاعره المتأججة كمراجل..
عدسة كاميرته الخاصة تلتقط صورها لها فقط، وهي تنحني لوالدها
تعانق والدها
تساعده في ارتداء ربطة عنقه
متى ستقوم بمثل تلك الأشياء له.

بداية أنه رأى بث مباشر خاص لجيجي وهي تصور شقيقتها وهي تحلق لوالدها، ضم قبضة يده بعنف وهو يصبر نفسه، ما بقي القليل مادام يسير على الطريق الصحيح تلك المرة
هبطت عيناه متأملا قدها الرقيق كحالها وهو يرى فتحة الفستان الامامية، مثيرة للغاية، تعده بالنعيم المحرم عليه أن يطئه.

لكن ان كان ممنوع عليه لفترة أفضل من أن يكون محرما للأبد، هبطت عيناه بتقيم صريح وشكر قماش ذلك الفستان الخادع، المحتشم ظاهريا لكن بعينه فقط كل شئ اسفل نسيج قماشها ظاهرا له..
النيران المستعرة داخل جوفه لا تهدأ وهو يقترب منها وهي غير واعية، بل غير مدركة أنه على مقربة منها، كل حواسها فقط على والدها وهي تلتصق به التصاقا، كأنها تخشى أن تواجه وحش مفترس على وشك التهامها.

ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه وعينيه على كاميرته يلتقط صورة وهي تدلل على والدها بكل تلك الرقة وانوثتها
زفر بحرارة وشعور بالغضب محفوف بالغيرة، لما والدها فقط تظهر كل ذلك الدلال المائع
لكن صبرا، كل شئ، هي بكليتها ستصبح ملكه!
انتبهت شادية على صوت جيهان الماكر وهي تنظر نحو جهة معينة
- اضحكي يا حلوة خلي المصور ياخد صور حلوة
رفعت شادية عيناها نحو مرمى بصر جيهان لتتسع عيناها بصدمة
كيف، كيف، لما أتى إلى هنا؟!

انحبست انفاسها وهي تراه يقترب كما لو انه صياد متربص على وقوع الفريسة في المصيدة، ازدردت ريقها وهي تري قميصه الأبيض الذي عانق جسده العضلي بصعوبة، فتحة قميصه التي تراها واسعة للغاية، حتى علاقتها مع الرجلين الذين ارتبطت بهم لم يتركوا أول ثلاثة أزرار من قميصهم محلولة ولا حتى لم ترى أحدا منهم مشمرا قميصه كمثله
فوضوي
عابث.

خصلات شعره كانت حالة تمرد خاصة، فضحتها مشاعرها وهي تتنفس بصعوبة والهواء الذي يدخل ويخرج من صدرها كله التقطه سرمد بعينه وعدسة كاميرته النهمة..
اسدلت شادية أهدابها باستحياء شديد ولم يخفي تورد وجنتيها عن والدها الذي ينظر عن كثب شديد إلى الرجل الذي جعل ابنته تفقد انفاسها.

عاد معتصم يلقي نظرة لذلك الغريب، بهيئته الفوضوية وعينيه الشغوفين لصغيرته جعلته يرفع عينيه نحو جيهان التي غمزت بمكر، تخبره انه رجل صغيرته
قست عيناه وهو يقترب من جيهان وواقفا كليث مترصد لأي عدو ليستمع إلى صوت جيهان الماكر
- بابا
كان يعدها بالعقاب، الا ان جيهان لم تلتفت نهائيا لعقابه لتسمعه يقول بحدة
- نعم يا اخرة صبري.

اتسعت عينا شادية وهي تشعر انها تكاد تزوي من نظرات سرمد الحارة لتسدل اهدابها حياء وجسدها يرتجف باثارة شديدة، تعترف انه اخذ جزءا من قلبها على ما فعله ذلك الصباح بجلب لولو إلى حياتها
اقتربت جيهان من سرمد لتتسع شادية وهي تشعر ان شقيقتها تخطط لشئ عظيم
- تعالى اعرفك بالمصور اللي قولتلك بيعمل مشروع ترويج السياحة في الوطن العربي.

القي سرمد نظرة خاصة لجيهان، إمتنان ربما! هكذا فسرتها شادية لتسمع صوته الاجش الذي يلعب على أوتار انوثتها يحيي والدها
- مساء الخير
رفع معتصم حاجبه للحظة وهو يستمع إلى لكنته الانجليزية ليلقي نظرة مميتة نحو جيهان التي ألقت قبلة عابثة في الهواء، هل تمزح معه جيهان!
اكتفي معتصم ان يقول بنبرة باردة دون ان يكترث به، عينيه واقعة على تلك الداهية الصغيرة
-مساء الخير.

توجه نحو جيهان ليمسكها من عضدها قائلا حينما وجدها على وشك الهروب منه
- تعالي هنا
عقدت جيهان ذراعها لتسمع إلى نبرة والدها الحانقة
- انتي مقولتيش انه اجنبي
غمزت جيهان بمكر
- ايه يا عصوم، مالها المنتجات الأوروبية زي الفل
القي معتصم نظرة ممتعضة نحو سرمد، اجنبي، هل اخر نصيب ابنته رجل بارد الدماء، على جثته أن سول ذلك الغريب للاقتراب منها، قال بحدة وهو يتوجه إلى ابنته التي على وشك الافتراس
- ماشي كلامنا بعدين.

كانت صامتة وهو الآخر صامت لكن حديث عينه الوقح جعلها تشيح بعينها بعيدة عن عينه، اخر شئ تريد ان تحلم به هو مرة أخرى، شعرت بيد والدها على ذراعها لترفع رأسها قائلة
- عايز حاجه يا بابا
هز معتصم رأسه قائلا وهو يجذبها إلى ساحة الرقص
- نرقص
اتسعت عينا شادية بصدمة وهي تسير خلفه
- نرقص.

لم يخفي عن عيني معتصم الخبرتين تجهم وجه ذلك الأجنبي وهو يعض على نواجذه، راقص صغيرته على الحان هادئة لتتسع عينا شادية قائلة بتساؤل
- قولي بتضحك على ايه
اعاد نظره نحو صغيرته بعدما استشف بعينه الخبيرة لذلك الأجنبي، يبدو مهتما لصغيرته
لكن هذا ليس كافي، يجب أن يكون حريصا انه يناسبها دينيا وفكريا
فاخر شئ يرغبه اختلاف الديانات، هذا ما ينقصه حقا.

تشعر شادية بأسهم نارية ترشق ظهرها، تعلم صاحبهما، حرصت ان تخلع كعبي حذائها الذي يشعرها انها على وشك الوقوع
هز معتصم رأسه وهو يقول بابتسامة ساخرة
- انتي كمان بتسأليني بضحك على ايه
احتدت عينا شادية لشد ربطة عنق والدها ببعض الحزم لتقول بنبرة جادة
- طبعا مسؤولة منك، لازم اعرف معتصم باشا بيعمل ايه، اوعي تكون بصيت كدا او كدا بقولك اهو.

تجهمت ملامح الآخر للوجوم، النيران مندلعة في جوفه وزادت اشتعالا لتصرفات تلك الفاتنة لوالدها، هذا آخر ما ينقصه، تتمايل بخصرها ليتمايل معها قلوب آخرون
انفرجت عن شفتيه ابتسامة لعوب جعل شادية تنظر بعبوس إلى والدها وهو يقول بغموض
- المنظر حلو برضو
القت نظرة يمينا ويسارا حريصة كل الحرص على عدم النظر خلفها، صاحب السهام الغادرة لتقول بابتسامة مرتعشة
- معتصم باشا، هنرجع نلعب تاني
زفر معتصم وحنين غمره ليقول.

- لا تاني ولا تالت، حرمت خلاص بعد ثريا مفيش ست تقدر تملا عيني
غامت عينا شادية، لترفع شادية عيناها تسأل والدها بيأس
- تفتكر هلاقى واحد زيك يا بابا
رفع معتصم عيناه نحو ذلك الغيور، يغار منه ذلك الغبي! ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه ليرد بغرور
- مفيش من معتصم السويسري غير شخص واحد بس
انفجرت ضاحكة وهي تميل بعنقها للخلف لتعود تقبل وجنته هامسة
- بحب غرورك يا بابا.

حمحمة خشنة من قربها جعلتها تعلم أنها ليست من صاحب السهام النارية، مازال يرشقها بسهام طاعنة وهي بالكاد تقف على قدميها
صدر صوت خشن لم تسمع شادية طويلا
- انا ماليش رقصة طيب
دارت شادية برأسها لتتسع عيناها بجحوظ ثم شهقة صادمة قبل ان تهمس وهي تلقي بذراعها بين ذراعي الرجل
- م، ماهر.

ضمها شقيقها باشتياق وحنين شديد لصغيرته ثم مال بشفتيه طابعا قبلة على مقدمة رأسها وصغيرته تدفن وجهها في عنق شقيقها الذي اتي من غربته لتهمس
- وحشتني اوي يا حبيبي
عينان مظلمتان كليل لم تزوره النجوم، فتحتي أنفه تنقبض وتنبسط ورؤية جسدها اللين الطري مغمور داخل جسد رجل غريب عنه وقريب، قريب لدرجة الأب راضي
هل هو حبيبها؟!

اندلعت النيران وبركانه الثائر يلقي حممه البركانية، قبض يده بقوة وذراعها المحيطة لعنق ذلك الرجل جعلته على وشك قتلها، تلك، تلك الوقحة، الكاذبة، المغوية تفعل به كل هذا
زمجر بغضب وهو يحاول ان يلجم شياطينه الماجنة قبل ان يقوم بشد جسدها واشباع جسدها تقبيلا وضربا، انفجر يسب بسخط
- اللعنة، اللعنة، اللعنة
ابتسمت جيهان بمكر شديد وهي تري سرمد يختفي من بين الجموع لتزفر براحة.

الإيطالي غيور لدرجة مثيرة، كان الله في عونك يا شقيقتي عليه
ضاقت عينا جيهان بتسلية وهي تري شادية تهاتف احدهم وتتوجه بقدميها نحو وجهه سرمد
يبدو أن العقاب بدأ بسرعة!

كليث هائج، يزأر في قفص حبيس لحدود حريته ونطاقه
الغدر يستوطن كل شبر في خلايا عقله
لقد خدعته، القطة التي يعتني بها في بيته تتسم بطابع الغدر
تركته
ورحلت
برسالة رومانسية باهتة تعبر عن حالتها لا تحاول حتى البحث عني، وكأنك ستفعل نضال؟!
تستخف به بقوته ونفوذه
تستخف بما هو قادر على فعله
صرخ بكل حدة والعروق بزغت في نحره
- فرااااح.

خرج من غرفة النوم وواصل صوت جهيره المرتفع الذي ارعب الخادمة التي تعتني بشمس، تابع صراخه وفكرة تلك الهرة تغادر بيت آمن لا يستوعبها حتى الآن
- فرااااح
تصاعد رنين هاتفه لينظر إلى بهائم الذي يدفع لهم مبالغ طائلة، رد وهو يصرخ في وجوههم
- انتو يا شوية بهايم، قسما بربي ما هرحم حد فيكم
هو رجل الوعيد كلمة سيف في حقه
يأمر فيطاع
صوت بكاء الصغيرة زاد من إتلاف اعصابه المتلفة ليهدر في وجهها بانزعاج
- اسكتي.

اتسعت عينا شمس الصغيرة قبل ان تنظر اليه بعتاب بعينيها الشبية بخاصته، ثم انفجرت تلك المرة بكاء حار عكس السابق
زفر نضال بحدة وهو يتوجه نحوها يحملها برقة يقبل رأسها، يهدهدها قائلا بخشونة
- اسف
الصغيرة الماكرة لم يعجبها اسفه العديم الذوق، بل تابعت الصراخ عابسة الوجه، منعقدة الحاجبين، مزمومة الشفتين ليرق قلبه ويلعن غبائه وهو يهمس
- اسف يا شمس حقك عليا، بابا غبي نصيبك بقى.

اتسعت عيناها ببراءة شديدة وهي تكرر الكلمة الجديدة
- غبي، غبي
اتسعت عينا نضال بشرر لتشهق شمس واضعة يدها على ثغرها وهي تسمع إلى نبرة والدها الخشنة
- بنت اتعدلي مع ابوكي
زمت شفتيها الصغيرة ثم غمغمت بعبوس
- بابا، مشت
اسودت عيناه قتامة لتتسع عينا الصغيرة بانبهار وهي ترى تغير لون عينه من مزاج لآخر، استمعت إليه بإنصات شديد وهو يقول بحدة
- عارفة لو اختفت هعمل فيها ايه
حتى تلك اللحظة لا يتخيل انها تركته.

هو نضال الغانم بكل كبريائه الذي لا يسمح لأحد المساس به
تأتي صاحبة القامة القصيرة وعينها الشبية بعينين الغزالتين تطعن كرمه
زمجر بحدة وهو يتخيل حينما تصبح تحت قبضة يده
- هكسرها، هتندم على اليوم ده
تعالي رنين جرس الباب الخاص به، يقسم ان كانت هي وتختبره في خدعة لن يرحمها
فتح الباب لتتسع عيناه وهو ينظر إلى زائر توقعه نسي عنوان بيته
انفرجت عن شفتيه ابتسامة ساخرة وهو يقول
- مارية.

وقفت مارية وهي تصفف خصلات شعرها الشقراء باناملها لتلقي نظرة نحو صغيرتها التي قررت أن تتركها لولدها لفترة من الوقت قبل أن تأخذها منه مرة أخرى، ارتسمت ابتسامة باردة على شفتيه وقالت بجمود
- اعتقد سبت شمس مدة كفاية معاك
رفع حاجبه لثانية قبل أن تنفلت من شفتيه ضحكة صاخبة
الجميع يتسرب من حياته واحد تلو الاخر
كأن نصيبه أن يعيش وحيدا ويموت وحيدا!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة