قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثلاثون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثلاثون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثلاثون

كان طيرا مهاجرا بعيدا عن موطنه
بحث عن الدفء وناشده ليقابله برودة وجفاء
برودة تسللت بخبث إلى مسامات جسده
إلا أن انتفاضة حدثت في جسده جعله يشد رحاله ويعود الطير المهاجر إلى أهله
رغم أنه أغرم على أن يترك بلده اكراها، ولم يكن بيده حيلة
لكن ما جذبه هي أواصر عائلته التي تشتاقه.

الدموع تهبط من عيني عايشة وهي تمرر يدها بحنان على خصلات ابنها البكري، لا تصدق انه كبر دون أن يكون أمام عينيها، نبضات قلبها تئن بوجع على فراقه الذي اسلخ روحها عن جسدها، البيت كان كئيبا من عدم وجوده
لكن بعودته
اتي الاشراق ليتسلل شعاع الشمس بخبث إلى ارجاء البيت
البسمة وصلت لقلبها سريعا قبل أن تصل إلى شفتيها..
حمدت ربها أن حبيبها وصل سالما غانما دون أي أثر اصابة.

زفرت بيسان حانقة وهي تحمل طبقا آخر من المحشي وتتجه به نحو طاولة الطعام، تلك ثالث مرة تعبأ الطبق وذلك الشره لم يشبع، كتمت غيظها وهي تحاول ألا تنغص فرحة خالتها التي لم تكف عن الابتسام قط، وضعت الطبق ببعض الحدة ليقول غسان وهو يربت على معدته قائلا
- ياأمي بكفي معدتي رح تنفجر من الاكل
قالت عايشة بأمومة وهي ترى نحول وجهه لتقول بشفقة
- ياروحي ياعمري انت لك شوف كيف صاير ع نصك ووشك متل الليمونة.

كاد أن ينفجر غسان ضاحكا وهو ينظر الى يديه العضلتين وهو المحافظ على ذهاب إلى الصالة الرياضية ليكتسب جسدا رياضيا، نظر إلى نزار الذي قال ممازحا بحدة
- لك ماخلا شي مااكله خلص الاكل كله
اغتاظت عايشة من نزار لتقول بتوبيخ
- لك أخرس ولك نزار حاج تنأكل على اخوك
تراقص حاجبي غسان بشقاوة ليقول نزار بغيظ شديد
- خلص ماشي ماشي سكتنا، مين شاف حبابه نسي صحابه
امسك غسان كف والدته وقبلها ليقول بنبرة مشتاقة.

- والله ياقلبي ياروحي الاكل يلي طعميتيني ياه بيحشي قبيلة مابتعرفي قدي اشتقت للأكل من تحت دياتك الحلوين يا حلوة انت
طرفت دموع عايشة لتميل مقبلة وجهه تشم رائحة طفلها باشتياق شديد هامسة
- لك لهلا ماني مصدئة انك قدامي اخيرا شفتك قبل مااموت
لف ذراعه حول جسد عايشة ليرفع برأسه مقبلا جبهتها قائلا بلهفة.

- بعيد الشر عنك ياروحي انت ماتحكي هيك امانة عليكي ياقلبي انت، انت مابتعرفي كيف ايامي كانت ماالها طعمة لانو بعيد عنك ياحبيبة ألبي
مسحت عايشة الدموع بأناملها لتقول بهدوء محاولة التخلي عن نوبة البكاء التي تنتابها
-شو اسكبلك كمان حبيبي، لساتك جوعان
زفر نزار ساخطا وقال
- يا عيوش ياروحي لك اكل اكل متل الفيلة مانك شايفتيه خلص على الاكل كله لحاله
تراقص حاجبي غسان ليقول بطفولي.

- لك احمده لربك انو ماطلبت خاروف محشي واكلت بس المحاشي من تحت دياتا لحبيبة الألب والروح
رفعت عايشة عينيها لتنظر نحو بيسان التي أهلكتها حرفيا في عمل المنزل ثم المطبخ لتقول بشفقة
- حبيبة قلبي بيسان تعبتك معي اليوم
مسحت بيسان بكف قميصها العرق المتصفد على جبينها لتقول بنبرة لاهثة
- ولا تعب ولا حاجه يا خالتي، تعبك راحة.

رفع غسان عينيه نحو المدعوة ببيسان، ملامحها انثوية تضع ايشارب حول رأسها مخفية خصلات شعرها ثم عباءة زيتونية ليقول بنبرة جامدة وهو يمد كوب الماء
- روحي يا شاطرة جبيبيلي كاسة مي وليمون منشان اليبرق
اتسعت عينا نزار لثواني وهم بالرد عليه الا انه وجد بيسان تقول بنبرة خطرة
- هي مين دي اللي شاطرة
قلب غسان نظراته بملل حول الجميع ليقول
- يعني مين في غيرك هون يلا روحي جيبيلي بسرعة يلي قلتلك ياه
صاحت عايشة بتوبيخ.

- غسان
لم تقدر بيسان على ضبط أعصابها التي فلتت بقدوم ذلك المتصابي لتتقدم نحو طاولة الطعام، ضربت على الطاولة بكف يدها لتقول بحدة صارخة في وجهه
- هو انا سمعت صح ولا غلط، انت بتامرني انا اجيبلك مايه ولمون ليه مكسح مثلا، هو ايه سكتناله دخل بحماره
عقد غسان حاجبيه وهو لوهلة استصعب ما تقوله وهي تتحدث بسرعة ليوجه بنظراته نحو والدته التي تنظر اليه بغيظ
- امي شو عم تقول هي، اللهجة لساتني ماتعودت عليا.

حدجته بنظرات قاتلة، سهام زيتونية دباحتين من عينيها لتلتفت بيسان نحو خالتها قائلة
- خالتي انا ماشية، سلام
نظر غسان ببلاهة نحو نظرات أخيه ووالدته الغاضبتين ليرفع يديه قائلا ببلاهة
-لك شو يلي صار
ضربته عايشة على ذراعه لتقول بتوبيخ حازم
- لك يادب ليش عم تحكي هيك مع بنت خالتك
عقد غسان حاجبيه ليتابع مرددا ببلاهة
- خالة مين
استشاطت عايشة غضبا وضاق الأرض بها ذرعا لتقول بنبرة حانقة
- ولك غسان.

انفجر غسان وهو يقرر التخلي عن قناع عدم المعرفة، لف ذراعه حول عنق والدته ليمل مقبلا كلتا وجنتيها وهو يقول بنبرة شقية
- يا عيوشي انا شفت وحدة لابسة جلابية متل جلابيات ستي وحاطة اشارب عراسا ورايحة جاية عم تحط بالاكل شو يلي بدو يعرفني انها بنت خالتي يلا لشوف قليلي
ثم تجعدت ملامحه باشمئزاز قائلا بنبرة ذات مغزى نحو نزار
- ييي وانا يلي فكرت انو المصريات حلوووين هون
تحولت ملامح والدته للجدية قائلة.

- ولك كول من تم ساكت ما بدي اسمع حسك
باصبع السبابه مررهما على كلتا عينيه ليقول بنبرة مميزة
- عيوني وروحي انت ياست الكل، بس رح خلص الطنجرة وبعدين تعمليلي كاسة شاي اكرك عجم من تحت دياتك الحلوين
زفرت عايشة وهي تستدير نحو المطبخ لتجلب له حلة المحشي، لتسترخي ملامح غسان وهو يعود يتناول الطعام بشراهة، تأفف نزار من طريقة تناوله للطعام ليقول بنبرة جادة
- طمني اجيت تستقر ولا بدك ترجع تسافر.

صمت غسان لعدة لحظات وهو ينظر إلى شقيقه يجيب على سؤاله بصمت لا تتحدث به الشفاه، اختنقت انفاس نزار وهو يسبه ليصيح غسان بشقاوة وهو يتناول حلة المحشي من والدته قائلا
- لو امي حبيبتي شافتلي عرووس حلوة وقمر وبنت عالم وناس اكيد مارح امشي، يلا ياعمري انت معك اسبوعين بتشوفيلي عرووس قمر 14متلك ياقمري انت او باخدك خطيفة وبهرب فيكي وبنترك الاخ العشقان مع مرته.

عادت عايشة تتشبث في ابنها وهو تتشبع برائحه ابنها، ليشاكسها غسان حينما شعر بدمعة عينه التي قاربت للانزلاق، ترك الحلة في الطاولة ليلف بكلتا ذراعيه حاملا والدته التي صرخت بدهشة مما جعل يهز رأسه يائسا من تصرفات شقيقه المشاغبة.

خطي لؤي بقدميه نحو غرفة نومها، ارتسمت على شفتيه ابتسامة ساخرة وهو يراها تغط في نوم عميق ليس كأمرأة تعرضت للخطف للتو، لم يصدق انها غبية لتلك الدرجة لتكشف نفسها، تذهب لبيت ابنة شقيقتها وتظنه غافل أنه وضع عيون في ذلك الحي الراقي..

تنهد لؤي زافرا بضجر، يشعر بنغزات في ضميره بسبب ما فعله لشادية، لكنه لم يضحك عليها، هو كان أرمل حتى ظهرت للحياة تلك الشيطانة، كان سيخبرها في يوم ما، لكنها تلك، ضم قبضة يديه كي لا يقوم بخنقها ويريح البشرية منها
لكن قلبه
واللعنة على قلبه الذي يجعله مسلما مقاليده لها
كيف وشم قلبه بحب يقتات من روحه، و يقتله ببطء
يكاد يختل توازنه متراقصا على خيط رفيع جدا.

جلس بانهيار على المقعد ليرخي ربطة عنقه وهو يحاول بأقل الخسائر الارواح على سطح سفينته...
تسبح بين سحب ذكريات ناعمة عن طفولتها، تتذكر والدها، عضدها وسندها وهو دائما الالتصاق به، تستقبله عند الباب تأخذ من الحلوى التي تطلبها منه، ثم إصراره على الحديث معها بالعربية وحينما ترفض يعلن خصام بينهما، ورغم حيلها الطفولية لتكتسب صفه تتقهقر معلنة الانسحاب لتكلمه بالعربية، ثم اختفي الدفء برحيله، رغم تشبثها به.

اخبرها انه سيعود، سيعود ولن يتركها هي أو عائلتها، ثم انتقلت سحابتها إلى حدث وزمان اخر
حينما أصبحت انثي يافعة، محملة بالحقد والكره الدفين لمن تسبب في بعدها عن عائلتها حتى جاء أمير رجولي
خشن الملامح، ذو قلب متسع للجميع، تعلقت به ولا تعلم لما رأت به شبهها لوالدها.

تتدلل عليه ولم تفعلها سابقا ان دخلت في علاقة مع رجل، ليتطور بعدها لزواج ذاقت بها سعادة، تكسرت احلامها حينما استيقظت في الليل ووجدته ليس نائما على الفراش
ليقف شبح الخيانة يلوح لها بسخرية وهي تستمع إلى صوت أجش يخبره إن لم يتخلص منها سيقتلها، عيناها اتسعت بجحوظ وهي تري من اعتبرته حبيبها يوافق على طلبه وطلب منه عدة أيام..

توقعت انها تحلم، بل كانت في كابوس مخيف، حاولت افاقة نفسها لتستيقظ من ذلك الكابوس المزعج لكن الحلم كان حقيقة بشعة حينما اختل توازنها لتشهق مفزوعة حينما رأته ينهي المكالمة لينظر اليها بنظرات عابسة، وحينما هربت طالبها بالبقاء، صرخت وهشمت وحطمت الكثير من مقتنيات البيت، طالبته بالمغادرة او تغادر هي.

ولكنها لم تكن في عقلها، وجهت له سكين حاد تأمره بالمغادرة ليوافق على مضض وهو يخبرها أن ما سمعته ليس حقيقي، كيف ستصدق شيئا وسمعت بأذنيها صوت أجش منزوع الرحمة يأمره بقتلها.
افترق جفنيها وهي ترفع رأسها تنظر إلى سقف البيت الغريب لتنتفض من مجلسها حينما تذكرت ان هناك رجالا اختطفوها، نزعت عنها الغطاء بحدة وهي تتجه إلى باب الغرفة المفتوح لتهم بالتحرك اليه الا انها استمعت صوت ساخر اتى من خلفها.

- مالك اتخضيتي كدا ليه، عاملة فيه سوبر وومن وانت في أضعف الكائنات بترعبك يا اسيا زي زمان
اشتعل فتيل الغضب لتدير بوجهها الفاتن بوحشية لقلبه، خصلات شعرها مشعثة وكذلك ثيابها نزل بعينيه نحو تنورتها التي حدث بها شق طولي، عبس بعينيه وهو يلعن رجاله، طالبهم بعدم استخدام عنف، حسابهم سيأتي بعد سماع كلماتها المقززة
- على الاقل انا مش بظهر بصورة وبشخصية غير شخصيتي، مش زي ناس جبانة.

مررت أناملها على خصلات شعرها تهذب من خصلات شعرها لتقول بتهكم
- الصراحة متوقعتش استقبال مشرف منك للدرجة دي
رفع لؤي عينيه يسألها بنبرة جامدة
- كنتي بتعملي ايه وقت فرح اختك هنا يا آسيا
لوت شفتيها المغويتين لتقول ببرود
- ملكش فيه
استقام من مجلسه وهي تراه وحشا كامنا يكاد ينقض عليها، بعضلات جسده الضخمة المستفزة تلك، اقترب منها ببطء شديد يحرق اعصابها ليقول بنبرة خشنة
- جاوبيني.

رفعت عيناها الزرقاوين وهما تلمعان بخبث شديد لتهمس
- تفتكر كنت بعمل ايه هنا، اكيد عشان برعبك اصل انا كابوسك يا لؤي
لوي لؤي شفتيه ساخرا وعينيه تتابعان النظر إلى آسيا
كيف تغيرت الى تلك الدرجة
لدرجة أصبحت انه لا يعلمها
ابتلع غصة في حلقه ليقول
- مفيش فايدة من انك تتغيري
شرست عينيها بحقد، لتقول بنبرة ساخرة
- الفضل يرجعلك يا لؤي، خلتني اكتشف ان مبقاش غبية واثق في حد يقدر يأذيني
هدر في وجهها ساخطا.

- انت ليه مصرة تحطي نفسك انك الضحية هنا
انفجرت ضاحكة، يلعب معها لعبة الضحية وهي الجانية، تمتمت بقسوة
- احط نفسي مكان الضحية!، مين اللي ظهر في حياة التاني يا لؤي، انا لا كنت بفكر فيك ولا في عيلتك ولا كنت حاطة أولية اني ادمركم انا كنت بكرهكم وهفضل كرهاكم لحد لما اموت، انت اللي ظهرت وطلعت الملاك ابو جناحين اللي مفيش منه اتنين، جاي دلوقتي تحاسبني على رد فعلي
نطق اسمها بحدة
- آسيا.

تقدمت منه وهي تدفعه بكلتا يديه لتغيم عينيها بحزن قائلة
- انت ظهرت ليه في حياتي، بجد ظهرت ليه، واستفدت ايه لما ظهرت، كانت برضو من ضمن خطة جدك العظيم انه مكتفاش يكسر قلبي مرة لا يكسره مرتين ويحول حياتي جحيم
لف كلتا ذراعيها حول ظهرها وهو ينطق اسمها بجدية
- آسيا
قاطعته تغمغم باشمئزاز
- مفيش داعي للكلام أصل كل ما افتكر الماضي بتقرف
ابتسم، في أشد لحظات يرغب في قتلها ابتسم ليغمغم بنبرة خاصة.

- لسانك لسه طويل يا آسيا
رفعت عينيها نحو عيني لؤي لتلصق جسدها الانثوي تهيمن على قوة جسده، لفحت انفاسا حارة لتقول بنبرة مغوية
- وتفتكر مثلا اني محتجاك عشان تقصهولي
زاغت عينيه للحظات وهو ينظر إلى عينيها الجائعتين له ثم إلى ثغرها الشهي لتنساب من شفتيها كلمات لاذعة
- يا تري بقي ايه سبب تشريفك العظيم انك تخطفني وتقطعلي الجيبة.

غامت آسيا بعاطفة لتشعر انه خفف من قبضته لتلف كلتا يديها حول عنقه وهي تقول بنبرة ماكرة
- مش عايزة اقولك انهم ازاي بيبصولي، نفس النظرات اللي كانت بتلاحقني فاكرها
اهتاجت ملامح وجهه ليقول بنبرة صارمة
- آسيا
في اعماقها مسرور، ما زال هركليز خاصتها يغار حينما تلاحقها نظرات الرجال، لتميل بشفتيها مقبلة طرف شفتيه لتقول
- لسه بتغير يا لؤي، بس قولي ايه الجيم اللي روحته عشان تطلعك عضلات بالشكل ده.

مررت يدها على عضلات صدره لتنقبض ملامح وجهه وهو يمسك ذقنها بقوة غاشمة
- اسياااا
رفرفت بأهدابها وهي تنظر بنظرة طاعة لتقول
- نعم
ضغط على طرف شفتيه وهو يحاول على اخماد الشعلة التي أشعلتها ليغمغم بنبرة ساخطة
- انا شوية وهقوم اقتلك
انفجرت تضحك برقة وهي تزيل كفه عن ذقنها لتقول بنبرة واثقة
- مش هتقدر وانا وانت عارفين السبب
زفرت وهي تقول بنبرة جامدة.

- انت للاسف مش هتتجرأ تقتلني اما انا هعملها بدون ما عيني ترمش لحظتها
تجيد التصويب دائما في نقطة ضعفه، مرارة كالعلقم أجبر ان يبتلعها ليقول
- حقدك ملي قلبك
صاحت تقول بنبرة شرسة
- البركة فيك انك مليته، تعرف الحسنة الوحيدة من عيلتك القذرة دي ايه اني بتكلم بلغتكم
جذب ذراعها بعنف جعلها تتأوه متوجعه لتتلاقى عينيها الشرستين بعيني سوداء كالبهيم، أخرج زمجرة في صوته
- اوعك، اوعك في يوم تمسي عيلتي بكلمة.

لم تصمت وتتجنب قرب النار من الزيت، قالت ساخرة
- واضح اووي تربية غالب وجميلة فيك يا لؤي، لا محتاج صقفة عشان التربية العظيمة دي
- عارفة لو بأيدي احرقك هحرقك يا آسيا
طالعته بجنون وهي تقول بنبرة ساخرة
- زي ما كنت عايز تقتلني يا لؤي، مش دي كانت خطة جدك تقرب منها وتتجوزها وهوب تلهف الفلوس
اتسعت عيناه من تفكيرها الساذج، ليطرق باصبع السبابة على رأسها قائلا بحدة.

- لو كنت عايز فلوسك صدقيني مكنتش قربت منك ولا دورت عليكي ولا حتى كتبتلك حقك وحق اختك ونصيبكم في المؤسسة بأسمك
قلبت عينيها بملل قائلة
- تفتكر شوية ملاليم بتعطف عليا انت وجدك، هتخليني اخدكم بالاحضان، لا الفلوس مش عايزاها يا لؤي شكرا وقولتهالك قبل ما اختفي، اقصد ما انتحر
- شيطانة
صاح بها حانقا لتبتسم آسيا ببرود قائلة
- تلميذتك يا لؤي باشا
طرق مرة أخرى بسبابته على رأسها ليقول متنهدا.

- فاكرة نفسك ذكية يا آسيا، صدقيني وحش اووي لنفسك ولغرورك
نظرت اليه وهي تضيق عينيها لتقول ببرود
- وقررت تحبسني بقي علشان خايف عليا من جدك ولا عشان خفت افسخ علاقة ابن عمك مع جارته زي ما عملت مع خطيبتك المسكينة
لا يستخف أبدا بقدراتها على معرفة أدق المعلومات عن عائلته، ليتمتم ببرود
- شيطانة.

ابتعد عنها وهو يتوجه نحو الباب، يرمقها بنظرات محذرة قبل أن يغلق الباب موصدا اياه جعل اسيا تنفجر ضاحكة، الغبي يظن مجرد باب مغلق يمنعها أن تعلم ما يدور في عقر داره!

بعد مرور عدة أيام،
ايام وهي تتعامل مع سرمد بحذر وروية شديدة، رغم انه يكاد يدفعها للجنون الا أنها سرعان ما تتمسك بصبر غريب تصبر نفسها بانها عدة أيام ويغادر، الرجل وقح وقح للغاية حقا، بحياتها لم تري شخصا مثله حتى معاذ وعاصي اللذان تقربا منها لم يكونا على تلك الدرجة من الوقاحة...

تقضي معه ساعة فقط يناقشان العمل في احدي المطاعم ثم هي تعود للمنزل أو للمؤسستها وهو للفندق كي تتجنب الاحتكاك به في السيارة، واليوم هو يوم حريتها.

ستلتقط انفاسها لانه اليوم هو اليوم الأخير، لكن المفاجأة أنها لم تسر بذلك اليوم، بل وجدته عادي، قليلا من الاحباط، شهقت لنفسها وهي تضرب على جبهتها ماذا تريد هي؟! ما الذي يثير استيائها لتلك الدرجة؟! ألا انه سيرحل ويتودد إلى امرأة اخري ويشاكسها، مررت أناملها على موضع نبضها تستشعر لمساته لتجري رعدة خفيفة في جسدها جعلتها تفتح عيناها بفزع وتلوم نفسها لما تفكر به؟!

الن تتوقف عن ذلك الضعف المقيت بها؟ ألن تتوقف عن التأثر بأي رجل في حياتها، لا تريد الاستسلام وخصوصا امامه، لانه سيستغل جيدا لتحطيم ما تبقى منها!
غلفت وجهها بقناع الجمود وهي تسحب نفسا عميقا وتزفره على مهل لتتحدث عبر السماعة قائلة وهي تضع يديها على بوابة القاعة
- تيست الإضاءة.

الظلمة احاطت من حولها حينما فتحت القاعة، ليظهر ضوء ابيض مسلط عليها وهي تسير بكل شموخ كما لو انها ملكة في حفل تتويجها، الالحان تنساب برقة ونعومة شديدة لتغلف القاعة الساكنة، عيناها تدققان نحو الثرايا الكريستالية الفخمة لتعود تتابع طريقها وهي تصعد درجات السلم التي ستسير عليه العروس بعد ساعات، عيناها تتخيل العروس بصحبة الاب ثم يتسلم العريس عروسته و يصعدان درجات السلم حتى يصبحا على منطقة مرتفعة من الجميع، عيناها تنظران نحو شاشة العرض الضخمة لملامح وجهها والكاميرا الطائرة الدرون تسمع صوتها يزن في اذنيها ثم إلى كاميرا حاملة اخري اعلي درجات السلم، توقفت قدميها عن الحركة لتدير بجسدها وهي تري القاعة انيرت ب إضاءات خافتة اضيفت رهبة وعظمة للقاعة، ابتسمت بنعومة شديدة لتتجمد الابتسامة من شفتيها وهي تتحدث عبر السماعة بجدية.

- الاضاءة متتأخرش ثانية يا حسين وقت ما العروسة تتحرك جوا القاعة
عيناها حدقت نحو مفترق السلم من الجهتين، من المفترض وجود راقصات الباليه في صعودها، عبست ملامحها لتعيد تقول بجدية شديدة
- فين بنات الباليه
اجابتها تلك المرة نجوى قائلة وهي تقترب منها قائلة
- هيجوا بعد ربع ساعة يا شادية.

رفعت عينيها نحو السقف المرتفع وتلك الثريا الضخمة الكريستالية وكاميرا الدرون ثابتة على موقعها للحظات قبل أن تتحرك نحو باقي القاعة بأريحية، أنهت هي عملها وتبقى عمل المصور العظيم الذي رغب بخلوة القاعة لساعتين قبل الزفاف، التفتت إلى نجوي تسألها بنبرة جادة
- والأكل؟
هزت نجوي رأسها وهي تقول بهدوء
- كله جاهز الشيف نزار مع الطباخين
زفرت متنهدة براحة لتمسد عنقها وهي تزفر بتعب
- والتصوير؟

جاءها صمت مخيف للحظات، لتعقد شادية حاجبيها وهي تتحدث في سماعة قائلة بلهجة صارمة
- التصوير!
جاءها رد أحد الشباب عبر السماعة يخبرها انه راه خارج الفندق مع شخص، اتسعت عيناها جنونا، هل يمزح معها؟! من المفترض ان تصعد للعروس وهو يتسامر مع أحدهم، اهتزت حدقتي نجوي وهي تكاد تسب ذلك الشاب وعلى ما تفوه لتنزع سماعتها وهي تهم بالرد عليها الا أن شادية هبطت من درجات السلم بسرعة رغم كعب حذائها السميك لتدمدم ساخطة.

- بيهرج صح، جيه على يوم الفرح بيلعب الباشا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة