قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثاني والثلاثون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثاني والثلاثون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثاني والثلاثون

في الملجأ،
- يلا هنلف حوالين الملعب عشر لفات وهنعمل عشرين ضغط وبعدين هنرجع نلعب في الملعب
صاح بها عاصي بصرامة شديدة وحزم أمام الأولاد، صدر اعتراض من الجميع الا انه حدج مجموعة منهم بنظرة مميتة جعلتهم ينكمشون، تقدم فتى شجاع يقول باعتراض
- يا كابتن
ثبت عاصي نظراته على الفتى البالغ من العمر عشر سنوات ليرتسم ابتسامة مخيفة على شفتيه ليقول
- بدون نقاش، اللي معترض يطلع برا وميجيش هنا تاني.

رأي تردد بعض الصبيان إلا أنه يعلم لن يترددوا وسيقومون بالتمارين المميتة، هو وعد من سيكون الأفضل بينهم بعد سلسلة اختبارات سيحظي بلعبة البلاي ستيشن ولكي يصدقوا جعل العلبة أمام مراي عيونهم، عقد ذراعيه المفتولتين ليقول بجمود
- يلا بدون كلمة.

تقدمهم وهو يجري حول الملعب وتتبعه عدد من الصبيان حتى أصبح الجميع يتبعونه بل يحاولون مسابقته، ابتسم بمكر شديد وهو يرى طفل مثابر بين الجميع، مرر أنامله على خصلات شعره القصيرة وهو يطلق صفير ليشد همة المتأخرين عن الجميع، رفع كم قميصه يمسح العرق المتصفد على جبهته، توقف عن الركض وهو يتابع بعينيه الاطفال والحرارة التي تشتعل في جسده بردت جينما مرت نسيم بارد عبر مسامات جسده..

ارتفعت عينيه ليراها، ارتسمت ابتسامة على شفتيه وهو يمسك بانامله طرف تيشرته القطني يحاول تمرير الهواء في جسده مداريا تأثيرها الطاغي على قلبه، ابتسامتها يقسم انها عدوي اصابته شخصيا وهو يراها تأتي بتلك الثياب التي تستفز شياطينه، بنطال اسود ضيق يفصل ساقيها وفوقه تيشرت قطني وردي أهلك أعصابه، طالب من الله الصبر وهو يشيح بعينيه لينظر نحو الاطفال...

ابتسمت وجد بنعومة وراحة تتسلل اليها كلما تأتي هنا كل صباح، تعترف انه يشغل حيزا فارغا في حياتها المملة، حيت روفيدا التي تنظر نحو الأطفال الراكضين حول الملعب
- صباح الخير
مالت بعينيها نحو وجد لترسم ابتسامة قلقة وهي تخشى الأطفال أن يصيبهم ضربة شمس لتقول بارتجاف
- صباح الخير وجد
ثم أعادت النظر إليها لتجدها جاءت بمضربها، اتسعت ابتسامتها وقالت
- واضح انك جاهزة.

هزت وجد رأسها، لا تنكر انها تبرعت بمالها لتجهيز الملعب الذي أشرف عليه عاصي، وعلى ذكره اسمه ارتفعت عيناها بخجل لتنظر اليه وهو يقف بكل شموخ وكبرياء يليق به على ارض الملعب
ولقاء الأعين تجدد، لتتجدد الوعود منه إليها
ارتبكت عينيها وهي تقرأ رسائل خفية تزداد وضوحا يوما عن الآخر، اسدلت اهدابها حياء لتنظر نحو عيني روفيدا التي لم تغفل عن حديث الاعين الذي دار لتهمس وجد برقة.

- الصراحة الملعب اتجهز في وقت خيالي، بس طبعا لسه فيه شوية حاجات محتاجين نضبطها بس واحنا شغالين
استرعى انتباه روفيدا حينما استمعت الى طفل يكاد يتوسله حرفيا وهو يحتضن الأرض بعد أن قام بعمل 5 ضغط
- يا دكتور
صاح عاصي بخشونة وهو يربت على ذراع الطفل
- استرجل يا ولد، عايز البنات تقول عليك ايه.

عبس ملامح الطفل وهو يرى مجموعة من الفتيات تضحكن بصوت مرتفع وتشير واحدة منه عليه لتنفجر ضاحكة بعبارات خمنها أنها تقلل منه، التمع الإصرار في عينيه ليتابع الا انه بعد ثواني احتضن الأرض مرة ثانية وقال باستسلام
- مش قادر
هز عاصي رأسه يائسا ليلتفتت نحو الطفل الذي بجواره وهو يتابع العد وحينما أنهى عشرة صفق بيديه وقال بخشونة
- عاش يا وحش يلا فاضل عشرة.

تابع بعينيه نحو ذلك الطفل المثبت عينيه على الجائزة ليتابع بعزيمة من حديد وارتسمت ابتسامة على شفتي عاصي الذي توقع انه في قائمة الصدارة، غمغم باعجاب ولم يخلو أن يجعل صوته اجشا
- عاش يا وحش
وعند العشرون ارتمي الصبي محتضنا الارض كما الطفل الذي بجواره، تمتم الطفل
- اشهد ان لا اله الا الله.

علا صوت روفيدا المرتفع لتأمر الاطفال بالتوجه داخل المبني، ووقفت وجد لثواني تشعر بالحرج لتلقي سلاما، همت بالمغادرة والتوجه نحو ملعبها مع الفتيات اللاتي اختبرت لياقتهن البدنية الا ان صوتا جاء اجشا حارا
- صباح الخير
التفتت اليه بوجنين نضرتين تنظر إلى عينيه بخجل قائلة
- صباح الخير يا دكتور
تكاد تضرب نفسها بأقرب حائط، ليس اول رجل تتحدث معه.

لكنه أول رجل يهتم بها، يلعب على خيوط معقدة تخشي أن يضل هو وتضل هي الأخرى معه
عبس عاصي ليقول بخشونة كما لو أمامه طفل مشاغب
- انا دلوقتي كابتن عاصي
دغدغدت خشونته انوثتها المتعطشة، لتتسع عيناها وهي ترى أنها تسير في منحنى خطر ووقح لتقول بتعجل
- طيب انا مش هعطلكم هروح اجهز واكمل باقي التدريبات مع البنات.

هز رأسه ولم يرغب في مقاطعتها عن العمل ليتوجه هو الآخر نحو الباب الداخلي من الحديقة إلا أنه انتبه على صوت روفيدا المتهكم
- ملعب يجهز خلال ايام يا عاصي
عقدت ذراعيها على صدرها وهي تقول بنبرة ذات مغزى
- وتيجي خصوصا هي تدربهم، بتفكر في ايه يا دكتور
ارتسمت ابتسامة على شفتيه وهو يمرر أنامله على خصلات شعره القصيرة ليقول بنبرة ماكرة
- تفتكري مخبي ايه يا مدام روفيدا.

ارتسمت ابتسامة ناعمة على ثغر روفيدا التي قالت باهتمام
- انت عارف الحاجة الوحيدة اللي بتمناها انك تكون سعيد
لن تنسي أنه وقف بجوارها في أشد محنتها، وهي الان تقف بجواره لتساعده على التقرب من المرأة المهتم بشأنها، انتبهت على سؤاله العابس
- عاملة ايه غدا النهاردة
ضيق عاصي حاجبيه وهو يرى تلك النظرة الشقية المراقصة في حدقتيها لتقول
- مش هتصدق
استرسلت قائلة بنبرة شامتة.

- سلطة سيزر وشوربة خضار لان فيه اطفال عندهم برد
تجهمت ملامحه ليقول بنبرة حادة
- فين اللحمة يا مدام روفيدا ايه أكل العيانين ده
رفعت ذقنها وهي تبتعد عنه متوجهه إلى مكتبها قائلة
- لازم ياكلو خضار يا عاصي.

زفر عاصي ساخطا، الا يكفي جدته التي هي الأخرى توقفت عن طبخ طعام دسم بعد منعه من حلوى العسلية، ارهفت أذناه السمع حينما استمع إلى صفير معجبا يخرج من شفتي احدهم، عبس متذكرا ان هناك عمال يعملون في ذلك الوقت، تسائل بتعجب وهو يتوجه نحو الملعب ينظر ما سر تلك الصفارات العالية
- ايه اللي بيحصل ده
تجمد وجهه ليسقط نظره إلى ما رآه
تلك وقاحة، بل خلاعة وقلة أدب تربية لن يسمح بها.

اندلعت مراجل غضبه وهو يستمع الى تعليقات وقحة من بعض العمال ليعود بنظره إلى تنورة
هذا إن كانت تنورة بالأساس، هو مجرد قماش بالكاد يستر
جحظت عيناه وهو يرى انحسار التنورة ليقول بدهشة
- يانهارك مش فايت
اندفع كثور والغضب اعمى بصيرته نحو الملعب ليصيح بنبرة هادرة
- واااجد
شهقت وجد مرتعبة تحت صوته الهادر ليرتجف جسدها من رأسها حتى أخمص قدميها من نظراته النارية، لتقول بتوجس
- نعم
صاح بأمر وهو يعقد ذراعيه على صدره.

- تعاااالي فوراااا
نظرت نحو الفتيات المنكمشتين حول انفسهن خشية أن يبطشهن ذلك المارد الغاضب، بلعت غصة في حلقها وهي تتقدم منه خشية لتقول
- بس انا
صاح بنبرة امرة غير قابلة للنقاش
- فورااا
نظرت الى الفتيات بتوسل عل أحدهم يبقيها بجوارهن، قالت بيأس
- طب يا بنات استنوني دقيقتين واجي
لم تجد تشجيع منهن لتزفر وهي تتقدم نحوه بتنورتها لتقول بتوجس
- عاصي، دكتور، اااه.

صاحت بتألم حينما لف أنامله الغليظة على زندها، سحبها بخشونة غير عابئا من تأوهاتها الناعمة، لتزداد الشياطين المتراقصة في عينيه، وهو يستغفر ربه بصوت مرتفع، توجه نحو غرفة تبديل الملابس التي حرص على وجودها من أحد ليترك يديها وهو ينظر بتأسف ان آلمها رغما عنه، لكن لم يمنع ان يصيح بلهجة غاضبة
- ايه اللي انت اللي مش لبساه يا هانم ده.

هبطت عيناه نحو ساقيها الرشقيتين، المستفزتين للمس، رغم أنهما نحيفتين إلا أنه يراهما مهلكتين أمامه ككلها هي، تدفقت الحمرة من وجنتيها وهي ترى نظراته المشتعلة عليها، ولثواني شعرت أن ما ترتديه أمامه فاضح!
رفعت رأسها بكل اندفاع لتقول
- ايه اللي مش عجبك ده لبس التنس
اتسعت عينا عاصي لثواني وهو ينظر إلى ذراعيها المرمريتين العاريتين ثم إلى ساقيها، هل تذهب إلى النادي بذلك الشكل العاري؟!
صاح بثورة وغضب أهوج.

- انتي اتجننتي، فين بنطلونك يا انسه، اينعم مستفز بس مش لدرجة انه عريان
عضت وجد باطن خدها وهي تنظر نحو الباب المفتوح من خلفه، إلا أن جسده الضخم يشرف عليها بكل عنجهية وسطوة رجولية خشنة جعل جزء منها يستميل إلى ذلك الضعف الأنثوي، غمغمت بارتباك شديد
- عاصي، ممكن نتكلم بصوت عادي وافهم فين المشكلة
زمجر بخشونة شديدة وعينيه لا ترحمانها لثانية.

- فين المشكلة؟!، المشكلة ده، ِشيفاه ده مش ساتر حاجة وبالنسبة للي فوق فتحاها على البحري يا انسه، ليه حاسة بخنقة في الجو
ثم أصدر فرمان واجب التنفيذ
- اللبس ده ميتلبسش هنا
كيف يخبرها انه يجرب شئ يسمي الاحتراق ببطء، شعور مقيت للغاية وخانق لكنه هين كثيرا من عدم رؤية لوجهها صباح اليوم التالي، شهقت وجد لتتراجع عدة خطوات لتقول بنبرة حازمة
- عاصي
يا ويل نبرة عاصي منك يا أميرة الأميرات.

تخرج كنهل عذب من شفتيها ليشتهي ارتشافهمها، مرر يده على عنقه ليقول بيأس منها
- يا بنت الناس، انتي مش بنت
عقدت وجد حاجبيها بغباء مما يقوله ليسترسل قائلا
- اللبس زي ده مش هينفع مع مؤسسة
اغتاظت من نبرته الجافة لتقول بحنق
- اللبس كنت بروح بيه أولمبياد وكل المشتركات في النادي والمتسابقات بتلبسه، هو اللبس كده.

مرر يده على وجهه ساخطا من كيفية استمالة عقلها، وداخله يعلم أنه سيتعب معها كثيرا، عنيدة كطفلة لذيذة تشتهي إشباعها قبلات كثيرة، قال بنبرة يائسة
- انتي دلوقتي في بيئة عكس بيئة اللي كنتي فيها، صدقيني مش هتبقي مرتاحه وخصوصا فيه عمال كتير هنا عينهم مش هتنزل من عليكي، وانا خايف عليكي من نظرة يا وجد.

نطق آخر كلماته بحرارة وهو يقصد ما يعنيه، لو قدر لخبأها عن أعين الجميع، يقسم انه سيفعلها خشية أن تطيلها فقط نظرة تدنس من براءتها، عادت للعناد لتقول
- بس اللبس ده
قاطعها قائلا بنبرة حادة
- ارجعي البسي بنطلونك المستفز ده على الاقل ارحم من المفتوح على البحري.

زمت وجد شفتيها، وعقلها يحاول استيعاب ما يحدث، لم يعلق احدا قبلا على ثيابها، ابدا، لم يفعل حتى جدها، ولؤي، لم يعلق اطلاقا وحينما تساله كان يهتف ببرود انه يليق بها، رفعت عينيها بتيه تنظر إلى عينيه الخضراوين المشتعلتين لتهمس بتيه
- عاصي
زفر عاصي بحرارة وهو ينظر نحو تلك العينين البريئتين ليقول بلهجة عذبة
- عيونه
ابتأست ملامح وجهها كطفل صغير لتقول.

- مش هينفع البس بنطلون مش هحس بحرية الحركة، ولو كدا اعتقد هجيب حد بدالي
لا فائدة ترجى منها، أقر معترفا، قال بلهجة ممتعضة وهو ينظر اليها والى ثيابها الخليعة
- يا بنت الناس استهدي بالله، لبس زي ده ميطلعش بره اوضة النوم، بتتحركي بيه ازاي ده بس
همت بالرد والجدال إلا أن نبرة التوسل جعلها تصمت
- متلبسهوش تاني، من فضلك، صدقيني لو مكنتش مهتم مش هتكلم
هزت رأسها لتقول بامتعاض
- حاضر هحاول اتصرف.

تنهد زافرا بحرارة ليقول
- اخيرا يا ستي، ده انتي تعبتيني، تروحي فورا تلبسي اللي كنتي لابساه واشتغلي تدريب مع البنات
رغم أنها لم يعجبها نبرته الامرة إلا أنها قالت على مضض
- حاضر
ارتسمت ابتسامة هادئة على شفتي عاصي وهو يراقب وجد التي اشتعل وجنتيها حرجا لتستأذنه أن يخرج من الغرفة، ارتبك لثواني وهو يخرج من الغرفة لتغلق بعدها الباب وهو واقفا امام الباب المغلق بابتسامة بلهاء...

استندت وجد بظهرها على الباب لتضرب بكفها على جبهتها، ما الذي فعلته؟ كيف استسلمت لطلبه، ألم يكن يتوسل؟ لما لم تقدر أن تتشبث برأي أرعن وهي لثواني كادت تذوب من نظراته!
خفق قلبها باضطراب لتضع يدها على قلبها وهي تحاول مدارة وجهها من الاعتراف
انه يؤثر بطريقة مخيفة لقلبها الذي يخفق بعنفوان، بطريقة لم تحدث سابقا
وهذا مؤشر سئ للغاية، تخشى أن تتعلق به هو الآخر ويراها مجرد حالة! أو امرأة يشفق عليها!

في قاعة الزفاف،
توقفت شادية وهي تنظر من الطابق الثاني الى الأجواء الصاخبة في القاعة، تنهدت بحرارة وهي تحمد ربها ان العمل انتهى على خير، اطمأنت على وجود كل شئ على ما يرام، توجهت بخطواتها نحو الأسفل لتعود للمنزل..

وشعورها بالتحرر من سرمد جلب الانتعاش لروحها، ستتخلص منه اخيرا بعد حصار يفرضه، توقفت قدميها عند وقوفها أمام مرآة ضخمة، نظرت إلى كلا الجانبين تتأمل ملامحها الشاحبة رغم أنها وضعت بعض من مساحيق التجميل ليخفي اثار الاجهاد، زفرت متنهدة بتعب وعظامها تئن وجعا، تود النوم على فراشها، بحاجة سيئة إلى النوم، هرولت بخطواتها وهي تخشى أن يكون مترصدا لها.

ألقت ابتسامة مجاملة نحو بعض معارف العروسين لتسحب باب القاعة وهي تخرج تتنفس بحرية وشكرت ربها انه لم يراها بين الضجيج الصاخب في الداخل، شهقت مفزوعة حينما استمعت الى صوت هادئ يصدر من جانبها
- مبارك على العمل
وضعت شادية يديها على صدرها تلتقط انفاسها للحظات وهي تلومه على ذعرها، ابتسم سرمد بجمود شديد حينما رآها ترتسم ابتسامة مزيفة لتقول
- واخيرا انتهيت.

اقترب منها وهو يضع يلف حامل الكاميرا حول عنقه ليقول بنبرة هادئة
- النجاح له طعم مختلف
رفعت عينيها وهي تراه لم تتحسن حالته الغاضبة، عقدت حاجبيها لثواني قبل أن تهز رأسها وهي تقول بهدوء
- انت محق، كل شئ بدي مثاليا، واعجبتني الصور التي التقطها في رحلتلك لمدينتي الأقصر وأسوان داخل المعابد تبدو مذهلة
انحي رأسه قائلا بابتسامة مستفزة
- على الرحب والسعة، دائما بالخدمة.

صمتت شادية لثواني وهي تسأله بعينيها ان حدث شئ ضايقه، وود أن يخبرها ويعنفها كيف تسمح لشخص يلمس موضع آثار قبلاته، كيف تسمح بذلك!
تابع النظر إليها بجمود لتتنحنح وهي تسترسل في الحديث
- بما انه اخر يوم، على ان اعترف ان عملك رائع، حتى طاقم عملك ايضا
هز رأسه وهو يقول بنبرة مقتضبة
- ولا انكر طاقم عملك، لقد انبهرت من تزين القاعة بتلك الفخامة والرقي.

هزت رأسها وهي تهم بالمغادرة الا انها مازالت الرفض المتسلل لحدقتيه لتقول
- هذا ما طلبه الاستاذ اسر مني وفعلت كما يرغب
مرر سرمد يداه على خصلات شعره الداكنة ليقول بلهجة خشنة
- وانت
سألته بعدم فهم
- ماذا؟
ابتسم ببرود شديد وهو يضم قبضة يده، بالطبع تخلصت منه وستنطلق نحو خطيبها وينعم هو بما هو متشوق للمسه وتذوقه، قال بلهجة مبطنة بالحدة
- كيف تريدين أن يصبح زفافك؟

صمتت شادية للحظات وهمت تخبره انها وجه نحس غير مقدر لها الزواج، إلا أنها تمتمت بهدوء
- تمنيته ان يكون دافئا وعائليا فقط، لا احب المظاهر والتباهي
لمعت عيناه فجأة لتستشعر الخطر وهو يقول بلهجة لعوب
- مثلي، كما انني قررت لو اصبحت مختل وتزوجت سيكون جلسات التصوير اأ...
قاطعته تقول معترضة وقد تورد وجنتيها وهي تتخيل انه سيقول شئ وقح للغاية!
- لا تقولها
عقد حاجبيه وهو يقترب منها قائلا بنبرة متسلية
- ماذا؟

افترقت شفتيها وهي تشعر بالتوتر الشديد لتضم كلتا يديها قائلة
- عينيك داكنتين لدرجة شعرت أنك ستقول شئ وقح
انفجرت مفرقعات العيد في حدقتيه الداكنتين، ليميل سرمد هامسا في اذنها
- بت تعرفيني يا شاديااه
ارتجفت شادية وهي تبتعد عدة خطوات، وودت أن تضرب نفسها في أقرب حائط ولا تري تلك النظرة المرعبة في عينيه، ابتسمت بتوتر وهي تشعر أنها حوصرت لتقول
- أعجبني مشروب اللبن بالقرفة، انه مذهل
جار حديثها وهو يقول بهدوء.

- يجب أن تشكري والدتي
هزت رأسها بانفعال لتقول
- اشكرها اذا بدلا عني
ولتنتهي ذلك الحوار نهائيا قالت بابتسامة دبلوماسية
- اسعدني العمل معك
هز سرمد كلا رأسه ثم ألقي سؤالا مرعبا لها
- متى تقررين الزواج؟
شحب وجهها للحظات كانت كفيلة لعينيه لتقول شادية بارتباك
- لا، لا أعلم بعد، لم نقرر هذا الشئ بعد
لعنت نفسها وعلى توترها أمامه، لتنفرج عن شفتي سرمد ابتسامة وهو يقول بمكر.

- لما متوترة لتلك الدرجة لم أسالك هل قبلك أم لا
زفرت شادية ساخطة وهي لا تصدق أنه يقولها بتلك البساطة، احتقن وجهها بالغضب وهي تقول بيأس
- عدنا للوقاحة
قال ببساطة شديدة وهو يلقي غمزة
- تقبليها هذا جزء مني
عبس وجه شادية لتقول بتقريع
- اخبرتك ان تهذب طباعك وحديثك معي، لست في موطنك حتى لا تفكر مرتين قبل التفوه بشيء
مرر أنامله على لحيته الكثيفة، ليقول بهدوء.

- سأعتذر لأنني جعلتك تشعرين بالحرج والخجل لكن اخبرتك تقبليني كما أنا
- شادية
عبست شادية وهي تسمع إلى آخر صوت تمنت أن تراه في ذلك اليوم، نانسي عدوتها اللدودة!
دارت شادية على عقبيها لترى تلك الباربي صاحبة الخصلات الحمراء تقترب منها وثوبها الأحمر كانت ضربة شديدة وقوية لتصبح فاتنة في تلك القاعة، قالت نانسي بتكلف شديد وهي لا تصدق انها خطفت زبونا هاما منها، بل تعترف انها الغبية لانها رفضته.

- مبروك يا شادية، مش بطال
جزت شادية على اسنانها زافرة بسخط لتقول
- ايه اللي جابك هنا
بكل برود قالت نانسي
- جاتلي دعوة، تؤتؤ متقوليش انك متعرفيش، هزعل مش مصدقة ان فيه تسيب في شغلك
صرخت شادية في وجهها بحدة
- اخرسي
لم تهتز نانسي شعرة وهي تشرأب بعنقها لترى المصور، وهل لا تعلمه، ارتسمت ابتسامة ناعمة على شفتيها لتقول
- ومين هنا كمان، المصور الإيطالي.

اقتربت منه بكل غنج وانوثة يعلمها سرمد مصطنعة ليرفع عينيه نحو شادية التي تجز على أسنانها بغيظ ولو كانت النظرات تقتل لاسقطت تلك الحمراء صرعي!
رفعت رأسها وهي تمد يديها قائلة بايطالية ممتازة
- مرحبا سيدي
اتسعت عيناه قليلا ليقول وهو يصافح يديها
- تتحدثين الايطالية.

عقدت شادية حاجبيها وهي تنتظر أن يقبل كفها كما يفعل معها سابقا وكما اعترف في إحدى الجلسات انه حينما يرى امرأة جميلة يعرب عن جماله ولا يصمت، ومن أمامه تحديدا ايقونة الفتنة على فئة مجتمعها، رفعت عينيها لتنظر اليه وهو ينظر اليها بنظرة خاصة قبل ان يبتسم بخفة وهو يميل مقبلا كفها سريعا لتتجمد ملامح شادية والجمود اكتسي ملامحها، تشعر بطعنة ضربتها من ظهرها، تنفست بحدة وهي تحافظ على تعابير وجهها الباردة وهي تراه يوجه رسالة خاصة لها إلا أنها أشاحت بعينها وهي تسمع باذنين لا تفقه شيئا من حديثهما.

- وبطلاقة جدا، لم نحظى للأسف للعمل معا لكنني اتحرق شوقا للعمل معك سيد
لم يكن سيفعلها لكن مشهد الصباح استفزه، شعر انه يسدد ضرباته بطفولية ليقول بهدوء وابتسامة
- سرمد
هزت نانسي رأسها وهي تشعر بالإطراء امام الايطالي لتقول
- حسنا سيد سرمد، لا اريد ان اعطلك عن العمل، بالتوفيق
عادت أنظارها نحو شادية لتقول بنبرة كريهة
- متفتكريش انك فزتي عليا.

ثم غادرت بكل برود لتهز شادية رأسها، لا تصدق طفولية تلك المرأة امامها، مالت برأسها حينما استمعت إلى تعليق سرمد الهادئ
- اشم رائحة العداء بينكما
تسائلت شادية بتعجب وهي تشعر بالفضول الشديد لامتلاكه لكلب ضخم
- لما تمتلك كلب ضخم؟ ثم انت تسليت كثيرا على حسابي وانا اخشى من الكلاب.

لفها بفقاعة عازلة عن الجميع وهو يقترب منها بهدوء، يأسر عينيها ويعدها بعاطفة ناعمة تطلبها جيدا، بل عاطفتها الانثوية الجائعة تتوق لذلك الاهتمام، اخرج سرمد زفيرا حارا ليقول بلهجة خشنة
- لا تخشي شيئا وأنا معك
ارتفعت عينا شادية وهي تحاول معرفة الصدق من الكذب في عينيه الماكرتين
لطالما أسرتها كلمات رومانسية تحت قيد التنفيذ من معاذ.

اطربها بكلمات عاشقة وطعنها بكل خسة منه وفر هاربا واخذ ما لم يكن يتشرف بأخذه منها، لا تريد التورط مرة أخرى في مشاعرها حتى لو قلبها يميل لمن أمامها، بل لكل رجل يؤثر عليها، وأصبح سرمد مؤثر فتاك عليها والباقون لا وجود لهما
ابتسم سرمد وهو ينظر إلى عينيها المتسائلة تحاول معرفة الصدق من الكذب ليقول بهدوء
- كبر بسرعة خلال سنة، لكنه كلب جيد ومطيع
انفجرت تلك الفقاعة لتهز رأسها قائلة وهي تضيق عينيها.

- اذا هو ذكر وليس انثى؟!
حاول كبح ضحكته ليقول بنبرة ذات مغزى
- وان كانت انثى كيف سيتجرأ ذكرا عليها
توردت وجنتيها بينما وصل المعنى جيدا لها، لتمتعق وجهها قائلة
- يا ربي عدنا للوقاحة مرة اخرى
ناداها
والنداء كان بزوغ لشمس غزوه لقلعتها المظلمة
- شاديااه
توقفت شادية وعادت للنظر إليه لتقول بتعجل
- ماذا، يجب على المغادرة الان يوجد لدي يوم هام في الغد
ابتسم سرمد وطاقة تكاد تقتله حماسا ليقول.

- سررت بالتعرف عليكي يا برتقالية
عبست بشدة لندائه بذلك الاسم لتقول بجدية
- وداعا يا سيد سرمد
رغم تشديدها لكلمة سرمد إلا أن هذا لم يمنع ابتسامته من الاتساع ليقول
- لا تقولي وداعا بل الى لقاء قريب
مالت شفتيها بابتسامة ساخرة
- ولما انت متأكد؟، هل تريديني ان اوظفك مثلا وعدد موظيفك وشركتك تكاد تماثلني بل تزيد.

لم يرد بل اكتفي بتلك الابتسامة المستفزة لتهز رأسها يائسة وهي تسدير متابعة طريقها خارج الفندق، غمغم بنبرة ماكرة
- إلى لقاء أقرب يا برتقالية
ثم استدار متجها داخل القاعة، ويقين داخلي ينبئه أن طريقهما سيتقاطع يوما!

في اليوم التالي،.

استيقظت جيهان بنشاط وهي تزيل عنها رداء الخمول، فكيف لا وهي تعتبر عروس وسيأتي العريس مع عائلته، امسكت هاتفها وهي تتجاهل رسائل وسيم التي تأتيها كل يوم، صاحب الرسائل عنيد ولكنها أشد عنادا، فتحت تطبيق الانستجرام وقررت تفتح بث مباشر من غرفتها وبعد أول دقيقة تفاجأت من دخول وسيم إلى البث المباشر لتتسع ابتسامتها باشراق شديد وهي تتحدث الى تعليقات المتابعين معبرة عن غيبتها مفاجأة ستدهش الجميع، كانت تتحدث للجميع وهي تري أعضاء المشاهدين زادوا لعشرة الآلاف خلال عشرة دقائق، لم يحدث مطلقا دخول ذلك العدد في ذلك الوقت وفسرته بسبب غيابها...

تضحك وتمزح للجميع متجاهلة ذلك التي تكاد اعصابه تحترق من بهائها وحسنها أمام شاشة هاتفه، خصلات شعرها المتمردة تلمع بوهج ينافس وهج عينيها..
هبطت سلمات الدرج متجهة نحو الحديقة حينما رات شادية تقوم بحلاقة ذقن ابيها، قالت لمعجبيها بابتسامة متسعة وهي توجه الكاميرا الامامية للخلفية
- لازم تشوفوا الاستاذ معتصم بيدلع ازاي قدام بنته، شايف اننا فاتحين صالون حلاقة.

عبست شادية وقالت بعبوس شديد وهي تنحني نحو والدها ممسكة بماكينة الحلاقة
- امشي من هنا وسبيني مع الزبون نحلق، اقصد بابا ونخلص
عبس معتصم وقال بتوبيخ
- بنت
ابتسمت شادية بشقاوة وهي تميل مقبلة خده الحليق وقالت
- يا باشا، تحب نغيرلك قصة شعرك
انفجرت جيهان وهي تري تعليقات بعض المتابعات يخبرنها انهن يحلقن ذقن ابائهن، اتسعت جيهان عيناها وهي ترى دخول الايطالي لمتابعة البث المباشر، لتبتسم بعبث شديد وهي تنادي اسمها.

- شادية
عينا شادية مدققتين نحو خصلات شعر ابيها لتهذب خصلات شعره باستخدام المقص وقالت وهي تنظر بتركيز
- نعم
قالت بمكر شديد وهي تري تعليقات المتابعين واشادة بصوت أختها
- الفانز بيقولوا عايزين يسمعوا صوتك وانت بتغني
عبست شادية وقالت
- تاني مش غنيتلك الصبح
تفاجأت ببعث سرمد قلب لها لتجده ما زال متابعا للبث المباشر، لم تبدل الكامير الخلفية لتقول بصوت حماسي
- يا شباب كله يعمل كومنت ونشوف عددكم عشان تغني.

وجدت تعليقات كثيرة تطال شقيقتها بالغناء ليصدر صوت معتصم رافضا
- بنتي مش هتغني
عادت بعينها نحو التعليقات لتجد بعض التعليقات المتذمرة، لتنفجر ضاحكة وهي تقول بمشاكسة
- الفانز قلبوا عليك يا عصوم
زفرت شادية بحدة وهي تعقد ذراعيها لتقول بحدة
- ابعدي عن هنا يا جيهان خليني اخلص
هزت رأسها نافية وهي تقول بمكر
- لا لازم الفانز تعرف مواهبك مش يمكن ابن حلال يكون عنده دقن، هتوفريله فلوس الحلاقة.

عقد شادية لسانها ولمح طيف سرمد في خيالها وهي تري نظرات شقيقتها الماكرة لتلومها بنظرات متوعدة تخشى ان يكون والدها التقط شيئا، ابتسمت بتوتر قائلة
- ظريفة اووي
عادت تنظر إلى المقص وهي ترفع يديها المرتعشتين تتابع تشذيب شعره، سرت رعدة في جسدها ومشاعرها الانثوية الضعيفة جعلتها تتخيل لو كان هو بدلا من ابيها.

بل كانا في مكان أكثر حميمية كالحمام، تجلس على رخام الحمام البارد وهي تساعده للتخلص من لحيته المرعبة تلك لتشذبها، انتفضت بحدة وهي تنفي ما يحدث، ما الذي تفكر به هي؟!
تابعت قص شعر والدها لتقول بعد أن أنهت تشذيب شعره قائلة
- خلصنا
ابتسم معتصم وهو يطبع قبلة في كلتا يديها، يذكره بزوجته الراحلة وهي تساعده في الحلاقة ليقول
- تسلم ايدك يا حبيبتي
مالت شادية تحتضنه ليربت معتصم على ظهرها ليسمعا صوت جيهان الحانق.

- انا فين من الحضن ده
انفجر ضاحكا ليقول
- تعالي يا اروبة
عبست أمامه قائلة
- ومكاني قدام الناس دلوقتي يا عصوم
عادت بالكاميرا الامامية لتنظر إلى عدد المشاهدات التي تخطت الآلاف خلال أقل من ساعة، أنهت البث قائلة
- حبيت اصبح عليكم بعد فترة طويلة من الانقطاع، و استنوني بليل ناوية ومحضرة مفاجأة تجنن.

ارسلت قبلة للجميع لتغلق البث، ثم تركت هاتفها وهي تتوجه إلى العناق الاسري وتأخذ مكانا لها، ضربتها شادية على رأسها وهي تخفي كلمات لاذعة الا انها اخرجت لسانها لتضم جسدها في حضن والدها وهي تبتسم بمكر لتلك الليلة!

في المساء،.

تجمعت العائلتان ليتقدم وسيم إلى خطبة جيهان، هزت شادية قدميها وهي تنظر نحو درجات السلم، لا تصدق تأخيرها حتى الآن رغم تشديدها ان تكون هنا حينما تقدم الخادمة العصائر وبعض المقبلات، أما معتصم جلس بأنفه وهو يراقب غالب وجميلة ووسيم الذي تأنق في حلة كحلية زاده وسامة ومسحه رجولية ثم عدوه لؤي الذي بدي جامد الوجه متصلب النظرات تأفف معتصم وهوينظر نحو ساعة يده وهو لا يتوقع تأخير تلك المجنونة، تهادي على مسامع الجميع نقرات كعب حذاء عالي ليرتفع وسيم بعينيه نحو الفأرة صاحبة الخصلات المجعدة، تتهادى نحوهم بفستان وردي ناعم ملتف حول قدها الانثوي برشاقة، ارتسمت ابتسامة على شفتيه وزرقة عينيه غامت بعاطفة وهو يرى نظراتها الماكرتين، توجس في قلبه خيفة وهو يرسل نظرات محذرة لتهز رأسها بلا معنى وهي تلقي سلاما بالأيدي للجميع قبل ان تتخذ مجلسا بجوار والدها الذي ضمها لاحضانه...

شعرت شادية الأجواء المشحونة في المكان، لتبتسم بتوتر وهي تحاول أن تشارك الجميع في حديث إلا أنها صمتت حينما لم تجد استجابة، حوقل غالب مستغفرا قبل أن يقول بجدية
- احنا يسعدنا ويشرفنا نطلب ابننا وسيم لبنتنا جيهان
والنظرة الماكرة في عينيها اقلقته
لتقول بوقاحة شديدة وعينيها على وسيم
- وانا مش موافقة..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة