قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثامن

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثامن

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثامن

وقف لؤي متمللا وهو يستمع إلى صوت عمته جميلة التي صاحت بهدر في وجهه
- يعني ايه مش هتتجوز وجد، أنت أولى بيها من الغريب
صاح زافرا بحرارة قائلا وهو يحاول أن يقتبس الصبر في ذلك المنزل
- عمتى وجد معتبرها زي اختي الصغيرة وعمر ما جيه في بالى انى اشوفها مراتي
صمتت جميلة وهي تنظر اليه عبثا محاولة معرفة ما بداخل ابن شقيقها لؤي، تساءلت ببرود شديد
- حد في بالك؟
طفقت ملامح السخرية في وجهه قبل أن يجيب باقتضاب.

- مفيش حد
تأكدت جميلة بحاستها الأنثوية وجود امرأة في حياته، تعلم هي جربت شعور انها مهددة باختطاف رجلها المقدر لها، احساسها لم يكذب أبدا لا في الوقت الماضي ولا الوقت الحالي، فكيف اذا شعرت بوجود اهتمام تلك الفتاة جارة وسيم وذلك الغبي المنغلق حول نفسه، فقط ستنتظره حتى يأتي بالنهاية ويخبرها بما يدور ويعصف بداخله كما كان يفعل في وقت مراهقته، نظرت جميلة نحوه بشك
- لؤى.

اسبل لؤي أهدابه، وهو يهرب من فحص عمته التي يعلمها جيدا، ما ان تضع شيئا برأسها حتى تعلم تقرير مفصل عنه، غمغم بنبرة جادة
- مفيش حد يا عمتى عن اذنك
استدار لؤي مغادرا غرفة عمته ويتوجه خارج المنزل قبل أن يفقد تهوره...
نظرت جميلة نحو وجد التي خرجت من الحمام الملحق بغرفة عمتها، عينيها حمراوتين منتفختين، وجهها شاحب وجسدها يرتجف بشدة، رفعت عيناها تنظر بتأنيب نحو عمتها لتهمس بضعف
- ليه عملتى كدا، بترخصيني ليه.

ارتجف جفني جميلة ووجد نسخة مصغرة منها في الماضي، تشبهها إلى حد مفزع، اختنقت انفاس جميلة وهي تشيح بعينيها لتهمس بصلابة
- لؤى مش هيطلع من برا العيلة وانتى الاولى بيه
كفي!
هل هي غبية لتلك الدرجة أم مغفلة
لقد سمعته يرفضها مرتين، مرتين، طعنها بغدر، انفجرت في البكاء الصامت لتصيح بجنون نحو عمتها
- اولى بيه؟!، لؤي عمره ما شافنى، شايفنى لسه صغيرة.

حاولت جميلة عبثا تهدئتها إلا أنها كانت بمثابة نشط، يخرج لهيبها، رفضت وجد مؤازرتها حينما استمعت الى صوت عمتها تقول بهدوء
- انتى بايدك تقنعيه
انفجرت وجد ضاحكة بجنون لتشرس ملامحها قائلة
- اقنعه؟!
ارتعبت جميلة من ملامح صغيرتها وهي ترفض أن تؤازرها، لكن يشهد الله كل ذلك في مصلحتها هي، حتى تقدر على لملمة شتات نفسها قبل أن تذبل أنوثتها ويتحاشي الرجال الاقتراب منها، قالت بنبرة متزنة
- طبعا هو هيلاقى زيك فين.

سكنت وجد ونظرت نحو عمتها بلوم شديد، كونها المسببة الأولى في تحطيمها لتهمس
- من ناحية هيلاقي فهو هيلاقى كتير
عقدت جميلة ساعديها على صدرها لتقول بشك
- مش واثقة من نفسك
هل ما زالت أمها ترغبها بمتابعة الركض خلفه، ألن ترتاح هي؟!، أليس من حقها أن يركض خلفها احدا؟!
نعم حقها هتف عقلها وهو يخبرها، انها ليست عانسة حتى تقترن بابن عمها
لكن القلب الخائن دمر ما يبنيه عقلها لتهمس بنبرة يائسة تسلل وجدانها.

- مش واثقة فيه.

سب ولعن لؤي الازدحام المروري وهو ينفس عن غضبه بمقود سيارته، عينيه القاسيتين لم تحد عن النظر نحو الطريق، يبدو انه سيظل عالقا لساعة اخري حتى يتوجه إلى مكتبه، رنين هاتفه جعل يخرج سبه نابية قبل أن يرد على المكالمة وهم باخراج اسوء الشتائم التي يعلمها دون أن يعلم هوية المتصل الا انه تفاجئ باندفاع صوت انثوي ناعم يهمس باغواء
- ايه يا بيبي وحشتني مش كدا.

ألم يتخلص منها منذ سفره، صمت قليلا قبل أن يتمتم بحدة
- عايزة ايه
استمع إلى شهقة خافتة مصطنعة قبل ان تهمس بدلال مقرف جعل وجه يمتعض باشمئزاز
- هكون عايزة ايه يا بيبي، عايزاك
انفجر في الهاتف صارخا بحدة وهو يخرج كبته، بل وحوشه بالمعنى الادق في وجه تلك الحقيرة
- اخرسي
صمت ليغمض جفنيه بعدها يزفر بحرارة، يمسح وجهه بنفاذ صبر ليأتيه صوتها الذي تغير من امرأة غانية إلى صوت إمراة غليظ.

- تؤتؤتؤ، لما بزعل صدقنى زعلى وحش، عموما هسيبك كام يوم عشان واضح انك مش عارف بتقول ايه يا لؤي
أغلقت المكالمة بينهما كما تفعل هي، تتصل به وقتما اردات وتغلق المكالمة كما ترغب، لكن والله قريبا سيصل اليها، عاجلا ام اجلا سيصل اليها، احساسه تلك المرة يخبره انها انثي، احساسه لم يخيب أبدا
ارخي عقدة ربطة عنقه ليخبط بكفه على المقود هادرا
- مكنش وقتك خالص.

الحب بالنسبة للرجل شيء اشتهاه لم يقدر الحصول عليه
ربما لأن صيده صعب!
أو ربما صيده التهمه غيره ونظر متحسرا لطبق عشاءه الذي كان من المفترض تناوله!
أو ربما هو على غير العادة أصاب بداء عدم الشهية؟!، أمر مؤسف حقا فكيف ل حيوان مفترس مثله يقضي أيام فاقد الشهية س يسبب عارا لعشيرته من الرجال، اااا معذرة حيوانات وبدل من التهام غزالة بريئة، عشيرته سيلتهمونه هو حتى يكون هو عبرة لباقي حيوانات عشيرته.

مقدمة غريبة نوعا ما؟!، هناك أشخاص تخطوها ويتساءلون ماذا قالت في السطور الأولي، وهناك من تخطاها بعدم اهتمام وهناك لا يجد الأمر غريبا بعض الشيء لماذا؟!
ربما لأننا اتفقنا أن الرجال حيوانات مفترسة، عزيزتي اهدئي نعم، لا داعي للدفاع عن الرجل باستماتة في محرابي، انت تعلمين في سريرتك أنهم يستحقون الدفن أو الحرق.

نعم لنقم بحفل شواء على لحومهم واقسم انك لو القيتيها في الشارع فلا حيوان حتى قادر على تناول لحومهم.
أهدأن يا نساء لقد كانت مزحة، الا تستطيع الفتاة أن تفكر بعقل اجرامي خطير غريب الأطوار قليلا حتى تقدر على التنفس قليلا وتخفيف من ضغطها؟!
سمعت واحدة قالت نعم، شكرا لك عزيزتي لانك كنتي في صفي.
آسيا عزام
عقل متهور، قلن عنها مختلة عقلية نعم.

هي حتى لا تنكر هذا الأمر، فحتى العلماء ظنهم الجميع غريبو الأطوار، و اعتبروها علامة أو نقطة للذكاء الخارق، أو للغباء اللامحدود
تقف على حافة بين أمرين في ظاهرهما شديد التباعد لكن خفيا هما شيئا واحدا.
الرجال يخشون من امرأتين وهما
الأولى صاحبة جسد متفجر الانوثة
لما
لأنها تشعل البراكين الخامدة في أجسادهم
ويتهورون، ثم يفقدون سيطرتهم
العقل وقتها خارج نطاق السيطرة ولكي يكونوا هم المتحكمون
يدفعون المرأة للجنون..

والثانية هي المرأة صاحبة العقل الفذ
يعتبرونها هنا منطقة محظورة
لا مكان هنا للتلاعب ولا للتسكع عد بأدراجك أينما كنت.
لكن إذا كانت المرأة تجمع الصفتين لكن لنقل عقلها مجنون قليلا مثلها فهي تعتبر هنا منطقة جذب للرجال، فهناك رجال يحبون إصطياد أنواع شرسة نادرة ل يفتخروا بها أمام ذويهم، وهي حتى الآن حرة، حتى يأتي ذلك المفتخر والمعتد بنفسه ولتريه ايهما سيصمد قوته أم جنونها؟!

هزت آسيا رأسها وهي تعبث بخصلات شعرها الداكنة وزرقاوة عينيها تومض بلهيب خاطف، كم تشعر بالأسف لجروها المسكين لؤي، فهي أخلفت الموعد المزعوم الذي من المفترض أن يراها به، خسارة جروها الضخم جلس حوالي ساعة في المقهى متذمرا يشتكي لها للحصول على عظمة، لكنها منعته و وبخته للجلوس في منطقة المشاغب ليتلقي عقابه، انفجرت ضاحكة بصخب وهستيريا وهي تنظر إلى ملامح لؤي الصارمة الخشنة وجسده المفتول العضلات، هل ذلك الرجل يتناول طعاما عاديا أم يتناول على الفطور خروف مشوي؟!

ربااااه مقزز، هيئته القديمة افضل، كان بعضلات اقل وجسد رياضي أفضل من ذلك القرف، ان حاول احد احتضانه ربما سيخنقه دون قصد منه، زفرت بحرارة وهي تتوعد له، لم يري شيئا، لم يري شيئا بعد، عاجلا ام اجلا ستظهر أمامه وعليها أن تكون خصم قوي كي تقدر على مقارعته.
ضمت شفتيها المكتنزة باغواء لترسل قبلة لصورة عائلة المالكي المجمعة لتمتم ببرود
-ماشي يا لؤي، مسيرك انت وعيلتك اننا نتقابل.

تجهمت ملامحها للنفور والتقزز وهي تنظر إلى صورة الجد لتمتم بحقد
- وانت يا غالب هدفعك التمن غالي انت وعيلتك القذرة، حرمتني من وجود أب، حرمتني من عيلتي انا واختي، حتى حرمتني من اسم العيلة، لكن وماله، كله هياخد نصيبه من لعبته زمان.

بكاء والدتها ومشقتها للعيش رغدة وكرامة في مجتمع ينهشون لحوم النساء رغم رفع شعارات المساواة والحرية في بلاد الحرية كما تسمى، امتعضت ملامحها وذكريات سيئة بل جحيمية تذكرها بالماضي، حياتهما المتشردة بدون مال، ابيها أو الذي من المفترض أن يكون رجلا مع أول اختبار اختار والده وتركها هي ووالدتها وشقيقتها يتصارعون للبقاء على قيد الحياة، هو يتناول صباحا ومساء ويتحمم ويشرب وهن حتى لم يحصلن على تلك الرفاهية في بداية معاناتهم.

لكنها حسمت امرها، تلك الحياة لم تلائم طموحها ومستقبلها، عملت مع والدتها في المطاعم حتى يكونا أجر مضاعف ومال الحكومة لاعانتهم كان بالكاد يكفي للطعام والشراب حتى تحسنت حياتهم تدريجيا، ربما شقيقتها مارية لا تتذكر هذا لأنها كانت صغيرة، لكن ما ذنبها هي تعاني كما لو انها يتيمة الأب وأبيها حي.

ما ذنبها هي أن كانت تملك كل شيء وفي ليلة وضحاها طردت من الشقة بسبب الإيجار المتأخر وتخلت عن سريرها وغطائها الدافئ لتنام في مأوى للمشردين وسط العشرات في الغرفة يتقاسمون قطعة أرض باردة في الشتاء القارص.
كل الذنب على والدتها لأنها حينما اختارت، لم تختار رجلا
كل الذنب على ذلك الرجل الذي غزاه الهرم، ليدمر حياتها ببساطة وكأنها ليست ادمية يحق لها الحياة.

الدموع تهطل بغزارة كلما عادت بذاكرتها للوراء، جففت دموعها وهي تحفز نفسها
آسيا الصغيرة المرتعبة لم تعد كالسابق
الآن هي امرأة صنعوها بأيديهم، فلا لوم ولا عتاب حينما يسقون من نفس الكأس
انتبهت من غمامتها الرمادية الكئيبة رنين جرس بابها لتخرج من غرفة نومها وهي تتوجه نحو باب المنزل تفتح للطارق الملح والمزعج، رفعت حاجبيها حينما نظرت للطارق لتضع ذراعها على الباب تسد الطريق للدخول لتقول بسخرية
- خير.

عقدت مارية ساعديها على صدرها لتقول بانزعاج
- ده واحدة بتستقبل اختها
منذ زواجها الذي دام لأشهر تذكرت شقيقة لها تعيش معها في نفس البلدة، بل يصادف انهما في نفس الولاية ايضا، تأففت قائلة بانزعاج وهي تعود ادراجها داخل منزلها تاركة شقيقتها امام مدخل البيت
- مارية انا مش فضيالك
اتسعت عينا مارية جحوظا لا تصدق بجاحة شقيقتها، دلفت إلى شقتها وهي تغلق الباب بحدة لتصيح بحدة وهي تقطع الردهة الطويلة.

- ممكن افهم بتعملي ايه، منعزلة عن الناس، لأ وكمان دخلتي مجال شغل عمره ما كان شغلك
جلست آسيا على اريكتها وهي تضع ساقيها على المنضدة الأمامية لتقول بملل
- مارية، فين جوزك يا مارية
اصاب مارية الجنون وكأن ما قالته اسيا اتون اندلع في أرجاء جسدها
- اوعك تفتكري اني هعديلك يوم مجتيش فرحي بالساهل لأ اطلاقا، عايزة اعرف بقي كنت بتعملي ايه وكان أهم من فرح اختك.

أتخبرها انها كانت حاضرة حفل زفافها لكنها لم تستطع الدخول كي لا تنكشف هويتها
أتخبرها أن عائلة المالكي كان سيعرفونها ويعرفون هويتها ووقتها لن تكون فقط امرأة سرقت رجل من عائلة هامة وهو كان خطيب وجد المالكي
سيكون وقتها عنوان مثير للطبقة المخملية حرب مندلعة بين بنات عم المالكي للظفر بالطيار ابن عائلة السويسري الاعلان مثيرا بحق!

لكن اتسمح لشقيقتها لتدمير مخططاتها التي خططتها لسنين؟! أبدااا، تقسم ان لو العجوز الخرف لو شم بخبر فقط بوجودها لقتلها على الفور.
غمغمت بسخرية وهي تنظر إلى شقيقتها بعنين متفحصتين
- فرحك عدي عليه شهور يا مارية، واعتقد انك وماهر دلوقتي امممم نقدر نقول إن أول خناقة زوجية حصلت مش كدا وجيتي تفشي غضبك عليا
تبرمت شفتي مارية لتصيح بحنق
- ملكيش دعوة بجوزى
صمت اسيا لثواني قليلة قبل ان تهمس بسؤال ضرب مارية في مقتل.

- هي شمس مش بتوحشك يا مارية.

زاغت عينا مارية وهي تبتسم بحنين لابنتها التي تركتها مع والدها وزوجته، لا تعلم لما منذ أيام يساورها شعور مؤلم وقلق ينهشها لابنتها بل لفرح تحديدا التي تعتبرها صديقة لها، رغم غرابة صداقتهما الا أنها كانت امتن علاقة اختبرتها رغم قصر مدة تعارفهما، منذ يومين لم ترد فرح على مكالمتها حتى كانت ستتصل بنضال الا انها امتنعت في النهاية كونها تعلم جنون وغيرة زوجها ومدي كرهه لنضال، زفرت بحرارة لتهمس بحنان أمومي.

- بتوحشني
رفعت اسيا حاجبها الانيق بشك، أم ترمي ابنتها في براثن زوجة اب مع والد مختل زير نساء، يغير نساءه أكثر مما يغير طلاء مكتبه، قالت بحدة
- وهتفضلي سيباها عند نضال باشا لحد امتي، فين خطتك الاجرامية اني هخطفها منه
تعترف انها اقرت بذلك سابقا، لكنها شعرت انها يجب ان تعطي لنضال فرصة واحدة فقط حتى يكون رجلا بحق
- آسيا
استقامت اسيا من اريكتها لتصيح هادرة وعيناها تموج بالغضب والجنون.

- اشششش، مارية بنتك من اول ما اتولدت انا ربيتها وكانت في حضني دايما وقت ما امها كانت في مكان قذر بتتعامل مع حثالة المجتمع
شهقت مارية وهي لا تصدق شقيقتها، كيف تقول هذا أمامها، وهي الشاهدة لما حدث لها بالماضي على يد نضال سابقا، رفرفت باهدابها وهي تشعر بطعنة غدر تشطرها نصفين لتهمس بصدمة
- آسيا
اشاحت اسيا بوجهها عن مارية لتقول بإشمئزاز.

- الحقيقة بتوجع مش كدا، انا بكسب فلوسي بشرف وانتي كنتي ايه يا مارية افكرك بتمتعي الرجالة مش كدا، كنتي فاكهة محرمة بالنسبالهم
تلك النبرات جديدة على اذني مارية، لم تتوقع أت آسيا تضمر حقدا لها، تصيبها بسهام سامة طاعنة وكل ذلك لماذا؟!، هل لأنها تمتلك زوج محب وعلم مساوئها بل وتقبلها وهي لم تجد؟!
عادت تنظر إلى شقيقتها تريد التعرف على تلك الجديدة عليها
تنهدت مارية وجسدها يرتجف لتمتم بنبرة مرتعشة.

- كنت فاكراكي فاهماني ومقدرة اللي حصلي على ايد نضال، لكن واضح انك هتفضلي زي ما انتي، حقودة وانانية و ست مش شريفة
عبست ملامح آسيا لتمتم مرددة خلفها
- ست مش شريفة؟!
اقتربت مارية عدة خطوات حتى تصبح في مواجهتها لتصيح بتذكير لها، تنعش ذاكرتها التي أصابت عطبا.

- نسيتي عملتي ايه عشان تاخدي مكان رئيسك نسيتي، مش انتي اللي اقترحي عليا يجي الحانة القذرة اللي كنت بشتغل فيها واخلي واحدة من البنات القذرة تساعدك عشان تاخدي مكانه في الشغل، مش عملتيله فضيحة في الشركة، افتكري العناوين الرئيسية رئيس تنفيذي شركة يتخذ مكتبه مقر لممارسة العهر.

اهتزت حدقتي اسيا وهي تتذكر طلبها الوحيد من مارية حينما كانت تعمل في ذلك المكان الموبوء، حسنا المدير كان قذرا متحرشا لها ولجميع النساء في العمل، كانت قادرة على أن تقدم شكوي وتفصله من عمله لكن كانت هي من ترغب الحصول على ذلك الكرسي لانها كانت تعمل جاهدة، اتفقت وقتها مع المرأة لتأتي إلى العمل وتذهب لمكتبه ولانه شهواني قذر لن يهمه المكان وهي فقط اخبرت سكرتيرته أن تجمع مدراء الشركة لنقاش الهام، والنقاش الهام كانت فضيحة في مؤسستهم، تتذكر ان الجميع سحب ايديهم على تولي منصب العمل، فمن كان سيختار سفينة تغرق وهي أوهمتهم فقط بذلك ولم تقم سوى بصنع شرخ في السفينة، وببساطة تولت المنصب لتنهي تلك الفضائح التي احدثتها وها هي بسبب الوظيفة تملك شقة فاخرة وسيارة ذو ماركة شهيرة وجميع من في العمل لا يحلمون حتى للحلم بكرسيها.

انتبهت الى صوت شقيقتها الساخر
- يعني لا انا ولا انتي بريئين يا انسه اسيا عزام او ممكن اقول اسيا مهدي المالكي
شرست معالم آسيا حينما تتذكر اسم تلك العائلة لتصيح صارخة في وجهها
- مارية
رفعت مارية حاجبها وقالت
- ايه يا آسيا، محدش فينا بيلعب بشرف في الدنيا دي، لان الضعيف بياكلوا حقه
مررت آسيا أناملها في خصلات شعرها، تلك الكلمات هي كانت المعتادة على قولها دائما، زمت شفتيها وهي تصيح ناهرة
- مارية اسكتي.

دمعت عينا مارية واختنق صوتها لتهمس
- مش لما بابا سابنا عشان عيلته قولتيلي ايه وقتها يا آسيا، بابا بيكرهنا وبيكره ماما ورايح يتجوز واحدة يتشرف مش واحدة زي امنا مش دا كلامك، قولتيلي ان احنا ستات متخلقناش للحب، بس قلبي كان بيدور على اللى يطبطب عليا، لأنه جوانا وجع مهما حاولنا نخيفه قدام الناس مش هنقدر نخفيه بينا وبين نفسنا.

انهارت اسيا جالسة على الاريكة وهي تنكس راسها ارضا، تحاول استجماع شتات نفسها، لا تريد احدا يذكرها بالماضي، فهي خير عالمة بماضيها المؤلم، أغمضت جفنيها وهي تسمع صوت مارية المتحشرج.

- ماهر نعمة، نعمة كبيرة في حياتي، واه انا غلطت لما اتعرفت على نضال قبل كدا، افتكرته حب حياتي بس هو من نوع رجالة بابا يا اسيا، اللي يقعد معاها فترة ووقت ما يرميها يقطع ورقة اللي تربطنا بعض بالاسم، واه انا اشتغلت في مكان قذر عشان حسيت نفسي قذرة وقتها ايه كان يربطني بالسافل نضال، حتة ورقة، طب وايه يعني ورقة ملهاش معني تربطنا وعلاقتنا كانت في الدرا.

كورت قبضتها وهي تتذكر ذلك اللعين الذي دمر حياة شقيقتها سابقا، ذلك الخبيث القذر كم تود رؤيته ميتا، رفعت عيناها لتصطدم بعينا مارية الباردة وهي تمتم بهدوء كما لو أنها تسرد قصة
- كنت ناقمة ايوا لاني اكتشفت اني حامل منه، بسببه استقلت من شغل المضيفة اللي كان حلم بالنسبالي، بس كان غصب عني، غصب عني يا اسيا اني محبتش بنتي في الاول، مش بايدي انتي مجربتيش الطعنة اللي طعنهالي نضال.

غامت عيني آسيا والدموع تزحف زحفا للخروج من مقلتيها، ازدردت ريقها بتوتر لتسمع صوت مارية الهادئ
- لكن لما فوقت ولقيت ماهر جنبي، ماهر مش بشر زينا يا آسيا، حقيقي ملاك بالنسبالي، هو الوحيد كان الرحيم بيا وقت ما كله بيعارضني حتى انتي اختي اللي من لحمي ودمي
سقطت دمعة يتيمة على خدها رأتها مارية وهي تقف امامها مشرفة عليها بطولها، تراقب تبدل حالة اسيا، قشرتها الصلبة سهلة الكسر للأسف كما حالها.

تدعي شقيقتها القوة رغم انها اضعف ما تكون، استمعت إلى صوت اسيا الحاد
- مارية
مالت برأسها لتحتضن وجنتيها لتقول بهدوء
- فيه رجاله من نوعية ماهر، سيبك من المالكي يا اسيا، عيشي حياتك زي ما انا عايشاها
انتي هي المحظوظة شقيقتي
فا انا مغناطيس للرجال الخاطئون
فما رجل اتي حياتي إلا وحطم ما بقي في داخلي.

يكفي ان شقيقتها تحيا سعيدة، فهذا كافي لها، هي تكفيها صغيرتها شمس التي ربتها حتى اعتبرتها طفلتها التي كما لو انها ولدت من رحمها
فهي كانت في كل خطوة في حياتها، لكن شقيقتها اغتصبتها منها وتركتها عند رجل لم يكن حتى يعلم عنها
- وشمس؟، سقطتيها من حياتك
زفرت مارية بنفاذ صبر لتمتم بحدة طفيفة
- مسقطتهاش، انا سيباها عند بباها لفترة حتى لما ارتب حياتي.

تطلعت اسيا لشقيقتها باستخفاف، لتزيح يديها عنها لتهب في وجهها صارخة بحدة
- ماريااااااا، شمس بنتي انا اللي ربيتها من اول ما اتولدت بطلي انانية
تراجعت مارية رغم عنها من هجوم اسيا المباغت لتمتم بنفاذ صبر وصراخ مماثل
- خلاص، روحي لنضال وخديها منه.

ران الصمت بينهما ومارية تتنفس بحدة تحاول التقاط انفاسها وهي تنظر إلى شقيقتها التي اختفي هبوب الغضب لتسكن وعيناها تلمعان بوهج اخاف مارية، ضيقت عينا آسيا لتمتم بنبرة ماكرة
- نضاال، اممم وماله
صاحت مارية برهبة
- آسيا
ابتسمت آسيا وهي تغمز مارية بعبث لتمتم
- لازم اشوف ابو بنتي بيعاملها ازاي في حياتها مش كدا ولا ايه
هزت مارية رأسها نافية عدة مرات بجنون لتصيح
- انا كنت بهزر يا مجنونة.

ابتسمت اسيا ببرود وهي تجلس على أريكتها مرة اخري ترفع ساقيها على المنضدة وهي تفكر، لما لا، لما لا تذهب بزيارة سريعة هناك؟!، الفكرة راقت لها بل كأنها كانت في انتظار الاشارة الخضراء من مارية، تمتمت بجفاء
- متهزريش تاني، يلا شوفي جوزك الكابتن لتكون بنات امريكا اصطادته، صديقني بالنسبالهم كنز ثمين متحرك.

تركت شقيقتها ترغي وتزبد وهي تسمع صوت اعتراضها وصراخها يتلاشى، فما يدور بعقلها الكثير حقا، ابتسمت بخبث وهي تمتم
- نضال، اممم، وماله، ايامنا حلوة يا ابن الغانم.

رفرفت فرح أهدابها عدة مرات وهي تنظر بتوتر الى ملامح الرجل الجذاب امامها، كانت تتذكره في خطبة شقيق جيهان مرح، جذاب، له حس فكاهي عالي لكن طبعا ظهور نضال أفسد تلك اللحظة السعادة التي اختلستها من الزمن.

من حقها أن تري نفسها جميلة، وجميلة في عيون الرجال، فالفضل يعود لنضال الذي دمر ثقتها بأنوثتها، حتى كلماته لأبداء رأيه بثيابها تحتاج لقواميس، هل صعبة أن يجامل مثلا؟، تبدين جميلة وحلوة اليوم فقط، لا تريد منه أن يلقي اشعارا في الغزل لجمالها، تكفيها كلمة، لكن كيف نضال يتعطف ويمن عليها بكلمة!

لذا اختارت مجالا تسمع بها اطراءات الرجال، هي كانت تعلم أن جمالها في الماضي نقمة لحياتها وعرضها لمخاطر كثيرة مثل تحرشات الزبائن والرجال في الشارع، وايضا تعرفها على نضال الذي قرر أن يضعها ضمن قائمة نساءه.
ضيقت جيهان عيناها وهي تنظر إلى ناجي وفرح بعيون متفحصة لتمتم بشك
- انتوا تعرفوا بعض من فين.

احتقن وجه فرح خجلا وحرجا وهي تنظر إلى ناجي ترى إذا كان هناك اي أثر من شجار نضال معه في المركز التجاري لتمتم بارتباك
- موقف وراح لحاله
ابتسم ناجي بتكاسل وهو يحدق في عينيها المتربكتين ليمسد على خده وقال بنبرة ذات مغزى
- موقف وراح لحاله؟!

راي تخشب جسدها وهي ترفع عيناها لتنظر اليه بعينين جاحظتين لثواني، دقق هو النظر لملامح وجهها الناعمة، هو بحياته لا ينسي امرأة جميلة لكن امرأة لحقت به مصيبة حتما كان سيميزها بين مئات النساء، كانت هي الوجه المناسب للمنتج، قابلها صدفة مرة في حفل خطبة ومرة ثانية في مركز تجاري وكان بالطبع وجود زوجها الذي دائما يأتي في أوقات حرجة جعله يتلقي لكمة في وجنته التي تحولت لكدمة حمراء كبيرة استمرت لاسابيع لينزوي خلف الاضواء، فأخر ما يريده أن يسمع اخبارا وشائعات من الصحف، رأى تبدل تلك الخجولة لأمرأة شرسة، تشمخ برأسها لتمتم في وجهه ببرود.

- الا لو عايز تحكى معنديش مانع
استقام واقفا من مقعده وهو يمد يده بترحيب لها ليتمتم بنبرة كسولة
- ناجى رحيم، تقدرى تعتبريني العمود الاساسي للشركة
ترددت فرح للحظات وهي تنظر إلى عيني ناجي الغير مطمئنة، الخوف تملكها وهي تراه يده الممدة لتغمض جفنيها وهي تحفز عقلها، التهور يحتاج خطوة واحدة، وها هي الخطوة لما هي مترددة؟!

وضعت يدها داخل يد ناجي الذي ابتسم ابتسامة جانبية ليضغط على كفها ببعض الحزم جعل عيناها تتسعان ببهوت لتقرأ رسالة عينيه المشفرة، افلتت يدها سريعا وهي تسمع تعليق جيهان التي لم تكن على دارية ما حدث بينهما..
- عمود فرعى، الأساسي هو البيج بوص
هز ناجي رأسه ليقول بابتسامة هادئة وهو يرمقها بغموض ليسحب هاتف مكتبه وهو يتمتم لسكرتيرة مكتبه
- سيبك منه، كل صلاحيات الشركة تحت ايدي، زهرة كارت احمر.

نظرت فرح بعد فهم نحوهما لتغمغم بتوجس
- كارت احمر؟
غمزة القاها نحوها ليقول بنبرة ذات مغزي
- يعنى عملية تحويل
انفجرت جيهان ضاحكة وهي تصفق يداها بجزل، لتبستم فرح برعب وهي تظن انها في بيت الرعب، لما الجميع يضحك ويبتسم، ماذا سيفعلون بها؟!
تمتمت بتيه شديد وهمسها وصلها لاذنيه
- ايه.

وقبل أن يتسني له فرصة للرد وجدت فرح الباب فتح على مصرعيه لتهشق برعب من الجمع الغفير وعيونهم موجهه نحوهها، كأنها رقعة حمراء اثارت غضب الثيران ليجهموا عليها، حاولت ان تفر هاربة الا ان ذراع ناجي حازمة وقاسية بعض الشيء، رفعت رأسها لتهمس بتيه شديد وهي تتوسله بعينيها، تقسم انها فعلت
- ايه كل دول.

طمئنها بنظرة عينه وهو يتفهم هلعها وخوفها، المرأة التي امامه سهلة العطب، تحتاج لدروس مكثفة وربما ستتعبه، لكن بالنهاية يعلم ان ما سيفعله سيعود عليه بالنفع، القي نظرة نحو زهرة ولطقم عمله ليقول بجدية
- ضبطوها
وقبل أن يترك ذراعها غمز لثاني مرة وهو يتمتم بنبرة رخيمة
- good luck
ترك ذراعها لتسحبها امرأة وهما يتوجهان لغرفة التعذيب كما تعتقد، اصواتهم المتداخلة جعلها لم تفهم حرفا واحدا حتى مما قالوه..

هزت جيهان راسها وهي تبتسم بخبث نحو ناجي لتقول
- اعتقد دى اللى عايزاها
لم يرد عليها بل قال بجدية لزهرة
- زهرة جهزى العقود، وطبعا جيجي ليكي عندى
قاطعته جيهان صائحة بمكر
- لا خليها مش محتجاها دلوقتي، وقت ما اطلب منك خدمة هتنفذه بدون نقاش
هز ناجي رأسه، لولا انه يحتاج لتلك المرأة لما وافق على جنون جيهان، غمغم بسخرية
- بتفكريني بشادية، يا خوفى منكم يا بنات السويسري انتوا الاتنين الواحد يخاف منكم.

اقتربت جيهان منه ببراءة وهي ترفرف أهدابها ببراءة لتمط شفتيها وتقول بغنج
- ملامح زي دي تخاف منها يا نوجا
امتعضت ملامح ناجي لسماعه لذلك الاسم المقرف منها، اللعنة أين هيبته كرجل، يحمد ربه انه فسخ عقد جيجي حتى لا تفضحه بذلك الاسم الأنثوي اللزج، بملامح جامدة قال بجمود
- برا يا جيجي برا
خبطت جيهان بكف يدها على سطح مكتبها لتهتف بتذمر.

- الجنتلة راحت فين يا ناس، راحت فين اووف وتيجوا تقولوا البنت قرفاكم عشان لسانكم الدبش ده
ابتسم وهو يقول بنبرة يائسة
- مفيش فايدة منك
هزت جيهان رأسها نافية عدة مرات لتمتم بنبرة يائسة
- ابدا، يلا يا نوجا تشاووو ورايا نادي اروحله
ضيق ناجي عينيه وهو يتمتم بنبرة متفاجئة
- جيجي ونادي؟
تجهم وجه جيهان لتمتم بحدوة وهي تتذكر صاحب العيون الباردة
- ابقي قول لصاحبك وسيم ميدخلش في حياة الناس.

انفجر ناجي ضاحكا وابتسامته زادته جاذبية، لطاما تساءلت جيهان لما لم يرتبط ناجي حتى الان؟!، هل مثلا يبحث عن الحب؟!، رجال مثله يقابل نساء كثيرات ومن جميع الانواع هل لتلك الدرجة شبع من مجرد النظر؟!
تمتم ناجي بنبرة يائسة
- لسا ناقر ونقير
زفرت جيهان بيأس لتنظر إلى عيني ناجي وهي تسأله بيأس
- ناجي انت عارف انا بعتبرك زي اخويا مش كدا
لطالما يعلم تلك المقدمة، هز برأسه وهو يترقب سؤالها الذي جاءه.

- ايه سبب يخلي راجل غريب يدخل بحياة واحدة ميعرفهاش
اصطنع ناجي التفكير لثواني قبل أن يتمتم ببساطة
- تفتكري مثلا يا ذكية زمانك ليه؟
ياليتها تلك الاجابة التي يهفو لها القلب
يراني صغيرة متهورة يا ناجي فقط
جارته الفأرة الصغيرة جائت تنغص لا أكثر
ارتسمت على شفتيها ابتسامة مصطنعة وهي تلتقط حقيبتها مغادرة، شيعها ناجي بنظراته وهو يلعن صديقه وسيم، هل لتلك الدرج وسيم لا يراها
أم يراها ولكنه يتظاهر بعدم الرؤية؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة