قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثامن والستون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثامن والستون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثامن والستون

في قصر المالكي،
تجئ جميلة جيئة وذهابا، تعترف وجود امرأة ك آسيا سيزعزع من السلام النفسي الذي توصلت إليه العائلة بعد سنين من الصراعات والحروب، جزت على أسنانها بعصبية وكلمات الفتاة المهينة بحقها وبحق الجميع جعلت الجميع يصاب بالخرس من عدائها الشديد الموجه للجميع.

لم يسلم أحد من لسانها، ألم يخبروها سابقا انها توفيت إثر حادث مروري أم كذبوا عليها، تلك الساحرة اللعينة هي من سببت المرض لعمها، التفتت نحو عمها قائلة بعصبية ممزوجة بالغضب
- لا يمكن دي تقعد هنا في البيت ده
اخفض غالب جريدته ليهز رأسها يائسا، بعد العشاء الكارثي والجميع لجئوا إلى مخادعهم، الله يعلم ماذا حدث للمشبعة بالحقد مع حفيده، يتمنى ان لا يفقد حفيده عقله رغم شكه في هذا، تنهد قائلا
- جميلة.

قاطعته بعصبية مفرطة
- انتي مش شايفها بتعمل ايه في كل واحد، مش طايقة اشوف وشها، دي هدمر العيلة كلها
تنفست بصعوبة بالغة والشحوب يزحف تدريجيا لتهمس بعدم تصديق
- انت هتخليها قاعدة هنا
هز غالب رأسه قائلا ببرود
- ده بيت ابوها وعيلتها
جحظت عيناها لتحدق فيه منتظرة أن يخبرها انه يمزح تمتمت بحشرجة
- وانا.

زفر غالب بيأس محاولا أن ينهي ذلك النقاش بينهما، هو يعلم سر خوفها الشديد منها لكن لديه امل بحفيده والعشق الذي رآه في عيونهم
- ده بيتك يا جميلة زي ما هو بيتها
هزت رأسها نافية، رافضة فكرة وجود امرأة أخري في ذلك المنزل، امرأة لها قوة شخصية ووقود يحفزها للانتقام
- بيتي ومعاها
ابتسم غالب ببرود قائلا
- انتي خايفة منها يا جميلة
سؤال ضربها في مقتل، هي تكاد تموت رعبا منها، إلا أنها أبت أن تعترف له قائلة.

- مش خايفة طبعا، لكن هتأذي الكل واولهم انت
ابتسم غالب بهدوء متمتما ببعض الامل
- آسيا مندفعة بطاقة عنف وحقد بس هتهدي وهتفهم
قلبت جميلة عيناها، عمها يبدو أنه يحلم، امرأة كتلك ابدا لن تتخلى عن حقدها لأي سبب من الأسباب كانت، تمتمت بنبرة متحشرجة
- تهدي وتفهم، انت بتكلم عن واحدة غير اللي بنشوفها مثلا
صدر صوت نحنحة ليرفع غالب رأسه ليرى حفيده وهو يتقدم منهما قائلا بابتسامة جامدة
- مساء الخير.

عقد غالب حاجبيه متفرسا ملامح حفيده، يحتاج للاطمئنان انه لم يؤذيها وانها لن تكرر من جرح رجولته هو الآخر
اندفعت جميلة تصيح هادرة في وجهه
- اقدر افهم ايه الهانم اللي جبتها دي
تصلب جسد لؤي تحت أثر كلمات عمته ليجيبها بجمود
- مراتي يا جميلة هانم، وبنت عمي يعني لحمي وعرضي، عايزاني ارميها
هل يقلب الطاولة الآن؟، زمجرت جميلة وهي تهم بالرد بأسلوب حاد معه إلا أن غالب أخرسها نهائيا.

- الكون مش بيدور حواليكي يا جميلة، صدقيني زي ما انتي مهتمية بمصلحة العيلة زي ما بتقولي، انا مهتم اني ارمم اللي اتحطم عشان نقدر نعيش عيلة زي ما بتقولي
نظرت بين الحفيد والجد بعدم تصديق، كلاهما متحالفان لها، رغم خطأ الأخرى إلا أنها سحرتهم، سحرتهم جميعا
- يعني عايزين تفهموني انها مماتش زي ما قولت يا لؤي، لا كانت خطة ما بينكم يعني.

صاحت بها بثورة بالغة وهي تنظر بعدم تصديق بين الجد والحفيد المتواطأن على اخفائها ليقول الجد بهدوء
- جميلة، كفاية كلام كتير، الايام الجاية اعتقد هتكوني مشغولة في حاجه اهم
انفلتت منها ضحكة ساخرة لتمتم
- مشغولة في ايه
القي غالب نظرة خاصة نحو حفيده ليعيد النظر إليها قائلا
- وجد جالها عريس ابن ناس، وانا موافق عليه
ابتسامة ناعمة شقت طريقها سريعا وتناست جميع غضبها وحنقها لتقول بلهفة.

- عريس؟ امتى حصل الكلام ده؟ ليكون سمير ابن...
هز غالب نافيا وقال بأسلوب غامض
- لا مش هو، حد غيره
عقدت جميلة حاجبيها متمتمة
-ايه ده بجد!، طب هو من عيلة ايه؟ وابن مين
اكتفي غالب قائلا بجمود
- دكتور نفسي وباقي التفاصيل لما يزرنا هو وعيلته
لكن المعلومات بالنسبة لها ضئيلة جدا للبدأ بالبحث عنه وعن عائلته، قالت بفضول شديد
- طب هو مين عشان اسأل عليه
صاح غالب بصرامة شديدة.

- ليه شايفاني كبرت وخرفت ومش عارف مصلحة احفادي
هزت جميلة رأسها نافية رغم التفاجؤ من تحول ملامحه للعبوس والغضب المظلل حدقتيه لتهمس بأسف
- لا العفو طبعا
بسمة متسلية كادت تشق طريقها الا انه حافظ على ملامحه الصارمة ليآمرها بحدة شديدة
- اتفضلي على اوضتك
هزت جميلة رأسها موافقة وهي تستأذنهم للذهاب الى غرفتها، زفر متنهدا بارتياح وهو يوجه نظره نحو حفيده ليقول بصرامة أشد.

- وانت، تتصرف مع مراتك وتفوق لنفسها، الطريق اللي بتروحله هيخليها تخسرك انت وتخسرنا كلنا
أومأ لؤي برأسه والقلب يجلده بصمت على ما فعله بها، لم يقصد ابدا صفعها، لم يكن ليرفع يده ويصفعها
لكن هي التي بدأت تستفزه
هي التي نقضت ميثاقهم
هي تعلم ما يكره وأكثر ما يجرحه لذا تتحمل نتيجة أفعالها، غمغم لؤي باذعان قائلا
- حاضر يا غالب باشا.

ابتسم غالب بحنين وهو يضع جريدته على المنضدة ليستقيم من مقعده متوجها نحو حفيده مربتا على ذراعه هامسا
- طمنها يا لؤي، طمنها وقولها انك ضهرها، عاتبها وخاصمها براحتك عشان تعرف غلطها، لكن اوعي تستقل بيك او تقلل من قيمتك كراجل وكزوج
بسمة ظللت شفتي لؤي من مبادرته الطيبة لحياته، جده بالنهاية قلق عليها ابتسم قائلا
- فاهم ياجدي
ربت غالب على ذراعه قائلا
- ربنا يقويك يا ابني.

طريق رحلة العودة قضوه صامتين، إلا من نظرات مختلسة بين سرمد وبرتقاليته التي تزداد توردا من نظراته العميقة لها، زفرت جيهان بحده وشعور بالملل يعتريها ومن أهم أسباب الضجر والملل هي ثيابها الغير الانيقة بالمرة، تقززت ملامحها نفورا حينما تذكرت ذهابهم إلى متجر صغير بجوار الفندق، لم تجد مقاسها كل ما وجدته هو مقاس أصغر أو أكبر من مقاسها ولان صاحب العيون الباردة بجوارها أصر أن ترتدي المقاس الاكبر، ذلك الاحمق عديم الذوق، زفرت بحدة محاولة ان تجلب اهتمامه، لا يوجد شئ يسليها بعد ضياع هاتفها في الماء، صاحت بحنق.

- وسيم
رفع عيناه عن هاتفه وقال بملل
- نعم
أظهرت ابتسامة صفراء على شفتيها لتمتم بصوت هامس
- شيلني لما ننزل
رفع وسيم حاجبه لميل برأسه هامسا بسخرية
- وحضرتك انسه متكسحة عشان أشيلك
ضربته بعنف على صدره لتهمس بحنق
- ما تبقي رومانسي شوية يا غلس، انا عايزاك تشيلني لحد الاوضة
قرصها من ذراعها لتتأوه بعنف وهي تسمعه يهمس بخشونة
- لو عليا احطك على السرير بس مش سريرك، سرير عش الزوجية يا عمري.

اتسعت عيناها جحوظا لترمش باهدابها عدة مرات والخرس أصاب لسانها، دارت بعيناها حول الجميع لتجد كل شخص في عالمه، التفتت إليه لتهمس
- يا قليل الادب
ارتسمت ابتسامة ماكرة على شفتيه وهو يري اصطباغ وجنتيها بالحمرة، و لسانها اللاذع اصابه الخرس، عيناها مليئة بالشغف والحنين ليهمس بتسلية
- دلوقتي بقيت قليل الادب، انا من الصبح بقول اللهم اخزيك يا شيطان وانتي ابدا ما تسكتي.

عضت على شفتها السفلي بقهر، ذلك الحقير، المخادع، الوقح، تحاول عبثا ان ترميه بكلمة وقحة كحاله لكن، تبا لما يتحدث تلك الأشياء الوقحة التي تتمناها!
انتبهت على صوت سرمد الاجش
- لقد وصلنا
تمتمت شادية بهدوء وهي تمسك حقيبتها لتضعها على ذراعها مستعدة للترجل
- يلا يا جيجي
هزت جيهان رأسها بصمت لتهمس بأسف نحو سرمد
- اسفه على تعطيل عملك سرمد
هز سرمد رأسه قائلا بهدوء
- لا مشكلة جيجي، الاهم انك بخير.

لمعت عيناها بتسلية وهي تغمز بعبث نحو شادية التي أشاحت برأسها وهي تترجل من الميكروباص لتمتم قائلة
- شكرا لاهتمامك، كل يوم تثبت لي انك رجل بحق
عقد وسيم حاجبيه بشر ليتمتم بغلظة
- يلا
دفعها بخفة لتتأوه بميوعة وهي تترجل من الميكروباص لترفع رأسها نحو بوابة منزلهما، اختل توازنها ما إن أبصرت والدها عاقدا ذراعيه ناظرا بعبوس لتزدرد ريقها بتوتر من النظرة المميتة في عيني والدها قائلا
- بابا بيعمل ايه عند الباب.

وجهت نظراتها الإجرامية نحو شادية لتسارع بهز رأسها نافية، التفتت نحو وسيم بوعيد
- وسيم
تمتم بلا مبالاة قائلا
- كان لازم يعرف، محدش يبصلي بالطريقة دي
ما أن أبصر غسان رجل كهل واقفا بتحفز ارجح انه والدهما، التفت غسان نحو صديقه قائلا
- هيا ترجل من السيارة
عبس سرمد قائلا
- لما؟
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه، ذلك الاحمق الأوروبي لن يتعلم أبدا، ما زال محتفظا بأصله الغربي وتفكيره، غمغم بخشونة.

- سنذهب لوالد امرأتك، ترجل من السيارة وتحدث معه
رفع سرمد عيناه ناظرا نحو الرجل المتجهم الوجهه لينظر نحو صديقه قائلا بتردد
- لا يبدو أنه سيكون متفهم للأمور، ربما مرة اخرى
لكزه من خاصرته قائلا بحدة
- كن رجلا يا وغد
ترجل كلاهما وسرمد يستمع إلى الحدة في صوت الرجل نحو الفتاتين، لم تنبس برتقاليته ببنت شفة بل خفضت عينيها ارضا لكن الاخري رفعت عيناها بجرأة مواجهة والدها ليتنحنح قائلا
- مساء الخير.

تنهد معتصم بحدة وهو يغمغم بخشونة قائلا
- حسابي معاكم بس لما نكون لوحدنا
هزت شادية رأسها لتجر شقيقتها العابسة داخل منزلهم، عقد معتصم ذراعيه وقد بلغ نفاذ صبره من كلتا ابنتيه، الأولى المدللة متمنعة والثانية حقا بات يخشى عليها بسبب ذلك الأجنبي، تمتم ببعض النزق
- اهلا
ارتسمت ابتسامة دبلوماسية على شفتي سرمد ليميل نحو غسان قائلا
- اخبرتك يبدو أنه لن يستقبلنا في منزله
اقترب غسان بترحاب شديد قائلا.

- مسا الخير عمي
رأي غسان بعض الدهشة التي لاحت على صفحة وجهه الأب ليتمتم الأب بلغته
- الله، ايه اللي لم الشامي على المغربي
ضحك غسان محاولا كسر البرود ليتمتم
- والله قصتي طويلة، عندك وئت تسمعني
القي معتصم نظرة ممتعضة نحو سرمد الذي حافظ على ابتسامة هادئة، جيد انه يوجد وسيط بينهما، فهو لا يحب التحدث بلغة اخرى خصوصا ان صاحب اللغة هذا يبدو أنه سيكو زائرا ثقيلا، أومأ باقتضاب وهو يشير نحو المنزل.

- مفيش مشكلة اتفضلو
وجه نظره نحو وسيم الذي يمرر أنامله في خصلات شعره بحرج شديد ليقول بصرامة
- وأنت تعالى معايا
زفر سرمد قائلا
- يبدو أن الليلة ستطول
الرجل رغم امتعاضه وكراهيته إلا أنه رحب بهما وأدخلهم منزله، لم يخفي الكراهية التي اظهرها له الأب لكن يتمنى ان تلك الليلة تمر على خير!

تدور في الغرفة جيئة وذهابا، ذاكرتها تعود لجزء من يوم عصيب تمنت لو لم تخطي بقدمها لباب الشركة، ما فعله ناجي بها أنه أجلدها
ثم عراها، عري روحها وأظهر أبشع ما بها
ارتجفت يداها وهي تحاول ازاحة تلك الذكري بعيدا لكن الذكرى تشبثت بها لتغمض جفنيها بيأس مستعيدة تلك الأحداث تلك المرة بهدوء...
قالها ببساطة شديدة
- تتطلقي منه
تراجعت عدة خطوات واتسعت عيناها جحوظا
طلاق.

لطالما كانت الكلمة تتردد في ذهنها مرارا وهي حبيسة جدران منزل ارتعبت من قسوة برودته
هلعت وبدت الكلمة التي قالها ببساطة ثقيلة جدا على قلبها، هل أصبح الحمل ذئب مفترس أبرز أنيابه الوحشية مستعدا للانقضاض على الفريسة؟!
تراجعت خطوة للخلف وهي تمتم
- انت، انت بتقول ايه
وضع يديه في جيب بنطاله قائلا
- اللي تعمليه وانتي لحد دلوقتي متجرأتيش تاخدي الخطوة دي.

ازدردت ريقها ولا تعلم لما عيناها ارتفعت تلقائيا نحو باب الغرفة، تتمنى وجوده الان
ذلك الرجل الذي تبغضه والذي لن يتوانى عن قتلها ما إن يراها ترغب حمايته من ذلك الغريب عنها، اهتزت عميقا واحساس بالوحدة يقتات منها لتهمس بصلابة زائفة
- وانت مالك بيا
شبح ابتسامة ظهرت على شفتيه ليقول
- صدقيني دخلت جوا اللعبة ما بينكم
انفجرت ضاحكة والدموع تنساب على وجنتيها، لتهسهس بغضب.

- مفيش حد دخل اللعبة، اللعبة دي لعبتي انا وانا اللي هنهيها بمعرفتي، الظاهر اني حكيت قدامك كتير لدرجة انك اتجرأت ووصلت بيك الوقاحة انك تطلب مني طلب زي ده.

مال ناجي برأسه متفرسا اياها، يبدو أنها تنكر وتزيد في الانكار وتريد اسقاط الجميع في الدرك دافعة إياه دون التجرأ هي على التقدم، رغم بعض الشفقة التي يكنها له، لكن تلك الانانية التي بها كشفته وهو يراها تحن له بعد كل ما سببته له من مشاكل والله لوحده يعلم ماذا سيحدث!

- انتي مش واخدة بالك ولا ايه، بتسحبي ناس وراكي وتخليهم في وش المدفع وتستخبي انتي وتجري وتيجي في الاخر تقولي ملكش علاقة بيا، لا ايه الجراءة اللي انتي فيها دي
تفاجات من هجومه العنيف لها لترمش بأهدابها متمتمة
- انت عايز ايه مني
ظهر شبح ابتسامة ساخرة على شفتيه ليقول بغلظة
- مش عايز غير انك تبعديني عن مشاكلك انتي وجوزك اللي مش هتخلص
تنفست فرح بهدر وهي تقول ب اباء.

- لو للدرجة دي بأذيك في الشغل، فشكرا، انا هستقيل ومش هتضايق من وجودي تاني عن اذنك
اندفعت خارجة بعنف ليمسكها بقبضة غليظة من معصمها ويميل برأسه قائلا
- ثورتك وغضبك ده المفروض يوجه لشخص واحد مش ليا
حررت يدها منه بعنف وهي تصرخ في وجهه قائلة
- من حقي اغضب واثور لما سمعت منك الكلام زي ده، ليه فاكرني مثلا هترمي في حضنك وابكي وتتطبطب عليا وتقولي ابكي يا حبيبتي، انت اصلا تكون كداب ومستغل وشخص حقير.

الاهانة التي سددتها في وجهه جرم كبير في حقها وفي نفسه لانه سمح بالتعاطف معها، تصلبت ملامح وجهه وهو يمسك زندها بخشونة المتها، حاولت مرارا ان تزيح يده الا انه قسي بقوة وهي تري وجهها اخر غير وجه ناجي الذي اعتادته
حتما اللعب مع الرجال صعب للغاية، خصوصا الرجال على شاكلة ناجي، الذي يبرزون وجه مسالم لكنهم في الحقيبة عبارة عن ماذا؟

هي حتى لا تعلم، أصبحت لا تأمن شخصا بل أصلحت تشك في الجميع ونواياهم والأمر يعود لفضله!
- انا كداب ومستغل وحقير، ممكن تقوليلي امتي استغليتك، وامتي كدبت عليكي في حاجه، وفين الحقارة اللي بتحكي عنها يا مدام فرح
اشاحت عيناها عنه وهي تحاول أن تفلت يدها من قبضته لتهمس بصوت ضعيف
- انا محتاجة امشي
انفجر صارخا في وجهها وقد اكتفي منها حقا.

- مش هتمشي غير لما تردي عليا، انتي عارفة هكون حقير امتى بجد، لما استغلك فعلا وحاجتك للفلوس تخليكي تندفعي لاقذر اعلانات بتتعرض قدام الناس من رقصات ساخنة مع مطرب وملابس مثيرة واعلانات لملابس لانجري، تفتكري واحدة زيك في ظروف زي دي هترفض اعلانات زي دي
بهتت من هجومه لتتراجع عدة خطوات للخلف و جسدها يرتعش من منابت رأسها لأسفل قدميها لتجيبه
- انا مبعملش الحاجات دي اخري اعلانات محترمة.

لاحت ابتسامة متهكمة وهو يجيبها
- مفيش حاجه اسمها محترمة يا مدام، كون انك موديل ف انتي اديتي شخص زيي كل الحق يحطك في اي حتة تعجبه، اديتيلي الجرين كارد يا فرح
وقع تلك الكلمات القاسية عليهة مخيف، مخيف جدا
تشعر بالوحدة، بأنها في غابة حقيقة وهي غزال شريد في أرض الأسود
انتفضت وهي تخرج من الغرفة قائلة
- وانا يستحيل اقعد في مكان زي ده
هز ناجي رأسه بلا مبالاة قائلا.

- براحتك، بس افتكري كويس وقت ما تقرري تطلعي من هنا مترجعيش تندمي
حتى فرصة المال خسرتها
ظلت تنظر اليه نظرات مطولة ثم خرجت بصمت وفقدت آخر رمق منها للمحاربة
استنزفت كليا وبقت وحيدة، مشردة، بدون عائلة حقيقية تهتم بها، تخشي من شبح صورة نضال، وما تبقى من فرح
لا شئ
لا هي كالماضي
ولا حتى تستطيع العودة لماضيها، حيث اخر همها هو جلب المال لمساعدة أهلها.

انتهت الذكري لترفع رأسها وهي ترى جدران غرفتها التي لم تعتاد عليها تخنقها، انفجرت في البكاء لتضم قبضة يدها وتضربه على نبضات قلبها هامسة
- كله بسببك انت
زادت من قوة ضرباتها وجسدها ينتفض من البكاء
- كل ده بسبب خوفي منك ومن رعبي من جنانك
تراخت يدها لتستقيم بضعف من جلستها وهي تطالع وجهها في المرآة.

حتى من تراها سطح المرآة العاكسة، امرأة عجوز هرمة، ليست امرأة على وشك انتهاء عقدها الثالث، سالت الدموع من وجنتيها وهي تمتم
- ليه، ليه دمرتني بالشكل ده.

خاطبت مرآتها متحدثة عن الغائب، والغائب الحاضر لا يجيب، مسحت دموعها بحدة لتلتقط هاتفها لتهم بالاتصال على جيهان، تفاجأت من اغلاق جيهان لهاتفها، لتحاول اعادة تكرار اتصالها ظنا ان هناك عيبا في الشبكة إلا أن الرد واحد، تأففت بضجر وهي تعود تجلس على فراشها تتصفح المواقع كعادتها كل يوم الا ان خبر فضيحة تخص جيجي السويسري المنتشرة على وسائل الإعلام جعل عيناها تتسعان بجحوظ.

صورة عارية، فيديوهات رقص رخيصة، جمهور ثائر حانق، ومن يخاطب بإرسال تلك الساقطة خلف القضبان جعل الهاتف يسقط من يدها شاهقة بذعر
- يالهوي
عادت تمسك هاتفها وهي تنظر الى الصور بتمعن، تلك الصور ليست هي، جيهان رغم جرأتها وملابسها المتحررة بعكسها إلا أنها ليست هي
نضال، اسمه انبثق من غياهب عقلها ليبهت وجهها، لقد فعلها، فعلها المجنون لينتقم منها وينتقم لكل يد قدمت لها يد المساعدة!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة