قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل التاسع والستون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل التاسع والستون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل التاسع والستون

في قصر الغانم،
دلك نضال رقبته وهو ينظر إلى ارجاء القصر المصمم بأناقة مبالغة، بل بذخ، كأنه في عالم خيالي مثل تلك الرسوم المتحركة التي تشاهدها شمس، وبذكر شمس تذكر والدتها ليعبس جبينه وهو يتذكر انها لا تفوت يوم سوى وهي تقضي اليوم في منزله، منزله الذي تمكث فيه مع زوجها، وهو شبه مطرود من المنزل.

زوجها ابدي رفضا شديدا عن بقائهما وعرض أن تمكث الطفلة في منزله الا انه رفض بشدة، ووصل الأمر إلى تهديد صريح بايذائهم، رضخت الأم بسهولة إلا أن الزوج لم يعجبه الوضع لكن مع تحايلات الزوجة علمت كيفية تخليه عن رأيه.

اللعنة على النساء واللعنة على من ينقاد خلفهن بسبب دموع التماسيح خاصتهن، صعد الدرج الملوكي ساخرا من البريق الذي يلمع في كل تحفة فنية موضوعة بعناية في ذلك القصر المهيب، اللعنة القصر يضرب شقته العصرية مئة ضربة، هز رأسه يائسا وهو يحاول ايقاف تدفق افكاره الساخرة مركزا مهمته العالقة مع اخته الصغري مع خطيبها.

الرجل مصر وملح شديد بل وراغب بها وتلك الخبيثة الصغيرة و عينيها المفضوحتين تفشي أثر اشتياقها له، لكن العقل والعناد الأنثوي تدخلا في المعادلة وعليه هو حل تلك المشكلة بطريقته
هو حتما لا يريد إفساد الأمر، لكن الأمر معروف، نضال الغانم ما أن يدخل شيئا في عقله فهو لن يطمئن سوى وهو يحققه، هذا الأمر كحال تلك المزعجة سليطة اللسان التي حشرت أنفها فيما لا يعنيها.

طرق باب غرفتها واقتحمه كعادته بعد شبه وجوده الدائم في القصر، فزعت رهف وسارعت بغلق البوم حفلة عقد قرانهما مزيلة دموعها المنهمرة ليقلب نضال عينيه بملل قائلا بتقزز
-انا مش عارف ايه اللي عاجبك فيه ده
تحشرج صوت رهف وهي تجفف دموعها قائلة بعبوس
-نضال
صمت رهف قليلا مهدئة من دفاعها عنه لتعض على طرف شفتها السفلى وهي تراه يجلس بجوارها على الفراش متفرسا ملامحها ببطئ، رفرفت بأهدابها وهي تسأله.

-انت بتكرهه؟ يعني شايفة مش مناسب
ابدي نضال تفاجأ، لم يكن يظن انها ستسأله عن رأيه به، اخر شئ يتوقعه من ابنة الغانم، لكن يبدو أن تلك الصغيرة ستفاجئه، لاحت ابتسامة على شفتيه ليضرب رأسها بخفة قائلا
- وانتي بتسأليني دلوقتي بعد ما بقي بعقد رسمي جوزك
أمسكت كفه وهي تسأله بجدية
- جاوبني من فضلك يا نضال، عايزة اشوف هل انت راضي عنه ولا لأ؟

ملامسة يدها له فاجئه، بل وتره للحظ وفقد بها زمام سيطرته وهو يحدق في زرقة عينيها المنطفئة، ازدرد ريقه بتوتر و شبح الماضي بات رفيقا لا يغادره إلا لماما، ابتسم بشحوب قائلا بصوت أجش
- ولو قولتلك لأ هتعملي ايه؟!، هتقرري مثلا انك تسيبيه وتضحي بسعادتك ولو اني مش شايف اي سعادة بسبب هوس اخ وخايف على اخته
انفجرت رهف ضاحكة وهي تحاول السيطرة على دموعها لتسمع صوته المنزعج
- انتي بتضحكي.

اعتذرت وهي تحاول ان تسيطر على مشاعرها لتنظر اليه بجدية ثم تنهدت، مررت اناملها على خصلات شعره الناعمة ليرفع نضال حاجبيه بريبة إلا أنها لكزته في مرفقه لتقول بهدوء
-الظروف يا نضال مسمحتش قبل كدا نقرب من بعض، انت عارف لما كبرت شوية اتمنيت انك تقرب مني اوتحصل حاجه تقربنا من بعض بدل ما أنا شايفاك وحيد وبعيد.

وهل تراه هي طفلا صغيرا تريد الاعتناء به كما كانت تعتني بدمياتها؟!، سؤال ساخر انبثق نتيجة رؤيته وهي بأفعال صغيرة تبدد من برودته، بل تصهره ليشيح بوجهه عنها قائلا
- وياريتني ما قربت منك بعد اللي حصل
تنهدت رهف بحزن وهي تستمع إلى صوته الاجش والندم الذي حفر تقاسيم وجهه الوسيمة، مررت اناملها بفضول شديد تلامس وجه أخيها لتهمس بهدوء
- انسى، زي ما نسيت انت كمان انسي.

رفع نضال رأسه والظلمة في عينيه اخافتها، ازدردت لعابها وهي تسمعه يهمس
- مسمحاني؟
هزت رأسها ايجابا ليزفر نضال براحة، وكأن حملا ثقيلا انزاح من على صدره، لتتفاجأ به يعانقها بقوة، معبرا عن ندمه وأسفه، وعدم كونه رجلا ناضجا ليساعدها على التخلص من السيئين من حولها دون أن يمس بها ضرر
لكن صوت خبيث، في اعماق اعماقه، ليس متشفي لكن راضي تماما عما فعله، أنه يجلب عليها تعلم الدرس
اخذته على حين غرة حينما سألته بفضول.

- فين فرح؟
اكتسي تعابير وجهه الجمود إلا أن عينيه اشتعلت بغضب وهو يغمغم بحدة طفيفة
- بتسألي ليه عنها دلوقتي
اقتربت منه هامسة بصوت خفيض
- لسه مراتك ولا طلقتها قولي مش هقول لحد
بل ما يود فعله الان كسر عظامها، عظمة، ثم ممارسة عليها أشد عذابا كي تعلم ان نضال الغانم لا يمكن أبدا الاستهانة بغضبه، وكل من يخفيها عنه سيلحقه الضرر
صاح باجرامية واحتقدت عيناه بشرر مميت.

- نفسي اشوفها، لاني لو شوفتها هكسر ضلوعها ضلع ضلع، مش هخلي فيها حتة سليمة
تفاجئت رهف من العدوانية والغضب في صوته لتهمس بشك
- انت بتحبها يعني؟
انفجر ضاحكا بسخرية كما لو انها القت اليه نكتة ليسأل بسخرية
- لسه مؤمنة بحاجة زي دي؟
ارتسمت ابتسامة حالمة على شفتيها وهي تجيبه تنهدت بحالميه أنثى مراهقة تفتحت بتلاتها لتهمس.

- الحب دي أنقي شعور إنساني اتخلق واتزرع في قلوبنا، صدقني الحب بيعملك توازن نفسي وبيقدر يطلعك من ضغط عصبي واجهاد نفسي
قلب عينيه بملل وهو يغمغم بسخرية
- وده كلام مين عشان اشكره
اقتربت منه وهي تمسك ذقنه لتقع عيناها على السواد المشبع بداخله، همست بهدوء
- كلام اللي حبوا يا نضال، لما تحس ان حد في ضهرك وهيفضل يحميك بحياته وكل اللي ما يملك، الشخص ده يستاهل نحطه جوا قلبنا ومنسمحلهوش يبعد عن حياتنا نهائي.

ران الصمت بينهما وصمت نضال يزيدها من ملامسته بجرأة، هي بحياتها لم تقترب منه كحد السلام لكن أمنية داخلها تمنت أن يبادر بسؤال ما عن صحتها وعن حالتها وكيف تبلي في مذاكراتها، اهتمام مريض به تمنته منه ونست أنه فقد حق الاهتمام حينما تحاشته وظن انها تنبذه كما نبذته والدتها ووالدها، تفاجئت من سؤاله
- لسه بتقري روايات؟

رفعت عيناها بدهشة و شعور بالذهول يكتنفها، كيف علم شئ كهذا؟!، بحياتها لم تخبر وقاص عن هذا ولا حتى فترة مكوثها في المصحة النفسية، حاولت أن تهذب من ردود افعالها وهي تجيبه
- بطلتها لاني عايزة اعيش حكاية اكون انا بطلتها يا نضال، مش اتخيل نفسي مكان حد غيري
نقرات على باب الغرفة قطعت من حديثهما ليرفع نضال رأسه واتسعت عيناه صدمة حينما استمع الى صوت الشامي
- مسا الخير.

احتقدت عينا نضال بشرر وهو يستقيم واقفا وحمية اخوية لعينة جعلته يخفي الصغيرة بجسده ليواجه ذلك الوقح الذي تجرأ على دخول غرفة نوم الصغيرة ليصيح بزمجرة
- نفسي اعرف بتيجي هنا ليه
هز نزار رأسه بلا مبالاة ولم يخفي نضال العداء ليتمتم ببرود
- جاي شوف مرتي انت شو دخلك
عضت رهف شفتها السفلي بتوتر وهمت بالحديث ليرتجف جسدها حينما انفجر نضال صائحا بثوران
- ده كمان بيتبجح
اكتفي نزار بابتسامة المغيظة لنضال ليقول بهدوء.

- اي بدي اقعد معها ولحااالنا كمان اذا ماعندك مانع يعني
متبجح ووقح، يطرده من غرفة أخته ليغرر بها، على جثته ان حدث هذا، وإن كان لا يوجد بعض القواعد والانضباط في مرحلة خطبتهم تحت مسمي زوجته فهو الآن موجود وسيحرص على أن يضع كل شخص في مكانته الحقيقية، القي تعليق ساخر وهو يعقد ذراعيه على صدره
- لأ وكمان بيطردني، طيب شوف بقي مين هيتحرك من هنا، انا مش عارف مين سمحلك تدخل اوضتها بالشكل ده هي سايبة ولا ايه.

تخلي نزار عن برودته واقترب منه قائلا بحدة
- لك افهم بقا انا زووجها زوجها غنيلك ياها يعني
اشاح نضال بيده مغمغا
- على ورق بس، يعني في حكم المخطوبين، تقدر تستناها تحت ولما تجهز يبقي هتقابلك قدام عنيا
بشق الأنفس حافظ نزار على برودة اعصابه ليغمغم موجهها حديثه نحو المختبئة خلف جسد شقيقها
- عشر دقايق و تكوني جاهزة رهف
سمع همس ناعم منها
- حاضر.

استدار نزار مغادرا ليتلفت نضال نحو رهف واعينه ترسلان شررا لتهمس رهف بحرج
- ملهوش داعي للي عملته ده يا نضال
أجاب بغلظة شديدة
- انا أدري بمصلحتك، رجله هتكون متعودة على اوضتك يا انسة وانا راجل ميقبلش اسيب خطيب اخته في اوضتها وكمان شامي بلسان معوج
عضت باطن خدها وهي تدافع عن حبيبها هامسة
- متقولش عليه كدا، نزار ده طيب جدا ومحترم
القي ضحكة ساخرة وهو يغمغم
- مين يشهد للعروسة.

تلونت وجنتي رهف بالحمرة والاهانة التي تسمعها منه لنزار لم تعجبها، همست بلوم شديد
- نضال مينفعش اللي بتقوله ده
اكتفي نضال بنظرة زاجرة ليقول بجفاء
- يلا اجهزي متتأخريش
استدار مغادرا وهو على وشك الرحيل، بالطبع لن ينسي أن يضايق السوري ثم يعود لمنزله متمنيا ان لا يجد والدتها او زوجها في المنزل، تفاجئ بجسد يلتصق بظهره وذراعين تلتفان حول جذعه وهمس ناعم قشعر جسده.

- بحبك اووي، شكرا انك كنت موجود في اليوم ده، انت ووقاص سندي في الدنيا دي مليش غيركم
دار بجسده ليعانقها بأخوية، ربت على ظهرها ورهف تزداد التصاقا به لتسمعه يهمس بمشاكسة
- انا هتكلم مع الشامي لحد ما تجهزي
رفعت رأسها وعبوس وجهها جعله ينظر اليها بحنين وهي تمتم برجاء
- نضال ارجوك ملهوش داعي انك تقلل منه، صدقني هو عامل خاطر علشاني
وتدافع عنه الصغيرة، اكتفي بابتسامة باردة وهو يمرر أنامله في خصلات شعرها قائلا.

- متخافيش، اطمني، روحي اجهزي
هزت رأسها وهي تبتعد عنه لتسارع بالذهاب إلى خزانة ثيابها، هز نضال رأسه يائسا متذكرا مثل مصري ليتوجه تلك المرة نحو الخارج عازما على وضع النقاط في الحروف..!
تفاجئ بوجوده خارج باب الغرف يسير في الردهة الواسعة ليقول بصوت مقتضب
- عايزك.

اتسعت عينا نزار مفاجأة حينما وجده يأمره بكل صلف وعنجهية متوجها نحو آخر الردهة التي تنبثق منها غرفة استقبال صغيرة، كز نزار على اسنانه وذلك المتبجح يزيد من أفعاله الحمقاء، غمغم بسخرية
- خير ياطير
عقد نضال حاجبيه غير عالما بسبب ذكر كلمة (طير داخل السياق ) لكن أي اختلافات في اللهجة سيضعها جانبا، جلس على المقعد ورفع راسه بكبرياء شديد قائلا.

- ايه السبب اللي يخليك ترتبط بواحدة سمعتها مش، امم بحاول اقول لفظ مناسب قدامك، سمعتها مش نضيفة زي الصفحة البيضا
نظر نضال باستمتاع نحو ملامح وجهه السوري المصدومة، ظل لثواني عاجزا عن الرد ثم تدارك نفسه ليقول
- والله انت غريب عجيب اول مرة بشوف اخ بحكي على اخته بهالطريقة هي
ابتسامة مقتضبة هو ما حصل عليه ليغمغم نضال بجفاء قائلا
- انا اخ عكس الباقيين
تجهمت ملامح وجهه نزار ليقول بعدائية.

-يعني عم تعمل هيك لتطفشني ياعيني
وضع ساقا فوق الأخرى وأشاح بيده بلا مبالاة
- والله دي حاجه تفهمها على مزاجك انت
طحن نزار ضروسه وتعمده للتقليل من شأنه واعتباره نكرة يجعل الشياطين تغويه للكم هذا المتبجح، جلس على المقعد المجاور له وهو يجيبه بجمود.

- طول حياتي وانا شايف انو الحب شي مو موجود وبعمري مااعترفت فيو بسبب المسؤولية يلي تحملتها خصوصا لما تهجرت انا وامي كل همي كان كيف خليها تعيش حياة كريمة، ورغم انو الله يسرلي ولاد الحلال وشغلي تحسن وصار إلى اسم كبير بس مشاعري ماتحركت لحدا فيك تقول كنت حاططها بخزنة وزاتت المفتاح بالبحر، لحتى شفت رهف حياتي كسرت اقفال قلبي زلزلت كياني خلتني واحد تاني تماما ومع هيك كنت خاايف خايف يكون حدا بحياتا، بس لما تاكدت انو مافي حدا فورا تقدمتلها لانو خفت تروح مني بعد مالقيتها.

هز نضال رأسه وهو يضغط باصبعي السبابة والابهام على جسر انفه ليقول
- مردتش على سؤالي يا شيف
أجاب نزار بثقة شديدة
- مو شوية اشاعات بتخليني غير نظرتي الها انا حبيت روحها لرهف، ومتاكد انو كل هالاتهامات كلها باطلة وكلو كذب وافترا عليها
اعتدل نضال بجلسته وانحني مشبكا أصابعه وهو يقول بنبرة غامضة
- ولو الاشاعات دي حقيقية
هز نزار رأسه نافيا
- مانها حقيقية
غمغم نضال بثقة شديدة وهو يحدق في حدقتي الرجل امامه.

- ولو قولتلك انها حقيقية فعلا مش كدب
ما زال الرفض وعدم التصديق مرتسمان على وجه نزار ليقول نضال بمكر
- لو قولتلك اللي ناوي ترتبط دي بيها مش انسة يا نزار
وانقلبت الأحوال في ثانية لحظة خروج تلك الكلمة التي كانت كطلقة لم تقتل ضحية واحدة
بل اثنان، الاول الجالس أمامه والثانية التي شهقت متراجعة بضعف غير مصدقة أن أخيها يفعل هذا بحقها!

في قصر السويسري،
تطحن جيهان ضروسها بغل شديد وهي تراقب من حاسوبها صفحتها التي اقتحمها ذلك الحقير، جميع صفحاتها على التواصل الاجتماعي سرقت
اللعين، اللعين، اللعين، دمر عملها وحذف معظم فيديوهاتها على اليوتيوب التي حققت اعلى مشاهدات، لقد أوقف حياتها نهائيا لا وما يعقد الامر تلك المنشورات الخاصة بها على موقع الانستجرام.

منشورات تسيئ من قدر نفسها، بل وفضائح مجلجلة جعلت جميع الانظار تتوجه نحوها، ملابس شبة عارية وفيديوهات مركبة وهي ترقص بمجون أمام كاميرا هاتف، وما جعل الناس يصدقوه ان الاضاءة خافتة، تفاجأت من زمور سيارة شقيقتها التي ترجلت من سيارتها على الفور وهي تتوجه نحوها قائلة بحدة ملقية جهازها اللوحي على المنضدة به صورة لها، أو وجهها هي وجسد أخرى
-شايفة الكارثة دي، لما بابا يشوف الصور دي يا تري هتقوليله ايه.

اغمضت جيهان جفنيها وهي تحاول التخلص من صداع الرأس الذي يفتك بها، لتسمع إلى آخر صوت تود سماعه الآن
-اقدر افهم ايه اللي حصل
قالها وسيم بحدة لتعض جيهان على شفتيها قائلة
- مش وقتك دلوقتي، سبوني احل المصيبة دي
انفجر هادرا في وجهها
- مصيبة، دي كارثة، فضيحة، هتعملي ايه
نظرت شادية بقلق بين الاثنين تخشي ان يسمع والدهما الشجار الذي بينهما لتمتم جيهان بعصبية.

- بحاول ارجع الاكونت بتاعي، الكلب الحيوان، قسما بالله ما هسيبه
امسكت بحاسوبها عازمة أن تدمر عمله كما دمر عملها، عليها اولا ان تخترق النظام الأمني لفندقه العظيم وتدمر المواعيد لضيوفه المهمين وتسقط عدد الاراء و الاحصائيات وتخفض عدد نجوم الفندق، عقدت شادية حاجبيها مغمغمة
- بتعملي ايه
أجابت جيهان بنزق
- هو عملها حرب تكنولوجيا، والله ما هسيبه الكلب ده.

اندفع وسيم مقتربا منها وهو يغمغم بعصبية اتلف ما تبقى لها من أعصاب
- هتعملي ايه يا مجنونة
اجابته بجفاء
- هبوظله الفندق بتاعه، هطربقها عليه لحد لما يقفله
جحظت عينا شادية وصمتت للحظات قبل ان تمتم
- انتي مجنونة، الفندق تبع المؤسسة الخاصة بيهم، واللي ماسكها جوز فريال
وهو حينما يدمر سمعتها لم يعبر في باله ان هناك علاقة تجمعهم، صاحت بحدة
- ههد المعبد باللي فيه، انتي يعني عاجبك اللي حاطه ده.

احتقنت أوداجها بغيظ شديد واندفعت تصيح بصراخ
- لاسجنه القذر ده، لاسجنه
مررت شادية يدها على ظهر جيهان قائلة بهمس
- اهدي طيب، أهدي
لوي وسيم شفتيه وهو يغمغم بخشونة
- عرفتي تحلي المصيبة
أغلقت حاسوبها بعنف والتفت اليه قائلة بنفاذ صبر
- وسيم انا مش ناقصة اسمع صوتك دلوقتي سيبني
ابتسم بسخرية وقال
- دي اخرة رعونتك وتهورك يا انسة جيهان
هل وقت عتابه الآن؟ زفرت جيهان بضجر وهمست بيأس
- وسيم مش وقتك نهائي.

امسك ذراعها بخشونة وصاح فيها هادرا
- اقدر افهم بقي استفدتي ايه من كل ده، الناس المزيفين ولا معرفة المصلحة اللي يقوم يبقوا معاكي معاكي ويوم ما تنتهي يقلبوا ضدك.

نظرت شادية بين الطرفين ثم رفعت عيناها نحو الباب، بالتأكيد سيأتي ابيها لا محالة، اندفعت داخل الباب لتطمئن من والدها أنه لم يقرأ شئ أو يخرج من الداخل، ثم شجارات هذان الشخصان أصبحت معتادة عليها لدرجة انها اصابت بالضجر وتوقفت عن ان تكون ضحية في المنتصف...
لمعت الدموع في عيني جيهان، وحاولت ان تجلد ذاتها لأكبر وقت ممكن وهي تهمس بحشرجة
- جاي دلوقتي تكلمني يا وسيم، الوقت ده
اومأ وسيم موافقا.

- عشان تفوقي وتنتبهي لحياتك، فهميني عايزة ايه تاني، عايزة ايه من الحياة دي
اتسعت عيناها بذهول قبل ان تفلت يدها من قبضته وهي تستقيم قائمة من مقعدها صائحة
- ابقي مهمة، ابقي مهمة وقت ما قررت ترميني وتسيبني بقي بمعتقداتك المتخلفة واللي عرفت أسبابها، قررت اكون مهمة في عيون غيرك ارتحت
استقام هو الآخر ليقترب منها متسائلا بتعجب
- انتي لسة شاكة في اهتمامي بيكي؟
انسلت الدموع من وجنتيها وهي تجيبه باختناق.

- ايوا واحد زيك اخاف منه، لانه كان مرعوب من مشاعره اتجاهي، يعني ايه كنت شايفني طفلة واني متعلقة بيك، مبذلتش جهد ليه في حبك وحاولت تضحي زي ما ضحيت انا عشان اظهر بصورة انثي قدامك واملي عينك
ثم اقتربت منه تضربه بكلتا يديها على صدره الصلب، لعله يعاني من بعض الالام الجسدية حينما الحق بها بآلام نفسية شديدة نتيجة غبائه.

- تقدر تقولي ليه محاولتش تدافع عن حبك ليه زي ما قولت، تملي الحب في قلبي يا وسيم، تقدر تقولي ليه قررت تجري وتمشي زي الجبان
لم يدافع عن نفسه حتى بل صمت كعادته، صاحت بقهر
- عارف ليه، لانك مش عايز اصلا العلاقة دي، مش عايزها تتم ولما صرفت نظر وبحاول اشوف غيرك قررت تبقى أسد قدامي وتدافع عن اللحم بتاعه اللي هيتغدي بيه.

حاول، حاول الا يضحك على تشبيهها الاخير الا ان بسمة صغيرة كانت خطأ ليراها تهجم عليه بافتراس
- متضحكش على تشبيهاتي، امشي يا وسيم
امسك كلتا يديها هامسا بصوت أجش
- عايز احضنك
رعدة خفيفة سرت في كامل جسدها، لتفغر شفتيها بصدمة قائلة
- افندم
مال برأسه قائلا بنبرة مثخنة من العاطفة
- وعايز ابوسك حقيقي
رفرفت جيهان بأهدابها، تخضبت وجنتيها بالحمرة لتهمس بتلعثم
- انت سخن يا وسيم
زفر وسيم بيأس وهو يغمغم بخشونة.

- عايز اضمك لحضني يا جيهان
ثم ارتسمت على شفتيه ابتسامة مؤلمة ليغمغم
- وراسك تتسند على قلبي عشان تحسي بمعاناته ووجعه، واطبطب عليكي ويكون ليا حق انى ألمسك بدون اي ذنب
شهقت بذهول وهي تخرج من غمامته الوردية لتصيح بذهول
- تلمسني!
عقد حاجبيه قائلا بريبة
- مش عايزاني المسك؟
عضت طرف شفتها السفلى وهي لا تصدق الوقح، جارها الوقح يعبر عن خيالاته الجامحة لهما، تمتمت بصوت مرتجف.

- كلامك ده فيه احتمالين حاجة قليلة الادب وانك تلمس ايدي
انفجر ضاحكا وجيهان تنظر اليه بتوتر، ليخفت من ضحكته ليهمس
- اقصد طبعا القليل الادب يا عبقرية
نظرت يمينا ويسارا داخل حدود منزلها لترفع عيناها اليه قائلة بشك
- انت بتقول الكلام ده ومش خايف
هز رأسه نافيا متمتما بثقة
- مش خايف
استنكرت تلك الثقة المنبعثة منه، حدقت به مطولا قبل ان تنفجر في وجهه صارخة.

- ده وقته الكلام ده، وقته وفي الظروف دي و ضاقت بيك الدنيا خلاص، ولما تقول كلام تقول كلام قليل الادب
انقبض قلبها حينما استمعت إلى صراخ والدها
- جيهااااااان
اغمضت جيهان جفنيها، وتلك الليلة ستكون ميتة لا محالة..!

في مؤسسة الغانم،
يقلب وقاص صفحات ملف مشروع سكني جديد، إلا أن ابتسامة هادئة جعلته لا يشغل باله الآن سوى العودة للمنزل
تقرب نضال واستمراره بزيارته لصغيرته وتطور علاقتهما أعجبه، يتمنى أن تستمر تلك العلاقة وتتوطد علاقتهما ويكف عن التصرف برعونة كما عاهده!
رنين هاتف المتصل بسكرتيرته جعلته يغلق الملف وهو يفتح الاتصال بينهما قائلا
-خير
ترددت السكرتيرة قليلا قبل ان تمتم.

- مستر وقاص، فيه واحدة عايزة تقابلك ضروري جدا ورافضة تمشي الا وتقابلك
عقد جبينه وهو يسألها
-مين؟
رفعت السكرتيرة عيناها نحو المرأة المتلونة لتمتم
-بتقول اسمها فرح
استقام وقاص من مقعده بحدة قائلا
- فرح، دخليها
توجه سريعا نحو باب المكتب وفتحه لينصدم من شعر اشقر وملامح وجهها متخفية اسفل نظارة شمسية لتبتسم فرح بحرج وهي تزيل نظارتها قائلة
- مساء الخير.

تابع من عينيه نظرات السكرتيرة الفضولية ليفسح مجالا للدخول قائلا
- تعالي يا فرح استريحي، مش عايز ازعاج يا ناريمان وابعتي عصير للمدام
هزت السكرتيرة رأسها متمتمة
- تمام يا فندم
عاد مغلقا الباب والتفت اليها وهو يشير نحو اريكة لتجلس عليها ليسمعها تهمس
-انا اسفة اني ازعجتك
هز رأسه وهو يقول بابتسامة مهذبة
- مفيش ازعاج، قوليلي كنتي فين الوقت ده
اجابته بصراحة شديدة وهي تنزع شعرها المستعار قائلة.

- كنت بحاول اهدي واجمع افكاري
سألها بتشكك
-وجمعتي افكارك؟
همت بالرد عليه إلا هناك من اقتحم الباب فجأة، رفع وقاص عينيه وهو يشاهد أسرار التي تقدمت نحوهما وخلفها سكرتيرته التي تمتمت
- مينفعش اللي بتعمليه ده يا فندم، مستر وقاص نبهني اني مدخلش حد
رفعت اسرار رأسها بأنفة وهي تجلس على الاريكة المجاورة ليهز وقاص رأسه وهو يغمغم بنبرة هادئة
- اتفضلي بعد اذنك انتي يا ناريمان.

عضت السكرتيرة على طرف شفتيها ولم يخفي عليها رؤية الشعر المستعار الموضوع على المنضدة لتمتم
- حاضر
سارعت بالمغادرة لتحدق بها اسرار بعدائية شديدة وهي تراها تسير بميوعة شديدة متعمدة ابراز ساقيها وجسدها، التفت نحو وقاص صائحة بحنق
- خليك ناشف معاها، مش شايفها بتمشي بميوعة
قلب وقاص عينيه بملل، يكفيه ما عنده من امرأة تكاد تفلت اعصابه بسبب الحمل، لا ينقصه الان اسرار ومزاجيتها المختلفة، التفتت اسرار قائلة.

- رجعتي بعد اختفاء يا فرح
نظرت فرح بتردد نحو الاثنين لتهمس
- انا جيت عشان انا ابلغكم بقرار وطالبة انكم تساعدوني حقيقي لانكم اللي فاضليني في الدنيا
ظهر الاهتمام والفضول على ملامحها لتمتم
- عايزة اطلق من نضال.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة