قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثامن والثلاثون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثامن والثلاثون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثامن والثلاثون

عينيها الزرقاوتين تلمعان بخبث، رغم كونها حبيسة لهركليز في غرفة نوم ملحقة بحمام الا ان الغرفة كانت مجردة من أي نوع من أنواع الترف، فراش فقط ومرآة طولية تجلس أمامها كالمجنونة ثم لا شىء آخر، يعذبها هو ببعده عنها
وتعذبه هي بعائلته، غامت عينيها بوجع شديد لتضم اناملها بقسوة على غطاء فراشها، لما هي وحدها من تعاني ذلك الشعور القاسي
وما زالت تعاني من شعور بالوحدة.

شقيقتها التفتت لمن يشبع جوعها، وهي، أين هي من كل ذلك الصخب من حولها؟!
لقد قسي عليها لؤي بقوة، من مكوثها هنا لأيام وليالي تعامل كأسيرة هل أحدًا اهتم بها؟، شقيقتها غارقة في العسل ثم عبقري الحواسيب ينفذ جميع مخططاتها حتى وإن لم تكن في الصورة، تشعر انها في دوامة
بل طوفان يكتسحها لا محالة
وما الفرق بين موت هذا وموت آخر.

فهي بالنهاية ستسقط جثة ميته ولا أحد سيحزن عليها، حتى ذلك الضخم من اقترب منها بكل خبث ودناءة مدعي الحب
حطم اخر آمالها، أطفئ أي شعلة حياة في روحها الهائمة..
اختنقت انفاسها ودمعة واحدة سقطت من عينيها، تحاول التسلح بالقوة لكن هذا الصمت، ذلك الصمت الذي تعيش فيه قاتل، أشد عذاب تتعرض له، يقودها للجنون!
انتبهت على صوت قفل باب الغرفة يفتح لتسدل قناع القسوة والسخرية وهي موقنة أنه جاء.

بعد إضرابها عن الطعام ليومين، جاء الملك يتفقد سبيته التي ألقاها في قلعة مهجورة، ارهفت اذناها السمع والتقطت انفها عطره الرجولي الذي تحفظه عن ظهر قلب لتسمع صوته الأجش يقول
- عايزة تموتي يا آسيا
صمتت، بل زفرت بحدة وهي تستقيم من جلستها تقف أمامه بجلباب أنثوي كان وضعه من ضمن أغراضها الخاصة في الغرفة لترفع عينيها القاتلتين والعتمة فيهما قتله في الفؤاد
كيف يتعذب بعذابها، وهي القاتلة التي طعنته في ظهره.

كيف يترفق بها ويهتم بعد ما فعلته تلك المجنونة
ضم حاجبيه بقسوة وقوة جسده الرجولية كان يقف أمامها كالطود وهو يسمعها تقول بلهجة متهكمة
- شوفت الموت بعنيا يا لؤي، ايام كنت بموت فيها من الجوع انا وعيلتي، اعتقد يوم مأكلتش فيه مش هموت
المرارة في صوتها أطاحت به، لن يضعف مرة آخري، هو الذي كان يبكي على أطلالها وهي ماذا كانت تفعل، تضحك، تسخر وتهزأ منه، رفعت آسيا عينيها تميل برأسها لتقترب منه قائلة بجمود.

- متحسش بالذنب اووي كدا، قابلت اللي أصعب من الموت
انسابت عيناه يتعرف على أنثاه، كفيه التي تحفظان تفاصيلها كخطوط راحة يده
قلبه يعلن بتمرد في معادلة ليست متوازنة ليري ذبولها
يشعر بها انها تتعذب، وهو يزيد من عذابها وشعورها بالوحدة لتفيق، تنتبه إلى حياتها بدلا من حقد سيهلكها أولا..
تجمدت عيناه وهو ينظر الى زرقة مكرها وخداعها، زرقة كانت فتنته ولعنته الأبدية ليقول بصوت أجش
- انتي السبب ان خطوبة وسيم تتفسخ.

رفعت حاجبها الأنيق لترتسم ابتسامة ساخرة على شفتيها لتشيح برأسها قائلة
- وحامي العيلة بقي جاي عشان يعاقبني مثلا ولا يعمل ايه
فصل المسافة الضئيلة التي بينهما وهو يسحب عضدها بقوة آلمتها لينفجر في وجهها بضيق وحنق
- ملكيش دعوة بحد غيري عايزة تأذي حد أنا قدامك
مالت برأسها تنظر اليه بجمود لثواني، قبل أن تهتز ويتصدع الجمود بداخلها وهي تهمس بمرارة طفلة فقدت أمانها
- وجدك أذانا ليه من غير ما نعمله حاجه.

امسكها من كلتا عضديها بخشونة ليزمجر بخشونة وعينيه ترسلان رسالة خطيرة لها
- انا مش مكفيكي انك تأذيه
ارتعشت ابتسامة على شفتيها المكتنزة لتهمس بمرارة
- عايزة ادوقكم مرارة خسارة اكتر حاجه بتتمناها في حياتك، الحب لازم كل حد فيكم يدوق مرارة الحب
لمعت القسوة في عينيه، والخطر في عينيها
وكلاهما يتصارعان لإثبات الخصم الأقوى
يزمجر بشراسة و أنوثتها متحفزة لتلك الإشارات التهديدية، نذير قبل طوفان هادر.

انفاسهما تتباري، وشعلة حرارة اتقدت من كلا جسديهما لتهسهس آسيا بضراوة
- منعتوني منه وانا مشبعتش لسه من ريحته
جذب عنقها ليقبض عليه بقبضة هادرة جعلت عيناها تتسعان بجحوظ لتقبض أنامله بقوة على عنقها قائلا بحدة وقد سئم من دوامتها اللانهائية
- عمي مستحملش بعدكم عنه افهمي بقي
افترقت شفتيها تحاول التقاط هواء ليمر عبر جسدها، رغم الضعف لكن قوة بجسدها الذي تلقي الكثير من الصدمات لن تهتز أمام جبروت رجل.

- مكنش سابنا لوحدنا بدون ما يحمينا
لمعت عينا لؤي بجنون وهو يقترب منها هامسا وعينيه في عينيها انفاسه تلفح بحرارة في وجهها
- عمك رجع مصر عشان يحنن قلب جدي عليكم، كان غصب عنه حاسس ان اضحك عليه واتخدع في ابنه اللي سافر برا واتجوز من غير ما يقوله
خف من قبضته على عنقها لتسعل آسيا شاهقة بجنون، تحاول أن تتسلح بأي قوة لكن جسدها استنزف
غامت عيناها بألم ليتحشرج صوتها بخشونة
- واحنا ذنبنا ايه.

صاح في وجهها بعنف وهو يلكم الحائط بجواره بقبضة يده
- ذنبكم ان الاول اندفع بتهور ومحسبش خطواته صح، يبقي تعذري جدك
ابتعد عدة خطوات عنها حينما شعر أنه سيفقد سيطرته، عبث قلبه وجسده يدفعانه دون تعقل، صاحت هي بزمجرة خشنة
- متقولش عليه جدي، ميشرفنيش ابقى من عيلتكم
افترقت عن شفتيه ابتسامة قاسية ليقول بتصميم
- اسمك آسيا المالكي، برضاكي او غصب عنك جدك وانتي من عيلتنا.

اغمضت آسيا جفنيها تهز رأسها نافية كل شيء من الممكن أن تتورط فيه، لتتيبس واقفة بينما أضاف بسخرية
- وحقدك يا اسيا لو قرب من جدي او من فرد من عيلتي هدمرك انتي فاهمة، هدمرك
لم تمنع نفسها من استفزازه لتقول بمكر
- زي ما دمرتك بحبي، شوف مين اللي بيتكلم
زمجرة خشنة هي ما تلقته ليصيح لؤي بتوعد وهو يضم قبضة يده بعنف
- متستفزنيش.

مثل مصري مر على خاطرها ابعد عن الشر وغنيله ، لكنها لا تغني بل تقيم حفلا صاخبا على شرفه، لتقول آسيا بمكر وزرقة حدقتها تلمعان بالغاوية
- ولو استفزيتك هتعمل ايه يا هركليز زمانك
استكان جسد لؤي المشتعل بنيران استفزازها ليلقي أمامها قنبلة نووية
- عايزاني أقرب منك والمسك يا آسيا.

رفعت رأسها بحدة وهي تحدجه بنظرات قاسية لتزم شفتيها بعنف وهي تحاول تهذيب لسانها، الا انه تابع مستفزا انوثتها وهو يقترب منها بتمهل شديد
- مشتاقة ليا للدرجة دي
ضيقت عينيها لتقول ببرود
- مش كنت جوزي برضه، ولا ايه
وبدأ التعذيب الجسدي لها، كتمت انفاسها من نظراته الخاصة
المشتعلة برغبة وعاطفة خشنة تعلمها، افترقت شفتيها وتلك الدقيقة التي تفحص جسدها بتمهل شديد ليرفع عيناه نحو عينيها قائلا بجفاء.

- مبقربش من بضاعة باظت ومستهلكة
جحظت آسيا عينيها ثم أتبعه براكين ثارت في جوفها وهي تقترب منه تنهش باظافرها ما تطيله يديها
- يا حقير، انت اتجننت
كان جسدها يتلوى تحت قبضته عازمة على تشويه وجهه كما شوهها بقذارة كلماته، رفع جسدها بكل سهولة وهي تكيل بالضرب والشتم والسباب بلغة امها لتعود تنظر اليه صائحة بجنون
- انت بنفسك عارف اني محدش لمسني غيرك.

ألقاها بعنف على الفراش وعزم على الرحيل إلا أن يديها جذبته بعنف لتسقط على الفراش واتبعها هو يجثم بكل ثقل جسده عليها، آنت آسيا بألم وهي تشعر بثقل الحركة في جميع جسدها، ضربته بوهن كي يبتعد عنها إلا أنه كان مستمتع بألمها، صرخت متألمة بعنف حينما ضغط بجسده الحجري على جسدها اللين ثم ارتفع بجسده وهو يرفع كلا ذراعيها فوق راسها ليقول بنبرة ماكرة
- و ايه يضمني بعد تزوريك لموتك انك مرمتيش بجسمك لحد غيري.

التوت آسيا بجسدها، وضخامة جسده وقوته أحكم عليها الفشل في تلك الجولة، من كثرة حركاتها المتلوية ارتفع جلبابها حتى منتصف فخذيها ليظهر ساقيها المرميتين لتهسهس بعنف
- هقتلك، هقتلك يا لؤي
مضت ثانية واثنين والتوق يستعر في جسد لؤي، ليميل رأسه بغتة مخرسا شفتيها لفترة، تيبست آسيا من قبلته لتخمد ثائرتها وهي تغمض جفنيها مستمتعة بحلاوة قربه.

شعرت باسترخاء قبضته على ذراعها وتلف ذراعيها حول رقبته تهجم عليه بجنون، وعاطفة محرقة لكلاهما، ابتعد لؤي مرغما لتزيد اسيا من شراهتها متمسكة به بعنف ورجاء جعله يصمت لثواني وهي تعلن عن ملكيتها عليه
يشعر بها و غضبها وغيرتها عليه، كل ذلك يعلمه من لمساتها عليه، رغم انكار لسانها لكن عاطفتها لا تكذب ابدا، جزء داخلي سعيد، سعيد إن تحت رداء قسوتها ما زالت انثى غيورة عليه.

تنهدت اسيا بتعب وهي تدفن رأسها في تجويف عنقه، كان سخيا، كريما، معطاءً كما عهدته في مشاعره وحبه، التخمة جعل جسدها يلين تحت يديه لترفع رأسها وعاطفتها الساحقة زلزلته، يمرر أنامله بشوق على وجنتيها لتستكين آسيا وابتسامة ناعمة تزين شفتيها، لم تفقده رغم كل شئ، ذلك الأمان الذي شعرت به في بلادها الباردة جاء يصهر أي جليد بينهما..
دفن لؤي رأسه في خصلات شعرها يلهث بحرارة ثم ارتفع يهمس بلهجة خشنة.

- اتخلصي من حقدك، انا ملكك حاليا بس لو هتفضلي على عماكي هتخسريني وهتخسري نفسك من بعدي
رفع راسها بأنامله ينظر إلى عينيها الساكنتين ليتابع قائلا بنبرة هادئة.

- عمي وجدي الاثنين غلطوا في حق بعض، متحاسبيش رد فعل جدي لما يصحي من النوم ويسمع خبر ان ابنه رفض طوعه واتجوز وخلف، مهما كان قسوة الاب على الابن الا انه مستحيل كان يأذيكم، كان مندفع معايا بحدة لما لاقاني متجوزك، بس عمره ما كان هيأذيكي يا اسيا انتي او اختك
لاح نظرة عدم الرضا، ثم تأنيب منها، تأنيب لاخراجها من فقاعة تستمد منها القوة، لينظر نحوها بحزم قائلا مبررا تصرفات جده.

- جدي مجنون شوية مش هكدب عليكي، بس صدقيني كان بيدور عليكم لما. مات ابنه، حس ان ضهره انكسر وحاول يدور عليكم عل وعسي يلاقي ريحته فيكم، بعتني عشان اطمن عليكم من بعيد لما وصل لطرف الخيط، بس لما شوفتك يا آسيا
صمت وعينيه كانت بعثت بأصدق رسالة صدقتها قلبها
يحبها، لم يخدعها
لم ينتقم منها كما ظنت في هواجسها.

اتسعت زرقاوة عينيها وهو يمرر بشغف على عنقها العاري لتأن وهي تنظر إلى بنعاس، تدعوه لجنتها إلا أن أشاح بعينيه رافضا دعوتها ليقول بحزم
- اتفقت مع الراجل انه يوقف يبعت اي معلومات لجدي بمبلغ طبعا مش قليل، وفضلت اماطل مع جدي وكل يوم كنت بقابلك فيه وكنت حاسس انك مكملاني، عرضت عليكي الجواز وانا حاسس بفخ ورعب ان جدي يحصله نكسة لو سمع خبر جوازنا.

اخرجت صوتا ساخرا من شفتيها وكل ما يقوله تراهات، تصدقه نعم، وتصدق عاطفته، إلا أنها لن تأمن ذلك العجوز الخرف ابدا، لوت شفتيها قائلة
- يا حنين
زفر لؤي حانقا ومعاتبا لتزم آسيا شفتيها بامتعاض، تتعامل معه بعفوية متذكرة الايام الخوالي وبداية زواجهما والراحة التي نشدتها بقربه، صاح لؤي بجمود.

- كنت برتبله الامور واحدة واحدة، كنت بحكيله عنك كتير، بشوقه انه يشوفك على الرغم مفيش حد منكم ورث شكل ملامحه بس قولتله اول ما تشوفها هتلاقي روح عمي قدامك، بس اليوم اللي سمعتيني فيه انه هيقتلك كان بيبالغ، وقتها راح العناية بعد ما قفل المكالمة معايا ولقيتك اختفيتي من حياتي
اظلمت عيناه وهو يكبح جنونه تحت نطاق السيطرة ليتابع.

- كنت حاسس انى عاجز، من ناحية تروح اشوف جدي في المستشفي ومن ناحية انتي اللي اختفيتي ومرعوب انه يحصلك حاجه، وجت الصدمة اللي خلتني اموت لما سمعت خبر موتك
اختنقت انفاسه والذكري ما زالت تشطره لنصفين، رفع عينين معاتبتين لتزدرد آسيا ريقها بتوتر، تعلم فداحة فعلتها لكن وقتها كانت محملة بالحقد، دافعة بالانتقام لإيذائه كما أذاها وقتها
لما لا يشعر بها أحد
أكثر شخص تأمنه، وفجرت مشاعرها بكل صراحة ووضوح امامه.

شخص تذوقت على يديه مشاعر لم تختبرها اطلاقا
شخص كانت تراه أعظم شئ في حياتها
طعنها غدر بها، كيف كان يريد منها أن تتصرف بحكمة والعالم أسود من حولها
شعرت بكفيه تحتضن وجهها وهو يقول بهمس حارق
- ازاي اتجرأتي بكل جبروت تعملي فيا كدا
نبراته معذبة
تصل لها عذابه ووجعه منها، رفعت عينيها تجيبه بجمود
- زي ما خبيت عني يا لؤي
ثم استدارت برأسها تبتعد عنه قائلة بجمود
- روح شوف عيلتك، وسيبني لوحدي.

كانت تتوقوع حول نفسها، نائية بروحها بعيدة عنه، إلى متى
إلى متى سيتحمل هو كل ذلك الوجع منها
استقام مبتعدا عنها يهندم ثيابه ليقول
- بقدملك فرصة اخيرة يا آسيا، استغليها كويس
ثم استدار راحلا موصدا الباب خلفه لتنفجر في بكاء حار صامت، عقلها يبحث عن مرسي لكل آلامها
كيف يقدم لها راحة على هيئة طوق من جمر!

في المطعم ليلا،
نظر نزار إلى الطاولة التي أعدها بمفرده لعشاءه مع زوجته
وقع كلمة زوجته ذاتها أطلق لقلبه العنان ليتخيل وجودها هنا
حقه في لمسها، الشعور بعظامها اللينة داخل ذراعه، مرر نزار أنامله على خصلات شعره المصففة بعناية
وكل عاطفة تستفزه على الخروج، لكن كيف يكبحها وهي حلاله، لا ذنب ولا إثم لأفكار خيالية العاطفية الجامحة..

طوال الحفل لم يقدر على خطفها بعيدا عن أعين الجميع ولو لدقيقتين لينفرد بها، كانت تتشبث بشقيقها وقاص تارة ثم نضال تارة أخرى، كان نضال أكثرهم خبثا بل لؤما
قرأ العاطفة في عينيه واستلذذ بتعذبيه كالأخري وهو يلتصق بها لنهاية الحفل حتى اضطر آسفا طبع قبلة على جبينها قبل مغادرة السيارة لتختبئ خلف بيتها بارتباك عذري..

السكون يغلف مطعمه في الليل وهو في انتظارها على شوق يقوي قلبه، فريال اخبرته انها ستأتي بعد ان اخذت توصية من زوجها لينفرد بها ولو لساعة، ساعة فقط يحكي لها عذابه، وولعه، وعاطفته لزرقاء العينين.

تقدمت رهف بوجنتين مخضبتين بالحمرة تدخل نحو الباب الرئيسي للمطعم، السكون يغلف المكان الا من إضاءات خافتة اضافات جو حميميا، بحثت عنه بعينها إلا أنها لم تجده، تقدمت نحو المطبخ وقلبها يخفق بأثارة حينما رأت يدير ظهره العريض نحوها، زادت دقات قلبها اضطرابا حينما دار بجسده لتقع أسيرة عينيه..
خفقاتهم تتقافز واحدة تلو الأخرى، اقترب نزار منها وهي تحدق في زوجها الوسيم بعيون مكحلة بالعشق.

امسك نزار كفها الأيمن ليهمس بصوت اثخنه العشق هامسًا بصوت اطرب انوثتها المتعطشة له
أشهد أن لا امرأة ً
تجتاحني في لحظات العشق كالزلزال
تحرقني، تغرقني
تشعلني، تطفئني
تكسرني نصفين كالهلال
أشهد أن لا امرأة ً
تحتل نفسي أطول احتلال
وأسعد احتلال
نزار قباني
التصق بجسدها الانثوي الناعم ليمرر انامله مستبيحا اللمس في وجنتيها الناضجين للأكل ليهمس بصوت أجش مليء بالعاطفة
- لك تؤبري ألبي طالعة بتجنني ياروح نزار.

شعرت أنها حوصرت بين المطرقة والسندان، ارتفعت عيناها بارتباك شديد، لتمر ذكري سيئة، سيئة للغاية في عقلها، عيون جشعة مليئة بالشهوانية تمرر على جسدها العاري، كلمات قذرة سمعتها أذنيها مخجلا حيائها ونقاوتها، ارتعشت شفتيها وهي تغمض جفنيها هازة رأسها بنفي، محاربة أشباح تطوق لتقهقرها، رفعت رأسها وهي تفتح عينها تنظر اليه
نظرته ناعمة، حانية، بها عاطفة جعلت وحوشها تختبىء في مضجعها لتهمس بلهاث ناعم
- نزار.

يا ويل اسمه، ويا ويل قلبه من كل تلك الرقة التي تتغنج بها بأسمه، شفتيها منفرجتان وكانتا شهيتين، دعوة مفتوحة له لأفطار صائم مثله، زفر بحرارة وهو يهذب قليلا من اندفاع عاطفته ليقول بصوت بث فيه المرح
- هسسس ولا كلمة ها، لك ماصدقت قدرت اكون معك هاليوم بس بعد شو بعد مااخوكي نشفلي ريقي مفكرني رح اخطفك، بس هلا محدا الو كلمة معي لانو صرتي مرتي مرتو لنزار الشامي.

وقع كلمة امرأة تخص رجلا مثله مدغدغا لأنوثتها التي ازدهرت على يديه، نكست رأسها أرضا وهي تفرك يديها بتوتر لترفع رأسها هامسة بشقاوة ومحيط عينيها كانت كلجتين غرق بهما
- مجرد خطوبة يا نزار بعقد جواز
ابتسم لمحاولتها الهشة لتصنع صوتا قويا، الا انها ناعمة وكل ما بها ناعم، انثوي، مغري للشدة لتذوق الوصال
- احم احم شو قلتي بدك اثبتلك
قالها وهو يمرر يديه على خصلات شعره ليتفاجأ بها تطبع قبلة على خده الأيسر هامسة.

- مش محتاج انا مرتك خلاص.

انفلتت عقال هدوءه ليضم جسدها اللين بين ذراعيه، متذوقا حلاله بعد أشهر كاد أن يتحول لمجنون، نبع انوثتها دافىء، خجلها وارتباكها كان يزيد من فورة جنونه وهو بدون شعور ضم جسدها ليضعها على رخامة المطبخ، آنت بضعف انثوي لذيذ جراء عنف عناقه وهذا أزاد جنونه، زفر مبتعدا بحرارة وشعور بالحرقة يكوي أحشاءه، لن يكون قادرا على ضبط نفسه بجوارها، وهو من ظن أن يلفه شعور بالتخمة، لكن لا، اندلعت نيران في أوردته، مرر عينيه بلهفة عليها ينظر إلى عينيها اللامعتين بعاطفة وانفراج شفتيها الناضجتين حفزه على استعداد انقضاضه الثاني..

زفر بحرارة قائلا بصوت اثخن بالعاطفة
- لك تؤبرني هالكلمة شو طالعة حلوة من تمك
نظرت رهف نحو بصدمة، هل قبلها؟، هل كانت تلك قبلة؟، استشعرت برودة الرخام بسبب قماش فستانها الناعم لتهمس لاهثة بحرارة وهي تضع ساقيها على الأرضية قائلة بصوت خجول مرتبك
- الشيف جايبني مطعمه ليه هنعمل اكلة جديدة ولا ايه.

لانت ساقيها ما إن مدت قدمها على الأرض لتتشبث بالرخامة بيديها وهو نفسه التصق بها، دفنت وجهها على ذراعه الصلب ورائحة عطره القوية خطف كل حواسها، انفها يتعرف على معرفة عطر رجلها الخاص، استمعت إلى تعليقه المرح
- ياعمري انت مع انو المفروض انت تطبخيلي بس انا يلي عم اطبخلك بايدي
رفع عيناها لتنظر اليه ليقول هامسا بصوت خشن
- عاملك يبرق والحلو ياحلوتي انت كيك تيراميسيو الايطالي رح تدوب بتمك متل مادوبتي قلبي.

ازدادت خجلا امامه ليدعمها بجسده وهو يوجهها نحو طاولته الخاصة، ألبسها المريول ولبس خاصته ليقول بجدية تعلمها منه بها نبرة خاصة لها
- هاد يلي رح نعمله مابدي ولا غلطة ياشيف
أومأت برأسها لتهمس بخجل
- حاضر شيف.

كانت تلميذة نجيبة تحدق في أصابع زوجها الشيف العظيم بانبهار، انزلقت عينيها رغما عنها لتنظر إلى ساعديه القويتين وذراعيه ثم شملت بنظرة متفحصة لجسده، جرأة لا تعلم من أين اتتها لتنظر اليه بتلك الوقاحة وهيام، جذب نظرها حلة المحشي التي جهزها لها خصيصا لتمد يدها نحو واحدة تأكلها خلسة إلا أنها سمعته يقول بنبرة ماكرة
- رهووفتي
قبض عليها متلبسة، نظرت اليه بحرج وفمها ملىء بالطعام لتقول بخجل.

- طعمها تحفة يا نزار بجد
أبتسم نزار بحنان شديد جعل قلب التي بجواره بخفق بعنف وتذوب معه بكل رقة ليهمس بلهجته الشامية التي شطرت قلبه لنصفين
-مية هنا حبيبة ألبي
كانت جملته اشارة لتبدأ تلتقط اصبع تلو الآخر وشفتيها يصدر تأوه لذيذ منها جعل الأخر تشتعل جذوة التوق لما تفعله بشكل عفوي يشعله، ترك ما بيده وغسل يديه ثم قال بمكر وهو يلتقط المنشفة ليجفف يديه.

- احم حبيبي الحلو يلي عم ياكل وماخلالي شي مو ناوية تحني عليي وتطعميني لقمة من ايدك الحلوة
هزت رهف بعفوية شديدة وهي تلتقط أصبع واحد من الحلة لتوجهها نحو شفتيه قائلة
- ازاي طبعا، احلي صباع محشي يروح للشيف العظيم نزار
ماذا يفعل بعفويتها تلك معه، قبض على يدها وهو يميل برأسه متناولا أطيب ورق عنب من الممكن يتذوقه ليميل بشفتيه مقبلا كفها برقة جعل رهف تتجمد امامه هامسا
- نزار.

اقترب منها لتعود هي خطوة للخلف، أعجبته تلك اللعبة ليتقدم منها قائلا متغزلا فيها برقة
- ياروح نزار يا ألب نزار لك دخيلن لهالخدود الحمر انا، متل التفاح الاحمر بخلو الواحد ياكلهن اكل
افترقت شفتيها وهي تنظر اليه هامسة باسمه
- نزار
لا تعلم اتوقفه عن عبثه، أم تخبره أن يرحم قلبها ولو قليلا، إلا أنه كان عنيدا، مصرا ليتابع بغزل شقي.

- عيونك متل السما يلي بتكون صافية وعاكسة عالبحر بايام الصيف بس الواحد يطلع عليهن بغرق فيهن ومابحب يطلع بنوب من دوامة سحرن
اصطدمت بجسدها بشيء صلب خلف رأسها لترفع عينيها بتوتر ناظرة إليه وهو يضع كلتا ذراعيه على جانبي رأسها لتهمس بتوتر
- نزار، احنا مش هناكل
اقترب بشفتيه منها ليقول بنبرة فاقدة للسيطرة
- اخخخخ ياربي بدك ناكل لح ناكل بس خليييني دووق الحلال بقا كرمال الله.

والعناق الآخر كان بمثابة رفع رايتها البيضاء له
يداه تجرأت لمس مفاتنها الخاصة لها، وشفتيه كانت تقبلها بنعومة ورقة وتعمق، رفع يده ليمرر أنامله على خصلات شعرها الناعمة بافتتان شديد ليحيط بيده الأخرى خصرها بتملك شديد، يديها كانتا تتمسك بساعديه بقوة، تخشى أن يفلتها وتسقط دائخة من تلك فورة تلك المشاعر...
دفن نزار وجهه في عنقها مقبلا اياها برقة، مستشعرا نعومة جلدها على شفتيه لتأن هي هامسة بأسمه
- نزار.

رفع عينيه المشتعلة بعاطفة حارقة ليهمس بخشونة
- ياعيون نزار
اندفعت شفتيها تهمس دون أي تعقل
- انا بحبك اووي، مش عايزك تبعد عني ابدا
كافئها تلك المرة وهو يعيد آسر شفتيها ليتبعد مرغما حينما شعر بارتجاف جسدها ليقول بنبرة حارقة و عطرها الناعم انتشر ليحتل خلاياه ويتشبع به
- شو عم تحكي انت ياكنافتي انا ماصدقت لقيتك كيف لح اتركك
اغتاظت بشدة من تلك الكلمة لتقول بحنق طفولي لذيذ
- بطل الكلمة دي.

نظر إلى عبوسها الطفولي ليميل مقبلا ارنبة انفها قائلا بنعومة اذابتها
- انت متل الكنافة هشة وطريقة وبتدوب بالتم وبتخلي الواحد مايشبع منها من كتر مانا طيبة
تمسكت بساعديه بقوة وساقيها اللينة لا تساعدها اطلاقا، حاولت أن تطرد أي عاطفة تأثر عليها لكنها فشلت، يحيطها من كل جانب ودفء جسده اخترق قميصه ليصل إلى يديها بكل حميمية جعلها تهمس بارتباك
- انت بتتغزل في الاكل يا نزار اكتر مني.

انفجر ضاحكا بقوة وهو يقول بنبرة ذات مغزى
-لك ياعمري انت عم اتغزل فيكي بس غزل عفيف الصراحة لانو اذا احم يعني بدي اتغزل متل الناس رح تقولي عني قليل ادب
تحول وجهها لطماطم ناضجة والتصق لسانها في سقف حلقها حينما تابع نزار مسترسلا
- بس طبعا احلى قلة ادب معك ياااااروحي انت
شعرت بحرارة عنيفة تنتقل منه إليها لتقول بارتباك شديد وهي تنزع يديها عن ساعديه
- نزار، انا جعانة.

أصدر نزار صوتا معترضا وهو يسحب ذارعها ليجلسها على مقعدها قائلا بتذمر
- لك ماعندك غير هالكلمتين، قوليلي تسلم ايديك ياعمري، الله يخليلي ياك ياروحي، الله يجمعنا سوا ياحبيبي
رفعت عينيها بعفوية إليه هامسة
- انا قولتلك اني بحبك
عفويتها تلك ستقتله لا محالة
زفر متنهدا للمرة التي لا يعلم عددها وكل حزمه وسيطرته على النفس طار مع تلك العينين المغويتين ليقول بهمس خافت.

-حبيبتي رهف اسمعيني وحطيا حلقة بإدنك انا زلمة متطلب يعني ياروحي متل مابعطيكي الحب بدي تبادليني نفس الحب نفس الشغف نفس العشق بدي تعامليني ع حريتك مابدي تتكلفي بحكيك بمشاعرك انا زوجك ياعمري لهيك بدي ياكي ماتستحي مني لانو بعرف انو كل تصرف حلو منك رح يكون إلى انا.

استسلمت له بعينيها بعينيه الهادرة، تبعثرت مقاومتها تحت وطء نظراته المتملكة العنيفة ليترفع اصوات انفاسها اللاهثة ووجيب قلبها يخفق بهدر وخاصته يثور بجنون، أسدلت عيناها لتهمس
- هتبقي ديكتاتوري يا نزار
مال مقبلا رأسها مستنشقا عبير عطر شعرها ليقول بذات نفس التملك الخاص بلهجته الشامية
-أي رهف انا ديكتاتوري، بحبك بعشقك بمشاعرك هدول إلى انا بس، واياكي حس انك بعدتي عني لح عاااقبك بس عطريقتي ياكنافتي انت.

لمعت التسلية في عينيها لتقول بعبث انثوي
-مش هتقدر
نظر اليها بتحدي ورفع حاجبيه متعجبًا لرؤيتها تتصرف بعفوية وهي تلتقط الطعام متناولة اياه دون أن توجه له أدنى حديث، ستهلكه قطعة كنافته لا محالة بعفويتها تلك.

استرقت وجد النظرات إلى جميع من في الحفل بملل شديد، باتت تمقت تلك الحفلات، العجائز المتصابيات يرفعن وجوههن الممتلئة بالحقن أمام نظائرها، هزت رأسها يائسة حتى الشابات لم يسلمن لحقن الشفاه ونحت الوجه، حتى أصبحن بلا ملامح بارزة الوجه، كل واحدة تشبه الاخري دون اختلاف سوى بشرة وجوههن، ابتسمت بلطف شديد وهي تحيي برأسها إلى بضع سيدات النادي الثرثرات اللاتي يعلمن كل صغيرة وكبيرة تدور في العائلات الثرية، لا ترغب أن تصبح علكة على أفواههن، القت ابتسامة لطيفة دون تكلف دارت بعينيها تنظر الى عمتها التي تتجاذب أطراف الحديث مع احدي السيدات، هي التي ألغت حضورها للمؤسسة لتخضع تحت ابتزاز جميلة للذهاب إلى صالون التجميل استعدادا لحفل ظنته موسميا وبالنهاية تذهب إلى حفل مولد حفيد احدي سيدات النادي، انتبهت على وجود نادل يحمل صينية مشروبات باردة لتشكره بلطف شديد وهي تسحب عصير برتقال منعش ترطب به حلقها غافلة عن عينين تلمعان باهتمام نحو الفاتنة الواقفة بملل في حفل مولد ابن عمه..

رفعت وجد رأسها حينما شعرت انها تحت مجهر من عيني أحدهم، هل يعقل السيدات الثرثرات يتابعونها؟! تقدمت بخطواتها نحو عمتها التي انها حديثها بلطف شديد للمرأة لتبتسم جميلة وهي تضم ذراع ابنتها التي ربتها بفخر شديد لتنتبه إلى صوت احدي السيدات
- نورتينا يا جميلة هانم في الحفلة
التفت جميلة تقول بنبرة ناعمة
- الحفلة دايما منورة باصحابها، أعرفك ببنتي وجد المالكي.

هزت السيدة رأسها وهي تنظر بتقيم إلى وجد التي شعرت انها تخضع تحت اختبار آخر، غريب، لا تشعر بالراحة تحت نظرات تلك المرأة التي قالت بلطف مريب
- طبعا طبعا، دي أشهر من النار على العلم، نورتينا الحفل
الابتسامة ملتصقة على شفتيها لتهمس أمام السيدة
- شكرا
نظرت جميلة الذي وجد بعبوس وهي ترى ابتسامتها المتكلفة والملل المظلل في حدقتيها، صاحت بتوتر شديد وهي تلتفت بعينيها باحثة عن المتأخرة بين الحشد الجم.

- ممكن تبتسمي شوية
اتسعت ابتسامة وجد ببلاهة شديدة لتقول بضيق
- يا مماة ما انا بضحك اهو، اعمل ايه كمان
استرخت ملامح جميلة حينما أبصرت بالمتأخرة لتضيق وجد عينيها وهي تمد عينيها نحو مرمى بصر جميلة التي قالت بحفاوة
- شاهيناز هانم مش معقول اقابلك هنا، انتو جيتوا هنا امتي.

ضحكت المدعوة بشاهيناز والتي تراها وجد للمرة الأولى، لم تصادف أنها قابلتها قبلا في أي حفلة أو اجتماع النادي أو حتى من ضمن أصدقاء والدتها اللاتي يجتمعن معا في كل مرة منزل إحداهن لتجاذب اطراف الحديث، اشرقت ملامح شاهيناز حينما ألقت بنظرة خاصة ناحية وجد لتقول
- زهقنا من الغربة فجينا هنا، مش تقوليلنا مين الجميلة اللي معاكي.

تعترف وجد أن كلاهما ممثلتان فاشلتان، نظرت وجد لكلاهما وتشعر أنهما وضعاها في مصيدة، مصيدة علمتها بحدسها الأنثوي، ارتفع صوت خشن يقتحم دائرة النساء وعينين الرجل التي كانت تتابعها من على بعد اصبحت الان اقرب اليها لترفع وجد عينيها تنظر إلى ملامح شاب عادي، رأته عاديا أمامها، فلا يوجد به شيء مميز عن رجال تلك الطبقة
- عندك حق يا شاهيناز هانم، انها جميلة
ارتفع رأس شاهيناز بفخر شديد
- ابني سمير.

بنفس الفخر عرفت جميلة لسمير قائلة
- وجد
رمقتها وجد بنظرات معاتبة حينما جمعت علمت زينتها و فستانها وكل ذلك الاهتمام من أجل عريس، همت بالحديث إلا أن شاهيناز سارعت بسحب ذراع جميلة متشاغلة بحديث تمام، وقفت وجد متسعة العينين لا تصدق أنها وضعتها في موقف سخيف إلى تلك الدرجة، لا تصدق أن تقوم جميلة بفعل تلك الحركات المحرجة لها لتنتبه إلى صوت غريب
- دايما تعمل نفس الحركات دي في أي حفلة، متقلقيش اتعودت عليها.

التفتت بحدة نحو ذلك المدعو بسمير، لتزفر يائسة وهي تمرر أناملها على خصلات شعرها تحاول ان تشذب من تصرفاتها لتقول بارتباك فاضح
- انا بس اتفاجئت
مد سمير يده في حركة مفاجئة ليقول بهدوء
- احب اعرفك عن نفسي، سمير الالمعي.

رفعت وجد عينيها، كأن البلد لا تعلن عائلة الألمعي المتوارثة عبر الاجيال في مصوغات الذهب والاحجار النفيسة، ابتسمت بتهذيب شديد وهي تمد اطراف اناملها في سلام سريع لتعيد يدها إلى الاهلي قائلة ببرود
- عارفة، مش محتاج تشرح عن نفسك كتير، عيلتك معروفة.

هذا ما ينقصها، شاب مدلل لم يتعب في جنيها واحدا يتغني ب أعمال عائلته، كأن التصاقه بأسم عائلته الثقيل يصنع له اسما، قاطعها سمير من شرودها قائلا جاذبا الحسناء أمامه اطراف الحديث
- عيلتي كلها في مجالها من ايام جدي الا انا رسام بالفطرة
التفت وجد باهتمام لتقول بتشكك وهي تعقد حاجبيها الجميلين
- رسام، وموقف عيلتك؟
ابتسم سمير بتفكه وهو يضع يديه داخل جيبي سرواله قائلا.

- متحاوليش رفضوا بدون مناقشة بس بثبتلهم العكس
هزت وجد رأسها وهي تهمس بلا مبالاة
- غريبة، مع ان الرسم زي ما بيقولوا مبيأكلش عيش
ضيق سمير حاجبيه وهي حتى الآن لم تخرج من شفتيها كلمة انجليزية عفوية منها، بل كلماتها مصرية اصيلة انتبه على صوتها الساخر الذي أجاب على تساؤله دون أن يسأل
- متتوقعش مني اتكلم مصري معوج ولا احشر انجليزي في نص كلامي.

كانت حريصة كل الحرص أن تستخدم كل كلمة مصرية خالصة حينما تعمل في الميتم، وخصوصا امام صاحب العينين الخضراوين، رفعت هاتفها فجأة تنظر إن كان بعث أي رسالة على تطبيق المحادثات إلا أنها لم تجد شيئا، ابتأست ملامح وجهها الناعمة، لماذا تندفع هي بكل تهور اليه.

هل لأنها لمست اهتماما متغيرا بعد لؤي الذي كان اهتمامه فقط كأخ كما صرح لكن كانت على عينيها غشاوة وقتها انزاحت تماما حينما سقطت عينيها لأول مرة على ذلك الضخم المقتول العضلات صاحب ارق بعينين حانيتين قابلتها قبلا في عيني رجل..
استفاقت على صوت سمير الذي صحح خطأها
- لا طبعا مقصدش، بس اتفاجئت انك اول واحدة بتتكلم معايا بطبيعية.

زم سمير شفتيها وهو لا يصدق ان الفتاة أمامه غير مهتمة به، كيف لا تلاحظ وسامته وجاذبيته التي يشهد بها جميع النساء اللاتي قابلهن خارج إطار العمل ليقول بمزاح
- قوليلي يا انسه وجد، مش كدا
نظرت اليه وجد بعبوس ولم تلحظ نبرة التسلية في صوته، هل تلك فكاهة؟! من أخبره أنه كوميدياني أخطأ في حقه حقا، لوهلة ارتبك سمير قبل ان يزفر قائلا بجدية يحثها على الحديث
- ايه هي اهتماماتك.

نطقت بعفوية شديدة وعينيها تلتمع بالشغف
- بشتغل في تطوع خيري
صاح سمير بذهول، تلك المرأة تفاجئه كل مرة حقا
- يعني في جميعة وماسكة ادارة مكان
هزت رأسها نافية وحنقها من جميلة لم يغادرها للحظة لتوضح قائلة
- لا بشتغل كمدربة متطوعة في مؤسسة الحياة للأيتام لو تعرفها.

عبس سمير حاجبيه لثواني محاولا تذكر اين قابل ذلك الاسم الذي رآه قبلا؟!، صاح فجأة متذكرا يوم جاء ابن عمه طالبا منه مبلغ للتبرع به لمؤسسة فتحت أبوابها منذ أعوام
- اكيد طبعا
انتبهت وجد من ظهور جميلة وهي تتحدث مع إحدى السيدات، لتهمس باعتذار
- عن اذنك، حد بينادي عليا.

ابتعدت متوجهه نحو جميلة دون النظر خلفها ولو لمرة واحدة، هل تحاول رسم المرأة الثقيلة عليه؟ ابتسم وعينيه تراقب قامتها الهيفاء المتلف بقماش ذهبي ناعم لينتبه الى صوت شاهيناز الماكر
- ها نقول ايه يا عريس
مال سمير بعينيه نحو والدته ثم نحو تلك الحسناء ليقول بهدوء
- لسه بدري يا شاهيناز ده احنا يدوب بنتكلم، انت لحقتي تزهقي مني.

ليس من عادته التهور والاقدام دون أن يدرس المرأة التي أمامه جيدا، يعرف تفاصيل وخباياها التي لا يلحظها سوى العيون الخبيرة لتقول شاهيناز بامتعاض
- اعتقد مفيهاش ولا غلطة يا سمير
غمغم سمير بهدوء
- لسه محتاج ادرسها، خلينا نشوف ايه حكاياتنا مع وجد المالكي
ثم القي غمزة شقية لوالدته التي رفعت رأسها بيأس، تتمني أن ينهي دراسته سريعا كي لا يخطفها أحد من رجال الحفل قبل ابنها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة