قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل التاسع والثلاثون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل التاسع والثلاثون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل التاسع والثلاثون

في قرية الغانم،
كانت شادية تدور ذهابا وإيابا في ردهة قصر الغانم، لا تعلم لما قدماها جاءت خصيصا لفريال، تبحث عن دعم منها ربما؟
اطمئنان
ما واجهته فريال سابقا أشد صعوبة مما تواجهه هي من اختبار عصيب في حياتها
لا تريد الوقوع في الحب مرة ثانية، بغض النظر عن كونه حب حقيقي أم لا
لكن لا تود اعادة تجربة حطامها مرة، لانها ستكون القاضية!

فركت رأسها وبوادر الصداع عاد يفتك رأسها بجنون، بحثت في حقيبتها عن المسكن سرعان ما زفرت بسخط وهي تتذكر أقراص المسكن في السيارة، دلكت صدغها بانهاك لتلقي بجسدها المنهك بعد نهار طويل على مقعد، انتبهت على صوت الخادمة وهي تضع كوب العصير وبعض المقبلات لتشكرها بخفوت ثم سمعت صوت فريال الضاحك
- الخاينة اللي افتكرتني وافتكرت البيبي
استقامت شادية من مقعدها وهي تبتسم بضعف لتغمغم باعتذار صادق.

- انتي عرفاني كنت مشغولة و اول ما فضيت جتلك
ابتسمت فريال بتفهم وهي تعانق شادية بمؤازرة ثم عادت تقول بشقاوة ينطلي من عينيها الداكنتين
- جيالي برضو
ابتسمت شادية وهي تعود لمقعدها وفريال تأخذ الاريكة الملاصقة للمقعد لتهمس بحرج
- مش هكدب عليكي اني جيت عشان نزار واشوف ايه الاصناف الجديدة اللي هيعملها عشان احطه في المنيو.

كشرت فريال عن ملامحها، لن تنكر أن بنات خالها أصبحن يتقوقعن وينعزلن بمشاعرهن عن الجميع، وحين يفضن بهن الكيل يبدآن في التحدث بحرية وانطلاق مع أهل الثقة، انتبهت على سؤال شادية
- عرفتي ولد ولا بنت
هزت فريال رأسها قائلة وهي تعود تمسد بطنها التي أظهرت بروزا
- الدكتورة بتقول الزيارة الجاية، بس رغم اني متشوقة وعندي فضول اعرف قررت معرفش جنس الجنين غير لما اخلف.

عبست فريال لتعقد حاجبيها وهي تري خاتم خطبتها لتقول ببعض التهكم
- لسه لابسة الخاتم
ارتبكت شادية، ولا تعلم ما هي على وشك قوله
أتخبرها أنها بعد الحلم الذي أصبح يزورها كل ليلة خائفة منه
الوحيد المسبب لسهادها واضطراب مشاعرها، حتى أنها فكرت برعب أن تخبر والدها بجلب حارس شخصي لها
رغم أنها تمقت أن تكون جميع حركاتها معلومة، لكن أفضل من كتلة متفجرة تسير على قدمين
أجلت حلقها وهي تهمس بوتيرة منخفضة.

- بلبسه قدام الناس، بابا عرف ومستنية لؤي يقول لعيلته
نظرت إلى خاتمها بشرود، لتمر رعشة في منابت جسدها حينما شعرت بأنامله على وشك نزع خاتم حمايتها
تتشبث بالخاتم كما لو أنها تتشبث بحمايتها، كدرع وقاية لها من الأعداء الذين يتمنون غزوها، كان يبدو منزعجا بل على وشك فقدان رشده من ذلك الخاتم
حتى ان الخاتم أعطاه رسالة من عدم التمادي، كل ذلك شعرت به في عينيه ونبرات صوته منذ حفل عقد قران رهف ونزار..

تمسكت أناملها بقوة على خاتمها لتهمس
- الخاتم حساه حماية ليا يا فريال، بس في لحظات بحس انه ملهوش معني، حاجه تقيلة على قلبي
رفعت فريال حاجبها بشك لتقول بسخرية
- الخاتم
هزت شادية رأسها وزخم أفكارها منعها من التقاط السخرية من عيني ونبرة فريال
- الخاتم في اوقات بحس انه بارد على صباعي يا فريال، وساعات مبحسش انه موجود
عادت فريال مرة أخرى تكرر الكلمة بعدم تصديق
- الخاتم
عقدت فريال حاجبيها لتقول بخشية.

- انتي نفسك تكملي مع لؤي
هزت شادية رأسها نافية لتقول بنبرة قاطعة
- لا اطلاقا، انا ولؤي علاقة منتهية
اقتربت فريال بمكر تستدرج تلك يابسة العقل، متحجرة الفكر، مجنونة التصرف، لتقول بصراحة
- عايزة تبعدي مين عن حياتك يا شادية
رفعت شادية عينها من الخاتم لتنظر إلى عيني فريال بتوتر، لتزفر قائلة بقلة حيلة
- واحد غريب معرفهوش، بيدخل في حياتي بطريقة غريبة.

وضعت فريال يدها على ذقنها تنظر اليها باستمتاع شديد يتلألأ في عينيها البنية لترتسم ابتسامة واسعة على شفتيها جعل شادية تعقد حاجبيها قائلة بحنق
- بتضحكي على ايه
تنهدت فريال لتهمس بحالمية شديدة
- مستنياكي بعد فترة تقوليله بعشقه يا فريال
انتفضت شادية مستقيمة بجسدها، كأن حية لدغتها لتقول بنفي قاطع
- ابدا، انا معرفش هو مين ولا من فين، من الاخر كدا واحد غريب.

وضعت فريال ساقا فوق الأخرى وهي تهمس بهدوء وبساطة شديدة استنكرتها
- بسيطة اتعرفي عليه، متعوميش عكس التيار يا شادية في كلتا الحالتين هتغرقي بس غرق عن غرق بيفرق فيه غرق بيقتل وفيه غرق بيخليكي سعيدة
هزت شادية رأسها، هل تتباسط معه، تتحدث بل تقترب منه، هي وبعيدة عنه تشعر بالخطر بالك إن تقدمت نحوه خطوة واحدة فقط تعلم انها ستنهي بالمتبقي منها، انتبهت من شرودها على صوت فريال الناعم.

- جواكي بنت بتدور على مشاعر يا شادية، ولو انتي متأكدة انك مش ميالة ليه مكنتيش صدتيه، سيبي نفسك تشوفيه وتختبريه بعقلك مش بقلبك، تجربتك اللي فاتت اكيد عرفتي غلطتك كانت ايه
ازدردت ريقها بتوتر، وهي من حسبتها داعمة لصفها، تنهي حيرتها، جعلتها ضائعة أكثر، سحبت حقيبتها لتقول بنبرة متهربة
- انا رايحة لنزار.

غمزت فريال بعبث يليق بها جيدا وهي تمرر تهربها منها منتظرة اللقاء الثاني الذي سيكون اعترافا بالحب بعد الإنكار
- ابقي وصيه على كنافة يبعتها
شيعتها فريال بنظراتها وهي تري خطواتها الشبة راكضة، لتربت فريال على بطنها، لو لم تتهور لما قابلت رجل حياتها، قرصانها الأوحد، الاسم الذي قدر على إعادتها حية على الأرض
الأمر يستحق المجازفة لحياتك، الأقدام بتهور، وتلك حتما ليست صفة من صفات شادية المتأنية والمترثية.

قلب سرمد الصور التي التقطها خلال أيامه السابقة الخاصة بعمله الخاصة، من المفترض أن يكون في روما حاليا يضع لمساته الأخيرة على مشروعه قبل إطلاقه، لكن هبت نسمة برتقالية فواحة شتته عن تركيزه وأصبح عقله منشغل وعينيه تعاني من سهاد خاصا، لم يرتعب بل رحب الأمر بصدر رحب.

رجال آخرون غيره يصبن بالذعر والارتباك حينما ينبض الجزء الأيسر من صدره، لكنه كان منتظرا إياه بشدة ليدب فيه الحياة، تجهمت ملامحه وتوقفت اصابعه على النقر وهو يتذكر خاتم باهت ترتديه في بنصرها الأيمن، منذ متى ورط نفسه مع امرأة مرتبطة؟!

بل يشعر انه لا يستحقها، لا رجل اخر سواه، لا يعلم ما تلك الانانية التي يمتلكها لكنها تعجبه حتما، بل تنتعش بها جيناته الشرقية التي دبت فيها الحياة، يجب أن يتخلص من خطيبها في أقرب وقت، ويغويها
سيغويها رغما عن أنفها، يريها لمحة عن جنته التي يقدمها لها
يريها أي رجل هو وأي رجل هي تملك.

ارتسمت ابتسامة ماكرة على شفتيه وهو يمرر عينيه على حجرة منزل صديقه غسان في بيت عائلته، يشكر ربه أنه قابل في حياته صديق مواقف، ورجولة أثبت له أن ما زالت الدنيا تنجب رجالا، انتبه على عودة صديقه بعد فترة من غيابه داخل احدي الغرف لترتسم ابتسامة متهكمة على شفتيه قائلا
- مرحبا بالمتشرد
ضيق غسان عينيه وقال بلهجة متهكمة
- اخرس يا، لا اسمح لك بالتمادي وانت هنا تأكل من مالي.

قلب سرمد عينيه بملل وهو ينظر إلى ثيابه الرياضية والي خصلات شعره الندية ليقول بامتعاض
- انظروا من يتحدث الآن، على كل حال جئت من أجل طعام والدتك وليس انت
ثم تابع بتسلية ماكرة
- وانت ستكون خادمي الخاص
أصدر عن غسان ضحكة ساخرة وهو يقترب من صديقه يلكزه من خاصرته، ليلف سرمد ذراعه حول عنق صديقه في شجار طفولي ليصيح سرمد بمكر
- يجب أن تعلم والدتك أخلاق ابنها المدلل.

اندفع غسان يضع كفه على فم سرمد ليصيح بتهديد طفولي
- تحدث بحرف و سأقطع لسانك، ألن تغادر وتتركنا نتنفس بحرية
دفعه سرمد ببعض العنف مما جعل غسان يتراجع يكاد يختل توازنه، سبه غسان بلغة صديقه ليعدل سرمد من هندام ملابسه ليقول بامتعاض
- لم انتهي من عملي بعد
انفجر غسان ضاحكا باستهزاء ليمد بقدمه يضرب ساق سرمد مندفعا بغيظ شديد.

- عمل ماذا يا، من المفترض أن ينتهي مع الحفل الزفاف أم أعجبتك امرأة هنا ولا تقدر على الرحيل
انتبه غسان على قدوم والدته التي تحمل في يديها طبقا تحمله لطاولة الطعام لينتفض قائما وهو يحمل منها الطبق قائلا بنعومة
- هاتي عنك عيوشتي، يسلم دياتك حبيبة ألبي
مررت عايشة يدها على ذراع ابنها البكري لتهمس بنعومة
- مطرح مايسري يمري حبيبي الك ولرفيئك، اذا بدك شي خبرني أي.

ثم أمرت الخادمة بحدة ان تنتهي من وضع جميع الاطباق دون التقاعس و استرقاق النظر إلى صديق ابنها لتبلغ الفتيات بالداخل عن باقي تفاصيله الوسيمة، تلبكت الفتاة وهي تضع الأطباق على الطاولة وهي تعود إلى المطبخ ثم تخرج حاملة الطبقين نحو الطاولة، ليقترب غسان مائلا يطبع قبلة على وجنة والدته قائلا بامتعاض
- لك دخيل ألبك اي، مو ناقص غير تجبيله لبن العصفور.

لم يغفل سرمد عن نظرات الشابة الصغيرة المسترقة له بالنظر ليعطيها اهتماما بسيطا وهو يرفع نظرته بجرأة اليها لتشهق الفتاة وهي تسرع بخطواتها نحو الداخل مما جعل سرمد يبتسم بهدوء وهو يستقيم من مجلسه تحت نظرة غسان التهديدية
- تعالي يا وغد اشكر والدتي.

لوهلة تذكر سرمد المرة الأولى التي قدم لعائلته صديقه الذي تعرف عليه بالمصادفة في مقهى يرتاده دائما وكان هو يعمل نادلا كعمل اضافي لعمله في احدي مكاتب، اقترب سرمد بأدب شديد وأدب ونظرة وديعة شبيهه بعيني غسان الذي خطف قلب والدته خلال دقيقة ليمد كفه وهو يطبع قبلة عليها قائلا بتهذيب
- سلمت يداكي يا حاجة.

اتسعت غسان عيناه جحوظا ثم حدق به بغضب حينما رقت ملامح وجه عايشة وهي ترفع كفها تمرر على وجه سرمد لتهمس بأمومة
- كنت كتير قلقانة على ابني وهو برا، بس تعرف اني ارتحتلك يا ابني، ربنا يوفقكم
استأذنت تاركة لهما المساحة ليشتعل غسان غاضبا من تلك النظرة الوديعة الساكنة في مقلتي صديقه ليهمس حانقا
- والدتي تراك نبيلا.

تقدم سرمد نحو الطعام الذي داعب بطنه ليزأر وحشه الصغير الجائع ليلتهم الطاولة العامرة بألذ الطعام ليسحب مقعدا وهو يطلق صوتا هازئا
- كأن والدتي رأتك فاسقا
هز غسان رأسه وهو يقول بحنق
- اللعنة نبدو محتالين من الدرجة الأولى
سحب له مقعدا وهو يتناول الطعام بأريحية شديدة وصمت خيمهم للحظات قبل أن ينظر سرمد نحو ساعة يده ليقول بعبوس
- لا اريد التأخير يجب أن الحق بعملي، تنتظري جيجي في العاصمة.

سقطت اللقمة من يد غسان، ليصرخ في وجهه بحدة
- وغد وغد، لا تضيع فرصة واحدة دون وجود امراة اينما كنت
القي سرمد نحوه نظرة خاصة ليقول بجدية
- مجرد عمل
نفض غسان يديه عن الطعام، ثم رفع انظاره نحو حديقة المنزل التي ازدادت ضجيجا بوجود كلبه سوزي، هل سيظل يراعي كلبه أينما ذهب ويمرح مع الفتيات هنا وهناك
- جيجي وعمل، وما ذنب سوزي اذا ان ترى وجهي كل صباح و تزعج الجيران.

قلب سرمد عينيه بملل وهو يستمتع بمذاق طعام المنزل منذ أن وطئ بقدمه إلى هنا
- ستضعها عندك لفترة من الوقت حتى أرى شقة لي هنا
عقد غسان حاجبيه محاولا فهم صديقه، هل سيقيم هنا لفترة أطول؟!، نظر إلى صديقه محاولا سبر أغواره، إلا أنه في النهاية قال بجدية
- سأجعل نزار يتكفل بإيجاد شقة لك، ما رايك ان آتي اليك ونعيش معا
قال اخر جملة بغمزة وقحة ليسبه سرمد في وجهه وهو يقول بحنق
- انت اخر شخص أريده أن يعيش معي.

ثم تابع متناولا طعام والدة صديقه بتلذذ شديد، تأوه مستمتا بالمذاق ليقول
- طعام والدتك لذيذ
شمخ راسه بغرور قائلا
- اخبرتك طعامها لا يوجد اثنين منه.

بعد انتهاء وجبة الغذاء الدسمة، قرر غسان أن يسير مع صديق غربته في ارجاء المكان وصديقه لم يقدر على ترك كلبه المفضل مقيد لكل ذلك الوقت، تمشي معا والكلب الضخم اخاف بعض الأشخاص خصوصا النساء اللاتي يمارسن رياضة المشي ليبتسم سرمد بجاذبية وهو يأمر كلبه ان يعود له، رغم متعة الكلب وهو يتجول حرا و يذهب يمينا ويسارا ثم يعود إلى صديقه إلا أنه عاد تحت نظرة سرمد الصارمة ليسير بتمهل شديد وتكاسل أحبط مخططاته، نظر الكلب اليه بيأس ليشيح سرمد وجهه بصرامة و باشارة من يده قيده أن يلتزم بجواره، زمجر سرمد بحدة ونظرة كلبه تستعطفه برجاء جعله ينحني بجذعه وهو يمرر أنامله على فراءه الناعم قائلا بلهجة مشتاقة.

- كن لطيف يا صغيري، لا تزعج أي إمرأة جميلة هنا، أما عن ذلك المتشرد ففعل معه ما شئت
لوي غسان شفتيه بعبوس ليضيع يديه على خاصرته قائلا بلهجة خشنة
- يا حقير، كلمة اخرى تقلل من شأني و سأرميه على قارعة الطريق، لا تستفزني.

تأفف سرمد وهو يعلم صديقه، مجنون ويفعلها، لكن الوضع لن يستمر مطولا ثم سيجتمع مع صديقه المؤنس مرة اخرى تحت سقف بيت واحد، نظر الكلب إلى غسان بشراسة ليبتسم سرمد وهو يشد قامته لينظر شرزا نحو صديقه قائلا
- هل تعلم ثمن رعايتي وعلاجه له لترميه ببساطة إلى الكلاب الضالة ينهشوه.

هز غسان رأسه بلا مبالاة، كأنه لم يكن معه حينما اشتري ذلك الكلب حينما كان جروا صغيرا، وليس من ركض خلف صديقه حينما تناول الكلب طعام مسموم حينما كانوا في الخارج، تبًا منذ متى كان يهتم بالحيوانات ليأتي ذلك البغل يربي في بيته بغلا صغيرا، صاح مستنكرا
- ينهشوه؟! ألا ترى حجمه، انه بحجم طفل صغير الكلاب الضالة ستذهب من طريق آخر أن راته.

زمجر الكلب بشراسة وانقلبت ملامحه الوديعة إلى شرسة ليغمز سرمد إلى كلبه قائلا
- متي أصبحت خفيف الظل هكذا يا
كان الكلب قاب قوسين على مهاجمه غسان إلا أن غسان ضم حاجبيه ينظر إلى كلبه بصرامة وجدية جعل الكلب يشيح بعينيه متحركا عدة خطوات للأمام مبتعدا عنهما، نظر غسان الى الكلب بعدم تصديق هل تجاهله؟

هل تعرض للأن تجاهل من الكلب الذي كان يرعاه وارسله الى المطار ليقابل سرمد، صاح بحنق وهو ينظر إلى الكلب الذي ابتعد بطريقه عنهما متوجها ب خطواته قرب مطعم أخيه
- منذ عدت إلى هنا يا، انتظر سائقك يا بغيض خسارة ان اضيع وقتي معك ومع كلبك
قال آخر جملته راكضا ليلحق الكلب قبل هجومه على رواد المطعم، ابتسم سرمد بتشفي وهو يلحق صديقه قائلا
- أستتركني هنا.

لم يكن لدي غسان الوقت ليرد على سرمد، جل همه إلحاق ذلك الضخم قبل دخوله للمطعم، سب سرمد عن كونه لا يحمل طوق ليكبل حركته، وقف تقريبا عند بوابة المطعم ينظر إلى الكلب عاقدا ذراعيه على صدره لينظر اليه الكلب بلا مبالاة التفتت الكلب نحو صديقه الواقف عن بعد ليهز ذيله وهو يركض متجه نحوه، هز غسان رأسه بأسي، سيعاني مع ذلك الكلب، سيعاني منه، عاد بخطواته نحوهما ليقول لاهثا من فرط الشغل الذي بذله لدقائق.

- أنت أمام مطعم أخي، ثم يوجد حسناوات في الداخل، تسلي قليلا حتى يأتي السائق، هيا يا سيد تحرك
قال جملته بخشونة نحو الكلب الذي ينظر إليه بملل ثم عاد ينظر الى صديقه بعاطفة، يستجديه ألا يتركه، ابتأس سرمد وهو يودعه بعينيه ليستدير الكلب على عقبيه متحركا بتمهل مغيظ إلى المستشيط بجواره..
تمتم سرمد من بين أسنانه
-بغيض
صاح غسان بصوت مرتفع دون ان ينظر خلفه كأنه عالم بما يدور في خلد صديقه
- سمعتها يا وغد.

نظر نحوهما بتسلية قبل أن يرفع ساعة يده يعد الدقائق التي سيأتي بها سائقه، هل يجب عليه أن يعلق بالزحام ولديه موعد مع شقيقه البرتقالية...
نسيم بارد معبأ برائحة الفواكه خصوصا رائحة البرتقال جعل عيناه تدير باتجاه المصدر
كانت هي، البرتقالية، بفتنتها وانوثتها المهلكة واقفة تتحدث مع شقيق غسان لدقيقة قبل أن تلتفت عازمة الرحيل متجهة نحو سيارتها...
سمرائي الفاتنة
بطلتها المهلكة
ذات الأهداب الفاحمة.

تظلل عينان عابثة
أيادي رفيعة بعروق بارزة
تتهادى بالهواء وبالقلوب خاطفة
تسير كأنها أفروديت الجمال
الأولى والأخيرة وما بعدها مُحال
الجميلة ذات الشعر المغناج
والأنثى المُفعمة بدروب الهلاك!
الخاطرة بقلم الجميلة سارة عاصم.

تكاد تقف على قدميها والصداع يفتك رأسها فتكا، مسدت صدغيها بتعب وهي تسارع بتبادل بعض الكلمات لنزار قبل أن تدير على عقبيها متجهة إلى سيارتها، كان السائق الشاب ينظر الى رئيسته الشابة بافتتان شديد، لم يصدق انه منذ عمله لعام في شركتها أن يحظى بشرف توصيلها، سارع بالتوجه نحو الباب الخلفي ليفتحه، ابتسمت بضعف مغمغمة بشكر زادت عيني الشاب بلاهة.

كادت تنزلق شادية بجسدها على المقعد الا ان رنين هاتفها ذات رنة مميزة من شقيقتها جعلتها ترمي حقيبتها داخل السيارة، ردت على الاتصال بصوت متعب وهي تغلق السيارة لتستند بجسدها على جسد السيارة الصلب
- خير يا صاحبة المصايب
جاءها صوت جيهان المترقب بخوف
- مش عايزاكي تضايقي من اللي عملته
عقدت شادية حاجبيها وبيدها الأخرى تمسد بها صدغها، علّ أصوات طبول الحرب داخل رأسها تهدأ لتهمس بنفاذ صبر.

- جيهان انا عندي صداع ومن الصبح شغلالة بلف في كل الشركات اللي متعاقدة معاهم
زفرت شادية بسخط حينما جاءها صوت انفاس جيهان، كان الشاب يتابعها بشغف وافتتان صريح وهو ينظر بجوع شديد الى بداية نحرها الظاهر للعيان، رفعت شادية رأسها فجأة نحوه حينما أحست بخطر يحوم حولها.

كان السائق يقف أمامها بارتباك ثم زادها بابتسامة مرتبكة، ليس هو، تشعر اختناق انفاسها ليس منه هو تحديدا، خشت أن تكون كالمجنونة تبحث يمينا ويسارا عن أحد معلق بخيالها لياتيها رد جيهان المرتبك
- مش عايزاكي تزعلي والله كله عشان مصلحتك
انشغلت شادية بالمصيبة التي فعلتها شقيقتها وتخلت عن أي شعور راودها جانبا لتصيح بنفاذ صبر
- نيلتي ايه
زفرت جيهان بحدة ثم ردت بسرعة
- رجعت شغلت صفحتك على الانستجرام تاني.

اتسعت عينا شادية بجحوظ ثم تجهمت ملامحها للضيق قائلة
- مش قولتلك تحذفيها
عارضتها بنفي قائلة
- مقدرتش امسحها دي قربت تدخل على مليون يا مجنونة
زفرت شادية بيأس وهي تفتح باب السيارة، يجب أن تأخذ المسكن قبل أن تموت على يديها، زمجرت بسخط شديد وهي تهم بإغلاق المكالمة
- اقفلي يا جيهان هجيبها منك ولا من فريال
سارعت جيهان تقول بمكر خاص
- انتي عند فريال؟، طب متنسيش تروحي تشوفي عصافير الكناري.

تنفست شادية بجنون وهي تغلق الباب الخلفي من سيارة شركتها لتغلق المكالمة رامية بهاتفها بجوارها، رفعت عيناها تتطلع نحو سقف السيارة تتنفس بهدوء، مستعيدة بعض من هدوءها إلا أن الألم كان أشد تلك المرة، من حافظة حقيبتها التي تحتفظ بها للطوارئ أخرجت مسكن لتتناوله وحينما همت بالبحث عن مياه سارع السائق المدعو بمحمود بمد يده للزجاجة لها وعينيه تنهشا نهشا من خلال المرآة، حينما لاحظ هدوء انفاسها وجفنيها شبه منغلقين صاح بصوت خشن.

- تمام يا استاذة نتحرك
اجابت بوهن شديد وهي تمسد راسها لتخفف الوجع بيأس
- ايوا اطلع على الشركة يا محمود.

أدار محمود محرك السيارة وعينيه تتابعها بشغف وهو يري بروز منطقة عنقها وبداية صدرها باستحياء شديد من خلال فتحة بلوزتها، ابتسم وقلبه يصرخ مهللا، لقد جاء يوم سعده، هم بالتحرك ليبقي هو وهي فقط والطريق الصحراوي لهما وحده ما إلا أنه تفاجأ بشخص يفتح الباب الأمامي ليشرف عليه جسد ضخم مقارنة بجسده النحيل يجلس بكل اريحية على المقعد المجاور له، الصدمة ألجمت لسانه ولسان شادية التي تكاد ترفع رأسها بوهن لتري مقتحم سيارتها، تأوهت بألم حينما سمعت صراخ محمود يصرخ للجثة الضخمة أمامه.

- انت مجنون يا جدع، ازاي تدخل عربية غريب وتتهجم عليه بالشكل ده
ادار سرمد وجهه نحو شادية التي جحظت عيناها وهي ترى عينيه العابثتين تلفها في نظرة تعلمها، بل أصبحت تعلم اسمها، هدر قلبها بجنون حينما همس بخشونة وعينيه مركزتين على شفتيها
- مرحبا
كان ترحيبا خاصا من عينيه ليخترقها في أشد لحظاتها ضعفا، تلبكت شادية وهي تنظر اليه دون قدرة على التحرك انشا واحدا.

المسافة التي بينهما قصيرة، بل قصيرة جدا، لكن القسوة في عينيها كان تحذره من التمادي
وهو سئم من تلك العينين الخادعتين
على وشك ارتكاب جريمة إن لم تتوقف قط عن النظر إليه بتلك الطريقة
بجنون و عاطفة تكاد تخفيها قبل ان تسدل اليه سلاح القسوة، انتبه على صوت الجرذ بجواره الصائح بحدة لينظر إلى شادية نظرة خاصة، يتحداها ان اخرجته من سيارتها
زمت شادية شفتيها لتنظر نحو محمود قائلة بضعف حاولت صبغة بجدية.

- محمود، الاستاذ مش من هنا، اطلع بالعربية للشركة
اشرقت ابتسامة على شفتي سرمد وقد قرر رحمها اليوم، تبدو ضعيفة وهشة، بالطبع الغبية ما زالت تتناول القهوة لكن ألم يحذرها واخبرها انه سيء جدا لأمرأة مثلها، هز رأسه يائسا ليقول باريحية شديدة وهو ينظر إلى السائق المرتسم غيظا
- اعتذر على وقاحتي، لكن وجدتها فرصة لي لكي الحق بعملي السائق الذي من المفترض أن يقلني سيتأخر لنصف ساعة.

تحرك محمود صاغرا وقد ضاعت احلامه وامنياته لينظر إلى ذلك الأجنبي بشرز وهو ينظر الى الطريق لتخرج السيارة من بوابة قرية الغانم تشق بطريقها نحو العاصمة،
مررت شادية اناملها بضعف على جبهتها لتهمس بعبوس
- لكن تلك ليست طريقة لائقة للتهجم على سيارتي.

استمع إلى همسها الناعم ليضغط يده بعنف على كاميرته، يجب أن ترحمه و ترأف به، ليس ذنبه أنه رجل حار المشاعر وهي باردة كقطب جليدي لا ترحمه ولا ترأف به ليتذوق من نعيم جنتها الخاصة المحرمة عليه حتى الآن!
قال بعبثية خاصة وهو يذكر اسمها الخاص دون أن يرفع عينه ناظرا لها
- هوني عليك يا برتقالية، يجب ان الحق بعملي، ثم ليست مصادفة غريبة أن نكون هنا معا، وجدتها فرصة أن ألقي سلاما عليك.

بل يجلس معها، تمتمت بها شادية بغيظ دون أن تتفوه بكلمة، صاحت بنبرة ذات مغزى
- انا لا اعرفك وانت لا تعرفني
التقط النفور من كلماتها، لكن صوتها لم يجد نفورا اطلاقا
بل دلال انثوي متمنع يزيد من لهيب شوقه، وهو صبورا، تعلم الصبر حتى ينال ما يتمناه بهدوء وروية، منع عنها التواصل البصري وهو ينظر من نافذة شباكه إلى الطريق الصحراوي ليقول بنبرة رخيمة.

- بالنسبة لانك لا تعلميني فلنغيرها إذا، سأدعك تعلمين عني كل شيء لكن يجب عليك أولا أن تكوني حرة
لن تتخلص منه ابدا، لن يبتعد حتى يظفر بها، كانت موقنة بها داخليا، حدسها الأنثوي لا يخطيء اشاراته ومغزي حديثه الذي زاد لنبرة وقحة خاصة
- أما أنا فأعلم الكثير مما لا تعلمينه.

أشاحت برأسها ناحية النافذة ورغبة ملحة لجفنيها أن تغمضهما لثواني فقط لتهدأ من صداع رأسها، رحلتها ما زالت طويلة مع المثير لاعصابها، زفرت بيأس وهي تغلق جفنيها
والمرعب في تلك اللحظة أنها سقطت في غفوة لم تحسب لها حسبانا، ضيق سرمد بين حاجبيه وهو يرهف اذنيه السمع لسماع أي حركة منها، هل نامت؟!
هل تفعلها وتنام مع رجال غريبون، انبثق ذلك السؤال فوريا بخشونة وغيرة صدرت منه لأول مرة.

اهتمامه بتلك الأنثي فاقت توقعاته للحد الذي جعله يتسع عيناه بعدم تصديق انه سيجل في نادي العاشقون البائسون، قرر استغلال وقته لتنظيف كاميرته وتفحص بعض الصور التي التقطها ليلة أمس في أحد الأحياء الشعبية، انسجم مع الصور ليزفر محمود براحة حينما انتهي حوارهم الذي لم يفهم منه حرفا وانشغل ذلك الضخم بكاميرته، رفع عينيه وهو يرى جسدها مائلا ناحية اليسار، ارتفع نبضات قلبه بخوف وتصفد العرق من جبهته ليقوم بتعديل المرآة بتهور ناحية اليسار وتظاهر انه يضبط المراة للنظر نحو الطريق، القي نظرة سريعة نحو الذي بجواره الذي لم يلتفت له ليزفر براحة وهو يرفع عيناه ناحية المرآة ليجد ما يسر قلبه.

وأشعل فتيل رجولته التي بأمس الحاجة لتلك الغافية، أشعة الشمس كانت تداعب عنقها وفتحة صدرها السخية كانت كافية له لاشباع عينيه ورجولته بها ذلك اليوم، تصاعد تنهيدة كتمها سريعا وهو يضغط على مقود السيارة بقوة ينظر إلى الطريق تارة واليها تارة أخرى...

أحس سرمد بضيق يقبض صدره، لأول مرة يراوده شعور بالضيق دون أي مبرر، رفع رأسه لينظر نحو الطريق الشبة خالي من السيارات ثم التفتت بعينيه نحو السائق لتتسع عيناه بجحوظ وهو يرى نظرات الرجل نهمة، جشعة على أنثاه النائمة.

اندفعت مراجل غضبه دون سابق إنذار ليقوم بسحب ياقة قميص الرجل بعنف، وعضلات جسده تحثه على قتله، حالا وفورا، انحرفت السيارة عن طريقها ومحمود نظر بذعر إلى الرجل الذي قبض عليه بعنف ليقول هادرا في وجهه
- أوقف السيارة في الحاااااال
تلجلج شفتي محمود وهو ينظر الى براكين عيني الضخم المندلعة وشعر فجأة بتهور فداحته، أعاد سرمد يصرخ في وجهه بعنف
- أوقف السياااارة.

فتحتي انفه تنقبض وتنبسط بسرعة دلالة على سرعة غضبه، ألقي نظرة نحو تلك المرأة التي تمنعه من التجرأ عليها لتسود عينيه بغضب واضح حينما رأي بلوزتها اللعينة كشفت عن بداية صدرها المكتنز وعنقها الأملس المغري تالفة أعصاب أي رجل حار الدماء، ألف سؤال وسؤال يتزاحم في عينيه ورغبة دفينة بقتل ذلك والتخلص منه وكل ذلك قبل أن يقتلع عينيه...

امسك سرمد بمقبض الفرامل ليسحبها مرة واحدة جعلت السيارة تتوقف في قارعة الطريق لترتد الغافية بجسدها للأمام مرتطمة برأسها على المقعد الأمامي، فتحت عينيها وهي تتأوه بتوجع شديد تمسد يدها على ظهرها لتميل برأسها ممسدة اثر الارتطام لترفع عينيها تنظر إلى السائق تستعلم منه ماحدث الا انها شهقت حينما وجدته تحت رحمة قبضة الذي على حافة الجنون، اتسعت عيناها بهلع قائلة
- ايه فيه، ايه حصل.

ما زال سرمد يتنفس بهدر وهو يرى فتحة بلوزتها اللعينة التي كشفت الكثير مما كان يطوق النظر اليه اثناء انحنائها، لم يقم وقتها سوى بدفن رأس ذلك الحقير للأسفل كي لا يمتع عيناه بنظرة منها، حدجها سرمد بنظرة مميتة ثم وقتها أطلق وحوشه ليمسك بياقة الشاب يلقي قبضة قوية في فك الشاب ليصيح بخشونة
- أيها القذر الى ماذا تنظر.

هلعت شادية وهي تنظر إلى سرمد بصدمة، ما الذي حدث له ذلك المجنون ليهجم عليه، مدت ذراعيها لتصنع حائلا إلا أن ذلك لم يمنع سرمد من تسديد ثاني لكمة في خده الآخر، انفجرت شادية تصيح بيأس حينما استمعت إلى العالم في السائق المسكين
- سرمد، انت مجنون، سيبه.

زفر سرمد بجنون، وداخله لم ينطفئ ولم يهدأ بعد، وكيف يهدأ والغبية تصرخ في وجهه تحاول أن تمنعه من أن يسمع صوت تحطيم عظام ذلك الجرذ، سدد لكمة أخرى في وجهه لتنبثق الدماء من انف محمود، صاحت شادية بهلع من منظر الدماء وحينما وجدته يهم بلكمه حاولت ان تصنع بجسدها حائلا من غضبه وجنونه الغير مبرر حتى الآن بها لتصيح في وجهه صارخة بعنف بلغة انجليزية غاضبة
- اتركه سرمد، ماذا تفعل، سيموت على يدك.

أوتجرأ، تلك الوقحة تجرأ على منعه من ذلك الجرذ، ألقي نظرة نحو فتحة بلوزتها بحنق وغضب يلفها في نظرة شهوانية ليتلكأ بعينيه على استدارة صدرها المكتنز مرتفعا بعينيه نحو عنقها المرمرى مررا مرتفعا بنظرته نحو عينيها، اصطبغ وجهها بالحمرة الطاغية لتنظر إلى بلوزتها ذات الفتحة الواسعة لتعود جالسة على مقعدها تحاول رفع التوب الذي انحسر للأسفل باطراف اصابعها، أشاحت بعينيها مبتعدة عنه بخجل وارتباك منه، ومن مشاعرها الانثوية المتجلية أمام عينيه...

انتبهت على صوته الآمر وهو يفتح باب مقعده ساحبا جسد محمود سحبا ليلقيه على الأرض بتقزز
- الزمي في مكانك، لا تخرجي من السيارة ابدا.

اتسعت عيناها بهلع وهي تلتقط نظرته المهددة لها بالقتل، كيف؟! بالله كيف يفعلها وهو منذ قليل كان ينظر...؟! خجلت من افكارها لتعبس حاجبيها وهي تنظر من خلال النافذة يضرب السائق بقوة موجعة لقلبها، اندفعت لا تلقائيا تمسك بعتلة الباب تفتحها لترى ذلك الثور المندفع يناطح بقرنيه لذلك المسكين...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة