قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الأربعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الأربعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الأربعون

والغيرةُ دُخَانُ الحُبِّ، فإذا انطفأتْ نارُهُ انقطَعَ دُخَانُه.
المنفلوطي
- الزمي في مكانك، لا تخرجي من السيارة ابدا
صوته وحزمه حتى غضبه مستفحل لدرجة ألزم لسانها الصمت
وجسدها بالتيبس وهي تراه بعينين جاحظتين يسحب جسد محمود ويلقيه أرضا
- أما أنا سآخذ هذا الجرذ، شعرة منك يا برتقالية تخرج من النافذة احذري ما سأفعله بك.

اتسعت عيناها هلعا وهي تلتقط نظرته المهددة لها بالقتل، كيف؟! بالله كيف يفعلها وهو منذ قليل كان ينظر...؟! خجلت من افكارها لتعبس حاجبيها وهي تنظر من خلال النافذة يضرب السائق بقوة موجعة لقلبها، اندفعت لا تلقائيا تمسك بعتلة الباب تفتحها لترى ذلك الثور المندفع يناطح بقرنيه لذلك المسكين..
بساقين رخوتين، عقل دأب على رفض إعلان ملكية ليست من أحقيته
كيف يأمرها، يعلو بصوته صارخا في وجهها، كأنها مسته على طرف.

ارتعدت فرائصها والطنين في رأسها عاد يطن كأصوات النحل في رأسها وهي تراه يتخذ من محمود كيس ملاكمة للتنفس بها عن غضبه، همست ببعض الحدة وهي تقترب بخشية أن تمس شيئا من بطشه
- سرمد
نيران، تشعبت و انتشرت كالهشيم وهو يشفي غليله
حنقه، و سخطه
غضبه ورغبته الدفينة بها
بالتوغل لأنوثتها
والشبع حد الإرتواء
كلما حاول اخماد ركن يشتعل ركن آخر في جسده، الأمر بمثابة تلقي صفعة
صفعة افاقته من شروده وأوهامه الخاصة.

ألقي لكمة واخري إلى جسد محمود، وهو يتعامل بكل غضب وكأن الحقير لمس امرأته هو...
لا يريد أن يفكر احدا بها
أو يشتهيها كما يفعل هو
رغم عبثية الأمر الا انها امرأته وافقت أم أبت!
هدر بعنف وجنون ليرفع عينيه لينظر إليها، اسودت عيناه قتامة لترتعد التي تقف أمامه وهو يصيح بنبرة هادرة
- ماذا تفعلين هنا ألم أحذرك
أجلت شادية حلقها، لأول مرة تراه خارجا عن السيطرة
غير واعيا لما هو فاعله.

كيف يتخفي ذلك المارد الغاضب اسفل قناع عابث
نظرت اليه بعينيها وهي تزم شفتيها بقوة، لتشد من قامتها وهي تصيح بحزم في وجهه
- لن اسمح لك بالتمادي، ماذا فعل هو حتى تضربه بكل غل هكذا، انا رئيسته ولست أنت، ثم هل جننت هل تضرب رجلا غريبا في بلدة غريبة، اتركه
ابتسم، ابتسم بشر شديد وبدي كأنه واحدا من قطاع الطرق الذي يجب أن تأمن من شرهم، بلعت ريقها و ازداد الأمر صعوبا، وهي تسمع صوته الأمر
- عودي إلى سيارتك الان.

زفرت ساخطة من عنفه وامرة، وكأنها دمية يحركها كيفما رغب وشاء، من هو حتى يعلن سلطته وامرة عليها
هي التي كرهت القيود والتعليمات وتمردت عليها، كيف تستسلم لأمر رجل غريب عليها، بل الشخص المتسبب في سهادها
صاحت بتمرد ودأب عقلها في الخوض الى التهلكة!
- سرمد.

بدي ساخطا، متذمر، على وشك فقدان رشده في حضرتها ليركل بقدمه الجسد الملقى أرضا بلا حول ولا قوة ليصيح بصوت مرعب، مخيف كما لو أن الغربان انتفضت من سباتها ناعقة بصوتها!
- انصرفي فوراااا
التمع الإصرار في عينيها
والخطر المحدق أصبح أقرب إليها من أنفاسها
زمجرت بغضب والقسوة التمعت في عينيها لتصرخ في وجهه
- لن اتحرك، ولا تهدر في وجههي ليس من حقك ابدا الصراخ في وجهي لست، ااااه.

تأوهت متألمة حينما شعرت يد كالكماشة قبضت على زندها وجرتها بعنف نحو السيارة، رفعت رأسها تنظر إلى الكتلة الصاخبة الملفوفة بالغضب، حاولت سحب يدها أو تقف معترضة عن طريقته تلك البدائية لجرها بتلك الطريقة..
إلا أن بنيته الضخمة مقارنة بها كان الأقوي ليدفعها بكل خشونة وعدم رقي إلى السيارة.

صرخت متألمة حينما دفعها بخشونة للجلوس المقعد الخلفي، إلا أنها اعتدلت بجلستها سريعا حينما لاحظت نظرة الخطر المظللة في عينيه، همت بالصراخ في وجهه، إلا أنه اكتم صراخها داخل جوفها حينما وضع كفه الضخم على فمها ويده الأخرى قبض على مؤخرة عنقها ليهدر في وجهها وانفلت عقال سيطرته في وجهها.

- إن تحركتي سأقبلك وبجنون شاديااه بجنون حتى تصمتي، ترجلي من السيارة وسأقوم بتجاوز جميع الخطوط الحمراء معك هنا وفي السيارة وقاوميني إن قدرت، لا تعبثي معي ابدا
رأى اتساع كهرمانية عينيها وهو يري بيدها اليمني تحاول الفكاك من آسره لينظر إلى تلك الحلقة اللعينة
الكابحة لجنون شياطينه
الا ان الان بدي الخاتم باهت، باهت جدا مقارنة بغضبه المستفحل في كل شعبة في جسده ليهسهس بجنون.

- وذلك الخاتم لن يقف حائلا بيني وبينك بعد الآن
ارتعشت أثر كلماته، لتضربها الصاعقة
لقد أخذها على حين غرة، وفجر قنبلة موقوتة في وجهها
الدموع لم تقدر على سيطرتها لتنزلق سريعا على خديها لتقف عند جسر يده على شفتيها، استشعر سرمد حرارة دموعها ثم بدي يدرك انه يخيم عليها بجسده وضيق السيارة بدأت تعبث خيالات جامحة يجب أن يئدها على الفور!

حينما اطلق سراح شفتيها اندفعت تصرخ في وجهه ويديها تحاول الوصول اليه وضربه ولكمه ورؤيته جثة هامدة في التو والحال...
كيف تتأثر عاطفيا و انوثتها تشتاق ليزهر ربيعا في صحراءها القاحلة
- قذر، قذر، لا تفكر سوى في جسدي يا حقير، غادر السيارة
عاد الجنون يتلبسه ليصيح في وجهها مخرسا إياها وهو يطوق كلا يديها بيده
- لن أغادر، تدعين رجالا تتغزل في مفاتنك وانا تظهري لي وجهك المتجهم وتستمرين في الصراخ.

افترقت شفتيها وهي تستوعب للان مدى قربه الخطير لها وشعورها وكأنها جالسة على جمر متقد
ارتعد جسدها حينما احست بزفيره الحار ثم ازدادت تألما وهو يقسو على معصميها دون أدني رحمة لها أو شفقة!
ران الصمت بينهما إلا من وجيب انفاسهما المرتفعة، وظلت العيون تتحدث بما يثقل اللسان قوله..
يخبرها انه سيظل يكسر أي قيد أو حاجز وهي تصده أن حاول حتى محاولة للأقتراب من قلعتها المحصنة ضد أي غازي!

الاصرار في عينيه جعلها تزفر ساخطة وهي تهمس بضعف
- غادر
تلك القشرة الخارجية الضعيفة، تفعل به الأفاعيل له ومشاعره المتطلبة لها..
تستفزه وتشعل به مراجل من الحنق والغضب، الخطوط الحمراء التي وضعتها لأي غريب، ازالها وهو يقترب منها قائلا بحدة
- واللعنة قلت لن أتحرك، لم انهي حديثي بعد
ثم استفزها بسخرية شديدة وهو يرى شفتيها المستفزين لأفعال خبيثة.

- أين خطيبك المزعوم، هل يعلم ان زوجته المستقبلية جالسة في السيارة مع سائق كان في وشك الانقضاض عليك
شهقت بضعف لتنظر اليه بعدم تصديق
لا تصدق أن ذلك الملقى أرضا ان كان حيا او ميتا كان يلتهمها كما يفعل ذلك الآن
كأنه مسموح له اختراق منطقتها ولا يسمح لغيره أو التجرأ للاقتراب
همست اسمه بحدة، وكل ما بداخلها يأن وجعا وحنقا منه
- سرمد.

زمجر بخشونة وهو يقسو من قبضته على كفيها الناعمين أسفل بشرته الخشنة، زفر لاعنا بسخط وهو يسمعها تنطق برقة..
تذيبه
وتشعله
بل تحرقه
وتتركه رمادًا
- توقف ارجوك
صاح فجأة بنبرة فاقدة للسيطرة وهو يصرخ في وجهها
- لماذا، لماذا تمنعيني عنك، لماذا أنا
بدي نزقا
بل عصبيا
وغير صبور كما عاهدته، لتشيح بوجهها الناحية الأخرى هامسة بحنق
- أريد الرحيل.

فك اسر ذراعها ليبتعد سرمد تاركا لها مجالا للتنفس، اغمضت شادية جفنيها براحة، لقد كانت على وشك ان تلفظ انفاسها ان استمر في عذاب قربه منها لتلك الدرجة، استمعت إلى صوته الأجش الآمر
- اجلسي في الامام
لم تجادله، هي غير قادرة على مقارعته والا سيفتك بها كما افتك بالملقي أرضا، تمسكت يديها عند الباب وهي تنظر الى جسد محمد المضرج بدمائه، وتمنت في لحظة شريرة ان تنكسر عظام سرمد.

لما هو من حقه النظر والتشبع بما يعجبه ولا يعاقب كالآخر؟!
رفعت عينيها اليه لتجده واقفا عاقدا ذراعيه على صدره يحدجها بنظرات أقل ما يقال عنها مميتة، لتزدرد ريقها بتوتر وهي تهمس
- ماذا عن
قاطعها بعنف وقست عيناه على عينيها المذعورتين
- انطقي اسمه و سأنتزع لسانك، ولا أمزح في هذا.

صعدت المقعد الامامي على الفور دون أن تهمس ببنت شفة، لتجده يجلس على مقعد محمود السابق، عينيها من بين الفينة والأخرى تنظر إلى محمود عبر مرآة السيارة الجانبي، أتتركه في العراء دون أن تساعده
زجرها عقلها، لقد اخبرك انه تحرش بك ولولا وجود ذلك كتلة الاستفزاز لما خرجت سالمة، لكن ماذا عنه؟!

انطلق سرمد بسيارتها نحو العاصمة بعدما استعان بموقع الملاحة لوجهته، ألقي نظرة بطرف عينيه نحوها ليراها واضعة رأسها على النافذة تنظر نحو نقطة وهمية، قبض على المقود، وكلما فكر انه كان جالسا معها دون أن يشعر بنظرات ذلك القذر تشتعل براكينه الخامدة، لعن بالايطالية ثم عاد يلقي نظرة نحوها ليجدها شاردة دون الإتيان بحركة...
زم شفتيه بسخط ليجلي حلقه قائلا بوجوم
- ألن تهاتفي خطيبك، تطمئنيه عنك.

صمت، صمت منها هو كل ما قابله، لترتسم ابتسامة ساخرة على شفتيه قائلا
- تتجاهليني يا برتقالية
عضت شادية باطن خدها، لقد استفزها، بينجو، وأصاب هدفه
غمغمت ببرود وهي تكاد تلتصق بالنافذة كي لا تستفز الأسد الهائج
- كف عن نطق هذا الاسم
صاح بلهجة متملكة
كانت على وقع اذنيها غريبا، بل سماعها منه تحديدا لا ترغبه
- برتقاليتي انت يا شاديااه.

آنت بضعف، وهي على شفا جرف من السقوط في شباكه، كيف يغازلها، بل ويعلن بوقاحة في وجهها دون أن تعترض بحرف على آمره
تقوقعت حول نفسها ومشهد حلمها يتجسد بواقعية مميتة، ها هو يعلنها
دون أن تملك حرفا للرد عليه، همست بحدة وهي تهز رأسها نافية
- توقف، توقف
أعاد سؤاله الذي يسأله لحاله ألف مرة، ليضم حاجبيه بحدة قائلا
- لماذا تمنعيني انا؟ لماذا
انتفضت البرتقالية صارخة في وجهه.

- هل تريد سبب منعي، انت، انت عابث، فاسد، صبي مدلل، أفسدتك عائلتك بدلالك، لا تتوقع حينما تجد لعبة غير متاحة لك أنك ستنجح بابتزازك المقزز
تراقص الغضب في عينيه وهو يسمعها تقلل منه، من رجولته وكبريائه، قبض كفه بعنف على المقود مهدئا شياطينه الماجنة للانطلاق وفعل أكثر ما يطوق فعله لتقليم اظافر النمرة عليه، كرر كلمتها بسخرية واضحة
- ابتزاز مقزز؟!

عقدت حاجبيها بحدة وهي تري عضلات ذراعيه المفتولة تنقبض بقوة على مقود سيارتها، تشعر انه سيقوم بنزع المقود في أي لحظة تهور، أو ينزع رقبتها هي تحديدا!
حدقت في العروق البارزة في ذراعه وهي تراه يحاول كبح غضبه الذي امتد ولسعها من نظرة عينيه ليقول بنبرة هادئة، ذا وقع مخيف على نفسها.

- اسمعي يا صعبة المراس، سرمد النجم أبدا لم يفشل في الحصول أي شئ رغب في امتلاكه من لكن حينما يصدر أمر من مكان آخر، تقبلي مني غزو قلعتك المشيدة لأنني حتما سأخرج منها منتصرا
ابتسمت بخفة لترفع حاجبها بسخرية قائلة
- أحب رؤيتك تفشل
القي نظرة خاصة ثم غمزة اسقط قلبها بين قدميها
وهو يهمس بنبرة خاصة
كأنها لغة حبيبين، وهي حتما لن تسقط في شركه!
- انا في قلعتك يا جميلة، لكن تبقى فقط بضع غرف تفصلني عنك.

رغم خوفها بل ورعبها منه، وهو يعريها ببساطة أمامه قالت بسخرية
- حينما تضل لا تناديني وقتها
ارضته اجابتها، ليقول بنبرة ماكرة
- لقد أعطيتني الاشارة الخضراء، لا تتراجعي كجبانة كما عهدتك
اتسعت عيناها وهي تراه حاصرها
لقد سقطت كالغبية في فخه الذي نصبه لها، دون أن تنتبه له، حدجته بغيظ قبل ان تلتفت برأسها ناحية النافذة ترغي وتزبد في سرها على غبائها معه وقلة حيلتها!

في المؤسسة،
كان قلب عاصي مندفعا بشوق لرؤيتها بعد غياب يوم عنه
رؤية تلك الاميرة التي قلبت موازين عقله واندفع القلب يعلن عن أحقيته في القرار لأول مرة...
رقتها الفطرية كان أول شئ التفت اليه
مازال متذكرا حتى الان الليلة التي سقطت في احضانه وبكت بين ذراعيه
المرأة لا تندفع ولا تبكي ابدا امام أحدا لم تستأنسه، وكون انها جعلته يشهد ضعفها واضطرابها والضياع الساكن في عينيها الداكنتين.

اندفع كفارس، يحمي أرضه وعرضه...
ثم عفويتها في الحديث، يا ويل قلبه من نطقها لاسمه بعفوية شديدة منها حينما تتدفق الحمرة من وجنتيها، او تتلعثم للحظات وهي تقف امامه كطفلة صغيرة على اعتاب باب حبه...
توقف عن الحركة حينما أبصر وجودها مع شخص غريب مقتربا منها بحميمة، اشتعلت جذوة الغيرة في أوداجه لتقتحن عينيه شررا غير منتبها لمن حوله والصخب، كل ما يسمعه فقط هي اصوات ابواق حادة، وجرس إنذار يدوي في اذنيه.

نظر بعينيه نحو الرجل المبتسم امامها وهي واقفة منكمشة وفي يديه حاملا مضرب كخاصتها، حاول أن يحلل مدى قرب الرجل منها من خلال لغة جسدها، لكن كل شئ اسود في عينيه، الغيرة أعمت عينيه، انتبه على قرب روفيدا المبتسمة بهدوء ليقول حانقا وهو يجز على أسنانه
- هو ايه اللي بيحصل هنا
ابتسمت روفيدا وهي تري غيرة عاصي الظاهرة للعيان لتقول ببرود
- فيه واحد انضم للساحة.

التفت يمينا و يسارا ليجد الأطفال متجمعين حول ملعب التنس، ضاقت عينيه بشرر وهو يرمقهما بحدة ليقول
- مين اللي انضم للساحة؟
هزت روفيدا رأسها، كانت تعلم منذ دخول ذلك الزائر للمكان أنه سيزيد من الأجواء شعلة، خشت ان تخبره انهما سيعقدان مباراة وبدأ الاطفال يستعدون لمباراة حامية الوطيس، لكنها قالت بهدوء
- شوف بنفسك.

كانت وجد تقف مرتبكة، لقد اخذها المدعو سمير على حين غرة للمرة الثانية، ابتسمت بارتباك جلي حينما رأته حاملا مضربا لتقول
- مكنتش متوقعة اني الاقيك هنا
هز سمير رأسه يمرر أنامله على خصلات شعره الطويلة قائلا بنبرة جذابة
- مريت عند صاحب ولقيت نفسي قريب من هنا، حسيت بالفضول وقولت ليه مدخلش واشوف ايه النظام مش يمكن اتشد.

تفحصته وجد ودعت عينيها تري تفاصيل وجهه الجذابة، لن تنكر انه وسيم، حتى ملامحه تشي انه فنان، قطبت جبينها بعبوس متمتمة
- تتشد؟
هز رأسه موافقا وهو يراقب أحوال الملجأ التي أبهرته وتوقع ان مستواها دون المطلوب، ليقول
- ايوا، عندي علاقات واسعة وشبكة معارف كويسة نقدر نوسع النطاق ونعمل حفلة عش...
قاطعه صوت غاضب وهو يقترب من عزلتهما لترفع وجد رأسها لترى صاحب العينين الخضرا، متى تحولت لسوداويين؟!

- حفلة عشان كل واحد منكم يطلع شيك محترم قدام الميديا و الناس تقول قد ايه الانسان ده محب للخير ولا فاكرينها مقامرة كل واحد يراهن بمبلغ أكبر من التاني يضيف من اسم عيلتك وسمعتك
فغرت ثغرها حينما القي عاصي ما بجعبته لتقف تنظر نحو سمير بارتباك، بدي سمير مرتبكا وهو يرى ذلك الضخم عابس، قاطبا حاجبيه ليقول بهدوء محاولا امتصاص غضبه الغير مبرر
-كل غرضي المساعدة.

صاح عاصي بحدة وهو يحدجها بنظرات مميتة جعلت وجد تشعر بالتخبط والتشتت غير واعية لما أصاب ذلك الرجل؟!، زفر عاصي وهو يلعن سرعة غضبه التي حاول أن يهذبها، لم يختبر قط أن يفقد سيطرته وخصوصا مجال عمله، ما الذي دهاه؟!
مرر يده على خصلات شعره القصيرة ليقول بصوت اجش
- المؤسسة مش محتاجة غير بس قلوب تخلي الاطفال تحس بأمان بعد ما فقدوا سندهم في الحياة
مرر سمير يديه في خصلات شعره الطويلة قائلا بصوت معتذر.

- انا اسف لكن كان غرضي المساعدة مش أكتر
وقفت وجد تقارن بين جسد طويل نحيف ذو ملامح وسيمة ناعمة ثم إلى جسد عضلي ضخم صاحب عينين حانتين لكن يبدو أن مزاجه العكر سيؤثر سلبا عليها اليوم وهي كانت مندفعة اليوم لأخذ مقاسه للبدء في عمل قميص له، لاح الحزن في عينيها لتقول بصوت خافت
- سمير كان بيقترح فكرة يا عاصي، لا اكتر ولا أقل
ضحك ساخرا وملامحه تنقبض ليقول بصوت حاد
- افتكرتك غيرهم.

كان سمير واقفا شاعرا أنه لا يفهم شيئا لتندفع وجد قائلة
- تقصد ب ايه غيرهم
قطب حاجبيه ليقول بشراسة وهو يرغب في تمزيق وجهها الجميل اربا وتمزيق وجه ذلك الناعم
- انك من النوع اللي بيساعد من غير ما يوضح للي قدامه ويقول انا بعمل وبسوي
شهقت وجد ليسقط المضرب من يديها لتندفع مقتربة منه قائلة بعدم فهم لما يحاول قوله
- بعمل وبسوي؟! عاصي انا فين
بكل وقاحة قاطع حديثها ل يرتد على عقبيه قائلا
- عن اذنكم.

فغرت وجد شفتيها صادمة من وقاحته، ما الذي دهاه، اندفعت خلفه متناسية وجود سمير لتنادي عليه قائلة
- عاصي
زفر عاصي بحدة لوقع نداء اسمه، كيف تناديه بتلك الرقة الجاحدة، كيف تلتفت إلى رجل ناعم غر وتتركه، تابع سيره دون أن يلتفت بظهره لتهرول وجد بخطواتها وهي تقف أمامه تعوق طريقه قائلة بنبرة لاهثة
- عاصي اسمعني.

كاد أن يندفع متجاهلا اياها لكن لمسة اناملها لساعده أوقفته، رفع رأسه لينظر الى عينيها المغروقتين بالدموع ليكتم شتيمة كادت تخرج من شفتيه، وهو يسمع إلى صوتها المتحشرج
- عاصي ارجوك فهمني فيه ايه
دون وعي منه قبض على معصمها الرقيق، لتشهق وجد وهي تنظر إلى معصمها الذي أصبح تحت قبضته، رفعت عينيها بتيه لتري عينيه المندلعة بغضب اهوج
- مين الباشا اللي جيباه معاكي واللي من اول ما جيه فاكر نفسه صاحب مكان.

لا تعلم لما الحدة وهو يسألها، لتنظر اليه محاولة تكهن تصرفاته لتهمس قائلة بعفوية
- ده سمير الالمعي عيلته ليها في المجوهرات والدهب، امبارح كنا في حفلة وسألني بشتغل فين قولتله هنا
ابتسم عاصي بشر ليصيح بحدة قائلا
- مش قولتلك كنت فاكرك غيرهم
عبست وجد لتنظر اليه وهي فهمت رسالته، هل حقا يظنها منهم؟!، عاتبته بعينيها وهي تقول.

- عاصي، انا جاوبت بعفوية مني لان فعلا المكان اللي حاسة اني بشتغل فيه هنا، اتفاجئت انه جيه هنا
تقتله
المرأة ستقتله لا محالة
بعينيها المغويتين
وتلك البراء الملائكية في ملامح وجهها
سألها بحدة وغيرة ولسانه لا يفكر مرتين في سابقة تشهد للتاريخ لأول مرة
- وانتي بقي متعرفيش جيه ليه
هزت رأسها وقالت بهدوء
- يمكن حابب يساعد
انفجر في وجهها ولم يتحمل حقا، تلك الاجابة منها، اتظنه صبي أحمق ليصدقها.

- يساعد! انتي بتستغفلي عيل صغير يا وجد
عبست وجد من صوته الغاضب لتقول بنبرة جادة
- عاصي، لو سمحت مبحبش لما تتكلم بالطريقة دي
لوى شفتيه وقال بنبرة ساخرة
- وتحبي يا هانم يا بنت الباشوات اكلمك ازاي
هذا ليس عاصي الذي تعرفه، نظرت اليه بعينيها قائلة باهتمام
- عاصي، انت كويس
ترك معصمها وهو يمرر يده على مؤخرة عنقه، كيف تفعل ذلك به؟ تثير به اشياء وتحفزه على إخراج أسوأ ما به
زفر حانقا وهو يقول بحدة.

- لأ، مش كويس خالص
بان الاهتمام في عينيها الداكنتين لتقترب منه لامسة ساعده بعفوية غير عالمة بالحريق الذي تشعب بجسده وصوتها الناعم يهمس بقلق
- مالك، تعبان طيب، نروح الدكتور
اخشن صوته وهو ينظر اليه قائلا بنبرة معذبة
- يابنت المالكي عايزة مني ايه
لم تكن هي على دراية بحديث العيون، جل همها ذلك الرجل الضخم امامها يتوجع من شئ جعله في مزاج شئ، تفحصته بعينيها علها تجد العلة بها لترفع رأسها تنظر إلى عينيه قائلة.

- قولي بس ايه اللي واجعك يا عاصي، انت واقف ليه، اقعد لحد لما اتصل بالدكتور ويطمني عليك
زفر عاصي ساخطا، ليهمس بحدة
- متتغابيش يا وجد
نظرت إليه فاغرة فاها لتقول بعبوس وعدم فهم
- اتغابى
زم شفتيه بحدة، هل لتلك الدرجة معمية الاشارات؟! لم ينتهي من دراستها شخصيا وهو المتأني في كل تفصيلة بعمله، تأتي تلك الأميرة تطيح بعقله مستخفة به!
زمجر قائلا بجمود
- اكيد عارفة ليه اللي اسمه نبيل هنا ليه
صححت اسمه بعفوية منها.

- سمير يا عاصي
صاح ساخطا وهو يضع كفه بجواره كي لا يحطم رأسها
- نبيل، زفت مليش فيه، الإشارات بتاعتك عطلانة تحبي اصلحهالك
لم يعجبها ان يسخر منها بتلك الدرجة، فقط هو يكون صريحا في سؤاله دون الاستخفاف بها لتجيبه، زمت شفتيها وصاحت بصوت مرتفع نسبيا
- مبحبش تكلمني بالطريقة دي يا عاصي.

حتى صوتها المرتفع لم يكن مرتفعا، بل كان صوت زقزقة عصفور جائع، يجب أن تأخذ زيارة سريعة لجدته وتراها، انتبه على صوت الناعم وهو يقول بتذمر
- وجد مش هنلعب جيم مع بعض ولا ايه
رفع حاجبه متعجبا من ذلك الدخيل الذي اقتحم دائرتهما الخاصة لينظر إليها قائلا
- تلعبوا مع بعض
ازدردت وجد ريقها بتوتر، وهي تشعر أنها خبأت شيئا عليه، لا تعلم ما الذي يجعلها تشعر بذلك، ربما نظراته الحانقة المسلطة عليها لتهمس بصوت خافت.

- هو عرض عليا
مال عاصي رأسه، هل كل ذلك حدث في ليلة فقط حينما لم تزر المؤسسة، تجلب احمق ناعم معها، لم يمنع نفسه من أن يهمس بصوت غاضب
- ويا تري عرض عليكي ايه كمان وانتي مندفعة وقولتيله ايوا
رفعت رأسها قائلة بعفوية شديدة
- ابدا يا عاصي هو حب يخلي الولاد تتدرب في التنس زي الكورة وقرر ننافس بعض
صاح تذمر سمير وهو ينظر إلى ساعة يديه
- يلا يا وجد
رفعت وجد عينيها اليه مبتسمة قائلة
- تعالي اتفرج وشجعني يا عاصي.

رغم رقتها، وأول تصرف بادر منها للأهتمام بها بطريقته الخاصة إلا أنه قال معاندا قلبه
- لأ
نظرت اليه عابسة لتقترب منه هامسة، بعينيها المغويتين تضعف من عناده
- عاصي، ارجوك
قلب عاصي عينيه زافرا بحنق، ليحلق النفي في الأفق وهو ينظر اليها بوجوم ليعود النظر إلى عينيها ولسانه يردد بالنفي..!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة