قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثالث والخمسون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثالث والخمسون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثالث والخمسون

ظلت جيهان تجيء وتذهب دون هوادة، بدأت تشعر بالندم لما فعلته، نظرت إلى الساعة بيدها، لقد مرت أكثر من ربع ساعة دون ظهور أي منهما، هل يغرر بها ذلك الإيطالي؟!
اللعنة لو فعل، ستقتله، تقسم لن تكف حتى أن تشوه وجهه الرجولي لتأخذ بثأرها، اندفعت تتوجه الى الطابق السفلي إلا أن ساقيها تخشبت وهي تنظر إلى عينين باردتين، لامعتان وهي تنظر اليه، كأنه، كأنه واقع في حبها.

ألم يقولها سابقا بكل حنق وغضب منه، كأنه وقوعه في حبه لعنة، وماذا عنها هي، ألم يكن حبه لعنة، ظلت لسنين تمنع نفسها من التقصي لأخباره، لكن أخباره رغم عنها تصله، لسنين يصطحب امرأة مختلفة، لم تحاول حتى التجسس عليه، خافت وخشيت أن تسمع أي حوارات قذرة بين نسائه وهو
وتمسك بدليل خيانته له، سخر عقلها وهي تمتم أي خيانة تتحدثين عنها يا غبية، هو حتى يراك طفلة صغيرة كعلقة تفسد حياته ، ألم تكن كذلك.

لا أحد راضي عن حياتها ولا حتى والدها، حتى جزء منها غير راضي، ياليتها تصبح مثل شقيقتها، رغم ابتعادها عن الأضواء إلا أن والدها فخور بانجازاتها التي حققتها بعد ان فاقت من انهيارها الذي سببه خنزير في حياتها...
وهي، حتما كل ما تحسدن عليه الفتيات المراهقات، لا شئ
لمعان خادع، إلا أنه يجذبها، رفعت حاجبها الأنيق وهي تمتم بترحيب ساخر.

- وسيم المالكي، واو مكنتش متوقعة ان حفلات عيد الميلاد بتهمك توقعتك مثلا تروح نايت كلاب
لوي وسيم شفتيه وعينيه تهبطان متفحصا فستانها الفضي المبهرج، هذه هي جيهان التي يعلمها، تريد أن تكون نجمة الحفلة رغما عن انوف الجميع، يحمد ربه انه لا يوجد أي شق جانبي في الفستان الا انه يضع احتمالات كبيرة لشق واسع خلف ظهرها، صعد الدرجات الفاصلة بينهما ليقول بوجوم
- متعرفيش عني حاجه.

لاح السخرية من عينيها وهي تمتم بثقة متفحصة اياه
- اهووو، اعرف كل حاجه يا وسيم
اقترب منها وهو يتأمل قدها الذي التف حول قماش فستانها، وزينة وجهها الصارخة المناقضة تماما لخصلات شعرها المسترسلة على ظهرها، متى تخلصت من خصلات شعرها المجعدة؟!

لم يبدو عليها انها ستبتعد من مكانها لذا ببساطة أخذ كف يدها وهما يدخلان إلى الحفلة الهادئة، المناقضة تماما لصخب حفلات تلك الفأرة الصغيرة المعتاد عليها ليميل برأسه هامسا في أذنها
- بتراهني على ايه يا جيهان
اعتلت ابتسامة ماكرة على شفتيها وهي تمتم
- تحب اراهنك على ايه.

اظلمت عينيه وبقي يحاول عبثا عدم التأثر بملمس يدها أسفل يده، كل ما بها يحفزه للانقضاض عليه، وإعادة تربيتها من جديد، غمغم بخشونة وما بداخله أصبح مفضوحا لعيني جيهان الخبيرتين
- قلبك
عقدت حاجبيها وهي تتأمله مليا، هل هذا اثر غيابها من حياتها جعلته يهذي بكلمات غريبة، عجبا، من يصدق وسيم المالكي بنفسه يبدأ بالحديث عن القلب بل ويراهنها عليه، اعترضت طريقه وهي تضع جسدها حائلا أمامه لتقول بابتسامة مستفزة.

- قلبي، كلامك عميق منك وغريب، شيل قناعك انت مش في الإذاعة
بعينين عابستين لاحظ نظرات الجميع حولهما، لم يعد يكترث للشائعات التي ستصدر حولهما، ان كان سيخشي من سمعتها، فالتي أمامه لا تكترث أبدا للشائعات اطلاقا، بل تندفع بتهور ورعونة تثير بلبلة في كافة مواقع التواصل الاجتماعي ليتمتم بجفاء
- دايما بتحبي تكوني تحت الأضواء
شمخت برأسها قائلة بميوعة قصدتها
- الأضواء اللي بتجيلي لوحدها
- مغرورة.

قالها بحنق وابتسامة مقتضبة جعلها ترد وعينين لامعتين بمكر
- ثقة بالنفس وبعدين مين ميعرفش جيجي السويسري
ثم دارت بعينها حول الجميع تخبره عن الجميع يضعون انظارهم عليهما، مما جعل وسيم يترك ذراعها وهو يضم يديه في جيب بنطاله قائلا
- كل اللي هنا عارفين من جيجي
ضيقت عيناها وهي تحاول ان تفهم إلى ما يصل اليه ولم يبخل عليها وهو يقول بنبرة خاصة
- بس مين يعرف جيهان.

مال برأسه هامسا وعينيه يتفحصان ردات فعلها الثابتة المهتزة قليلا لم تفت عليه
- جيهان اللي تقدر تفقد اعصابك وتهورك، تخليك في حالة تأهب ويقظة، تحميها حتى من نفسك
ازدردت ريقها وهي تحاول ان تحافظ على ثباتها كملامحها وهي تحرك عينيها البندقية لتنظر إلى الأمواج الهائجة في عينيه
- ابتزاز عاطفي ده يا وسيم
التسلية صعدت عينيه وهو يهمس بصوت أجش
- سميها زي ما انتي عايزة، وانكري براحتك، بس يا تري ده هينكر.

ألقي نظرة نحو قلبها، لتنفلت نبضات قلبها الهادئة عن معدلها الطبيعي، زمت شفتيها وهي ترد بدفاع
-وينكر ليه!، كأنه في حالة معقدة، انا زي ما انتي شايفني بضحك وببتسم وحياتي حلوة حتى غيري بيحسدني عليها
قاطعها قائلا بصراحة شديدة
- مملة وكئيبة، ضلمة وملهاش طعم، صاحب العصاية السحرية اللي بيحول الحياة الضلمة لنور بتبعديه عنك.

خطوة غير محتسبة منها للابتعاد عنه جعله يفوز، ما زالت صغيرته يحفظها كخطوط راحة يده، لتتخذ الهجوم وملامحها تتحول للعداء
- عمره ما قرب عشان يبعد
انفجر ضاحكا، ضحكة خافتة قاسية وهو يتخذ الهجوم مثلها
- ومكالماتي ورسايلي، وانك تتعمدي ان مقابلكيش، الباب في وش الباب جيهان لحد امتي هتهربى.

اهتزت واضطربت لثواني، لن تنكر انها فعلت هذا وستظل تفعلها كل يوم، لتعقد ذراعيها على صدرها، تحاول ان تهدأ من اضطراباتها لتقف كتمثال رخام وملامح باردة قائلة
- لانك هتأذيني
ضيق عينيه مرددا بعدم فهم
- أذيكي
لما يلعب على أوتار انوثتها، هو الوحيد الذي يجيد العزف على آلة انوثتها وليس غيره، هو الوحيد القادر على اختراق صومعتها، حتى باتت ضعيفة الحيلة وهي ترمقه ببعض الحنق لتهمس بنبرة جافئة.

- تفتكره حب وهو بس مجرد تعلق لشخص مهم في حياتنا، بس للاسف خانة الصديق صعب تبقى في خانة الحبيب
للحظة لم يكن ليصدق أن جيهان ستتفوه بأغبى جملة قالتها اطلاقا، لم يعدها ضعيفة وقليلة الحيلة ابدا، الا ان الحرب كل شئ مباح به
- قصدك الحبيب يرجع لصديق، العبيها على غيري يا جيهان
جزت على أسنانها وبدأ الضغط الذي يمارسه بفقدان سيطرتها على لعبتها لتنفجر بحدة خفيضة
- تعرف ايه اوحش حاجه.

رفعت عينيها المحتقنة بالغضب لتمتم
- أن يكون واحد يعرف عنك كل حاجه وحافظك اكتر من نفسه
وماذا عنها؟! أصدقته أنه واعد النساء؟ واقترب منهما؟!، ان صدقت حتما فهي لا تعلمه، يمرر أنامله على خصلات شعره الكستنائية متنهدا بتعب
- للدرجة دي صدقتي اني وحش
ضغط على الوتر الحساس، لتنفجر في وجهه قائلة
- وحش زي ما عيشتني وانا بلاقيك كل فترة وفترة مع واحدة اجنبية وبكل بجاحة تعرفني عليهم.

لم يبدو على وجهه أي علامة للتأثر مما دفع جيهان تضم قبضة يدها تضربه بعنف على صدره قائلة بحرقة
- كنت فرحان طبعا مش كدا، وانت، انت كنت بتستغفلني وبتلعب بيا يا وسيم
زفر بحدة وهو يتمسك بكلا قبضتيه خلف ظهره، يحاول أن يحفز تلك الوحوش التي تعربد بداخله، ليهمس بصوت مقتضب
- اسف
رفعت جيهان رأسها وهي تنظر اليه بحنق لتهمس بصوت منفعل
- اسف، اااه طبعا وانا المفروض اقولك عادي يا بيبي.

عادت وجهها يكتسب صلابة كالفولاذ ليهمس
- كل السنين دي وتعذبني وكلمة اسف ده الشفيع ليك، لا شاطر وفاكرني زي العبيطة هفرح وانت تجي مع عيلتك عشان تتجوزني، للدرجة دي اناني
لما لا تفهمه، يخشى عليها أن يكون تعلقها به، تعلق مريض، وهو لسنين كبح مشاعره كي لا يؤذيها، مشاعره التي ظن لسنون يحجمها كي لا تتأذى أو يفقد احترامه ورجولته أمام الرجل الذي ائتمنه على ابنته.

كيف تريد منه ان يعترف بحبه لها وهي في بداية لحظة تفتح انوثتها، سن مراهقتها الذي اتعبه واتعب والدها، بقدر ما اشبع رجولته الوليدة نظراتها التي تلاحقه، كاد في العديد من المرات ان يتهور ويفقد سيطرته
الا انه دائما يضع أمام نصب عينيه والدها، كيف بسهولة تريده أن يضرب بكل شئ في عرض الحائط، يحاول ان لا ينفرد بها كما ليلة خطبة ماهر شقيقها، بالكاد سيطر على رغبته المتوحشة بها ليهمس بصوت اجش منفعل بتأثره بها.

- عايزاني استغل مشاعرك يا جيهان
دارت جيهان عينيها بملل لتضرب بقوة على صدره قائلة
- اهوو هنرجع تاني للمرحلة الابتزاز العاطفي، انا صغيرة ومش ناضجة ومشاعري متذبذبة وانا المفروض الراجل وافهمها ان دي اللي بينا مجرد اخوة
لتصرخ في وجهه بحدة
- كل اللي بينا كان اخوة مش كدا!
امسك ذراعها تأن بألم وهو يصرخ في وجهها.

- كنتي عايزاني اتصرف ازاي، وانا لقيت نفسي متورط فيكي، كل يوم كنت مضطر ابص ليكي كنظرة اخت وانتي متعرفيش الجحيم اللي كنت بعيشه، عايزاني اتورط وابوكي كان مأتمني عليكي، لو كنت سافل كنت استغليتك يا جيهان، كنت وقتها مش هتطيقي في وشي
سحقت شفتها السفلي ولم تدري النيران التي ثارت بداخله وهو يراقب تلك الأنثى المحرمة عليه، لتزمجر في وجهه تحاول ان تفلت من قبضته المؤلمة لذراعها.

- برافو. برافو يا وسيم، بقيت ملك الدراما
أجبرها بحدة ارعبت فرائص جسدها للنظر إلى عينيه
- بصي لعيني، وجد بنت عمي نسيت حبها للؤي، اللي كانت من وقت مراهقتها بتحلم انه يكون جوزها وهوب نسيته وحب جديد دخل قلبها
اتسعت عيناها وهي ترى تلك العتمة في عينيه، أمواج تتلاطم و عاصفة لا تبقي شئ ولا تذر جعل عينيها تهبط لترى عرقه النابض الصارخ بعنف، رفعت عينيها لتنظر اليه
هل هذا ما يخشاه، أن تكون مثل ابنة عمه؟!

هل كل تلك السنون لشيء سخيف وأفكار غبية كعقله السميك هذا!
نزعت ذراعها تلك المرة بنجاح بنظرات شرسة وهي تقول
- اياك، اياك تقارني بحد حتى لو بنت عمك، انت فاهم
ابتسم ببرود وهو يضم يده في جيب قائلا
- لو للحظة لقيتك سبتيني صدقيني كنت قتلتك
ما الذي يقوله ذلك المخبول، انفجرت تتدعي الرعب والذعر قائلة
- اووه مت من الرعب، ابدأ جهز سلاحك وانا هبدأ ادور على العريس ومين عارف ممكن تقتل نفسك بعد ما تقتلني.

لسانه، يود قصه، بل انتزاعه منها ليهسهس بحدة
- هقطعولك في يوم
ازاحت خصلات شعرها جانبا لتريه ظهرها النصف عاري قائلا بمكر
- مش محتاج يا بيبي الفستان مقطوع لوحده
احتدت انفاسه وهو يزمجر بوحشية، يأمرها بعينيه أن تعيد خصلاتها اللعينة كما كانت، الا تلك اللعبة النارية تحرقه، وتثير نشوتها، أعادت ترتيب خصلات شعرها مرة أخرى ليجعل من خصلات شعرها ساترا للفضيحة خلف ظهرها، القي شتيمة بذيئة ثم تمتم
- مستفزة.

بقي معتصم بين كل دقيقة وأخرى يبحث بعينيه عن صغيرتيه، بالكاد كان يستمع بعقل نص حاضر إلى ماهر، لكن اختفاء شادية المفاجئ هو جل ما يقلقه، شادية لم تصل لجرأة وقوة جيهان
ما أن لمح جيهان وهي تتقدم اليه بابتسامتها الماكرة جعله يحاول السيطرة على غضبه، صاح بحدة
- كنتي فين
نظرت بعدم فهم إلى نبرة الهجوم في صوت والدها لتقترب منه تندس في احضانه قائلة.

- هكون فين يا عصوم، الحشرات بدات تكتر الايام دي بفكر اجيب مبيد عشان نقتلهم
امسك بعصاه بكل قوة كي لا يدقه على رأسها، يرى في عينيها الألم والحزن تداريه بابتسامتها المتسعة، لا يود أن يصاب بذبحة صدرية بسببها، ضيق عيناه حينما لمح وسيم وهو يغادر المكان ليعيد النظر اليها وهو يراها تحدق إلى اثر رحيله بألم، إن كانت لا تستطيع ان تبتعد عنه لتلك الدرجة، لما تلعب تلك الالعاب معه؟!
زفر بحدة متمتما.

- وانا بفكر اديكي باللي في ايدي
رفعت رأسها اليه قائلة بمشاكسة
- بقيت متوحش يا عصومي
نظر اليها بعبوس قائلا بحدة
- لحد أمتي كنتي هتخبي عليا انت واختك عني
أكثر ما يكرهه أن يكون هو آخر ما يعلم بحياة طفلتيه، لتجيبه جيهان ببساطة
- شادية مش عايزة تديله فرصة انه يديلك الانطباع الحلو ليك
انقبضت ملامح وجهه ليجيب بحدة ورفض شديدين
-ده اجنبي
هذا ما توقعته، هزت رأسها قائلة بهدوء
- عرقه شرقي يا بابا.

هل تظن ابنته أن هذا شفيع له، الرجل بدا غبيا امامه ليغار منه، كيف يغار منه وهو والدها بل وشقيقها، هل هو غبي لتلك الدرجة، اجاب بعبوس
- ومتهور
انفرجت عن شفتيها ابتسامة ماكرة، والدها يغار، كان يستطيع أن يعدد صفات أخري به ويجادلها الا ان والدها بدي لم يجد شئ سوى ان يظهر امتعاضه الخاص وهو لم يجلس معه ولو لمرة واحدة، لفت ذراعها حول عنق والدها قائلة بغمزة ماكرة
- زي ما كنت يا عصوم وقتها ايام زمن الجميل.

ابنته رغم حذرها منها، إلا أنها مائلة إليه، لأول مرة يرى ابنته تثق بذلك الأجنبي، لكن كيف يثق هو به، حتى وإن كان يحمل نفس العرق، إلا أن دم هجين فسد دمائهم الخالصة، حتى وان لا يوجد شئ يمنعهما، هو يخاف عليها
بدي للحظة مثل حماه العزيز، كان يخشي على ابنته منه، غمغم وهو يعبر عن قلقه
- يستحيل استأمنه عليها
هزت جيهان رأسها قائلة
- عندك حق، متهور واجنبي ووقح
هز معتصم رأسه موافقا على كل ما قالته
- بالضبط.

اقتربت جيهان بخبث شديد تهمس في اذنه
- وياتري جدو كان ايه اول انطباعه عندك وانت يا حبيبي بتتقدم لبنته الوحيدة وتاريخك كان مشرف
رفع رأسه وهو لا يصدق تلك الصغيرة أصبحت تفهم هواجسه، صاح بحدة
- بنت اتعدلي
هزت جيهان رأسها قائلة باقرار
- لطاما كنت بتفتخر بتاريخك الماضي قدامي يا عصومي، خايف لانه شبههك
جز معتصم على اسنانه وهو يمسك قبضته بعنف على عصاه ليقول
- محدش شبه معتصم السويسري.

التمعت التسلية في عينيها وهي تقول بوقاحة
- في ده عندك حق، زمنكم كان اخركم تتكلموا في التلفون وتبعتوا رسايل بس الزمن ده، ااه
شهقت بألم حينما شعرت بعصاه تضربها بخفة على ساقيها لتنظر الى والدها بعبوس وهو يقول بانزعاج
- قليلة الادب
مالت برأسها قائلة ببساطة
- شبهك يا روحي.

وهذا ما يجننه، إن تلك الفأرة الصغيرة شبهة لكن بنسخة حديثة وسيئة، انتبه على قدوم صغيرته الاخري بوجه محتقن وعلامات مبهمة، ثم ما هذا الانتفاخ في عينيها؟! هل كانت تبكي؟! سألها بحدة اجفلتها
- كنتي فين
ازدردت شادية ريقها وهو تحاول ان تمسد ذراعها الذي تلقي عقاب قاسي من ذلك الايطالي الاحمق، اجفلت من الالم وهي تجيبه بصوت ابح وعينين متحاشية عن النظر إلى والدها
- كنت تحت.

ضيق عينيه بعبوس شديد، وهو يرفع عينيه يبحث عن ذلك المسبب الأفاعيل لابنته ليقول بنبرة غاضب
- وبتعملي ايه تحت
هزت شادية رأسها مغمغمة بصوت متعب
- جالي تلفون
زفرت جيهان بحنق، ترمق شقيقتها من بداية خصلات شعرها الى اسفل قدميها لتقترب من والدها هامسة
- اهدي وخف عليها يا عصوم
غمغم بنبرة حادة والضعف والهوان المتأصل بشادية جعله يخشى
- هو راح فين
تمتمت جيهان بمشاكسة
- مين تقصد
حدجها بنظرة زاجرة ثم تمتم بوجوم
- المصور.

تمتمت جيهان بلا مبالاة وهي تود لثانية أن تفيق شقيقتها قبل أن يعاقبهما والدها الذي بدي نزقا وحاد الطباع تلك الليلة
- مالك بيه في اتنين غيره
شكرت الله لعودة ماهر الذي اقترب محتضنا شادية التي سرعان ما دفنت رأسها في صدره، تحاول استجماع شجاعتها المنهارة، مما جعل الأب يرمقها بعبوس شديد، غمغم ماهر بدفء وهو يطبع قبلة على مقدمة رأس شادية التي اندست بعناقه أكثر
- وحشتوني جدا.

زمت جيهان شفتيها بعبوس شديد وهي تقول
- انا كمان عايزة حضن
انفجرت شادية ضاحكة وهي تفسح مكان صغير لتندفع جيهان معانقة شقيقها الذي قبل مقدمة رأسها كشقيقتها، ابتسم معتصم وبعين الاب يراهما اطفالا لا يزالون يحتاجون إلى الرعاية، تفاجئ باندفاع ابنتيه إلى عناقه لتجلب البسمة إلى شفتيه وهو يربت على ظهر كلاهما، اندفع صوت فريال التي تتقافز منها الدموع، كل ذلك بسبب هرموناتها المضطربة لتقول بغيرة طفولية.

- وانا فين مين الحضن الجماعي ده
كادت فريال تندفع إلا أن ذراع حازمة اندفعت تلف حول خصرها باحكام ليميل برأسه هامسا بصوت أجش
- وجوزك مش كفاية ليكي
لمعت عينا فريال بعشق، لتنفرج عن شفتيها ابتسامة حالمة اقرب وصف استطاعت جيهان ان تصفه وهي تسمع فريال تعلن عشقها دون أدنى خجل امام الجميع
- انت عارف انك كفاية ليا يا قرصاني
لم تستطع جيهان سوى أن تعلق باشمئزاز مصطنع.

- لا انتوا تشوفلكم اوضة لان اللي بيحصل ده قرف حرفيا
اندفع الجميع ضاحكين ووقاص يعزز من حماية رهف مقبلا رأسها، يعلم انها لم تحظى بوالد ولا والدة جيدة، لكن هو لا يملك سوى نفسه وشقيقته واخيه وأسرار..
هزت فريال رأسها محية ابن خالها الذي اومأ برأسه قبل أن يتفاجئ بتعليق جيهان
- وانت يا مزعج، يدوب خلصنا من مشاكلك العاطفية عشان تقع غيرك وانا المصلحة العاطفية ليكم، لازم تدفعولي فلوس مقابل اللي بعمله.

شعرت بماهر وهو يجذب من عنقها ببعض الخشونة التي اعتادتها قديمة منه، مبتسما امام الضاحكين، لترتسم ابتسامة هادئة على شفتي جيهان وداخلها يقين، ان لم تجد حبا ناريا، فحب عائلتها لها هو الأهم حاليا!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة