قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثالث والأربعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثالث والأربعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثالث والأربعون

في قصر المالكي،
ظلت وجد تفرك يديها بتوتر شديد، لثلاث يوم على التوالي بعد ذلك اليوم لم يأتي، تخشى في اليوم الرابع ان تذهب ولا تجده، ابتأست ملامحها الناعمة، لما يهرب منها؟!
هل هذه طريقته لتوديعها؟! هل كانت مجرد حالة يتعطف عليها؟!
عند الفكرة الاخيرة هزت رأسها نافية، ليست غبية لعدم رؤيتها الاهتمام من عينيه، كانت تعلم أن ما بداخل العينين الخضراوين شئ لا يكذب، لكن هل هي مستعدة له؟!

تشعر انها متذبذبة، لا تريد الاندفاع بعاطفتها
بل تتريث، حتى تعلم رأسها من أسفل قدميها، هبطت درجات السلم بخفة وهي تستعد للذهاب الى المؤسسة، وان لم تجده ستهاتفه
ستسأله بكل بساطة عن حاله وبعدها ستترك البقية حينما تقابل ردة فعله، احتقنت وجنتيها بخجل وهي تشعر بالخجل من مهاتفته.

ظلت تماطل لثلاثة أيام، دون معرفة ما مبررها حينما يسألها لما تهاتفه، يالله ستتمنى وقتها ان تنشق الارض وتبتلعها، انتبهت حينما تفتح باب سيارتها سماع زمور سيارة وسيم، عقدت حاجبيها بريبة حينما ترجل من سيارته مقتربا منها، تسائلت بشك
- انت بتعمل ايه هنا
نظر وسيم نحوها بسخط، هذا ما ينقصه أن يذهب لمنزل عائلته تسأله ما الذي أتى به، صاح بحنق
- حاسس اني مخنوق.

مرر انامله على خصلات شعره الكستنائية يشعثها بضيق، لا يعادل ضيقه من تلك الفأرة الشقية وعذابها واستفزازها له في كل اتصال بينهما، الوقحة ليلة أمس اخبرته انها ستعود عارضة لتظهر في فيديوهات المغنين، على جثته ان فعلت ذلك
انتبه على سؤال وجد المهتم
- هي جيجي لغاية دلوقتي رافضة
رفع زرقاوة عينيه لينظر إليها بصمت جعل وجد تشعر بالشفقة من أجله، صاح وسيم حانقا
- غاوية تعصبني وتقرف عيشتي.

هزت وجد رأسها، لما كلاهما يندفعان للانتقام من بعضهما البعض
لما يضيعان عمرها في انتقامات جوفاء وطفولية، هزت رأسها لتهمس بهدوء
- بتحبها
ظن وسيم انها تسأله إلا أن كلمتها اقرار وليس سؤالا لتتابع قائلة بهدوء
- وبتحبك
لترفع وجد عينيها تنظر إلى وسيم بتيه شديد تتخبط به منذ ثلاثة ليالي
- انا بقي معرفش هو انا حبيت فعلا ولا اتعلقت
عبس وسيم واختفي الإرهاق من عينيه، ليقترب منها سائلا بتخوف
- انتي لسه مع موضوع لؤي.

كان على وشك أن يصاب بذبحة صدرية ان قالت نعم، لؤي هذا مستحيل أن يتوافق مع وجد، وجد رقيقة، نسمة هادئة تحتاج لتدلل الشديد من رجل، حليم في غضبه، وهذا لا يتوافق مع لؤي بتاتا، هزت وجد رأسها مجيبة بتشتت
- مبقتش فاهمة يا وسيم، طب كل اللي عشته السنين ده وهم وتعلق ل لؤي
ضيق بين حاجبيه ينظر اليها بتفحص شديد، ليقول ساخرا
- وانتي فجأة صحيتي من النوم واكتشفتي وهم حبك ل لؤي
امتعضت ملامحها الناعمة لتقول بسخط.

- وسيم متخلنيش اندم اني بفضفض معاك، مش لاقية حد اكلم معاه وخصوصا اني مش عايزة أحكي مع مماة
نظر اليها بامتعاض شديد وهي ما زالت ملتصقة بتلك الكلمة المائعة ليقول بحنق طفولي
- وغالب باشا
رفعت وجد تنظر اليه قائلة بجمود
- جدو عايش في عالم تاني كأنه بيناجي حد بعيد عنه، انا حاسة اني ضيعت سنين عمري على الفاضي
ود وسيم ان يصفق بكلتا يديه، يبدو ان الانسة أفاقت من غيبوبتها، ابتسم قائلا بتهكم.

- ومين العظيم اللي وضحلك بقي النقطة اللي كنتي مش واخدة بالك منها
عاصي، أجاب قلبها فورا وبدأ يتبع قلبها سلسلة من نبضات هاربة لتتغضن ملامح وجد حانقة
- وسيم كلمة كمان و همشي واسيبك
أجاب وسيم بجدية ليتملل في وقفته
- لازم نتبهدل يا وجد، تحسي الحب لازم يبهدلنا ويطلع عنينا عشان النص التاني يرضي
لاح الاهتمام من عينيها لتقول بتلهف
- هتعمل ايه
تثاءب وسيم ممررا أنامله على خصلات شعره قائلا بنعاس.

- ولا حاجه هطلع انام وابقي يحلها الف حلال
اتسعت عينا وجد وشعرت انها سقطت من سابع سماء، لتصيح وجد حانقة وهي تراه يتوجه نحو الباب الداخلي
- دلوقتي احنا في الضهر
لم يرد عليها، بل لم يكلف نفسه عناء للرد، تلك غلطتها انها حاولت ان تجد شخصا يفهمها، ركبت سيارتها وانطلقت بوجهتها نحو المؤسسة، عاقدة العزم أن تعلم سبب تغيبه سواء من روفيدا التي تخجل من سؤالها او منه هو شخصيا...!
بعد فترة من الوقت،.

ترجلت من سيارتها بعزم شديد وهي تدخل المبنى تبحث عنه بعينيها، كانت على أمل أن تراه، إلا أن أملها خاب بغيابه، جرت اذيال خيبتها وهي تخرج من الحديقة إلا أن جسد كالصاروخ اندفع نحوها مناديا اياها
- ميس وجد، ميس وجد
هلع قلب وجد وهي تري بكاء تلك الصغيرة الحار لتهبط وجد بجذعها تمسح دموعها باناملها قائلة بلهفة
- ايه يا تسبيح، بتعيطي ليه.

زادت الطفلة بكاء لتدخل في نوبة بكاء حاد، ضمتها وجد لا اراديا لتعانقها تسبيح فوريا وهي تتشبث بها قائلة من بين شهقاتها
- دكتور عاصي
سقط قلب وجد بين قدميها وهي تبتعد لتنظر إلى ملامح تسبيح الباكية لتهتف بتوجس
- ماله
انفجرت تسبيح في بكاء حار قائلة من بين شهقاتها
- سمعت من ماما روفيدا بتقول لميس انه راح المستشفى، هو كمان راح عند ربنا
الجمتها وجد الصدمة مستوعبة ما تقوله الصغيرة، لتخرج صرخة من شفتيها قائلا.

- ايييه؟!

منذ الصباح واقفة على قدميها وهي تتأكد من كل شحنة قدمت الى شركتها، حركت شادية رأسها يمينا ويسارا تحاول أن تفك ذلك التشنج دون فائدة، انتبهت على رنين هاتفها في جيب بنطالها الواسع، نظرت الى اسم المتصل بريبة
عاقدة الحاجيبن، ما سبب اتصال لؤي بها؟!
اجابت على مكالمته وهي تشير لنجوي أن تتابع العمل مع العاملين لتتوجه نحو المبنى وهي تهمس بتعجب
- لؤي!

زفرة حادة هي ما وصلتها إياها عبر الأثير لتعقد حاجبيها وهي تسمع اللي نبرته الحانقة
- ممكن افهم ايه الداعي للفضايح دي واحنا حلينا الموضوع بشكل ودي
فتحت فمها ببلاهة محاولة فهم سبب غضب الغير مبرر لتصعد درجات السلم قائلة بعدم فهم
- لؤي انا مش فاهمة انت تقصد ايه، فضايح ايه
ضحكة ساخرة جاءتها ثم اتبعها زمجرة غاضبة منه
- فضايح ايه!، ياريت يا استاذة تفتحي وتشوفي السوشال ميديا عن علاقتنا.

تشعر انها مغلقة أمامه، تمتمت بغباء شديد
- سوشال ميديا!
زفرت بحدة وهي تدفع باب مكتبها لتدخله وهي تقول
- لؤي انا مش فاهمة
جاءتها إجابته المقتضبة قبل أن ينهي المكالمة
- هفهمك.

اتسعت عيناها بجحوظ حينما أغلق الهاتف في وجهها بوقاحة، لترتجف يدها حينما وصلتها رسالة منه، فتحت رسالته بفضول لتتفاجأ بوجود صورة مكتوب بلغة انجليزية لقد انفصلت عقدت جبينها بريبة وهي تري ان احدا انتحل شخصيتها على صفحة الانستجرام، صفحة الانستجرام!
زمت شفتيها بحدة، شقيقتها الحمقاء، ألم تخبرها أن تحذف حسابها، زمجرت بوعيد
- جيهان
خفضت عينيها سريعا إلى خاتم خطبتها، زمت شفتيها بحدة وهي تنظر الى الصورة.

ما الذي فعلته شقيقتها الغبية!، المقربين منها يعلمون أنها لا تملك سوى حساب على الفيس بوك ونظرا لوقتها الضيق فلم تعد تستخدمه، عزمت نفسها للرحيل والذهاب إلى شقيقتها لكن قدميها تيبست حينما فتحت الباب لتجد اخر شخص ودت ان تراه اليوم
كانت عينيه مظلمتين، لدرجة أصابت مرت سرت رعدة على جميع أطراف جسدها وهو ينظر اليها تارة وإلى يديها خصوصا بنصرها الأيمن تارة أخرى، همست بتوتر وهي ترطب شفتها السفلي
- سرمد.

ابتسم سرمد بشر ليحك طرف ذقنه بأنامله، وعينيه كانت تعلم تحديدا وجهتها..
لقد وصل لغرفتها المنشودة، بعد بحث طويل مفتشا قلعتها...!

اسمعي يا امرأة
انا رجل لم اعتاد على سماع كلمة لا
قاموسي لا يوجد به رفض ابدا
تقبلي مني غزوك برضاك أم عدمه
فلا يفارقني معك رفضك الانثوي المغموس في الدلال المستفز
ثم انطقي حروف اسمي
تهجئيه ببطء ونعومة، كملمس يدك على كفي..
تدللي يا فاتنة كما تشائين، فلا امانع ان تدللي بين جنبات صدري.

عيناه تستبيحان ببطء ولذة في ملامح وجهها الفاتن الصبوح، بحياته لم يتعلق بامرأة الى تلك الدرجة، بل بعمره لم يركض خلف امرأة، الأمر يشعل مراجل رجولته، وكأنه لم يمر بمراهقة ابدا، يشعر كأنه في تحدي جديد
ليثبت قوة سحره المهلكة على النساء، كيف لم تتأثر به؟!، كيف لم تضعف ولم تستسلم؟!، قيود تكبله عنها، وحدود تفصله عنها، كأن أمر اجتماعهم
أمر مستحيل غير محقق..

لما لا؟!، تلك جملته، لما لا يستشعر تلك اللذة المتشوق معها، لتذوقها ويتجرع تفاصيلها الأنثوية المهلكة لعينيه، وبدا خياله الجامح ينطلق دون حدود، وحينما يشعر أنها على شفا جرف للوقوع في شركه، تهرب، تتسرب من بين أنامله
لا يعلم ما الخطأ؟! وما الصحيح، هو يغوي امرأة مرتبطة لرجل غيره.

أيدري أحدا فداحة ما يقوم بفعله، وياليته يتوقف في كل ليلة عن التفكير بها وعن سرواليها الفضفاضة المهلكة، وعقدة شعرها الحازمة، عبوس وجهها، تقطيبة حاجبيها، وشفتيها المذمومين المستفزتين لجولة رائعة من نعيم جنته الخاصة التي تحرم نفسها من الدخول أو إلقاء نظرة نحوها...

لكنها صارة حرة، يستشعر لذة تلك الكلمة ويعيدها مرارا، لقد قامت بأول شئ صحيح في حياتها، انها ابتعدت عن ذلك الغول الغير مكترث وغبي هو إن فرط بها..
هي كنز ثمين، بكل ما بها عبارة عن كنزه المفقود، وخلال سنوات بحثه المضنية عثر عليها في أرض الحضارات التي تجاوزت الآلاف السنين، سمارها الناعم تاركا علامة مميزة عن مكان موطنها، ثم منحيات جسدها المتفجرة الانوثة داخل ملابسها العملية ليكسبها مظهر جدي فاتن.
هي فتنة.

الهة الاغواء
وجحيمه الخاص
عينيه هبطت إلى بنطالها الأسود العملي، هل غيرت سراويلها الواسعة؟! تسائل بعبوس وهو يرتفع بعينيه ليري سترتها السوداء اللعينة اسفله قميص أخضر تفاحي، كيف تتلائم بشرتها مع تلك الالوان، بالله كيف لون يكون ملائما لها وبشرتها السمراء...
تقابلت الأعين وانجلي ما يخفونه
هي بتوترها الذي يربكها ويفضحها، وهو رغبته المميتة بها.

ازدردت حلقها، لينظر سرمد نحو فتحة قميصها وهو يري صعود وهبوط صدرها دلالة على تنفسها السريع، عينيها تهربت من عينيه حينما أسودت عينيه قتامة وتصاعد جرس الخطر لتهمس بتفاجئ
- سرمد
ألقي نظرة خاصة إلى بنصرها الخ، لما ترتديه تلك الغبية!، أسودت ملامحه قتامة وهو يدفعها بكل حدة داخل المكتب، ثم أغلق باب المكتب ليبقي هو وهي، وثالثهما الشيطان الذي يغويه وهو أكثر من مرحب حقيقة لتلبية ذلك الأغراء، غمغم بنبرة لعوب.

- مرحبا يا برتقالية
تفاجئت، بل للمرة اللامعدودة لها يعاملها بتلك الطريقة الهمجية في الحديث، تشك ان ذلك الرجل، إنسانا من الأساس، فغرت فاهها بصدمة وهي تراه يقف كالطود وضخامة جسده وعينيه العازمتين أجبرت على أن تقف في وجهه كند لتهمس وبدأ غضبها يندلع في جسدها
- ماذا تفعل
ابتسم ببرود شديد وهو يمرر أنامله على شعر لحيته الكثيفة ليهمس باستفزاز
- ماذا افعل برأيك، احرص على معرفة ان الجرذ تم طرده.

لن تخبره انها طردته، تتذكر انها ساومته على استخدام سلطتها للمرة الأولى حينما رأت في عينيه حقد ورغبة في الانتقام من خلال إصابته، ساومته أن تجعل سجله نظيفا حتى يستطيع أن يجد وظيفة وإلا ستستخدم قوة اسم عائلتها ولن تجعله يجد وظيفة محترمة في تلك البلدة والا هو يطرد، الرجل جبن، بل ارتعب وقرر ان يصمت ويتجاهل ذكر سرمد ووضع اسمها في شبهه، أنهت الأمر مع ضابط المباحث حتى أغلقت القضية تماما، رفعت حاجبها الايسر وهي تتعجب من وقاحة ذلك الرجل.

بل متبجح لدرجة لا تتخيلها
تتعجب ماذا أطعموه وهو صغير
بل وهي الغبية و ضعفها الأنثوي الذي يستسلم لوقاحته وعبثه، بل تنتعش انوثتها الميتة وتزدهر من خلال نظرة
لمسة عارضة! سخرت من نفسها، بل هو متعمد أتم التعمد للمسها، وتحطم عظامها التي ستتهشم يوما!
صاحت بتأفف شديدة وأظهرت من خلال تعابير جسدها ونزقها عن عدم ترحبيه في مكانها الخاص
هل تستشعرون تلك اللذة في كلمة الخاص!

شئ خاص بكنزه الخاص المفقود، يكون بداخله، وخياله يرغب أكثر الأماكن الخصوصية ليشاركها اياه..
يوما سيفعلها، يوما قريبا، آتي لا محاله!
- لا دخل لك بهذا الأمر، اعتقد من المرة السابقة اخبرتك انك لا تملك السلطة لتأمرني
انفرجت عن شفتيه ابتسامة ساخرة وهو يتفحص قدها بوقاحة متعمدة وعبثية في صوته زادت جرأة
- لا تطري بنفسك كثيرا يا شادياااه، امتلك السلطة والقوة رغما عن أنفك.

ثم انقلبت تعابير وجهه مائة وثمانون درجة، وجه صارم، عبوس، منعقدا حاجبيه بشرر وشعرت ان عضلات جسدته زادت ضعفا لتقف كالعصفور المبلل، دون دفاع او محاولة مجدية لها بالفرار منه!
- هل طرد ذلك الجرذ أم لا؟

رغم الأسلم لها أن تأمن شره، لكن كل ذلك مستفزا داخل شادية التي كونتها بعد سنين من حطام، كيف يأتي رجل يقتحم تفاصيل حياتها، متدخلا بعملها بكل بجاحة، ابيها، الذي هو أقرب شخص لها في الحياة ووتدها لا يتدخل في عملها، من هو إذا؟!
مزمومة الشفتين، غاضبة الوجه، تكاد تحافظ على برود اعصابها كي لا تصرخ لتقول بكل برودة أعصاب وهي تنفيه نفيا خارج حياتها
- لا تتدخل بشؤوني
لفها بنظرة تملكية
خشنة، جدا.

تكونت غصة في حلقها لضيق تنفسها والمكتب الشاسع يغلفه برائحته الخاصة وعبق انفاسه عالقا انفها قائلا
- انت وكل ما بك أصبح من شؤوني الخاصة يا شاديااه
انفجر سد لم يتحمل الضغط الناتج ليصمد، انفجر وارتفع معدل قلبها وبدأ الشحوب يزحف وجهها رويدا، رويدا، نظرت اليه متلمسة صدقه وكذبه وعبثه
انتظرت أن تفرق بين وهمها والحقيقة
إلا أنها فشلت، كما فشلت كثيرا في حياتها
وهو سيكون قشتها التي قصمت ظهر البعير..

ارتعشت شفتيها وهي تبتعد خطوتين حينما اقترب منها، عادت خطوتين وهو يتقدم خطوة حتى اصطدم جذعها بحافة المكتب، تشبثت واضعة كلا ذراعيها على المكتب لتقول بصوت خاوي
- توقف
توقف عن التحرك وارتفع عيناه ناظرا لها، يحاول معرفة سبب جديد من أسبابها الخاصة المتمنعة عنه بعد استسلامها اللحظي له، تفاجئ باندفاع كلماتها الحادة
- توقف عن قول تلك الكلمات المتلاعبة، لن اضعف.

كاد أن ينفجر ضاحكا، مستهزئا بها، لتنظر إلى حالتها اليائسة
كل ما بها، حرفيا، يناديه بشوق لتصبح جزء خاص منه...
اقترب ولفحت انفاسه الحارة وتكونت فقاعة عازلة، عزلتهما عن الناس، الوقت، المكان، كانت هي وهو، بكل مشاعره المتأججة وكل ضعفها الذي يزيد من ثورة الآخر
مال هامسها بنبرة خاصة جدا، خفيضة ولكن خشنة تداعبها برقة.

- حقا، انت اضعف مما تدعين، كل ما بك ضعيف، بل قابل للعطب، لكن لسانك يا امرأة يود أن يتقلع من مكانه
ثم اتسعت عيناها حينما علمت ما يدور في خلده حينما قال بنبرة خاصة
- أو يصمت لبعض الوقت
وبقي لثواني ينظر إلى شفتيها برغبة شهوانية، نكست رأسها أرضا وهي تحاول ان تخرج من تلك الفقاعة
زادت يديها تشبثا على مكتبها وهي تهمس بصوت آمر
- أخرج
تساءل باستخفاف
- وإن لم أفعل، هل ستتصلي بالأمن.

رفعت عينيها والجمود هو ما ظلل عينيها الكهرمانيتين لتصيح بحدة
- أخرج لدي عمل وحتما لست متفرغة
مال برأسه وهو يمرر أنامله على خصلات شعره قائلا بعبث
- ومن قال انني متفرغ، بل أؤدي عملي
ثم قرر رمي السؤال في منتصف الملعب تاركا لها الكرة تعبث بها بحريتها
- بالمناسبة سمعت خبر فسخ خطبتك، هل هذا صحيح؟
اذا هذا هو سبب مجيئه، أشاحت برأسها للناحية الأخرى وقررت تجاهله متخطية اياه بلحظة تمرد طفولي منها
- لا دخل لك.

صرخت حينما جذبها بعنف من مرفقها ليعيدها مرة اخرى الى مكانها، همت بالصراخ في وجهه الا انه اخرسها وهو يهدر في وجهها
- توقفي عن قول تلك الكلمة، انتي تثيرين غضبي وغضبي لن يعجبك حتما، ستتمنين لو لم تدفعيني للجنون
رفرفت بأهدابها بنعاس شديد كاد أن يفلت لجام عقله، لتحاول نزع ذراعها من قبضة يده، حقا جديا، تفكر ان تقطع ذراعا من ذراعها وتقدمها له كهدية بدلا من تعذبيها المؤلم هذا...

صاحت بحدة وهي تحاول ان توقف عبثة التي لا حد لها
- لا أعرف أي ثقة تلك التي تتحدث بها معي، غادر المكان فورا
آنت بألم شديد ليستفز من بركانها المتمثل امامها وهو يهذر بالايطالية، مؤلما ذراعا وساحبا جسدها لتسقط اسيرة له، بكل هيمنته ورجولته يلفها من كل جانب
جاعلا فرائصها ترتعد وهو يصرخ بها بحدة
- اللعنة، انتي تحبين اذا رؤيتي غاضب.

امسك ذقنها رافعا وجهها اليه، تري نظرة الغضب المميت في عينيه، ليقترب منها لافحا حرارة بركانه الثائر في جوفه، مصدرا تصريحا محذرا
- سأقولها لمرة واحدة، واحفظيها لأنني لن أكررها لك، عاطفتي محرقة وغضبي انتقام أهوج، ستؤلمك كثيرا عزيزتي
تلك النبرة الواثقة، بانها ستكون له شئ خاص
لا تعلم كهنة، لكن ستصبح شئ خاص له في وقت محدد، تفكيرها هذا مرعب، بل جعل عقلها لا يستوعب، ماذا سيحدث ان قررت العبث لفترة من الوقت.

رجل تعلم انها لن تقابله مرتان، لما لا تندفع متهورة لتلك التجربة التي ستضيفها من ذكرياتها
بهدف التسلية والمرح!، بلعت غصة مريرة في حلقها، هي فقط لو لم تندفع بعاطفتها لم تأذت، لما المرة الوحيدة التي لا تستسلم لعاطفتها
يكون لحوحا بشكل مزعج مثير لعاطفتها للاستسلام بعد تعذيبه ببطء مستلذة بذلك.
همست بضعف شديد وهي تنظر بعينيها المغويتين إلى ظلمة عينيه
- غ، غادر
افترقت عن شفتيه ابتسامة ذئبية، وهو يهمس بصوت أجش.

- ولما؟
زاد من صب المزيد من نيرانه ولفظها، لتتحمل قليلا من نيران كلماته كما يحترق هو منها
- هل ستضعفين وتستسلمين يا فاتنة؟، املك سحرا وقوة مزلزلة لأنوثتك التائقة لي
ارتجف جسدها أثر كلماته لتزم شفتيها ورغبة سرت لها بالبكاء، وأدتها وهي تخرسه بضعف
- اصمت
انفجر صائحا بثورة، مغيظة لذلك الكائن الحجري الغير مراعي والمتفهم لمشاعره
- كوني صريحة معي ولو لمرة كما انا صريح معك.

انفجرت تصيح في وجهه وافلتت اسر ذراعها منه بنجاح بعد محاولات مستميتة انتهت بالفشل
- تلك ليست صراحة، بل وقاحة، تغويني وتظنني سأستسلم لك
وياليته لم يعترف انه يغويها، ليته لم يعترف كي لا ترى أنها في عينيه رخيصة ليزيد من رصيد ذنوبها ذنبا آخر
- ولما لا، انظري إلى يا امرأة، لن اغادر مكاني حتى تنتمين لي، تنتمين لسرمد النجم بكل عيوبه ومساوئه.

هزت رأسها نافية، بكل ما أوتيت بقوة تهز رأسها نافية، لن تضعف، لن تستسلم ابدا، ستموت هي ولا تقدم على تلك الفعلة ابدا
- لن افعل، لن افعل
صرخت بألم حينما شعرت شئ كالكماشتين تضغطان على مرفقيها لترفع رأسها تنظر اليه وعينيه متأججة بالغضب
- إذا ما سبب تشبثك بذلك الخاتم اللعين وانتي فسختي خطبتك.

هزت رأسها نافية، وبداخلها وعيد لشقيقتها، تعلم تفكير تلك الخبيثة، لا ترمي طعما حتى تعلم من هو قادر على التقاطه، انفجرت تصيح بغضب
- لست انا، ابتعد عني
عقد حاجبيه ونظر بدهشة وهو يتمتم
- هل فسخها هو؟!، غبي لا يعلم ما أضاعه هو
رفعت عينيها برجاء خاص، وصل لصميم قلبه وهي تهمس بطلب مناجي
- لا تتحدث بقذارة عني، توقف ارجوك
الكلمة بعثرت بكيانه وهدمته، قذارة!
كانت قوية، تردد صداها كثيرا في أذنيه ليقول بحدة.

- صدقيني انا حتى الان لم اتواقح معك في شئ
استكان جسدها وكفت عن المقاومة، وهي تقتله قتلا بتلك العينين المغويتين لتتابع همسها
- كل هذا وتقول لم تتواقح، تلمسني وتجذبني إليك، وتكاد تحطم عظامي وتقول لم تتواقح معي، ابتعد ايها النجس عني
ابتسم بشر، تراقص الجنون في حدقتيه وهو ينظر إلى عينيها الناعستين وشفتيها المغويتين ليهمس بصوت اجش
- لسانك يا برتقالية، حاد كالسيف، وعينيك بهما الأغواء والرذيلة.

اتسعت عيناها ونظرت اليه بجحوظ وهو يتابع هذره الخاص
- وشفتيك، اممم اللعنة
شهقت بعنف وهي تحرر مرفقيها من اسره لتصيح بكل قوة وثبات، تحاول أن تعلن موضعها
- انا لن استسلم لك، اتسمع لو اخر رجل على الكوكب لن ادعك، لا اعلم كيف تغويني، تغوي امرأة ليست ولن تكون ملك لك، ثم بكل تبجح تنعتني بصفات قذرة كلسانك ثم..
قاطعها قائلا بهدوء ونظرة خطرة تظلل عيني واتجاه هدفه ثابت تعلمه.

- المرة القادمة سأقبلك، الحواجز التي تبنيها لن تعيقني
همت بالرد الا انه صاح بهدوء مثير لجسدها الرجفة وقلبها يهدر بعنف
- سأقبلك يا شادية هذا ثاني تحذير، المرة الثالثة ستكونين بين ذراعي
كان يهم الاقتراب نحوها وهو يعلم أن مصيدته تلك المرة أحكمت الفريسة للوقوع، إلا أنها انفجرت تبكي، بمرارة شديدة ووجع لتجفل منه اقترابه وهي هامسة
- ابعد.

ظل ينظر اليها يراها تلف ذراعها حول جذعها، تحمي نفسها من نظرات عينيه وعيون غيره، كانت طفلة تائهة في عالم الكبار، تنظر بتيه شديد، وبراءة تكاد تتقافز من عينيها، صاح بصراخ ساخط وهو يراها تمتنع عنه بل وتتحاشاه كأنه سم زعاف
- اللعنة، توقفي عن البكاء لستي طفلة
تحاول تحمي نفسها
لقد انهارت حصونها كليا
انهار ما تبقى لها من ثبات.

يعريها دائما داخليا وخارجيا، كيف تكون كمرآة مكشوفة أمام عينيه الخبيرتين، ما الحاجة المميتة له بها، لما الآن بعد سلسلة تجارب فاشلة مكللة بالخزي يأتي هو لينسف تماما بها...
انهارت في البكاء وعلا نشيج صوتها وارتعدت نتيجة صراخه لتصيح في وجهه بحدة
- وماذا تريدين مني أن أقول، وانت ما زلت مستمرا في جعلي امرأة فاسقة.

نظرت حولها متحاشية النظر إليه، تشعر أنه واقف مشدوها مما يحدث، كيف بالله لأمرأة سيدة أعمال تبكي أمام رجل غريب للمرة، لم تكن الأولي حتى!
زاد من حرقتها وهي تمسح دموعها متابعة بصوت أجش
- هل العيب بي إذا، الجميع يراني امرأة لا تستحق أن تحظى برجل يقدرها، كلكم مندفعون بذكوريتكم المقززة
ثم القت سهم طاعن في صدره تماما كما فعل وهي ترفع عينيها المغرورقتين في الدموع هامسة بألم.

- انت تلوثني اكثر سرمد، تلوثني، الا يكفي خطاياي
تلوثني، ما أصعبها من كلمة مرت في كل حياته، لم يكن يعلم أن كثرة الضغط يتولد منها نتيجة عكسية مع تلك المراة، ظنها ستستسلم بعد الحاح كثير، لكن كيف تظن بنفسها فكرة خاطئة عما يراه بعينيه، اقترب رغم تحذيرها بعدم تماديه
الا انها اعطته الاشارة الخضراء مسبقا، اقترب منها هامسا
- لا اريدك ان تحزني، حتما اخر شئ افكر به هو احزانك.

أخرج من جيب بنطاله منديل خاص به توقيع لاسمه لتلتقطه مجففة دموعها وهي تحاول السيطرة على نفسها، عودتها للمرأة السابقة، لكن تعبت من المظاهرة، همست بمرارة شديدة وزوبعة افكارها لم تهدها لشئ
- انت تحزني، بل وتجعلني امرأة رخيصة سرمد، هل تراني رخيصة؟، هل الجميع يراني امرأة رخيصة لن تحظى برجل محترم حتى
استفزه انها لا تراه رجلا، ثم بالله أي عصر تعيشه هي لتحظي برجل محترم.

بل تريد مثله، هو بذاته ليكملها ويريها عالما لم تكن لتعلم عنه شيئا، نظر إلى ملامحها برقة بداية من تورد وجنتيها وارنبة انفها نتيجة البكاء ودموعها الغائرة، همس بصوت ناعم
- لست رخيصة في عيني يا برتقالية، اشعر بك كالسراب كلما اقتربت منك تبتعدين أكثر.

ثم ليضع ختم ملكيته الخاصة، تجرأ اخيرا ان يمسك معصمها الأيمن، نازعا خاتم خطبتها بعدم صبر ملقيا اياه على الأرضية غير مكترثا بوجهته، تفاجأ على شهقتها الناعمة هامسة اسمه بعتاب
- سرمد
حذرها بعينيه ان تتمادى، إلا أنه رأي تمرد لذيذ في عينيها، قال ببرود مغيظ
- لقد أعطيتني الاشارة الخضراء
ابتأست بشدة وهي تبحث بعينيها عن الخاتم بل تجرأت ان تنزع معصمها من أنامله حينما أخذها على حين غرة، قائلة بصوت انثوي.

- لكن ليست لدرجة ان تنزع خاتم خطبتي
وقف امامها، صادا إياها عن البحث الغبي لخاتم لا معي له قائلا بصرامة
- لا تفكري حتى في العودة لذلك الغبي، لا تهدري من كرامتك كأنثى أمامه وتطلبين وصاله
زمت شفتيها بعبوس شديد، عقدت ساعديها على صدرها هامسة بحنق
- وانت ألا تنتقص رجولتك وكبريائك حينما أخبرك برفضي؟
لم يعبأ ولم يكترث بالرد على سؤالها بل قال بتملل ونزق شديدين
- أين هاتفك؟
عقدت حاجبيها بعدم فهم وهمست
- لما؟

حدجها بنظرة مميتة بلعت بها جميع اعتراضاتها، ليعيد مكررا بنفاذ صبر
- أين هاتفك؟
أصدر هاتفها رنينا من حقيبتها الجلدية الملقاة ارضا امام باب المكتب، لتجده هجم عليه مخرجا هاتفها وقاطعا اتصال محدثها، اتسعت عيناها وهي تراه يعبث به لثواني ثم تصاعد هاتف رنينه الخاص ليقول بجمود
- أصبح معي رقم هاتفك، تجرأي في يوم تمتنعين عن لقائي، سآتي إلى عقر دارك يا فاتنة وخمني ما أنا بفاعله، انا وانتي وفراش مراهقتك.

اتسعت عيناها وشعرت بلسانها قد التصق في حلقها حينما أخذ حقيبته وغادر تاركا حقيبتها على سطح المكتب، انهارت جالسة على أول مقعد رأته وهي تنظر الى الباب المغلق ببهوت شديد، والحلم والواقع اندمج كلاهما غير قادرة على فصل الحقيقة من الخيال...
لن تقدر على منعه أكثر، انهارت كل أسلحتها ودفاعاتها وحطم خط دفاعها الأخير، وأعلن نفسه منتصرا على مملكتها، يا للمصيبة!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة