قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل التاسع والخمسون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل التاسع والخمسون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل التاسع والخمسون

أن تواجهه أكبر مخاوفك أمام عينيك
هذا اما يكون شجاعة كبيرة، أو جبن أكبر
الشجاعة لا تتمثل في الغضب والحنق، وإظهار الكره المضمر في النفس
الشجاعة هي المواجهة
هي ضبط النفس
برودة أعصاب لأستفزاز الخصم
الشجاعة في نظرها هي
أن تقتل دون أن تتردد، أن تتدمر حياة عائلة دون أدنى شعور بالذنب!
أن تنظر إلى ضحيتك بكلتا عينيك ولا تغلبك مشاعر حنين أو أسف، بل تقف بكل شموخ وجبروت وآنفة.

اعتزاز وفخر بما حققته في ماضيك، لتخبره حتى بعد مرور السنين أنه لم يولد بعد من يكسرني كما فعلت لك!
اشمئزت آسيا من رؤية ذلك العجوز الخرف وهي تراه ممسكا بالمصحف، هل قرر أن يتوب هذا الخرف؟!
لاحت بسمة ساخرة على شفتيها وهي تري جحوظ عينيه، كأنه يعلمها أشد المعرفة، ليس مستنكرا أو جاهلا.

وهذا ما جعلها تستشيط غضبا، ذلك الحقير العجوز يعلمها، يعلمها جيدا، حتى عمليات التجميل لم تقدر على تغير ملامحها بالكامل، رفعت رأسها حينما سمعت من زوجها يخبره انها حفيدته، فقط! هل يمزح هو الآخر!
هل لو قالت انها زوجته سينفجر غاضبا ثم سيرتفع ضغط دمه فيموت!، الأمر كان محمسا بالنسبة لها وهي تقول بصوت ساخر
- ومراته!

سقطت النظارة تزامنا من نبرتها الساخرة، لتلمع زرقاوة عينيها بابتسامة ماكرة وهي ترى ذلك العجوز صيدا ليس صعبا بالمرة، انفصلت بجسدها عن جسد زوجها وهي تقترب منه خطوة قائلة بأسف مصطنع
- هو البيه مقالكش، ياخساره، وياتري كان هيبلغك لو فيه بيبي ولا عشان عارف انك هترفضني ويا عالم إذا قررت تعيد الماضي تاني ولا لأ فعشان كدا سكت.

تضع كلاهما في لعبتها، في مواجهة بعضهما، دون أن تتفوه بشيء، كل شيء سيجري حسب انفعالهم تحت بند شروطها في اللعبة، الجد محافظ على صلابة وجهه وهو يحدق بها مليا، يحاول أن يعرف دواخلها، تلك الطاقة المندفعة بالغضب والكراهية والعدوانية الشديدة الموجهة له وحده
صاح صوت لؤي المحذر بأسمها
- آسيا.

نظر الجد الى اسيا وهو يرى لين ثم عاطفة دافئة اثلجت صدره وهو يراها تشرس ملامحها للعدائية لكن ليست بقوة كرهها له وهي تصرخ في وجه الجميع
- انت اللي اجبرتني اجي هنا، والله لو اعرف مكنتش سمحتلك انك تجبني هنا
النظرات بين حفيديه جلبت بسمة لقلبه، لن يكذب على نفسه، لقد هرم ويريد أن يرى أحفاده سعداء في الحياة، اطمئن على صغيرته وجد لكنه ما زال قلقا، قلقا من رد فعل جميلة، ثم هذان الثنائي.

لؤي الصخرة الذي يستند عليها، الذي لم يقدر على إصدار اعتراض واحد، تحمل اعباء اعمالهم ولم يشتكي، يراه الآن بصورة رجل عاشق، رجل ردت إليه الحياة مرة اخري بعد سنين من تحوله لرجل عملي مغلق على نفسه من إظهار مشاعره...
غمغم بصوت جاد
- خلصتي كلامك
دارت آسيا رأسها في حدة لتصيح قائلة بوقاحة
- ولو مخلصتش يا غالب هتعمل ايه.

اتسعت عينا لؤي ثم انقبضت معالم وجهه وهو يضم قبضة يده على وشك صفعها تلك الوقحة، الا ان الجد صاح بثبات شديد
- لما تكلميني، تكلميني بأسلوب محترم يا بنت المالكي
اللقب بمثابة اضافة الزيت في النار، تكاد تمسك زمام امورها بشق الانفس لترسم ابتسامة متهكمة وهي ترد بجفاء
- اصل للاسف بابا مكنش موجود عشان يربيني ويعلمني الأخلاق.

صمت، وغمر وجه الكهيل الحزن الشديد لفراق ابنه في عمر الشباب، مات ابنه وانهار هو بعدها، لم يعد غالب كما كان سابقا، ولن تفهم تلك المعمية بالغضب وثأر تطالبه به أنه لم يعد ذلك الخصم ليتقارعا معا.

ما زال مكبل بخيوط الماضي كحالها، كلاهما يعاني من فقدان شخص، هو بانانيته قادته إلى نهاية المطاف إلى الندم، وهي تقود نفس طريقه، غير عالمة انها ستخسر أعز ما تملكه في الوقت الحالي، الشحوب اعترى وجهه وهو يسأل بصوت خفيض
- اتجوزتوا امتي.

الظفر هو كل ما تستطيع آسيا الشعور به، الشعور بأنها على عتبة النجاح والظفر ب انتقامها الذي يقدم على طبق من فضة، لا تصدق ان ذلك الكهل هو من دمر حياتها، ومن جعلها تعاني أعباء الحياة بعد موت والدها، اشمئزت ملامحها نفورا
وومضات الماضي تضرب بقوة دون هوادة، غير قادرة على الاسترخاء ولو لدقيقة، غمغمت ببرود
- من 3 سنين
اتسعت عينا الجد بمفاجأة ليتمتم
- 3 سنين!
اكتسي معالم وجه لؤي بالحرج ليخفض رأسه أرضا وهو يتمتم.

- اقدر اوضحلك
لم يعجبها ان زوجها ينكس رأسه لذلك العجوز الخرف، امتعض وجهها وهي تنظر بشر إلى ذلك العجوز الذي أشاح بيده قائلا بلا مبالاة
- مش عايز توضيح، كل واحد فيكم حر في حياته وأدري بمصلحته
الحرب اصعب مما توقعت، ذلك الخرف ليس سهلا كما ظنته، كيف تنخدعين بتلك السهولة يا آسيا؟!، منذ متى المظاهر تتركين المظاهر تخدعك
صاحت بحنق
- عايزة امشي
حدجها لؤي بنظرة نارية ليصيح صوت الجد قائلا بجمود.

- محدش هيتحرك من مكانه، بيت جوزك هنا وهتفضلي هنا في بيته
شهقت اسيا تزامنا مع أوامر العجوز، هل تلك النبرة نبرة أمر؟! صاحت باعتراض
- وانا مش عايزة اقعد مع حد وخصوصا معاك
زفر غالب وهو يقول بنفاذ صبر لم يعد يتحمل تلك الوقحة الآن
- اعرفي بتتكلمي مع مين كويس يا آسيا
هسهست بجنون شديد متعمدة ذكر اسمه
- ما انا عارفة بتكلم مع مين يا غالب
ارتسمت ابتسامة جامدة على شفتيه وهو يغمغم ببرود.

- من الوقت ده هتقوليلي باشا لحد لما تهذبي تصرفاتك ووقتها اقدر اسمحلك تناديني بأسمي التاني
تقول له مثلا جدو؟! جدي؟! في احلام ذلك الخرف طبعا، لن تنطقها، نظرت اليه بسخرية شديدة لتهمس بتأكيد قاطع
- مش هيحصل
نظرات تلك العينين لا ترحمانه
تجلدناه وتعذبانه وتزيد رصيد عذابا فوق عذاب آخر ليتمتم بجمود
- تبقى تناديني بغالب باشا يا بنت.

لمع زرقاوة عينيها بالخطر وهمت بالاقتراب ولمس ذلك المجنون وصفعه بل وقتله لتهسهس بجنون
- ومن هنا ورايح اسمك هيكون بنت لحد لما الاقي تطور في تحسين تصرفاتك يا بنت ادهم
ألم، ألم عميق سكن تلك العينين العاصفتين ليشعر بنغزة قوية تلك المرة في صدره، تحمل الألم وهو يراها تهتف بثورة
- متجبش سيرة بابا على لسانك.

رأى لؤي الصامت يحاول التدخل في الأمر وسحبها من أمام وجهه لينظر اليه بصرامة مما جعل لؤي يتردد لفترة لكن صمت تحت اصرار جده مع التحفز ان شعر بأي خطر محدق أو أن ساءت الامور! وكأن ما يحدث مجرد عبث؟!
صاح صوت غالب جهوريا تلك المرة
- حافظي على لسانك يا اسيا، شوفي انتي بتكلمي مين هنا، انتي دلوقتي في بيتي وارضي، مش هسمحلك تدوسي على طرف حد هنا في البيت.

رسالة واضحة منه انه سيدافع عن أهل منزله وعائلته التي يفتخر بها، ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها وهي تجيبه
- اشبع بيها براحتك، وطز في كل حاجه، اللي انت فرحان بيه بفلوسك ومكانتك مكان الناس ممكن في ثانية يختفي
هل تهدده
تجرأت تلك الصغيرة وتهدده في عقر داره!
صاح غالب بحدة شديدة
- اسم العيلة معروف من عقود، مفيش حاجة هتقدر تدمره.

انفجرت اسيا تضحك على سذاجة ذلك الرجل امامها، ألا يعلم أن نصف ما يملكه حفيده بأسمها بجوار نصيبها هي وشقيقتها، غمغمت بخبث
- تحب تجرب
لم يلقي لها بالا وهو يوجه نظراته لحفيده قائلا
- ياريت اسمع عن خبر حفيد قريب، ويكون ولد عشان يقدر يكون الخليفة لاسم العيلة
صاحت باعتراض
- في احلامك
التفت لها قائلا بصلابة.

- عيلة المالكي مقيدة بالواجب دايما، وسعيد ان حفيدي اتجوزك وواثق فيه، لكن انا مش واثق فيكي، احفادي خط احمر يا آسيا، وطول ما انتي بتنبذي نفسك من العيلة انا عمري ما هجبرك الا لما تيجي بارادتك ووقتها هفتحلك دراعي واقولك ابكي يا بنتي
تضرج وجهها من الحمرة من شدة الانفعال والغضب الذي بالكاد حاولت الحفاظ على اعصابها كي لا تقوم بما لا تحمد فعله، لتنفجر صائحة بغضب.

-عارف ايه عيوبكم، انكم لما بتغلطوا عمركم ما بتعترفوا بغلطكم، لا دايما عندكم مبرر حتى لو كان الغلط راكبكم من راسكم لرجليكم
النغزة في صدره اقوي وهو يرى ذلك الغضب المشتعل والحرقة في نبرة صوتها، ارتفاع في ضغط دمه سيكون على يديها تلك الغاضبة، غمغم نبرة خاصة نحو لؤي
- مراتك مصرية يا لؤي لحد النخاع
اندفعت تقول بفخر واعتزاز شديد في صوتها الغاضب
- جنسية بابا وافتخر بيها، ولغة اعدائي.

ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتي غالب ليغمغم بصرامة شديدة
- لو فخورة بجنسيتك ليه رفضتي تحطي اسم ابوكي لطاما انت فخورة بيه كدا
همت بالرد عليه واجحافه، ذلك المتبجح العجوز يعلم عنها كثيرا وهي لا، غمغمت بوقاحة
- دي حاجة متخصكش
انفجر لؤي غير متحكما في غضبه واصرار جده على الصمت
- اسياااا
دارت آسيا بوجهها نحو لؤي لتصيح منفجرة بحدة.

- ايوا متخصهوش، مش اعيش حياتي واجي الاقي نفسي فجأة قدام راجل اول مره يشوفني لا ويعلمني اتكلم معاه باحترام، انا عمري ما هسامحك انك بعدتني من حضن بابا انا واختي، سامعني كويس يا غالب، مش هسامحك ولو مت قدامي وطلبت مني اسامحك مش هسامحك
كانت تقترب من غالب وهو يقف امامها بثبات تحاول أن تمسكه من تلابيبه وتخنقه، أن تنفذ أي فكرة شريرة راودتها وهي لسنين ظلت تحاول التفكير بأصعب طريقة للانتقام منه.

لما هي الان عاجزة؟!
شعرت بذراعين قويتين تمسكها من خصرها لتحاول التحرر منه قائلة بصراخ
- سبني يا لؤي
لم يبدي لؤي نية لافلاتها مما دفعها تنظر نحو غالب بغضب صارخة
- نفسي اشوفك وتدوق نفس الكاس اللي شربتني منه يا غالب، بس اللى فاضلك من العمر هحوله لجحيم
شحب وجه غالب تماما ليسقط على الكرسي الذي كان يجلس عليه قبل دقائق، انفجر لؤي زاعقا في وجهها وهو ينظر بقلق نحو جده
- اخرسي يا آسيا
دارت آسيا وجهها بحدة صائحة.

- انت بتزعقلي
صب جام غضبه وهو يضغط على ذراعها لينفجر في وجهها
- قولتلك مش هسمحلك باهانة عيلتي اللي هي منك
صاحت باعتراض شديد، لا تحب أن يلتصق اسمها بأسم تلك العائلة المشؤومة
- انا مش من العيله دي
هدر في وجهها بتصميم شديد، يلصقها الصاقا ويدمغها لتلك العائلة
- لا منها
يسمع غالب همهماته وشحناتهم السلبية تملأ الغرفة، اهتزت الرؤية مع شعور بالوهن والألم في أطراف جسده، جاهد بإخراج صوته حازما
- سبها يا لؤي.

فتح الباب فجأة لتقتحم وجد الغرفة وهي تنظر الى ابن عمها والمرأة التي يمسكها بطريقة بدت غريبة وغير مألوفة بالنسبة للؤي وهو يمسك ذراعيها بخشونة وغلظة والمرأة التي أمامه ساكنة، وقعت انظارها على جدها الشاحب لتجري نحوه وهي تقول بقلق
- جدو فيه ايه
ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتي غالب ليندفع نبرة ساخرة من آسيا وهي تحدق في تلك المرأة المفتقرة ملامح الانوثة بشكل واضح
- وانتي بقي اللي كانوا لازقينك لجوزي.

تأوهت بصوت خفيض من ضغطه لؤي لذراعها لتراه يهسهس بغضب واضح
- كلمة تانية و متلوميش غير نفسك
صاحت بفظاظة شديدة
- دي غلطتك انك جبتني هنا
اتسعت عينا وجد بجحوظ وهي تنظر إلى جدها، هل قالت إنها متزوجة؟!
هل ابن عمها تزوج؟! فعل كهذا لا يصدر من شخص ك لؤي، هي متأكدة من وجود حلقة فارغة وستكون نقطة الوصل لكل الأشياء المبهمة
- مين دي يا جدو
ارتسمت ابتسامة على شفتي غالب مجيبا ببساطة
- بنت عمك ادهم.

وقع الخبر كالصاعقة على مسامع وجد، هل ابن عمها متزوج من ابنة عمها؟! ما ذلك الجنون الذي يحدث، منذ متى لدى عمها المتوفى ابنه؟! رفعت رأسها لترى عينان زرقاوان ينظران اليها بغضب شديد وغيرة لا تعلمها وهي تقول ببساطة
- المنبوذة
سحب لؤي ذراع آسيا بحدة قائلا
- عن اذنكم نستأذنكم عشان تعبانة من السفر.

فغرت وجد شفتيها بصدمة شديدة تزامنا مع احداث ذلك اليوم الصاخب، عادت انظارها نحو جدها لتمتم بقلق مع رؤيتها لشحوب وجهه المخيف
- جدو انت كويس
طمئنها قائلا بابتسامة شاحبة وهو يحاول السيطرة على أعصابه، برغم جموده الظاهر واللامبالاة التي حافظ عليها أمام تلك الغاضبة، إلا أن داخه يكاد يموت ألف مرة، أحس بشيء يجثم انفاسه و يكاد يلتقط أنفاسه بصعوبة ليقول بنبرة مختنقة
- كويس يا وجد.

زاغت عيناه مما قفز في قلب وجد الرعب وهي تشعر بالعجز، عجز مخيف، انها غير قادرة على مساعدته
- فين جميلة
سألها بصوت خافت لتجيبه ودموعها تنزلق من عينيها وهي تقترب منه هامسة بارتجاف
- مماه في الجمعية يا جدو، عايز حاجه اساعدك بيها.

هم بالتفوه إلا أنه صمت، أغمض جفنيه عله ينشد بعض الراحة لتأخذه دوامة ساحبة إياه ببطء شديد والتي أمامه منشغلة برعبها الخاص بفقدانه وأمل كبير ببقائه بجوارها، استقامت وجد برعب وهي تخرج هاتفها من جيب بنطالها تبحث عن رقم الطبيب غمغمت وجد بارتجاف شديد واناملها المرتجفة لا تساعدها اطلاقا على إيجاد رقم الطبيب
- شكلك تعبان يا جدو، هكلم الدكتور.

الصمت الذي غلفها جعلها تنظر إلى جدها واغلاق جفنيه جعل قلبها يسقط بين قدميها انهارت على قدميها وسقط الهاتف من يدها وهي تهز رأسها نافية ما يجول في عقلها من مغبة هي مقدمة عليه، صاحت بانهيار تام مبددة ذلك سكون الغرفة المطبق على انفاسها
- جدوووووو.

مراقبا من على بعد، يحتفظ بشكوكه لنفسه دون أن يتجرأ حتى على سؤاله، شقيقه يذبل كل يوم عن سابقه، يرى شقيقه يعذب نفسه بل وعاجزا
ان كان في موضعه لما صمت لليلة، هو أدرى بنفسه جيدا، لطالما كان هو الأكثر إثارة المشاكل وصخبا، وشقيقه الاصغر الهادئ المطيع لوالدته، ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه وعينيه تغيم بوعيد شديد إن كانت تلك الغبية تورطت في شئ ما.

هي آخر من زارته، يتذكر جيدا ذلك اليوم، ارتباكها وخوفها وهرولتها لتخرج من المطعم بأسرع وقت ممكن، كل تلك شكوك تزيده يقينا أنها من زعزعت علاقة شقيقه بخطيبته
اقترب من شقيقه الساهم، ناظرا نحو الفراغ ليضربه على كتفه قائلا بنبرة مازحة
- ولك حيوان شبك متغير صرلك فترة فهمني شبك شو صاير معك
اغمض نزار جفنيه بحدة، محاولا السيطرة على ذاته كي لا يصب جام غضبه عليه ليقول بتحذير.

- غسان انقلع من وشي والله ماناقص ظرافتك
لف غسان ذراعه حول عنق نزار وسحبه بحدة قائلا بنبرة خشنة
- لك شو في، فهمني شو صاير معك؟
اغمض نزار جفنيه، وهو يشعر بحاجته للحديث، تلك المبتعدة عنه، النائية بعيدة عنه لا ترغب بأي تواصل حقيقي بعد ذلك اليوم المشؤوم ليهمس بحنق
-لك اتخانقت انا ورهف، عادي خناقة بتصير بين اي تنين
لكزه غسان في خاصرته قائلا بحدة.

- ولااا جحش عم تاخدني عقد عقلي يعني، لك انا خابزك وعاجنك فهمني شو عملت؟
اطبق نزار شفتيه صامتا ليقول بنبرة باردة
- شغلة بيني وبينها يا غسان
زفر بحنق شديد، ذلك صاحب الرأس اليابسة لن يتفوه بحرف، يعلمه، عقد حاجبيه وسأله
- ليك ولك دب الشغلة مو بس بينك وبينها اكيد في طرف تالت بالئصة
عقد نزار حاجبيه بتعجب ليردد
- طرف تالت!

هم غسان بأن يخبره بشكوكه بطريقة غير مباشرة، الا ان صوت ناعم اقتحم حديثهما مما جعله يرفع رأسه بحدة ناظرا اليها بحدة
- صباح الخير
ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتي نزار قائلا بمودة اخوية
- اهلين بيسان، صباح النور شو اخبارك
ارتبكت بيسان وهي تزدرد ريقها بتوتر، رغم غيابها لأيام عديدة عن بيت خالتها خوفا من نزار، بل خوفها الأكبر لرؤية شبح نزار وليس نزار المبتسم البشوش لتهمس بارتباك.

- انا، انا الحمدلله كويسه، وانت عامل ايه يا نزار
قالتها بنبرة صادقة، واحشائها تتمزق لما فعلته، ربما اختارت أصعب طريقه لاخباره، لكن تلك الفتاة التي يرتبط بها سمعتها سيئة، تسمع الكثير من الإشاعات من حولها عن حياتها السابقة، تلك الفتاة ستفسد سمعة ابن خالتها حتى وإن لم يرتبط بها، يكفي ان يرتبط بسمعة فتاة حسنة وتليق بعائلتهم
- الحمدلله.

زفر غسان بحنق ومقدار الغضب الذي يشعره يكاد يحرق تلك الهائمة بشقيقه، ليقول بنبرة لاذعة
- اييي ياعيني وانا شفاف قدامك يعني
رفعت رأسها ترمقه بعينيها الدابحتين نظرات ضيق، لتعود ملامحها للهدوء متسائلة
- خالتو جوا
هز نزار رأسه موافقا، لتسمع زمجرة خشنة جعل جسدها تلقائيا يرتعد لتفر هاربة قبل ان ينقض عليها ذلك الوحش
- عن اذنكم.

بطرف عينيه نظر نحو بيسان التي تتخذ طريقها نحو باب المنزل ليرتفع صوت غسان قائلا بصوت مسموع لتلك الغبية الهائمة بشقيقه
- ليش رفضتا؟
توقفت بيسان عن السير والتفت برأسها تنظر إلى الشقيقان المتشابهان بطريقة مرعبة في طولهم وحجم أجسادهم، والسؤال بقدر ما كان مفاجئا لها، كان مفاجئا لنزار الذي التفت إلى غسان بحدة، وغسان يسترسل ببرود
- بيسان، بنت خالتك، ومن نفس عيلتك.

ألن يتخلص ابدا من ذلك الأمر وينغلق نهائيا، مد نزار بصره ليرى إن كانت تسمعهما إلا أنه لم يجدها ليزفر براحة ثم أجاب شقيقه بصراحة
- لاني مابحس بشي تجاها بحسا متل اختي
ابتسم غسان بظفر وهو ينظر إلى الشجرة المختبئة خلفها ليعيد نظره نحو شقيقه قائلا
- هه ضحكتني بس هي مابتحس هيك تجاهك
اندلعت النيران في عيني نزار ليمسكه من تلابيب قميصه صارخا
- انت شووو عم تحكي لك غسان؟، اكيد انجنيت.

ازاح غسان ذراعي نزار قائلا بنبرة ساخرة
- لك بدك تقنعني انك مو شايف كيف بتطلع عليك، لك الأعمى عرف انو هالبنت بتموت فيك
احتدت عينيه واظلمت عيناه وهو يمد طرف بصره نحو الشجرة ليهجم عليه نزار صائحا
- لك اسكوووت بيسان بنت خالتي ومابسمحلك تحكي عليها فهمان
هل شقيقه يمثل دور الرجل المثالي ببراعة؟ أم هو مثالي لدرجة مقززة!
اشمئزت ملامحه قائلا بنبرة حادة.

-خلصت مثاليات نزااار؟، لك مفكر حالك محامي دفاع عنها، لك شو نسيت انو كانو بدهن ياك تتزوجا
علا صوت نزار قائلا
- خلص غسااااان، بيكفي بئا، هالشي ماضي وراح
ياليت كان الشئ في الماضي وانتهى، ارتسمت ابتسامة متهكمة ليقول
- ماضي؟لك على مين عم تضحك يانزار ااااه
شرست ملامح نزار ليقول بحدة
- أي الموضوع تسكر من زمان مافي شي بيني وبين بيسان هي متل اختي وبس
مثالي بدرجة مقززة، شتم في خلجات عقله وهو يتمتم.

- لك تضرب بشكلك أي لعيتلي قلبي بكلامك
صاح نزار قائلا بحدة
- الفرق بيني وبينك انو أنا متصالح مع حالي وانت ياغسان
شرست ملامحه ليقول بقسوة
- للاسف يلي آذاني رح آذيه على أد مآذاني
ثم اندفع بغضب ثائر نحو المختبئة خلف الشجرة، سيقتلها بل سيعاقبها بقسوة اولا ثم يقتلها
يعاقبها على سذاجتها وغبائها لأن توقع بين شخصين وتدمر حياتهم آملة في عودة حبيبها.

دون أدني تردد سحب ذراعها بحدة غير مكترثا لشهقتها المصدومة، جرها خلفه وداخله يقسم انه سيعيد تربية تلك الوقحة
دفعها بعنف للجدار القاسي لتتأوه بألم وهي تنظر اليه بجنون وشراسة، رفعت رأسها تهجم عليه بوابل من الشتائم المصرية الا أنه اخرسها قائلا بنبرة قاسية
- هه شبك فايتة ببعضك متل يلي قاتل قتيل
الجم على لسانها الصمت وهي تمسد ذراعها لتهمس
- عديني بعد اذنك
اقترب خطوة وهو يميل برأسه قائلا.

- انت شو جابك لهون اليوم بيسان؟
صاحت بقسوة
- وانت مالك
انفلتت ضحكة قاسية، خشنة وهو يقترب منها حتى ماعاد يفصلهم سوى انشات قصيرة، قال بلهجة تهديدية
- ليكي بيسان حارتنا ضيقة وبنعرف بعض، وبتعرفي انو مو هي اجابة سؤالي، فجاوبي منيح احسنلك فهماااانة
ازدردت ريقها مستشعرة الخوف الذي تشعر به بجوار ذلك الشخص الذي من المفترض شقيق نزار، لكن شتان بينهما، زمت فمها لتقول
- تهديدك ده صدقني عمره ما هيخليني اترعب.

فضحها صوتها المرتجف كحال جسدها المذعور من قربه ليميل برأسه هامسا
-لكن شبك عم ترجفي
هزت رأسها نافية، لتزدرد ريقها وهي تجيبه
- انا، انا تمام اهو
زفر بحرارة لتلسعها حرارة انفاسه، اتخذت عدة خطوات للخلف لتأمنه، مرر يده على ذقنه قائلا
- اي واضح واضح، لك ماعم تسمعي صوتك كيف عم يرج
عاد للاقتراب لترفع رأسها بحدة قائلة
- غسان
ابتسم بقسوة مجيبا بنبرة باردة
- شو
رفعت كف يدها بحذر قائلة
- ابعد، اللي بتعمله ده ميصحش.

لثواني ظن أنها بلا اخلاق، تجهمت ملامح وجهه للغضب، انفجر في وجهها قائلا
-اييي ويلي عملتيه بنزار صح مووو ياانسة يامحترمة
شهقت بذعر واتسعت عيناها هلعا لتهمس
- انت، انت ازاي
لمعت عيناه بظفر، كما توقع تماما هي من افسدت حياة شقيقه
- كنت متاكد الك ايد بالموضوع
نكست رأسها أرضا وهي تحاول ان تستجمع شجاعتها لتهمس بحدة
- وإن كان، دي حاجه ملكش علاقة بيها.

امسك ذراعها بقسوة لترفع رأسها وهي تري النيران المستعرة في عينيه، ارتجف جسدها وهو يهدر في وجهها
- لك انت مجنووونة شي لك مو شايفة انو نزار شايفك اخته وبس، وعقله وقلبه مع وحدة تانية، افهمي ياجدبة انت بس يلي رح تطلع خسرانة
اختض جسدها بعنف تزامنا مع ذراعيه القاسيتين التي تضغط على كلا مرفقيها، تابع تقريعه وهو يهز جسدها بعنف بطريقة كادت تصيبها بالغثيان.

- لك مخك انت اديش تخين اه، ماعم تفهمي انك برا حساباته، لك انت مابتقدري تثيري رغباته فهمتي ولا عيييد
شهقت بذعر وارتفعت حاجبيها بصدمة، فغرت فاها بصدمة وكلامه أوجع انوثتها بطريقة موجعة جعل غسان يبتسم بظفر وهو يهمس بتهكم
- شبك؟استغربتي من صراحتي؟
تضرجت وجنتيها بحمرة لتهمس بتلعثم
- انت، انت ازاي تكلمني بالطريقة دي.

ابعد ذراعيه عنها ثم شملها بطريقة جعل جسدها يشتعل جراء نظراته المتلكئة عند بعض المناطق، صاح بصوت بارد
- اممم بتعرفي معه حق، انت اصلا مافيكي شي بيغريني انا شخصيا
لقد أذي انوثتها بطريقة مؤلمة، لكن لم تسمح له لأن يشمت بها وهي تجيبه بجفاء
- في عيون غيرك بالنسبالهم انثى ومرغوبة
لمعت عيناه بالخطر ليجيبها بنبرة خشنة
- عم يرفعو معنوياتك بس ياعيني
زفرت بحنق قائلة
- خلصت تريقة
ابتسم بشر وهو يقول بنبرة آمرة.

- ليكي ياعيني يلي عملتيه دايقني انا شخصيا، لهيك متل الشاطرة غلطك بتصلحيه
عقدت ذراعيها قائلة بجفاء
- انا معملتش حاجه انت ليه مش فاهم، لكن كون انها مخبية حاجه دي مشكلتها هي مش مشكلتي انا
اتسعت عيناه ذهولا، من تلك؟ حقا يود بأي طريقة تلك تفكر؟ ألا تشعر بتأنيب ضمير انها افسدت حياة شخصين؟! انفجر هادرا في وجهها
- لك وبكل عين وقحة بتنكري غلطتك
رفعت رأسها لتقول بهدوء ناري.

- اسمع، انا بكلمك بهدوء لان حاطة اعتبار انك قريبي، بس انا ميشرفنيش صلة القرابة اللي بينا دي
نظر اليها مطولا، فاصلا الخطوات التي بينهما ليقول بنبرة غامضة
- للاسف علاقتنا، علاقة بالدم، ، مارح تنتهي غير بالدم
عقدت حاجبيها بعدم فهم؟!، هل هذا تهديد صريح بقتلها؟!، شهقت بذعر حينما استمعت الى صوت خالتها
- بيسان
توردت وجنتيها وهي تبتعد عدة خطوات ولا تعلم كيف ستفسر لخالتها التي تنظر اليهما بتشكك
- غسان! في شي؟

ابتسم غسان قائلا بلطف ونبرة ذات مغزى
- لا ياروحي انت مافي شي ماتشغلي بالك، بس كنت عم دردش انا وبيسان، دعواتك حبيبة ألبي
نقلت نظراتها بين ابنة شقيقتها ثم إلى ابنها لترتسم على شفتيها ابتسامة ناعمة قائلة
-روووح ياعمري انت، ربي يهدي بالك وييسر امورك ويجبر ألبك وخاطرك.

ألقي غسان نظرة مميتة نحو بيسان التي ارتعدت فرائصها لتقترب من خالتها متلمسة الحماية منها، ارتسمت على شفتيه ابتسامة قاسية، عينيه بهما وعيد خالصا
يخبرها بصراحة شديدة تحامى خلف من تريدين، لكن بالنهاية مصيرك لا فكاك منه.

اجلت بيسان حلقها وهي تحاول السيطرة على جسدها المرتجف لتزم شفتيها وهي تشيح وجهها للجهة الاخرى، لن يخيفها ذلك الأحمق، لن يقدر على مس شعرة منها، ما زالت الأيام بينهما طويلة وفوزه اليوم ما هي سوى جولة واحدة في معركة دخلتها عنوة!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة