قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل العشرون

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل العشرون

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل العشرون

( شركة اف - ار - اف )
بعد نصف ساعة وصلوا إلى المقر الرئيسي لشركة. اف ار اف، دلفت إلى مكتبها، وجلست باريحية على مقعدها الوثير باناقة ورقى، طرقت السكرتيرة الباب، فسمحت لها بالدخول...

منذ ان عملت معها. اكتشفت طيبتها وتواضعها على غرار ما تسمعه عنها من جميع من يعمل في الشركة. فريدة السيوفى تحترم وتقدر من يحترم عمله. من يفعل غير ذلك. يرى قسوة وعنف وشدة ثم يكون الشارع بانتظاره بصدر رحب. بعد ان تكون لقنته درسا لن ينساه ابدا، دلفت الى غرفة المكتب
- قائلة بابتسامة. صباح الخير يا مدام فريدة.
- صباح الخير يا دينا. في اى النهاردة؟
وهى تعطيها الملفات التي تحملها بيدها.

- قائلة بادب. اتفضلي اولا امضي على الملفات دى.
هزات راسها ايجابا، ومدت يديها لتاخذ الملفات، اطلعت على الملفات قبل الامضاء عليها، فكل كبيرة وصغيرة لا تمر مرور الكرام من تحت يدها، كانت تمضي على كل ورقة بدقة. وتقرا جميع البنود بالتفصيل. فهى لا تثق في احد الا نفسها، ودينا تملي عليها جدول اعمالها...
انتهت من امضاء الملفات واعطتها لها.
- قائلة بامر. لم الباشا مهندس محمد يجي. خلي يدخلي بسرعة.

اؤمات براسها ايجابا، ودلفت خارج المكتب بهدوء، واغلقت الباب باحكام، دينا تهتم بعملها وتبذل فيه قصارى جهدها. على غرار سوسن. التي منذ ان رات فارس وهي تريد ان يكون لها بكل الطرق. سواء حلال او حرام، فالحقد ملا قلبها وسيطر على عقلها وتملك منها الشيطان. كأن الحياة دائمة لها ولا توجد نهاية. فكل شىء في الحياة له نهاية يا سيدتى، اعتادت قبل ان تدخل له تضع مساحيق التجميل. وتجعل الملابس تلتصق على جسدها اكثر، حتى يضيع في التفريق بين الملابس والجسد. وتنظر لنفسها في المراة مرارا وتكرارا حتى يعجب بها وتثار شهوته، دلفت إلى مكتبه، كالعادة نائم على كرسى مكتبه وواضع قدمه الطويلتين على المكتب، سارت له بهدوء. تنظر له بعمق ممزوج بشهوة. فجماله يسكر العقول ويفقد النساء توزانهم. وهي منهم دون جدال. كيف يكون بذلك الوسامة. كأن جمال العالم اختزن فيه. فهذا يعد ظلما قليلا ان ياخذ جمال العالم كله في وجهه. نائم بهدوء ووداعة وواضع يده على راسه. ويده الاخرى على قدمه. وشعره يعانق الكرسى بحب، وازرا قميصه الازرق مفتوحة باثارة، والسلسلة التي يرتديه تزيده وسامة واثارة، اما هي محتضنة الاوراق التي بيدها ليمضى عليها. وتائهة في جماله الغير معقول. فاقدة جميع حواسها. ففارس الكيلانى قاتل وقاهر حقا...

افاق من نومه، رائها متسمرة في مكانها، لم تصيبه الدهشة او الاستغراب، فهذا المعتاد من سوسن منذ ان عملت معه، انزل قدمه من على المكتب.
- قائلا بضيق. في حاجة يا سوسن؟
تتهادى في مشيتها بملابسها المثيرة رويدا رويدا، إلى ان وقفت قبالة مكتبه...
- قائلة بصوت خافت. جاية اقول لحضرتك على جدول اعمالك النهاردة.
- امممممم اتفضلي افحميني.

امسكت الكتيب. وبدات تملئ عليه جدول اعمال، كانت تملي عليه جدوله في حركات مثيرة ودلال مقصود منها للفت انتباهه، ومن حين للاخر تعض على شفتيها بوقاحة وتعبث بخصلات شعرها. فهو زير نساء يفهم المراة من النظرة الاولي. فبعد معرفته بها اصبح لا يضيق ذلك ولا تبهره نظرات النساء له، ففريدة السيوفى جعلت منه انسانا غير الذي كان يعرفه سابقا، التغير ليس كليا. لكنه افضل من الاول بكثير، لقد مل جميع النساء الا العنيدة.

تافف بضيق
- قائلا بنفاذ صبر. كفاية يا سوسن.
سوسن بدلال.
- قائلة بعدم فهم. كفاية اى يا باشا مهندس.
- فارس بضيق. انتى فاهمة قصدي اى. ثم تابع بتحذير. فبلاش استعباط.
- باشا مهندس. ممكن اسال حضرتك سؤال.
- لا مش ممكن واتفضلي. قالها بحنق، وهو يشير الى الباب لكى تخرج. فهو اصبح لا يضيق الحوار معها
- سوسن باصرارا. بس انا لازم اسال...
بدا يعبث بخصلات شعره
- قائلا بنفاذ صبر. اسالى...

كانت في مكتبها تتابع عملها بنشاط وجد، دلف اليها، وهي تجهز اوراق الاجتماع الذي سيبدا بعد عدة دقائق، رفعت نظرها عن الورق...
والقلق والاضراب ظاهر على معالم وجهه
- قائلة بادب. اتفضل اقعد يا باشا مهندس.
هزا راسه بخيبة امل وانكسار بين ضلوع عينيه، وجلس
- مدام فريدة كانت بتسال عليك. وقالتلي لم تجي تدخل ليها بسرعة.
- محمد بخوف. يعني هي قالتلك كدة يا انسة دينا. هزات راسها ايجابا. ثم تابع بدعاء. ربنا يستر.

- دينا بقلق. خير يا باشا مهندس.
رد عليها باستهزاء من الموقف.
- قائلا برعب. خير اي يا انسة دينا. دي كارثة وحلت على الشركة
اتسعت عينيها من الصدمة. وتسارعت دقات قلبها
- قائلة بقلق شديد. ايه. بتقول ايه. كارثة. كارثة اى.

كانت جالسة في مكتبها. تحضر نفسها لاجتماع مهم، لا تعلم شىء عن ما حل بالشركة، اتاها صوت الهاتف، فجذبت الحقيبة من على المكتب، فاخرجته من حقبيتها، ورات اسم المتصل، ليس من عادتها عدم الرد على الاخرين. خاصة لو كانوا المنافسين. لكن لا مانع من عدم الرد اليوم. فتحت الهاتف
- قائلة بضيق شديد. السلام عليكم يا استاذ خالد. خير.
- خير اوى. قالها وهو يضغط على حروف الكلمة الاخيرة باستفزاز.

- فريدة باختصار. لو سمحت قول عايز اى بسرعة. علشان عندي اجتماع بعد شوية.
- لا الغي الاجتماع مالوش لازمة.
- فريدة بنفاذ صبر. اجتماع اى اللي يتلغي.
- اصل المشروع اللي هيتنفذ بقي معايا. قالها بسخرية عليها، وانفجر ضاحكا.
هبت واقفة من على مقعدها بعصبية.
- قائلة بهدوء عكس ما بداخلها من بركان. انت بتقول اى؟
- خالد بهدوء خطير. بقولك مشروع القرية السياحية معايا.
- فريدة بعدم تصديق. انت كداب.

- لسي مش مصدقاني. طب هبعتهولك في رسالة. علشان تتاكدى.

هل حقا كلامه صحيح. وبالفعل تم سرقة المشروع. سرقة ماذا؟، لقد تم خيانتها مع سبق الاصرار والترصد، هل يعقل ذلك الكلام. بان المشروع اصبح بين يديه وخيانتها اصبحت معلونة، اكيد تلك التخاريف ليست لها من الصحة اساس. فخالد المسلمانى صعب ان يشترى موظفيها، وبعد سيل من الاسئلة والاجوبة، وصلت لها رسالة، فتحت الهاتف على الفور، داعية في داخلها ان يكون ذلك عبارة عن اوهام ليس اكثر من ذلك، لكن ما باليد حيلة، فالخيانة تجرى في عروق البشر، كالدم الذي يجرى في الوريد، راته، الذي حصلت عليه من خلال صفقة المشروعات الكبرى، بعد منافسة شديدة مع اكبر الشركات المنافسة لها، وكان على راسهم. شركة خالد المسلمانى، اصابتها الصدمة، والقت بالهاتف ارضا، ونادت بصوت صارخ هز ارجاء الشركة.

- قائلة بعصبية. دينا.
مجرد سماع صراخها. من كان بيده شىء تركه او سقط من يده على الفور. ونظروا الى بعضهم البعض بخوف. سائلين انفسهم، من التعيس؟ الذي يكون الشارع بانتظاره اليوم.
هى لم تختلف عنهم كثيرا، ارتعب قلبها وارتجفت اوصالها، دلفت اليها سريعا.
- قائلة بخوف. في اى يا مدام فريدة؟
وهى تضع يديها بين خصرها بضيق وحنق شديد.
- قائلة بعصبية. ناديلى الحيوان اللى اسمه محمد.

هزات راسها بخوف منها. فهى لاول مرة ترى عصبيتها المفرطة. التي تحدث عنها جميع موظفى الشركة. فتحت باب المكتب. واخبرته انها تريده. هزا راسه برعب، وايمان بانه لا يوجد مفر. من براثن غضبها، دخل وهو متردد يقدم ساق ويؤخر ساق، فهو يعلم من هي فريدة السيوفي، فليس عشرة يوم، انما عشرة اربعة سنوات، منذ تخرجه من كلية الهندسة. محمد يزيد من اكفا المهندسين المعماريين بالشركة. واشرف على اهم تصاميم الشركة، وهي تثقة به ثقاء عمياء ولا تستطيع الاستغناء عنه، اغلق باب المكتب بهدوء والخوف يتملك منه.

- قائلا بصوت متقطع. مدام فريدة. مستحيل اخون حضرتك.
الشرر يتطاير من عينيها.
- قائلة بهدوء خطير. مادام مستحيل. بعتنى ليه لخالد المسلماني؟
محمد بصدق شديد.
- قائلا باستفهام. مين اللى قال لحضرتك كدة. ثم تابع بتوضيح. انا ابيعك...
قطعت كلامه بصفعة مميتة على وجه، وامسكته بياقة قميصه وسط ذعره وخوفه منها.

- قائلة بغضب شديد. مش فريدة السيوفي اللي تخسر مشروع زي ده. فهمت ولا لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا. قالتها بصوت صارخ، وضربته بقدمها في بطنه. اوقعته ارضا وسط صرخته العالية من قوة الركلة.
- انت ازاى تتجرا وتعمل فيا كدة.
بالم شديد ليس من الضرب بل من الاهانة والظلم. فهو لا يعرف للخيانة طريق. فليس ايمانه او دينه يرشده الى ذلك. واذا خان لا يكون مع فريدة السيوفى.

- قائلا بصدق. يا مدام فريدة انا مستحيل اخونك.
واقفة بشموخ
- قائلة بقرار نهائى. انت خونت والحكم صدر.
- طب اسمعينى. انا ازاى اعمل كدة، وبعدين انا اديت التصاميم كلها للاستاذ عبد الجواد امبارح. ثم تابع بنفس الحزن والدماء تنزل من انفه. ازاى اتجرا واخونك وانا عارف انتى ممكن تعملي اى.
- هو حد قالك انى غبية. هو انت بتكلم تلميذة.
قام بصعوبة من على الارض.

- قائلا بتوضيح. لا حضرتكي انا بوضحلك موقفي، وبعدين اسالي الاستاذ عبد الجواد عن كدة.
دست يديها في جيب بنطالها وحسمت امرها
- قائلة بحدة. اطلع برا. انت مرفوض، وماعنتش اشوف وشك هنا تاني.
- مدام فريدة اسمعيني لو سمحتي. قالها محمد برجاء شديد.
وهي تجز على اسنانها من شدة الغضب.
- قائلة بحدة. اعتقد كلامي انتهي ولا عايزني اكمل عليك. قالتها فريدة بتحذير، ورمقته نظرة يفهمها جيدا.

لم يجد بدا من الحوار معها. فقرارها صارم ولا جدال عليه
- قائلا بتوضيح قبل ان يغادر. بس انا انظلمت وحضرتك ما بتحبيش الظلم.
- انت اللى ظلمت نفسك. لم خونت الامانة.
- ولا عمرى.
- خلاص الكلام بنسبالى خلص. اخرج برا.

اؤما براسه ايجابا، و خرج من مكتبها. حاله لا يرتضى به العدو ولا الحبيب. يجر اذيال خيبته بحزن والم وانكسار. بداخله لا يعلمه الا من ذاق مرارة الظلم. فهو المجنى عليه وليس الجانى. فزمننا يذيق المظلوم سكرات الموت بالذل البطئ
عندما راته، انصدمت من هيئته. وعلامات اصابعها على وجهه بارزة
- قائلة بقلق. انت كويس يا باشا مهندس. هزا راسه بالنفى اؤما. طب اتفضل اقعد ارتاح، وان شاء الله شوية و هتهدى.

ابتسم بمرارة على طيبتها
- قائلا بقهر. بتهيئلك يا انسة دينا. انتى ماتعرفيش قسوة قلبها. اسالي عليها كل اللي في الشركة عن اذنك لازم امشي قبل ما تشوفني وتعملك مشكلة. قالها بالم شديد، ودلف من امامها مودعا اجمل ذكرياته في تلك الشركة. ما بين الحلم والحقيقة
هب واقفا من على مقعده
- قائلا بعصبية. اى الهبل اللي انتى بتقولى ده؟
- سوسن بلا مبالاة. هو انا قولت حاجة. قولت انى معجبة بحضرتك
وقف قبالتها واردف ببرود.

- قائلا بعكس ما داخله. لا ماقولتيش حاجة.
اقتربت منه ونظرت في عينيه
- قائلة بعاطفة شديدة. باشا مهندس يمكن اكون مش معجبة بيك.
رفع حاجبيه
- قائلا بضيق. طب كويس.
اردفت بعدم خوف
- قائلة بوقاحة. بس اكيد انا بحبك.
- يا نهار اسود. انتى اتجننتي. ثم تابع وهو يىفع يده في وجهها ؛ ليريها دبلة الزواج تزين اصبعه.
- قائلا. انا راجل متجوز.
وضعت يدها على صدره العريض بوقاحة
- قائلة بجراة. انا عارفة. بس انا مش قادرة اقاومك.

لم يضيق يدها على صدره. بعدها عنه على الفور
- قائلا بعصبية. انتى بتعملى ايه.
- باشا مهند...
قطعها وهو يجز على اسنانه
- قائلا بنفاذ صبر. اتفضلي روحي على مكتبك.
ادرفت بمياعة
- قائلة باستفهام. هو الحب حرام في نظرك ولا عيب.
- الله ما يطولك يا روح
سوسن بتبرير الغلط.
- قائلة. انا مابطلبش منك علاقة. انا عايزاك تسيبني احبك بس.
امسكها من ذراعها بعنف وضغط عليه.

- قائلا بحنق. انا راجل متجوز. بتفهمى ازاااااااااااااااااااااااااااااى.
تجاهلت الم ذراعها
- قائلة باعجاب شديد. لون عينيك حلو اوى.
- فارس بغضب شديد. بت انتى. انتى شكلك اتجننتي. عارفة لو سمعتك بتقولي كدة تاني انا هعمل اى. قالها وهو يترك يدها.
نظرت له باستغراب. فهو زير نساء من الدرجة الاولى وعلاقاته المحرمة معروفة. فلماذا الاعتراض عن علاقة بدون شروط او عقد اتفاق. هل يحب زوجته ويرفض خيانتها.

رفع يده في وجهها
- قائلا بتحذير. اقل حاجة هطردك من الشركة.
ابتلعت ريقها بصعوبة
- قائلة بقلق. انا ماقصديش حاجة.
صرخ في وجهها
- قائلا بعصبية. دى كله ماقصدكيش. اومال لم تقصدى. فريدة لو شمت خبر بكلامك.
تسارعت دقات قلبها سريعا
- قائلة برعب حقيقي. انا اسفة ما عدش هيحصل كدة تانى.
ابتسم في داخله بسخرية على ردة فعلها والحالة التي اصابتها لمجرد ذكر فريدة السيوفى
رمق ملابسها العارية نظرة تافف.

- قائلا. وبخصوص لبسك ده تغيرى. انتى مش جاية كباريه. انتى جاية شركة محترمة.
هزات راسها ايجابا.
- واللبس ده لو ما اتغيريش من بكرة. اعتبري نفسك مفصولة من الشغل.
هزات راسها بالموافقة
- قائلة باستفهام. هو حضرتك هتقول لمدام فريدة؟
رفع حاجبيه
- قائلا باستفهام. انتى عايزة ايه؟
- يعنى مش لازم تعرف. اول واخر مرة.
- اكيد
- برقبتى. بس بلاش المدام.

- هي عاملة فيكو ايه. علشان ترعبكوا لدرجة. قالها وهو يجلس على كرسي مكتبه.
- هتقولها.
- اكيد لا. قولى بقي. قالها بانتظار يريد ان يعرف ماذا تفعل. لتجعل الجميع يخشي منها
- مدام فريدة هي فيلم رعب حقيقي على ارض الواقع.
انفجر في الضحك على وصفها في فريدة
- قائلا باستفهام. ايه بتقولى ايه؟
دلفت إلى مكتبها تخبرها ان الاستاذ عبد الجواد اتي.
- فريدة بعجالة. دخلهولي بسرعة.

( طوال الطريق. يفكر ماذا يفعل و بماذا يجيب عليها. عندما علم بالخبر. فهو يخشي ردة فعلها وان الموضوع لن ينتهي بمجرد طرده فقط. فلن يستطيع خادعها بسهولة، ولو الف المليار من الكذبات. فهي فطنة وذكية. لا يمر عليها ذلك الكلام. دلف الى مكتبها بوقار واغلقه بابه بهدوء
- قائلا بتحية. صباح الخير يا مدام فريدة
- قائلة بهدوء خطير. صباح النور يا استاذ خالد.
- بتوتر شديد. في حاجة يا مدام فريدة. خير.

- فريدة بنفس الهدوء. اتفضل الاول اقعد.
هزا راسه ايحابا ممزوج باطمنان فهدوئها. بشره بانها لا تشك فيه، جلس على مقعد مكتبها بوقار، وهي جلست قبالته على المقعد الاخر، ووضعت قدم على الاخري.
- قائلة ببرود مصطنع. من ناحية خير. فهو خير جدا.
- ربنا ما يجيب الا خير.
فريدة بقوة وهي تنظر داخل عينيه. تخبره بانها تعلم كل شىء. وخيانته له اصبحت امر واقع.
- قائلة باستفهام. فين يا استاذ عبد الجواد مشروع القرية السياحية.

ابتلع ريقه بصعوبة وتسارعت دقات قلبه وارتجفت اوصاله
- قائلا بثبات مصطنع. مع الباشا مهندس محمد.
- فريدة بسخرية. تصدق فاتتني. ثم تابعت بحدة. انت ماتعرفش ان المشروع دلوقتي مع خالد المسلماني.
- عبد الجواد بكذب. بجد ازاى كدة.
- ما انا بسال حضرتك علشان كدة.
هب واقفا من على مقعده
- قائلا بعصبية مصطنعة. قصدك اى يا مدام فريدة. انا اللي اكون...
قاطعته بصوت هادئ.

- قائلة بهدوء خطير. ماقصديش حاجة. اتفضل اقعد. قالتها وهي تشير له بالجلوس على المقعد. ثم تابعت بمكر. اصل محمد قالي ان هو امبارح اديالك المشروع.
- عبد الجواد بانكار. لا محصلش يا مدام فريدة. دي انسان كداب ومفتري. ثم تابع وهو يجلس على المقعد مرة اخرى - قائلا بادعاء الحزن. ربنا ينتقم منه حسبي الله ونعم الوكيل.
ربتت على قدمه بطيبة كاذبة
- قائلة بذكاء. خلاص يا استاذ عبد الجواد مصدقة حضرتك.

- فعلا يا مدام فريدة.
- اكيد وهشك فيك ليه. قالتها وهي تنزل قدميها من على القدم الاخرى بهدوء شديد. وهذا ارعبه وزاد من تسرع دقات قلبه. ووقفت امامه، وفجاة قامت بركل الكرسي بقدمها. اوقعته ارضا.
فشهق مفزوعا من الصدمة.
- قائلا برعب. في اى يا مدام فريدة؟
- فريدة بعصبية. لا مافيش تسرق مشروع مهم في تاريج الشركة وتودى لخالد المسلماني. يبقي ما فيش.
- انا مخدتش حاجة.
صرخت في وجهه.

- قائلة بعصبية. هو حد قالك انا هبلة.
- ماقصديش يا مدام فريدة.
جثت على ركبتيها
- قائلة بصرامة. انا ولا هطردك ولا هضربك ولا هعمل اى حاجة. كل اللي انا عايزاى المشروع.
- تعلثم ليقول بصوت متقطع. طب اجيبه ازاى. وانا ما خديتش حاجة.
- انت لسى بتكدب. يا راجل اغزى على سنك.
- يا بنتى اسمعينى.
- اخرس. لولا انك راجل كبير كنت دفنتك مكانك
وقفت على قدميها
- قائلة باحتقار. غورى من وشي دلوقتى.
قام وقف على قدميه بصعوبة.

وتضع يديها في جيب بنطالها واقفة في ثقة وشموخ. ثابتة مثل الجبل لا ينحى ولا يقبل للهزيمة مكان. برغم هبوب الرياح بمختلفة اشكالها وسقوط الامطار بحجم ميائها
- قائلة بقوة. هديك مهلة خمسة ايام.
- ارجعه ازا...
قطعته
- انت ادرى. انا مهقلكش هعمل فيك اى. هسيبها لخيالك.
هزا راسه ايجابا. ودلف خارج المكتب. حاله لا يختلف كثيرا عن محمد يزيد. بل اكثر...

كان جالس في مكتبه يفكر في كلام تلك المعتوهة، ويسال نفسه مليون سؤال. ما الذي دعاها لفعل ذلك. وهو منذ ان عمل بالشركة لم ينظر لها بوقاحة كما كان يفعل في السابق. بل كان ملتزم في حدوده معها، وخاصة بعد ان ضيعته في اجتماع. ونال منه صراخ فريدة العالى وتحذيره بان لا يتمادى مع الموظفين. فالشركة لها احترامها. لكن في الخارج يفعل ما يشاء. بعد ان ضايقه التفكير.
زفر في غضب
- قائلا بقرف. الله يخرب بيتك يا سوسن...

بعد ان خرج من مكتبها لم تستحمل الخسارة والفشل. فامسكت الاوراق الموضوعة على المكتب والقتها ارضا وسط صراخها وعصبيتها الزائدة
- قائلة بصراخ. اه اه اه اه. يا ولاد الكلاب.
سمع صراخها وصوت تكسير اشياء، خرج من مكتبه على الفور، راي الشركة في حالة فوضي عارمة، وموظفين الشركة خارج مكاتبهم. اول ما راته سوسن. ذهبت اليه
- قائلا باستفهام. في ايه يا سوسن؟
تندب
- قائلة باسى. مصيبة يا باشا مهندس.
فارس بقلق.

- قائلا باستفهام. مصيبة ايه؟
- ما انا لو اعرف كنت قولت لحضرتك.
الجميع يقف يتصنت على صوت صراخها وتكسيرها لاشياء. وجه فارس حديثه لموظفين الشركة
- قائلا بعصبية. كل واحد يروح على مكتبه...
هرب الجميع سريعا من امامه. فاول مرة. يصرخ في الشركة. فمعروف عنه طيبة قلبه وتواضعه. على غرار زوجته. لكن صحيح من عاشر القوم اربعين يوم اصبح منهم
الجميع تحرك الا هى
- قائلة بشرح. طردت الباشا مهندس محمد يزيد
فارس بضيق.

- قائلا باستفهام. هو انتى لسي هنا؟
- بجاوب على سؤال حضرتك.
التفت لها
- قائلا بحنق. ارغى.
عندما سمعت منه الكلمة ( ارغى ) ماكينة انفتحت ولم تغلق
- محمد يزيد ده بقي. من اكفا الموظفين في الشركة. مدام فريدة ماتقدرش تستغنى عنه. فطردته من الشركة والقرار نهائي
- طب ايه السبب؟

- علشان عنده امانة وقلبه طيب ولسانه بينقط عسل وشهد. زى بنته. اصله مراته لسي ولادى من شهرين. وجابت بنت وسمتها شهد. ما طولش عليك. قولى طولى.
فاىس بنفاذ صبر
- قائلا بضيق. كفاية.
- هو انا لسي حكيت حاجة يا باشا مهندس. لسي في حاجات تانية
- هو دى كله ما مفترية لسي ماحكتيش. انا غلطان انى بسالك اصلا. قالها فارس بضيق من ثرثرتها الفارغة وكلماتها التافهة. ظلت تتحدث ولم تخبره بكلمة مفيدة.
مصمصت شفتيها.

- قائلة بشعبية. وقال على راى المثل. خيرا تعمل شرا تلقى.
جز عل. اسنانه بنفاذ صبر منها
- قائلا بامر. سوسن اختفى من قدامى دلوقتى.
ارتعبت منه، وذهبت الى مكتبها سريعا...
اما هو ذهب اليها ؛ ليعرف سبب صراخها. وتكسيرها لاشياء...
راته دينا هبت من على مقعدها واقفة. والقيت عليه التحية.
- قائلة باحترام. اذي حضرتك يا باشا مهندس.
- اذيك يا دينا. هو ايه اللى حصل؟
- ادخل حضرتك اسالها بنفسك. لانى ماعنديش كل المعلومات.

اؤما براسها ايجابا، واتجه ناحية مكتبها، ودار مقبض الباب، ودلف اليها، ليراها في حالة لا تسر عدو ولا حبيب، جالسة على الاريكة واضعة وجهها بين يديها وتزفر في ضيق وغضب حاد، والمكتب كان راسا على عقب، الملفات ملقاءة على الارض، والهاتف متحول إلى قطع صغيرة بفضلها.
- قائلا بهدوء من المنظر. لا اله الا الله. قالها ثم جلس بجوارها على الاريكة، ورفع يده وربت على ظهرها بحنان. ويسالها بهدوء.

- قائلا باستفهام. ايه اللى حصل يا ديداة؟
التفت له
- قائلة بعتاب. انت لسي فاكر.
- اول ما سمعت صراخك جيت على طول. فهميني اى اللي حصل؟
- فريدة بكذب. مافيش حاجة حصلت. ثم تابعت بسخرية ممزوجة بحزن عميق. كل الحكاية مشروع القرية السياحية اتسرق.
- فارس بصدمة. ايه. بتقولي ايه. اى اللي سرقه. وامتي حصل كدة؟

- فريدة بسخرية لاذعة. ماحضرتك قاعد في مكتبك. ولا على بالك حاجة. والشركة تضرب تقلب. قالتها بعصبية وهبت واقفة في مكانها. واتجهت الى النافذة واضعة يديها في جيب بنطالها. تنظر الى الناس في الشارع. وتخرج شهيق وزفير من صدرها. لكى تهدا. لان عصبيتها مهلكة. في اقل من ثوانى تهدم الاخضر واليابس. مثلما فعلت مع ( محمد يزيد ) عاقبته بقسوة برغم ان المذنب الحقيقي عبد الجواد.
قام ليتحدث معها بهدوء.

- قائلا باستفهام. اهدئ بس، وفهميني براحة.
فريدة ببرودد عكس ما بداخلها
- قائلة. افهمك اى. انت جاي دلوقتي تفهم.
ثم تابعت وهي تلتفت له
- قائلة بعصبية. افهمك ان اهم مشروع في الشركة مابقاش معانا. بقي مع واحد تانى.
- مين الواحد التاني ده؟
فريدة بغيظ.
- قائلة بكره. هيكون مين. غير الزفت اللي اسمه خالد المسلماني.
الدهشة علت ملامح وجهه
- قائلا باستغراب. خالد المسلماني. ثم تابع باستفهام. بس اى اللي يخلي يعمل كدة؟

- فريدة بضيق. فارس انا مش ناقصك، ولا ناقصة اسئلتك التافهه دي.
- انا بتناقش معاكى. علشان افهم. ليه متنرفزة وعصبية كدة
- اه تصدق كلامك صح. اضحك وانبسط علشان المشروع اتسرق.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة