قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل السادس والثلاثون

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل السادس والثلاثون

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل السادس والثلاثون

بعد يومين دلف اليها المكتب، عندما راته قامت من على مقعدها، رفع يده لها، ومعه تذكرتين سفر لايطاليا، وضعت يدها على فمها بعدم تصديق، وتسارعت دقات قلبها، وبدون تفكير، ركضت الى حضنه بسعادة شديدة، وقبلت رقبته بعشق جارف، تملكها بذراعه بين احضانه، يربت على ظهرها بحب، متوعدا لها، ان هذه البداية وليست النهاية، فمازال في انتظارهما الكثير والكثير من لحظات السعادة التي سرقت منهما، وقد اتى الوقت لاسترداد حقهما في سعادتهم، خرجت من حضنه، ودموع السعادة تملا عينيها، مسحهم بحب، ووضع قبلة رقيقة على شفتيها.

- قائلا بهمس. بحبك.
لم ترد عليه. ليس خجل. لكن الحب كلمة قليلة على ما تشعر به اتجاهه، لم يحزن، يكفى ان تتقبل حبه، ومع الايام ستعترف بحبها له...
وضع التذكرتين على المكتب، وتركها تواصل عملها...

تسارعت الايام، وبعد يومين حضروا الحقائب، وسافروا الى تلك البلاد التي سفروا اليها من قبل، لكنهم لم يفعلوا شيء فيها غير الجدال والمشجارات التي ليس لها اول من اخر، لكن اليوم سيفعلوا ويفعلوا الكثير، بعد ان اخبروا احبتهم، ذهبوا الى بلد الرومانسية والجمال، ليقضوا 30 يوما في احضان بعضهما البعض، بعيدا عن زحمة مصر وناسها والهمس واللمس بين طرقات الشركة، يعيشون لحظات كتبت لاجلهم، ويملاوا صفحات الحب، بعشاق جدد، تاركينهم للتاريخ، لتتحدث عنهم الاجيال القادمة، بكلمات جديدة، و وعود مازالت بين الجدران، واشراقات امل، في صباح يوم جديد على عشاقنا، مازال الصبح ينير الطريق، هيا اركضوا واعبروا جدران اليائس المهلكة، وعبروا عن حبكم، قبل ان يسرقكم الزمن، بين تراب المقابر، تمتعوا بالصبح ما دمتوا فيه، قرر ان ياخذها الى ذلك الفندق الذي اقام فيه من قبل، ونفس الجناح حتى تكون الحياة مقارنه بين الان وقبل، مجرد دخولها الجناح، احتضنها من الخلف بقوة، ارتعشت جميع اوصالها جسدها، عضت على شفتيها بضعف، و نظرت الى عينيه، التي تغرق فيهم، ولا تعرف الى اية ارض واقفة، او اية بلد تنمتى اليها، كل الذي تعرفه، ان تستسلم له، تتركه يعبر عن شغفه وحبه الشديد لها، نظر الى عينيها.

- قائلا بهمس. امتى هتعترفى؟
- فريدة باستنكار. اعترف بايه.
عض على شفتيه
- قائلا بابتسامة. فريدة السيوفى
- هل عندك شك في ده؟
- لا طبعا. هااااا قولى بقي؟
- لم تقول انت الاول؟
- انا قولتها
- فريدة بطفولة. لا قولها تانى.
هزا راسه ايجابا، وبدا بفك ازار قميصها.
- قائلا بهمس حميمى. انا بعشقك.
ابتعدت عنه قليلا
- قائلة بتوتر. احنا ما اتفاقناش على كدة.
- هي الحاجات دى فيها اتفاقات.

بدات تفرك في يدها، وتتوه منها الكلمات، توا فريدة تعيش لحظات رعب، لم يسبق لها، ان عاشتها من قبل، اقترب منها بهدوء، وامسك يدها، وقبلها بحب، ورمقها نظرة اطمئنان ممزوجة بشغف شديد يملا ذرقة عينيه...
- فريدة بضعف. فارس
قال بهمس. وهو يقبل وجنتيها بجراة
- يا عيون وقلب وروح فارس.
- ما ينفعش.
قال بتساؤل وهو يقلبها
- هو ايه ما ينفعش.
قالت وهي تبعده عنها.
- فارس.
نظر في عينيها.

- قائلا بوقاحة. هعيشك ليلة. عمرك ما هتنسيها
انصدمت من جرائته
- قائلة بعصبية. انت قليل الادب
تجاهل عصبيتها، قال وهو يحملها من خصرها بين ذراعه. - ما يضرش
وسط صراخها ورعبها. وتريد ان ينزلها توا. ابتلعت ريقها
- قائلة بصعوبة. انا خايفة
قال بوقاحة وهو يغمز لها بشهوة
- هو دى المطلوب اثباته.
ضربته على كتفه بغضب
- قائلة بغيرة. اه ما انت خبرة. ثم تخلصت من ذراعه بعنف
. قال فارس بعصبية من خوفها الشديد منه.

- فريدة انتى اكيد مجنونة.
- لا انا مش قليلة الادب زيك.
- فين قلة الادب. انا جووووووووووووووزك.
- ايا يكن.
نفخ في وجهها بضيق
- قائلا بسخرية. وقال انا فاكر لم اجيبك ايطاليا. هتبطلى طولة لسان. لكن على مين.
- انت قصدك ايه؟
- انتى عايزة تتخانقي صح. قولى ما تتكسفيش انا جوزك وعارفك.
- انت بتدور على ايه حاجة. علشان تتطلع تصيع برا.
- اصيع مع مين هو انا اعرف حد هنا.

- لا ما تخفش في ثانية هتعرف. وفي ثانية هيكون معاك واحدة وتقضي ليلة جميلة معاها.
قال بضيق وهو يدلف من امامها
- اوف. انا خارج
صرخت فيه بعصبية
- قائلة باستفهام. فارس. رايح فين
استدار لها
- قائلا باستفزاز مثلما تفعل معه. رايح اصيع. وانام معى واحدة غيرك.
تعصبت بعنف شديد من كلامه، حتى وجدت هدفها على الترابيزة. بدون تفكير منها نهائى امسكت الفازة الموضوعة عليها. ورمته بها
- قائلة بعصبية. دى انا اقتلك.

ضربته الفازة في اعلى حاجبيه. امسك وجهه.
ركضت اليه سريعا
- قائلة بلهفة. ورينى ايه اللى حصل؟
ازاح يده من عليها
- قائلا بضيق. مافيش حاجة.
لم تهتم بضيقه.
- قائلة بقلق. وهي تستكشف اين اصابته. وما مدى المها. مافيش ازاى ورينى.
وضعت يدها عليها
- قائلة بحنية. بتوجعك؟
نظر لها بحب. وامسك يدها
- قائلا بصدق. بتوجع.
ثم وضع يدها على قلبه. وسط ارتباكها
- قائلا بالم. بس هنا بيوجع اكتر.

رمقته نظرة حب ممزوجة بعتاب لنفسها على ما اقترفته توا في حقه. لكن هو اخبرها باسى، اليس المى كافيا، كى تاتى لتعذبى قلبي، احبينى ولا تتردى، فانا اصبحت عاشقا بين جمال عينيكى، تشعر به كثيرا لانها معه تتالم اضعاف مضاعفة، ولكنها تحاول وتحاول ان تتخلص من عقدة كرهها لقوم الرجال، فهذا تشكر عليه، كونها تحاول، وضع يده على وجهها، واقترب منها برومانسية، وقبل شفتيها بهدوء، رويدا رويدا، حتى سيطر عليها بالكامل.

- قائلا بهيام. ماتخفيش.

هزات راسها ايجابا، واغمضت عينيها، وحملها بين ذراعه بهدوء، وتوجه الى غرفة النوم، واغلق باب الغرفة بقدمه، عندما تمتزج انفاسي بانفاسك، حينها ابدا بالتنفس، عطر جسدك يتخلل روحي، عندما تقتربين منى، عندما امضى الليل بين احضانك، يبدو لى الصباح كأنه ستارة من النور، هل تسكنين في عينى ام ماذا؟ اشعر ان عيناى تفيضان بالحب والحنان، المسنى مرة اخرى، واشعرنى بان العالم مقتصر بين يديك، وانا بين احضانك، حدثنى عن الوعود التي قطعتها لى، حتى استطيع اكون معك بكامل حريتى وارادتى. ازاحته عنها.

- قائلة بدموع. اوعى تخونى.
مسح دموعها
- قائلا بحب. هو في حد يخون روحه؟
قالت برجاء ممزوج ببكاء
- اوعدنى.
قال بهمس ممزوج باستغراب
- اوعدك بايه يا ديداة؟
- اوعدنى ما تخونيش.
- ايه اللى جاب الكلام ده دلوقتى؟
- اعتبرنى مجنونة. اوعدنى وخلاص.
هزا راسه بياس
- قائلا بصدق. مستحيل اخونك. اصلا عينى ما تقدرش تشوف غيرك.
قبلته على وجنتيه بحميمية.
مسح دموعها برقة شديدة.
- قائلا بامر. اول واخر مرة اشوف دموعك.

هزات راسها ايجابا بطفولة شديدة، لقد استسلمت له للمرة الثانية، واصبحت بين احضانه
نهارا يتناولون الافطار في حب وسلام، والليل يخرجون يسيرون بين طرقات البلدة، ليكتشفوا روما بشغفها وجنونها، متملك خصرها، وابتسامتهما تزيل جميع احزان سكان روما، وبين الحين والاخر ينظرون الى بعضهما بحب، وهو يقبلها على وجنتيها كعاشق محروم من لذة حبيبته، تضربه على كتفه بخجل، وهو دائما يخبرها
- قائلا بتوضيح. انا جوزك.

- عارفة. بس في الشارع.
- دى انا كدة ومؤدب.
- يا سلام.
- لا انا في الشارع مؤدب. وفي السرير قاموس في الاخلاق.
- هو انت هتقولى؟
- شوفتى كلمة الحق طلعت ازاى.
ثم تابع ليهجم عليها. يقبلها.
- قائلا بعشق. هاتى بوسة بقي...
تخلصت منه، و ركضت بعيدا عن احضانه.
اخبرها بعتاب
- قائلا لها. فريدة هو احنا فينا من كدة
- وابو كدة كمان. يلا لو تقدر امسكنى تعالى. قالتها وركضت.
- مجنونة. انا قولت مجنونة.
- يلا وبطل كسل.

لم يجد غير ان يركض ورائها كاطفال صغار، الحياة مازالت مشرقة امام اعينهما، ضاحكة في وجوههما، كل ما يحتاجون اليه، يمتلكونه بين ايديهما، الحياة وردية، لا يشوبها السواد او الالوان القحلية، الوان الربيع ترتسم على وجوههما، حياتهم جميعها ربيع وزهور ونخيل، فصل الشتاء لا يعرفونه بقسوته وبرودة جوه، امسكت فستانها الابيض الجميل الممزوج بالورود. وابتسامتها تملا المكان بالسعادة. وشعرها الطويل يتطاير مع نسمات روما بجمالها، يركض بسعادة مجنونة. غير مصدق توا، بانه اخيرا احب وهام عشقا، يركض وتركض، ويسرقوا لحظات من ذلك الزمن العليل، الذي لا يعترف بوجود الحب الحقيقي بين الزوجين غير في الاساطير، الحب يتواجد اينما يتواجد الايمان الصادق، والحب الحقيقى يتجسد في حب الله الواحد الاحد، الجميع ينظروا لهم ليس باستغراب فهذا المشهد معتادين عليه في روما، وانما استمتاع بمشهد رومانسي صعب على مخرجين السينما ان يجسدوا مثله، واذا جسدوا مثله، لكن ليس بتلك المصدقية التي يعيشونها توا، سعيد برؤيتها هكذا، وجمالها يقهر روما باكمالها، وشعرها الطويل يغازلها في انوثتها، ليست بملكة جمال، ولكنها ملكة السحر في الاناقة والكبرياء، ومزيج من الرقة والانوثة، اقدامها سبقته، فامسكها من ذراعها، التفت له وهي تنهج، والابتسامة تعلو معالم وجهها الملائكى، لم يترك لها مجال كالعادة، وحملها من خصرها ودار بها، وسط سعادتها المفرطة بان زوجها يهيم عشقا فيها، واحراجها الشديد. من ترديده كلمات الحب.

- قائلا بصراخ. بحبك. وهو يدور ويصرخ عاليا بحبه لها، وانه من دونها ضائع، ضال بين الطرقات، تعيش ايام مجنونة، لحظات من الدهر لن تعوض، ضربات قلب شديدة، ايام لا تصدق يوما بانها ستعيشها، وقلب لم تعلم بوجوده يوما، منذ دخوله حياتها، غيرت جميع المبادئ، الحب اصبح بين يديه الروح الجسد قلبها جميعهم اصبحوا رهن اشارته...

تمر ايام، وتسرقنا لحظات، ومازالنا نحاول، نخطا كثيرا، لكن احيانا نرجع، الحياة ايام تكون معنا وكثيرا وتقريبا هذا الغالب تكون ضدنا، حياتنا متارجحة بين الماضي والمستقبل، علينا ان نستمتع بكل يوم، لان يوما ما سنكون بين جدران المقابر، نسال على كل ما اقترفناه، فاذا كانت الحياة تدعنا نفعل ما نشاء، لكن عند الواحد الدايم داين تدان، لعبة البشر ظالمة بكل طرقها، الكثير منا يعيش كل ليلة، يطلب الرحمة والرفق، لكن لا حياة لمن تنادى، فالحياة خلقت لاقوياء والعابثين، هذه هي لعبة الحياة، دائما المظلوم الخاسر، والراهن الكسبان الظالم، ههههههههههههههههههه، ضحكة سخرية عالية، فهولاء اغبياء، فقانون الحياة، هو الايمان والتوحيد بالله، وبعيدا تماما عن الاجرام وظلم البشر...

اجهزة الانذار تعلن، بان المريض عاد الى الحياة، الجميع يركض، من اكبر لاصغر موظف في ذلك المستشفى، دلفوا الى داخل غرفتها، لقد فاقت ورجعت الى حياتها، بينما كانت جالسة امام غرفتها، تنتظرها ان تفيق وترجع الى حياتها، رات الوضع غير طبيعى، اصابها الرعب. امسكت ذراع ممرضة
- قائلة بقلق. بنتى جرالها ايه؟
التفت لها باهتمام
- قائلة بعجالة. بنتك فاقت.
- حورية بعدم تصديق. بتقولى ايه؟

- بقولك فاقت. عن اذنك بقي. قالتها ودلفت الى غرفتها مع باقي طقم المستشفى، فاقت...
بعد ان اجرت فريدة للمدير المستشفى اتصالا، وامرته
- قائلة بجدية. خلاص كل حاجة ترجع للوضعها الطبيعى.
- اوامرك يا مدام.
- تفوق بس بشرط.
- اى شرطك؟
- الوضع يكون طبيعى. وتشهد على افاقتها من الغيبوبه.
- بمعنى اكون معاها.
- مش انت بس. اهم دكاترة في المستشفى.
- اه. فهمت حضرتك
قالت بلهجة حادة
- اهم حاجة مافيش حد يشك.

- اطمئنى كل حاجه تحت السيطرة
- دى المطلوب. قالتها بغرور. ثم اغلقت الهاتف في وجهه دون استماع رده...
رمشت باهدابها قليلا، ثم فتحت عينيها، رات عدد من العيون محدق بها...
امسك الطبيب يدها. ليقيس النبض
- قائلا بادب. حاسة بوجع.

هزات راسها بعدم استيعاب. مازالت تحت تاثير المخدر. الذي ظلت فيه اكثر من شهر. لقد وعدتها فريدة باسبوع. لكن شهر واكثر، بعيدة كثيرا. اطمئان الطبيب على نبضها، وامر الجميع بالانصراف، ثم نظر لها
- قائلا بادب. الف سلامة على حضرتك.
- الله يسلمك.
هزا راسه ايجابا. ودلف بوقار. تاركا اياها لتستوعب ماحدث لها، اغلق الباب ورائها...
مجرد خروجه. امسكته حورية
- قائلة بلهفة. بنتى يا دكتور. فاقت.
اجابها الطبيب بوقار.

- قائلا بادب. اه فاقت
نظرت الى السماء شاكرة الله
- قائلة بسعادة. ياما انت كريم ياربي.
عندما علم خالد بافاقتها. ركض اليها سريعا
- قائلا باستفهام. يعنى تقدر تروح معانا.
- هي دلوقتى تنتقل من العناية. ونشوف بعد كدة هنعمل ايه. قال كلماته. وتركهم في سعادتهم وعدم تصديقهم. بان ابنتهما اخيرا فاقت.
هبطت الطائرة ارض الوطن.

يسيرون في ساحة المطار، محتضين بعضهما البعض، كانهم سيخطفوا، او تصيبهما لعنة، وتنشق الارض وتبتلعهما، ينظرون الى بعضهما البعض بحب شديد، لقد عاشوا شهر كامل مع بعض، لم يفرقهم غير تفاصيل لا تذكر، غير ذلك يد بيد، طيلة الفترة، كان يهتم بها كثيرا ويدللها، كل طلباتها مجابة من غير جدال، فهى فريدته وكنزه الثمين، فهى حلمه الوحيد وسر سعادته...
تسارعت الاحداث.

اجرى اتصال مع امه، واخبرها ان حبيبته فاقت، بعد ان انتهى من صلاته في مسجد المستشفي، ركض سريعا الى غرفتها، بلهفة وشوق عنيف، بان نداه اخيرا فاقت، واصبح لها صوت في تلك الحياة القاسية، واقدامها تسير على دروب الحياة بعبثها ورضاها، عادت لتنور حياته، وتخلصه من تعثراته، عادت لترسم بسمة نقية على شفتيه، اخيرا عادت، واقف امام غرفة العناية بلهفة وشوق غير طبيعى، بعد ان وصل له اتصال من صديقه، بان حبيبته فاقت، وعادت الى الحياة، يريد ان يكسر النافذة الشفافة، ويدخل اليها، وياخذها في حضنه، ويعبر عن مدى اشتياقه العنيف لها...

لقد التفت وراته، مشتاق متلهف مترقب، هذا هو العاشق الولهان، الذي ظل طوال الشهر والنصف، امام غرفتها، لا يتركها الى عند تلبية نداء الواحد الاحد، غير ذلك معها، منتظر ان تفيق، وتراه انه مازال على وعده لها، مازال هنا، مهما طال الزمان، وبعدتهم المسافات، قلبه يدق بحب، انها تسمع ندائه، وتعرف كم انتظر من الليالى والايام، وتالم وعانى، ولم يقل غير الحمد لله، طيلة الايام لا يهتم بمظهره، اهمل كل شىء، وجعلها الاولى والاخيرة في كل شىء، ابتسمت له بحب، وأخبرته بعينيها، انها له وليس لغيره، تدعوه ان يطمئان فهى بخير كثيرا، يكفى وجوده في حياتها، شهر ونصف ليس شىء امام صعوبات الحياة التي واجهها، لم تكن التجربة سهلة بتاتا، ولكن هذا قدر ما باليد حيلة، ليس امام الإنسان غير الصبر والاحتساب، هذه دنيا، لكن هنا السؤال، من أين اتته تلك الجراءة، ولا يخشى شيء يقف بقوة وثبات غير مهتم باهلها، اشياء كثيرة تغيرت، هي عندما فاقت اخذتها امها الى حضنها بقوة شديدة، وطلبت منها ان تسامحها. على ما اقترفته في حقها، ردها عليها انها بقت في حضنها وطلبت منها ان تسامحها هي على ما فعلته. قبلتها.

- قائلة بحب. انتى بنتى وحتة منى.
- سامحنى يا بابا على إللى عملته.
- انتى إللى تسامحيني على جهلنا ومعاملتنا السيئة ليكى.
اندهشت كثيرا لقد تغير اباها واصبح انسانا اخر، والذي زاد اندهاشها اكثر، عندما قال
- يلا قومى بالسلامة بسرعة. علشان خطوبتك انتى واحمد.
- ندى بعدم تصديق. بابا انت بتقول ايه؟
- بقول إللى سمعتى. احمد قارئ فتحتك من شهر.
- بابا!
قال بسعادة وهو يقبل راسها
- مبروك يا عروسة.
قالت بدموع
- بابا شكرا.

قالت خالد بحنان غير معتاد منه لابنته
- دى اقل حاجة اعملها ليكى.
-...
( في اليوم التالى )
طرقت على الباب بخفة. قام فتح الباب، رائها امامه
- قائلا بترحاب. اهلا يا مدام رجاء.
- اهلا يا استاذ خالد
قال بادب، وهي يفسح لها المجال.
- اتفضلى.
هزات راسها ايجابا. ودلفت الى الداخل، اغلق الباب ورائها بهدوء...
قالت بحب وهي تقبل جبهتها بحنان.

- الف سلامة عليكى يا ندى. ثم وضعت باقة الورود الجميلة، التي اشترتها خصيصا لاجلها، على الكومدينو، وجلست على المقعد المجاور لها.
- ندى برقة. الله يسلمك يا طنط.
- حورية بضيق. ماكنش في داعى تتعبى نفسك.
حورية بابتسامة متواضعة
- قائلة بحب. ولا تعب ولا حاجة وبعدين. ندى زى بنتى.
- حورية بتافف. اه وماله.
خالد بطلب منها
- قائلا بامر. حورية روحى هاتى حاجة لمدام رجاء تشربها.

- ما تتعبيش نفسك يا حورية انا شوية وماشية.
- ليه يا طنط خليكى شوية.
- حورية بحنق. خليها براحتها يا ندى.
- احمد فين يا مدام رجاء؟
اندهشت كثيرا من سؤاله على ابنها
- قائلة باستغراب. في البيت. وهو في حاجة؟
- ماتقلقيش اوى كدة. كل الحكاية في اتفاق ما بينا.
هزات راسها بعدم فهم
- قائلة باستفهام. اتفاق ايه؟
- قولى ليه وهو هيعرف.
- طب اقوله ايه؟
- قوليله عمك لسي على كلمته معاك.
عقدت حاجبيها باستغراب
- قائلة بتعجب. عمك!

( بعد عدة ايام...

اجتمعت العائلتين، في يوم لا يصدق ان يتحقق بتاتا، كثيرا صدقت بانها ستكون ملكا لشخص اخر، دعت الله كثيرا ان يجمعها به، ولا يكسر خاطرها، فاستجاب المولى لندائها، فبشرها به، واعطاها اياه على طبق من ذهب، سعادتها لا توصف، فالكلمات ليست معبرة كفاية عن سعادتها، حتى الحروف التي دونتها ليلا يلاحقها النهار وتتسابق الايام معها لا تكفى، فالكلمات منتهية والقلم عاجز عن الوصف، قلبه كان يرتجف في كل كلمة من كلمات الملك الدايم، يبكى قلبه فرحا لرضاه عليه، ماذا فعل لكى يكافئه بتلك الحورية الصغيرة، التي رباها على يده، وعلمها معنى الحياة الحقيقية، وفي خلال مراحل تعليمه لها، احبته وهامت فيه عشقا...

نزل يده من على وجه
- قائلا بسعادة. مبروك يا احمد.
- الله يبارك فيك يا عمى.
قام من على الاريكة بجوار احمد وذهب الى ابنته التي كبرت في غمضة عين واصبحت عروسا. تهدى الى زوجها. قبل راسها
- قائلا بسعادة. مبروك يا ندى
قالت بسعادة وهي ترتمى في حضنه تشكره على تفهمه وتقبله احمد
- الله يبارك فيك يا بابا.
- رجاء بطيبة. مبروك يا حورية
- حورية بضيق. الله يبارك فيكى.

رجاء بعقلانية. تجاهلت غضبها وقلة ذوقها. وقامت الى وحيدها، واحتضنته، وقبلته على وجنتيه
- قائلة بسعادة. مبروك يا احمد.
- الله يبارك فيكى يا ماما
قالت بحب وهي تحتضن ندى بسعادة
- مبروك يا ندوش.
- الله يبارك فيكى يا طنط.

فتحت حقيبتها واخرجت منها علبة قطيفة باللون الاسود وفتحتها، ذهلت ندى مما رات، قلادة تساوى الكثير من المال، تتميز بجمالها الفريد، فهى قطعة نادرة من الالماظ، وضعت يدها على وجهها من جمالها، اراتها لحورية بابتسامة
- حورية بعجرفة. حلوة يا حبيبتى.
خالد باستغراب من ردة فعل زوجته
- قائلا برضى. حلوة ايه يا حورية. دى تحفة
- فعلا يا بابا تحفة
- رجاء بادب. اسمحيلى البسهالك.

- ندى بسعادة. طبعا يا طنط انتى بتقولى ايه.
اعتدلت لها لترتدى القلادة
- احمد بعدم توقع. شكرا تعبت نفسك ليه.
قالت بحب. بعد ان انتهت من ارتدائها القلادة.
- تعبك راحة يا نور عيونى هو احنا عندنا كام احمد.
( تسارعت الايام مرافقة لاحداث معتادة تقريبا تحدث يوميا. واتى اليوم الموعود ).

دلفوا سويا متماسكين الايدى، تحت انظار الجميع. متسائلين من هما، هل اقارب العريس ام العروسة، الجميع يتهافت على معرفتهم. الفضول يقتلهم، لقد سحرتهم بفساتنها الاخاذ للعقول، الوردى باكمام مفتوحة تتطاير مع شعرها الكثيف. الذي يغازل الحضور. ويحرق عين الحاقدين.

هو له جاذبة ملفتة. ولكنه لا يهتم فمعه. مجنونته وحبيبته وكل شيء في حياته. سعيد كثيرا بان صديقه حقق حلمه، واصبحت ندى له وحده، فرحته لا توصف، لم يصدق اذنيه عندما اخبره في الهاتف
- قائلا. هستناك يوم الخميس. خطوبتى على ندى
- انت بتقول ايه؟
- بقولك خلاص ندى هتبقي ليا.
- انت بتهزر صح.
- لا يا جدع. خطوبتى يوم الخميس فعلا
- الله اكبر. مبروك يا فرعون. الف مليار مبروك.

- الله يبارك فيك. السبب ربنا ثم مدام فريدة. ماتنساش تقولها
- تمام يا فرعون. عايز حاجه تانى
- اشكرهالى على وقوفها جنبنا.
- دى شكر على واجب
- لولاها ماكنتش ندى هتبقى معايا
- الخطوبة هتعملها فين؟
- على سفينة في النيل.
- فارس باستغراب. مش معنى؟
- ندى حابة كدة
- اه ندى. هي من دلوقتى هتمشي كلامها عليك.
- دى على اساس فريدة مابتعملش كدة.
قال فارس بغيرة
- وانت مالك ومال فريدة.
- هو انت بتغار ولا ايه؟

- على اساس انك مابتغارش على ندى.
قال احمد باستغراب شديد
- بغار. لكن منك لا. انت اخوى.
- انا بغير على مراتى من الهوا الطاير. ليك في.
- لا يا عم. ربنا يهنى سعيد بسعيدة.
- ويهنيك. مبروك ياااا
- مستنياك بقي يوم الخميس اوعى تتاخر
- اول الحاضرين باذن الله...
تقدم اليه، قام من جوارها، واحتضنه بحفاوة
- فارس بسعادة. اخيرا يا فرعون.
قال احمد وهو يبادله الحضن بحب ممزوج بسعادة لا توصف
- اخيرا يا فارس.
احتضنها بحب.

- قائلة بسعادة. الف مبروك يا ندوش.
قالت ندى بسعادة وهي تبادلها الحضن بحب.
- الله يبارك فيكى يا فريدة.
قالت بابتسامة. وهي تمد يدها لتسلم عليه.
- مبروك يا فرعون.
مد احمد يده بتوجس من زوجها الغيور
- قائلا بادب. الله يبارك فيكى يا مدام فريدة.
رفعت حاجبيها باستغراب. ونظرت الى زوجها
- قائلة بتعجب. مدام فريدة. هو ايه الموضوع؟
- الراجل بيحترمك هو غلطان.
- بيحترمنى همشيها.
- ديداة انا فرحانة اوى انك جيتى.

- انا فرحانة اكتر يا ندوش...

علي الجانب الاخر. كانت تغل وتحقد، وتريد ان تنهى تلك الخطبة التي لم تكن على بالها، فكثيرا تخيلت ابن اختها هو زوجا لابنتها، لكن ابنتها فضحتهم يوم الخطبة وانهت كل شىء بيدها، واختارت ذلك التافه، لا اعرف على ماذا تحبه، وتختار الموت، ما الميزة الذي توجد به، نعم انه وسيم وغنى، لكن هذاا لا يكفى، فتوجد اشياء كثيرة يجب ان تتوافر في شريك العمر، من اهمها، قبول ورضى الحماة، حتى لو كان خطا وغير مقبول، اهم شيء رضاها واعجابها به، والباقى في اقرب سلة قمامة، حقا امراة تعيسة.

نظر اليها بحب شديد، مبهور بجمالها الاخاذ، مسحور في رقتها، وانوثتها العفيفة، لا يصدق بين حبيبته تجلس معه في الكوشة اخيرا، والجميع يبارك لهم، ويدعو لهم بان يكمل فرحتهم على خير. فهى نغم حياته ونبض قلبه ومرئى كلماته، بادلته النظرات وهمست له، شيء واحد اردته في عمرى. ان ارتدى فستان الزفاف الابيض ويكون لك. حقا عندما رائها ضاعت منه الكلمات على جمالها ورقيها في اختيار ذلك الفستان وحجابه السكرى ومكياجها الذي برز جمال عينيها. الذي سحر الجميع، وكان له تاثير قوى عليه.

ان تصبح يداى في يدك، ونشيب معا ونكبر، وحلمى ايضا ان اراك مرتدية خاتم الزفاف لاجلى، وان تصبح يدى في يدك امام الجميع دون خوف او خجل، وان التقى بين احضانك، انتى احلامى ودعائى وكل امنياتى، وأصبحت الان ملكى لوحدى وحلالى، اتمنى ان تكون سعادتنا دائمة، وتبعد عنا عين الحسود، وتمتلئ قلوبنا بالحب والطمأنينة، نحن سعداء فليسمع الجميع ذلك، والعاقية للعزاب...
- احمد بحب. مبروك يا ندى.
ردت عليه بخجل.

- قائلة برقة. الله يبارك فيك
- شكلك زى القمر في الفستان.
- ميرسي. وانت كمان شكلك حلو اوى في البدلة
- احمد بمكر. هو ده مش ضد الشريعة ولا ايه؟
- واو يا باشا مهندس بتعدل على من دلوقتى.
- ايوا طلعى منك المراة المصرية.
- قصدك ايه؟
قال احمد بعشق.
- انى بحبك.
توردت وجنتيها بخجل شديد
- كلمة الحب قليلة اوى عن احساسي بيكى. انا بعشقك. سمعوا موسيقى هادئة. نظر لها بحب. ثم قال
- ترقصي.

هزات راسها نفيا. تفهم رفضها، لانها اخبرته تريد الخطبة شرعية، حتى يبارك لهما، اما على الجانب الاخر فريدة وفارس. مستمتعين باجواء الخطبة، متذكرين ليلة فرحهم، افاقهم من ذكرياتهم. موسيقى هادئة.

فنزلوا الى حلبة الرقص، حاوط يده على خصرها، وقربها من انفاسه بخطورة شديدة، متجاهلا تماما جميع الحضور، فالعالم بالنسبة له ولها مختصرا فيهما، تتراقص على الحان قلبه، وشعرها يدعوه الى اجمل حكاية في العالم، وعينيها تتطالبه ان يستمر في حبه لها، تغوص في ذرقة عينيه، تحبه وتهيم عشقا فيه، يريد ان يسقيها شهد الغرام، لاخر حروف الكلام، وحبك امنتي الوحيدة، سمعت الندى، بحلم بكلمة تخبرك بمدى حبي لكى، مليون بحبك ليس لها نهاية، يوجد بداخلى العديد من كلمات الحب...

- فارس بهيام. بحبك
- الناس.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة